تدارس الباحثين ومذاكرتهم فيما بينهم . Memorization of researchers, among them تدراس الرقاة ومذاكرتهم فيما بينهم !! |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية .
في تاريخ الفلك، يشير علم الفلك الإسلامي أو علم الفلك العربي إلى الإسهامات الفلكية التي تمت في العالم الإسلامي وخصوصا في العصر الإسلامي الذهبي (القرون 8-15)[1] والتي كتبت غالبا باللغة العربية. وقعت أغلب هذه الإسهامات في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والأندلس وشمال أفريقيا وبعض الأحيان في الشرق الأقصى والهند. نشأ علم الفلك مثله مثل العلوم الإسلامية الأخرى عن طريق استيعاب المواد الأجنبية ودمج العناصر المتباينة لتلك المواد لإيجاد علم يتلائم وخصائص الإسلام. تمثلت هذه المواد الأجنبية في أعمال الساسانيين والهيلينيين والهنود التي ترجمت وجمعت معا[2]. وفي المقابل كان لعلم الفلك الإسلامي تأثير واضح في نظيره البيزانطي[3] والهندي[4] والأوروبي[5] (أنظر الترجمات اللاتينية في أوروبا في القرن الثاني عشر) والصيني[6] والمالي[7][8] . حتى الآن، احتفظت بعض النجوم في السماء كالدبران والنسر الطائر بأسمائها العربية وكذلك بعض المصطلحات الفلكية كالسمت والعهدة والمقنطرة[9]. عدد كبير من المؤلفات الفلكية الإسلامية بقيت صامدة حتى الآن ويبلغ عددها حوالي 10000 مخطوطة منتشرة حول العالم وكثير منها لم يقرأ أو يصنف ورغم ذلك يمكن تقدير حجم النشاط الإسلامي في علم الفلك [10]. الإسلام وعلم الفلك[عدل] أثر الإسلام في علم الفلك بشكل مباشر وغير مباشر وكان الدافع الرئيسي وراء ازدهار الفلك هو أن ممارسة شعائر الإسلام تتطلب حل مشكلات في علم الفلك الرياضي وخصوصا في الهندسة الكروية[2]. خلفية[عدل] في القرن السابع، كان المسيحيون واليهود يراقبون أطوار القمر من أجل الاحتفال بالأيام المقدسة كالفصح والقيامة. وواجه المجتمعان حقيقة أن الأيام ال29.5 للشهور القمرية لا تتناسب والأيام ال365 للسنة الشمسية. لحل هذا المشكل اتبع المسيحيون واليهود على خطة معتمدة على اكتشاف قام به العالم الفلكي الأثيني ميتون حوالي 430 ق.م. في الدورة الميتونية قسمت التسعة عشر سنة إلى إثنتي عشرة سنة من إثني عشر شهرا قمريا وسبع سنوات من ثلاثة عشر شهرا قمريا. وأبقى الإدراج الدوري للشهور الثلاثة عشر تواريخ التقويم في نفس التاريخ مع المواسم[2]. من جهة أخرى، استعمل الفلكيون طريقة بطليموس لحساب مكان القمر والنجوم. تعمل طريقة بطليموس على حل المثلثات الفلكية وقسمها مينيلوس من الإسكندرية في القرن الأول. وكانت الطريقة تشمل إنشاء مثلثين قائمين متقاطعين؛ بتطبيق مبرهنة مينلاوس كان من الممكن حل واحد من الأطراف الستة، ولكن فقط إذا كانت الأطراف الخمس الأخرى معروفة. ولمعرفة الوقت انطلاقا من ارتفاع الشمس على سبيل المثال، كان يجب تكرار تطبيق مبرهنة مينلاوس. أما بالنسبة لعلماء الفلك المسلمين في العصور الوسطى، شكل إيجاد طريقة مثلثية بسيطة تحديا واضحا[2]. النظرة الإسلامية لعلم الفلك دعى الإسلام المسلم إلى إيجاد طرق لاستعمال النجوم. قال تعالى في سورة الأنعام ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(97)﴾. وعلى أساس هذه الدعوة طور المسلمون أدوات للرصد والإبحار، لذا لا زال العديد من نجوم الإبحار تحمل أسماء عربية[2]. ومن أهم تأثيرات القرآَن في علم الفلك الإسلامي تأكيده على أن الكون تحكمه مجموعة قوانين وحيدة متأصلة في مفهوم التوحيد الإسلامي ووحدانية الله فضلا عن المكانة الكبيرة للمعطيات التجريبية التي لم تكن شائعة في الحضارة اليونانية السابقة والتي حثت المسلمين على اعتماد منهج الرصد[11] بخلاف الفلاسفة اليونانيين القدامى مثل أفلاطون وأرسطو الذين لم يثقوا في الحواس واعتبروا العقل الوسيلة الوحيدة الكفيلة والناجعة لفهم الطبيعة. حث القرآَن على الملاحظة والرصد والتأمل قادت المسلمين إلى تطوير منهج علمي يتأسس على هذه المفاهيم وأبرزها الملاحظة التجريبية. كتب محمد إقبال قائلا[12]: «“الموقف العام التجريبي للقرآن ولـّد في أتباعه شعورا بتقديس الفعلي، وجعلهم في نهاية المطاف مؤسسين للعلوم الحديثة. وكان ذلك نقطة كبيرة توقظ روح التجربة في عصر تخلى عن المرئي وأزاح عنه صفة القيمة في بحث الناس عن الله.”» تشير عدة أحاديث نبوية على أن نبي الإسلام محمد بن عبد الله كان معارضا للتنجيم والخرافة عامة. وكمثال على ذلك عندما حل الخسوف بعد موت ابنه إبراهيم فبدأت الشائعات تقول بأنه تعزية من الله.[13]: روي عن ابنِ عمر في صحيح البخاري/1402 وصحيح مسلم/914: علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية أَنه كان يخبِر عن النبي صلى الله عليه وسلم : إِن الشمس والقمر لا يخسفانِ لموت أَحد ولا لحياته ولكنهما آيتانِ من آيات اللّه فإِذا رأَيتموها فصلوا. علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية ابتداء من القرن الثاني فصاعدا، أصبح الفلكيون المسلمون علماء يعتمدون على الملاحظة عوض عن الفلسفة، وذلك لمعارضة دينية من علماء الفقه من الأشاعرة وأَكبرهم الغزالي الذي عارض استخدام فيزياء وكونيات أَرسطو في علم الفلك، ما يفتح الباب أمام احتمالات لعلم فلك غير مقيد بفلسفة أَرسطو[14][15]. فعلى سبيل المثال أثرت نظرية الأشاعرة على فخر الدين الرازي (1149-1209) فرفض نظرية أَرسطو لمركزية الأَرض في الكون وبدلا من ذلك اقترح متعددا من الأَكوان يشمل عددا لا يحصى من الأَكوان والعوالم، حيث أَن كل عالم من تلك العوالم أَكبر حجما أو كتلة من عالمنا وبه نفس ما يوجد على هذا الأَخير. انتقد الرازي أَيضا النظرة الأَرسطية للفلكات السماوية الصلبة واقترح أَنها مجرد مدار من النجوم. في نفس القرن رفض عضد الدين الإيجي (1281-1355) مبدأَ أَرسطو الفطري لدائرية حركة الأجرام السماوية[16] وأَصر على أَن الفلكات السماوية مجرد أَشياء خيالية وأكثر هشاشة من بيوت العناكب[15] متأَثرا بنظرية العرضية الأشعرية والتي تقول بأن جميع الآثار المادية ناجمة مباشرة عن إرادة الله. وكذلك رفض علي القوشجي (و. 1474) فيزياء أرسطو وعزلها بشكل مطلق عن علم الفلك مما جعل الفلك علما تجريبيا ورياضيا محضا فسمح له ذلك باكتشاف بدائل لفكرة أرسطو عن الأرض القرطاسية، كما أَنه بحث في فكرة أرض متحركة. واستنتج على أساس الأدلة التجريبية بدلا من المضاربة الفلسفية، أن نظرية الأرض المتحركة تماما مثل نظرية الأرض القرطاسية يرجح أن تكون صحيحة وأنه لا يمكن أن نستنتج تجريبيا أي نظرية أصح[14][15]. القواعد الإسلامية[عدل] مخطوطة قديمة باللغة العربية تعود إلى القرن الثاني عشر ب.م تبين عدة علماء مسلمين من العصور الوسطى. يلتزم المسلمون بقواعد متعددة لاستعمال مثالي للحسابات والملاحظات الفلكية. أول قاعدة التقويم الهجري حيث قال تعالى في سورة التوبة ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(36)﴾[2][17]. لذا لم يتبع المسلمون التقويم المسيحي أو العبري وكان عليهم تطوير واحد خاص بهم. أما القاعدة الثانية هي أن الشهور الإسلامية لا تبدأ مع المحاق الفلكي وهو الوقت الذي يكون للقمر والشمس نفس خط الطول السماوي وبذلك يكون غير مرئي وبدلا من ذلك تبدأ حين يرى الهلال أول مرة في سماء المساء الغربية[2]. وقال تعالى في سورة البقرة ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(189)﴾[18][19]. هذا ما قاد المسلمين لرصد أدوار القمر في السماء وأدت جهودهم إِلى حسابات رياضية جديدة وأدوات رصد جديدة فضلا عن تخصيص علم لرؤية القمر[20]. وأيضا واجب على المسلمين الصلاة في اتجاه الكعبة بمكة وتوجيه مساجدهم نحوها لذا فمن المفروض تحديد اتجاه مكة من أي مكان كان[21][22]. هناك عامل مؤثر آخر هو مواقيت الصلاة فيجب معرفة الأجرام السمواية بدقة واستنتاج مواعيد الصلاة منها في وقت الشروق والزوال والعصر والغروب والمساء[2][23]. ضرورة الهندسة الكروية. شكل توقع وقت ظهور الهلال تحديا للفلكيين الرياضيين المسلمين. رغم أن نظرية بطليموس لحركة القمر المعقدة كانت تحدد وقت القمر الجديد، إلا أنها تحدد مسار القمر بعلاقته مع مسير الشمس ولتوقع أول ظهور للقمر كان من الواجب وصف حركته وعلاقتها بالأفق وهذا المشكل تطلب هندسة كروية متطورة[24]. كانت معرفة وقت الصلاة واتجاه مكة السببين الرئيسيين وراء إسهامات المسلمين في الهندسة الكروية. حل هاتين المشكلتين تطلب إيجاد الأضلاع أو الزوايا الغير معروفة في مثلث في فلكة سماوية انطلاقا من المعروف من الأضلاع والزوايا. وكمثال على ذلك لمعرفة الوقت في اليوم، وجب إنشاء مثلث تشكل رؤوسه سمت الرأس والقطب السماوي الشمالي وموضع الشمس. يجب على الملاحظ معرفة دائرة عرض الشمس ودائرة عرض القطب الأولى يمكن ملاحظتها والثانية مساوية لخط عرض الملاحظ. الوقت نستنتج في الآخر من الزاوية بين خط الزوال (القوس بين سمت الرأس والقطب) ودائرة ساعة الشمس (القوس بين الشمس والقطب)[2][23]. تفسيرات كونية: هناك عدة آيات قرآنية (610-632) يفسرها بعض الكتاب الوسيطيين والمعاصرين على أنها تنذر بالنظريات الكونية الحديثة[25]. ومن أقدم الأمثلة على ذلك نجده في أعمال الفقيه فخر الدين الرازي (1149-1209) في تصوره للفيزياء والعالم المادي في كتاب المطالب فناقش علم الكون الإسلامي وانتقد مركزية الأرض في الكون واستكشف مفهوم تعدد الأكوان كما فعل معاصروه انطلاقا من القرآن (الحمد لله رب العالمين). وتسائل حول ماذا تعني كلمة (العالمين)، عدة عوالم في كون أو كوسمو وحيد أم متعددا من الأكوان مختلين عن الكون المعروف. ورفض النظرة الأرسطية للكون الوحيد لصالح وجود عدة أكوان وعوالم وآمن بنظرته التي يؤيدها القرآن ونظرية الذرية للأشاعرة. اليوم، تفسر هاته الآيات على أنها تـُعلم بتوسع الكون وحتى بنظرية الانفجار العظيم [26]: قال تعالى في سورة البقرة ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ(30)﴾[27] قال تعالى في سورة الذاريات ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ(47)﴾[28] والبعض يفسر هذه الآية كإعلام مسبق بمفهوم شكل الأرض الإهليلجي المعاصر[25]: قال تعالى في سورة النازعات ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا(30)﴾[29] هذا تفسير على أن الآية تنطوي ضمنا على الشكل الإهليلجي للأرض لكامل بن سالم: «لم يفهم المفسرون الأوائل معنى الآية لعدم فهمه الفعل دحى لأنهم لم يتخيلوا أن الأرض كانت كروية وفسروه أنه سطحها (أي الأرض). نفس التفسير المغلوط دخل إلى القواميس العربية بما أن القرآن هو المصدر الرئيسي للقواعد العربية لكن أصل الكلمة نجده في كلمة الدحية التي تعني بيضة النعامة. لذا شكل الأرض يشابه شكل بيضة النعامة ويشير نفس الفعل إلى تأثير الأمطار على الحصى، التي تكون في المياه الجارية.[25]» لذا ترجم رشاد خليفة الآية كما يلي: «(بالإنجليزية: He made the earth egg-shaped)[30] بمعنى خلق الأرض على شكل بيضة النعامة.» التاريخ: كانت معرفة العرب قبل الإسلام للنجوم استنباطية وتقتصر على ما يلاحظونه من ظهورها أو اختفائها. وكان بزوغ الإسلام السبب وراء تقدم العرب في ميدان الفلك[31]. بدأ علم الفلك الإسلامي بنفس طريقة بداية العلوم الإسلامية الأخرى وذلك بجمع المواد الأجنبية ودمج العناصر المتباينة لتلك المواد لخلق علم يقوم أساسا على الإسلام. تضمنت هذه المواد أعمال الساسانيين والهيلينيين والهنود التي ترجمت وجمعت معا. قسم مؤرخ العلوم دونالد روتلدج هيل تاريخ الفلك الإسلامي إلى أربعة حقب مختلفة[31]: الجمع والتوفيق بين علم الفلك الهندي والساساني والهيليني (700—825 ب.م) التحقق في نظام بطليموس وقبوله وتعديله (825—1025 ب.م) ازدهار النظام الإسلامي المميز لعلم الفلك (1025—1450 ب.م) عصر الركود حيث ظهرت مساهمات قليلة (1450—1900 ب.م) 610-700 منذ البداية، لاحظ مسلمو المدينة القمر الجديد لمعرفة بداية الشهور وخصوصا رمضان والأيام المقدسة. في حوالي 638 ب.م، اتبع الخليفة عمر تقويما قمريا جديدا يقوم على النظرة الإسلامية. احتوى هذا التقويم على إثني عشر شهرا وتبدأ هذه الشهور عند رؤية الهلال وكان أصغر من التقويم الشمسي بحوالي أحد عشر يوم. لا زال هذا التقويم مستعملا إلى يومنا هذا وذلك لأغراض دينية[2][32]. 700-825 كانت هذه الفترة فترة جمع وموافقة للإسهامات الهيلينية والهندية والساسانية. الدوافع: يرى المؤرخون أن عدة عوامل ساهمت في ازدهار علم الفلك الإسلامي كان أولها قرب العالم الإسلامي المعرفة القديم حيث ترجم الكثير من الكتابات اليونانية والسنسكريتية والفارسية إلى اللغة العربية خلال القرن التاسع وتعززت هذه العملية بفعل تسامح علماء الدين مع الديانات الأخرى[2]. كان الدافع الثاني يتمثل في المراقبات الدينية الإسلامية والتي زادت من المشاكل الفلكية الرياضية. وعند حل هذه المشكلات الدينية تفوت العلماء المسلمون على الأساليب الرياضية اليونانية[2]. التأثيرات القديمة وحركة الترجمة: خلال هذه الفترة، ترجمت بعض الأعمال السنسكريتية والفارسية الوسيطية إلى اللغة العربية. كان أبرز هذه الأعمال زيج السندهند[33] المقتبس من سوريا سندهاتا وأعمال براهماغوبتا التي ترجمها محمد الفزاري ويعقوب بن طارق في 777. تشير المصادر إلى أن الترجمات حدثت بعد زيارة فلكي هندي إلى قصر الخليفة المنصور في 770. كان أبرز عمل مترجم من الفارسية الوسيطية زيج الشاه وهو مجموعة من الجداول الفلكية التي جمعت في بلاد فارس الساسانية على مدى قرنين. تشير كتابات من ذلك الوقت إلى أن العرب اعتمدوا دالة الجيب (الموروثة من علم المثلثات الهندي) بدلا من أوتار القوس المستخدمة في الرياضيات الهيلينية[31]. ومن التأثيرات الهندية صيغة تقريبية استخدمها علماء الفلك المسلمون لضبط الوقت[34]. صفحة من كتاب بطليموس المجسطي. كان اهتمام الإسلام بالفلك موزايا لاهتمامه بالرياضيات ويعتبر المجسطي خير مثال على ذلك (ك. 150) للفلكي بطليموس (100-178). كان المجسطي معلما في مجال الفلك جامعا، كما يجمع العناصر لإقليدس أعمال الهندسة، لكل المعرفة في علم الفلك التي كانت لمؤلفه. كان هذا الكتاب معروفا في الأول باسم الأطروحة الرياضية وبعد استعماله عرف باسم عالم الفلك العظيم. عرف في العالم الإسلامي باسم المجسطي المؤخوذ من الاسم اليوناني مجيسط (باليونانية: megiste) (وتعني العظيم) بزيادة ال للتعريف وعند الغرب باسم Almagest بسبب الاستعمال الشائع في الترجمات[35]. رغم أن معظم الكتاب أخطاء ظل يستعمل في أوروبا والعالم الإسلام كمرجع فلكي مهم حتى نهضة مراغة ونهضة كوبرنيكوس[36]. ألف بطليموس أعمالا أخرى كالبصريات وهارمونيكا ويقترح البعض أنه هو من كتب تترابيبلون. كان المجسطي عملا جامعا لقوائمه الشاملة للظواهر الفلكية وشمل الكتاب جداول زمنية لملوك آشور والأخمينيين والإغريق والرومان لاستخدامها في حساب انقضاءالزمن بين الأحداث الفلكية المعروفة والتواريخ الثابتة. وبالإضافة إلى أهميته بالنسبة لحساب التقاويم بدقة ربط المجسطي الثقافات الأجنبية والمتباعدة معا بمصلحة مشتركة في النجوم والتنجيم. قـُرأ عمل بطليوس مرارا وتكرارا ودـُقق على أيادي علماء الفلك والمنجمين العرب والفرس والمسلمين الآخرين. 