الحمد لله الغفار خالق الملائكة الأبرار الأطهار والصلاة والسلام على النبي المختار وآله وصحبه الأخيار

ذكر اختلاف الناس فى الملائكة ما هى : ــ
أما المسلمون وأهل الكتاب فيقولون هم خلق روحانيون كما ذكرناه آنفا وكان مشركوا العرب يزعمون ان الملائكة بنات الله وانه صاهر الجن فولدت له قال الله تعالى وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا وقالت الحرانية الملائكة النجوم وهى المدبرات للعالم وهو أحدث الباطنية فزعمت انها سبعة واثنا عشرة وتأولت قوله عليها تسعة عشر والخرمية يسمون رسلهم الذين يترددون فيما بينهم ملائكة واما المجوس فلا ينكرون الملائكة وانهم خلق غائب عنهم ويسمونهم شتاسبندان فى ملتهم الإقرار بهم والتصديق وزعم قوم ان الملائكة هى النفوس الصافية وذلك ان الإنسان اذا بالغ فى الارتياض بمعرفة حقائق الاشيآء واجتهد فى اقتنآء الفضائل واختيار المحامد اتصل بالعالم العلوى فصار عند مفارقة الهيكل عقلا خالصا ونفسا صافية فيسمونه حينئذ الملك قالوا واقصى الدرجات فى الأسفل النبوة وهى تنال بالعلم والعمل وفى الأعلى الملائكة وهى ينالها من نال النبوة فى الأسفل وزعمت فرقة أن الملائكة أبعاض من الله واجزآء وعندهم أنه تبارك وتعالى شئ بسيط روحانى وسماهم أمية في شعره تلاميذ الله وأعوانه مع مقالات كثيرة متباينة وليس هذا الباب مما يدرك بالعقل ولكنه يعرف فإذا كان هذا سبيله فلا معنى لرد ما سبيله الخبر إلى غير الخبر
من كتاب
البدء والتاريخ ج:1 ص:171
المطهر بن طاهر المقدسي