اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ : عَنْ أَبِي رُقَيَّةَ تَمِيمِ بْنِ أَوْسٍ الدّارِيِّ (رضي الله عنه) أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ لِلَّهِ، وَلِكِتابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعامَّتِهِمْ». رَواهُ مُسْلِمٌ.

يُروى أنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه كتَبَ إلى ابنِه مُحَمَّدِ بنِ الحَنَفيَّةِ: (لا يكُنْ أخوك على قَطيعَتِك أقوى مِنك على صِلتِه، وعلى الإساءةِ أقوى مِنك على الإحسانِ) .


           :: وادي الجن شمال المدينة والبئر . (آخر رد :ابن الورد)       :: زعماعندو قدرة خارقة "بوهالي" خارج يداوي الناس من أمراض فالشارع العام فيها حارالأطباء (آخر رد :ابن الورد)       :: الشريف بهلول كيداوي وكيدير عمليات مستعصية وكيتحدى أطباء جميع دول العالم (آخر رد :ابن الورد)       :: 5:04 / 9:22 خطير ..عبد السلام دخانة يشرب ويستحم بالاسيد / الماء القاطع . (آخر رد :ابن الورد)       :: هَدْيِه النبي صلى الله فِي الْعِلَاجِ بِشُرْبِ الْعَسَلِ، وَالْحِجَامَةِ، وَالْكَيِّ. (آخر رد :ابن الورد)       :: استكشاف قرية الجن الفروثي وتجربة جهاز كاشف الجن والأشباح بالموجات الكهرومغناطيسية . (آخر رد :ابن الورد)       :: محمود صلاح بتصريح صادم: الجن يتعامل معنا والمنظومة التي تدير العالم تستجلب الشياطين ! (آخر رد :ابن الورد)       :: محمود صلاح يتحدث عن أسرار عبدة الشيطان :" التاروت هو أمر شيطاني "! (آخر رد :ابن الورد)       :: محمود صلاح يتحدى المنجمين : 2024 فيها لقاء مع الفضائيين وظهور وباء الزومبي ! (آخر رد :ابن الورد)       :: ماهي حقيقة مثلث برمودا ؟ ولماذا تختفي الطائرات والسفن به ؟ (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) للكتب والأبحاث العلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04 Apr 2010, 04:50 AM   #31
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الإلهي الذي أخبر به الصادق المصدق أيضا عند أولئك إذا بقي ثلث ليلهم وهكذا إلى آخر العمارة . فلو كان كما توهمه الجاهل من أنه يكون تحت العرش وتكون فوقه السماء وتحته السماء ; لكان هذا ممتنعا من وجوه كثيرة . " منها " أنه لا يكون فوق العرش قط بل لا يزال تحته " ومنها " أنه يجب على هذا التقدير أن يكون الزمان بقدر ما هو مرات كثيرة جدا ليقع كذلك " ومنها " أنه مع دوام نزوله إلى سماء هؤلاء إلى طلوع فجرهم إن أمكن مع ذلك أن يكون قد نزل على غيرهم أيضا ممن ثلث ليلهم يخالف ثلث هؤلاء في التقديم والتأخير والطول والقصر . فهذا خلاف ما تخيلوه فإنهم لا يمكنهم أن يتخيلوا نازلا كنزول العباد من يكون نازلا على سماء هؤلاء ثلث ليلهم وهو أيضا في تلك الساعة نازلا على سماء آخرين مع أنه يجب أن يتقدم على أولئك أو يتأخر عنهم أو يزيد أو يقصر . وحكي عن بعض الجهال أنه قيل له : فالسموات كيف حالها عند نزوله ؟ قال : يرفعها ثم يضعها وهو قادر على ذلك . فهؤلاء الذين يتخيلون ما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم به ربه أنه مثل صفات أجسامهم كلهم ضالون ; ثم يصيرون قسمين . " قسم " علموا أن ذلك باطل وظنوا أن هذا ظاهر النص ومدلوله وأنه لا يفهم منه معنى إلا ذلك ; فصاروا : إما أن يتأولوه تأويلا يحرفون به الكلم عن مواضعه . وإما أن يقولوا : لا يفهم منه شيء ويزعمون أن هذا " مذهب السلف " . ويقولون : إن قوله : { وما يعلم تأويله إلا الله } يدل على أن معنى المتشابه لا يعلمه إلا الله والحديث منه متشابه - كما في القرآن - وهذا من متشابه الحديث ; فيلزمهم أن يكون الرسول الذي تكلم بحديث النزول لم يدر هو ما يقول ولا ما عني بكلامه - وهو المتكلم به ابتداء . فهل يجوز لعاقل أن يظن هذا بأحد من عقلاء بني آدم فضلا عن الأنبياء فضلا عن أفضل الأولين والآخرين وأعلم الخلق وأفصح الخلق وأنصح الخلق للخلق صلى الله عليه وسلم وهم مع ذلك يدعون أنهم أهل السنة وأن هذا القول الذي يصفون به الرسول وأمته هو قول أهل السنة . ولا ريب أنهم لم يتصوروا حقيقة ما قالوه ولوازمه . ولو تصوروا ذلك لعلموا أنه يلزمهم ما هو من أقبح أقوال الكفار في الأنبياء وهم لا يرتضون مقالة من ينتقص النبي صلى الله عليه وسلم ولو تنقصه أحد لاستحلوا قتله وهم مصيبون في استحلال قتل من يقدح في الأنبياء عليهم السلام وقولهم يتضمن أعظم القدح ; لكن لم يعرفوا ذلك . ولازم القول ليس بقول فإنهم لو عرفوا أن هذا يلزمهم ما التزموه . " وقسم ثان " من الممثلين لله بخلقه لما رأوا أن قول هؤلاء منكر وأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم حق قالوا مثل تلك الجهالات : من أنه تصير فوقه سماء وتحته سماء أو أن السموات ترتفع ثم تعود ونحو ذلك مما يظهر بطلانه لمن له أدنى عقل ولب . وقد ثبت في " الصحيحين " أنه ينزل وفي لفظ : { : ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر } وفي حديث آخر : { أقرب ما يكون الرب من عبده في جوف الليل الآخر } وفي صحيح مسلم : { إن الله ينزل إلى سماء الدنيا حين يمضي ثلث الليل } وفي صحيح مسلم أيضا : { إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله إلى سماء الدنيا } فما ذكر من تقدم اختلاف الليل في البلاد يبطل قول من يظن أنه يخلو منه العرش ويصير تحت العرش أو تحت السماء . وأما " النزول " الذي لا يكون من جنس نزول أجسام العباد ; فهذا لا يمتنع أن يكون في وقت واحد لخلق كثير ويكون قدره لبعض الناس أكثر بل لا يمتنع أن يقرب إلى خلق من عباده دون بعض فيقرب إلى هذا الذي دعاه دون هذا الذي لم يدعه . وجميع ما وصف به الرب عز وجل نفسه من القرب فليس فيه ما هو عام لجميع المخلوقات كما في المعية ; فإن المعية وصف نفسه فيها بعموم وخصوص . وأما قربه مما يقرب منه فهو خاص لمن يقرب منه كالداعي والعابد وكقربه عشية عرفة ودنوه إلى السماء الدنيا لأجل الحجاج وإن كانت تلك العشية بعرفة قد تكون وسط النهار في بعض البلاد وتكون ليلا في بعض البلاد ; فإن تلك البلاد لم يدن إليها ولا إلى سمائها الدنيا وإنما دنا إلى السماء الدنيا التي على الحجاج وكذلك نزوله بالليل . وهذا كما أن حسابه لعباده يوم القيامة يحاسبهم كلهم في ساعة واحدة وكل منهم يخلو به كما يخلو الرجل بالقمر ليلة البدر فيقرره بذنوبه وذلك المحاسب لا يرى أنه يحاسب غيره . كذلك { قال أبو رزين : للنبي صلى الله عليه وسلم لما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد إلا سيخلو به ربه كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر قال : يا رسول الله كيف ؟ ونحن جميع وهو واحد فقال : سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله : هذا القمر كلكم يراه مخليا به ; فالله أكبر } . وقال رجل لابن عباس رضي الله عنه : كيف يحاسب الله العباد في ساعة واحدة ؟ قال : كما يرزقهم في ساعة واحدة . وكذلك ما ثبت في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { يقول الله : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين : فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد : { الحمد لله رب العالمين } قال الله : حمدني عبدي فإذا قال العبد : { الرحمن الرحيم } ; قال الله : أثنى علي عبدي فإذا قال العبد : { مالك يوم الدين } ; قال الله : مجدني عبدي فإذا قال العبد : { إياك نعبد وإياك نستعين } ; قال : هذه بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال : { اهدنا الصراط المستقيم } { صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } ; قال : هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل } . فهذا يقوله سبحانه وتعالى : لكل مصل قرأ الفاتحة فلو صلى الرجل ما صلى من الركعات قيل له ذلك وفي تلك الساعة يصلي من يقرأ الفاتحة من لا يحصي عدده إلا الله وكل واحد منهم يقول الله له كما يقول لهذا كما يحاسبهم كذلك فيقول لكل واحد ما يقول له من القول في ساعة واحدة وكذلك سمعه لكلامهم يسمع كلامهم كله مع اختلاف لغاتهم وتفنن حاجاتهم ; يسمع دعاءهم سمع إجابة ويسمع كل ما يقولونه سمع علم وإحاطة لا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ولا يتبرم بإلحاح الملحين فإنه سبحانه هو الذي خلق هذا كله وهو الذي يرزق هذا كله وهو الذي يوصل الغذاء إلى كل جزء من البدن على مقداره وصفته المناسبة له وكذلك من الزرع . وكرسيه قد وسع السموات والأرض ولا يئوده حفظهما فإذا كان لا يئوده خلقه ورزقه على هذه التفاصيل فكيف يئوده العلم بذلك أو سمع كلامهم أو رؤية أفعالهم أو إجابة دعائهم سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون } وهذه الآية مما تبين خطأ هؤلاء فإنه سبحانه وتعالى قال : { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون } وقد ثبت في " الصحيحين " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { يقبض الله الأرض ويطوي السموات بيمينه ويقول أنا



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 04:51 AM   #32
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الملك أنا الملك أين ملوك الأرض } . وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أبلغ من ذلك والسياق لمسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { يطوي الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون } ؟ رواه عن أبي بكر بن أبي شيبة ورواه عثمان بن أبي شيبة قال : { يطوي الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرضين ثم يأخذهن بشماله فيقول : أنا الملك أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ } . وفي حديث عبد الله بن مقسم { عن عبد الله بن عمر قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول : يأخذ الجبار سمواته وأرضه - وقبض بيده وجعل يقبضها ويبسطها - ويقول : أنا الرحمن أنا الملك أنا القدوس أنا السلام أنا المؤمن أنا المهيمن أنا العزيز أنا الجبار أنا المتكبر أنا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئا أنا الذي أعيدها أين الجبارون أين المتكبرون ؟ ويتميل رسول الله على يمينه وعلى شماله حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني أقول أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ } رواه ابن منده وابن خزيمة وعثمان بن سعيد الدارمي وسعيد بن منصور وغيرهم من الأئمة الحفاظ النقاد الجهابذة . فإذا كان سبحانه يطوي السموات كلها بيمينه وهذا قدرها عنده - كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم وهو سبحانه بين لنا من عظمته بقدر ما نعقله كما قال عبد العزيز الماجشون : والله ما دلهم على عظيم ما وصف من نفسه وما تحيط به قبضته إلا صغر نظيرها منهم عندهم - إن ذلك الذي ألقى في روعهم وخلق على معرفته قلوبهم . وقد قال تعالى : { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } قال ابن أبي حاتم في " تفسيره " : حدثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث ثنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه { عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله سبحانه وتعالى : { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } قال : لو أن الجن والإنس والشياطين والملائكة ; منذ خلقوا إلى أن فنوا صفوا صفا واحدا ما أحاطوا بالله أبدا } - فمن هذه عظمته كيف يحصره مخلوق من المخلوقات سماء أو غير سماء ؟ حتى يقال : إنه إذا نزل إلى السماء الدنيا صار العرش فوقه أو يصير شيء من المخلوقات يحصره ويحيط به سبحانه وتعالى . فإذا قال القائل : هو قادر على ما يشاء ; قيل : فقل : هو قادر على أن ينزل سبحانه وتعالى وهو فوق عرشه وإذا استدللت بمطلق القدرة والعظمة من غير تمييز فما كان أبلغ في القدرة والعظمة ; فهو أولى بأن يوصف به مما ليس كذلك ; فإن من توهم العظيم الذي لا أعظم منه يقدر على أن يصغر حتى يحيط به مخلوقه الصغير وجعل هذا من باب القدرة والعظمة ; فقوله : إنه ينزل مع بقاء عظمته وعلوه على العرش ; أبلغ في القدرة والعظمة وهو الذي فيه موافقة الشرع والعقل . وهذا كما قد يقوله طائفة " منهم أبو طالب المكي " قال : إن شاء وسعه أدنى شيء وإن شاء لم يسعه شيء وإن أراد عرفه كل شيء وإن لم يرد لم يعرفه شيء ; إن أحب وجد عند كل شيء وإن لم يحب لم يوجد عند شيء وقد جاوز الحد والمعيار وسبق القيل والأقدار ذو صفات لا تحصى ; وقدر لا يتناهى ; ليس محبوسا في صورة ولا موقوفا بصفة ولا محكوما عليه بكلم ولا يتجلى بوصف مرتين ولا يظهر في صورة لاثنين ; ولا يرد منه بمعنى واحد كلمتان ; بل لكل تجل منه صورة ولكل عبد عند ظهوره صفة وعن كل نظرة كلام ; وبكل كلمة إفهام ولا نهاية لتجليه ; ولا غاية لأوصافه . قلت : أبو طالب رحمه الله هو وأصحابه " السالمية " أتباع الشيخ أبي الحسن بن سالم صاحب سهل بن عبد الله التستري - لهم من المعرفة والعبادة والزهد واتباع السنة والجماعة في عامة المسائل المشهورة لأهل السنة ما هم معروفون به وهم منتسبون إلى إمامين عظيمين في السنة : الإمام أحمد بن حنبل وسهل بن عبد الله التستري ومنهم من تفقه على مذهب مالك بن أنس كبيت الشيخ أبي محمد وغيرهم وفيهم من هو على مذهب الشافعي . فالذين ينتسبون إليهم أو يعظمونهم ويقصدون متابعتهم أئمة هدى رضوان الله عليهم أجمعين . وهم في ذلك كأمثالهم من أهل السنة والجماعة . وقل طائفة من المتأخرين إلا وقع في كلامها نوع غلط لكثرة ما وقع من شبه أهل البدع ; ولهذا يوجد في كثير من المصنفات في أصول الفقه وأصول الدين والفقه والزهد والتفسير والحديث ; من يذكر في الأصل العظيم عدة أقوال ويحكي من مقالات الناس ألوانا والقول الذي بعث الله به رسوله لا يذكره ; لعدم علمه به لا لكراهته لما عليه الرسول . وهؤلاء وقع في كلامهم أشياء أنكروا بعض ما وقع من كلام أبي طالب في الصفات - من نحو الحلول وغيره - أنكرها عليهم أئمة العلم والدين ونسبوهم إلى الحلول من أجلها ; ولهذا تكلم أبو القاسم بن عساكر في أبي علي الأهوازي لما صنف هذا مثالب أبي الحسن الأشعري وهذا مناقبه وكان أبو علي الأهوازي من السالمية فنسبهم طائفة إلى الحلول . والقاضي أبو يعلى له كتاب صنفه في الرد على السالمية . وهم فيما ينازعهم المنازعون فيه - كالقاضي أبي يعلى وغيره وكأصحاب الأشعري وغيرهم من ينازعهم - من جنس تنازع الناس تارة يرد عليهم حق وباطل ; وتارة يرد عليهم حق من حقهم وتارة يرد باطل بباطل وتارة يرد باطل بحق . وكذلك ذكر الخطيب البغدادي في " تاريخه " أن جماعة من العلماء أنكروا بعض ما وقع في كلام أبي طالب في الصفات . وما وقع في كلام أبي طالب من الحلول سرى بعضه إلى غيره من الشيوخ الذين أخذوا عنه كأبي الحكم بن برجان ونحوه . وأما أبو إسماعيل الأنصاري صاحب " منازل السائرين " فليس في كلامه شيء من الحلول العام لكن في كلامه شيء من الحلول الخاص في حق العبد العارف الواصل إلى ما سماه هو : " مقام التوحيد " وقد باح منه بما لم يبح به أبو طالب لكن كنى عنه . وأما " الحلول العام " ففي كلام أبي طالب قطعة كبيرة منه ; مع تبريه من لفظ الحلول فإنه ذكر كلاما كثيرا حسنا في التوحيد كقوله : عالم لا يجهل قادر لا يعجز , حي لا يموت قيوم لا يغفل حليم لا يسفه سميع بصير ملك لا يزول ملكه قديم بغير وقت آخر بغير حد كائن لم يزل إلى أن قال : وإنه أمام كل شيء ووراء كل شيء وفوق كل شيء ومع كل شيء ويسمع كل شيء وأقرب إلى كل شيء من ذلك الشيء وإنه مع ذلك غير محل للأشياء وإن الأشياء ليست محلا له وإنه على العرش استوى كيف شاء بلا تكييف ولا تشبيه وإنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وبكل شيء محيط . وذكر كلاما آخر يتعلق بالمخلوقات وإحاطة بعضها ببعض بحسب ما رآه ثم قال : والله جل جلاله وعظم شأنه هو ذات منفرد بنفسه متوحد بأوصافه بائن من جميع خلقه لا يحل الأجسام ولا تحله الأعراض ليس في ذاته سواه ولا في


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 04:52 AM   #33
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


سواه من ذاته شيء ليس في الخلق إلا الخلق ولا في الذات إلا الخالق . قلت : وهذا ينفي الحلول كما نفاه أولا .
ثم قال : ( فصل ) شهادة التوحيد ووصف توحيد الموقنين فشهادة الموقن يقينه أن الله هو الأول من كل شيء وأقرب من كل شيء فهو المعطي المانع الهادي المضل لا معطي ولا مانع ولا ضار ولا نافع إلا الله كما لا إله إلا الله ويشهد قرب الله منه ونظره إليه وقدرته عليه وحيطته به ; فسبق نظره وهمه إلى الله قبل كل شيء ويذكره في كل شيء ويخلو قلبه له من كل شيء ويرجع إليه بكل شيء ويتأله إليه دون كل شيء ويعلم أن الله أقرب إلى القلب من وريده وأقرب إلى الروح من حياته وأقرب إلى البصر من نظره وأقرب إلى اللسان من ريقه - بقرب هو وصفه لا يتقرب ولا يقرب - وأنه تعالى على العرش في ذلك كله وأنه رفيع الدرجات من الثرى ; كما هو رفيع الدرجات من العرش وأن قربه من الثرى ومن كل شيء كقربه من العرش وأن العرش غير ملاصق له بحس ولا تمكن فيه ولا يذكر فيه بوجس ولا ناظر إليه بعين ولا يحاط به فيدرك لأنه تعالى محتجب بقدرته عن جميع بريته ; ولا نصيب للعرش منه إلا كنصيب موقن عالم به ; واجد لما أوجده منه من أن الله عليه وأن العرش مطمئن به وأن الله محيط بعرشه فوق كل شيء وفوق تحت كل شيء فهو فوق الفوق تحت التحت لا يحد بتحت فيكون له فوق ; لأنه العلي الأعلى . أين كان لا يخلو من علمه وقدرته مكان . ولا يحد بمكان . ولا يفقد من مكان ولا يوجد بمكان ; فالتحت للأسفل والفوق للأعلى وهو سبحانه فوق كل فوق في العلو وفوق كل تحت في السمو : هو فوق ملائكة الثرى كما هو فوق ملائكة العرش والأماكن الممكنات ; ومكانه مشيئته ووجوده قدرته والعرش والثرى فما بينهما : هو حد للخلق الأسفل والأعلى بمنزلة خردلة في قبضته وهو أعلى من ذلك محيط بجميع ذلك كما لا يدركه العقل ولا يكيفه الوهم ولا نهاية لعلوه ولا فوق لسموه ولا بعد في دنوه . إلى أن قال : وإن الله لا يحجبه شيء عن شيء ولا يبعد عليه شيء قريب من كل شيء بوصفه وهو القدرة والدراك والأشياء مبعدة بأوصافها : وهو البعد والحجب فالبعد والإبعاد حكم مشيئته والحدود والأقطار حجب بريته . إلى أن قال : { وهو الله في السماوات وفي الأرض } { ثم استوى على العرش } { وهو معكم أين ما كنتم } غير متصل بالخلق ولا مفارق وغير مماس للكون ولا متباعد بل منفرد بنفسه متوحد بوصفه لا يزدوج إلى شيء ولا يقترن به شيء أقرب من كل شيء بقرب هو وصفه وهو محيط بكل شيء بحيطة هي نعته وهو مع كل شيء وفوق كل شيء وأمام كل شيء ووراء كل شيء ; بعلوه ودنوه وهو قربه ; فهو وراء الحول الذي هو وراء حملة العرش وهو أقرب من حبل الوريد الذي هو الروح وهو مع ذلك فوق كل شيء وهو محيط بكل شيء وليس هو تعالى في هذا مكانا لشيء ولا مكانا له شيء وليس كمثله في كل هذا شيء لا شريك له في ملكه ولا معين له في خلقه ولا نظير له في عباده ولا شبيه له في إيجاده وهو أول في آخريته بأولية هي صفته وآخر في أوليته بآخرية هي نعته وباطن في ظهوره بباطنية هي قربه وظاهر في باطنيته بظهور هو علوه ; لم يزل كذلك أولا ولا يزال كذلك آخرا ولم يزل كذلك باطنا ; ولا يزال كذلك ظاهرا . إلى أن قال : هو على عرشه بإخباره لنفسه ; فالعرش حد خلقه الأعلى وهو غير محدود بعرشه ; والعرش محتاج إلى مكان ; والرب عز وجل غير محتاج إليه ; كما قال تعالى : { الرحمن على العرش استوى } الرحمن اسم والاستواء نعته متصل بذاته والعرش خلقه منفصل عن صفاته ; ليس بمضطر إلى مكان يسعه ولا حامل يحمله . إلى أن قال : وهو لا يسعه غير مشيئته ولا يظهر إلا في أنوار صفته ولا يوجد إلا في سعة البسطة . فإذا قبض أخفى ما أبدى ; وإذا بسط أعاد ما أخفى . وكذلك جعله في كل رسم كون ; وفعله بكل اسم مكان ; ومما جل فظهر ومما دق فاستتر . لا يسعه غير مشيئته بقربه . ولا يعرف إلا بشهوده . ولا يرى إلا بنوره ; هذا لأوليائه اليوم بالغيب في القلوب ولهم ذلك عند المشاهدة بالأبصار ولا يعرف إلا بمشيئته إن شاء وسعه أدنى شيء وإن لم يشأ لم يسعه كل شيء . إن أراد عرفه كل شيء وإن لم يرد لم يعرفه شيء إن أحب وجد عند كل شيء . وإن لم يحب لم يوجد بشيء . وذكر تمام كلامه كما حكيناه من قبل . قلت : وهذا الذي ذكره من قربه وإطلاقه وأنه لا يتجلى بوصف مرتين ولا يظهر في صورة لاثنين هو حكم ما يظهر لبعض السالكين من قربه إلى قلوبهم وتجليه لقلوبهم - لا أن هذا هو وصفه في نفس الأمر وأنه كما تحصل هذه التجليات المختلفة تحصل يوم القيامة للعيون - . وهذا الموضع مما يقع الغلط فيه لكثير من السالكين ; يشهدون أشياء بقلوبهم فيظنون أنها موجودة في الخارج هكذا حتى إن فيهم خلقا منهم من المتقدمين والمتأخرين يظنون أنهم يرون الله بعيونهم ; لما يغلب على قلوبهم من المعرفة والذكر والمحبة يغيب بشهوده فيما حصل لقلوبهم ويحصل لهم فناء واصطلام فيظنون أن هذا هو أمر مشهود بعيونهم ولا يكون ذلك إلا في القلب ولهذا ظن كثير منهم أنه يرى الله بعينه في الدنيا .
وهذا مما وقع لجماعة من المتقدمين والمتأخرين وهو غلط محض حتى أورث مما يدعيه هؤلاء شكا عند أهل النظر والكلام الذين يجوزون رؤية الله في الجملة وليس لهم من المعرفة بالسنة ما يعرفون به هل يقع في الدنيا أو لا يقع ؟ فمنهم من يذكر في وقوعها في الدنيا قولين ومنهم من يقول يجوز ذلك . وهذا كله ضلال فإن أئمة السنة والجماعة متفقون على أن الله لا يراه أحد بعينه في الدنيا ولم يتنازعوا إلا في نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة . وقد روي نفي رؤيتنا له في الدنيا عن النبي صلى الله عليه وسلم من عدة أوجه : منها ما رواه مسلم في " صحيحه { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما ذكر الدجال قال : واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت } وموسى بن عمران عليه السلام قد سأل الرؤية فذكر الله سبحانه قوله : { لن تراني } وما أصاب موسى من الصعق . وهؤلاء : منهم من يقول : إن موسى رآه وإن الجبل كان حجابه فلما جعل الجبل دكا رآه وهذا يوجد في كلام أبي طالب ونحوه . ومنهم من يجعل الرائي هو المرئي ; فهو الله فيذكرون اتحادا وأنه أفنى موسى عن نفسه حتى كان الرائي هو المرئي فما رآه عندهم موسى بل رأى نفسه بنفسه وهذا يدعونه لأنفسهم . والاتحاد والحلول باطل . وعلى قول من يقول به إنما هذا في الباطن والقلب ; لا في الظاهر ; فإن غاية ذلك ما تقوله النصارى في المسيح ولم يقولوا إن أحدا رأى اللاهوت الباطن المتدرع بالناسوت . وهذا الغلط يقع كثيرا في السالكين . يقع لهم أشياء في بواطنهم فيظنونها في الخارج ; في ذلك بمنزلة الغالطين من نظار المتفلسفة ونحوهم ; حيث يتصورون أشياء بعقولهم كالكليات والمجردات ونحو ذلك


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 04:52 AM   #34
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


فيظنونها ثابتة في الخارج وإنما هي في نفوسهم ; ولهذا يقول أبو القاسم السهيلي وغيره : نعوذ بالله من قياس فلسفي وخيال صوفي . ولهذا يوجد التناقض الكثير في كلام هؤلاء وهؤلاء . وأما الذين جمعوا الآراء الفلسفية الفاسدة والخيالات الصوفية الكاسدة كابن عربي وأمثاله ; فهم من أضل أهل الأرض . ولهذا كان الجنيد رضي الله عنه سيد الطائفة إمام هدى فكان قد عرف ما يعرض لبعض السالكين فلما سئل عن التوحيد قال : التوحيد إفراد الحدوث عن القدم . فبين أنه يميز المحدث عن القديم تحذيرا عن الحلول والاتحاد . فجاءت الملاحدة كابن عربي ونحوه فأنكروا هذا الكلام على الجنيد ; لأنه يبطل مذهبهم الفاسد . والجنيد وأمثاله أئمة هدى ومن خالفه في ذلك فهو ضال . وكذلك غير الجنيد من الشيوخ تكلموا فيما يعرض للسالكين وفيما يرونه في قلوبهم من الأنوار وغير ذلك ; وحذروهم أن يظنوا أن ذلك هو ذات الله تعالى . وقد خطب عروة بن الزبير من عبد الله بن عمر ابنته وهو في الطواف ; فقال : أتحدثني في النساء ونحن نتراءى الله في طوافنا فهذا كله وما أشبهه لم يريدوا به أن القلب ترفع جميع الحجب بينه وبين الله حتى تكافح الروح ذات الله كما يرى هو نفسه ; فإن هذا لا يمكن لأحد في الدنيا ومن جوز ذلك إنما جوزه للنبي صلى الله عليه وسلم كقول ابن عباس : رأى محمد ربه بفؤاده مرتين ولكن هذا التجلي يحصل بوسائط بحسب إيمان العبد ومعرفته وحبه ; ولهذا تتنوع أحوال الناس في ذلك كما تتنوع رؤيتهم لله تعالى في المنام فيراه كل إنسان بحسب إيمانه ويرى في صور متنوعة . فهذا الذي قاله أبو طالب وهؤلاء : إذا قيل مثله فيما يحصل في القلوب كان مقاربا مع أن في بعض ذلك نظرا . وإما أن يقال : إن الرب تعالى في نفسه هو كذلك فليس الأمر كذلك .
أما قوله : أقرب إلى الروح من حياته وأقرب إلى البصر من نظره وإلى اللسان من ريقه بقرب هو وصفه . . . وقوله : أقرب من حبل الوريد . . . فهذا ليس في كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قاله أحد من السلف : لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان ولا الأئمة الأربعة وأمثالهم من أئمة المسلمين ولا الشيوخ المقتدى بهم من شيوخ المعرفة والتصوف . وليس في القرآن وصف الرب تعالى بالقرب من كل شيء أصلا بل قربه الذي في القرآن خاص لا عام ; كقوله تعالى : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } فهو سبحانه قريب ممن دعاه . وكذلك ما في " الصحيحين " { عن أبي موسى الأشعري أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير ; فقال : يا أيها الناس ; اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريبا إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته } فقال : " إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم " لم يقل إنه قريب إلى كل موجود وكذلك قول صالح عليه السلام { فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب } هو كقول شعيب { واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود } ومعلوم أن قوله { قريب مجيب } مقرون بالتوبة والاستغفار أراد به قريب مجيب لاستغفار المستغفرين التائبين إليه كما أنه رحيم ودود بهم وقد قرن القريب بالمجيب . ومعلوم أنه لا يقال إنه مجيب لكل موجود وإنما الإجابة لمن سأله ودعاه فكذلك قربه سبحانه وتعالى . وأسماء الله المطلقة كاسمه : السميع والبصير والغفور والشكور والمجيب والقريب لا يجب أن تتعلق بكل موجود ; بل يتعلق كل اسم بما يناسبه واسمه العليم لما كان كل شيء يصلح أن يكون معلوما تعلق بكل شيء . وأما قوله تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } { إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد } { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } وقوله : { فلولا إذا بلغت الحلقوم } { وأنتم حينئذ تنظرون } { ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون } ; فالمراد به قربه إليه بالملائكة وهذا هو المعروف عن المفسرين المتقدمين من السلف قالوا : ملك الموت أدنى إليه من أهله ولكن لا تبصرون الملائكة وقد قال طائفة : { ونحن أقرب إليه } بالعلم وقال بعضهم : بالعلم والقدرة ولفظ بعضهم بالقدرة والرؤية . وهذه الأقوال ضعيفة فإنه ليس في الكتاب والسنة وصفه بقرب عام من كل موجود حتى يحتاجوا أن يقولوا بالعلم والقدرة والرؤية ; ولكن بعض الناس لما ظنوا أنه يوصف بالقرب من كل شيء تأولوا ذلك بأنه عالم بكل شيء قادر على كل شيء . وكأنهم ظنوا أن لفظ " القرب " مثل لفظ " المعية " فإن لفظ المعية في سورة الحديد والمجادلة في قوله تعالى : { هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير } وقوله تعالى : { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة } . وقد ثبت عن السلف أنهم قالوا : هو معهم بعلمه . وقد ذكر ابن عبد البر وغيره أن هذا إجماع من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولم يخالفهم فيه أحد يعتد بقوله وهو مأثور عن ابن عباس والضحاك ومقاتل بن حيان وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وغيرهم . قال ابن أبي حاتم في " تفسيره " حدثنا أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن معمر عن نوح بن ميمون المضروب عن بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : { وهو معكم أين ما كنتم } قال هو على العرش وعلمه معهم . قال : وروي عن سفيان الثوري أنه قال : علمه معهم . وقال : حدثنا أبي قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا نوح بن ميمون المضروب ثنا بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن الضحاك بن مزاحم ; في قوله : { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم } إلى قوله { أين ما كانوا } قال : هو على العرش وعلمه معهم . ورواه بإسناد آخر عن مقاتل بن حيان هذا وهو ثقة في التفسير ليس بمجروح كما جرح مقاتل بن سليمان . وقال عبد الله بن أحمد : ثنا أبي ثنا نوح بن ميمون المضروب عن بكير بن معروف ثنا أبو معاوية عن مقاتل بن حيان عن الضحاك في قوله تعالى : { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا } قال : هو على العرش وعلمه معهم . وقال علي بن الحسن بن شقيق : حدثنا عبد الله بن موسى صاحب عبادة ثنا معدان - قال ابن المبارك : إن كان أحد بخراسان من الأبدال فمعدان - قال : سألت سفيان الثوري عن قوله { وهو معكم أين ما كنتم } ; قال : علمه . وقال حنبل بن إسحاق في كتاب " السنة " : قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : ما معنى قوله تعالى { وهو معكم أين ما كنتم } و { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم } إلى قوله تعالى { إلا هو معهم أين ما كانوا } قال : علمه عالم الغيب والشهادة محيط بكل شيء شاهد . علام


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 04:53 AM   #35
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الغيوب يعلم الغيب ربنا على العرش بلا حد ولا صفة وسع كرسيه السموات والأرض . وقد بسط الإمام أحمد الكلام على معنى المعية في " الرد على الجهمية " . ولفظ المعية في كتاب الله جاء عاما كما في هاتين الآيتين وجاء خاصا كما في قوله : { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } وقوله : { إنني معكما أسمع وأرى } وقوله : { لا تحزن إن الله معنا } . فلو كان المراد أنه بذاته مع كل شيء ; لكان التعميم يناقض التخصيص ; فإنه قد علم أن قوله : { لا تحزن إن الله معنا } أراد به تخصيصه وأبا بكر دون عدوهم من الكفار وكذلك قوله : { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } خصهم بذلك دون الظالمين والفجار . وأيضا فلفظ " المعية " ليست في لغة العرب ولا شيء من القرآن يراد بها اختلاط إحدى الذاتين بالأخرى ; كما في قوله : { محمد رسول الله والذين معه } وقوله : { فأولئك مع المؤمنين } وقوله : { اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } وقوله : { وجاهدوا معكم } . ومثل هذا كثير ; فامتنع أن يكون قوله : { وهو معكم } يدل على أن ذاته مختلطة بذوات الخلق . وأيضا فإنه افتتح الآية بالعلم وختمها بالعلم فكان السياق يدل على أنه أراد أنه عالم بهم . وقد بسط الكلام عليه في موضع آخر وبين أن لفظ المعية في اللغة - وإن اقتضى المجامعة والمصاحبة والمقارنة - فهو إذا كان مع العباد لم يناف ذلك علوه على عرشه ويكون حكم معيته في كل موطن بحسبه فمع الخلق كلهم بالعلم والقدرة والسلطان ويخص بعضهم بالإعانة والنصر والتأييد . وقد قال ابن أبي حاتم : قرأت على محمد بن الفضل . حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ثنا محمد بن مزاحم ثنا بكير بن معروف : عن مقاتل بن سليمان في قوله تعالى : { يعلم ما يلج في الأرض } من المطر { وما يخرج منها } من النبات { وما ينزل من السماء } من القطر { وما يعرج فيها } ما يصعد إلى السماء من الملائكة { وهو معكم أين ما كنتم } يعني بقدرته وسلطانه وعلمه معكم أينما كنتم . وبهذا الإسناد عن مقاتل بن سليمان قال : بلغنا والله أعلم في قوله تعالى . { هو الأول } قال قبل كل شيء { والآخر } قال : بعد كل شيء { والظاهر } قال : فوق كل شيء { والباطن } قال : أقرب من كل شيء ; وإنما نعني بالقرب بعلمه وقدرته وهو فوق عرشه { وهو بكل شيء عليم } يعلم نجواهم ويسمع كلامهم ثم ينبئهم يوم القيامة بكل شيء نطقوا به سيئ أو حسن . وهذا ليس مشهورا عن مقاتل كشهرة الأول الذي روي عنه من وجوه لم يجزم بما قاله بل قال : بلغنا وهو الذي فسر الباطن بالقريب ثم فسر القرب بالعلم والقدرة ولا حاجة إلى هذا . وقد ثبت في " الصحيح " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء } وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وأبي ذر رضي الله عنهما في تفسير هذه الأسماء وحديث " الإدلاء " ما قد بسطنا القول عليه في مسألة الإحاطة . وكذلك هذا الحديث ذكره قتادة في تفسيره ; وهو يبين أنه ليس معنى الباطن أنه القرب ولا لفظ الباطن يدل على ذلك ولا لفظ القرب في الكتاب والسنة على جهة العموم كلفظ المعية ولا لفظ القرب في اللغة والقرآن كلفظ المعية فإنه إذا قال : هذا مع هذا ; فإنه يعني به المجامعة والمقارنة والمصاحبة ولا يدل على قرب إحدى الذاتين من الأخرى ولا اختلاطها بها ; فلهذا كان إذا قيل : هو معهم ; دل على أن علمه وقدرته وسلطانه محيط بهم وهو مع ذلك فوق عرشه ; كما أخبر القرآن والسنة بهذا . وقال تعالى : { هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم } فأخبر سبحانه أنه مع علوه على عرشه يعلم كل شيء فلا يمنعه علوه عن العلم بجميع الأشياء . وكذلك في حديث " الأوعال " الذي في " السنن { قال النبي صلى الله عليه وسلم : والله فوق عرشه ويعلم ما أنتم عليه } ولم يأت في لفظ القرب مثل ذلك أنه قال : هو فوق عرشه وهو قريب من كل شيء ; بل قال : { إن رحمة الله قريب من المحسنين } وقال : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } وقال النبي صلى الله عليه وسلم { إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إن الذي تدعونه سميع قريب } . قال ابن أبي حاتم : ثنا أبي ثنا يحيى بن المغيرة ثنا جرير عن عبدة بن أبي برزة السجستاني عن الصلت بن حكيم عن أبيه عن جده قال : { جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ; فأنزل الله تعالى : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي } } . إذا أمرتهم أن يدعوني فدعوني أستجيب لهم . ولا يقال في هذا : قريب بعلمه وقدرته ; فإنه عالم بكل شيء قادر على كل شيء وهم لم يشكوا في ذلك ولم يسألوا عنه وإنما سألوا عن قربه إلى من يدعوه ويناجيه ; ولهذا قال تعالى : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } فأخبر أنه قريب مجيب . وطائفة من أهل السنة تفسر " القرب " في الآية والحديث بالعلم ; لكونه هو المقصود فإنه إذا كان يعلم ويسمع دعاء الداعي حصل مقصوده وهذا هو الذي اقتضى أن يقول من يقول : إنه قريب من كل شيء بمعنى العلم والقدرة ; فإن هذا قد قاله بعض السلف كما تقدم عن مقاتل بن حيان وكثير من الخلف ; لكن لم يقل أحد منهم إن نفس ذاته قريبة من كل شيء . وهذا المعنى يقر به جميع المسلمين ; من يقول : إنه فوق العرش ومن يقول إنه ليس فوق العرش . وقد ذكر ابن أبي حاتم بإسناده عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون قال : { الرحمن على العرش استوى } يعلم وهو كذلك ما توسوس به أنفسنا منا ; وهو بذلك أقرب إلينا من حبل الوريد وكيف لا يكون كذلك وهو أعلم بما توسوس به أنفسنا منا فكيف بحبل الوريد وكذلك قال أبو عمرو الطلمنكي قال : ومن سأل عن قوله : { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } فاعلم أن ذلك كله على معنى العلم به والقدرة عليه والدليل من ذلك صدر الآية ; فقال الله تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } لأن الله لما كان عالما بوسوسته ; كان أقرب إليه من حبل الوريد وحبل الوريد لا يعلم ما توسوس به النفس . ويلزم الملحد على اعتقاده أن يكون معبوده مخالطا لدم الإنسان ولحمه وأن لا يجرد الإنسان تسمية المخلوق حتى يقول : خالق ومخلوق لأن معبوده بزعمه داخل حبل الوريد من الإنسان وخارجه فهو على قوله ممتزج به غير مباين له . قال : وقد أجمع المسلمون من أهل السنة على أن الله على عرشه بائن من جميع خلقه وتعالى الله عن قول أهل الزيغ وعما يقول الظالمون علوا كبيرا . قال : وكذلك الجواب في قوله فيمن يحضره الموت { ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون }


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 04:54 AM   #36
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


أي بالعلم به والقدرة عليه إذ لا يقدرون له على حيلة ولا يدفعون عنه الموت وقد قال تعالى : { توفته رسلنا وهم لا يفرطون } وقال تعالى : { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم } . قلت : وهكذا ذكر غير واحد من المفسرين مثل الثعلبي وأبي الفرج ابن الجوزي وغيرهما في قوله : { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } وأما في قوله { ونحن أقرب إليه منكم } فذكر أبو الفرج القولين : إنهم الملائكة وذكره عن أبي صالح عن ابن عباس وإنه القرب بالعلم . وهؤلاء كلهم مقصودهم أنه ليس المراد أن ذات الباري جل وعلا قريبة من وريد العبد ومن الميت ولما ظنوا أن المراد قربه وحده دون قرب الملائكة فسروا ذلك بالعلم والقدرة كما في لفظ المعية ولا حاجة إلى هذا ; فإن المراد بقوله : { ونحن أقرب إليه منكم } أي بملائكتنا في الآيتين وهذا بخلاف لفظ المعية ; فإنه لم يقل : ونحن معه بل جعل نفسه هو الذي مع العباد وأخبر أنه ينبئهم يوم القيامة بما عملوا وهو نفسه الذي خلق السموات والأرض وهو نفسه الذي استوى على العرش فلا يجعل لفظ مثل لفظ مع تفريق القرآن بينهما . وكذلك قال أبو حامد موافقا لأبي طالب المكي في بعض ما قال مخالفا له في البعض ; فإنه من نفاة علو الله نفسه على العرش وإنما المراد عنده أنه قادر عليه مستول عليه أو أنه أفضل منه . قال : وإنه مستو على العرش على الوجه الذي قاله والمعنى الذي أراده استواء منزها عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطيف قدرته مقهورون في قبضته وهو فوق العرش وفوق كل شيء إلى تخوم الثرى ; فوقيته لا تزيده قربا إلى العرش والسماء بل هو رفيع الدرجات عن العرش كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى وهو مع ذلك قريب من كل موجود وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد وهو على كل شيء شهيد إذ لا يماثل قربه قرب الأجسام كما لا تماثل ذاته ذات الأجسام وأنه لا يحل في شيء ولا يحل فيه شيء إلى أن قال : وإنه بائن بصفاته من خلقه ليس في ذاته سواه ولا في سواه ذاته . قلت : فالفوقية التي ذكرها في القدرة والاستيلاء " فوقية القدرة " وهو أنه أفضل المخلوقات " والقرب " الذي ذكره هو العلم أو هو العلم والقدرة . وثبوت علمه وقدرته واستيلائه على كل شيء هو مما اتفق عليه المسلمون وتفسير قربه بهذا قاله جماعة من العلماء لظنهم أن القرب في الآية هو قربه وحده : ففسروها بالعلم لما رأوا ذلك عاما . قالوا : هو قريب من كل موجود بمعنى العلم وهذا لا يحتاج إليه كما تقدم . وقوله : { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } لا يجوز أن يراد به مجرد العلم ; فإن من كان بالشيء أعلم من غيره لا يقال : إنه أقرب إليه من غيره لمجرد علمه به ولا لمجرد قدرته عليه . ثم إنه سبحانه وتعالى عالم بما يسر من القول وما يجهر به وعالم بأعماله ; فلا معنى لتخصيص حبل الوريد بمعنى أنه أقرب إلى العبد منه ; فإن حبل الوريد قريب إلى القلب ليس قريبا إلى قوله الظاهر وهو يعلم ظاهر الإنسان وباطنه . قال تعالى : { وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور } { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } وقال تعالى : { يعلم السر وأخفى } وقال تعالى : { ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب } وقال تعالى : { أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون } . وقال تعالى : { ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم } ومما يدل على أن القرب ليس المراد به العلم ; أنه قال تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } { إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد } فأخبر أنه يعلم ما توسوس به نفسه ثم قال : { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } فأثبت العلم ; وأثبت القرب وجعلهما شيئين فلا يجعل أحدهما هو الآخر . وقيد القرب بقوله : { إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد } { ما يلفظ من قول إلا لديه } وأما من ظن أن المراد بذلك قرب ذات الرب من حبل الوريد أو أن ذاته أقرب إلى الميت من أهله ; فهذا في غاية الضعف ; وذلك أن الذين يقولون : إنه في كل مكان أو أنه قريب من كل شيء بذاته لا يخصون بذلك شيئا دون شيء ولا يمكن مسلما أن يقول : إن الله قريب من الميت دون أهله ولا إنه قريب من حبل الوريد دون سائر الأعضاء . وكيف يصح هذا الكلام على أصلهم وهو عندهم في جميع بدن الإنسان ; أو قريب من جميع بدن الإنسان أو هو في أهل الميت كما هو في الميت ; فكيف يقول ونحن أقرب إليه منكم إذا كان معه ومعهم على وجه واحد وهل يكون أقرب إلى نفسه من نفسه وسياق الآيتين يدل على أن المراد الملائكة ; فإنه قال : { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } { إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد } { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } فقيد القرب بهذا الزمان وهو زمان تلقي المتلقيين قعيد عن اليمين وقعيد عن الشمال وهما الملكان الحافظان اللذان يكتبان كما قال : { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } . ومعلوم أنه لو كان المراد قرب ذات الرب لم يختص ذلك بهذه الحال ولم يكن لذكر القعيدين والرقيب والعتيد معنى مناسب . وكذلك قوله في الآية الأخرى : { فلولا إذا بلغت الحلقوم } { وأنتم حينئذ تنظرون } { ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون } فلو أراد قرب ذاته لم يخص ذلك بهذه الحال ولا قال : { ولكن لا تبصرون } ; فإن هذا إنما يقال إذا كان هناك من يجوز أن يبصر في بعض الأحوال ولكن نحن لا نبصره والرب تعالى لا يراه في هذه الحال ; لا الملائكة ولا البشر . وأيضا فإنه قال : { ونحن أقرب إليه منكم } ; فأخبر عمن هو أقرب إلى المحتضر من الناس الذين عنده في هذه الحال . وذات الرب سبحانه وتعالى إذا قيل : هي في مكان أو قيل : قريبة من كل موجود ; لا يختص بهذا الزمان والمكان والأحوال ; ولا يكون أقرب إلى شيء من شيء . ولا يجوز أن يراد به قرب الرب الخاص كما في قوله : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب } فإن ذاك إنما هو قربه إلى من دعاه أو عبده وهذا المحتضر قد يكون كافرا أو فاجرا أو مؤمنا أو مقربا ; ولهذا قال تعالى : { فأما إن كان من المقربين } { فروح وريحان وجنة نعيم } { وأما إن كان من أصحاب اليمين } { فسلام لك من أصحاب اليمين } { وأما إن كان من المكذبين الضالين } { فنزل من حميم } { وتصلية جحيم } ومعلوم أن مثل هذا المكذب لا يخصه الرب بقربه منه دون من حوله وقد يكون حوله قوم مؤمنون . وإنما هم الملائكة الذين يحضرون عند المؤمن والكافر كما قال تعالى : { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } وقال : { ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم } وقال : { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 04:55 AM   #37
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون } وقال تعالى : { حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون } وقال تعالى : { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون } . ومما يدل على ذلك أنه ذكره بصيغة الجمع فقال : { ونحن أقرب إليه منكم } { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } وهذا كقوله سبحانه { نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون } وقال { نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن } وقال : { إن علينا جمعه وقرآنه } { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه } { ثم إن علينا بيانه } . فإن مثل هذا اللفظ إذا ذكره الله تعالى في كتابه دل على أن المراد أنه سبحانه يفعل ذلك بجنوده وأعوانه من الملائكة ; فإن صيغة نحن يقولها المتبوع المطاع العظيم الذي له جنود يتبعون أمره وليس لأحد جند يطيعونه كطاعة الملائكة ربهم وهو خالقهم وربهم فهو سبحانه العالم بما توسوس به نفسه وملائكته تعلم ; فكان لفظ نحن هنا هو المناسب . وكذلك قوله : { ونعلم ما توسوس به نفسه } فإنه سبحانه يعلم ذلك وملائكته يعلمون ذلك كما ثبت في " الصحيحين " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا هم العبد بحسنة كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشر حسنات . وإذا هم بسيئة لم تكتب عليه فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة وإن تركها لله كتبت حسنة } . فالملك يعلم ما يهم به العبد من حسنة وسيئة وليس ذلك من علمهم بالغيب الذي اختص الله به وقد روي عن ابن عيينة أنهم يشمون رائحة طيبة فيعلمون أنه هم بحسنة ويشمون رائحة خبيثة فيعلمون أنه هم بسيئة وهم وإن شموا رائحة طيبة ورائحة خبيثة فعلمهم لا يفتقر إلى ذلك بل ما في قلب ابن آدم يعلمونه بل ويبصرونه ويسمعون وسوسة نفسه ; بل الشيطان يلتقم قلبه فإذا ذكر الله خنس وإذا غفل قلبه عن ذكره وسوس ; ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغي فيزينها له . وقد ثبت في " الصحيح " عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر صفية رضي الله عنها : { أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم } . وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم مما تواترت به الآثار سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا . وإما أن تكون ذات الرب في قلب كل أحد كافر أو مؤمن فهذا باطل لم يقله أحد من سلف الأمة ولا نطق به كتاب ولا سنة بل الكتاب والسنة وإجماع السلف مع العقل يناقض ذلك . ولهذا لما ذكر الله سبحانه قربه من داعيه وعابديه قال : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } فهنا هو نفسه سبحانه وتعالى القريب الذي يجيب دعوة الداع لا الملائكة ; وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته : { إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريبا إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته } . وذلك لأن الله سبحانه قريب من قلب الداعي فهو أقرب إليه من عنق راحلته . وقربه من قلب الداعي له معنى متفق عليه بين أهل الإثبات الذين يقولون : إن الله فوق العرش ومعنى آخر فيه نزاع . فالمعنى المتفق عليه عندهم يكون بتقريبه قلب الداعي إليه كما يقرب إليه قلب الساجد ; كما ثبت في " الصحيح " : { أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد } فالساجد يقرب الرب إليه فيدنو قلبه من ربه وإن كان بدنه على الأرض . ومتى قرب أحد الشيئين من الآخر صار الآخر إليه قريبا بالضرورة . وإن قدر أنه لم يصدر من الآخر تحرك بذاته كما أن من قرب من مكة قربت مكة منه . وقد وصف الله أنه يقرب إليه من يقربه من الملائكة والبشر فقال : { لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون } وقال : { والسابقون السابقون } { أولئك المقربون } وقال تعالى : { فأما إن كان من المقربين } { فروح وريحان وجنة نعيم } وقال تعالى : { عينا يشرب بها المقربون } وقال : { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب } وقال : { وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا } .
وأما قرب الرب قربا يقوم به بفعله القائم بنفسه فهذا تنفيه الكلابية ومن يمنع قيام الأفعال الاختيارية بذاته . وأما السلف وأئمة الحديث والسنة فلا يمنعون ذلك وكذلك كثير من أهل الكلام . فنزوله كل ليلة إلى السماء الدنيا ونزوله عشية عرفة ونحو ذلك هو من هذا الباب ; ولهذا حد النزول بأنه إلى السماء الدنيا وكذلك تكليمه لموسى عليه السلام ; فإنه لو أريد مجرد تقريب الحجاج وقوام الليل إليه لم يخص نزوله بسماء الدنيا كما لم يخص ذلك في إجابة الداعي وقرب العابدين له قال تعالى : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } . وقال : { من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا } وهذه الزيادة تكون على الوجه المتفق عليه بزيادة تقريبه للعبد إليه جزاء على تقربه باختياره . فكلما تقرب العبد باختياره قدر شبر زاده الرب قربا إليه حتى يكون كالمتقرب بذراع . فكذلك قرب الرب من قلب العابد وهو ما يحصل في قلب العبد من معرفة الرب والإيمان به وهو المثل الأعلى ; وهذا أيضا لا نزاع فيه ; وذلك أن العبد يصير محبا لما أحب الرب مبغضا لما أبغض مواليا لمن يوالي ; معاديا لمن يعادي ; فيتحد مراده مع المراد المأمور به الذي يحبه الله ويرضاه . وهذا مما يدخل في موالاة العبد لربه وموالاة الرب لعبده . فإن الولاية ضد العداوة و " الولاية " تتضمن المحبة والموافقة و " العداوة " تتضمن البغض والمخالفة . وقد ثبت في " صحيح البخاري " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { يقول الله تعالى : من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ; فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ; ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن : يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه } . فأخبر سبحانه وتعالى أنه يقرب العبد بالفرائض ولا يزال يتقرب بالنوافل حتى يحبه الله فيصير العبد محبوبا لله كما قال تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } وقال تعالى : { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه } وقال تعالى : { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } وقال تعالى : { فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين } وقال : { فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين } وقال تعالى : { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } وقال تعالى : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص } وقال تعالى : { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } وقال تعالى : { وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين } . فقد أخبر أنه يحب المتبعين لرسوله والمجاهدين في سبيله وأنه يحب المتقين والصابرين والتوابين والمتطهرين وهو سبحانه


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 04:55 AM   #38
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


يحب كل ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب . وقوله : { ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } يقتضي أنه سبحانه وجنده الموكلين بذلك يعلمون ما يوسوس به العبد نفسه كما قال : { أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون } فهو يسمع ومن يشاء من الملائكة يسمعون ومن شاء من الملائكة . وأما الكتابة فرسله يكتبون كما قال ههنا : { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } وقال تعالى : { إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم } فأخبر بالكتابة بقوله نحن ; لأن جنده يكتبون بأمره . وفصل في تلك الآية بين السماع والكتابة لأنه يسمع بنفسه وأما كتابة الأعمال فتكون بأمره والملائكة يكتبون . فقوله : { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } مثل قوله : { ونكتب ما قدموا وآثارهم } لما كانت ملائكته متقربين إلى العبد بأمره كما كانوا يكتبون عمله بأمره قال ذلك وقربه من كل أحد بتوسط الملائكة كتكليمه كل أحد بتوسط الرسل ; كما قال تعالى : { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء } . فهذا تكليمه لجميع عباده بواسطة الرسل ; وذاك قربه إليهم عند الاحتضار وعند الأقوال الباطنة في النفس والظاهرة على اللسان وقال تعالى : { وإن عليكم لحافظين } { كراما كاتبين } { يعلمون ما تفعلون } .
وقد غلط طائفة ظنوا أنه نفسه الذي يسمع منه القرآن وهو الذي يقرؤه بنفسه بلا واسطة عند قراءة كل قارئ كما غلطوا في القرب وهم طائفة من متأخري أهل الحديث ومتأخري الصوفية . ومن الناس من يفسر قول القائلين : بأنه أقرب إلى كل شيء من نفس ذلك الشيء ; بأن الأشياء معدومة من جهة أنفسها وإنما هي موجودة بخلق الرب سبحانه وتعالى لها وهي باقية بإبقائه وهو سبحانه وتعالى ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ; فلا موجود إلا بإيجاده ; ولا باق إلا بإبقائه . فلو قدر أنه لم يشأ خلقها وتكوينها لكانت باقية على العدم لا وجود لها أصلا ; فصار هو أقرب إليها من ذواتها ; فتكوين الشيء وخلقه وإيجاده هو فعل الرب سبحانه وتعالى وبه كان الشيء موجودا وكان ذاتا محققة في الخارج . والموجود دائما محتاج إلى خالقه لا يستغني عنه طرفة عين فكان موجودا بنسبته إلى خالقه ومعدوما بنسبته إلى نفسه فإنه بالنظر إلى نفسه لا يستحق إلا العدم ; فكان الرب أقرب إلى المخلوقات من المخلوقات إلى أنفسها بهذا الاعتبار . وقد يفسر بعضهم قوله تعالى : { كل شيء هالك إلا وجهه } بهذا المعنى ; فإن الأشياء كلها بالنظر إلى أنفسها عدم محض ; ونفي صرف ; وإنما هي موجودة تامة بالوجه الذي لها إلى الخالق وهو تعلقها به وبمشيئته وقدرته فباعتبار هذا الوجه كانت موجودة وبالوجه الذي يلي أنفسها لا تكون إلا معدومة . وقد يفسرون بذلك قول لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل ولا يقال : هذه المقالة صحيحة في نفسها فإنها لولا خلق الله للأشياء لم تكن موجودة ولولا إبقاؤه لها لم تكن باقية . وقد تكلم النظار في سبب افتقارها إليه هل هو الحدوث - فلا تحتاج إلا في حال الإحداث كما يقول ذلك من يقوله من الجهمية والمعتزلة ونحوهم - أو هو الإمكان الذي يظن أنه يكون بلا حدوث بل بكون الممكن المعلول قديما أزليا ويمكن افتقارها في حال البقاء بلا حدوث كما يقوله ابن سينا وطائفة ؟ . وكلا القولين خطأ كما قد بسط في موضعه وبين أن الإمكان والحدوث متلازمان كما عليه جماهير العقلاء من الأولين والآخرين حتى قدماء الفلاسفة كأرسطو وأتباعه ; فإنهم أيضا يقولون : إن كل ممكن فهو محدث وإنما خالفهم في ذلك ابن سينا وطائفة . ولهذا أنكر ذلك عليه إخوانه من الفلاسفة كابن رشد وغيره والمخلوقات مفتقرة إلى الخالق فالفقر وصف لازم لها دائما لا تزال مفتقرة إليه . والإمكان والحدوث دليلان على الافتقار ; لا أن هذين الوصفين جعلا الشيء مفتقرا بل فقر الأشياء إلى خالقها لازم لها لا يحتاج إلى علة كما أن غنى الرب لازم لذاته لا يفتقر في اتصافه بالغنى إلى علة وكذلك المخلوق لا يفتقر في اتصافه بالفقر إلى علة بل هو فقير لذاته لا تكون ذاته إلا فقيرة فقرا لازما لها ولا يستغنى إلا بالله . وهذا من معاني ( الصمد وهو الذي يفتقر إليه كل شيء ويستغني عن كل شيء . بل الأشياء مفتقرة من جهة ربوبيته ومن جهة إلهيته ; فما لا يكون به لا يكون وما لا يكون له لا يصلح ولا ينفع ولا يدوم . وهذا تحقيق قوله : { إياك نعبد وإياك نستعين } . فلو لم يخلق شيئا بمشيئته وقدرته لم يوجد شيء وكل الأعمال إن لم تكن لأجله - فيكون هو المعبود المقصود المحبوب لذاته - وإلا كانت أعمالا فاسدة ; فإن الحركات تفتقر إلى العلة الغائية كما افتقرت إلى العلة الفاعلية ; بل العلة الغائية بها صار الفاعل فاعلا ولولا ذلك لم يفعل . فلولا أنه المعبود المحبوب لذاته لم يصلح قط شيء من الأعمال والحركات بل كان العالم يفسد وهذا معنى قوله : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } ولم يقل لعدمتا ; وهذا معنى قول لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل وهو كالدعاء المأثور : { أشهد أن كل معبود من لدن عرشك إلى قرار أرضك باطل إلا وجهك الكريم } . ولفظ " الباطل " يراد به المعدوم ويراد به ما لا ينفع كقول النبي صلى الله عليه وسلم : { كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته لزوجته فإنهن من الحق } . { وقوله عن عمر رضي الله عنه : إن هذا الرجل لا يحب الباطل } ومنه قول القاسم بن محمد لما سئل عن الغناء قال : إذا ميز الله يوم القيامة الحق من الباطل في أيهما يجعل الغناء ؟ قال السائل : من الباطل ; قال : { فماذا بعد الحق إلا الضلال } . ومنه قوله تعالى : { ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل } . فإن الآلهة موجودة ولكن عبادتها ودعاؤها باطل لا ينفع ; والمقصود منها لا يحصل ; فهو باطل واعتقاد ألوهيتها باطل أي غير مطابق واتصافها بالإلهية في أنفسها باطل لا بمعنى أنه معدوم . ومنه قوله تعالى : { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق } وقوله : { وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا } فإن الكذب باطل لأنه غير مطابق وكل فعل ما لا ينفع باطل لأنه ليس له غاية موجودة محمودة . فقول النبي صلى الله عليه وسلم : { أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : - ألا كل شيء ما خلا الله باطل } هذا معناه . أن كل معبود من دون الله باطل كقوله : { ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل } وقال تعالى : { قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون } { فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون } وقد قال قبل هذا : { وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون } كما قال في الأنعام : { حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون } { ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق } وقال : { ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم } . ودخل عثمان أو غيره على ابن


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 04:56 AM   #39
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


مسعود - وهو مريض - فقال : كيف تجدك ؟ قال أجدني مردودا إلى الله مولاي الحق . قال تعالى : { يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون } { يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين } وقد أقروا بوجوده في الدنيا لكن في ذلك اليوم يعلمون أنه الحق المبين دون ما سواه ; ولهذا قال : { هو الحق } بصيغة الحصر فإنه يومئذ لا يبقى أحد يدعي فيه الإلهية ولا أحد يشرك بربه أحدا .
فصل وإذا عرف تنزيه الرب عن صفات النقص مطلقا فلا يوصف بالسفول ولا علو شيء عليه بوجه من الوجوه بل هو العلي الأعلى الذي لا يكون إلا أعلى وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ليس كمثله شيء فيما يوصف به من الأفعال اللازمة والمتعدية لا النزول ولا الاستواء ولا غير ذلك ; فيجب مع ذلك إثبات ما أثبته لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله والأدلة العقلية الصحيحة توافق ذلك لا تناقضه ; ولكن السمع والعقل يناقضان البدع المخالفة للكتاب والسنة والسلف ; بل الصحابة والتابعون لهم بإحسان كانوا يقرون أفعاله من الاستواء والنزول وغيرهما على ما هي عليه . قال أبو محمد بن أبي حاتم في " تفسيره " ثنا عصام بن الرواد ثنا آدم ثنا أبو جعفر عن الربيع عن أبي العالية { ثم استوى إلى السماء } يقول : ارتفع . قال : وروي عن الحسن يعني البصري والربيع بن أنس مثله كذلك . وذكر البخاري في " صحيحه " في " كتاب التوحيد " قال : قال أبو العالية : { استوى إلى السماء } ارتفع فسوى خلقهن . وقال مجاهد : { استوى على العرش } علا على العرش . وكذلك ذكر ابن أبي حاتم في " تفسيره " في قوله : { ثم استوى على العرش } وروي بهذا الإسناد عن أبي العالية وعن الحسن وعن الربيع مثل قول أبي العالية . وروي بإسناده { ثم استوى على العرش } قال : في اليوم السابع . وقال أبو عمرو الطلمنكي : وأجمعوا - يعني أهل السنة والجماعة - على أن لله عرشا وعلى أنه مستو على عرشه وعلمه وقدرته وتدبيره بكل ما خلقه قال : فأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى : { وهو معكم أين ما كنتم } ونحو ذلك في القرآن أن ذلك علمه وأن الله فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء . قال : وقال أهل السنة في قوله : { الرحمن على العرش استوى } الاستواء من الله على عرشه المجيد على الحقيقة لا على المجاز واستدلوا بقول الله : { فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك } وبقوله : { لتستووا على ظهوره } وبقوله : { واستوت على الجودي } . إلا أن المتكلمين من أهل الإثبات في هذا على أقوال : فقال مالك رحمه الله : إن الاستواء معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة . وقال عبد الله بن المبارك ومن تابعه من أهل العلم وهم كثير : إن معنى استوى على العرش : استقر وهو قول القتيبي وقال غير هؤلاء : استوى أي ظهر . وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى : استوى بمعنى علا وتقول العرب : استويت على ظهر الفرس بمعنى علوت عليه واستويت على سقف البيت بمعنى علوت عليه ويقال : استويت على السطح بمعناه وقال الله تعالى : { فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك } وقال : { لتستووا على ظهوره } وقال { واستوت على الجودي } وقال : { استوى على العرش } بمعنى علا على العرش . وقول الحسن : وقول مالك من أنبل جواب وقع في هذه المسألة وأشده استيعابا لأن فيه نبذ التكييف وإثبات الاستواء المعقول وقد ائتم أهل العلم بقوله واستجودوه واستحسنوه . ثم تكلم على فساد قول من تأول استوى بمعنى استولى . وقال الثعلبي وقال الكلبي ومقاتل : { ثم استوى على العرش } يعني استقر قال وقال أبو عبيدة ; صعد . وقيل استولى . وقيل : ملك . واختار هو ما حكاه عن الفراء وجماعة أن معناه أقبل على خلق العرش وعمد إلى خلقه قال : ويدل عليه قوله : { ثم استوى إلى السماء وهي دخان } أي عمد إلى خلق السماء . وهذا الوجه من أضعف الوجوه ; فإنه قد أخبر أن العرش كان على الماء قبل خلق السموات والأرض وكذلك ثبت في " صحيح البخاري " عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق السموات والأرض } . فإذا كان العرش مخلوقا قبل خلق السموات والأرض فكيف يكون استواؤه عمده إلى خلقه له ؟ لو كان هذا يعرف في اللغة : أن استوى على كذا بمعنى أنه عمد إلى فعله وهذا لا يعرف قط في اللغة لا حقيقة ولا مجازا لا في نظم ولا في نثر . ومن قال : استوى بمعنى عمد : ذكره في قوله : { ثم استوى إلى السماء وهي دخان } لأنه عدي بحرف الغاية كما يقال : عمدت إلى كذا وقصدت إلى كذا ولا يقال : عمدت على كذا ولا قصدت عليه مع أن ما ذكر في تلك الآية لا يعرف في اللغة أيضا ولا هو قول أحد من مفسري السلف ; بل المفسرون من السلف قولهم بخلاف ذلك كما قدمناه عن بعضهم . وإنما هذا القول وأمثاله ابتدع في الإسلام لما ظهر إنكار أفعال الرب التي تقوم به ويفعلها بقدرته ومشيئته واختياره ; فحينئذ صار يفسر القرآن من يفسره بما ينافي ذلك كما يفسر سائر أهل البدع القرآن على ما يوافق أقاويلهم . وأما أن ينقل هذا التفسير عن أحد من السلف فلا بل أقوال السلف الثابتة عنهم متفقة في هذا الباب ; لا يعرف لهم فيه قولان ; كما قد يختلفون أحيانا في بعض الآيات . وإن اختلفت عباراتهم فمقصودهم واحد وهو إثبات علو الله على العرش . فإن قيل إذا كان الله لا يزال عاليا على المخلوقات كما تقدم فكيف يقال : ثم ارتفع إلى السماء وهي دخان ؟ أو يقال : ثم علا على العرش ؟ قيل : هذا كما أخبر أنه ينزل إلى السماء الدنيا ثم يصعد وروي " ثم يعرج " هو سبحانه لم يزل فوق العرش فإن صعوده من جنس نزوله . وإذا كان في نزوله لم يصر شيء من المخلوقات فوقه ; فهو سبحانه يصعد وإن لم يكن منها شيء فوقه . وقوله : { ثم استوى إلى السماء } إنما فسروه بأنه ارتفع لأنه قال قبل هذا ; { أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين } { وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين } { ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين } { فقضاهن سبع سماوات في يومين } وهذه نزلت في سورة ( حم ) بمكة . ثم أنزل الله في المدينة سورة البقرة { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون } { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم } فلما ذكر أن استواءه إلى السماء كان بعد أن خلق الأرض وخلق ما فيها ; تضمن معنى الصعود لأن السماء فوق الأرض فالاستواء إليها ارتفاع إليها . فإن قيل : فإذا كان إنما استوى على العرش بعد أن خلق السموات والأرض في ستة أيام فقبل ذلك لم يكن على العرش ؟ قيل


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 04:56 AM   #40
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الاستواء علو خاص فكل مستو على شيء عال عليه وليس كل عال على شيء مستو عليه . ولهذا لا يقال لكل ما كان عاليا على غيره إنه مستو عليه واستوى عليه ولكن كل ما قيل فيه إنه استوى على غيره ; فإنه عال عليه : والذي أخبر الله أنه كان بعد خلق السموات والأرض " الاستواء " لا مطلق العلو مع أنه يجوز أنه كان مستويا عليه قبل خلق السموات والأرض لما كان عرشه على الماء ثم لما خلق هذا العالم كان عاليا عليه ولم يكن مستويا عليه ; فلما خلق هذا العالم استوى عليه ; فالأصل أن علوه على المخلوقات وصف لازم له كما أن عظمته وكبرياءه وقدرته كذلك وأما " الاستواء " فهو فعل يفعله سبحانه وتعالى بمشيئته وقدرته ; ولهذا قال فيه : { ثم استوى } . ولهذا كان الاستواء من الصفات السمعية المعلومة بالخبر . وأما علوه على المخلوقات فهو عند أئمة أهل الإثبات من الصفات العقلية المعلومة بالعقل مع السمع وهذا اختيار أبي محمد بن كلاب وغيره وهو آخر قولي القاضي أبي يعلى وقول جماهير أهل السنة والحديث ونظار المثبتة . وهذا الباب ونحوه إنما اشتبه على كثير من الناس ; لأنهم صاروا يظنون أن ما وصف الله عز وجل به من جنس ما توصف به أجسامهم فيرون ذلك يستلزم الجمع بين الضدين ; فإن كونه فوق العرش مع نزوله يمتنع في مثل أجسامهم لكن مما يسهل عليهم معرفة إمكان هذا معرفة أرواحهم وصفاتها وأفعالها وأن الروح قد تعرج من النائم إلى السماء وهي لم تفارق البدن كما قال تعالى : { الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى } وكذلك الساجد قال النبي صلى الله عليه وسلم { أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد } . وكذلك تقرب الروح إلى الله في غير حال السجود مع أنها في بدنه . ولهذا يقول بعض السلف : القلوب جوالة : قلب يجول حول العرش وقلب يجول حول الحش . وإذا قبضت الروح عرج بها إلى الله في أدنى زمان ثم تعاد إلى البدن فتسأل وهي في البدن . ولو كان الجسم هو الصاعد النازل لكان ذلك في مدة طويلة وكذلك ما وصف النبي صلى الله عليه وسلم من حال الميت في قبره وسؤال منكر ونكير له والأحاديث في ذلك كثيرة . وقد ثبت في " الصحيحين " من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا أقعد الميت في قبره أتي ثم شهد أن لا إله إلا الله فذلك قوله : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } } . وكذلك في " صحيح البخاري " وغيره عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن العبد إذا وضع في قبره - وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم - أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد ؟ فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله . فيقول له انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة . قال النبي صلى الله عليه وسلم : فيراهما جميعا . وأما الكافر والمنافق فيقول : هاه هاه لا أدري كنت أقول ما يقول الناس سمعت الناس يقولون شيئا فقلته فيقال له : لا دريت ولا تليت ويضرب بمطرقة من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين } . والناس في مثل هذا على " ثلاثة أقوال " منهم من ينكر إقعاد الميت مطلقا لأنه قد أحاط ببدنه من الحجارة والتراب ما لا يمكن قعوده معه وقد يكون في صخر يطبق عليه وقد يوضع على بدنه ما يكشف فيوجد بحاله ونحو ذلك . ولهذا صار بعض الناس إلى أن عذاب القبر إنما هو على الروح فقط كما يقوله ابن ميسرة وابن حزم . وهذا قول منكر عند عامة أهل السنة والجماعة . وصار آخرون إلى أن نفس البدن يقعد على ما فهموه من النصوص . وصار آخرون يحتجون بالقدرة وبخبر الصادق ولا ينظرون إلى ما يعلم بالحس والمشاهدة وقدرة الله حق وخبر الصادق حق ; لكن الشأن في فهمهم . وإذا عرف أن النائم يكون نائما وتقعد روحه وتقوم وتمشي وتذهب وتتكلم وتفعل أفعالا وأمورا بباطن بدنه مع روحه ويحصل لبدنه وروحه بها نعيم وعذاب ; مع أن جسده مضطجع ; وعينيه مغمضة وفمه مطبق وأعضاءه ساكنة وقد يتحرك بدنه لقوة الحركة الداخلة وقد يقوم ويمشي ويتكلم ويصيح لقوة الأمر في باطنه ; كان هذا مما يعتبر به أمر الميت في قبره ; فإن روحه تقعد وتجلس وتسأل وتنعم وتعذب وتصيح وذلك متصل ببدنه ; مع كونه مضطجعا في قبره . وقد يقوى الأمر حتى يظهر ذلك في بدنه وقد يرى خارجا من قبره والعذاب عليه وملائكة العذاب موكلة به فيتحرك بدنه ويمشي ويخرج من قبره وقد سمع غير واحد أصوات المعذبين في قبورهم وقد شوهد من يخرج من قبره وهو معذب ومن يقعد بدنه أيضا إذا قوي الأمر لكن هذا ليس لازما في حق كل ميت ; كما أن قعود بدن النائم لما يراه ليس لازما لكل نائم بل هو بحسب قوة الأمر . وقد عرف أن أبدانا كثيرة لا يأكلها التراب كأبدان الأنبياء وغير الأنبياء من الصديقين وشهداء أحد وغير شهداء أحد والأخبار بذلك متواترة . لكن المقصود أن ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من إقعاد الميت مطلقا هو متناول لقعودهم ببواطنهم وإن كان ظاهر البدن مضطجعا . ومما يشبه هذا إخباره صلى الله عليه وسلم بما رآه ليلة المعراج من الأنبياء في السموات وأنه رأى آدم وعيسى ويحيى ويوسف وإدريس وهارون وموسى وإبراهيم صلوات الله وسلامه عليهم وأخبر أيضا أنه رأى موسى قائما يصلي في قبره ; وقد رآه أيضا في السموات . ومعلوم أن أبدان الأنبياء في القبور إلا عيسى وإدريس . وإذا كان موسى قائما يصلي في قبره ثم رآه في السماء السادسة مع قرب الزمان ; فهذا أمر لا يحصل للجسد . ومن هذا الباب أيضا نزول الملائكة صلوات الله عليهم وسلامه : جبريل وغيره . فإذا عرف أن ما وصفت به الملائكة وأرواح الآدميين من جنس الحركة والصعود والنزول وغير ذلك لا يماثل حركة أجسام الآدميين وغيرها مما نشهده بالأبصار في الدنيا وأنه يمكن فيها ما لا يمكن في أجسام الآدميين كان ما يوصف به الرب من ذلك أولى بالإمكان وأبعد عن مماثلة نزول الأجسام بل نزوله لا يماثل نزول الملائكة وأرواح بني آدم وإن كان ذلك أقرب من نزول أجسامهم . وإذا كان قعود الميت في قبره ليس هو مثل قعود البدن فما جاءت به الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم من لفظ " القعود والجلوس " في حق الله تعالى كحديث جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيرهما أولى أن لا يماثل صفات أجسام العباد .
فصل نزاع الناس في معنى " حديث النزول " وما أشبهه في الكتاب والسنة من الأفعال اللازمة المضافة إلى الرب سبحانه وتعالى مثل المجيء والإتيان والاستواء إلى السماء وعلى العرش بل وفي الأفعال المتعدية مثل الخلق والإحسان والعدل وغير ذلك هو ناشئ عن نزاعهم في أصلين : ( أحدهما : أن الرب تعالى هل يقوم به فعل من الأفعال ; فيكون خلقه للسموات والأرض فعلا


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أشياء تعين العبد على الصبر لشيخ الإسلام ابن تيمية فخوره بحجابى المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 10 11 Jan 2013 11:09 AM
شرح الفتوى الحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية أبو سفيان صوتيات ومرئيات المركز . Audio & Video Center 1 13 Mar 2011 09:27 PM
سؤال وجواب لشيخ الإسلام ابن تيمية ... (أين الله؟ ) محمد الغماري المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 0 04 Apr 2010 04:19 AM
الحسنة والسيئة ... لشيخ الإسلام ابن تيمية محمد الغماري المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 23 04 Apr 2010 04:08 AM
حمل: دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية عرض ونقد أبو سفيان المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 3 09 Sep 2008 03:48 AM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 12:11 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي