|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ )130الأنعام تفسيرالكبيرالمسمى البحرالمحيط .
( قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ حِكَايَةٌ لِتَصْدِيقِهِمْ ، وَإِلْجَائِهِمْ قَوْلَهُ : ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ ) لِأَنَّ الْهَمْزَةَ الدَّاخِلَةَ عَلَى نَفْيِ إِتْيَانِ الرُّسُلِ لِلْإِنْكَارِ فَكَانَ تَقْرِيرًا لَهُمْ ، وَالْمَعْنَى قَالُوا : شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا بِإِتْيَانِ الرُّسُلِ إِلَيْنَا وَإِنْذَارِهِمْ إِيَّانَا هَذَا الْيَوْمَ ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ نَابَتْ مَنَابَ بَلَى هُنَا ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَا فِي قَوْلِهِ : ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى ) ، أَقَرُّوا بِأَنَّ حُجَّةَ اللَّهِ لَازِمَةٌ لَهُمْ وَأَنَّهُمْ مَحْجُوجُونَ بِهَا . وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَوْلُهُ : ( شَهِدْنَا ) إِقْرَارٌ مِنْهُمْ بِالْكُفْرِ وَاعْتِرَافٌ ، أَيْ : ( شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا ) بِالتَّقْصِيرِ . انْتَهَى . وَالظَّاهِرُ فِي ( شَهِدْنَا ) شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ . وَقِيلَ : شَهِدَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ بِإِنْذَارِ الرُّسُلِ . ( وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) هَذَا إِخْبَارٌ عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَتَنْبِيهٌ عَلَى السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِكُفْرِهِمْ ، وَإِفْصَاحٌ لَهُمْ بِأَذَمِّ الْوُجُوهِ الَّذِي هُوَ الْخِدَاعُ . وَقِيلَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَرَّ الطَّائِرُ فَرْخَهُ ، أَيْ : أَطْعَمَهُمْ وَأَشْبَعَهُمْ ، وَالتَّوْسِيعُ فِي الرِّزْقِ وَالْبَسْطُ سَبَبٌ لِلْبَغْيِ " وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ " . ( وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ) ظَاهِرُهُ شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ . وَقِيلَ : شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ . وَقِيلَ : شَهِدَتْ جَوَارِحُهُمْ عَلَيْهِمْ بَعْدَ إِنْكَارِهِمْ وَالْخَتْمِ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ ، وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ سِيَاقِ الْآيَةِ ، وَتَنَافَى بَيْنَ قَوْلِهِ : ( وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) وَبَيْنَ الْآيَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْإِنْكَارِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ طَوَائِفَ ، طَائِفَةٍ تَشْهَدُ وَطَائِفَةٍ تُنْكِرُ ، أَوْ مِنْ طَائِفَةٍ وَاحِدَةٍ لِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَمُوَاطِنِ الْقِيَامَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْمُتَطَاوِلِ ، فَيُقِرُّونَ فِي بَعْضٍ وَيَجْحَدُونَ فِي بَعْضٍ . وَقَالَ التِّبْرِيزِيُّ : ( وَشَهِدُوا ) أَقَرُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمُ اضْطِرَارًا لَا اخْتِيَارًا ، وَلَوْ أَرَادُوا أَنْ يَقُولُوا غَيْرَهُ مَا طَاوَعَتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ . وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : لِمَ كَرَّرَ ذِكْرَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ؟ ( قُلْتُ ) : الْأُولَى حِكَايَةٌ لِقَوْلِهِمْ : كَيْفَ يَقُولُونَ وَيَعْتَرِفُونَ ، وَالثَّانِيَةُ ذَمٌّ لَهُمْ وَتَخْطِئَةٌ لِرَأْيِهِمْ وَوَصْفٌ لِقِلَّةِ نَظَرِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ ، وَأَنَّهُمْ قَوْمٌ غَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَاللَّذَّاتُ الْحَاضِرَةُ ، وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمْ أَنِ اضْطُرُّوا إِلَى الشَّهَادَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ وَالِاسْتِسْلَامِ لِرَبِّهِمْ وَاسْتِنْجَازِ عَذَابِهِ ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ تَحْذِيرًا لِلسَّامِعِينَ مِثْلَ حَالِهِمْ . انْتَهَى . وَنَقُولُ : لَمْ تَتَكَرَّرِ الشَّهَادَةُ لِاخْتِلَافِ الْمُخْبِرِ وَمُتَعَلَّقِهَا ، فَالْأُولَى إِخْبَارُهُمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ ، [ ص: 224 ] وَالثَّانِيَةُ إِخْبَارُهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ ، فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ غَيْرُ الْأُولَى . http://library.islamweb.net/newlibra...no=6&ayano=130 |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|