825-1025 شكلت الفترة من القرن التاسع إلى أوائل القرن الحادي عشر فترة تحقق وتدقيق لتفوق نظام بطليموس للفلك وفترة للإسهامات الهامة فيه. دعم الخليفة العباسي المأمون البحث الفلكي وأصبحت بغداد ودمشق عاصمتين للفلك. لم يكن الخلفاء داعمين ماليين لعلم الفلك فقط بل أعطوا لهذا العلم قيمة وأهمية كبيرة[37]. وقد بني في عهده مرصدان فلكيَّان: مرصد الشماسية في بغداد، ومرصد جبل قاسيون في دمشق. بداية الفلك الرصدي محمد بن موسى الخوارزمي، أبو الجبر والخوارزميات وفلكي عربي ومراجع ترجمة كتاب زيج السند ثاني زيج في علم الفلك الإسلامي بعد زيج الفزاري. في الفلك الرصدي، كان أول كتاب مهم لدى العلماء المسلمين هو زيج السند للخوارزمي في 830. احتوى الكتاب على جداول حركة الشمس والقمر والكواكب الخمسة المعروفة في ذلك الوقت وظهرت أهميته في أنه أدخل المفاهيم الهندية ومفاهيم بطليموس في العلوم الإسلامية. مثل هذا العمل أيضا نقطة تحول في علم الفلك الإسلامي. حتى ذلك الوقت، كان الفلكيون المسلمون يعتمدون نهج البحث الأولي في الحقل وترجمة أعمال الآخرين وتعلم المعرفة المكتشفة من قبل. تميز عمل الخوارزمي بكونه بداية أساليب غير تقليدية للدراسة والحسابات[38]. بين العامين 825 و 835، أجرى أحمد بن عبد الله المروزي عدة ملاحظات في مرصد الشميسية ببغداد حيث قدر عددا من القيم الجغرافية والفلكية[39] وجمع نتائجه في كتاب الأبعاد والأجرام الذي اقترب بتقديراته إلى الأبعاد الحالية أكثر ممن سبقوه. فعلى سبيل المثال، قدر قطر القمر ب3037 كلم (تساوي 1,519 كلم بنصف القطر) وبعده عن الأرض ب 215209 ميل وهذه النتائج تقارب المسافات الحالية (1735 نصف قطر و 238857 ميل)[40]. في 850، ألف أحمد بن كثير الفرغاني جوامع علم النجوم والحركات السماوية الذي قدم فيه موجزا عن علم الكون البطليموسي وصحح المجسطي لبطليموس استنادا إلى نتائج توصل إليها علماء الفلك الفرس سابقا. أعطى الفرغاني قيما مراجعة لالتواء مسير الشمس والحركة البدارية لقبا الشمس والقمر ومحيط الأرض. تداول الناس هذه الكتب في العالم الإسلامي وترجمت إلى اللاتينية[41]. ألف محمد بن جابر بن سنان البتاني (853-929) جداول مطورة لمدارات الشمس والقمر احتوت على اكتشافه الكبير بأن منحى شذوذ مدار الشمس كما سجله بطليموس متغير[42]. من بين أمور أخرى قام بها، عمل على حساب وقت أول ظهور للهلال بعد القمر الجديد وقياس طول السنة الشمسية والسنة الفلكية وتوقع الخسوف والتزيح[43]. في نفس الوقت، قام يحيى بن أبي المنصور بملاحظات وتجارب واسعة وكتب الزيج الممتهن حيث راجع فيه أبعاد المجسطي[44]. كتاب صور الكواكب الثمانية والأربعين للصوفي الواصف لأكثر من ألف نجمة بالتفصيل وأول من أعطى مواصفات مجرة المرأة المسلسلة وسحابة ماجلان الكبرى. الكوكبة التي تظهر في الصورة هي كوكبة برج الرامي. في القرن العاشر، قام عبد الرحمن بن عمر الصوفي برصد النجوم وأعطى وصفا لمواقعها ومقاديرها ودرجة سطوعها وألونها ورسومها في كوكباتها في كتابه صور الكواكب الثمانية والأربعين (964). قدم أيضا أول وصف ورسم لسحابة صغيرة تعرف اليوم باسم مجرة المرأة المسلسلة حيث ذكر أنها رابطة أمام فم السمكة الكبيرة وهي اسم كوكبة عربية. كانت هذه السحابة معروفة لدى فلكيي أصفهان من قبل في حوالي 905 ب.م[45]. وذكر أيضا عبد الرحمن لأول مرة سحابة ماجلان الكبرى[46][47]. رصد ابن يونس أكثر من 10000 مدخل لمواقع الشمس لعدة أعوام مستعملا أسطرلابا كبيرا بلغ قطره حوالي 1.4 متر. بقيت ملاحظاته لخسوف القمر مستعملة لقرون حتى عندما تحرى سيمون نيوكومب عن حركة القمر أما ملاحظاته الأخرى فألهمت بيير لابلاس في نظريتي إعوجاج مسير الشمس وعدم المساواة بين المشتري وزحل[48]. حسب الخجندي بدقة الميل المحوري ووجد أنه يساوي 23°32'19" (23.53°)[49]. في 1006 رصد الفلكي المصري علي بن رضوان س ن 1006 أكثر المستعرات العظمى الملاحظة سطوعا في التاريخ وترك وصفا مفصلا للنجم المؤقت حيث قال أن الجسم أكبر بحوالي ضعفين إلى ثلاثة أضعاف من قرص الزهرة وله ربع سطوع القمر وأنه منخفض في الأفق الجنوبي. أيد رهبان دير البنيديكتين في سانت غال ملاحظات علي بن رضوان وتوافقوا معه في الحجم والموقع في السماء. النماذج شمسية المركز الأولى : طور الفلكي البابلي، سلوقس السلوقي نظرية مركزية الشمس لأرسطرخس الساموسي في القرن الثاني ق.م وكتب كتاب ترجم إلى العربية. لم يتبق من الكتاب غير صفحة مترجمة إلى العربية ذكرها الفيلسوف الفارسي أبو بكر الرازي (865-925)[50]. في أواخر القرن التاسع أنجز أبو معشر جعفر بن محمد بن عمر البلخي نظاما للكواكب قد فسره البعض كنظام شمسي المركز. ويرجع ذلك إلى ثورته على نظرية مركزية الأرض لصالح نظرية الكواكب المدارية وهي النظرية الوحيدة التي تذكر نظرية مركزية الشمس. لم يصمد عمله حول نظرية الكواكب لكن حفظت البيانات الفلكية التي توصل إليها في أعمال الهاشمي والبيروني والسجزي[51]. في بداية القرن الحادي عشر، التقى أبو الريحان البيروني عدة علماء هنود آمنوا بنظرية مركزية الشمس. ناقش البيروني نظريات دوران الأرض التي دعمها براهماغوبتا وفلكيون هنود كثر في تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة وفي القانون المسعودي كتب أن أتباع أريابهاتا عينوا أول حركة من الشرق إلى الغرب نحو الأرض، والحركة الثانية من الغرب إلى الشرق نحو النجوم الثابتة. كتب البيروني أيضا أن السجزي اعتقد أن الأرض تتحرك واخترع أسطرلابا مبنيا على هذه الفكرة سماه الزورقي[52]: «وقد رأيت لأبي سعيد السجزي اسطرلاباً من نوع واحد بسيط غير مركب من شمالي وجنوبي، سماه الزورقي، فاستحسنته جداً لاختراعه إياه على أصل قائم بذاته، مستخرج مما يعتقده بعض الناس من أن الحركة الكلية المرئية الشرقية هي للأرض دون الفلك. ولعمري هي شبهة عسرة التحليل صعبة المحق، ليس للمعوّلين على الخطوط المساحية من نقضها شيء، أعني بهم المهندسين وعلماء الهيئة، على أن الحركة الكلية سواء كانت للأرض أو كانت للسماء، فإنها في كلتا الحالتين غير قادحة في صناعتهم، بل إن أمكن نقض هذا الاعتقاد وتحليل هذه الشبهة فذلك موكول إلى الطبيعيين من الفلاسفة.» – في كتاب الاستيعاب. في كتابه تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة يشير البيروني إلى عمله في تفنيذ نظرية مركزية الشمس، مفتاح علم الهيئة، والذي هو الآن مفقود[52]: «ثم ليست حركة الارض دورا بقادحة في علم الهيئة شيئا بل تطرد أمورها معها على سواه، وانما تستحيل من جهات اخر ولذلك صارت أعسر الشكوك في هذا الباب تحليلا، وقد أكثر الفضلاء من المحدثين بعد القدماء الخوض فيها وفي نفيها، ونظن أنا قد أربينا عليهم في المعنى لا الكلام في كتاب مفتاح علم الهيئة.» علم الكونيات: بخلاف الفلاسفة اليونان الذين اعتقدوا أن الكون موجود منذ الأبد، طور الإلاهيون والفلاسفة الوسيطيون مفهوم يقر ببداية للكون وبذلك له ماض نهائي (انظر نهائية مؤقتة). كان هذا المفهوم قائما على نظرية الخلق التي تتحد فيها الديانات الإبراهيمية: اليهودية والمسيحية والإسلام. كان الفيلسوف المسيحي جون فيلوبونوس أول من قدم حجة ضد مفهوم أبدية ماض الكون اليوناني واعتمدت حججه من قبل العديد من الفلاسفة وأبرزهم الفيلسوف المسلم الكندي والفيلسوف اليهودي سعيد بن يوسف والفقيه الغزالي. استعمل هؤلاء حجتين فقهيتين ضد الماضي الأبدي أولاهما استحالة وجود فعلي لانهائي والتي تنص على[53]: "لا يمكن لوجود لانهائي فعلي الوجود." "التراجع اللانهائي الزمني للأحداث هو وجود فعلي لانهائي." ".•.لا يمكن لتراجع لانهائي زمني الوجود." وثاني الحجتين هي استحالة إتمام وجود فعلي لانهائي بزيادة متعاقبة وتنص على[53]: "لا يمكن إتمام وجود فعلي لانهائي بزيادة متعاقبة." "أتممت سلسلة الأحداث الزمنية الماضية بزيادة المتعاقبة." ".•.لا يمكن لسلسلة الأحداث الزمنية الماضية أن تكون وجودا فعليا لانهائيا." اعتمدت كلتا الحجتين من قبل الفلاسفة وعلماء اللاهوت المسيحيين وأصبحت الحجة الثانية أكثر شهرة بعد أن اعتمدها إيمانويل كانت في أطروحته للتناقض الأول حول الزمن[53]. علم الكونيات الفيزيائية وعلم الفلك الحركي والملاحظات الفلكية: كانت مئذنة الجامعة المستنصرية ببغداد والتي تظهر في خلفية الصورة تستعمل لأغراض فلكية. في القرن التاسع، قام الأخ الأكبر من بني موسى وهو أبو جعفر محمد بن موسى بن شاكر بإسهامات مهمة في الفيزياء الفلكية والميكانيكا السماوية وكان أول من اقترح أن الأجرام والفلكات السماوية تخضع لنفس القوانين الفيزيائية التي تخضع لها الأرض عكس المعتقد السائد في ذلك الوقت بأن الفلكات السماوية لها قوانينها الخاصة المتحكمة فيها[54]. في القرن العاشر، استحدث محمد بن جابر بن سنان البتاني (853-929) فكرة تجريب الملاحظات السابقة بطرق جديدة[55]. أدى ذلك إلى استخدام علماء الفلك المسلمين الملاحظات والتقنيات التجريبية بكثرة ابتداء من القرن الحادي عشر[56]. في أوائل القرن الحادي عشر، كتب ابن الهيثم مقالة في ضوء القمر قبل 1021 التي كانت أول محاولة ناجحة في الجمع بين علم الفلك الرياضي والفيزياء وأول محاولة لتطبيق أسلوب المنهج التجريبي في علم الفلك والفيزياء الفلكية. دحض الرأي المعترف به عالميا أن القمر يعكس ضوء الشمس مثل المرآة، وخلص إلى أن الضوء ينبعث من أجزاء سطح القمر التي يصلها ضوء الشمس ولإثبات رأيه أن الضوء ينبعث من كل نقطة من سطح القمر المضاء بنى جهازا تجريبيا عبقريا. صاغ ابن الهيثم مفهوما واضحا للعلاقة بين النموذج المثالي الرياضي والظواهر الملاحظة المعقدة وخصوصا كان أول من قام باستخدام منهجي لتغيير الظروف التجريبية بطريقة ثابتة وموحدة في تجربة تبين أن شدة بقعة ضوء تشكلت عن القمراء تمر من بؤرتين على شاشة تقل باستمرار كلما أغلقنا إحدى البؤرتين[57]. كان ابن الهيثم أيضا أول من اكتشف أن الفلكات السماوية لا تتكون من مادة صلبة وأن السماوات أقل كثافة من الهواء وذلك في كتابه المناظر (1021). كرر ويتيلو نفس آراء ابن الهيثم وكان لها تأثير كبير على منظومتي كوبرنيكوس وتيخو للفلك[58]. فند ابن الهيثم نظرة أرسطو لمجرة درب التبانة الذي اعتقد أن المجرة نتجت عن اشتعال زفير بعض النجوم التي كانت كبيرة ومتعددة وقريبة من بعضها البعض وأن الاشتعال يحدث في الجزء العلوي من الغلاف الجوي، في المنطقة التي الحركات السماوية مستمرة بها[59]. وقد اعتمد في ذلك على أول محاولة لرصد وقياس تخاطل درب التبانة[60] وبالتالي حدد ذلك لأنه لم يكن لدرب التبانة تخاطل، وكانت بعيدة جدا عن الأرض ولا تنتمي إلى الغلاف الجوي[61]. في القرن الحادي عشر أيضا، استحدث أبو الريحان البيروني المنهج التجريبي في علم الفلك وكان أول من قاد أبحاثا تجريبية متعلقة بظواهر فلكية[62]. اكتشف البيروني أيضا أن مجرة درب التبانة هي عبارة عن مجموعة من النجوم السديمة[63]. في أفغانستان، رصد ووصف كسوف الشمس في 8 أبريل 1019 وخسوف القمر في سبتمبر 1019 بالتفصيل وأعطى دائرة عرض النجوم خلال الخسوف[62]. 1025-1450[عدل] خلال هذه الفترة، بزغ نظام إسلامي خاص في علم الفلك. كان الفصل بين الرياضيات الفلكية (كما صاغها بطليموس) وفلسفة الكون (كما صاغها أرسطو) عادة موروثة عن اليونان. طور العلماء المسلمون نظاما يسعى لمعرفة التكوين الحقيقي المادي للكون (علم الهيئة) ويجمع بين مبادئ الرياضيات والفيزياء. في إطار علم الهيئة، تسائل الفلكيون المسلمون حول التفاصيل التقنية لنظام بطليموس للفلك[64]. جل هذه الانتقادات تابعت بارادايم بطليموس الفلكي وبقيت في إطار نظرية مركزية الأرض[65] وكما قال مؤرخ الفلك عبد الحميد صبرا: «جميع الفلكيين المسلمين من ثابت بن قرة في القرن التاسع إلى ابن الشاطر في القرن الرابع عشر وكل الفلاسفة الطبيعيين من الكندي إلى ابن رشد ومن لحقهم قبلوا بما أسماه كوهن نظرية كون الفلكتين... كانت النظرة اليونانية للعالم أنه يتكون من فلكتين الأولى هي الفلكة السماوية التي تتكون من عنصر خاص وهو الأثير وتتوسطها الفلكة الثانية التي تتكون من العناصر التقليدية الأربعة الأرض والماء والهواء والنار[66].» رغم ذلك ناقش بعض الفلكيين المسلمين، كأبي الريحان البيروني ونصير الدين الطوسي، إذا كانت الأرض تتحرك وتأثير ذلك على الحسابات الفلكية والنظم الفيزيائية القائمة[67]. أما من ناحية أخرى طور علماء مدرسة مراغة للفلك نماذج لكواكب تتعارض والنماذج البطليموسية في إطار نظرية مركزية الأرض اعتمدها كوبرنيكوس في إطار نظرية مركزية الشمس. تفنيد التنجيم: فند عدة علماء مسلمين التنجيم منهم أبو نصر محمد الفارابي وابن الهيثم وابن سينا وأبو الريحان البيروني وابن رشد. وتنوعت أسبابهم في هذا التفنيد منها العلمية (كانت أساليب المنجمين حدسية وغير استنباطية) والدينية (صدام المنجمين مع علماء الدين)[68]. استعمل ابن قيم الجوزية (1292-1350)، في كتابه مفتاح دار السعادة، حججا استنباطية في علم الفلك لدحض ممارسات التنجيم والتنبؤ[69]. اعترف أن النجوم أكبر من الكواكب وأن عطارد هو أصغر كوكب عرفه في ذلك الوقت قائلا[70]: «فان قلتم [المنجمون] أنها لما كانت صغيرة وآثارها ضعيفة لم تصل آثارها وقواها إلي هذا العالم قيل لكم صغر الجنة لا يوجب ضعف الأثر فان عطارد أصغر الأجرام الفلكية جرما عندكم مع أن آثاره قوية وأيضا فالرأس والذنب نقطتان وهميتان واما أنتم فقد أثبتم لهما آثارا وأيضا السهام مثل سهم السعادة وسهم الغيب نقط[71].» اعترف الجوزية أيضا أن مجرة درب التبانة هي عبارة عن أجرام كوكبية صغيرة جدا مرتكزة في فلك الثوابت واستنتج بالتالي أن معرفة جميع المؤثرات الفلكية غير ممكن[70]. الفيزياء الفلكية والميكانيكا السماوية: في الفيزياء الفلكية والميكانيكا السماوية، وصف أبو الريحان البيروني جاذبية الأرض: «إن الأجسام تسقط على الأرض بسبب قوى الجذب المتمركزة فيه.» اكتشف البيروني أيضا أن التجاذب يحدث بين الأجرام والفلكات السماوية، وانتقد نظرة أرسطو إلى الأجرام بأنها لا تملك خفة أو جاذبية وحول الحركة الدوارنية بأنها خاصية فطرية للأجرام السماوية[72]. في 1121، قال عبد الرحمن الخازني في أطروحته كتاب ميزان الحكمة[73]: «لكل جسم ثقيل معروف الوزن وموضوع على مسافة معينة من مركز العالم، فإن جاذبيته الأرضية تعتمد على تأثيره عن بعد من قبل مركز العالم. لهذا السبب، تعتمد الجاذبية الأرضية للأجسام على المسافات التي تبعد بها عن مركز العالم. حيث انه كلما ازداد بعد الجسم عن مركز العالم، أصبح أكثر ثقلاً؛ وكلما اقترب من مركز العالم، أصبح أخف ثقلاً.» إذا كان الخازني أول من يقترح أن نظرية الجاذبية أو طاقة الوضع الثقالية لجسم تتغير حسب مسافته عن مركز الأرض. لم يتم اثبات هذه الظاهرة حتى القرن الثامن عشر بعد قانون الجذب العام لنيوتن[73]. أيضا في القرن الثاني عشر، شارك فخر الدين الرازي في مناظرة بين العلماء المسلمين حول اعتبار الفـِلكات السماوية أو المدارات (الفـَلك) إما حقيقية أي هيئات مادية أو مجرد دوائر في السماوات تبقى بعد مرور النجوم والكواكب عاما في الداخل وعاما في الخارج. أشار الرازي أن عدة فلكيين مسلمين اتفقوا على أنها فلكات صلبة حيث تدور النجوم بينما آخرون مثل الضحاك آثروا على اعتبارها مدارات رسمتها النجوم وليست أجساما. أما الرازي فلم يكن متيقنا من أي الرأيين يتبع الفلكات السماوية المجردة أو الملموسة وأكد على ضرورة توافقها مع الحقيقة الخارجية وأضاف أنه لا يمكن التأكد من خصائص السماوات بالديل الملاحظ أو دلائل القرآن والسنة النبوية. استنتج أن النماذج الفلكية لا تستند، بفائدتها أو سلبيتها لتنظيم السماوات، على براهين عقلانية سليمة وهكذا لا يمكن القيام بأي التزام فكري عليها بقدر ما كان وصف وشرح الحقائق السماوية هو المعني. بداية علم الهيئة: ما بين عامي 1025 و 1028، استحدث ابن الهيثم علم الهيئة وهو فرع من علم الفلك في كتابه الشكوك على بطليموس. كان علم الهيئة يبحث في استيعاب الفرضيات الرياضية على هيئة أجرام وفلكات سماوية كل جرم على حدى حول محوره -بعبارة أخرى- إيجاد وصف فيزيائي معقول حول ما يحدث في السماء[74]. كان ابن الهيثم أول من انتقد نظام بطليموس الفلكي معتمدا على أسس رصدية واستنباطية وتجريبية[75] وأول من اقترح ربط حركات مادية حقيقية بنقط ودوائر ومستقيمات رياضية وهمية مع الإبقاء على الحقيقة المادية لمركزية الأرض: طور ابن الهيثم بنية فيزيائية لنظام بطليموس في أعمال له مثل مقالة في تكوين الكون أو مقالة في هيئة العالم والذي أصبح عملا مهما في علم الهيئة[76]. وفي خلاصة الفلك، أكد على أن الأجرام السماوية تقبل القوانين العلمية[77]. النماذج البديلة الأولى: في 1030، ناقش أبو الريحان البيروني نظريات الكواكب الهندية لأريابهاتا وبراهماغوبتا وفاراهامهرا في كتابه تاريخ الهند. صرح البيروني أن براهماغوبتا وعلماء آخرون يعتبرون أن الأرض تدور حول نفسها وأضاف أن ذلك لا يشكل أي مشاكل رياضية[78]. اقترح أبو سعيد السجزي، وهو عالم عاصر البيروني، حركة دوران الأرض حول الشمس كمركز لمدارها ولم يرفض البيروني ذلك[79]. وافق البيروني على دوران الأرض حول محورها ورغم بقاءه في حياد بين نظريتي مركزية الشمس أو مركزية الأرض[80]، اعتبر الأولى مشكلة فلسفية[5]. ولاحظ البيروني أنه إذا كانت الأرض تدور حول نفسها وحول الشمس فإن ذلك لن يغير شيئا من معلماته الفلكية لأنه لن يغير دوران الأرض حول نفسها شيئا من الحسابات والمعرفة الفلكية فهي صحيحة طبقا للنظرية الأولى أو الثانية ومن هنا رأى أن حل هذه المسالة صعب[81]. في 1031، أنهى البيروني موسوعته الفلكية الموسعة كتاب القانون المسعودي[82]، حيث أورد فيه نتائجه وجداوله الفلكية وتمثيلا أرضي المركز وبوب مسافات الفلكات السماوية عن الأرض المركزية والتي حسبها بالاعتماد على مبادئ المجسطي لبطليموس[83]. قدم الكتاب الأساليب الرياضية لتحليل تسارع الكواكب وصرح فيه أن ذروة الشمس ليست البدارية. اكتشف البيروني أيضا أن المسافة بين الأرض والشمس أكبر من تقديرات بطليموس على أساس أنه تجاهل الكسوفات الحلقية. في 1070، طرح أبو عبيد الجوزجاني، تلميذ ابن سينا، تعديلا مغايرا لنظريات بطليموس في كتابه طريق الأفلاك. أشار الجوزاني في عمله إلى إشكال الإكوانت في نظام بطليموس وتوصل إلى حل له. وادعى أيضا أن أستاذه ابن سينا توصل إلى حل إشكال الإكوانت[84]. الثورة الأندلسية: فن المولدون من طليطلة في الأندلس يصور القصر في سنة 976 ب.م. جزء من لوحة السفراء للرسام هانس هولباين الصغير وتظهر فيها المقلوزة، وهي أداة اخترعها جابر بن أفلح، في أقصى يمينها. في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، ألف فلكيو الأندلس مثل مسلمة المجريطي وابن الصفار أعمالا عدة واستخدموا آلات كثيرة. وعرف لاحقا عن أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت أنه من نقل الكتب الفلكية الأندلسية الأولى إلى شمال أفريقيا حيث بقيت صامدة. انخرط تلامذتهم في التحدي الذي رفعه ابن الهيثم سابقا لتطوير بعيد عن قوانين بطليموس لتصحيح أخطاء التمثيلات مركزية الأرض[85]. احتوى الكتاب الأندلسي المجهول مؤلفه الاستدراك على بطليموس كنقد ابن الهيثم على لائحة لاعتراضات على علم الفلك البطليموسي. كان هذا بداية لثورة المدرسة الأندلسية على مبادئ بطليموس والتي سميت في بعض الأحيان الثورة الأندلسية[86]. في القرن الثاني عشر، رفض الفيلسوف ابن رشد وعالم الفلك أبو اسحق البطروجي، متأثرين بأفكار ابن طفيل، أفلاك التدوير وتباين المراكز التي استحدثها بطليموس. اعتبرا أن نظام بطليموس غير متسق مع مبادئ أرسطو الفيزيائية واقترح نظاما متراكزا للكون. فشل البطروجي في محاولته تقديم نموذج دقيق لحركة الكواكب مستعملا الفلكات المتراكزة[87] وكتب ابن رشد انتقادا لنظام بطليموس لحركة الكواكب قائلا أن تأكيد وجود فلكة تدويرية أو فلكة متباينة المركز مخالف للطبيعة وأن علم الفلك في عصرنهم ذاك لا يقدم الحقيقة ولكن يتسق فقط مع حسابات وليس مع ما هو موجود حقيقة[2]. رفض ابن رشد التباين المركزي لبطليموس ونظام بطليموس وعوضا عنه اقترح كونا متراكزا. اقترح ابن باجة أن مجرة درب التبانة مكونة من عدة نجوم لكنها تظهر صورة واحدة بسبب الانكسار الحاصل في الغلاف الجوية وذكر رصده لاقتران المشتري والمريخ في 500 هجرية (1106-1107)[59]. في طليطلة، كتب الفلكي المولدي إبراهيم بن يحيى الزرقالي (1029-1087) متعمقا في الأزياج الطليطلية. وحفظ ابن الكماد عمله وأكده ابن هيم الإشبيلي. مدرسة مراغة: للمزيد من المعلومات: مرصد مراغة و الزيج الإلخاني كانت مدرسة مراغة تقليدا فلكيا ظهر في مرصد مراغة وامتد إلى جامع دمشق ومرصد سمرقند. حاول فلكيو مراغة، كما فعل الذين سبقوهم في الأندلس، حل الإكوانت وإيجاد بدائل لنظام بطليموس. حقق فلكيو مراغة نجاحا أكثر من نظرائهم في الأندلس حيث أوجدوا بدائل للنظرية تلغي الإكوانت والتباين المركزي وكانوا أكثر دقة من نظام بطليموس في توقع مواضع الكواكب حسابيا وأفضل اتساقا مع الملاحظات الاستنباطية[88]. من أبرز هؤلاء العلماء نجد محيي الدين الأوردي (م 1266) ونصير الدين الطوسي (1201-1274) ونجم الدين القزويني الكاتبي (م 1277) وقطب الدين الشيرازي (1236-1311) وصدر الشريعة البخاري (و 1347) وابن الشاطر (1304-1375) وعلي القوشجي (و 1447) وعبد العالي البيجرندي (و 1525) وشمس الدين الخافري (و 1550)[89]. وصف بعض المؤرخين أعمال فلكيي مراغة في القرنين الثالث عشر والرابع عشر بثورة مراغة أو ثورة مدرسة مراغة أو الثورة العلمية قبل عصر النهضة. من أهم أوجه هذه الثورة هو إدراك قدرة علم الفلك على وصف الأجسام الفيزيائية بلغة رياضية ووجوب عدم بقاء علم الفلك فرضيات رياضية لأن ذلك يوثق الظاهرة فحسب. أدرك فلكيو مراغة أن نظرة أرسطو للحركة بوصفها إما خطية أو دورانية غير صحيحة كما أظهرت مزدوجة الطوسي أن الحركة الخطية يمكن إنتاجها بحركات دورانية[90]. على عكس الفلكيين الإغريق والهيلينيين، الذين لم يعنوا بالتوفيق بين مبادئ الفيزياء ومبادئ الرياضيات لنظرية الكواكب، أصر الفلكيون المسلمون على جمع الرياضيات بالعالم الحقيقي المحيط بهم[91] والتي تحولت من حقيقة مبنية على فيزياء أرسطو إلى حقيقة مبنية على الفيزياء الرياضية والاستنباطية بعد عمل ابن الشاطر. لذا تميزت ثورة مراغة بالابتعاد عن الأسس الفلسفية لكونيات أرسطو وفلك بطليموس والاتجاه نحو التركيز على الملاحظة التجريبية وترضية الفلك وبشكل عام الطبيعة كما جاء في أعمال ابن الشاطر والقوشجي والبيجرندي والخافري[92][93][94]. تمثيل ابن الشاطر لمواضع ظهور عطارد يبين تضاعف التدوير باستعمال مزدوجة الطوسي فألغى بذلك نظرية الإكوانت والتباين المركزي لبطليموس. تضمنت إنجازات مدرسة مراغة أول دليل رصدي تجريبي لدوران الأرض حول محورها وكان ورائه الطوسي والقوشجي[14] والفصل بين فلسفة الطبيعة وعلم الفلك الذي قام به ابن الشاطر والقوشجي[15] وتفنيد ابن الشاطر لنظام بطليموس على أسس تجريبية لا فلسفية[88] وتطوير نظام لا بطليموسي، من قبل ابن الشاطر أيضا، والذي كان رياضيا مطابقا لنظام كوبرنيكوس شمسي المركز[95]. كان محيي الدين الأوردي (و 1266) الأول بين علماء مراغة في تطوير نظام لا بطليموسي واقترح نظرية جديدة سماها لامة الأوردي[96]. حل نصير الدين الطوسي (1201-1274) مسائل مهمة في نظام بطليموس عبر مزدوجة الطوسي التي أوجدها كبديل لمسألة الإكوانت الفيزيائية لبطليموس[97]. ناقش تلميذ الطوسي، قطب الدين الشيرازي (1236-1311) في كتابه نهاية الإدراك في دراية الأفلاك، إمكانية مركزية الشمس. كتب القزويني الكاتبي (و 1277)، والذي عمل أيضا في مرصد مراغة، في كتابه حكمة العين داعما بحجج للنظام شمسي المركز لكنه ترك فيما بعد الفكرة[79]. أدرج ابن الشاطر الدمشقي (1304-1375)، في كتابه نهاية السؤال في تصحيح الأصول، لامة الأوردي وألغى الحاجة إلى الإيكوانت عبر استحداث فلك تدوير جديد (مزدوجة الطوسي) فابتعد عن نظام بطليموس بطريقة رياضية مماثلة لطريقة نيكولاس كوبرنيكوس في القرن السادس عشر. وعكس علماء الفلك الذين سبقوه، لم يكن ابن الشاطر متمسكا بالأسس النظرية لفلسفة الطبيعة أو لعلم كونيات أرسطو بل اهتم فقط بتطوير نظام متلائم مع الملاحظات الاستنباطية. فعلى سبيل المثال، قادت ابن الشاطر دقة ملاحظته إلى إلغاء فلك التدوير في نظام بطليموس الشمسي وكل التباينات المركزية وفلكات التدوير والإيكوانت في نظام بطليموس القمري. وبذلك أصبح نظامه أكثر ملائمة للملاحظات الاستنباطية من أي نظام سابق[88] وأصبح كذلك أول نظام يسمح بالتجريب الاستنباطي[98]. المصدر |https://ar.wikipedia.org/wiki/علم_ال...ضارة_الإسلامية
|
10 Jul 2018, 10:00 PM | #2 |
الحسني
|
رد: علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية .
أختي الفاضلة الكريمة سلطانة
نشكر لكم مشاركاتكم المباركة وجزاكم الله تعالى عن الجميع خير الجزاء |
|
10 Jul 2018, 11:01 PM | #3 | |
وسام الشرف
SULTANA
|
رد: علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية .
اقتباس:
آنرت |
|
|
17 Jul 2018, 07:19 PM | #4 |
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **
|
رد: علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية .
جزاك الله خير ..
|
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: 🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،، فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨ فهذا هو الخير ،،، 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87 🦋🍃 |
18 Jul 2018, 12:11 AM | #5 |
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا
|
رد: علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية .
جزاك الله خيراً وبارك فيك |
بالقرآن نرتقي
|
20 Jul 2018, 12:46 AM | #7 |
وسام الشرف
SULTANA
|
رد: علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية .
|
|
20 Jul 2018, 12:47 AM | #8 |
وسام الشرف
SULTANA
|
رد: علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية .
آجمعين إن شاءالله يا أهلاً وسهلاً .
|
|
20 Jul 2018, 12:48 AM | #9 |
وسام الشرف
SULTANA
|
رد: علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية .
آجمعين إن شاءالله
يا أهلاً وسهلاً . شكراً لك . |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|