#1
|
||||||||||
|
||||||||||
خـروج الـدآبه ..
"
المنتقى شرح موطأ مالك - كِتَابُ الْوَصِيَّةِ - اشترى بدين ولم يهتم بقضائه 1501 1454 - ( مَالِكٌ ، عَنْ عُمَرَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ ( ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ) بْنِ عَطِيَّةَ ( بْنِ دَلَافٍ ) بِفَتْحِ الدَّالِ ، مَضْبُوطٌ فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ ، وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّهَا وَآخِرُهُ فَاءٌ ( الْمُزَنِيِّ ) نِسْبَةً إِلَى مُزَيْنَةَ الْمَدَنِيِّ ، وَقَدْ يَسْقُطُ عَطِيَّةُ مِنْ نَسَبِهِ كَمَا هُنَا ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ ، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ فِي خُرُوجِ الدَّابَّةِ . وَعَنْهُ مَالِكٌ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، وَقُرَيْشُ بْنُ حَيَّانَ وَغَيْرُهُمْ . وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ جَرْحًا ، وَكَفَى بِرِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْهُ تَوْثِيقًا ( عَنْ أَبِيهِ ) هَكَذَا لِبَعْضِ الرُّوَاةِ ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ ، قَالَهُ ابْنُ الْحَذَّاءِ ، وَقَدْ وَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ دَلَافٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عُمَرَ ( أَنَّ رَجُلًا ) هُوَ الْأُسَيْفِعُ ( مِنْ جُهَيْنَةَ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ ، قَبِيلَةٌ مِنْ قُضَاعَةَ ( كَانَ يَسْبِقُ الْحَاجَّ فَيَشْتَرِي الرَّوَاحِلَ ) جَمْعُ رَاحِلَةٍ ، النَّاقَةُ الصَّالِحَةُ لِلرَّحْلِ ( يُغْلِي ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ ، يَزِيدُ ( بِهَا ثُمَّ يُسْرِعُ السَّيْرَ فَيَسْبِقُ الْحَاجَّ ، فَأَفْلَسَ ) افْتَقَرَ وَقَلَّ مَالُهُ ( فَرُفِعَ أَمْرُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ ) وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ : فَدَارَ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَتَّى أَفْلَسَ ، فَقَامَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : لَا يَغُرَّنَّكُمْ صِيَامُ رَجُلٍ وَلَا صَلَاتُهُ ، وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى صِدْقِهِ إِذَا حَدَّثَ وَإِلَى أَمَانَتِهِ إِذَا اؤْتُمِنَ ، وَإِلَى وَرَعِهِ إِذَا اسْتَغْنَى ثُمَّ قَالَ : ( أَمَّا بَعْدُ ، أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّ الْأُسَيْفِعَ ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْفَاءِ ، مُصَغَّرٌ ، الْجُهَنِيَّ ، أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَهُ ( أُسَيْفِعُ جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ بِأَنْ يُقَالَ سَبَقَ الْحَاجَّ ) وَذَلِكَ لَيْسَ بِدِينٍ وَلَا أَمَانَةٍ ، وَالْمَعْنَى بِذَلِكَ ذَمُّهُ تَحْذِيرًا لِغَيْرِهِ وَزَجْرًا لَهُ . ( أَلَا ) بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ ( وَإِنَّهُ قَدْ دَانَ ) اشْتَرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ( مُعْرِضًا ) عَنْ قَضَائِهِ ، قَالَ الْهَرَوِيُّ : أَيِ اشْتَرَى بِدَيْنٍ وَلَمْ يَهْتَمَّ بِقَضَائِهِ ( فَأَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ وَنُونٍ ، قَالَ الْهَرَوِيُّ : يَعْنِي أَحَاطَ بِمَالِهِ الدَّيْنُ ( فَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا بِالْغَدَاةِ نَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَهُمْ ) أَيْ بَيْنِ غُرَمَائِهِ ( وَإِيَّاكُمْ - ص 133 - وَالدَّيْنَ ) أَيِ احْذَرُوهُ ( فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ ) أَيْ حُزْنٌ ( وَآخِرَهُ حَرَبٌ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا ، أَخْذُ مَالِ الْإِنْسَانِ وَتَرْكُهُ لَا شَيْءَ لَهُ . </span> فَائِدَةٌ : أَخْرَجَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ تَالِي التَّلْخِيصِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنْ جَبَلِ جِيَادٍ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالنَّاسُ بِمِنًى قَالَ : فَلِذَلِكَ جَاءَ سَابِقُ الْحَاجِّ يُخْبِرُ بِسَلَامَةِ النَّاسِ ، قَالَ السُّيُوطِيُّ : هَذَا أَصْلٌ لِقُدُومِ الْمُبَشِّرِ عَنِ الْحَاجِّ ، وَفِيهِ بَيَانُ سَبَبِ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَّا أَنَّ الْمُبَشِّرَ الْآنَ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الْعِيدِ ، وَحَقُّهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ إِلَّا بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، لَكِنْ خَرَّجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ ، أَرَاهُ رَفَعَهُ قَالَ : تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنْ أَعْظَمِ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً ، فَبَيْنَمَا هُمْ قُعُودٌ تَرْبُو الْأَرْضُ ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ تَصَدَّعَتْ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ : تَخْرُجُ حِينَ يَسِيرُ الْإِمَامُ مِنْ جَمْعٍ ، وَإِنَّمَا جُعِلَ سَابِقَ الْحَاجِّ لِيُخْبِرَ النَّاسَ أَنَّ الدَّابَّةَ لَمْ تَخْرُجْ ، فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ خُرُوجَ الْمُبَشِّرِ يَوْمَ الْعِيدِ وَاقِعٌ مَوْقِعَهُ . (يتبع) "
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: 🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،، فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨ فهذا هو الخير ،،، 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87 🦋🍃 |
11 Oct 2013, 04:49 AM | #2 |
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **
|
رد: خـروج الـدآبه ..
"
تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي - كِتَاب الْفِتَنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر القيامة واحتمال قيامها في كل ساعة عشر آيات قَوْلُهُ : ( عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ ) هُوَ فُرَاتُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَزَّازُ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الْخَامِسَةِ ( عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْغِفَارِيِّ صَحَابِيٌّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو - ص 344 - سَرِيحَةَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ . </SPAN> قَوْلُهُ : ( أَشْرَفَ عَلَيْنَا ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ : اطَّلَعَ عَلَيْنَا قَالَ فِي الْقَامُوسِ أَشْرَفَ عَلَيْهِ اطَّلَعَ مِنْ فَوْقَ ( مِنْ غُرْفَةٍ ) بِالضَّمِّ ، الْعَلِيَّةُ وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ بالأخانة وحجره بالاى حجره ، ( وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ ) أَيْ فِيمَا بَيْنَنَا ( السَّاعَةَ ) أَيْ أَمْرَ الْقِيَامَةِ وَاحْتِمَالَ قِيَامِهَا فِي كُلِّ سَاعَةٍ ( عَشْرَ آيَاتٍ ) أَيْ عَلَامَاتٍ ( وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ) بِأَلِفٍ فِيهِمَا وَيُهْمَزُ أَيْ خُرُوجَهُمَا ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي بَابِ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ( وَالدَّابَّةَ ) وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ الْآيَةَ ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هِيَ دَابَّةٌ عَظِيمَةٌ تَخْرُجُ مِنْ صَدْعٍ فِي الصَّفَا ، وَعَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أنَّهَا الْجَسَّاسَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ . وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ : دَابَّةُ الْأَرْضِ قِيلَ طُولُهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا ذَاتُ قَوَائِمَ وَوَبَرٍ ، وَقِيلَ هِيَ مُخْتَلِفَةُ الْخِلْقَةِ تُشْبِهُ عِدَّةً مِنَ الْحَيَوَانَاتِ يَنْصَدِعُ جَبَلُ الصَّفَا فَتَخْرُجُ مِنْهُ لَيْلَةَ جَمْعٍ ، وَالنَّاسُ سَائِرُونَ إِلَى مِنًى ، وَقِيلَ مِنْ أَرْضِ الطَّائِفِ وَمَعَهَا عَصَا مُوسَى وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لَا يُدْرِكُهَا طَالِبٌ وَلَا يُعْجِزُهَا هَارِبٌ ، تَضْرِبُ الْمُؤْمِنَ بِالْعَصَا وَتَكْتُبُ فِي وَجْهِهِ مُؤْمِنٌ ، وَتَطْبَعُ الْكَافِرَ بِالْخَاتَمِ وَتَكْتُبُ فِي وَجْهِهِ كَافِرٌ انْتَهَى ، اعْلَمْ أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ قَدْ ذَكَرُوا لِدَابَّةِ الْأَرْضِ أَوْصَافًا كَثِيرَةً مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهَا ، فَكُلُّ مَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَمَا لَا فَلَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ . ( وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ : قَدْ وُجِدَ الْخَسْفُ فِي مَوَاضِعَ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْخُسُوفِ الثَّلَاثَةِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَا وُجِدَ كَأَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ مَكَانًا وَقَدْرًا ( خَسْفٍ ) بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَبِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ أَحَدِهَا أَوْ مِنْهَا ( مِنْ قَعْرِ عَدَنَ ) أَيْ أَقْصَى أَرْضِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ وَقِيلَ مُنْصَرِفٌ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ وَالْمَوْضِعِ فَفِي الْمَشَارِقِ عَدَنُ مَدِينَةٌ مَشْهُورَةٌ بِالْيَمَنِ ، وَفِي الْقَامُوسِ عَدَنُ مُحَرَّكَةٌ جَزِيرَةٌ بِالْيَمَنِ ، وَفِي رِوَايَةٍ : تَخْرُجُ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : لَعَلَّهَا نَارَانِ تَجْتَمِعَانِ تَحْشُرَانِ النَّاسَ أَوْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ خُرُوجِهِمَا مِنَ الْيَمَنِ وَظُهُورُهَا مِنَ الْحِجَازِ ، ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ( تَسُوقُ ) أَيْ تَطْرُدُ النَّارُ ( أَوْ تَحْشُرُ ) أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ : تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى - ص 345 - الْمَحْشَرِ أَيْ إِلَى الْمَجْمَعِ وَالْمَوْقِفِ ، قِيلَ الْمُرَادُ مِنَ الْمَحْشَرِ أَرْضُ الشَّامِ إِذْ صَحَّ فِي الْخَبَرِ أَنَّ الْحَشْرَ يَكُونُ فِي أَرْضِ الشَّامِ ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَؤُهُ مِنْهَا أَوْ تُجْعَلَ وَاسِعَةً تَسَعُ خَلْقَ الْعَالَمِ فِيهَا قَالَهُ الْقَارِي ، ( وَتَقِيلُ ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ : قَالَ قِيلًا وَقَائِلَةً وَقَيْلُولَةً وَمَقَالًا وَمَقِيلًا وَتُقِيلُ نَامَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ انْتَهَى . قَوْلُهُ : ( وَزَادَ فِيهِ وَالدُّخَانَ ) قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ الَّذِي ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ وَذَلِكَ كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ : إِنَّهُ يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ مَنْ قَالَ ، أنَّ الدُّخَانَ دُخَانٌ يَأْخُذُ بِأَنْفَاسِ الْكُفَّارِ وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنُ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ ، وَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : إِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا نَالَ قُرَيْشًا مِنَ الْقَحْطِ حَتَّى كَانُوا يَرَوْنَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ ، وَقَدْ وَافَقَ ابْنَ مَسْعُودٍ جَمَاعَةٌ ، وَقَالَ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ حُذَيْفَةُ وَابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ وَرَوَاهُ حُذَيْفَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهمَا دُخَانَانِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْآثَارِ انْتَهَى ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ : وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ الصَّحِيحُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى قَضِيَّتَيْنِ ، إِحْدَاهُمَا وَقَعَتْ وَكَانَتِ الْأُخْرَى سَتَقَعُ وَتَكُونُ ، فَأَمَّا الَّتِي كَانَتْ فَهِيَ الَّتِي كَانُوا يَرَوْنَ فِيهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ ، غَيْرَ الدُّخَانِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ ظُهُورِ الْآيَاتِ ، الَّتِي هِيَ مِنَ الْأَشْرَاطِ وَالْعَلَامَاتِ ، وَلَا يَمْتَنِعُ إِذَا ظَهَرَتْ هَذِهِ الْعَلَامَةُ أَنْ يَقُولُوا رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ فَيُكْشَفُ عَنْهُمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِقُرْبِ السَّاعَةِ ، وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ لَمْ يُسْنِدْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ تَفْسِيرِهِ ، وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِهِ ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُمَا دُخَانَانِ ، قَالَ مُجَاهِدٌ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ هُمَا دُخَانَانِ ، قَدْ مَضَى أَحَدُهُمَا وَالَّذِي بَقِيَ يَمْلَأُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ انْتَهَى . - ص 346 - قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ : الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو النُّعْمَانِ الْبَصْرِيُّ قِيلَ إِنَّهُ قَيْسِيٌّ أَوْ أَنْصَارِيٌّ أَوْ عِجْلِيٌّ ثِقَةٌ ، لَهُ أَوْهَامٌ مِنَ التَّاسِعَةِ . قَوْلُهُ : ( إِمَّا رِيحٌ تَطْرَحُهُمْ فِي الْبَحْرِ ) أَيْ تُلْقِيهِمْ فِيهِ ، قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَصْفِيَّةَ ) أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُمَا التِّرْمِذِيُّ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ بَابِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ ، وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ ، وَأَمَّا حَدِيثُ صَفِيَّةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ . اعْلَمْ أَنَّ الرِّوَايَاتِ قَدِ اخْتَلَفَتْ فِي تَرْتِيبِ الْآيَاتِ الْعَشْرِ وَلِذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَرْتِيبِهَا ، فَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ الدُّخَانُ ، ثُمَّ خُرُوجُ الدَّجَّالِ ، ثُمَّ نُزُولُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ثُمَّ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، ثُمَّ خُرُوجُ الدَّابَّةِ ، ثُمَّ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَإِنَّ الْكُفَّارَ يُسْلِمُونَ فِي زَمَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى تَكُونَ الدَّعْوَةُ وَاحِدَةً ، وَلَوْ كَانَتِ الشَّمْسُ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ وَنُزُولِهِ لَمْ يَكُنِ الْإِيمَانُ مَقْبُولًا مِنَ الْكُفَّارِ ، فَالْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ نُزُولَهُ قَبْلَ طُلُوعِهَا وَلَا مَا وَرَدَ أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ أَوَّلُ الْآيَاتِ ، وَقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ قِيلَ : أَوَّلُ الْآيَاتِ الْخَسُوفَاتُ ، ثُمَّ خُرُوجُ الدَّجَّالِ ، ثُمَّ نُزُولُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ثُمَّ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، ثُمَّ الرِّيحُ الَّتِي تُقْبَضُ عِنْدَهَا أَرْوَاحُ أَهْلِ الْإِيمَانِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَخْرُجُ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، ثُمَّ تَخْرُجُ دَابَّةُ الْأَرْضِ ، ثُمَّ يَأْتِي الدُّخَانُ ، قَالَ صَاحِبُ فَتْحِ الْوَدُودِ وَالْأَقْرَبُ فِي مِثْلِهِ التَّوَقُّفُ وَالتَّفْوِيضُ إِلَى عَالِمِهِ انْتَهَى . قُلْتُ : ذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَذْكِرَتِهِ مِثْلَ هَذَا التَّرْتِيبِ إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ الدَّجَّالَ مَكَانَ الدُّخَانِ . وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ مِثْلَ تَرْتِيبِ الْقُرْطُبِيِّ وَجَعَلَ خُرُوجَ الدَّابَّةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَالظَّاهِرُ بَلِ الْمُتَعَيِّنُ هُوَ مَا قَالَ صَاحِبُ فَتْحِ الْوَدُودِ مِنْ أَنَّ الْأَقْرَبَ فِي مِثْلِهِ هُوَ التَّوَقُّفُ وَالتَّفْوِيضُ إِلَى عَالِمِهِ . قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ . (يتبع) " |
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: 🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،، فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨ فهذا هو الخير ،،، 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87 🦋🍃 |
11 Oct 2013, 04:51 AM | #3 |
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **
|
رد: خـروج الـدآبه ..
" سنن ابن ماجه بشرح السندي - كِتَاب الْفِتَنِ - أول الآيات خروجا طلوع الشمس قَوْلُهُ : ( إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ . . . إِلَخْ ) قَالَ الْحَلِيمِيُّ طُلُوعُ الشَّمْسِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ آيَةً ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ يُسْلِمُونَ زَمَانَ عِيسَى حَتَّى لَا يَكُونُ الْأَمَلَةُ وَاحِدَةً ؛ وَلِذَلِكَ أَوَّلَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الْآيَاتِ إِمَّا أَمَارَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى قُرْبِ الْقِيَامَةِ أَنْ عَلَى وُجُودِهَا وَمِنَ الْأَوَّلِ الدَّجَّالُ وَنَحْوُهُ وَمِنَ الثَّانِي طُلُوعُ الشَّمْسِ وَنَحْوُهُ فَآيَةُ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقِسْمِ الثَّانِي ، وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ : الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ أَوَّلِ الْآيَاتِ الْغَيْرِ الْمَأْلُوفَةِ لِكَوْنِهِ بَشَرًا فَأَمَّا خُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى شَكْلٍ غَرِيبٍ غَيْرِ مَأْلُوفٍ وَمُخَاطَبَتُهَا النَّاسَ وَوَسْمُهَا إِيَّاهُمْ بِالْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ فَأَمْرٌ خَارِجٌ مِنْ مَجَارِي الْعَادَاتِ وَذَلِكَ أَوَّلُ الْآيَاتِ الْأَرْضِيَّةِ ، كَمَا أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا عَلَى خِلَافِ عَادَتِهَا الْمَأْلُوفَةِ أَوَّلُ الْآيَاتِ السَّمَاوِيَّةِ . </span> (يتبع) " |
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: 🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،، فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨ فهذا هو الخير ،،، 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87 🦋🍃 |
11 Oct 2013, 04:54 AM | #4 |
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **
|
رد: خـروج الـدآبه ..
"
عون المعبود شرح سنن أبي داود - كِتَاب الْمَلَاحِمِ - أول الآيات ظهور الدجال جَمْعُ أَمَارَةٍ كَعَلَامَةٍ وَزْنًا وَمَعْنًى أَيْ عَلَامَاتِ الْقِيَامَةِ . </span> ( عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ) : قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : هُوَ ابْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ وَاسْمُهُ هَرِمٌ ، وَيُقَالُ عَمْرٌو وَيُقَالُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَيُقَالُ عُبَيْدُ اللَّهِ . وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ : أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ ، قِيلَ اسْمُهُ هَرِمٌ ، وَقِيلَ عَمْرٌو ، وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ ، وَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَقِيلَ جَرِيرٌ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( إِلَى مَرْوَانَ ) : هُوَ ابْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ الْمَدَنِيُّ وَلِيَ الْخِلَافَةَ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ فِي رَمَضَانَ لَا يَثْبُتُ لَهُ صُحْبَةٌ ( فَسَمِعُوهُ ) : أَيْ مَرْوَانَ ( فِي الْآيَاتِ ) : أَيْ عَلَامَاتِ الْقِيَامَةِ ( قَالَ ) : أَيْ أَبُو زُرْعَةَ ( فَحَدَّثْتُهُ ) : أَيْ ذَكَرْتُ لَهُ مَا حَدَّثَ مَرْوَانُ مِنْ أَوَّلِ الْآيَاتِ الدَّجَّالُ ( فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ) : بْنُ عَمْرٍو ( لَمْ يَقُلْ ) : أَيْ مَرْوَانُ ( شَيْئًا ) : أَيْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا يُعْتَبَرُ بِهِ وَيُعْتَدُّ . و قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ : يُرِيدُ أَنَّ مَا قَالَهُ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ لَكِنْ نَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَلِيمِيِّ أَنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ ظُهُورُ الدَّجَّالِ ثُمَّ نُزُولُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ثُمَّ خُرُوجُ الدَّابَّةِ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكُفَّارَ يُسْلِمُونَ فِي زَمَانِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى تَكُونَ الدَّعْوَةُ وَاحِدَةً فَلَوْ كَانَتِ الشَّمْسُ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ وَنَزَلَ عِيسَى لَمْ يَنْفَعِ الْكُفَّارَ إِيمَانُهُمْ أَيَّامَ عِيسَى ، وَلَوْ لَمْ يَنْفَعْهُمْ لَمَا صَارَ الدِّينُ وَاحِدًا ، وَلِذَلِكَ أَوَّلَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الْآيَاتِ إِمَّا أَمَارَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى قُرْبِ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وُجُودِهَا وَمِنَ الْأَوَّلِ الدَّجَّالُ وَنَحْوُهُ ، وَمِنَ الثَّانِي طُلُوعُ الشَّمْسِ وَنَحْوُهُ فَأَوَّلِيَّةُ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقِسْمِ الثَّانِي انْتَهَى ( إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا ) أَيْ : ظُهُورًا ضُحًى بِالتَّنْوِينِ أَيْ وَقْتَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ قَالَ الْعَلْقَمِيُّ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ : أَيْ أَوَّلَ الْآيَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مَأْلُوفَةً وَإِنْ كَانَ الدَّجَّالُ وَنُزُولُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ كُلُّ - ص 332 - ذَلِكَ أُمُورٌ مَأْلُوفَةٌ لِأَنَّهُمْ بَشَرٌ مُشَاهَدَتُهُمْ وَأَمْثَالُهُمْ مَأْلُوفَةٌ فَإِنَّ خُرُوجَ الدَّابَّةِ عَلَى شَكْلٍ غَرِيبٍ غَيْرِ مَأْلُوفٍ وَمُخَاطَبَتَهَا النَّاسَ وَوَسْمَهَا إِيَّاهُمْ بِالْإِيمَانِ أَوِ الْكُفْرِ فَأَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ مَجَارِي الْعَادَاتِ وَذَلِكَ أَوَّلُ الْآيَاتِ الْأَرْضِيَّةِ كَمَا أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا عَلَى خِلَافِ عَادَتِهَا الْمَأْلُوفَةِ أَوَّلُ الْآيَاتِ السَّمَاوِيَّةِ انْتَهَى . وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ : رَوَى ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهَا جُمِعَتْ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ ، فَرَأْسُهَا رَأْسُ ثَوْرٍ وَعَيْنُهَا عَيْنُ خِنْزِيرٍ وَأُذُنُهَا أُذُنُ فِيلٍ وَقَرْنُهَا قَرْنُ أُيَّلٍ ، وَعُنُقُهَا عُنُقُ النَّعَامَةِ وَصَدْرُهَا صَدْرُ أَسَدٍ ، وَلَوْنُهَا لَوْنُ نَمِرٍ ، وَخَاصِرَتُهَا خَاصِرَةُ هِرٍّ ، وَذَنَبُهَا ذَنَبُ كَبْشٍ وَقَوَائِمُهَا قَوَائِمُ بَعِيرٍ بَيْنَ كُلِّ مَفْصِلٍ وَمَفْصِلٍ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا ذَكَرَهُ الْعَزِيزِيُّ ( فَأَيَّتُهُمَا ) : بِشَدَّةِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ ( فَالْأُخْرَى عَلَى أَثَرِهَا ) : بِفَتْحَتَيْنِ وَبِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ تَحْصُلُ عَقِبَهَا ( قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ) : أَيِ ابْنُ عَمْرٍو ( وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ ) : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَقَائِلُهَا أَبُو زُرْعَةَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ أَيِ التَّوْرَاةَ وَنَحْوَهَا مِنَ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ يَكُونُ مَكْتُوبًا فِيهَا أَوْ مُسْتَنْبَطًا مِنْهَا ( وَأَظُنُّ أَوَّلَهُمَا خُرُوجًا إِلَخْ ) : مَقُولُهُ قَالَ : قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ قِصَّةُ مَرْوَانَ . (يتبع) " |
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: 🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،، فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨ فهذا هو الخير ،،، 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87 🦋🍃 |
11 Oct 2013, 04:58 AM | #5 |
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **
|
رد: خـروج الـدآبه ..
"
عون المعبود شرح سنن أبي داود - كِتَاب الْمَلَاحِمِ - آخر من مات من جميع الصحابة ( عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ ) : الْكِنَائِيُّ اللَّيْثِيُّ أَبُو الطُّفَيْلِ وُلِدَ عَامَ أُحُدٍ وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ( عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ) : هُوَ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ أَيْ قَالَ مُسَدَّدٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ . </SPAN> وَقَالَ : هَنَّادٌ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ( عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ ( الْغِفَارِيِّ ) : بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ نِسْبَةً إِلَى قَبِيلَةٍ مِنْهُمْ أَبُو ذَرٍّ ( فِي ظِلِّ غُرْفَةٍ ) : بِالضَّمِّ الْعُلِّيَّةُ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ . وَفِي الْفَارِسِيَّةِ برواره أَيْ بالإخانة بركناه بام ( لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : صِفَةٌ لِغُرْفَةٍ أَيْ غُرَفةٍ كَائِنَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُرْفَةٍ وَنَحْنُ تَحْتَهَا نَتَحَدَّثُ ( فَذَكَرْنَا السَّاعَةَ ) : أَيْ أَمْرَ الْقِيَامَةِ وَاحْتِمَالَ قِيَامِهَا فِي كُلِّ سَاعَةٍ ( لَنْ تَكُونَ أَوْ - ص 333 - لَنْ تَقُومَ ) : شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي ( طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ) قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : إِنَّ أَهْلَ الْهَيْئَةِ بَيَّنُوا أَنَّ الْفَلَكِيَّاتِ بَسِيطَةٌ لَا تَخْتَلِفُ مُقْتَضَيَاتُهَا وَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا خِلَافُ مَا هِيَ عَلَيْهِ . قُلْتُ : قَوَاعِدُهُمْ مَنْقُوضَةٌ وَمُقَدِّمَاتُهُمْ مَمْنُوعَةٌ وَإِنْ سَلَّمْنَا صِحَّتَهَا فَلَا امْتِنَاعَ فِي انْطِبَاقِ مِنْطَقَةِ الْبُرُوجِ عَلَى مُعَدَّلِ النَّهَارِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَشْرِقُ مَغْرِبًا وَعَكْسُهُ . انْتَهَى . وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ عَنْ كَعْبٍ قَالَ : إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُطْلِعَ الشَّمْسَ مِنْ مَغْرِبِهَا أَدَارَهَا بِالْقُطْبِ فَجَعَلَ مَشْرِقَهَا مَغْرِبَهَا وَمَغْرِبَهَا مَشْرِقَهَا . قُلْتُ : إِنَّا نُشَاهِدُ كُلَّ يَوْمٍ الْفَلَكَ دَائِرًا بِقُدْرَتِهِ تَعَالَى مِنَ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ فَإِذَا قَالَ : لَهُ كُنْ مُقَهْقِرًا دَوَرَانَكَ مِنَ الْمَغْرِبِ لِلْمَشْرِقِ كَمَا قَالَ ذَلِكَ بِعَكْسِهِ ، فَكَانَ فَأَيُّ مَانِعٍ يَمْنَعُهُ عِنْدَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَقَدْ قَالَ : إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ اللَّهِ تَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا انْتَهَى . قُلْتُ : مَا ذَكَرَ الْكِرْمَانِيُّ مِنْ عَدَمِ الِامْتِنَاعِ فِي انْطِبَاقِ مِنْطَقَةُ الْبُرُوجِ عَلَى الْمُعَدَّلِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَشْرِقُ مَغْرِبًا وَعَكْسُهُ . فَفِيهِ نَظَرٌ قَدْ بَيَّنَهُ الْعَلَّامَةُ الْأَلُوسِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ رُوحُ الْمَعَانِي تَحْتَ آيَةِ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا الْآيَةَ ( وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ ) وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ الْآيَةَ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : هِيَ دَابَّةٌ عَظِيمَةٌ تَخْرُجُ مِنْ صَدْعٍ فِي الصَّفَا . وَعَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهَا الْجَسَّاسَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ ( وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) : أَيْ خُرُوجُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ نُزُولُهُ مِنِ السَّمَاءِ . وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ نُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَهَذَا الْمُنْكِرُ ضَالٌّ مُضِلٌّ وَسَيَأْتِي بَحْثُهُ . وَقَدْ سَأَلَنِي بَعْضُ الْمَلَاحِدَةِ هَلْ جَاءَ التَّصْرِيحُ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَوَلَّدَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكَشِّيُّ فِي مُسْنَدِهِ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ : أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَنْطَلِقَ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى أَرْضِ النَّجَاشِيِّ فَذَكَرَ - ص 334 - الْحَدِيثَ . وَفِيهِ قَالَ النَّجَاشِيُّ لِجَعْفَرٍ : مَا يَقُولُ صَاحِبُكَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ ؟ قَالَ : يَقُولُ فِيهِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَخْرَجَهُ مِنَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ الَّتِي لَمْ يَقْرَبْهَا بَشَرٌ . قَالَ : فَتَنَاوَلَ النَّجَاشِيُّ عُودًا مِنَ الْأَرْضِ وَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانَ مَا يَزِيدُ هَؤُلَاءِ عَلَى مَا تَقُولُونَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ مَرْحَبًا بِكُمْ وَبِمَنْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِهِ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَلَوْلَا مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ لَأَتَيْتُهُ حَتَّى أَحْمِلَ نَعْلَيْهِ " امْكُثُوا فِي أَرْضِي مَا شِئْتُمُ الْحَدِيثَ . قُلْتُ : هَذَا حَدِيثٌ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . ( وَالدُّخَانُ ) : قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : هُوَ الَّذِي ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) وَذَلِكَ كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى . وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَحْتَ هَذَا الْحَدِيثِ : هَذَا الْحَدِيثُ يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الدُّخَانَ يَأْخُذُ بِأَنْفَاسِ الْكُفَّارِ وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنُ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ وَأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ وَإِنَّمَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : إِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا نَالَ قُرَيْشًا مِنَ الْقَحْطِ حَتَّى كَانُوا يَرَوْنَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ وَقَدْ وَافَقَ ابْنَ مَسْعُودٍ جَمَاعَةٌ وَقَالَ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ حُذَيْفَةُ وَابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ ، وَرَوَاهُ حُذَيْفَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا دُخَانَانِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْآثَارِ انْتَهَى . وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ : وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ الصَّحِيحُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى قَضِيَّتَيْنِ إِحْدَاهُمَا وَقَعَتْ وَكَانَتِ الْأُخْرَى سَتَقَعُ وَتَكُونُ ، فَأَمَّا الَّتِي كَانَتْ فَهِيَ الَّتِي كَانُوا يَرَوْنَ فِيهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ غَيْرِ الدُّخَانِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ ظُهُورِ الْآيَاتِ الَّتِي هِيَ مِنَ الْأَشْرَاطِ وَالْعَلَامَاتِ وَلَا يَمْتَنِعُ إِذَا ظَهَرَتْ هَذِهِ الْعَلَامَةُ أَنْ يَقُولُوا رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ : فَيُكْشَفُ عَنْهُمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِقُرْبِ السَّاعَةِ . وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُسْنِدْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ تَفْسِيرِهِ ، وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِهِ . قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمَا دُخَانَانِ . قَالَ مُجَاهِدٌ : كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : هُمَا دُخَانَانِ قَدْ أُمْضِيَ أَحَدُهُمَا ، وَالَّذِي بَقِيَ يَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ انْتَهَى . ( وَثَلَاثُ خُسُوفٍ ) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ : قَدْ وُجِدَ الْخَسْفُ فِي مَوَاضِعَ لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْخُسُوفِ الثَّلَاثَةِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَا وُجِدَ كَأَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ مَكَانًا وَقَدْرًا - ص 335 - ( خَسْفٍ ) : بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَبِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ أَحَدِهَا أَوْ مِنْهَا ( وَآخِرُ ذَلِكَ ) : أَيْ آخِرُ مَا ذُكِرَ مِنَ الْآيَاتِ ( مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ ) : أَيْ أَقْصَى أَرْضِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ وَقِيلَ مُنْصَرِفٌ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ وَالْمَوْضِعِ ، فَفِي الْمَشَارِقِ عَدَنٌ مَدِينَةٌ مَشْهُورَةٌ بِالْيَمَنِ وَفِي الْقَامُوسِ عَدَنٌ مُحَرَّكَةٌ جَزِيرَةٌ بِالْيَمَنِ ( تَسُوقُ ) : أَيْ تَطْرُدُ النَّارُ ( إِلَى الْمَحْشَرِ ) : بِفَتْحِ الشِّينِ وَيُكْسَرُ أَيْ إِلَى الْمَجْمَعِ وَالْمَوَاقِفِ ، قِيلَ : الْمُرَادُ مِنَ الْمَحْشَرِ أَرْضُ الشَّامِ إِذْ صَحَّ فِي الْخَبَرِ أَنَّ الْحَشْرَ يَكُونُ فِي أَرْضِ الشَّامِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأُهُ مِنْهَا أَوْ تُجْعَلُ وَاسِعَةً تَسَعُ خَلْقَ الْعَالَمِ فِيهَا قَالَهُ الْقَارِيُّ . وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ الدُّخَانُ ثُمَّ خُرُوجُ الدَّجَّالِ ثُمَّ نُزُولُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ثُمَّ خُرُوجُ الدَّابَّةِ ثُمَّ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِنَّ الْكُفَّارَ يُسْلِمُونَ فِي زَمَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى تَكُونَ الدَّعْوَةُ وَاحِدَةً ، وَلَوْ كَانَتِ الشَّمْسُ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ وَنُزُولِهِ لَمْ يَكُنِ الْإِيمَانُ مَقْبُولًا مِنَ الْكُفَّارِ ، فَالْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ نُزُولَهُ قَبْلَ طُلُوعِهَا وَلَا مَا وَرَدَ أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ أَوَّلُ الْآيَاتِ . وَقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ : قِيلَ أَوَّلُ الْآيَاتِ الْخُسُوفَاتُ ثُمَّ خُرُوجُ الدَّجَّالِ ثُمَّ نُزُولُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ثُمَّ الرِّيحُ الَّتِي تُقْبَضُ عِنْدَهَا أَرْوَاحُ أَهْلِ الْإِيمَانِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَخْرُجُ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ثُمَّ تَخْرُجُ دَابَّةُ الْأَرْضِ ثُمَّ يَأْتِي الدُّخَانُ . قَالَ صَاحِبُ فَتْحِ الْوَدُودِ : وَالْأَقْرَبُ فِي مِثْلِهِ التَّوَقُّفُ وَالتَّفْوِيضُ إِلَى عَالِمِهِ انْتَهَى . قُلْتُ : ذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَذْكِرَتِهِ مِثْلَ هَذَا التَّرْتِيبِ إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ الدَّجَّالَ مَكَانَ الدُّخَانِ . وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ مِثْلَ تَرْتِيبِ الْقُرْطُبِيِّ وَجَعَلَ خُرُوجَ الدَّابَّةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا فَالظَّاهِرُ بَلِ الْمُتَعَيِّنُ هُوَ مَا قَالَ صَاحِبُ فَتْحِ الْوَدُودِ : مِنْ أَنَّ الْأَقْرَبَ فِي مِثْلِهِ هُوَ التَّوَقُّفُ وَالتَّفْوِيضُ إِلَى عَالِمِهِ ، وَإِنِّي أَسْرُدُ كَلَامَ الْقُرْطُبِيِّ بِعَيْنِهِ لِتَكْمِيلِ الْفَائِدَةِ . قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ فِي كَشْفِ أَحْوَالِ الْمَوْتَى وَأُمُورِ الْآخِرَةِ : بَابُ الْعَشْرِ الْآيَاتِ الَّتِي تَكُونُ قَبْلَ السَّاعَةِ وَبَيَانُ قَوْلِهِ تَعَالَى : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا بِالْمَدِينَةِ فِي ظِلِّ حَائِطٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُرْفَةٍ فَأَشْرَفَ عَلَيْنَا فَقَالَ - ص 336 - مَا يُجْلِسُكُمْ ؟ فَقُلْنَا : نَتَحَدَّثُ قَالَ : فِيمَ ؟ فَقُلْنَا : عَنِ السَّاعَةِ ، فَقَالَ : إِنَّكُمْ لَا تَرَوْنَ السَّاعَةَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ : أَوَّلُهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ثُمَّ الدُّخَانُ ثُمَّ الدَّجَّالُ ثُمَّ الدَّابَّةُ ثُمَّ ثَلَاثَةُ خُسُوفٍ خَسْفٍ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٍ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٍ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَخُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَيَكُونُ آخِرَ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ مِنْ قُعْرَةِ عَدَنٍ لَا تَدَعُ أَحَدًا خَلْفَهَا إِلَّا تَسُوقُهُ إِلَى الْمَحْشَرِ ذَكَرَهُ الْقُتَيْبِيُّ فِي عُيُونِ الْأَخْبَارِ لَهُ ، وَخَرَّجَهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ : اطَّلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غُرْفَةٍ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ السَّاعَةَ ، فَقَالَ : لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ : طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدَّجَّالُ وَالدُّخَانُ وَالدَّابَّةُ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَخُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَثَلَاثُ خُسُوفَاتٍ خَسْفٍ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٍ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٍ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ أَبْيَنُ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَرِ تَبِيتُ مَعَهُمْ إِذَا بَاتُوا وَتَقِيلُ مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ . وَفِي رِوَايَةٍ : الدُّخَانُ وَالدَّجَّالُ وَالدَّابَّةُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَثَلَاثُ خُسُوفَاتٍ خَسْفٍ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٍ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٍ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ . وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ . وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَوَّلُ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى وَأَيَّتُهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى أَثَرِهَا قَرِيبًا مِنْهَا وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا " ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى حَبَشِيٍّ . الْحَدِيثَ " . قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : جَاءَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَجْمُوعَةٌ غَيْرُ مُرَتَّبَةٍ مَا عَدَا حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا ، فَإِنَّ التَّرْتِيبَ فِيهِ بِثُمَّ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ ، وَقَدْ جَاءَ تَرْتِيبُهَا مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَيْضًا قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُرْفَةٍ وَنَحْنُ فِي أَسْفَلَ مِنْهُ فَاطَّلَعَ إِلَيْنَا فَقَالَ : مَا تَذْكُرُونَ ؟ قُلْنَا : السَّاعَةَ ، قَالَ : إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَكُونُ حَتَّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ : خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَالدُّخَانُ وَالدَّجَّالُ وَدَابَّةُ الْأَرْضِ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تُرَحِّلُ النَّاسَ - ص 337 - وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ فِي الْعَاشِرَةِ نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ فِي الْبَحْرِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ . فَأَوَّلُ الْآيَاتِ عَلَى مَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْخُسُوفَاتُ الثَّلَاثُ ، وَقَدْ وَقَعَ بَعْضُهَا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ وَقَعَ بِعِرَاقِ الْعَجَمِ زَلَازِلٌ وَخُسُوفَاتٌ هَلَكَ بِسَبَبِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ . قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِشَرْقِ الْأَنْدَلُسِ فِيمَا سَمِعْنَاهُ مِنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا . وَوَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَابَّةُ الْأَرْضِ قَبْلَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ ظُهُورُ الدَّجَّالِ ثُمَّ نُزُولُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، فَإِذَا قَتَلَهُمُ اللَّهُ بِالنَّغَفِ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَقَبَضَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَخَلَتِ الْأَرْضُ مِنْهُ وَتَطَاوَلَتِ الْأَيَّامُ عَلَى النَّاسِ وَذَهَبَ مُعْظَمُ دِينِ الْإِسْلَامِ أَخَذَ النَّاسُ فِي الرُّجُوعِ إِلَى عَادَاتِهِمْ وَأَحْدَثُوا الْأَحْدَاثَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ كَمَا أَحْدَثُوهُ بَعْدَ كُلِّ قَائِمٍ نَصَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ دَابَّةَ الْأَرْضِ فَتُمَيِّزُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ لِيَرْتَدِعَ بِذَلِكَ الْكُفَّارُ عَنْ كُفْرِهِمْ وَالْفُسَّاقُ عَنْ فِسْقِهِمْ وَيَسْتَبْصِرُوا وَيَنْزِعُوا عَنْ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ ، ثُمَّ تَغِيبُ الدَّابَّةُ عَنْهُمْ وَيُمْهَلُونَ فَإِذَا أَصَرُّوا عَلَى طُغْيَانِهِمْ وَعِصْيَانِهِمْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا وَلَمْ يُقْبَلْ بَعْدَ ذَلِكَ لِكَافِرٍ وَلَا فَاسِقٍ تَوْبَةٌ وَأُزِيلَ الْخِطَابُ وَالتَّكْلِيفُ عَنْهُمْ ثُمَّ كَانَ قِيَامُ السَّاعَةِ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ قَرِيبًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فَإِذَا قُطِعَ عَنْهُمُ التَّعَبُّدُ لَمْ يُقِرَّهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ زَمَانًا طَوِيلًا . وَأَمَّا الدُّخَانُ فَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ دُخَانًا يَمْلَأُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُصِيبُهُ مِنْهُ شِبْهُ الزُّكَامِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ السَّكْرَانِ يَخْرُجُ الدُّخَانُ مِنْ أَنْفِهِ وَعَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَدُبُرِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ . قُلْتُ : حَدِيثُ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ . مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ الْبَصْرِيُّ أَخْرَجَ عَنْهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ ، غَيْرَ مُسْلِمٍ وَابْنِ مَاجَهْ وَقَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ ثِقَةٌ ثِقَةٌ . وَأَمَّا هَنَّادُ بْنُ السُّرِّيُّ فَأَخْرَجَ عَنْهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ . - ص 338 - وَأَمَّا أَبُو الْأَحْوَصِ فَهُوَ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ الْحَافِظُ أَخْرَجَ لَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ ، قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ ثِقَةٌ مُتْقِنٌ . وَأَمَّا فُرَاتُ الْبَصْرِيُّ الْقَزَّازُ فَأَخْرَجَ لَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ ، وَأَمَّا عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ أَبُو الطُّفَيْلِ فَصَحَابِيٌّ أَخْرَجَ لَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ . وَأَمَّا حُذَيْفَةُ بْنُ أَسِيدٍ أَبُو سَرِيحَةَ فَصَحَابِيٌّ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ . وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِقَوْلِهِ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ قَالُوا : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ : اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ : مَا تَذْكُرُونَ قَالُوا : نَذْكُرُ السَّاعَةَ . قَالَ : إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْا قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ الْحَدِيثَ . ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ أَخْبَرَنَا أَبِي أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ قَالَ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُرْفَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ " . قَالَ شُعْبَةُ : وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يَذْكُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ أَحَدُهُمَا : فِي الْعَاشِرَةِ نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَقَالَ الْآخَرُ : رِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ فِي الْبَحْرِ . وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ فُرَاتٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُرْفَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ . قَالَ شُعْبَةُ : وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ قَالَ أَحَدُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ : نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَقَالَ الْآخَرُ : رِيحٌ تُلْقِيهِمْ فِي الْبَحْرِ . وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ فُرَاتٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ قَالَ : كُنَّا نَتَحَدَّثُ فَأَشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ حَدِيثِ مُعَاذٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ . وَقَالَ ابْنُ مُثَنَّى : أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ بِنَحْوِهِ قَالَ : وَالْعَاشِرَةُ نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ . قَالَ شُعْبَةُ : وَلَمْ يَرْفَعْهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ انْتَهَى مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ . وَإسْنَادُ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الْإِمَامُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ : وَلَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ فُرَاتٍ عَنْ - ص 339 - أَبِي الطُّفَيْلِ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ . قَالَ : وَرَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ مَوْقُوفًا . انْتَهَى كَلَامُ الدَّارَقُطْنِيِّ . وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْحُجَّةُ مُسْلِمٌ رِوَايَةَ ابْنِ رَفِيعٍ مَوْقُوفَةً كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَكِنْ لَا يَقْدَحُ هَذَا فِي رَفْعِ الْحَدِيثِ ، فَإِنَّ فُرَاتًا الْقَزَّازَ ثِقَةٌ مُتْقِنٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَوْثِيقِهِ فَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ . وَرَوَى عَنِ الْفُرَاتِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَهُمَا إِمَامَانِ حَافِظَانِ ثِقَتَانِ ، وَذَكَرَا فِي حَدِيثِهِمَا عَنِ الْفُرَاتِ ذِكْرَ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُتَّصِلًا مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ مَوْضِعُ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ فِي الْبَحْرِ وَأَخْرَجَهُ هَكَذَا مِنْ كَلَامِ حُذَيْفَةَ مَوْقُوفًا لَا يَذْكُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَفِي لَفْظِ التِّرْمِذِيِّ وَالْعَاشِرَةُ إِمَّا رِيحٌ تَطْرَحُهُمْ فِي الْبَحْرِ وَإِمَّا نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ يَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ أَبْيَنُ ، وَأَسِيدٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ آخِرُ الْحُرُوفِ سَاكِنَةٌ وَدَالٌ مُهْمَلَةٌ . (يتبع) " |
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: 🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،، فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨ فهذا هو الخير ،،، 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87 🦋🍃 |
11 Oct 2013, 05:04 AM | #6 |
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **
|
رد: خـروج الـدآبه ..
" فتح الباري شرح صحيح البخاري - كِتَاب الرِّقَاقِ - طلوع الشمس من مغربها - ص 360 - قَوْلُهُ ( بَابٌ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ ولِلكُشْمِيهَنِيِّ " بَابُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا " وَكَذَا هُوَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ وَهُوَ مُنَاسِبٌ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَنْسَبُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَوَجْهُ تَعَلُّقِهِ بِهِ أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا إِنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ إِشْرَافِ قِيَامِ السَّاعَةِ كَمَا سَأُقَرِّرُهُ </SPAN> قَوْلُهُ ( أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ الْأَعْرَجُ وَصَرَّحَ بِهِ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ قَوْلُهُ ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا إِلَخْ هَذَا بَعْضُ حَدِيثٍ سَاقَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْفِتَنِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِتَمَامِهِ وَفِي أَوَّلِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظْمِيَّتَانِ الْحَدِيثَ وَذَكَرَ فِيهِ نَحْوَ عَشَرَةَ أَشْيَاءَ مِنْ هَذَا الْجِنْسَ ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِي هَذَا الْبَابِ وَسَأَذْكُرُ شَرْحَهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ وَأَقْتَصِرُ هُنَا عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ قُرْبِ الْقِيَامَةِ خَاصَّةً وَعَامَّةً . قَالَ الطِّيبِيُّ : الْآيَاتُ أَمَارَاتٌ لِلسَّاعَةِ إِمَّا عَلَى قُرْبِهَا وَإِمَّا عَلَى حُصُولِهَا فَمِنِ الْأَوَّلِ الدَّجَّالُ وَنُزُولُ عِيسَى وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَالْخَسْفُ وَمِنَ الثَّانِي الدُّخَانُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ وَالنَّارُ الَّتِي تَحْشُرُ النَّاسَ وَحَدِيثُ الْبَابِ يُؤْذِنُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ جَعَلَ فِي طُلُوعِهَا مِنَ الْمُغْرِبِ غَايَةً لِعَدَمِ قِيَامِ السَّاعَةِ فَيَقْتَضِي أَنَّهَا إِذَا طَلَعَتْ كَذَلِكَ انْتَفَى عَدَمُ الْقِيَامِ فَثَبَتَ الْقِيَامُ قَوْلُهُ فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي التَّفْسِيرِ فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ النَّاسِ قَوْلُهُ ( فَذَاكَ ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ " فَذَلِكَ " وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي التَّفْسِيرِ أَيْضًا " وَذَلِكَ " بِالْوَاوِ قَوْلُهُ (حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا ) الْآيَةَ كَذَا هُنَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ " (إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ) " وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ " إِيمَانُهَا ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ " قَالَ الطَّبَرِيُّ : مَعْنَى الْآيَةِ لَا يَنْفَعُ كَافِرًا لَمْ يَكُنْ آمَنَ قَبْلَ الطُّلُوعِ إِيمَانٌ بَعْدَ الطُّلُوعِ وَلَا يَنْفَعُ مُؤْمِنًا لَمْ يَكُنْ عَمِلَ صَالِحًا قَبْلَ الطُّلُوعِ عَمَلٌ صَالِحٌ بَعْدَ الطُّلُوعِ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ حِينَئِذٍ حُكْمُ مَنْ آمَنَ أَوْ عَمِلَ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ وَذَلِكَ لَا يُفِيدُ شَيْئًا كَمَا قَالَ - تَعَالَى - : )( فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ) وَكَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ تُقْبَلُ تَوْبَةُ الْعَبْدِ مَا لَمْ يَبْلُغِ الْغَرْغَرَةَ وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْضِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ) طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنَ الْمُغْرِبِ - ص 361 - وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَأَسْنَدَ الطَّبَرِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْضِ إِحْدَى ثَلَاثٍ هَذِهِ أَوْ خُرُوجِ الدَّابَّةِ أَوِ الدَّجَّالِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ نُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ يُعْقِبُ خُرُوجَ الدَّجَّالِ وَعِيسَى لَا يَقْبَلُ إِلَّا الْإِيمَانَ فَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ بِخُرُوجِ الدَّجَّالِ لَا يُقْبَلُ الْإِيمَانُ وَلَا التَّوْبَةُ . قُلْتُ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدَّجَّالُ وَدَابَّةُ الْأَرْضِ قِيلَ فَلَعَلَّ حُصُولُ ذَلِكَ يَكُونُ مُتَتَابِعًا بِحَيْثُ تَبْقَى النِّسْبَةُ إِلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا مَجَازِيَّةً وَهَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ مُدَّةَ لُبْثِ الدَّجَّالِ إِلَى أَنْ يَقْتُلَهُ عِيسَى ثُمَّ لُبْثِ عِيسَى وَخُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ كُلُّ ذَلِكَ سَابِقٌ عَلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنَ الْمُغْرِبِ فَالَّذِي يَتَرَجَّحُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَخْبَارِ أَنَّ خُرُوجَ الدَّجَّالِ أَوَّلُ الْآيَاتِ الْعِظَامِ الْمُؤْذِنَةِ بِتَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ الْعَامَّةِ فِي مُعْظَمِ الْأَرْضِ وَيَنْتَهِي ذَلِكَ بِمَوْتِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنَ الْمُغْرِبِ هُوَ أَوَّلُ الْآيَاتِ الْعِظَامِ الْمُؤْذِنَةِ بِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ الْعَالَمِ الْعَلَوِيِّ وَيَنْتَهِي ذَلِكَ بِقِيَامِ السَّاعَةِ وَلَعَلَّ خُرُوجَ الدَّابَّةِ يَقَعُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ مِنَ الْمُغْرِبِ . وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَفَعَهُ ( أَوَّلُ الْآيَاتِ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى فَأَيُّهُمَا خَرَجَتْ قَبْلَ الْأُخْرَى فَالْأُخْرَى مِنْهَا قَرِيبٌ ) وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَوَّلُ الْآيَاتِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو . قُلْتُ وَلِكَلَامِ مَرْوَانَ مَحْمَلٌ يُعْرَفُ مِمَّا ذَكَرْتُهُ . قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ يَسْبِقُ خُرُوجَ الدَّابَّةِ ثُمَّ تَخْرُجُ الدَّابَّةُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوِ الَّذِي يَقْرُبُ مِنْهُ . قُلْتُ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنَ الْمُغْرِبِ يُغْلَقُ بَابُ التَّوْبَةِ فَتَخْرُجُ الدَّابَّةُ تُمَيِّزُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ تَكْمِيلًا لِلْمَقْصُودِ مِنْ إِغْلَاقِ بَابِ التَّوْبَةِ وَأَوَّلُ الْآيَاتِ الْمُؤْذِنَةِ بِقِيَامِ السَّاعَةِ النَّارُ الَّتِي تَحْشُرُ النَّاسَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ فِي مَسَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فَفِيهِ " ( وَأَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمُغْرِبِ " ) وَسَيَأْتِي فِيهِ زِيَادَةٌ فِي " بَابِ كَيْفَ الْحَشْرُ " قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ مَا حَاصِلُهُ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَنْفَعُهُ إِيمَانُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنَ الْمُغْرِبِ وَكَذَلِكَ الْعَاصِي لَا تَنْفَعُهُ تَوْبَتُهُ وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ صَالِحًا مِنْ قَبْلُ وَلَوْ كَانَ مُؤْمِنًا لَا يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ بَعْدَ طُلُوعِهَا مِنَ الْمُغْرِبِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : الْمَعْنَى لَا تَنْفَعُ تَوْبَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِ كُلِّ أَحَدٍ بِالْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا . وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا أَوَّلُ ابْتِدَاءِ قِيَامِ السَّاعَةِ بِتَغَيُّرِ الْعَالِمِ الْعَلَوِيِّ فَإِذَا شُوهِدَ ذَلِكَ حَصَلَ الْإِيمَانُ الضَّرُورِيُّ بِالْمُعَايَنَةِ وَارْتَفَعَ الْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ فَهُوَ كَالْإِيمَانِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ وَهُوَ لَا يَنْفَعُ فَالْمُشَاهَدَةُ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنَ الْمُغْرِبِ مِثْلُهُ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي " التَّذْكِرَةِ " بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا فَعَلَى هَذَا فَتَوْبَةُ مَنْ شَاهَدَ ذَلِكَ أَوْ كَانَ كَالْمَشَاهِدِ لَهُ مَرْدُودَةٌ فَلَوِ امْتَدَّتْ أَيَّامُ الدُّنْيَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُنْسَى هَذَا الْأَمْرُ أَوْ يَنْقَطِعَ تَوَاتُرُهُ وَيَصِيرَ الْخَبَرُ عَنْهُ آحَادًا فَمَنْ أَسْلَمَ حِينَئِذٍ أَوْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ وَأَيَّدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يُكْسَيَانِ الضَّوْءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَطْلُعَانِ وَيَغْرُبَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ كَمَا كَانَا قَبْلَ ذَلِكَ . قَالَ وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ إِنَّمَا لَا يُقْبَلُ الْإِيمَانُ وَالتَّوْبَةُ وَقْتَ الطُّلُوعِ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ صَيْحَةٌ فَيَهْلِكُ بِهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنْ أَسْلَمَ أَوْ تَابَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ وَمَنْ تَابَ بَعْدَ ذَلِكَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ . قَالَ وَذَكَرَ الْمَيَانِشِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ قَالَ ( تَبْقَى النَّاسُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ ) . قُلْتُ رَفْعُ هَذَا لَا يَثْبُتُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَوْقُوفًا وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ مَا يُعَارِضُهُ فَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ ( الْآيَاتُ خَرَزَاتٌ مَنْظُومَاتٌ فِي سِلْكٍ إِذَا انْقَطَعَ السِّلْكُ تَبِعَ بَعْضُهَا بَعْضًا ) . وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ ( إِذَا طَلَعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا خَرَّ إِبْلِيسُ سَاجِدًا يُنَادِي إِلَهِي مُرْنِي أَنْ أَسْجُدَ لِمَنْ شِئْتَ ) الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَ نُعَيْمٌ نَحْوَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ - ص 362 - بِأَسَانِيدَ مُخْتَلِفَةٍ وَعِنْدَ ابْنِ عَسَاكِرَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ رَفَعَهُ ( بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ عَشْرُ آيَاتٍ كَالنَّظْمِ فِي الْخَيْطِ إِذَا سَقَطَ مِنْهَا وَاحِدةٌ تَوَالَتْ ) . وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ( بَيْنَ أَوَّلِ الْآيَاتِ وَآخِرِهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ ) يَتَتَابَعْنَ كَتَتَابُعِ الْخَرَزَاتِ فِي النِّظَامِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِأَنَّ الْمُدَّةَ وَلَوْ كَانَتْ كَمَا قَالَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ لَكِنَّهَا تَمُرُّ مُرُورًا سَرِيعًا كَمِقْدَارِ مُرُورِ عِشْرِينَ وَمِائَةِ شَهْرٍ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ أَوْ دُونَ ذَلِكَ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ ) الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَالْيَوْمُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ فَلَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ " فَقَالَ فِي " بَابِ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ " فَصْلٌ ذَكَرَ الْحَلِيمِيُّ أَنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ الدَّجَّالُ ثُمَّ نُزُولُ عِيسَى لِأَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنَ الْمُغْرِبِ لَوْ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ عِيسَى لَمْ يَنْفَعِ الْكُفَّارَ إِيمَانُهُمْ فِي زَمَانِهِ وَلَكِنَّهُ يَنْفَعُهُمْ إِذْ لَوْ لَمْ يَنْفَعْهُمْ لَمَا صَارَ الدِّينُ وَاحِدًا بِإِسْلَامِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ لَوْ لَمْ يُعَارِضِ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ الْمَذْكُورَ أَنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو طُلُوعُ الشَّمْسِ أَوْ خُرُوجُ الدَّابَّةِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْجَزْمُ بِهِمَا وَبِالدَّجَّالِ فِي عَدَمِ نَفْعِ الْإِيمَانِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : إِنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ سَابِقٌ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ نَفْيَ النَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِ الْقَرْنِ الَّذِينَ شَاهَدُوا ذَلِكَ فَإِذَا انْقَرَضُوا وَتَطَاوَلَ الزَّمَانُ وَعَادَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْكُفْرِ عَادَ تَكْلِيفُهُ الْإِيمَانَ بِالْغَيْبِ وَكَذَا فِي قِصَّةِ الدَّجَّالِ لَا يَنْفَعُ إِيمَانُ مَنْ آمَنَ بِعِيسَى عِنْدَ مُشَاهَدَةِ الدَّجَّالِ وَيَنْفَعُهُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِ وَإِنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ طُلُوعَ الشَّمْسِ بَعْدَ نُزُولِ عِيسَى احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْآيَاتِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو آيَاتٍ أُخْرَى غَيْرَ الدَّجَّالِ وَنُزُولِ عِيسَى إِذْ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ نَصٌّ عَلَى أَنَّهُ يَتَقَدَّمُ عِيسَى . قُلْتُ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ تُخَالِفُهُ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ ( مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) فَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ تَابَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ رَفَعَهُ ( لَا تَزَالُ تُقْبَلُ التَّوْبَةُ حَتَّى يَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ) وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ نَحْوُهُ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالطَّبَرِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ وَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَعَنْ مُعَاوِيَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعُوهُ ( لَا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ بِمَا فِيهِ وَكَفَى النَّاسَ الْعَمَلَ ) وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ رَفَعَهُ ( لَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ) وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا التَّوْبَةُ مَفْرُوضَةٌ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا وَفِي حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : ( إِنَّ بِالْمَغْرِبِ بَابًا مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ سَنَةً لَا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ) مِنْ نَحْوِهِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ . وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ عِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ وَفِيهِ ( فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا رُدَّ الْمِصْرَاعَانِ فَيَلْتَئِمُ مَا بَيْنَهُمَا فَإِذَا أُغْلِقَ ذَلِكَ الْبَابُ لَمْ تُقْبَلْ بَعْدَ ذَلِكَ تَوْبَةٌ وَلَا تَنْفَعُ حَسَنَةٌ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْمَلُ الْخَيْرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجْرِي لَهُمْ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ وَفِيهِ " فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَكَيْفَ بِالشَّمْسِ وَالنَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ ؟ قَالَ تُكْسَى الشَّمْسُ الضَّوْءَ وَتَطْلُعُ كَمَا كَانَتْ تَطْلُعُ وَتُقْبِلُ النَّاسُ عَلَى الدُّنْيَا فَلَوْ نَتَجَ رَجُلٌ مُهْرًا لَمْ يَرْكَبْهُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ) وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ الْخَيْوَانِيِّ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ " كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَذَكَرَ قِصَّةً قَالَ ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ إِذَا غَرَبَتْ سَلَّمَتْ وَسَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ فِي الطُّلُوعِ فَيُؤْذَنُ لَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَا يُؤْذَنُ لَهَا وَتُحْبَسُ مَا شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - ثُمَّ يُقَالُ لَهَا اطْلُعِي مِنْ حَيْثُ - ص 363 - غَرَبْتِ قَالَ فَمِنْ يَوْمَئِذٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ كَذَلِكَ وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَزَادَ فِيهَا قِصَّةَ الْمُتَهَجِّدِينَ وَأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَسْتَنْكِرُونَ بُطْءَ طُلُوعِ الشَّمْسِ . وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ تَأْتِي لَيْلَةُ قَدْرٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا الْمُتَهَجِّدُونَ يَقُومُ فَيَقْرَأُ حِزْبَهُ ثُمَّ يَنَامُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يَنَامُ ثُمَّ يَقُومُ فَعِنْدَهَا يَمُوجُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ حَتَّى إِذَا صَلَّوُا الْفَجْرَ وَجَلَسُوا فَإِذَا هُمْ بِالشَّمْسِ قَدْ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا فَيَضِجُّ النَّاسُ ضَجَّةً وَاحِدَةً حَتَّى إِذَا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ رَجَعَتْ وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي " الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ " مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ فَيُنَادِي الرَّجُلُ جَارَهُ يَا فُلَانُ ، مَا شَأْنُ اللَّيْلَةِ لَقَدْ نِمْتُ حَتَّى شَبِعْتُ وَصَلَّيْتُ حَتَّى أُعْيِيتُ وَعِنْدَ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ لَا يَلْبَثُونَ بَعْدَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبهَا فَيُنَادِيهِمْ مُنَادٍ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ قُبِلَ مِنْكُمْ وَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا قَدْ أُغْلِقَ عَنْكُمْ بَابُ التَّوْبَةِ وَجَفَّتِ الْأَقْلَامُ وَطُوِيَتِ الصُّحُفُ وَمِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنَ الْمَغْرِبِ يُطْبَعُ عَلَى الْقُلُوبِ بِمَا فِيهَا وَتَرْتَفِعُ الْحَفَظَةُ وَتُؤْمَرُ الْمَلَائِكَةُ أَنْ لَا يَكْتُبُوا عَمَلًا وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَائِشَةَ " ( إِذَا خَرَجَتْ أَوَّلُ الْآيَاتِ طُرِحَتِ الْأَقْلَامُ وَطُوِيَتِ الصُّحُفُ وَخَلَصَتِ الْحَفَظَةُ وَشَهِدَتِ الْأَجْسَادُ عَلَى الْأَعْمَالِ ) " وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا فَحُكْمُهُ الرَّفْعُ وَمِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ " الْآيَةُ الَّتِي يُخْتَمُ بِهَا الْأَعْمَالُ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا " فَهَذِهِ آثَارٌ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ مِنَ الْمَغْرِبِ أُغْلِقَ بَابُ التَّوْبَةِ وَلَمْ يُفْتَحْ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ الطُّلُوعِ بَلْ يَمْتَدُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا أَوَّلُ الْإِنْذَارِ بِقِيَامِ السَّاعَةِ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى أَصْحَابِ الْهَيْئَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ أَنَّ الشَّمْسَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْفَلَكِيَّاتِ بَسِيطَةٌ لَا يَخْتَلِفُ مُقْتَضَيَاتُهَا وَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا تَغْيِيرُ مَا هِيَ عَلَيْهِ . قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : وَقَوَاعِدُهُمْ مَنْقُوضَةٌ وَمُقَدِّمَاتُهُمْ مَمْنُوعَةٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهَا فَلَا امْتِنَاعَ مِنِ انْطِبَاقِ مِنْطِقَةِ الْبُرُوجِ الَّتِي هِيَ مُعَدَّلُ النَّهَارِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَشْرِقُ مَغْرِبًا وَبِالْعَكْسِ وَاسْتَدَلَّ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " بِهَذِهِ الْآيَةِ لِلْمُعْتَزِلَةِ فَقَالَ قَوْلُهُ لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ صِفَةٌ لِقولِهِ : نَفْسًا وَقَوْلُهُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا عَطْفٌ عَلَى آمَنَتْ الْمَعْنَى أَنَّ أَشْرَاطَ السَّاعَةِ إِذَا جَاءَتْ وَهِيَ آيَاتٌ مُلْجِئَةٌ لِلْإِيمَانِ ذَهَبَ أَوَانُ التَّكْلِيفِ عِنْدَهَا فَلَمْ يَنْفَعِ الْإِيمَانُ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِ مُقَدِّمَةِ إِيمَانِهَا قَبْلَ ظُهُورِ الْآيَاتِ أَوْ مُقَدِّمَةِ إِيمَانِهَا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمِ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلَمْ يُفَرِّقْ كَمَا تَرَى بَيْنَ النَّفْسِ الْكَافِرَةِ وَبَيْنَ النَّفْسِ الَّتِي آمَنَتْ فِي وَقْتِهِ وَلَمْ تَكْتَسِبْ خَيْرًا لِيُعْلَمَ أَنَّ قَوْلَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَمْعٌ بَيْنَ قَرِينَتَيْنِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَنْفَكَّ إِحْدَاهُمَا عَنِ الْأُخْرَى حَتَّى يَفُوزَ صَاحِبُهَا وَيَسْعَدَ وَإِلَّا فَالشِّقْوَةُ وَالْهَلَاكُ قَالَ الشِّهَابُ السَّمِينُ : قَدْ أَجَابَ النَّاسُ بِأَنَّ الْمَعْنَى فِي الْآيَةِ أَنَّهُ إِذَا أَتَى بَعْضُ الْآيَاتِ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا كَافِرَةً إِيمَانُهَا الَّذِي أَوْقَعَتْهُ إِذْ ذَاكَ وَلَا يَنْفَعُ نَفْسًا سَبْقُ إِيمَانِهَا وَلَمْ تَكْسِبْ فِيهِ خَيْرًا فَقَدْ عَلَّقَ نَفْيَ نَفْعِ الْإِيمَانِ بِأَحَدِ وَصْفَيْنِ إِمَّا نَفْيُ سَبْقِ الْإِيمَانِ فَقَطْ وَإِمَّا سَبْقُهُ مَعَ نَفْيِ كَسْبِ الْخَيْرِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَنْفَعُ الْإِيمَانُ السَّابِقُ وَحْدَهُ وَكَذَا السَّابِقُ وَمَعَهُ الْخَيْرُ وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ قَوِيٌّ فَيُسْتَدَلُّ بِالْآيَةِ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَيَكُونُ فِيهِ قَلْبُ دَلِيلِ الْمُعْتَزِلَةِ دَلِيلًا عَلَيْهِمْ وَأَجَابَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي " الِانْتِصَافِ " فَقَالَ هَذَا الْكَلَامُ مِنَ الْبَلَاغَةِ يُلَقَّبُ اللَّفَّ وَأَصْلُهُ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا لَمْ تَكُنْ مُؤْمِنَةً قَبْلَ إِيمَانِهَا بَعْدُ وَلَا نَفْسًا لَمْ تَكْسِبْ خَيْرًا قَبْلَ مَا تَكْتَسِبُهُ مِنَ الْخَيْرِ بَعْدُ لَفَّ الْكَلَامَيْنِ فَجَعَلَهُمَا كَلَامًا وَاحِدًا إِيجَازًا وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ فَلَا يَنْفَعُ بَعْدَ ظُهُورِ الْآيَاتِ اكْتِسَابُ الْخَيْرِ وَلَوْ نَفَعَ الْإِيمَانُ الْمُتَقَدِّمُ مِنَ الْخُلُودِ فَهِيَ بِالرَّدِّ عَلَى مَذْهَبِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ تَدُلَّ لَهُ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ الْإِيمَانُ قَبْلَ مَجِيءِ الْآيَةِ نَافِعٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَمَلٌ صَالِحٌ غَيْرُهُ وَمَعْنَى الْآيَةِ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا - ص 364 - وَلَا كَسْبُهَا الْعَمَلَ الصَّالِحَ لَمْ يَكُنِ الْإِيمَانُ قَبْلَ الْآيَةِ أَوْ لَمْ يَكُنِ الْعَمَلُ مَعَ الْإِيمَانِ قَبْلَهَا فَاخْتُصِرَ لِلْعِلْمِ وَنَقَلَ الطِّيبِيُّ كَلَامَ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَبَسَطَهُ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَمَّا خَاطَبَ الْمُعَانِدِينَ بَقَوْلِهِ - تَعَالَى - وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ الْآيَةَ عَلَّلَ الْإِنْزَالَ بِقَوْلِهِ أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ إِلَخْ إِزَالَةً لِلْعُذْرِ وَإِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ وَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ تَبْكِيتًا لَهُمْ وَتَقْرِيرًا لِمَا سَبَقَ مِنْ طَلَبِ الِاتِّبَاعِ ثُمَّ قَالَ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ الْآيَةَ . أَيْ أَنَّهُ أَنْزَلَ هَذَا الْكِتَابَ الْمُنِيرَ كَاشِفًا لِكُلِّ رَيْبٍ وَهَادِيًا إِلَى الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ وَرَحْمَةً مِنَ اللَّهِ لِلْخَلْقِ لِيَجْعَلُوهُ زَادًا لِمَعَادِهِمْ فِيمَا يُقَدِّمُونَهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَجَعَلُوا شُكْرَ النِّعْمَةِ أَنْ كَذَّبُوا بِهَا وَمُنِعُوا مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا ثُمَّ قَالَ هَلْ يَنْظُرُونَ الْآيَةَ أَيْ مَا يَنْتَظِرُ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ الدُّنْيَا بِنُزُولِ الْمَلَائِكَةِ بِالْعِقَابِ الَّذِي يَسْتَأْصِلُ شَأْفَتَهُمْ كَمَا جَرَى لِمَنْ مَضَى مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ أَوْ يَأْتِيَهِمْ عَذَابُ الْآخِرَةِ بِوُجُودِ بَعْضِ قَوَارِعِهَا فَحِينَئِذٍ تَفُوتُ تِلْكَ الْفُرْصَةُ السَّابِقَةُ فَلَا يَنْفَعُهُمْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ يَنْفَعُهُمْ مِنْ قَبْلُ مِنَ الْإِيمَانِ وَكَذَا الْعَمَلُ الصَّالِحُ مَعَ الْإِيمَانِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا وَلَا كَسْبُهَا الْعَمَلَ الصَّالِحَ فِي إِيمَانِهَا حِينَئِذٍ إِذَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا مِنْ قَبْلُ فَفِي الْآيَةِ لَفٌّ لَكِنْ حُذِفَتْ إِحْدَى الْقَرِينَتَيْنِ بِإِعَانَةِ النَّشْرِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا قَالَ فَهَذَا الَّذِي عَنَاهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِقَوْلِهِ إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي الْبَلَاغَةِ يُقَالُ لَهُ اللَّفُّ وَالْمَعْنَى يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا لَمْ تَكُنْ مُؤْمِنَةً مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ إِيمَانُهَا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَلَا يَنْفَعُ نَفْسًا كَانَتْ مُؤْمِنَةً لَكِنْ لَمْ تَعْمَلْ فِي إِيمَانِهَا عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ ذَلِكَ مَا تَعْمَلُهُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَظْهَرُ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ فَلَا يَنْفَعُ بَعْدَ ظُهُورِ الْآيَةِ اكْتِسَابُ الْخَيْرِ أَيْ لِإِغْلَاقِ بَابِ التَّوْبَةِ وَرَفْعِ الصُّحُفِ وَالْحَفَظَةِ وَإِنْ كَانَ مَا سَبَقَ قَبْلَ ظُهُورِ الْآيَةِ مِنَ الْإِيمَانِ يَنْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الْجُمْلَةِ . ثُمَّ قَالَ الطِّيبِيُّ : وَقَدْ ظَفِرْتُ بِفَضْلِ اللَّهِ بَعْدَ هَذَا التَّقْرِيرِ عَلَى آيَةٍ أُخْرَى تُشْبِهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَتُنَاسِبُ هَذَا التَّقْرِيرَ مَعْنًى وَلَفْظًا مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ وَهِيَ قَوْلُهُ - تَعَالَى - وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ الْآيَةَ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ الْإِيمَانَ الْمُجَرَّدَ قَبْلَ كَشْفِ قَوَارِعِ السَّاعَةِ نَافِعٌ وَأَنَّ الْإِيمَانَ الْمُقَارَنَ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ أَنْفَعُ وَأَمَّا بَعْدَ حُصُولِهَا فَلَا يَنْفَعُ شَيْءٌ أَصْلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى مُلَخَّصًا قَوْلُهُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ هِيَ ذَاتُ الدَّرِّ مِنَ النُّوقِ قَوْلُهُ يُلِيطُ حَوْضَهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَيُقَالُ أَلَاطَ حَوْضَهُ إِذَا مَدَرَهُ أَيْ جَمَعَ حِجَارَةً فَصَيَّرَهَا كَالْحَوْضِ ثُمَّ سَدَّ مَا بَيْنَهَا مِنَ الْفُرَجِ بِالْمَدَرِ وَنَحْوِهِ لِيَنْحَبِسَ الْمَاءُ ; هَذَا أَصْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ لِلْحَوْضِ خُرُوقٌ فَيَسُدُّهَا بِالْمَدَرِ قَبْلَ أَنْ يَمْلَأَهُ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ بَغْتَةً كَمَا قَالَ - تَعَالَى - لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً . المصـدر "
|
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: 🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،، فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨ فهذا هو الخير ،،، 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87 🦋🍃 |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|