مقولة بحاجة إلى تصحيح مع الدليل والبرهان
"كل الناس خير وبركة"

بقلم الدكتور نبيل جلهوم

مقولة معروفة في وسطنا الاجتماعي تقول: "كُلُّ الناسِ خيرٌ وبركةٌ"، وهي مقولة غير صحيحة وغير واقعية في الواقع العملي، وإليكم بعض الدلائل لإثبات ذلك:

1- هل مَنْ تُقدِّم له العون النفسي والمساعدة، وتقف بجواره في محنته وقت أن كان منهارًا قد اسودَّت الدنيا في وجهه، ثم حين يزيح الله عنه الهموم، ويبدأ في الوقوف على رِجْله والنهوض من جديد يبيعك ويُنكر فضلك، ويتجاهلك وهو يراك في أزمة، ويتصنَّع الجهل بها، أو يبتعد أو غير ذلك، هل هذا يمكن أم نطبق عليه المقولة الشهيرة "كُلُّ الناسِ خيرٌ وبركةٌ"؟! أعتقد مستحيل ذلك! بل إنه يكون من الغباء والسذاجة أن نقول عليه: إنه من ذوي الخير والبركة.



2- هل من تحبها وتُخلِص لها، وتكون لها زوجًا صالحًا مُتيَّمًا جميلًا لطيفًا صبورًا مُحِبًّا عاشقًا وَلِهًا مهتمًّا، ثم تقابل ذلك من جهتها بلامبالاة وعدم اهتمام، وابتعاد وبرود في العلاقة وعدم احترامٍ، هل زوجة كهذه يمكن أن نُطبِّق عليها المقولة الشهيرة "كُلُّ الناسِ خيرٌ وبركةٌ"؟! أعتقد أنه مستحيل أن يكون ذلك! بل إنه يكون من الغباء والسذاجة أن نقول عليها: إنها امرأة من ذوي الخير والبركة.



3- هل مَنْ تقوم بإقراضه المالَ حين تتأزَّم ظروفه ويلجأ اليك، ثم حين يحين موعد السداد لا يرُدُّ شيئًا إليك، ويظل يُماطِل ويُماطِل ويهرب ويهرب حتى يجعلك تندم على اللحظة التى أقرضتَه فيها وأخرجته من أزمته، بالله عليكم هل شخص كهذا يُمكِن أن نُطبِّق عليه المقولة الشهيرة "كُلُّ الناسِ خيرٌ وبركةٌ"؟! أعتقد أنه مستحيل أن يكون ذلك! بل من الغباء والسذاجة أن نقول عليه: إنه شخص من ذوي الخير والبركة.



4- هل من تقوم برفض العريس صاحب الخُلُق الكريم الطيِّب الصالح المبارك التقيِّ البارِّ لا لشيء إلا لأنه فقير أو غير جميل أو في وظيفة غير مرموقة أو لا يمتلك السيارة والعمارة أو من أسرة مسكينة تعيش على ستر الله والكفاف، هل فتاة رافضة كهذه يمكن أن نُطبِّق عليها المقولة الشهيرة "كُلُّ الناس خيرٌ وبركةٌ"؟! أعتقد أنه مستحيل أن يكون ذلك! بل إنه يكون من الغباء والسذاجة أن نقول عليها: إنها فتاة صالحة من ذوي الخير والبركة.



5- هل مَنْ يقوم بعدم التقدُّم للزواج بفتاة لا لشيء سوى أنها محتشمة في ملبسها، لا تخالط الرجال، ولا تتسكَّعُ في الشوارع أو منصَّات التواصُل، تخاف ربَّها، تعمل لآخرتها، ثُمَّ رغم ذلك لا يُفكِّرالشابُّ أن يتقدَّم لسترها وتحقيق الثقة في نفسها، وبناء بيت طاهر معها، هل شابٌّ كهذا يمكن أن نُطبِّق عليه المقولة الشهيرة "كُلُّ الناس خيرٌ وبركةٌ"؟! أعتقد أنه مستحيل أن يكون ذلك خيرًا وبركةً!



6- هل الزملاء في العمل الحاقدون العائنون الحاسدون المستكثِرون نعمةَ الله عليك في مهارة أو مؤهل أو راتب أو غير ذلك، رغم حُسْن تعامُلِك معهم ورقي أسلوبك في مجاراتهم، هل أناسٌ كهؤلاء يمكن أن نُطبِّق عليهم المقولة الشهيرة "كُلُّ الناس خيرٌ وبركةٌ"؟ أعتقد أنه مستحيل أن يكون ذلك! بل إنه يكون من الغباء والسذاجة أن نقول عليهم: إنهم من ذوي الخير والبركة.



7- هل مَنْ يكون قادرًا على توفير فرصة عمل لك بكل يُسْرٍ وسهولةٍ، ثُمَّ يتهرَّب منك، ولا يهتمُّ بأمرك، ويتظاهر بعدم الإمكانية، هل شخص كهذا يمكن أن نُطبِّق عليه المقولة الشهيرة "كُلُّ الناس خيرٌ وبركةٌ"؟! أعتقد أنه مستحيل أن يكون ذلك خيرًا وبركةً! بل إنه يكون من العَتَه والبَلَه والغباء والسذاجة أن نقول عليه: إنه من ذوي الخير والبركة.



يا سادة، كُلُّ الناس ليسوا خيرًا وبركةً؛ ولكن الخير والبركة العملية الفعلية هي سلوك فعلي واقعي حقيقي يُمارسه الإنسان قولًا وفعلًا؛ لا كلامًا أو تنظيرًا أو تشدُّقًا على مواقع التواصُل أو غير ذلك.
___________________________________________

(*) مؤلف كتاب وصايا نورانية لتحقيق الربانية .
(*) مؤلف كتاب على شاطىء الحياة.
(*) الناشر الحصرى لمؤلفات الكاتب دار الشهد بالقاهرة

المستشار الدكتور نبيل جلهوم