عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:26 AM   #4
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


القدير . وإذا قيل : هو موجود واجب بنفسه ; فهو سبحانه موصوف بالوجود والوجوب فلا مشاركة بينه وبين غيره في شيء موجود ولا هو مركب من جزأين ; ولا صفات مقومة تكون أجزاء لوجوده ولا نحو ذلك مما يدعى من التركيب الذي هو ممتنع في المخلوق ; فهو في الخالق أشد امتناعا . ولكن لفظ التركيب مجمل يدخل عند هؤلاء فيه اتصاف الموصوف بصفاته اللازمة له وليس هذا هو المعقول من لفظ التركيب وهؤلاء أحدثوا اصطلاحا لهم في لفظ التركيب لم يسبقهم إليه أحد من أهل اللغة ; ولا من طوائف أهل العلم فجعلوا لفظ التركيب يتناول " خمسة أنواع " : ( أحدها ) : التركيب من الوجود والماهية ; لظنهم أن وجود كل ممكن في الخارج غير ماهيته ومتى أريد بجزء الماهية الداخل فيها يدخل في هذا المتصور ويلازمها الخارج عنها ما يلزم هذا التصور . وهذان المعنيان هما ما يدل عليه اللفظ . ( والثاني ) : التركيب من الجنس والفصل كقولهم : إن الإنسان مركب من الحيوانية والناطقية وقد يضمون إلى ذلك التركيب من المعنى العام والخاص ; يسمى تركيبا من جنس وفصل أو من خاصة وعرض عام . ( الثالث ) : التركيب من الذات والصفات كمسمى الحي العالم القادر وتركيب الجسم من أجزائه الحسية عند من يقول إنه مركب من الجواهر المفردة أو تركيبه من الجزأين العقليين عند من يقول إنه مركب من المادة والصورة . وأما التركيب " الأول " و " الثاني " فنازعهم جمهور العقلاء في ثبوتهما في الخارج ويقولون : ليس في الخارج تركيب بهذا الاعتبار . والتركيب " الرابع " و " الخامس " : فيه نزاع مشهور بين العقلاء منهم من يثبت في الجسم أحد التركيبين ومنهم من يقول ليس مركبا لا من هذا ولا من هذا . وأما " الرابع " فيوافقهم على ثبوته جماهير العقلاء ما أعلم من ينازعهم فيه نزاعا معنويا ; لكن حكي عن طائفة من أهل النظر ; كعبد الرحمن بن كيسان الأصم وغيره ; أنهم نفوا الأعراض ولم يثبتوا الأعراض زائدة على الجسم ونفوا كون الحركة زائدة على الجسم . وخالفهم الأكثرون في ذلك . وهذا - والله أعلم - نزاع لفظي وهو أن مسمى الجسم هل يتناول الجسم بأعراضه أم تكون الأعراض زائدة على مسمى الجسم ؟ وإلا فعاقل لا ينكر وجود الطعم واللون والرائحة والحركة وغير ذلك من الصفات القائمة بالموصوفات . وهذا يشبه نزاع الناس في أن الصفات هل هي زائدة على الذات أم لا ؟ فمن أراد بالذات " الذات المجردة " فالصفات زائدة عليها ومن أراد بالذات " الذات الموصوفة " فليست الصفات مباينة للذات الموصوفة بصفاتها اللازمة لها . ثم إن هؤلاء زعموا أنهم ينفون هذه الأنواع ; فأما " الأنواع الأربعة " فمن قال : إنها منتفية عن المخلوق فهي عن الخالق أشد انتفاء ; وأما " النوع الرابع " : فمن نازع في أن الصفات هل هي زائدة على الذات أم لا ؟ فهذا نزاع لفظي ومن نازع في ثبوت هذه الصفات في نفس الأمر ونفى أن يكون لله علم وقدرة ومشيئة وجعل هذه الصفة هي الأخرى والصفة هي الموصوف : فهذا قوله معلوم الفساد بعد التصور التام . وإذا علم أنه سبحانه حي عليم قدير ومعنى كونه حيا ليس معنى كونه عليما ومعنى كونه عليما ليس معنى كونه قديرا ; فهذا هو إثبات الصفات . فإن قال القائل ; إن معنى كونه عليما هو معنى كونه مريدا قديرا حيا ; فهذا مكابرة . وكذلك إذا ادعى أن هذه المعاني هي معنى الذات الموصوفة بها . وإن اعترف بثبوت هذه المعاني لله وقال : أنا أنفي أن يكون الله مفتقرا إلى ذوات أو معان بها يصير حيا عالما قادرا : فهذا مناظرة منه لمثبتة الأحوال كالقاضي أبي بكر وأبي يعلى وغيرهما ممن يقول : إن له علما وعالمية ; وعالميته معنى زائد على علمه . وهذا القول : قول بعض الصفاتية ; وجمهورهم ينكرون هذا . ويقولون : بل معنى العلم هو معنى العالم . وفي مسائل الصفات " ثلاثة أمور " :
( أحدها) : الخبر عنه بأنه حي عليم قدير ; فهذا متفق على إثباته وهذا يسمى الحكم .
( والثاني) : أن هذه معان قائمة بذاته وهذا أيضا أثبته مثبتة الصفات السلف والأئمة والمنتسبون إلى السنة من عامة الطوائف .
( والثالث) : الأحوال . وهو العالمية والقادرية وهذه قد تنازع فيها مثبتو الصفات ونفاتها ; فأبو هاشم وأتباعه يثبتون الأحوال دون الصفات والقاضي أبو بكر وأتباعه يثبتون الأحوال والصفات وأكثر الجهمية والمعتزلة ينفون الأحوال والصفات . وأما جماهير " أهل السنة " فيثبتون الصفات دون الأحوال وهذا لبسطه موضع آخر . والمقصود هنا : الكلام على التركيب لفظا ومعنى وبيان أن هؤلاء لهم فيه اصطلاح مخالف لجمهور العقلاء وأنهم مضطرون إلى الإقرار بثبوت ما نفوه ولكن هؤلاء يقولون : هذا اشتراك والاشتراك تشبيه ويقولون : هذه أجزاء وهذا تركيب من هذه الأجزاء ثم إنهم لا يقدرون على نفي هذا الذي سموه اشتراكا وتشبيها ولا على نفي هذه الأمور التي سموها أجزاء وتركيبا وتقسيما فإنهم يقولون : هو عاقل ومعقول وعقل ولذيذ ولذة وملتذ وعاشق ومعشوق وعشق . وقد يقولون : هو عالم قادر مريد ثم يقولون : العلم هو القدرة والقدرة هي الإرادة ; فيجعلون كل صفة هي الأخرى . ويقولون : العلم هو العالم - وقد يقولون : هو المعلوم - فيجعلون الصفة هي الموصوف أو هي المخلوقات . وهذه أقوال رؤسائهم وهي في غاية الفساد في صريح المعقول ; فهم مضطرون إلى الإقرار بما يسمونه تشبيها وتركيبا ويزعمون أنهم ينفون التشبيه والتركيب والتقسيم ; فليتأمل اللبيب كذبهم وتناقضهم وحيرتهم وضلالهم ; ولهذا يئول بهم الأمر إلى الجمع بين النقيضين أو الخلو عن النقيضين . ثم إنهم ينفون عن الله ما وصف به نفسه وما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لزعمهم أن ذلك تشبيه وتركيب . ويصفون أهل الإثبات بهذه الأسماء وهم الذين ألزموها بمقتضى أصولهم ولا حيلة لهم في دفعها . فهم : كما قال القائل : رمتني بدائها وانسلت وهم لم يقصدوا هذا التناقض ; ولكن أوقعتهم فيه قواعدهم الفاسدة المنطقية التي زعموا فيها تركيب الموصوفات من صفاتها ووجود الكليات المشتركة في أعيانها . فتلك القواعد المنطقية الفاسدة التي جعلوها قوانين تمنع مراعاتها الذهن أن يضل في فكره أوقعتهم في هذا الضلال والتناقض . ثم إن هذه القوانين فيها ما هو صحيح لا ريب فيه ; وذلك يدل على تناقضهم وجهلهم فإنهم قد قرروا في القوانين المنطقية : أن الكلي هو الذي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه ; بخلاف الجزئي . وقرروا أيضا أن الكليات لا تكون كلية إلا في الأذهان : دون الأعيان . وأن المطلق بشرط الإطلاق لا يكون إلا في الذهن وهذه قوانين صحيحة . ثم يدعون ما ادعاه أفضل متأخريهم أن الواجب الوجود هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق عن كل أمر ثبوتي . أو كما يقوله طائفة منهم : إنه الوجود المطلق بشرط الإطلاق عن كل أمر ثبوتي وسلبي ; كما يقول ذلك من يقوله من الملاحدة الباطنية



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس