عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:47 AM   #27
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


فبينما القمر يضيء إذ تجللته سحابة فأظلم ; إذ تجلت عنه فأضاء ; وبينما القلب يتحدث إذ تجللته فنسي إذ تجلت عنه فذكر . قال عمر : اثنتان . قال : والرجل يرى الرؤيا : فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب . فقال : نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد ينام فيمتلئ نوما إلا عرج بروحه إلى العرش فالذي لا يستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تصدق والذي يستيقظ دون العرش فهي الرؤيا التي تكذب . فقال عمر : ثلاث كنت في طلبهن ; فالحمد لله الذي أصبتهن قبل الموت . } ورواه من وجه ثالث : أن ابن عباس سأل عنه عمر فقال : حدثنا أحمد بن سليمان بن أيوب ثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد ثنا آدم بن أبي إياس ثنا إسماعيل بن عياش عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي عن ابن أبي طلحة القرشي أن ابن عباس رضي الله عنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين أشياء أسألك عنها ؟ قال : سل عما شئت ; فقال : يا أمير المؤمنين مم يذكر الرجل ومم ينسى ؟ ومم تصدق الرؤيا ومم تكذب ؟ فقال له عمر أما قولك مم يذكر الرجل ومم ينسى ; فإن على القلب طخاة مثل طخاة القمر فإذا تغشت القلب نسي ابن آدم فإذا تجلت عن القلب ذكر مما كان ينسى . وأما مم تصدق الرؤيا ومم تكذب ; فإن الله يقول : { الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها } فمن دخل منها في ملكوت السماء فهي التي تصدق وما كان منها دون ملكوت السماء فهي التي تكذب . قلت : وفي هذين الطريقين ذكر أن التي تكذب ما لم يكمل وصولها إلى العلو . وفي الأول ذكر أن ذلك يكون مما يحصل بعد رجوعها . وكلا الأمرين ممكن ; فإن الحكم يختلف لفوات شرطه أو وجود مانعه عن ذلك . قال عكرمة ومجاهد إذا نام الإنسان فإن له سببا تجري فيه الروح وأصله في الجسد . فتبلغ حيث شاء الله فما دام ذاهبا فإن الإنسان نائم . فإذا رجع إلى البدن انتبه الإنسان ; فكان بمنزلة شعاع هو ساقط بالأرض وأصله متصل بالشمس . قال ابن منده : وأخبرت عن عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي عن علي بن يزيد السمرقندي - وكان من أهل العلم والأدب وله بصر بالطب والتعبير - قال : إن الأرواح تمتد من منخر الإنسان ومراكبها وأصلها في بدن الإنسان فلو خرج الروح لمات كما أن السراج لو فرقت بينها وبين الفتيلة لطفئت . ألا ترى أن تركب النار في الفتيلة وضوءها وشعاعها ملأ البيت فكذلك الروح تمتد من منخر الإنسان في منامه حتى تأتي السماء وتجول في البلدان وتلتقي مع أرواح الموتى . فإذا رآها الملك الموكل بأرواح العباد أراه ما أحب أن يراه وكان المرء في اليقظة عاقلا ذكيا صدوقا لا يلتفت في اليقظة إلى شيء من الباطل رجع إليه روحه فأدى إلى قلبه الصدق بما أراه الله عز وجل على حسب صدقه . وإن كان خفيفا نزقا يحب الباطل والنظر إليه فإذا نام وأراه الله أمرا من خير أو شر رجع روحه فحيث ما رأى شيئا من مخاريق الشيطان أو باطلا وقف عليه كما يقف في يقظته وكذلك يؤدي إلى قلبه فلا يعقل ما رأى لأنه خلط الحق بالباطل ; فلا يمكن معبر يعبر له وقد اختلط الحق بالباطل . قال الإمام ابن منده : ومما يشهد لهذا الكلام ما ذكرناه عن عمر وعلي وأبي الدرداء رضي الله عنهم . قلت : وخرج ابن قتيبة في كتاب " تعبير الرؤيا " قال : حدثني حسين بن حسن المروزي أخبرنا ابن المبارك عبد الله ثنا المبارك { عن الحسن أنه قال : أنبئت أن العبد إذا نام وهو ساجد يقول الله تبارك وتعالى : انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي } . وإذا كانت الروح تعرج إلى السماء مع أنها في البدن . علم أنه ليس عروجها من جنس عروج البدن الذي يمتنع هذا فيه . وعروج الملائكة ونزولها من جنس عروج الروح ونزولها لا من جنس عروج البدن ونزوله . وصعود الرب عز وجل فوق هذا كله وأجل من هذا كله ; فإنه تعالى أبعد عن مماثلة كل مخلوق من مماثلة مخلوق لمخلوق . وإذا قيل : الصعود والنزول والمجيء والإتيان أنواع جنس الحركة ; قيل : والحركة أيضا أصناف مختلفة فليست حركة الروح كحركة البدن ولا حركة الملائكة كحركة البدن . والحركة يراد بها انتقال البدن والجسم من حيز ويراد بها أمور أخرى كما يقوله كثير من الطبائعية والفلاسفة : منها الحركة في الكم كحركة النمو والحركة في الكيف كحركة الإنسان من جهل إلى علم وحركة اللون أو الثياب من سواد إلى بياض والحركة في الأين كالحركة تكون بالأجسام النامية من النبات والحيوان : في النمو والزيادة أو في الذبول والنقصان ; وليس هناك انتقال جسم من حيز إلى حيز . ومن قال : إن الجواهر المفردة تنتقل ; فقوله غلط كما هو مبسوط في موضعه . وكذلك الأجسام تنتقل ألوانها وطعومها وروائحها فيسود الجسم بعد ابيضاضه ويحلو بعد مرارته بعد أن لم يكن كذلك . وهذه حركات واستحالات وانتقالات وإن لم يكن في ذلك انتقال جسم من حيز إلى حيز وكذلك الجسم الدائر في موضع واحد كالدولاب والفلك هو بجملته لا يخرج من حيزه وإن لم يزل متحركا . وهذه الحركات كلها في الأجسام وأما في الأرواح فالنفس تنتقل من بغض إلى حب ومن سخط إلى رضا . ومن كراهة إلى إرادة ومن جهل إلى علم ويجد الإنسان من حركات نفسه وانتقالاتها وصعودها ونزولها ما يجده . وذلك من جنس آخر غير جنس حركات بدنه . وإذا عرف هذا ; فإن للملائكة من ذلك ما يليق بهم ; وإن ما يوصف به الرب تبارك وتعالى هو أكمل وأعلى وأتم من هذا كله ; وحينئذ فإذا قال السلف والأئمة : كحماد بن زيد وإسحاق بن راهويه وغيرهما من أئمة أهل السنة أنه ينزل ولا يخلو منه العرش ; لم يجز أن يقال : إن ذلك ممتنع بل إذا كان المخلوق يوصف من ذلك بما يستحيل من مخلوق آخر فالروح توصف من ذلك بما يستحيل اتصاف البدن به كان جواز ذلك في حق الرب تبارك وتعالى أولى من جوازه من المخلوق كأرواح الآدميين والملائكة .
ومن ظن أن ما يوصف به الرب عز وجل لا يكون إلا مثل ما توصف به أبدان بني آدم . فغلطه أعظم من غلط من ظن أن ما توصف به الروح مثل ما توصف به الأبدان . وأصل هذا أن " قربه سبحانه ودنوه من بعض مخلوقاته " لا يستلزم أن تخلو ذاته من فوق العرش ; بل هو فوق العرش ويقرب من خلقه كيف شاء ; كما قال ذلك من قاله من السلف ; وهذا كقربه إلى موسى لما كلمه من الشجرة قال تعالى : { إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون } { فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين } { يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم } { وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون } { إلا من ظلم } وقال في السورة الأخرى { فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون } { فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين }



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس