من أهداف الشيطان

أهــداف الشيطـــان

-الهدف اﻷسمى هو إيقاع بني أدم في الكفر والشرك بالله

أقسم الشيطان حين طرد من رحمة الله وأبليس على غواية بنى آدم أجمعين إلا عبدا الله المخلصين.

قال تعالى : ( قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) ص: 79-83

وأكبر الكبائر الشرك بالله وهو الغاية اﻷسمى للشيطان كي يثبت لله عز وجل أن بنى آدم لا يستحقون هذا التكريم وسعى إبليس وأعوانه وجنوده إلى بلوغ هذه الغاية الكبرى .

قال تعالى : ( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً ) اﻹسراء:62

وإذا مات اﻹنسان على الشرك أو الكفر بالله فهو فى النار خالداً فيها لأن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء .

قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً * إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَاناً مَرِيداً ) النساء: 116-117

ومن الكفر بالله التحاكم إلى الطاغوت الذي هو الشيطان وكل ما يعبد من دون الله من أهداف إبليس عبر التاريخ لتحويل العباد من عبادة الله إلى عبادة الشيطان والطواغيت.

قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيداً ) النساء: 60

فعن ابن عباس أن الطاغوت: رجل من اليهود كان يقال له كعب بن اﻷشرف وكانو إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ليكم بينهم قالوا : بل نحاكمكم إلى كعب.

وقد أخرج الطبرى في سبب نزول هذه اﻵية عن عامر قال : (كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة ، فكان المنافق يدعو إلى اليهود ﻷنه يعلم أنهم يقبلون الرشوة.

وكان اليهودى يدعو إلى المسلمين ﻷنه يعلم أنهم لا يقبلون الرشوة، فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهن من جهينة، فنزلت فيهم هذه اﻵية.

ونلاحظ هنا ارتباط هذه الغاية الشيطانية بشكل واضح بفئتين معينتين من الناس هما اليهود و المنافقون.

وهاتان الفئتان، هما من أولياء الشيطان الذين يستعملهم ﻹغواء البشر، فهما في مقدم الخلق أجمعين سعياً إلى تحقيق هذه الغاية الخبيثة، التى تفتت البشر وتنقلهم من الحاكمية المطلقة لله إلى حاكمية الهوى والشيطان .

وقد فصلت سورة المائدة بإسهاب هذه السجية الشيطانية لليهود، وبكتتهم على نكوصهم عن حكم الله وتسارعهم إلى التحاكم إلى رهبانهم و<حبارهم الذين حرفوا التوارة وأدخلوا فيها أهواءهم فهذه اﻵية تربط هذه الغاية بهم ، ثم يأتى تفصيلها هناك في (المائدة: 50) (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ).

العالم اليوم فى ظل هذه الغاية الشيطانية :

لقد انتشرت هذه الغاية في جنبات غالب عالمنا اليوم انشار النار في الهشيم ، فلم تترك قارة ، إلا ودخلت في مجالس الحكم فيها ، وتسللت إلى قمة الهرم منها ، ولقد غابت معالم حكم شرع الله الحق عن أكثر أهل اﻷرض وأفلح اليهود في نشر التحاكم إلى الطاغوت في كل اﻷرجاء، حتى أصبح دورهم الرئيسي فيه وكأنه قد اختفى .

ولكننا بعودتنا إلى آيات الله ندرك أن هذه الجريمة، مهما انتشرت ، ومهما تلقفها الجهلاء، فهى ما خرجت في أي زمان أو مكان عنهم ، أليسوا هم من وصفهم الله بإنهم عبدة الطاغوت : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ) المائدة:60

هؤلاء المجرمون الذين مرروا عبادتهم للشيطان إلى بقية الخلق عبر شياطينهم من اﻹنس فابتدعوا لهم من المذاهب الكاذبة ما لا عد له ولا حصر، وكان سبيلهم فى ذلك نزع البشر من كل دين ، سواء أكان ديناً صحيحاً أو محرفاً ، حتى بجعلهم يتحاكمون إلى أهوائهم وإلى نفوسهم المريضة فيما يسمى بالماسونية العالمية.

فقد ورد في بروتوكولات حكماء صهيون ما نصه : ( حينما نمكن ﻷنفسنا فنكون سادة اﻷرض لن نبيح قيام أى دين غير ديننا ، الذى اختاره الله تعالى لنا كما ارتبط به مصير العالم ولهذا السبب يجب علينا أن محطم كل عقائد اﻹيمان ، وإذ تكون النتيجة المؤقتة لهذا هى إثمار ملحدين فن يدخل هذا في موضعنا ، ولكنه سيضرب مثلاً للإجيال القادمة التي ستصغى إلى تعاليمنا على دين موسى الذى وكل إلينا – بعقيدته الصارمة – واجب إخضاع كل اﻷمم تحت أقدامنا.

وقد نشأ من جراء هذه الهجمة اليهودية الشرسة على اﻷديان والدعوة إلى التحاكم إلى الطواغيت، جيل كامل من أذناب اليهود وأتباعهم من المنافقين من كل ملة ودين ، وهم من كانوا في مدينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يتسترون تحت ستار اﻹسلام ويطلبون التحاكم إلى الشيطان .

وهم اليوم أنفسهم من يتسترون بستار ديننا، يتكلمون بألسنتنا، ويلبسون لباسنا، وهم في نفس الوقت، إن دعوتهم إلى حكم الله ورسوله طالبو بفصل الدين عن الدولة وتلك هى المصيبة التى تكمن في معرفة واقع هؤلاء الناس وحقيقة أمرهم ، الذين يرفعون شعار اﻹسلام، يدعون الدفاع عنه ، في حقيقة أمرهم يرفصون تطبيق شرع الله الذى ارتضاه لعباده.

2- السوء والفحشاء والمنكر:

وتلك الخطوة مقدمة للشرك بالله فالسوء والفحشاء وفعل المنكرات درجة أدنى من الشرك وهى إحدى خطوات الشيطان الذى أمرنا الحق جل وعلا بعدم اتباعه .

قال تعلى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالاً طَيِّباً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة:168-169

فالسوء هو اﻹثم والفحشاء هى كل ما استفحش ذكره وقبح وقيل إن السوء الذى ذكره الله هو معاصى الله، وقيل إن الفحشاء هى الزنا.

قال ابن عباس رضى الله عنه : إن السوء ما لا حد فيه والفحشاء ما فيه حد.

وقيل إن الوء في اﻷصل مصدر ساء يسوء سوءاً ومساءةً غذا أحزن، ويطلق على جميع المعاصى سواء كانت أعمال الجوارح أو أفعال القلوب .

وأما الفحشاء هى أقبح أنواعها وأعظمها مساءة.

قال تعالى : ( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) اﻷعراف:28

قال ابن كثير رحة الله : كانت العرب لا يطوفون بالبيب فى ثيابهم التى لبسوا يتأولون في ذلك أنهم لا يطوفون في ثياب عصوا الله فيها، وكانت قريش يطوفون فى ثيابهم فمن أعاره أحمس ثوباً طاف فيه ومن معه ثوب جديد طاف فيه.

ثم يلقيه فلا يتملكه أحد، فمن لم يجد ثوباً جديداً ولا أعاره أحمس ثوباً. طاف عرياناً وربما كانت امرأة فتطوف عريانة، فتجعل على فرجها شيئاً يستره بعض الشىء وتقول:

اليوم يبدو بعضه أو كله - وما بدا منه فلا أحله

وأكثر النساء يطفن عراة بالليل فكان هذا شيئاً قد ابتدعوه من تلقاء أنفسهم واتبعوا فيه آباءهم ويعتقودن أن فعل آبائهم مستند إلى أمر من الله وشرعه.

وقد أمر الله المؤمنين بعدم اتباع خطوات الشيطان ﻷن اتباع خطواته يؤدى إلى اتباعه وإتيان الفحشاء والمنكر .

قالت تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور:21

فالفحشاء هنا غير المنكر وقد فسر الطبرى رحمه الله الفحشاء والمنكر هنا بما ينسجم مع سياق اﻵيات كما في حادثة اﻹفك .

فالفحشاء هى الزنا والمنكر هو القول المنكر وهما يتعانقان وهذه الغاية خطوة كبى تؤدى إلى أعظم منها ألا وهو الكفر والشرك بالله.

3- وأن تقوقو على الله ما لا تعلمون:

وهو ادعاء أن الله أمرهم بفعل ما يفعلون من أفعال لم يأمر الله بها وجاء ذلك بعد ذكر أمر الشيطان اﻹنسان بالسوء والفحشاء.

قال تعلى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالاً طَيِّباً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة:168-169.

فقد أحل الشيطان ﻷوليائه ما حرم الله عليهم وهو ما يطلق عليه الافتراء على الله . وهذا ما فعله المشركون فى الجاهلية من البحيرة والسائبة والوصيلة.

قال تعلى: ( مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) المائدة:103.

وهذا ما ذكره الطبرى في تفسيره للإية.

وأما في العصر الحديث فاﻵية تشمل من يدعى أموراً في الدين لم ينزل الله بها من سلطان ويلوى اﻵيات واﻷحاديث لتحليل الحرام وتحرم الحلال و تلك من وسائل الشيطان وأتباعه وأعوانه.

جزاك الله خير وبارك الله فيك

جزاك الله كل خير

في ميزان حسناتك يااارب