اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ۝1 ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ ۝2 ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ۝3 مَـٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ ۝4 إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ۝5 ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ۝6 صِرَ ٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّينَ ۝7﴾ [الفاتحة: 1-7] * سورة الفاتحة مكية

سُمِّيت سورةَ الفاتحة لافتتاح كتاب الله بها، وتسمَّى أم القرآن لاشتمالها على موضوعاته، من توحيد لله، وعبادة، وغير ذلك، وهي أعظم سورة في القرآن، وهي السَّبعُ المثاني.


           :: سادن الصنم يتلوى على الأرض حزنا على فراق الصنم ،، ثم أسلم (آخر رد :شبوه نت)       :: 🔥 السيدة الأولى السنية في مواجهة السيد الشيعي 😱بعنوان رزية الخميسى 🔥 (آخر رد :ابن الورد)       :: مرض توحد يحبوا مثل القرد . (آخر رد :ابن الورد)       :: شيطان الجان يقول أنا الملك . (آخر رد :ابن الورد)       :: اعراض السحر و الحسد و العين ؟! (آخر رد :شبوه نت)       :: الفرق بين السحر والعين والحسد ..اعرف اللى عندك (آخر رد :ابن الورد)       :: كوكب جليز 12.. هل عثر العلماء على الأرض الجديدة ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: خطوات علاج سحر تعطيل الزواج بالتفصيل !! (آخر رد :ابن الورد)       :: القـــــــــرين . (آخر رد :ابن الورد)       :: هل السحر يقطع الرزق بأنواعه ؟ وكيف اعرف ؟ (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) للكتب والأبحاث العلمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 15 Mar 2010, 05:27 AM   #24
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


فما من مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا الله خالقه سبحانه (1)..................................
هذ1 صحيح بلا شك ولهذا دليل أثري ودليل نظري:
- أما الدليل الأثري: فقد قال الله تعالى : (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء)(الزمر: من الآية62).
وقال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) (أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ) (الطور:36)
فلا يمكن أن يوجد شيء في السماء والأرض إلا الله خالقه وحده.
ولقد تحدى الله العابدين للأصنام تحدياً أمرنا أن نستمع له ، فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً )، ومعلوم أن الذين يدعون من دون الله في القمة عندهم؛ لأنهم اتخذوا أرباباً ؛ فإذا عجز هؤلاء القمة عن أن يخلقوا ذباباً ، وهو أحس الأشياء وأهونها؛ فما فوقه من باب أولى، بل قال: )هُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْه)(الحج: من الآية73) ؛ فيعجزون حتى عن مدافعة الذباب وأخذ حقهم منه.
فإن قيل: كيف يسلب هذه الأصنام شيئاً؟!
فالجواب: قال بعض العلماء : إن هذا على سبيل الفرض؛ يعني: على فرض أن يسلبهم الذباب شيئاً؛ لا يستنقذوه منه. وقال بعضهم : بل على سبيل الواقع؛ فيقع الذباب على هذه الأصنام ، ويمتص ما فيها من أطياب؛ فلا تستطيع الأصنام أن تخرج ما امتصه الذباب.
وإذا كانت عاجزة عن الدفع عن نفسها ، واستنقاذ حقها؛ فهي عن الدفع عن غيرها واستنقاذ حقه أعجز.
والمهم أن الله تعالى خالق كل شيء، وأن لا خالق إلا الله ، فيجب الإيمان بعموم خلق الله عز وجل ، وأنه خالق كل شي، حتى أعمال العباد؛ لقوله تعالى (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء)(الرعد(16)، وعمل الإنسان من الشيء، وقال تعالى ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)(الفرقان: من الآية2) ... والآيات في هذا كثيرة.
وفيه آية خاصة في الموضوع، وهو خلق أفعال العباد.
فقال إبراهيم لقومه (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) (الصافات:96) .
ف (ما) مصدرية، وتقدير الكلام: خلقكم وعملكم، وهذا نص في أن عمل الإنسان مخلوق لله تعالى.
فإن قيل : إلا يحتمل أن تكون(ما) اسماً موصولاً، ويكون المعنى: خلقكم وخلق الذي تعملونه؟
فكيف يمكن أن نقول إن الآية دليلاً على خلق أفعال العباد على هذا التقدير أن (ما) موصولة؟
فالجواب: أنه إذا كان المعمول مخلوقاً لله ؛ لزم أن يكون عمل الإنسان مخلوقاً؛ لأن المعمول كان بعمل الإنسان ؛ فالإنسان هو الذي باشر العمل في المعمول ، فإذا كان المعمول مخلوقاً لله وهو فعل العبد؛ لزم أن يكون فعل العبد مخلوق ، فيكون في الآية دليل على خلق أفعال العباد على كلا الاحتمالين.
- وأما الدليل النظري على أن أفعال العبد مخلوقة لله؛ فتقريره أن نقول : إن فعل العبد ناشئ عن أمرين: عزيمة صادقة وقدرة تامة.
مثال ذلك: أردت أن اعمل عملاً من الأعمال ؛ فلا يوجد هذا العمل حتى يكون مسبوقاً بأمرين هما:
إحداهما : العزيمة الصادقة على فعله ؛ لأنك لو لم تعزم ما فعلته.
الثاني: القدرة التامة ؛ لأنك لو لم تقدر ؛ ما فعلته؛ فالذي خلق فيك هذه القدرة هو الله عز وجل، وهو الذي أودع فيك العزيمة، وخالق السبب التام خالق للمسبب.
ووجه ثان نظري: أن نقول: الفعل وصف الفاعل ، والوصف تابع للموصوف؛ فكما أن الإنسان بذاته مخلوق لله ؛ فأفعاله مخلوقة؛ لأن الصفة تابعة للموصوف.
فتبين بالدليل أن عمل الإنسان مخلوق لله، وداخل في عموم الخلق أثرياً ونظرياً، والدليل الأثري قسمان عام وخاص، والدليل النظري له وجهان.
لا خالق غيره (1)............................................... .......................................
(1)قوله :" لا خالق غيره":
* إن قلت : هذا الحصر يرد عليه أن هناك خلقاً غير الله ؛ فالمصور يعد نفسه خالقاً، بل جاء في الحديث[282] أنه خالق:" فغن المصورين يعذبون ؛ يقال لهم : أحيوا ما خلقتم"، وقال عز وجل: ( فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)(المؤمنون: من الآية14)؛ فهناك خالق، لكن الله تعالى هو أحسن الخالقين؛ فما الجواب عن قول المؤلف؟
الجواب: أن الخلق الذي ننسبه إلى الله عز وجل هو الإيجاد وتبديل الأعيان من عين لأخرى؛ فلا أحد يوجد إلا الله عز وجل، ولا أحد يبدل عيناً إلى عين؛ إلا الله عز وجل، وما قيل : إنه خلق؛ بالنسبة للمخلوق؛ فهو عبارة عن تحويل شيء من صفى إلى صفة؛ فالخشية مثلاً بدلاً من أن كانت في الشجرة تحول بالنجارة إلى باب؛ فتحويلها على باب يسمى خلقاً، لكنه ليس الخلق الذي يختص به الخالق، وهو الإيجاد من العدم، أو تبديل العين من عين إلى أخرى.
ولا رب سواه (1)............................................... .......................................
(1)أي: أن الله وحده هو الرب المدبر لجميع الأمور، وهذا حصر حقيقي.
ولكن ربما يرد عليه أنه جاء في الأحاديث إثبات الربوبية لغير الله :
ففي لقطة الإبل قال النبي صلى الله عليه وسلم :" دعها ؛ معها سقاؤها وحذاؤها ، ترد الماء ، وتأكل الشجر، حتى يجدها ربها "[283] وربها : صاحبها.
وجاء في بعض ألفاظ حديث جبريل ؛ يقول :" حتى تلد الأمة ربها "[284]
فما هو الجمع بين هذا وبين قول المؤلف :" لا رب سواه"
نقول : إن ربوبية الله عامة كاملة؛ كل شيء؛ فالله ربه ، لا يسأل عما يفعل في خلقه؛ لأن فعله كله رحمة وحكمة، ولهذا يقدر الله عز وجل الجدب والمرض والموت والجروح في الإنسان وفي الحيوان، ونقول هذا غية الكمال والحكمة. أما ربوبية الخلوق للمخلوق؛ فربوبية ناقصة قاصة ، لا تتجاوز محلها ، ولا يتصرف فيها الإنسان تصرفاً تاماً/ بل تصرفه مقيد: أما بالشرع ، وإما بالعرف.
ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله، ونهاهم عن معصيته (1) وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين (2)............................................... .............................
(1)يعني: ومع عموم خلقه : ومع عموم خلقه وربوبيته لم يترك العباد هملاً، ولم يرفع عنهم الاختيار ، بل أمرهم بطاعته وطاعة رسله، ونهاهم عن معصيته.
وأمره بذلك أمر يمكن؛ فالمأمور مخلوق لله عز وجل ، وفعله مخلوق لله ، ومع ذلك ؛ يؤمر وينهى.
ول كان الإنسان مجبراً على عمله ؛ لكان أمره أمراً بغير ممكن، والله عز وجل يقول : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا)(البقرة: من الآية286)، وهذا يدل على أنهم قادرون على فعل الطاعة وعلى تجنب المعصية ، وأنهم غير مكرهين على ذلك.
(1)يعني أن الله عز وجل يحب المحسنين؛ لقوله تعالى : (ِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(البقرة: من الآية195)، والمتقين ، لقوله : (فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)(التوبة: من الآية7)والمقسطين؛ لقوله(وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(الحجرات: من الآية9).
فهو عز وجل يحب هؤلاء، ومع ذلك هو الذي قدر هلم هذا العمل الذي يحبه، فكان فعلهم محبوباً إلى الله مراداً له كوناً وشرعاً؛ فالمحسن قام بالواجب والمندوب، والمتقي قام بالواجب، والمقسط أتقى الجور في المعاملة.
( ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات (1) ولا يحب الكافرين (2) ولا يرضى عن القوم الفاسقين (3 )………………………….………………
(1) الدليل قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (التوبة:100)، وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (7) (جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (البينة:7-8).
(2) قوله : " لا يحب" الله عز وجل " الكافرين".
والدليل قوله تعالى: ( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ)(آل عمران: من الآية32) .
مع أن الكفر واقع بمشيئته ، لكن لا يلزم من وقوعه بمشيئته ، أن يكون محبوباً له سبحانه وتعالى.
(3) الدليل قوله تعالى : (فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ)(التوبة: من الآية96).
والفاسق- وهو الخارج عن طاعة الله – قد يراد به الكافر، وقد يراد به العاصي.
- ففي قوله تعالى : (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (18)(أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (19)(وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (السجدة:18-20) فالمراد بالفاسق الكافر.
وأما قوله تعالى )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا)(الحجرات: من الآية6) ؛ فالمراد بالفاسق العاصي.
فالله عز وجل لا يرضى عن القوم الفاسقين، لا هؤلاء ولا هؤلاء، لكن الفاسقين بمعنى الكافرين لا يرضى عنهم مطلقاً، وأما الفاسقون بمعنى العصاة؛ فلا يرضى عنهم فيما فسقوا فيه، ويرضى عنهم فيما أطاعوا فيه.
ولا يأمر بالفحشاء (1) ولا يرضى لعباده الكفر (2)............................................... .......
(1) الدليل قوله تعالى : ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ) ؛لأنهم إذا فعلوا فاحشة: ( قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا) ؛ فاحتجوا بأمرين، فقال الله تعالى ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ)، وسكت عن قولهم : (وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا) لأنه حق لا ينكر، لكن (وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا) كذب، ولهذا كذبهم وأمر نبيه أن يقول: ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ) ولم يقل : ولم يجدوا عليها آباءهم؛ لأنهم قد وجدوا عليها آباءهم.
(2) لقوله تعالى: (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ )(الزمر: من الآية7) ،لكن يقدر أن يكفروا ، ولا يلزم من تقديره الكفر أن يكون راضياً به سبحانه وتعالى، بل يقدره وهو يكرهه ويسخطه.
ولا يحب الفساد (1)............................................... ......................................
(1)دليل ذلك قوله تعالى : ()وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ) (البقرة:205) .
كرر المؤلف مثل هذه العبارات ليبين انه لا يلزم من إرادته الشيء أن يكون محبوباً له ، ولا يلزم من كراهته للشيء أن لا يكون مراداً له بالإرادة الكونية ، بل هو عز وجل يكره الشيء ويريده بالإرادة الكونية، ويوقع الشيء ولا يرضى عنه، ولا يريده بالإرادة الشرعية.
فإن قلت : كيف يوقع ما لا يرضاه وما لا يحبه؟! وهل أحد يكرهه على أن يوقع ما لا يحبه ولا يرضاه؟!
فالجواب: لا أحد يكرهه على أن يوقع ما لا يحبه ولا يرضاه، وهذا الذي يقع من فعله عز وجل وهو مكروه له ، وهو مكروه له من وجه، ومحبوب له من وجه آخر؛ لما يترتب عليه من المصالح العظيمة.
فمثلاً ؛ الإيمان محبوب لله ، والكفر مكروه له، فأوقع الكفر وهو مكروه له ؛ لمصالح عظيمة؛ لأنه لولا وجود الكفر؛ ما عرف الإيمان ، ولو لا وجود الكفر ؛ ما عرف الإنسان قدر نعمة الله عليه بالإيمان، ولولا وجود الكفر ؛ ما قام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الناس كلهم يكونون على المعروف، ولولا وجود الكفر ؛ ما قام الجهاد، ولولا وجود الكفر لكان خلق النار عبثاً؛ لأن النار مثوى الكافرين، ولولا وجود الكفر؛ لكان الناس أمة واحدة، ولم يعرفوا معروفاً ولم ينكروا منكراً، وهذا لاشك أنه مخل بالمجتمع الإنساني، ولولا وجود الكفر ؛ ما عرفت ولاية الله ؛ لأن من ولاية الله أن تبعض أعداء الله وأن تحب أولياء الله.
وكذلك يقال في الصحة والمرض؛ فالصحة محبوبة للإنسان؛ وملائمة له ، ورحمة الله تعالى فيها ظاهرة ، لكن المرض مكروه للإنسان، وقد يكون عقوبة من الله له، ومع ذلك يوقعه؛ لما في ذلك من المصالح العظيمة.
كم من إنسان إذا أسبغ الله عليه النعمة بالبدن والمال والولد والبيت والمركوب؛ ترفع ورأى أنه مستغن بما أنعم الله به عليه عن طاعة الله عز وجل؛ كما قال تعالى (كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى)(6)(أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى)(العلق:6-7)، وهذه مفسدة عظيمة؛ فإذا أراد الله أن يرد هذا الإنسان إلى مكانه ؛ ابتلاه ، حتى يرجع إلى الله ، وشاهد هذا قوله تعالى :(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41) .
وأنت إيها الإنسان إذا فكرت هذا التفكير الصحيح في تقديرات الله عز وجل؛ عرفت ما له سبحانه وتعالى من الحكمة فيما يقدره من خير أو شر ، وأن الله سبحانه وتعالى يخلق ما يكرهه ويقدر ما يكرهه لمصالح عظيمة؛ قد تحيط بها ، وقد لا تحيط بها ويحيط بها غيرك، وقد لا يحيط بها ولا أنت ولا غيرك.
فإن قيل: كيف يكون الشيء مكروهاً لله ومراداً له؟
فالجواب: أنه لا غرابة في ذلك ؛ فها هو الدواء المر طعماً، والخبيث رائحة يتناوله المريض وهو مرتاح؛ لما يترتب عليه من مصلحة الشفاء، وها هو الأب يمسك بابنه المريض ليكويه الطبيب ، وربما كواه هو بنفسه، مع أنه يكره أشد الكره أن يحرق ابنه بالنار.
والعباد فاعلون حقيقة ، والله خالق أفعالهم (1)............................................... ..........
(1)هذا صحيح ؛ فالعبد هو المباشر لفعله حقيقة، والله خالق فعله حقيقة، وهذه عقيدة أهل السنة، وقد سبق تقريرها بالأدلة.
وخالفهم في هذا الأصل طائفتان:
الطائفة الأولى: القدرية من المعتزلة وغيرهم ؛ قالوا إن العباد فاعلون حقيقة ، والله لم يخلق أفعالهم .
الطائفة الثانية : الجبرية من الجهمية وغيرهم ؛ قالوا : إن الله خالق أفعالهم ، وليسوا فاعلين حقيقة، لكن أضيف الفعل إليهم من باب التجوز ، وإلا فالفاعل حقيقة هو الله.
وهذا القول يؤدي إلى القول بوحدة الوجود، وأن الخالق هو الله ، ثم يؤذي إلي قول من أبطل الباطل، لأن العباد منهم الزاني ومنهم السارق ومنهم شار بالخمر ومنهم المعتدي بالظلم؛ فحاشا أن تكون هذه الأفعال منسوبة إلى الله !! وله لوازم باطلة أخرى.
* وبهذا تبين أن في قول المؤلف :" والعباد فاعلون حقيقة ، والله خالق أفعالهم ": رداً على الجبرية والقدرية.
والعبد هو المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمصلي والصائم (1).....................................
(1) يعني : أن الوصف بالإيمان والكفر والبر والفجور والصلاة والصيام وصف للعبد ، لا لغيره ؛ فهو المؤمن وهو الكافر، وهو البار، وهو الفاجر، وهو المصلي، وهو الصائم... وكذلك هو المزكي، وهو الحاج ، وهو المعتمر... وهكذا ، ولا يمكن أن يوصف بما ليس من فعله حقيقة.
وهذه الجملة تتضمن الرد على الجبرية.
والمراد بالعبودية هنا العبودية العامة؛ لأن العبودية نوعان: عامة وخاصة:
- فالعامة: هي الخضوع لأمر الله الكوني؛ كقوله تعالى : (ِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) (مريم:93).
- والعبودية الخاصة : هي الخضوع لأمر الله الشرعي، وهي خاصة بالمؤمنين ؛ كقوله تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً )(الفرقان: من الآية63)، وقوله : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ )(الفرقان: من الآية1)وهذه أخص من الأولى.
- وللعباد قدرة على أعمالهم ، ولهم إرادة(1) ، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم (2)..................
(1) قوله :" وللعباد قدرة على أعمالهم ولهم إرادة"؛ خلافاً للجبرية القائلين بأنهم لا قدرة لهم ولا إرادة ، بل هم مجبرون عليها.
(2) قوله :" والله خالقهم وخالق إرادتهم وقدرتهم"؛ خلافاً للقدرية القائلين بأن الله ليس خالقاً لفعل العبد ولا لإرادته وقدرته.
* وكان المؤلف يشير بهذه العبارة إلى وجه كون فعل العبد مخلوقاً لله تعالى ؛ بأن فعله صادر عن قدرة وإرادة ، وخالق القدرة والإرادة هو الله؛ وما صدر عن مخلوق ، فهو مخلوق.
ويشير بها أيضاً إلى كون فعل العبد اختيارياً لا إجبارياً ؛ لأنه صادر عن قدرة وإرادة ؛ فلو لا القدرة والإرادة ؛ لم يصدر منه الفعل ، ولولا الإرادة ؛ لم يصدر منه الفعل ، لو كان الفعل إجبارياً ، ما كان من شرطه القدرة والإرادة.
كما قال تعالى )لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (1) وهذه الدرجة من القدر (2) يكذب بها عامة القدرية (3) الذين سماهم النبي صلى الله عليه وسلم مجوس هذه الأمة (4) ويغلو فيها (5) قوم من أهل الإثبات حتى سلبوا العبد قدرته واختياره (6)...............................
(1) ثم استدل المؤلف لذلك ، فقال " كما قال الله تعالى (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير: 28-29).
فقوله : (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ)فيها رد على الجبرية.
وفي قوله: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ ) : رد على القدرية.
(2) أي: درجة المشيئة والخلق.
(3) أي: أكثرهم يكذبون بهذه الدرجة ، ويقولون إن الإنسان مستقل بعمله ، وليس لله فيه مشيئة ولا خلق.
(4)لأن المجوس يقولون: إن للحوادث خالقين : خالقاً للخير، وخالقاً للشر! فخالق الخير هو النور، وخالق الشر هو الظلمة؛ فالقدرية يشبهون هؤلاء المجوس من وجه؛ لأنهم يقولون: إن الحوادث نوعان: حوادث من فعل الله ؛ فهذه خلق الله ، وحوادث من فعل العباد ؛ فهذه للعباد استقلالاً ، وليس لله تعالى فيها خلق.
(5) أي: في هذه الدرجة.
(6) أي: إثبات القدر.
· وهؤلاء القوم هم الجبرية؛ حيث إنهم سلبوا العبد قدرته واختياره، وقالوا: إنه مجبر على عمله؛ لأنه مكتوب عليه.
ويخرجون عن أفعال الله و أحكامه حكمها ومصالحها (1)..............................................
(1)قوله :" ويخرجون عن أفعال الله وأحكامه حكمها ومصالحها " يخرجون" :معطوفة على قوله :" يغلو".
* ووجه كونهم يخرجون الحكم والمصالح عن أفعال الله وأحكامه أنهم لا يثبتون لله حكمة أو مصلحة؛ فهو يفعل ويحكم لمجرد مشيئته، ولهذا يثيب المطيع، وإن كان مجبراً على الفعل ، ويعاقب العاصي، وإن كان مجبراً على الفعل .
ومن المعلوم أن المجبر لا يستحق الحمد على محمود، ولا الذم على مذموم؛ لأنه بغير اختياره.
*وهنا مسألة يحتج بها كثير من العصاة: إذا أنكرت علي المنكر؛ قال : هذا هو ما قدره الله على ؛ أتعترض على الله؟! فيحتج بالقدر على معاصي الله ، ويقول : أنا عبد مسير! ثم يحتج أيضاً بحديث :" تحاج آدم وموسى ، فقال له موسى: أنت أبونا ، خيبتنا وأخرجتنا من الجنة؟! فقال له آدم: أن موسى اصطفاك الله بكلامه ، وكتب لك التوراة بيده! أتلومني على أمر قدره علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟!" قال النبي عليه الصلاة والسلام :" فحج آدم موسى" ؛ قالها ثلاثً [285] وعند أحمد " فحجه آدم[286]" وهي صريحة في أن آدم غلب موسى بالحجة .
قال : فهذا آدم لما اعترض عليه موسى؛ احتج عليه بالقدر ، وآدم نبي، وموسى رسول، فسكت موسى؛ فلماذا تحتج عليَّ؟
والجواب على حديث آدم:
- أما على رأي القدرية؛ فإن طريقتهم أن أخبار الآحاد لا توجب اليقين؛ قالوا: وإذا عرضت العقل؛ وجب أن ترد وبناء على ذلك قالوا: هذا لا يصح ولا نقبله ولا نسلم به.
- وأما الجبرية ؛ فقالوا : إن هذا هو الدليل ، ودلالته حق، ولا يلام العبد على ما قدر عليه.
- أما أهل السنة والجماعة؛ فقالوا : إن آدم عليه الصلاة والسلام فعل الذنب وصار ذنبه سبباً لخروجه من الجنة ، لكنه تاب من الذنب، وبعد توبته اجتباه اله وتاب عليه وهداه، التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومن المحال أن موسى علي الصلاة والسلام- وهو أحد أولي العزم من الرسل- يلوم أباه على شيء تاب منه ثم اجتباه الله بعده وتاب عليه وهداه، ونما اللوم على المصيبة التي حصلت بفعله، هي إخراج الناس ونفسه من الجنة؛ فإن سبب هذا الإخراج هو معصية آدم ؛ على أن آدم عليه الصلاة والسلام لا شك أنه لم يفعل هذا ليخرج من الجنة حتى يلام؛ فكيف يلومه موسى؟!
وهذا وجه ظاهر في أن موسى علي السلام لم يرد لوم آدم على فعل المعصية، إنما على المصيبة التي هي من قدر الله ، وحينئذ يتبين أنه لا حجة بهذا الحديث للجبرية.
فنحن نقبله ولا ننكره كما فعل القدري، ولكننا لا نحتج به على المعصية ؛ كما فعل الجبري.
وهناك جواب آخر أشار إليه ابن القيم رحمه الله ، وقال : الإنسان إذا فعل المعصية واحتج بالقدر عليها بعد التوبة منها؛ فلا بأس به.
ومعناه : أنه لو لامك أحد على فعل المعصية بعد أن تبت منها ، وقلت : هذا بقضاء الله وقدره، واستغفر الله وأتوب إليه... وما أشبه ذلك؛ فإنه لا حرج عليك في هذا.
فآدم احتج بالقدر بعد أن تاب منه، وهذا لا شك أنه وجه حسن، لكن يبعده أن موسى لا يمكن أن يلوم آدم على معصية تاب منها.
ورجح ابن القيم قوله هذا بما جرى للنبي عليه الصلاة والسلام حين طرق علياً وفاطمة رضي الله عنهما ليلة، فقال :" ألا تصليان؟" فقال على رضي الله عنه: يا رسول الله! أنفسنا بيد الله؛ فإن شاء أن يبعثنا ؛ بعثنا . فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم يضرب فخذه وهو يقول: (وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)(الكهف: من الآية54).
وعندي إن في الاستدلال بهذا الحديث نظراً؛ لأن علياً رضي الله عنه احتج بالقدر على نومه، والإنسان النائم له أن يحتج بالقدر؛ لأن فعله لا ينسب إليه، ولهذا قال الله تعالى في أصحاب الكهف ( وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ )(الكهف: من الآية18)؛ فنسب التقليب إليه ، مع أهم هم الذين يتقلبون ، لكن لما كان بغير إرادة منهم؛ لم يضفه إليهم.
والوجه الأول في الجواب عن حديث آدم وموسى- وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية- هو الصواب.
فإذاً ؛ لا حجة للجبري بهذا الحديث ولا للعصاة الذين يحتجون بهذا الحديث لاحتجاجهم بالقدر.
فنقول له : إن احتجاجك بالقدر على المعاصي يبطله السمع والعقل والواقع.
- فأما السمع؛ فقد قال الله تعالى (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا )(الأنعام: من الآية148)؛ وقالوا ذلك احتجاجاً بالقدر على المعصية فقال الله تعالى : (كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ )؛ يعني : كذبوا الرسل واحتجوا بالقدر (حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا) ، وهذا يدل على أن حجتهم باطلة ؛ إذ لو كانت حجة مقبولة ؛ ما ذاقوا بأس الله.
- ودليل سمعي آخر: قال الله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ)(النساء: من الآية163) إلى قوله: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )(النساء: من الآية165) ، ووجه الدلالة من هذه الآية أنه لو كان القدر حجة؛ ما بطلت بإرسال الرسل وذلك لأن القدر لا يبطل بإرسال الرسل ، بل هو باق.
فإذا قال قائل: يرد عليك في الدليل الأول قول الله تبارك وتعالى في سورة الأنعام:(اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) (الأنعام:106-107)؛ فهنا قال الله تعالى : (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ) فنقول إن قول الإنسان عن الكفار : (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا) قول صحيح وجائز، لكن قول المشرك : (مَا أَشْرَكْنَا )(الانعام : 148) يريد أن يحتج بالقدر على المعصية قول باطل ، والله عز وجل إنما قال لرسلوه هكذا تسلية له وبياناً أن ما وقع فهو بمشيئة الله.
أما الدليل العقلي على بطلان احتجاج العاصي بالقدر على معصية الله أن نقول له : ما الذي أعلمك بأن الله قدر لك أن تعصيه قبل أن تعصيه؟ فنحن جميعاً لا نعلم ما قدر الله إلا بعد أن يقع ؛ أما قبل أن يقع ، فلا ندري ماذا يراد بنا؛ فنقول للعاصي : هل عندك علم قبل أن تمارس المعصية أن الله قدر لك المعصية ؟ سيقول: لا . فنقول: إذاً لماذا لم تقدر أن الله قدر لك الطاعة وتطع الله ؛ فالباب أمامك مفتوح ، فلماذا لم تدخل من الباب الذي تراه مصلحة لك؛ لأنك لا تعلم ما قدر لك. واحتجاج الإنسان بحجة على أمر فعله قبل أن تتقدم حجته على فعله احتجاج باطل؛ لأن الحجة لابد أن تكون طريقاً يمشي به الإنسان ؛ إذ أن الدليل يتقدم المدلول.
ونقول له أيضا : الست لو ذكر لك أن لمكة طريقين أحدهما طريق معبد آمن، والثاني طريق صعب مخوف؛ ألست تسلك الآمن؟ سيقول : بلى. فنقول : إذا ً ؛ لماذا تسلك في عبادتك الطريق المخوف المحفوف بالأخطار ، وتدع الطريق الآمن الذي تكفل الله تعالى بالأمن لمن سلكه فقال: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ )(الأنعام: من الآية82)، وهذه حجة واضحة.
ونقول له : لو أعلنت الحكومة عن وظيفتين: إحداهما بالمرتبة العالية، والثانية بالمرتبة السفلي؛ فأيهما تريد؟ بلا شك سيرد المرتبة العالية، وهذا يدل على أنك تأخذ بالأكمل في أمور دنياك ؛ فلماذا لم تأخذ بالأكمل في أمور دينك ؟! وهل هذا إلا تناقض منك؟!
وبهذا يتبين انه لا وجه أبداً لاحتجاج العاصي بالقدر على معصية الله عز وجل.



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب العلم ... للشيخ محمد العثيمين محمد الغماري المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 62 16 Mar 2010 03:07 AM
كتاب نبذة في العقيدة الإسلامية ... للشيخ محمد العثيمين محمد الغماري المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 13 16 Mar 2010 12:53 AM
شرح ثلاثة الأصول ... للشيخ محمد العثيمين محمد الغماري المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 2 16 Mar 2010 12:46 AM
الكتاب : الخلاف بين العلماء/ للشيخ العلامة :محمد بن صالح بن محمد العثيمين ابومروان الليبي منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 1 22 Sep 2009 06:29 PM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 12:04 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي