موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح - عرض مشاركة واحدة - الفرق بين حديث الممسوس والرؤيا الصالحة (عبدالله الخليفة)

#1 22 Sep 2014, 04:37 AM

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين

تمهيد :
الرؤى والأحلام هي ظاهرة فسيولوجية تحدث لغالبية البشر وهي لغة خاصة تربط الإنسان بالعوالم الأخرى تنقله إلى أماكن لم يزرها من قبل ويتحدث إلى بشر لم يخالطهم من قبل ، وتربط الإنسان بماضيه وحاضره ومستقبله ، وربما ليس شيئا من هذا ، وقد تكشف له أسراراً لم يكن يلقي لها بالاً ، بل وتنتهك البيوت فيرى ما يحدث للناس في أماكنهم ومع ذويهم وهو نائم .وهي في أحيان كثيرة رسائل غيبية تحتاج إلى قراءة وأحيانا أخرى أشبه بساحة واسعة وسحابة صيفية لا يهمنا أمرها كثيراً ، فهي لا تغيث الناس ولا تحجب الشمس ,وعندما نتعلم الأساسيات في هذا العلم الواسع نستطيع حينها متى نحتاج إلى فتح تلك الرسائل وقراءتها ، ومتى نستطيع تجاهلها تماماً .

أنواع الأحلام :

للرؤى والأحلام أنواع عدة ويجب معرفتها من المستعبر قبل طرحها على المعبر فقد تكون ليست رؤيا من الأصل وأفضل من قسمها هو النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم : ( الرؤيا ثلاثة: فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس )

فهي على ثلاثة أنواع منها :

1 - المبشرات
2 - من الشيطان
3 - حديث النفس

فالنوع الأول هي الرؤيا الحقيقية فهي الرؤيا الصالحة فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الرؤيا الصالحة من الله...... الحديث ) متفق عليه

فهذه هي الرؤيا الحقيقية ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال ‏ ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏: ( ‏رؤيا المسلم يراها أو ترى له وفي حديث ‏ ‏ابن مسهر ‏ ‏الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ‏ ) صحيح مسلم

فأصدق الناس الرؤيا حديثا هو أصدقهم رؤيا

فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا .) صحيح مسلم
ومن هنا قد تتعرف على الصادق حسن الخلق من رؤياه التي تكون صادقة في معناها وتحققها و الرؤى الأصل فيها أنها من المبشرات ومن هنا يجب على المعبر إن تبينت له الرؤيا على أمر سيئ أن يحرص على أن لايعبرها بطريقة إفزاع المؤمنين بل بطريقة الموعظة الحسنة فقد تكون الرؤيا تحذيرية ولكن هي بشارة لمن أخذ بأسباب النجاة ..

النوع الثاني : من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وهي الرؤى التي تتسبب في إحزان الناس كأن تكون مفزعة وتقض المسلم من مضجعه مفزوعا خائفا أو من تركت الحزن على محيا من رآه لساعات أو أيام فهي ليست رؤى ولايلتفت لها بل يجب الاستعاذة من شرها ومن شر الشيطان..

النوع الثالث : حديث النفس وهي الأحداث التي يراها المسلم في الواقع نهارا فيراها في منامه ليلا وكأنها نشرة أخبار فمايقع في النهار نراه ليلا في نشرة إخبارية

اجتهدت في إضافة نوع رابع : حديث الممسوس :

وهي الرؤى التي يراها صاحب المرض الروحي و هي في الغالب من خفايا الجان التي تظهر شخصية ونوع العارض ومكان إقامته وديانته فمن لم يرقي نفسه فيرى هذه الرؤى بمثابة الخدعة و من رقى نفسه فقد يبصره الله بأدق التفاصيل

فالمعيون له رؤى يراها كأن يرى من أصابه بالعين بصورة تتكرر عليه ولايعني أن هذه قاعدة ثابتة

وقد ترى الفتاة من تسرق عباتها والرجل من يسرق سيارته وقد يرى الأماكن الأثرية بكثره والحيوانات المنقرضة

والممسوس قد يرى أماكن غريبة ويشعر وكأنه أول بشر وطأها على وجه الأرض وهي في الأساس مكان الجان الذي تلبس به قد ذهب لزيارة أهله

وقد ذكرنا ذلك في مقال مفصل في مقال خطف الروح فلربما رأت الفتاة مثلا مدينة معينة بكثرة فقد يكون الجان من هذه المدينة وحين السؤال تجد أنها أصيبت بتعب عقب زيارة هذه المدينة

والمس العاشقة أو العاشق غالبا تتكرر رؤى التحرشات والزنا والزواجات وكأن المريض هو العريس أو العروس والحمل والإرضاع وضابط ذلك كثرة رؤى مثل ذلك

والمسحور يرى على حسب نوع سحر فإن كان معقودا في مقبرة رأى المقابر وإن كان في مزرعة رأى المزرعة والمأكول أن يرى نفسه يكثر الأكل والمسابح والبحار من عقد له من سحر مشروب تم تحضيره من دولة ساحلية أو من ابتليت بمرض روحي في رحمها

وكما قلنا كلما رقى المريض نفسه كانت رؤاه كاشفة

بل لربما رأى مكان عقدة سحر فحفرها فأخرجها

فالشاهد أن هذه الرؤى لها علاقة بخفايا الجان وقد يرى حيوانات متنوعة تطارده أوتهجم عليه كالقطط أو الجمال أو حشرات كالصراصير وغيره

ولعل من من علامات هذ النوع أنها طويلة جدا وسبق أن ذكرت أن طول الرؤيا يخرجها من كونها رؤيا

أمثلة على رؤى حقيقية :

من كتاب الله الكريم :

1 - ( إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ) سورة يوسف
2 - ( إني أراني أعصر خمرا ) سورة يوسف
3 - ( إني أراني أحمل أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه ) سورة يوسف

ومن السنة المطهرة :

1 - عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب ورأيت فيها بقرا والله خير فإذا هم المؤمنون يوم أحد وإذا الخير ما جاء الله من الخير وثواب الصدق الذي آتانا الله به بعد يوم بدر) صحيح مسلم

2 - عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( أعطيت مفاتيح الكلم ونصرت بالرعب وبينما أنا نائم البارحة إذ أتيت بمفاتيح خزائن الأرض حتى وضعت في يدي )

قال أبو هريرة : فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتقلونها عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أراني الليلة عند الكعبة فرأيت رجلا آدم كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال له لمة كأحسن ما أنت راء من اللمم قد رجلها تقطر ماء متكئا على رجلين أو على عواتق رجلين يطوف بالبيت فسألت من هذا فقيل المسيح ابن مريم ثم إذا أنا برجل جعد قطط أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية فسألت من هذا فقيل المسيح الدجال ) حديث مرفوع

3 - عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه حتى إني لأرى الري يخرج من أظفاري ثم أعطيت فضلي يعني عمر قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم ) صحيح البخاري

4 - عن أبي سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك ومر علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره قالوا ما أولته يا رسول الله قال الدين ) صحيح البخاري

5 - عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أريتك في المنام مرتين إذا رجل يحملك في سرقة من حرير فيقول هذه امرأتك فأكشفها فإذا هي أنت فأقول إن يكن هذا من عند الله يمضه ) صحيح البخاري
- عن أبي هريرة قال بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر قلت لمن هذا القصر قالوا لعمر بن الخطاب فذكرت غيرته فوليت مدبرا قال أبو هريرة فبكى عمر بن الخطاب ثم قال أعليك بأبي أنت وأمي يا رسول الله أغار ) صحيح البخاري

فمن علامات الرؤيا قصرها وبهذا يخرج حديث الممسوس من كونها رؤيا ولكنها كاشفة لحال وواقع المريض و العارض
وقد تصنف بعض الرؤى الطويلة على أنها رؤى بشرط أن تحوي رموز الرؤيا الحقيقية *

* كانت هذه إجابة الشيخ عبد الله الخليفة حفظه الله
لاستفسار الأستاذة شموخ العفة في ملتقى النخبة