اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ : عَنْ أَبِي رُقَيَّةَ تَمِيمِ بْنِ أَوْسٍ الدّارِيِّ (رضي الله عنه) أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ لِلَّهِ، وَلِكِتابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعامَّتِهِمْ». رَواهُ مُسْلِمٌ.

يُروى أنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه كتَبَ إلى ابنِه مُحَمَّدِ بنِ الحَنَفيَّةِ: (لا يكُنْ أخوك على قَطيعَتِك أقوى مِنك على صِلتِه، وعلى الإساءةِ أقوى مِنك على الإحسانِ) .


           :: وادي الجن شمال المدينة والبئر . (آخر رد :ابن الورد)       :: زعماعندو قدرة خارقة "بوهالي" خارج يداوي الناس من أمراض فالشارع العام فيها حارالأطباء (آخر رد :ابن الورد)       :: الشريف بهلول كيداوي وكيدير عمليات مستعصية وكيتحدى أطباء جميع دول العالم (آخر رد :ابن الورد)       :: 5:04 / 9:22 خطير ..عبد السلام دخانة يشرب ويستحم بالاسيد / الماء القاطع . (آخر رد :ابن الورد)       :: هَدْيِه النبي صلى الله فِي الْعِلَاجِ بِشُرْبِ الْعَسَلِ، وَالْحِجَامَةِ، وَالْكَيِّ. (آخر رد :ابن الورد)       :: استكشاف قرية الجن الفروثي وتجربة جهاز كاشف الجن والأشباح بالموجات الكهرومغناطيسية . (آخر رد :ابن الورد)       :: محمود صلاح بتصريح صادم: الجن يتعامل معنا والمنظومة التي تدير العالم تستجلب الشياطين ! (آخر رد :ابن الورد)       :: محمود صلاح يتحدث عن أسرار عبدة الشيطان :" التاروت هو أمر شيطاني "! (آخر رد :ابن الورد)       :: محمود صلاح يتحدى المنجمين : 2024 فيها لقاء مع الفضائيين وظهور وباء الزومبي ! (آخر رد :ابن الورد)       :: ماهي حقيقة مثلث برمودا ؟ ولماذا تختفي الطائرات والسفن به ؟ (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

دراسات وأبحاث علم الرُقى والتمائم . الإدارة العلمية والبحوث Studies and science research spells and طرق محاربة السحر والشيطان و العين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 30 Sep 2011, 06:40 PM
أبوحذيفة
جزاه الله تعالى خيرا
أبوحذيفة غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 1709
 تاريخ التسجيل : Aug 2007
 فترة الأقامة : 6108 يوم
 أخر زيارة : 11 Mar 2016 (11:56 PM)
 المشاركات : 1,710 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : أبوحذيفة is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
من كتاب الحرز الأمين في تدبر سورتي الاخلاص والمعوذتين



هذه مقتطفات من كتاب الحرز الامين في تدبر سورتي الاخلاص والمعوذتين:الاستاذ الدكتور اللاحم مصدرها كتيبات اسلامية
مقدمة الكتاب
المقدمة
الحمد لله الذي أنزل القرآن، وجعله للذين آمنوا هدى وشفاء، يشفي بإذن الله عز وجل أمراض القلوب والأبدان، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعـد:
فإن أعظم مصائب المسلمين اليوم بعد كثير منهم عن دينهم، وعن منهج التلقي الصحيح: كتاب الله وسنة رسوله ؛ مما كان سببًا في ضعف عقائدهم، واهتزاز شخصية كثير منهم، وتلاعب شياطين الإنس والجن فيهم.
وإن مما يندى له جبين كل مسلم غيور على معتقد الأمة ما أصيب به كثير من المسلمين اليوم من ضعف في اليقين والتوكل على الله، حتى أصبح بعض منهم بسبب ذلك تنتابه المخاوف على مستقبله، فتارة يخاف من العين، وتارة من السحر، وتارة من الجن، وتارة منها كلها، ومع أن هذه الأعراض كلها حق دل عليها الكتاب والسنة فإن من ضعف اليقين وضعف التوكل على الله أن يستسلم المسلم لوساوس شياطين الإنس والجن، فبمجرد ما يحس بعض الناس بأي ألم في جسمه يوسوس له الشيطان أن هذا عين أو سحر أو كذا وكذا، وسرعان ما تنقلب هذه الوساوس والأوهام إلى مسلمات وحقائق لدى سفهاء الأحلام وضعاف الإيمان عندما يؤكدها شياطين الإنس من الدجالين والسحرة والمشعوذين وغيرهم ممن لا خلاق لهم ولا دين يردعهم، وممن جعلوا هذا العمل وسيلة للكسب والتجارة، فلعبوا في عقول كثير من الناس، بل وفي عقائدهم، فخرجوا بهم من الحقيقة إلى الوهم والخيال، بما توسوس لهم به شياطين الجن؛ شعروا بذلك أو لم يشعروا، فعلى كل من أراد سلامة دينه الحذر منهم وعدم تصديقهم، وإن ظهر على أيديهم ما يوهم صدقهم أحيانًا، ابتلاءً واختبارًا لهم ولغيرهم، فلا يغتر بهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وعلامة هؤلاء الشياطين دخولهم في دعوى علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، فإذا جاءهم المريض – ولو توهما – قالوا: فيك كذا وكذا؛ رجمًا بالغيب والعياذ بالله، وقد قال الله عز وجل {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}( )، فكم اتهموا من بريء، وكم روجوا من فرية، ففرقوا عياذًا بالله بهذا الدجل بين الأقارب والجيران، والأخوات، والإخوان، بل بين الآباء والأبناء، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
وكيف يحصل هذا وكتاب الله بين أظهرنا فيه الشفاء التام من جميع الأمراض والأسقام، وما حالنا إلا كما قيل:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول

وقد جمعت في هذا الكتاب كلام أهل العلم من المفسرين وغيرهم على سورة الإخلاص والمعوذتين والتي في تدبرها بإذن الله عز وجل قراءة وفهمًا وتطبيقًا واعتقادًا الوقاية والشفاء بإذن الله عز وجل، والاستغناء التام عن دجل الدجالين وشعوذة المشعوذين، مع معرفة ما هم عليه من الحدس والتخمين والضلال المبين
كتاب الحرز الامين في تدبر سورتي الاخلاص والمعوذتين




 توقيع : أبوحذيفة


رد مع اقتباس
قديم 30 Sep 2011, 06:42 PM   #2
أبوحذيفة
جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبوحذيفة
أبوحذيفة غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 1709
 تاريخ التسجيل :  Aug 2007
 أخر زيارة : 11 Mar 2016 (11:56 PM)
 المشاركات : 1,710 [ + ]
 التقييم :  10
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: من كتاب الحرز الأمين في تدبر سورتي الاخلاص والمعوذتين



سورة الإخلاص
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
سبب نزول هذه السورة:
عن أبي بن كعب  قال: «إن المشركين قالوا للنبي : انسب لنا ربك. فأنزل الله عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}( ).
وعن جابر بن عبد الله : «أن أعرابيًا جاء إلى النبي ، فقال: انسب لنا ربك. فأنزل الله عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إلى آخرها»( ).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جاءت اليهود إلى النبي ، منهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب، فقالوا: يا محمد صف لنا ربك، الذي بعثك، فأنزل الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ} فيخرج منه شيء {وَلَمْ يُولَدْ} فيخرج من شيء»( ).
ومحصل هذه الروايات بمجموعها أن المشركين من أهل مكة ومن أهل الكتاب سألوا النبي  أن ينسب ويصف لهم ربه فأنزل الله هذه السور.
فضل هذه السورة:
سورة الإخلاص سورة عظيمة من أعظم سور القرآن الكريم؛ لما اشتملت عليه من الدلالة على أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات ( )؛ ولهذا سميت سورة الإخلاص.
وقد وردت أحاديث عدة في فضلها، وفضل قراءتها في الصلاة وخارجها، وفي أدبار الصلوات، وفي الصباح والمساء، وعند النوم والقيام منه، وللاستشفاء بها، وفي أنها تعدل ثلث القرآن إلى غير ذلك. منها ما يلي:
أ- ما ورد في فضل قراءتها وفضل حبها وحب قراءتها:
عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي  بعث رجلاً في سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ، فقال: سلوه، لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النبي : «أخبروه أن الله تعالى يحبه»( ).
وعن أنس بن مالك  قال: «كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، فكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه، فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك، حتى تقرأ بالأخرى، فإما أن تقرأ بها، وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى. فقال: ما أنا بتاركها؛ إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي  أخبروه الخبر، فقال: «يا فلان، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟ وما يحملك على لزوم هذه في كل ركعة؟ قال: إني أحبها، قال: «حبك إياها أدخلك الجنة»( ).
وعن أبي هريرة  قال: أقبلت مع النبي  فسمع رجلاً يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فقال رسول الله : «وجبت. قلت: وما وجبت؟ قال: الجنة»( ).
وعن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن رسول الله  قال: «من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرًا في الجنة»، فقال عمر: إذن نستكثر يا رسول الله؟ فقال رسول الله : «الله أكثر وأطيب»( ).
ب- ما ورد في أنها تعدل ثلث القرآن:
عن أبي سعيد الخدري  أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يرددها، فلما أصبح جاء إلى النبي ، فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالها، فقال النبي : «والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن»( ).
وفي رواية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله  لأصحابه: «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟» فشق ذلك عليهم، وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: «{اللَّهُ الصَّمَدُ} ثلث القرآن»( ).
وفي رواية عن أبي سعيد  قال: بات قتادة بن النعمان يقرأ الليل كله بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فذكر ذلك للنبي  فقال: «والذي نفسي بيده لتعدل نصف القرآن، أو ثلثه»( ).
وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : «أحشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن». فحشد من حشد، ثم خرج النبي ، فقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثم دخل، فقال بعضنا لبعض: قال رسول الله : «فإني سأقرا عليكم ثلث القرآن، إني لأرى هذا خبرًا جاء من السماء»، ثم خرج نبي الله ، فقال: «إني قلت سأقرأ عليكم ثلث القرآن، ألا إنها تعدل ثلث القرآن»( ).
جـ- ما ورد في فضل قراءتها مع المعوذتين في الصباح والمساء:
عن معاذ بن عبد الله بن خبيب  أن رسول الله  قال له: «قل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين حين تمسي، وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء»( ).
وعن عقبة بن عامر  قال: لقيت رسول الله  فابتدأته، فأخذت بيده، فقلت: يا رسول الله بم نجاة المؤمن؟ قال: «يا عقبة: أخرس لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك»( ). قال: ثم لقيني رسول الله  فابتدأني فأخذ بيدي فقال: «يا عقبة بن عامر: ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم؟» قال: قلت: بلى، جعلني الله فداك. قال: فأقرأني {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ثم قال: «يا عقبة، لا تنسهن، ولا تبت ليلة حتى تقرأهن»، قال: فما نسيتهن منذ قال: «لا تنسهن»، وما بت ليلة قط، حتى أقرأهن. قال عقبة: ثم لقيت رسول الله  فابتدأته، فأخذت بيده، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال. فقال: «يا عقبة، صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك ( )»( ).
د- ما ورد في قراءتها مع المعوذتين عند النوم:
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي  كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثم يمسح ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات»( ).
هـ- ما جاء أن فيها اسم الله الأعظم:
وعن سليمان بن بريدة عن أبيه  أنه دخل مع رسول الله  المسجد فإذا رجل يصلي يدعو، يقول: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد». قال: «والذي نفسي بيده لقد سأله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعى به أجاب»( ).


 
 توقيع : أبوحذيفة



رد مع اقتباس
قديم 30 Sep 2011, 06:43 PM   #3
أبوحذيفة
جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبوحذيفة
أبوحذيفة غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 1709
 تاريخ التسجيل :  Aug 2007
 أخر زيارة : 11 Mar 2016 (11:56 PM)
 المشاركات : 1,710 [ + ]
 التقييم :  10
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: من كتاب الحرز الأمين في تدبر سورتي الاخلاص والمعوذتين



معاني المفردات والجمل:
قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.
قوله: {قُلْ}: أمر للنبي  ولكل من يصلح له الأمر والخطاب من أفراد أمته، قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى ( ): «أي: قل قولاً جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه».
قوله: {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: «هو»: ضمير الشأن مبتدأ، وخبره «الله أحد» والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب مقول القول، وكذا ما بعدها.
ولفظ الجلالة «الله» معناه المألوه المعبود محبة وتعظيمًا.
وقال: (أحد)، ولم يقل: الأحد؛ لأنه ليس في الموجودات ما يسمى أحدًا في الإثبات مفردًا غير مضاف سواه سبحانه وتعالى؛ بخلاف النفي وما في معناه؛ كالشرط والاستفهام؛ فإنه يقال: هل عندك أحد، وما جاءني أحد ( ).
وقوله: (أحد): أي الواحد الأحد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، ولهذا قال بعده: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
قال ابن كثير ( ) رحمه الله تعالى: «يعني هو الواحد الأحد، الذي لا نظير له، ولا وزير، ولا نديد ولا شبيه، ولا عديل. ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله عز وجل؛ لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله».
وقال السعدي ( ): «{هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: أي: قد انحصرت فيه الأحدية؛ فهو الأحد المنفرد بالكمال الذي له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له، ولا مثيل».
قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ}: مبتدأ وخبر، والجملة في محل رفع خبر ثان لـ «هو».
وأدخل «ال» على الصمد؛ لأن المستحق لوصف الصمدية على الكمال والتمام هو الله وحده لا شريك له؛ بخلاف المخلوق؛ فهو وإن سمي صمدًا من بعض الوجوه فلا يقال له: «الصمد» بالصمدية المطلقة؛ وإنما يقال له «صمد» بمطلق الصمدية ( ).
و {الصَّمَدُ} المقصود في جميع الحوائج، المستغني عن كل ما سواه، والذي كل ما سواه محتاج ومفتقر إليه ( )، الذي تصمد وتتجه إليه الخلائق، وتقصده في طلب قضاء حوائجهم ومسائلهم الدينية والدنيوية، قال تعالى: {إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}( ).
وقال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}( ).
وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ}( ).
وقال تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ}( ).
والصمد: السيد الذي قد كمل في سؤدده، والذي بلغ من كل وصف مما يوصف به غاية كماله ونهايته، سؤددا وشرفًا وعظمة وحلمًا وعلمًا وحكمة وحكما، الحي القيوم الذي لا زوال له، والذي لم يلد ولم يولد، والصمد الذي لا جوف له، وقيل غير ذلك( ).
قال ابن تيمية ( ) بعدما ذكر الأقوال في معنى «الصمد» - قال: «قلت: الاشتقاق يشهد للقولين جميعًا؛ قول من قال: إن الصمد الذي لا جوف له، وقول من قال: إنه السيد، وهو على الأول أدل؛ فإن الأول أصل الثاني».
وقال ابن كثير ( ) بعد سياق كثير من الأقوال في معنى «الصمد»: «وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في «كتاب السنة» له بعد إيراده كثيرًا من هذه الأقوال في تفسيره «الصمد»: وكل هذه صحيحة، وهي صفات ربنا عز وجل، هو الذي يصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصمد الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه. وقال البيهقي نحو ذلك».
قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} أي: لم يكن له ولد، كما قال تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ}( )، وقال تعالى: {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا}( ).
وقال تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}( ).
وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا}( ).
وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}( ).
وقال تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ}( ).
{وَلَمْ يُولَدْ } أي: لم يتولد من غيره، فيكون محدثًا؛ بل هو القائم بذاته، القيوم أزلاً وأبدا ( ).
لأن (الولد): ما تولد من شيء أو شيئين كآدم، خلق وتولد من التراب، وحواء خلقت وتولدت من آدم، وعيسى تولد من مريم، أنثى بلا ذكر، وسائر الخلق تولدوا من ذكر وأنثى.
وعلى هذا فالولد محدث مخلوق بعد أن لم يكن كما قال عز وجل: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}( )؛ أي: قد أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا.
وما كان محدثًا مخلوقًا؛ فهو يفنى؛ كما قال عز وجل: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}( ).
والله عز وجل هو الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية؛ كما قال عز وجل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}( ).
قال الزمخشري ( ): «لم يلد لأنه لا يجانس حتى يكون له من جنسه صاحبة فيتوالدا».
قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}: أي: لم يكن له مكافئ، ولا مماثل، ولا شبيه، ولا نظير؛ كما قال عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}( ).
قال ابن كثير ( ): «أي: هو مالك كل شيء وخالفه، فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه أو قريب يدانيه، تعالى وتقدس وتنزه».
وقال السعدي ( ): {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}: لا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله تبارك وتعالى؛ فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات».


 
 توقيع : أبوحذيفة



رد مع اقتباس
قديم 30 Sep 2011, 06:44 PM   #4
أبوحذيفة
جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبوحذيفة
أبوحذيفة غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 1709
 تاريخ التسجيل :  Aug 2007
 أخر زيارة : 11 Mar 2016 (11:56 PM)
 المشاركات : 1,710 [ + ]
 التقييم :  10
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: من كتاب الحرز الأمين في تدبر سورتي الاخلاص والمعوذتين



الفوائد والأحكام:
1- أن الرسول  إنما هو مبلغ عن الله عز وجل؛ لقوله (قل)، وفي هذا الرد على من يزعم من أهل البدع أن الرسول  اختلف القرآن، وأن هذا النظم كلامه ابتدأ به؛ كما أن في هذا الرد على الغلاة الذين يرفعونه  إلى مقام الربوبية؛ فهو  عبد لا يعبد ونبي ورسول لا يكذب.
2- إثبات العبادة لله تعالى وحده دون سواه؛ لقوله: {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}؛ لأن معنى لفظ الجلالة (الله): المألوه المعبود محبة وتعظيمًا.
3- إثبات الوحدانية لله عز وجل، وأنه الواحد الأحد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله؛ لقوله {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}؛ بل كل هذه السورة دليل على إثبات توحيد الأسماء والصفات له عز وجل.
4- إثبات ربوبيته عز وجل وحاجة الخلائق كلهم إليه عز وجل وغناه سبحانه وتعالى عمن سواه؛ لقوله {اللَّهُ الصَّمَدُ}؛ أي: الذي تصمد إليه الخلائق وتتجه إليه وتقصده بطلب قضاء الحوائج؛ إذ الخير كله بيديه؛ لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.
5- نفي الولد والمجانس والقريب المداني له عز وجل؛ لقوله {لَمْ يَلِدْ}( ) كما قال عز وجل: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ}( )، وقال تعالى: {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا}( ).
6- الرد على أهل الشرك من أهل الكتاب وغيرهم في نسبتهم الولد إلى الله عز وجل، وقول اليهود عزيز ابن الله، وقول النصارى المسيح ابن الله، وزعم المشركين أن الملائكة بنات الله، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
قال تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ * أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ}( ).
وقال تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ}( ).
وقال تعالى: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى}( ).
وعن أبي هريرة  عن النبي  قال: «قال الله عز وجل: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي، فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته ( ). وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا. وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد»( ).
وعن أبي موسى الأشعري  أن رسول الله  قال: «لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله إنهم يجعلون له ولدًا وهو يرزقهم ويعافيهم»( ).
7- إثبات أنه عز وجل الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية لقوله {وَلَمْ يُولَدْ}؛ لأن ما تولد من غيره محدث، ونهايته إلى الفناء، والله عز وجل منزه عن ذلك كله، قال عز وجل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}( ).
8- تنزيه الله عز وجل عن المكافئ والشبيه والمثيل والنظير؛ لقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}؛ فلا مكافئ له ولا شبيه، ولا مثيل، ولا نظير؛ بل هو الواحد الأحد، في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله؛ كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}( )، وقال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}( ).
9- وجوب الإقرار والاعتراف ظاهرًا وباطنًا، بنطق اللسان وتصديق القلب، وانقياد الجوارح بألوهية الله عز وجل ووحدانيته وصمديته وربوبيته، وتنزهه عن الولد والوالد والمكافئ؛ لقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}... إلى آخر السورة.


 
 توقيع : أبوحذيفة



رد مع اقتباس
قديم 30 Sep 2011, 07:37 PM   #5
أبوحذيفة
جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبوحذيفة
أبوحذيفة غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 1709
 تاريخ التسجيل :  Aug 2007
 أخر زيارة : 11 Mar 2016 (11:56 PM)
 المشاركات : 1,710 [ + ]
 التقييم :  10
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: من كتاب الحرز الأمين في تدبر سورتي الاخلاص والمعوذتين



سورة الفلق
قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.
كان النبي  قبل نزول هذه السورة وسورة الناس يتعوذ من الجان وعين الإنسان فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما، وترك ما سواهما»( ).
اسم السورة:
تسمى هذه السورة: سورة الفلق، وتسمى مع السورة التي بعدها {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} بالمعوذتين؛ قال ابن القيم ( ): «فسورة الفلق تتضمن الاستعاذة من شر المصيبات، وسورة الناس تتضمن الاستعاذة من شر العيون التي أصلها كلها الوسوسة».
سبب النزول:
روي عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما، أن هذه السورة مع سورة الناس نزلتا في سحر اليهود للنبي ( ).
فضل المعوذتين:
عن عقبة بن عامر  قال: قال رسول الله : «ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}»( ).
وفي بعض الروايات عند أحمد وأبي داود وغيرهما أن الرسول  قال لعقبة بن عامر : «ألا أعلمك سورتين من خبر سورتين قرأ بهما الناس؟» قلت: بلى يا رسول الله. فأقرأني: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ثم أقيمت الصلاة فتقدم رسول الله  فقرأ بهما ثم مر بي، فقال: «كيف رأيت يا عقيب! اقرأ بهما كلما نمت، وكلما قمت»( ).
وعن عقبة بن عامر قال: «أمرني رسول الله  أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة»( ).
وعن ابن عابس الجهني أن النبي  قال له: يا ابن عابس «ألا أدلك - أو قال: ألا أخبرك - بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} هاتين السورتين»( ).
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي  كان يقرأ بهما وينفث في كفيه، ويمسح بهما رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، وما بلغت يداه من جسده»( ).
قال ابن القيم رحمه الله ( ): «والمقصود: الكلام على هاتين السورتين، وبيان عظيم منفعتهما، وشدة الحاجة بل الضرورة إليهما، وأنه لا يستغني عنهما أحد قط، وأن لهما تأثيرًا خاصًا في دفع السحر والعين وسائر الشرور، وأن حاجة العبد إلى الاستعاذة بهاتين السورتين أعظم من حاجته إلى النفس والطعام والشراب واللباس».
معاني المفردات والجمل:
قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}.
قوله: {قُلْ} الأمر فيه للرسول  ولكل فرد من أفراد أمته ممن يصلح له الخطاب؛ فلا يدخل فيه المجنون والصغير ونحوهما؛ لقوله : «رفع القلم عن ثلاثة؛ النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ»( ).
وعن أبيّ بن كعب  قال: «سألت رسول الله  عن المعوذتين؟ فقال: «قيل لي»، فقلت: فنحن نقول كما قال رسول الله »( ).
وجملة {أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} وما بعدها إلى نهاية السورة في محل نصب مقول القول.
ومعنى {أَعُوذُ}: أعتصم وألتجئ وأستجير وأتحصن وأتحرز وألوذ ( ) وهذا هو الركن الأول من أركان الاستعاذة، وهو نفس «التعوذ».
قوله: {بِرَبِّ الْفَلَقِ}: (برب): جار ومجرور متعلق بقوله: (أعوذ)، وهذا هو الركن الثاني من أركان الاستعاذة، وهو: المستعاذ به، وهو رب الفلق. والباء: للاستعانة، و(الرب): لغة: مأخوذ من التربية والتنمية للشيء والقيام عليه وإصلاحه.
قال تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ}( )، أي: اللاتي تربونهن في حجوركم. وقال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}( )، أي: القيوم على كل شيء سبحانه.
والرب: هو الخالق المالك المدبر؛ فرب الفلق خالقه ومالكه ومدبره.
ويأتي «الرب» بمعنى المعبود؛ كما في قوله تعالى: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}( )؛ أي: أآلهة.
ويأتي بمعنى «الصاحب»؛ كما في قوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ}( )؛ فالمعنى هنا: صاحب العزة ( ).
و (الرب) بالتعريف لا يطلق إلا على الله.
و «رب كذا» بالإضافة يطلق على الله وعلى غيره، فيقال: رب الدار، ورب الناقة، قال تعالى: {قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ}( ).
وربوبية الله عز وجل لخلقه تنقسم إلى قسمين:
ربوبية عامة لجميع خلقه بمعنى: خالقهم ومالكهم ومدبرهم، كما في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين}.
وربوبية خاصة بأوليائه بتوفيقه لهم للطريق المستقيم في الدنيا، وفي الآخرة إلى الجنة، كما في قول المؤمنين {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ}( ).
و(الفلق): الخلق، والشق، وكل ما انشق عن شيء فهو فلق( )؛ فالصبح والحب فلق ( )، قال تعالى: {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى}( )، وقال تعالى: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ}( ). أي الذي خلق وشق الحب والنوى فأخرج منه النبتة فأخرج من الحبة السنابل الكثيرة المشتملة على مئات الحبات كما قال عز وجل: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ}( )، وأخرج من النواة النخلة؛ بل العدد من النخيل المثمرة؛ كما قال عز وجل: {وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}( ).
وخلق وشق الصبح وضياءه من ظلام الليل الدامس البهيم، وفي الحديث: «أنه  ما رأى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح»( ).
وكل ما انفلق وانشق عن غيره من نبات، وحيوان وغير ذلك فهو فلق ( ).
قال ابن تيمية رحمه الله ( ): «وإذا قيل: الفلق يعم ويخص، فبعمومه للخلق استعيذ من شر ما خلق، وبخصوصه للنور النهاري – يعني الصبح – استعيذ من شر غاسق إذا وقب».
وقال ابن القيم رحمه الله ( ): «واعلم أن الخلق كله فلق، وذلك أن فلق «فعل» بمعنى «مفعول» كقبض وسلب وقنص بمعنى مقبوض ومسلوب ومقنوص. والله عز وجل (فالق الإصباح) و (فالق الحب والنوى) وفالق الأرض عن النبات، والجبال عن العيون، والسحاب عن المطر، والأرحام عن الأجنة، والظلام عن الإصباح، ويسمى الصبح المتصدع عن الظلمة «فلقا وفرقا» يقال: هو أبيض من فرق الصبح وفلقه.. يفرق ظلام الليل بالإصباح.. ومنه فلقه البحر لموسى، وسماه «فلقًا».
قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.
في هذه الآيات: الركن الثالث من أركان الاستعاذة، وهو المستعاذ منه، وهو أمور أربعة؛ الأول منها: ذكره الله عز وجل بقوله:
{مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}: فهذا هو المستعاذ منه الأول في هذه السورة. وقوله: {مِنْ شَرِّ}: جار ومجرور متعلق بـ (أعوذ)، و(ما) موصولة، وهي تفيد العموم( )، لكنه عموم تقييدي وصفي لا عموم إطلاقي؛ أي: أعوذ برب الفلق من شر جميع المخلوقات التي فيها شر؛ سواء من شرور الدنيا أو الآخرة، من شر شياطين الإنس والجن، وشر السباع والهوام، وشر النار وغير ذلك، وليس المراد الاستعاذة من شر كل ما خلقه الله، وإن كان مما ليس فيه شر؛ بل هو خير محض كالجنة والملائكة، وكذا الأنبياء؛ فإنه خير محض؛ بل الخير كله حصل على أيديهم( ).
فدخل تحت قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} الاستعاذة من كل شر، في أي مخلوق قام به الشر: من حيوان أو غيره، إنسيًا كان أو جنيًا أو هامة أو دابة أو ريحًا أو صاعقة، أو أي نوع كان من أنواع البلاء والشرور( ).
وقد روي أنه  إذا سافر فأقبل الليل، قال: «يا أرض ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك، وشر ما فيك، وشر ما خلق فيك، وشر ما يدب عليك، أعوذ بالله من أسد وأسود، ومن الحية والعقرب، ومن ساكن البلد، ومن والد وما ولد»( ).
قال : «من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. لم يضره شيء حتى يرتحل منه»( ).
وفي الحديث الآخر: «أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن»( ).
والشر: هو الآلام الحسية والمعنوية، الجسدية والنفسية، وما يسببها من الكفر والشرك والمعاصي؛ فما من ألم نفسي أو معنوي، جسدي أو نفسي إلا سببه الكفر والمعاصي، قال عز وجل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}( ).


 
 توقيع : أبوحذيفة



رد مع اقتباس
قديم 30 Sep 2011, 07:39 PM   #6
أبوحذيفة
جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبوحذيفة
أبوحذيفة غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 1709
 تاريخ التسجيل :  Aug 2007
 أخر زيارة : 11 Mar 2016 (11:56 PM)
 المشاركات : 1,710 [ + ]
 التقييم :  10
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: من كتاب الحرز الأمين في تدبر سورتي الاخلاص والمعوذتين



قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}: هذا هو المستعاذ منه الثاني في هذه السورة، وهو والمستعاذ منه الثالث والرابع كلها داخلة ضمن المستعاذ منه الأول، وهو قوله: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} من باب التخصيص بعد التعميم ( ).
والغاسق هو الليل وظلمته؛ يقال غسق الليل وأغسق الليل إذا أظلم ( )، ومنه قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}( ).
وقوله: {إِذَا وَقَبَ} أي: إذا أقبل ودخل في كل شيء، والوقوب: الدخول، وهو دخول الليل بغروب الشمس ( ).
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: «أخذ النبي  بيدي، فنظر إلى القمر فقال: «يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا؛ فإن هذا هو الغاسق إذا وقب»( ).
فالقمر غاسق إذا وقب، أي: إذا غاب، والليل غاسق إذا دخل بظلمته كل شيء( ).
فالشياطين من الإنس والجن والحيوانات تتسلط في الليل لأنه محل الظلام ما لا تتسلط بالنهار؛ لأن النهار نور، والشياطين إنما سلطانهم في الظلمات والمواضع المظلمة، وعلى أهل القلوب المظلمة بالكفر والمعاصي، الخالية من ذكر الله ونوره ( ).
قال ابن تيمية ( ) بعدما ذكر القولين في معنى «غاسق»، قال: «فالقمر أحق ما يكون بالليل بالاستعاذة، والليل مظلم، تنتشر فيه شياطين الإنس والجن ما لا تنتشر بالنهار، ويجري فيه من أنواع الشر ما لا يجري بالنهار من أنواع الكفر والفسوق والعصيان والسحر والسرقة والخيانة والفواحش، وغير ذلك؛ فالشر دائمًا مقرون بالظلمة، ولهذا إنما جعله الله لسكون الآدميين وراحتهم؛ لكن شياطين الإنس والجن تفعل فيه من الشر ما لا يمكنها فعله بالنهار، ويتوسلون بالقمر وبدعوته، والقمر وعبادته، وأبو معشر البلخي له «مصحف القمر» يذكر فيه من الكفريات والسحريات ما يناسب الاستعاذة منه».
وقال ابن القيم ( ): «روي أن سائلاً سأل مسيلمة: كيف يأتيك الذي يأتيك؟ فقال: «في ظلماء حندس» وسئل النبي : «كيف يأتيك؟ فقال: «في مثل ضوء النهار». فاستدل بهذا على نبوته، وأن الذي يأتيه ملك من عند الله، وأن الذي يأتي مسيلمة شيطان.
ولهذا كان سلطان السحر إنما هو بالليل دون النهار؛ فالسحر الليلي عندهم هو السحر القوي التأثير، ولهذا كانت القلوب المظلمة هي محال الشياطين وبيوتهم ومأواهم والشياطين تجول فيها وتتحكم، كما يتحكم ساكن البيت فيه، وكلما كان القلب أظلم كان للشيطان أطوع، وهو فيه أثبت وأمكن.
ومن ههنا تعلم السر في الاستعاذة برب الفلق في هذا الموضع؛ فإن الفلق هو الصبح الذي هو مبدأ ظهور النور، وهو الذي يطرد جيش الظلام، وعسكر المفسدين في الليل فيأوي كل خبيث وكل مفسد وكل لص، وكل قاطع طريق إلى سرب أو كن أو غار، وتأوي الهوام إلى أجحرتها، والشياطين التي انتشرت بالليل إلى أمكنتها ومحالها.
قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}: هذا هو المستعاذ منه الثالث في هذه السورة، وهو: شر النفاثات.
و «النفاثات»: جمع نفاثة، وهن السواحر اللاتي يعقدن وينفثن على كل عقدة، حتى ينعقد ما يردن من السحر، والنفث: هو النفخ مع ريق، وهو دون التفل، وهو مرتبة بينهما. والعقد: عقد الخيوط التي يعقدنها وينفثن فيها ( )؛ قال : «من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئًا وكل إليه»( ).
والنفاثات: السواحر اللاتي يرقين وينفثن في العقد ( ).
والمراد بالنفاثات: الأنفس الخبيثة السواحر، فيشمل جميع الأنفس السواحر الخبيثة، من الذكور والإناث.
وقيل: المراد النساء السواحر، وخص النساء بالذكر لأن السحر فيهن أكثر؛ لضعف عقولهن ودينهن.
قال ابن القيم ( ): «والجواب المحقق أن النفاثات هنا: هن الأرواح والأنفس النفاثات؛ لأن تأثير السحر إنما هو من جهة الأنفس الخبيثة والأرواح لشريرة، وسلطانه إنما يظهر منها، ولهذا ذكرت النفاثات هنا بلفظ التأنيث، دون التذكير، والله أعلم».
وقال أيضًا ( ): «والنفث فعل الساحر، فإذا تكيفت نفسه بالخبث والشر الذي يريده بالمسحور، ويستعين عليه بالأرواح الخبيثة، نفخ في تلك العقد نفخًا معه ريق، فيخرج من نفسه الخبيثة نفس ممازج للشر والأذى، مقترن بالريق الممازج لذلك، وقد تساعد هو والروح الشيطانية على أذى المسحور، فيقع فيه السحر بإذن الله الكوني القدري، لا الأمري الشرعي».
قال الزمخشري ( ): «وعرف النفاثات لأن كل نفاثة شريرة، ونكر غاسق لأنه ليس كل غاسق فيه الشر؛ إنما يكون في بعض دون بعض، وكذلك كل حاسد لا يضر، ورب حسد محمود وهو الحسد في الخيرات».


 
 توقيع : أبوحذيفة



رد مع اقتباس
قديم 30 Sep 2011, 07:41 PM   #7
أبوحذيفة
جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبوحذيفة
أبوحذيفة غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 1709
 تاريخ التسجيل :  Aug 2007
 أخر زيارة : 11 Mar 2016 (11:56 PM)
 المشاركات : 1,710 [ + ]
 التقييم :  10
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: من كتاب الحرز الأمين في تدبر سورتي الاخلاص والمعوذتين



الفوائد والأحكام:
1- حاجة الرسول  كغيره من البشر إلى الاعتصام بالله واللجوء إليه، وأنه قد تصيبه العوارض التي أمر في هذه السورة بالاستعاذة من شرها، وأنه  لا يملك جلب الخير لنفسه، ولا دفع الضر عنها، وكذا غيره من الخلق من باب أولى لا يملكون شيئًا من ذلك، وإنما المالك لذلك كله هو الله عز وجل؛ لقوله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، وهذا أمر له  ولأفراد أمته، وفي هذا رد على الذين يغلون بالنبي ، ويصرفون له شيئًا من أنواع العبادة، مما لا يجوز صرفه إلا لله، ومما لا يقدر عليه إلا الله، كالذين يطلبون منه  كشف الكروب، ودفع الخطوب، ونحو ذلك، ولهذا لما سأل أُبَيٌّ بن كعب رسول الله  عن قوله عز وجل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} قال: «قيل لي»( ).
2- أن الرسول  إنما هو مبلغ عن الله عز وجل؛ لقوله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، كما قال عز وجل: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ}( )، وقال عز وجل: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ}( ). وفي هذا رد على من يقول من المشركين والجهمية والمعتزلة ومن سلك طريقهم: إن هذا القرآن العربي وهذا النظم كلام الرسول ابتدأ به( )، كما أن فيه الرد على الغلاة الذين يرفعونه  إلى مقام الربوبية.
3- إثبات الربوبية العامة لله عز وجل؛ لقوله: {بِرَبِّ الْفَلَقِ}: فهو الذي فلق وخلق جميع الخلق، وهو مالكهم ومدبرهم.
4- مشروعية الاستعاذة برب الفلق من جميع شرور الخلق؛ لقوله {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}.
5- إثبات كمال قدرته عز وجل؛ لقوله: {بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( ): «وفلق الشيء عن الشيء هو دليل على تمام القدرة، وإخراج الشيء من ضده، كما يخرج الحي من الميت، والميت من الحي، وهذا من نوع الفلق؛ فهو سبحانه قادر على دفع الضد المؤذي بالضد النافع».
6- أن المستعاذ به هو الله وحده {رَبِّ الْفَلَقِ}؛ فهو الذي يعيذ ويعصم من استعاذ به من جميع الشرور؛ بخلاف من سواه؛ فلا قدرة لهم على ذلك؛ بل لا يزيدون من استعاذ بهم إلا خوفًا ورهقًا؛ كما قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}( ).
7- أن عامة المخلوقات قد لا تخلو من الشر لقوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} و «ما» ههنا موصولة تفيد العموم لكنه عموم تقييدي لا إطلاقي؛ أي: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} مما فيه شر كشياطين الإنس والجن والنار والهوام وغير ذلك، ولا يدخل في هذا ما هو خير من المخلوقات كالجنة والملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
8- أن الشر ليس إلى الله؛ لقوله: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}؛ فالشر مسند في الآية إلى المخلوق المفعول، لا إلى الخالق سبحانه؛ فالشر في مخلوقاته، وفي مفعولاته، لا في فعله عز وجل كما قال : «والشر ليس إليك»( ).
قال ابن القيم رحمه الله ( ): «فإن الشر لا يدخل في شيء من صفاته، ولا في أفعاله، كما لا يلحق ذاته تبارك وتعالى؛ فإن ذاته لها الكمال المطلق، الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وأوصافه كذلك لها الكمال المطلق، والجلال التام، ولا عيب فيها ولا نقص بوجه ما، وكذلك أفعاله كلها خيرات محضة، لا شر فيها أصلاً، وما يفعله من العدل بعباده وعقوبة من يستحق العقوبة منهم هو خير محض؛ إذ هو محض العدل والحكمة، وإنما يكون شرًا بالنسبة إليهم؛ فالشر وقع في تعلقه بهم وقيامه بهم؛ لا في فعله القائم به تعالى، ونحن لا ننكر أن يكون في مفعولاته المنفصلة؛ فإنه خالق الخير والشر؛ ولكن هناك أمران ينبغي أن يكونا منك على بال؛ أحدهما: أن ما هو شر ومتضمن للشر فإنه لا يكون إلا مفعولاً منفصلاً لا يكون وصفًا له، ولا فعلاً من أفعاله.
الثاني: أن كونه شرًا هو أمر نسبي إضافي، فهو خير من جهة تعلق فعل الرب وتكوينه به، وشر من جهة نسبته إلى من هو شر في حقه، فله وجهان هو من أحدهما خير وهو الوجه الذي نسب منه إلى الخالق سبحانه وتعالى، خلقًا وتكوينًا ومشيئة، لما فيه من الحكمة البالغة التي استأثر بعلمها، وأطلع من شاء من خلقه على ما شاء منها.
ثم مثل ابن القيم - رحمه الله – بقطع يد السارق فهو شر بالنسبة إليه، وخير محض بالنسبة إلى عموم الناس؛ لما فيه من حفظ أموالهم، ودفع الضرر عنهم، وخير بالنسبة إلى متولي القطع أمرًا وحكمًا، لما في ذلك من الإحسان إلى عبيده عمومًا بإتلاف هذا العضو المؤذي لهم المضر بهم، فهو محمود على حكمه بذلك وأمره به، مشكور عليه، يستحق عليه الحمد من عباده، والثناء عليه، والمحبة له.
ومثل أيضًا بقتل الصائل عليهم في دمائهم وحرماتهم... إلى أن قال: «وتأمل طريقة القرآن في إضافة الشر تارة إلى سببه، ومن قام به، كقوله تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}( )، وكقوله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ}( )، وتارة بحذف فاعله، كقوله حكاية عن مؤمني الجن: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}( ). فحذفوا فاعل الشر ومريده، وصرحوا بمريد الرشد إلى غير ذلك من الأمثلة التي ذكرها رحمه الله( ).
9- مشروعية الاستعاذة برب الفلق من الليل إذا أقبل بظلامه ودخل في كل شيء؛ لقوله: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}، وهذا من عطف الخاص على العام؛ لأنه داخل تحت عموم قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}، وإنما خص هذا بعد العموم؛ لأن الليل وظلمته محل سلطان الأنفس والأرواح الشريرة والخبيثة ووقت انتشارها للسعي بالفساد، من شياطين الإنس والجن والهوام، وغير ذلك.
10- مشروعية الاستعاذة برب الفلق من شر السواحر؛ لقوله: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}، وهذا أيضًا كسابقه من عطف الخاص على العام؛ فإنه داخل تحت عموم قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}، وإنما خص شر السواحر – كما خص قبله شر الغاسق – لعظيم خطر السحر، وشدة شر السواحر.
11- إثبات حقيقة السحر وتأثيره بإذن الله الكوني ( ) لقوله {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} ولقوله عز وجل: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}( ). وقال تعالى: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}( ).
وعن زيد بن أرقم قال: سحر النبي  من اليهود فاشتكى لذلك أيامًا. قال: فجاءه جبريل فقال: إن رجلاً من اليهود سحرك؛ عقد لك عقدًا في بئر كذا وكذا، فأرسل إليها من يجيء بها، فبعث رسول الله  عليًا  فاستخرجها، فجاء بها، فحللها قال: فقام رسول الله  كأنما نشط من عقال، فما ذكر ذلك لليهودي، ولا رآه في وجهه قط حتى مات»( ).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله  سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن – قال سفيان بن عيينة: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا – فقال: «يا عائشة، أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال مطبوب. قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، رجل من بني زريق حليف ليهود، وكان منافقًا. قال: وفيم؟ قال: في مشط ومشاقة. قال: وأين؟ قال: في جَفِّ طلع ذكر، تحت راعوفة في بئر ذروان، قال: فأتى البئر حتى استخرجه، فقال: هذه البئر التي أريتها، وكأن ماءها نقاعة الحناء( )، وكأن نخلها رؤوس الشياطين. قال: فاستخرج، فقلت: أفلا – أي: تنشرت؟ قال: «أمَّا الله فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرًا»( ).
قال ابن القيم( ): «وهذا الحديث ثابت عند أهل العلم بالحديث، متلقى بالقبول بينهم، لا يختلفون في صحته، وليس في هذه الأحاديث الثابتة في أنه  سحر تصديق لقول المشركين: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا}( )، وكما قال قوم صالح: {إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ}( ) وكذا قال قوم شعيب له {إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ}( )؛ لأن الذي أصابه – كما دلت عليه هذه الأحاديث مرض من الأمراض يصيب غيره، ولا يمنع من اتباعه ؛ وهذا بخلاف ما زعمه المشركون، وكذا ما قاله قوم صالح وقوم شعيب لهما فإنهم يقصدون بأن هؤلاء الرسل سحروا فزالت عقولهم حتى أصبحوا لا يدري الواحد منهم ما يقول كالمجانين.
كما قال الله تعالى عنهم: {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ}( )، وهم يقصدون بذلك تحذير سفهائهم من اتباع الرسل ( ).
وقد أنكر تأثير السحر وأن له حقيقة طائفة من أهل الكلام من المعتزلة والعقلانيين وغيرهم، وقالوا: إنه لا تأثير للسحر البتة، لا في مرض، ولا قتل، ولا حل ولا عقد، وقولهم هذا لا مستند له إلا تحكيم عقولهم القاصرة، وهو باطل بدلالة الكتاب والسنة وخلاف ما عليه عامة علماء الأمة، بل وخلاف ما يدل عليه الواقع.
قال ابن القيم( ) بعد ما ذكر هذا القول: «وهذا خلاف ما تواتر به الآثار عن الصحابة والسلف، واتفق عليه الفقهاء، وأهل التفسير والحديث، وما يعرفه عامة العقلاء...».
12- أن السحر من أعظم الذنوب، بل هو من أكبر الكبائر، لأن الله أمر بالاستعاذة من السواحر، بعد الأمر بالاستعاذة من جميع شرور الخلق مما يدل على خطره وعظيم جرمه وشدة ضرره وشره، وفي حديث أبي هريرة  قال: قال رسول الله : «اجتنبوا السبع الموبقات» وذكر منهن «السحر»( ).
ولهذا كانت عقوبة الساحر القتل حدًا كما قال : «حد الساحر ضربة بالسيف»( ).
وعن جندب بن عبد الله  قال: كتب لنا عمر: «أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال: فقتلنا ثلاث سواحر»( ). وصح عن حفصة رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها؛ قال الإمام أحمد: «صح عن ثلاثة من أصحاب النبي  قتل الساحر»؛ يعني: عمر وحفصة وجندب بن عبد الله ( ).
13- مشروعية الاستعاذة برب الفلق من شر الحاسد إذا حسد؛ لقوله: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}، وخصه بالذكر مع أنه داخل تحت قوله {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} كشر الغاسق إذا وقب وشر النفاثات في العقد؛ كل ذلك من باب ذكر الخاص بعد العام ( ) تنبيها وتوكيدًا على عظم خطر وضرر هذه المخصوصات.
14- أن الحسد إنما يؤثر إذا أظهره الحاسد وحققه وعمل بمقتضاهن من بغي الغوائل للمحسود بقوله، أو فعله، أو إتباعه لنفسه ما عند المحسود من نعمة، وفي الحديث: «إذا حسدت فلا تبغ»( ). وذلك لأن الحسد لا يكاد يخلو منه أحد، ويكثر الحسد بين الأقران الذي يزاولون أعمالاً وحرفًا متشابهة؛ كأصحاب المحلات التجارية والبيع والشراء، وأصحاب الأعمال المهنية، وأرباب الأعمال الوظيفية والمناصب الذين يحصل بينهم التنافس، وكذا كثير من طلاب العلم؛ بل والعلماء، إلا من عصمه الله من ذلك، ولهذا يجب الاحتراس والحذر كل الحذر من ذلك، وتعاهد القلب وإصلاحه والنأي به عن هذا المرض الخطير والداء الوبيل؛ فإن القلوب عليها مدار صلاح الأعمال؛ قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}( ). وقال : «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»( ).
15- أنه لا واقي ولا كافي ولا حافظ ولا معيذ من جميع شرور الخلق ومن شر الغاسق والسحر والحسد وغير ذلك إلا الله وحده؛ لأن الله أمر بالاستعاذة به سبحانه من جميع هذه الشرور وقد قال عز وجل: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}( )، وقال عز وجل: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}( ). وقال  لابن عباس رضي الله عنهما: «احفظ الله يحفظك» الحديث( ).
وفي حديث أنس بن مالك  أن من قال حين يخرج من بيته: «بسم الله آمنت بالله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، أجابه الملك بقوله: كفيت ووقيت، وتنحى عنه الشيطان»( ).


 
 توقيع : أبوحذيفة



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
العلاج والتداوي بالإخلاص والمعوذتين . ابن الورد دراسات وبحوث وتحليل المنتدى ـ الإدارة العلمية والبحوث Studies and Research and Analysis Forum 2 18 Dec 2011 06:12 PM
ذكريات تربوية وعلمية .. مع العلامة الأمين ( صاحب أضواء البيان ) لا تجدها في كتاب اللهم اشفني منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 2 22 Oct 2010 01:09 AM
كتاب ( تدبر القرآن )..... أبو سفيان المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 0 29 Sep 2008 02:28 PM
فضائل سورتي المعوذتين ابن الورد عالم الجان ـ علومه ـ أخباره ـ أسراره ـ خفاياه . الإدارة العلمية والبحوث World of the jinn 4 29 Oct 2007 10:00 PM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 05:59 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي