اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ : روى الإمام مسلم عن أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن صام رمضان ثم أتبَعَه ستًّا من شوَّال، كان كصيام الدهر))؛ وروى الإمام الطبراني عن عبدالله ابن عمررضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضانَ وأتبعه ستًّا من شوَّالٍ خرج من ذنوبِه كيومِ ولدته أمُّه ) .

اللهم ربنا تقبل منا الصيام والصلاة والقرآن والقيام والدعاء وسائر صالح الأعمال ،وأجعلنا ممن قام ليلة القدر واجعلنا فيها من الفائزين المقبولين وكل عام ونحن وجميع المسلمين في خيرورخاء وصحة وعافية وسعادة وأمن وأمان .


           :: برنامج المجهر - قوى خفية (الجزء الثالث) ولع الغيبيات . (آخر رد :ابن الورد)       :: برنامج المجهر - قوى خفية (الجزء الثاني) العين والحسد والمس . (آخر رد :ابن الورد)       :: 0:00 / 53:37 برنامج المجهر - حلقة الدجل والشعوذة (الجزء الثاني) . (آخر رد :ابن الورد)       :: برنامج المجهر - قوى خفية (الجزء الأول) عالم السحرة . (آخر رد :ابن الورد)       :: جنوب إفريقيا: شعوذة وسحر لربح مباريات كرة القدم . (آخر رد :ابن الورد)       :: السحر في أمم إفريقيا.. الشرطة تشارك وزملاء يهاجمون بعضهم . (آخر رد :ابن الورد)       :: السحر في الكرة الإفريقية داء أم دواء وهمي ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: رحلتي الخطيرة في إستكشاف السحر الأسود في أدغال أفريقيا - التوجو . (آخر رد :ابن الورد)       :: شاهد عيان .. سحر في أفريقيا . (آخر رد :ابن الورد)       :: السحر والشعوذة تجارة رائجة في أفريقيا . (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum عقيدة وفقه ومعاملات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 15 Mar 2010, 02:38 AM
محمد الغماري
وسام الشرف
محمد الغماري غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5229 يوم
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : محمد الغماري is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
الشرك



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين



اليكم اخواني واخواتي فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن الشرك






 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]

رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 02:38 AM   #2
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


هل يخرج الشرك الأصغر صاحبه من الملة
هل يخرج الشرك الأصغر صاحبه من الملة ؟



الشرك الأصغر لا يخرج من الملة، بل ينقص الإيمان وينافي كمال التوحيد الواجب، فإذا قرأ الإنسان يرائي أو تصدق يرائي، أو نحو ذلك نقص إيمانه وضعف وأثم على هذا العمل، لكن لا يكفر كفراً أكبر.


http://www.binbaz.org.sa/mat/8


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 02:39 AM   #3
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


توضيح معنى الشرك بالله
ما هو الشرك وما تفسير قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ؟




الشرك على اسمه هو تشريك غير الله مع الله في العبادة كأن يدعو الأصنام أو غيرها ، يستغيث بها أو ينذر لها أو يصلي لها أو يصوم لها أو يذبح لها ، ومثل أن يذبح للبدوي أو للعيدروس أو يصلي لفلان أو يطلب المدد من الرسول صلى الله عليه وسلم أو من عبد القادر أو من العيدروس في اليمن أو غيرهم من الأموات والغائبين فهذا كله يسمى شركا ، وهكذا إذا دعا الكواكب أو الجن أو استغاث بهم أو طلبهم المدد أو ما أشبه ذلك ، فإذا فعل شيئا من هذه العبادات مع الجمادات أو مع الأموات أو الغائبين صار هذا شركا بالله عز وجل ، قال الله جل وعلا : وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [1] وقال سبحانه : وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[2] ومن الشرك أن يعبد غير الله عبادة كاملة ، فإنه يسمى شركا ويسمى كفرا ، فمن أعرض عن الله بالكلية وجعل عبادته لغير الله كالأشجار أو الأحجار أو الأصنام أو الجن أو بعض الأموات من الذين يسمونهم بالأولياء يعبدهم أو يصلي لهم أو يصوم لهم وينسى الله بالكلية فهذا أعظم كفرا وأشد شركا ، نسأل الله العافية ، وهكذا من ينكر وجود الله ، ويقول ليس هناك إله والحياة مادة كالشيوعيين والملاحدة المنكرين لوجود الله هؤلاء أكفر الناس وأضلهم وأعظمهم شركا وضلالا نسأل الله العافية ، والمقصود أن أهل هذه الاعتقادات وأشباهها كلها تسمى شركا وتسمى كفرا بالله عز وجل ، وقد يغلط بعض الناس لجهله فيسمى دعوة الأموات والاستغاثة بهم وسيلة ، ويظنها جائزة وهذا غلط عظيم . لأن هذا العمل من أعظم الشرك بالله ، وإن سماه بعض الجهلة أو المشركين وسيلة ، وهو دين المشركين الذي ذمهم الله عليه وعابهم به ، وأرسل الرسل وأنزل الكتب لإنكاره والتحذير منه ، وأما الوسيلة المذكورة في قول الله عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ[3].
فالمراد بها التقرب إليه سبحانه بطاعته ، وهذا هو معناها عند أهل العلم جميعا ، فالصلاة قربة إلى الله فهي وسيلة ، والذبح لله وسيلة كالأضاحي والهدي ، والصوم وسيلة ، والصدقات وسيلة ، وذكر الله وقراءة القرآن وسيلة ، وهذا هو معنى قوله جل وعلا : اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ
[4] يعني ابتغوا القربة إليه بطاعته ، هكذا قال ابن كثير وابن جرير والبغوي وغيرهم من أئمة التفسير ، والمعنى التمسوا القربة إليه بطاعته واطلبوها أينما كنتم مما شرع الله لكم ، من صلاة وصوم وصدقات وغير ذلك ، وهكذا قوله في الآية الأخرى : أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ[5] هكذا الرسل واتباعهم يتقربون إلى الله بالوسائل التي شرعها من جهاد وصوم وصلاة وذكر وقراءة قرآن إلى غير ذلك من وجوه الوسيلة ، أما ظن بعض الناس أن الوسيلة هي التعلق بالأموات والاستغاثة بالأولياء فهذا ظن باطل ، وهذا اعتقاد المشركين الذين قال الله فيهم : وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤلاء شفعاؤنا عند الله[6] فرد عليهم سبحانه بقوله : قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [7].


[1] سورة الأنعام الآية 88.
[2] سورة الزمر الآية 65.
[3] سورة المائدة الآية 35.
[4] سورة المائدة الآية 35.
[5] سورة الإسراء الآية 57.
[6] سورة يونس الآية 18.
[7] سورة يونس الآية 18


http://www.binbaz.org.sa/mat/28


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 02:40 AM   #4
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


حكم بعض الممارسات الشركية عند القبور
انتشرت في بعض المجتمعات الإسلامية مخالفات متعددة منها ما يقع عند بعض القبور ومنها ما يتصل بالحلف والأيمان والنذور، وقد تختلف أحكام هذه المخالفات بين ما يكون منها من قبيل الشرك المخرج من الملة، وما يكون دون ذلك فحبذا لو تفضل سماحتكم ببسط القول وبيان أحكام تلك المسائل لهم، ونصيحة أخرى لعامة المسلمين ترهيبا لهم من التساهل بأمر تلك المخالفات والتهاون بشأنها.




الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فإن كثيرا من الناس تلتبس عليهم الأمور المشروعة بالأمور الشركية والمبتدعة حول القبور، كما أن كثيرا منهم قد يقع في الشرك الأكبر بسبب الجهل والتقليد الأعمى. فالواجب على أهل العلم في كل مكان أن يوضحوا للناس دينهم وأن يبينوا لهم حقيقة التوحيد، وحقيقة الشرك، كما يجب على أهل العلم أن يوضحوا للناس وسائل الشرك وأنواع البدع الواقعة بينهم حتى يحذروها لقول الله عز وجل:
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ[1] الآية، وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ * إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[2]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من دل على خير فله مثل أجر فاعله)) رواه مسلم في صحيحه، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا)) رواه مسلم أيضا. وفي الصحيحين عن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين))، والآيات والأحاديث في الدعوة إلى نشر العلم وترغيب الناس في ذلك والتحذير من الإعراض وكتمان العلم كثيرة.
أما ما يقع عند القبور من أنواع الشرك والبدع في بلدان كثيرة فهو أمر معلوم وجدير بالعناية والبيان والتحذير منه، فمن ذلك دعاء أصحاب القبور والاستغاثة بهم، وطلب شفاء المرضى والنصر على الأعداء ونحو ذلك، وهذا كله من الشرك الأكبر الذي كان عليه أهل الجاهلية قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[3]، وقال سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ[4]، وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاه[5] والمعنى أمر وأوصى، وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ[6] الآية. والآيات في هذا المعنى كثيرة، والعبادة التي خلق الثقلان لأجلها وأمروا بها هي توحيده سبحانه وتخصيصه بجميع الطاعات التي أمر بها من صلاة وصوم وزكاة وحج وذبح ونذر وغير ذلك من أنواع العبادة؛ كما قال سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[7] والنسك هو العبادة ومنها الذبح كما قال سبحانه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[8]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله من ذبح لغير الله)) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال الله سبحانه: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[9]، وقال عز وجل: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ[10]، وقال عز وجل في سورة فاطر: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ[11]، فأوضح سبحانه في هذه الآيات أن الصلاة لغيره والذبح لغيره ودعاء الأموات والأصنام والأشجار والأحجار كل ذلك من الشرك بالله والكفر به.
وأن جميع المدعوين من دونه من أنبياء أو ملائكة أو أولياء أو جن أو أصنام أو غيرهم لا يملكون لداعيهم نفعا ولا ضرا، وأن دعوتهم من دونه سبحانه شرك وكفر، كما أوضح سبحانه أنهم لا يسمعون دعاء داعيهم ولو سمعوا لم يستجيبوا له.
فالواجب على جميع المكلفين من الجن والإنس الحذر من ذلك والتحذير منه وبيان بطلانه، وأنه يخالف ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام من الدعوة إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له، كما قال سبحانه:
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[12]، وقال سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ[13]، وقد مكث صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة ثلاث عشرة سنة يدعو فيها إلى الله سبحانه ويحذر الناس من الشرك به، ويوضح لهم معنى لا إله إلا الله فاستجاب له الأقلون، واستكبر عن طاعته واتباعه الأكثرون، ثم هاجر إلى المدينة عليه الصلاة والسلام فنشر الدعوة إلى الله سبحانه هناك بين المهاجرين والأنصار، وجاهد في سبيل الله، وكتب إلى الملوك والرؤساء، وأوضح لهم دعوته وما جاء به من الهدى، وصبر وصابر في ذلك هو وأصحابه رضي الله عنهم، حتى ظهر دين الله ودخل الناس في دين الله أفواجا، وانتشر التوحيد وزال الشرك من مكة والمدينة ومن سائر الجزيرة على يده صلى الله عليه وسلم وعلى يد أصحابه من بعده، ثم قام أصحابه بالدعوة إلى الله سبحانه والجهاد في سبيله في المشارق والمغارب حتى نصرهم الله على أعدائه ومكن لهم في الأرض وظهر دين الله على سائر الأديان، كما وعد بذلك سبحانه في كتابه العظيم حيث قال عز وجل: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ[14]، ومن البدع ووسائل الشرك ما يفعل عند القبور من الصلاة عندها والقراءة عندها وبناء المساجد والقباب عليها، وهذا كله بدعة ومنكر ومن وسائل الشرك الأكبر، ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها. وفي صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك))، فأوضح صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين وما جاء في معناهما: أن اليهود والنصارى كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد. فحذر أمته من التشبه بهم باتخاذها مساجد والصلاة عندها والعكوف عندها والقراءة عندها، لأن هذا كله من وسائل الشرك، ومن ذلك البناء عليها واتخاذ القباب والستور عليها، فكل ذلك من وسائل الشرك والغلو في أهلها، كما قد وقع ذلك من اليهود والنصارى ومن جهال هذه الأمة حتى عبدوا أصحاب القبور وذبحوا لهم واستغاثوا بهم، ونذروا لهم وطلبوا منهم شفاء المرضى والنصر على الأعداء كما يعلم ذلك من عرف ما يفعل عند قبر الحسين، والبدوي، والشيخ عبد القادر الجيلاني، وابن عربي وغيرهم من أنواع الشرك الأكبر والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها والكتابة عليها، وما ذاك إلا لأن تجصيصها والبناء عليها من وسائل الشرك الأكبر بأهلها. فالواجب على جميع المسلمين حكومات وشعوبا الحذر من هذا الشرك ومن هذه البدع وسؤال أهل العلم المعروفين بالعقيدة الصحيحة، والسير على منهج سلف الأمة عما أشكل عليهم من أمور دينهم حتى يعبدوا الله على بصيرة عملا بقول الله عز وجل: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[15]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين))ومعلوم أن العباد لم يخلقوا عبثا وإنما خلقوا لحكمة عظيمة وغاية شريفة، وهي عبادة الله وحده دون كل ما سواه كما قال عز وجل: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ[16]، ولا سبيل إلى معرفة هذه العبادة إلا بتدبر الكتاب العظيم والسنة المطهرة، ومعرفة ما أمر الله به ورسوله من أنواع العبادة وسؤال أهل العلم عما أشكل في ذلك، وبذلك تعرف عبادة الله سبحانه وتعالى التي خلق العباد من أجلها وتؤدي على الوجه الذي شرعه الله، وهذا هو السبيل الوحيد إلى مرضاة الله سبحانه والفوز بكرامته، والنجاة من غضبه وعقابه، وفق الله المسلمين لكل ما فيه رضاه، ومنحهم الفقه في دينه وولى عليهم خيارهم وأصلح قادتهم، ووفق علماء المسلمين لأداء ما يجب عليهم من الدعوة والتعليم والنصح والتوجيه إنه جواد كريم.
ومن أنواع الشرك الحلف بغير الله كالحلف بالأنبياء وبرأس فلان وحياة فلان والحلف بالأمانة والشرف، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)) متفق على صحته.
وقوله صلى الله عليه وسلم:
((من حلف بشيء دون الله فقد أشرك)) رواه الإمام أحمد عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإسناد صحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)) أخرجه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وقال عليه الصلاة والسلام: ((من حلف بالأمانة فليس منا))، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: ((لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون)) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، والحلف بغير الله من الشرك الأصغر وقد يفضي إلى الشرك الأكبر إذا اعتقد تعظيمه مثل تعظيم الله أو أنه ينفع ويضر دون الله، أو أنه يصلح لأن يدعى أو يستغاث به، ومن هذا الباب قول: ما شاء الله وشاء فلان، ولولا الله وفلان وهذا من الله وفلان، وهذا كله من الشرك الأصغر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان))، وبهذا يعلم أنه لا حرج بأن يقول: لولا الله ثم فلان، أو هذا من الله ثم فلان.. إذا كان له تسبب في ذلك. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أن رجلا قال له: ما شاء الله وشئت، فقال له صلى الله عليه وسلم: ((أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده))، فدل هذا الحديث على أنه إذا قال: ما شاء الله وحده فهذا هو الأكمل، وإن قال ما شاء الله ثم شاء فلان فلا حرج جمعا بين الأحاديث والأدلة كلها. والله ولي التوفيق.


http://www.binbaz.org.sa/mat/154


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 02:41 AM   #5
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


سؤال الميت والاستغاثة به من الشرك الأكبر
ما يفعله بعض الجهلة حول بعض القبور من سؤال الميت والاستغاثة به وطلبه الشفاء أو النصر على الأعداء أو المدد ، ما حكمه لأن هذا موجود في كثير من الأمصار؟



بسم الله، والحمد لله: هذا العمل من الشرك الأكبر، وهو شرك المشركين الأولين من قريش وغيرهم كانوا يعبدون اللات والعزى ومناة وأوثانا وأصناما كثيرة ويستغيثون بها ويستعينون بها على الأعداء كما قال أبو سفيان يوم أحد: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: ((قولوا له: الله مولانا ولا مولى لكم)) فقال: أبو سفيان: أعل هبل، مراده أعل يا هبل يعني الصنم الذي كانت تعبده قريش في مكة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ردوا عليه)) فقالوا: ما نقول: يا رسول الله قال: ((قولوا: الله أعلى وأجل))، والمقصود أن دعاء الأموات والأصنام والأحجار والشجر وغيرها من المخلوقات والاستغاثة بها أو الاستنصار بها والذبح لها والنذر لها والطواف بها كل ذلك من الشرك الأكبر؛ لأن ذلك كله من العبادة لغير الله ومن أعمال المشركين الأولين والآخرين، فالواجب الحذر منها والتوبة إلى الله من ذلك.
والواجب على أهل العلم والدعاة إلى الله سبحانه أن ينصحوا من يتعاطى ذلك ويعلموه ويرشدوه ويوضحوا له أن هذا شرك المشركين الأولين الذين قال الله فيهم:
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ[1] الآية، وقال سبحانه في ذلك: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[2]، وقال فيه سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[3]، وقال فيه سبحانه: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ[4]، وقال فيه عز وجل يخاطب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[5]، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ((من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار)) رواه البخاري في صحيحه، وقال صلى الله عليه وسلم: ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا)) متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار))
رواه مسلم في صحيحه.
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
ونسأل الله أن يمنح المسلمين الفقه في دينه، وأن يعيذهم من كل ما يغضبه، وأن يمن عليهم بالتوبة النصوح من كل شر، وأن يوفق علماء المسلمين في كل مكان لنشر العلم وإرشاد الجهال إلى ما خلقوا له من توحيد الله وطاعته، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يوفق قادة المسلمين ورؤسائهم للبصيرة في دينه وتحكيم شريعته وإلزام الشعوب بها إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

[1]سورة يونس الآية 18.
[2]سورة النساء الآية 48.
[3]سورة الأنعام الآية 88.
[4]سورة المائدة الآية 72.
[5]سورة الزمر الآية 65.



http://www.binbaz.org.sa/mat/231


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 02:42 AM   #6
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


من دعا النبي صلى الله عليه وسلم وهو ميت فقد أشرك
هل يكون من الشرك إذا قال أحد في أي بقاع الأرض: يا محمد يا رسول الله، يناديه؟



قد بين الله سبحانه في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم أن العبادة حق الله ليس فيها حق لغيره، وأن الدعاء من العبادة، فمن قال من الناس في أي بقعة من بقاع الأرض: يا رسول الله، أو يا نبي الله، أو يا محمد أغثني، أو أدركني، أو انصرني، أو اشفني، أو انصر أمتك، أو اشف مرضى المسلمين، أو اهد ضالهم، أو ما أشبه ذلك، فقد جعله شريكاً لله في العبادة، وهكذا من صنع مثل ذلك مع غيره من الأنبياء أو الملائكة أو الأولياء أو الجن أو الأصنام أو غيرهم من المخلوقات، لقول الله عز وجل: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ[1] وقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[2].
ولقوله تعالى في سورة الفاتحة: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[3]، وقوله سبحانه: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ[4]، وقوله عز وجل: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ[5]، فسمى الدعاء عبادة وأخبر أن من استكبر عنها سيدخل جهنم داخراً أي: صاغراً، وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ[6]، وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ[7]، وقال عز وجل: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ[8]، وقال سبحانه: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ[9]، وقال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[10].
وهذه الآيات وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث كلها تدل على أن العبادة حق الله وحده، وأن الواجب تخصيصه بها لكونه خلق العباد لذلك وأمرهم به، كما تدل على أن جميع المعبودين من دون الله لا يسمعون دعاء من يدعوهم، ولو فرض سماعهم لم يستجيبوا له، كما دلت أيضا على أن المعبودين من دون الله يتبرءون من عابديهم يوم القيامة، وينكرون عليهم ذلك، ويخبرونهم أنهم كانوا غافلين عن عبادتهم إياهم، وبين أنهم يكونون يوم القيامة أعداء لعابديهم من دون الله، وقد بعث الله الرسل عليهم الصلاة والسلام وعلى رأسهم خاتمهم وأفضلهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يدعون الناس إلى عبادة الله وحده، ويحذرونهم من عبادة ما سواه، كما قال سبحانه: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[11]، وقال عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ[12]، وقال عز وجل في سورة الرعد آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبلغهم ما أمره به: قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ[13]، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا)) متفق عليه من حديث معاذ رضي الله عنه، وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((الدعاء هو العبادة))، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار))، وفي صحيح مسلم أيضا عن طارق الأشجعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل)).
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: (أي الذنب أعظم؟) قال: ((أن تجعل لله ندا وهو خلقك)) الحديث، والأحاديث في هذا الباب كثيرة، ولا شك أن المستغيث بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأولياء والأنبياء والملائكة أو الجن، إنما فعلوا ذلك معتقدين أنهم يسمعون دعاءهم ويقضون حاجاتهم، وأنهم يعلمون أحوالهم وهذه أنواع من الشرك الأكبر، لأن الغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل، ولأن الأموات قد انقطعت أعمالهم وتصرفاتهم في عالم الدنيا، سواء كانوا أنبياء أو غيرهم؛ ولأن الملائكة والجن غائبون عنا مشغولون بشئونهم.
وليس لنا أن نصرف لهم شيئاً من حق الله أو ندعوهم مع الله عز وجل. لأن الله سبحانه أمرنا أن نعبده وحده دون ما سواه، وأخبر أنه خلق الثقلين لذلك، كما تقدم ذكر الآيات في هذا المعنى؛ ولأن جميع المعبودين من دون الله لا يستطيعون قضاء حاجات عابديهم ولا شفاء مرضاهم، ولا يعلمون ما في نفوسهم، وإنما الذي يقدر على ذلك ويعلم ما في الصدور. هو الله وحده، ومن الآيات الدالة على ذلك، قوله سبحانه: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ[14]، وسمى سبحانه في هذه الآية دعاء غيره شركا، وفي آية أخرى سماه كفراً، كما في قوله: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ[15].
وبين عز وجل في آية أخرى أن المعبودين دون الله من الأنبياء وغيرهم لا يملكون كشف الضر عن داعيهم ولا تحويله من حال إلى حال ولا من مكان إلى مكان أو من شخص إلى شخص آخر، كما قال عز وجل في سورة الإسراء: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا[16]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
تنبيه هام:
ليس من عبادة غير الله التعاون بين العباد الأحياء القادرين بمقتضى الأسباب الحسية، كطلب الإنسان من الإنسان الحي القادر الحاضر أو الغائب بالمكاتبة ونحوها أن يعينه على تعمير بيته أو إصلاح سيارته، أو أن يقرضه شيئاً من المال، أو يساعده في الجهاد، أو على التحرز من اللصوص، أو قطاع الطرق أو نحو ذلك، وهكذا خوف الإنسان من عدوه الحي، أو من اللصوص أو من المؤذين طبعاً كالسباع والحيات والعقارب، فيعمل بما يحرزه من ذلك.
ومن الأدلة على ذلك قوله سبحانه في سورة القصص في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ[17]، وقوله عز وجل: فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ[18]الآية، وقوله سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى[19]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه))، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، فينبغي التنبه لهذا الأمر والعناية به؛ لأن كثيرا من الجهال والمشركين يلبسون على بعض دعاة التوحيد بمثل هذه الأمور، والله المستعان.
[1] سورة الذاريات الآية 56.

[2] سورة البقرة الآية 21.

[3] سورة الفاتحة الآية 5.

[4] سورة غافر الآية 14.

[5] سورة غافر الآية 60.

[6] سورة البقرة الآية 186.

[7] سورة البينة الآية 5.

[8] سورة فاطر الآيات 13-14.

[9] سورة الأحقاف الآيات 5-6.

[10] سورة الجن الآية 18.

[11] سورة النحل الآية 36.

[12] سورة الأنبياء الآية 25.

[13] سورة الرعد الآية 36.

[14] سورة فاطر الآيات 13-14.

[15] سورة المؤمنون الآية 17.

[16] سورة الإسراء الآيات 56-57.

[17] سورة القصص الآية 15.

[18] سورة القصص الآية 21.

[19] سورة المائدة الآية 2.


http://www.binbaz.org.sa/mat/1672


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 02:43 AM   #7
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ذكر السحر بعد الشرك وقبل القتل هل هو دليل على عظم خطره؟
ذكر السحر في المرتبة الثانية بعد الشرك بالله قبل القتل مع عظم القتل في قوله صلى الله عليه وسلم: ((اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) فهل هذا دليل على عظم خطره مع أن القتل أشنع، وقد قيل: إن القتيل يأتي يوم القيامة تقطر أوداجه دماً يوم القيامة ممسكاً بمن قتله ليحاجه أمام الله، يا رب سل هذا فيم قتلني؟!



ليس القتل بأشنع من الكفر، فالكفر أعظم من القتل؛ لأن صاحبه مخلد في النار إذا مات عليه. أما القتل فهو كبيرة من الكبائر لكنه دون الشرك، فالقتل أسهل من الشرك؛ لأن المشرك مخلد في النار أبد الآباد إذا مات على شركه، أما القاتل فقد يعفو الله عنه لأسباب كثيرة، وإن دخل النار فإنه لا يخلد فيها، بل يخرج منها بعد بقائه فيها ما شاء الله، ويدخل الجنة إذا كان لم يستحل القتل، وقد مات على التوحيد والإيمان، كسائر أهل الكبائر دون الشرك، كما قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[1].
والخلاصة أن القتل دون السحر؛ لأن السحر كفر، ولا يتعاطاه الساحر إلا بعد كفره، وبعد عبادته للشياطين؛ ولهذا قرن بالشرك، وقال الله في حق السحرة: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ[2].
[1] سورة النساء الآية 48.

[2] سورة البقرة الآية 102.


http://www.binbaz.org.sa/mat/1909


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 02:43 AM   #8
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الشرك الأصغر لا يخرج من الملة
هل يخرج الشرك الأصغر صاحبه من الملة؟



الشرك الأصغر لا يخرج من الملة، بل ينقص الإيمان وينافي كمال التوحيد الواجب، فإذا قرأ الإنسان يرائي، أو تصدق يرائي، أو نحو ذلك نقص إيمانه وضعف، وأثم على هذا العمل، لكن لا يكفر كفراً أكبر.


http://www.binbaz.org.sa/mat/2031


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 02:44 AM   #9
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


حكم من مات على الشرك
ما حكم من مات على الشرك، وهو لا يعلم أنه من الشرك؟



من مات على الشرك فهو على خطر عظيم؛ لقول الله سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[1]، وقال تعالى: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ[2]، وقال تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا[3]، وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[4]، فهذا وعيدهم ومصيرهم كسائر الكفرة الكفر الأكبر، وحكمهم في الدنيا أنهم لا يغسلون ولا يصلى عليهم ولا يدفنون في مقابر المسلمين، أما إن كان أحد منهم لم تبلغه الدعوة - أعني القرآن والسنة - فهذا أمره إلى الله سبحانه يوم القيامة كسائر أهل الفترة، والأرجح عند أهل العلم في ذلك في حكمهم أنهم يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب دخل الجنة ومن عصى دخل النار. وقد بسط الكلام في ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في آخر كتابه "في طريق الهجرتين". حيث قال: (المذهب الثامن: أنهم يمتحنون في عرصات القيامة ويرسل إليهم هناك رسول وإلى كل من لم تبلغه الدعوة، فمن أطاع الرسول دخل الجنة، ومن عصاه أدخله النار، وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة وبعضهم في النار، وبهذا يتألف شمل الأدلة كلها).
أما إن كان أحد منهم عنده جهل فيما وقع فيه من الشرك فأمره إلى الله جل وعلا، والحكم على الظاهر، فمن كان ظاهره الشرك حكمه حكم المشركين وأمره إلى الله جل وعلا الذي يعلم كل شيء سبحانه وتعالى.
[1] سورة الأنعام من الآية 88.

[2] سورة التوبة الآية 17.

[3] سورة الفرقان الآية 23.

[4] سورة النساء الآية 48.


http://www.binbaz.org.sa/mat/2059


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 02:45 AM   #10
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


لا تجوز الإقامة في بلد يظهر فيه الشرك والكفر إلا للدعوة إلى الله
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى الأخ المكرم (ن.م) وفقه الله لما فيه رضاه وزاده من العلم والإيمان آمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإشارة إلى رسالتك التي تذكر فيها أنك شاب مسلم تقيم في إيطاليا، وأن بها شباباً من المسلمين كثيرين، وأن أغلبهم استجاب لرغبة الصليبيين في إبعادهم عن دين الإسلام وتعاليمه السامية، فأصبح أغلبهم لا يصلي، وتخلق بأخلاق سيئة، ويعمل المنكرات ويستبيحها.. إلى غير ذلك مما ذكرته في رسالتك.



وأفيدك بأن الإقامة في بلد يظهر فيها الشرك والكفر، ودين النصارى وغيرهم من الكفرة لا تجوز، سواء كانت الإقامة بينهم للعمل أو للتجارة أو للدراسة، أو غير ذلك؛ لقول الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا[1]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين))[2]، وهذه الإقامة لا تصدر عن قلب عرف حقيقة الإسلام والإيمان، وعرف ما يجب من حق الله في الإسلام على المسلمين، ورضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً. فإن الرضا بذلك يتضمن من محبة الله، وإيثار مرضاته، والغيرة لدينه، والانحياز إلى أوليائه ما يوجب البراءة التامة والتباعد كل التباعد من الكفرة وبلادهم، بل نفس الإيمان المطلق في الكتاب والسنة، لا يجتمع مع هذه المنكرات، وصح عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله بايعني واشترط، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعبد الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتناصح المسلمين وتفارق المشركين))[3] أخرجه أبو عبد الرحمن النسائي، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث السابق، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: ((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين))،وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا يقبل الله عز وجل من مشرك عملا بعدما أسلم؛ أو يفارق المشركين))[4]، والمعنى حتى يفارق المشركين. وقد صرح أهل العلم بالنهي عن ذلك، والتحذير منه، ووجوب الهجرة مع القدرة، اللهم إلا رجل عنده علم وبصيرة، فيذهب إلى هناك للدعوة إلى الله، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وشرح محاسن الإسلام لهم، وقد دلت آية سورة براءة: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ[5] على أن قصد أحد الأغراض الدنيوية ليس بعذر شرعي، بل فاعله فاسق متوعد بعدم الهداية إذا كانت هذه الأمور أو بعضها أحب إليه من الله ورسوله، ومن الجهاد في سبيل الله، وأي خير يبقى مع مشاهدة الشرك وغيره من المنكرات والسكوت عليها، بل وفعلها، كما حصل ذلك من بعض من ذكرت من المنتسبين للإسلام. وإن زعم المقيم من المسلمين بينهم أن له أغراضاً من الأغراض الدنيوية، كالدراسة، أو التجارة، أو التكسب، فذلك لا يزيده إلا مقتاً. وقد جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى الوعيد الشديد والتهديد الأكيد على مجرد ترك الهجرة، كما في آيات سورة النساء المتقدم ذكرها، وهي قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ[6] الآيات97 وما بعدها. فكيف بمن يسافر إلى بلاد الكفرة، ويرضى الإقامة في بلادهم، وكما سبق أن ذكرت أن العلماء رحمهم الله تعالى حرموا الإقامة والقدوم إلى بلاد يعجز فيها المسلم عن إظهار دينه، والمقيم للدراسة أو للتجارة أو للتكسب، والمستوطن حكمهم وما يقال فيهم حكم المستوطن لا فرق، إذا كانوا لا يستطيعون إظهار دينهم، وهم يقدرون على الهجرة.
وأما دعوى بغضهم وكراهتهم مع الإقامة في ديارهم فذلك لا يكفي، وإنما حرم السفر والإقامة فيها لوجوه، منها:
1- أن إظهار الدين على الوجه الذي تبرأ به الذمة متعذر وغير حاصل.
2- نصوص العلماء رحمهم الله تعالى، وظاهر كلامهم وصريح إشاراتهم أن من لم يعرف دينه بأدلته وبراهينه، ويستطيع المدافعة عنه، ويدفع شبه الكافرين، لا يباح له السفر إليهم.
3- من شروط السفر إلى بلادهم أمن الفتنة بقهرهم وسلطانهم وشبهاتهم وزخرفتهم، وأمن التشبه بهم والتأثر بفعلهم.
4- أن سد الذرائع وقطع الوسائل الموصلة إلى الشرك من أكبر أصول الدين وقواعده، ولا شك أنما ذكرته في رسالتك مما يصدر عن الشباب المسلمين الذين استوطنوا هذه البلاد هو من ثمرات بقائهم في بلاد الكفر، والواجب عليهم الثبات على دينهم والعمل به، وإظهاره، واتباع أوامره، والبعد عن نواهيه، والدعوة إليه، حتى يستطيعوا الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام. والله المسئول أن يصلح أحوالكم جميعاً، وأن يمنحكم الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعينكم على الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، وأن يوفقنا وإياكم وجميع المسلمين لكل ما يحبه ويرضاه، وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من مضلات الفتن ومن نزغات الشيطان، وأن يعيننا جميعاً على كل خير، وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يصلح ولاة أمور المسلمين ويمنحهم الفقه في دينه، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في بلادهم، والتحاكم إليها، والرضا بها، والحذر مما يخالفها، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
[1] سورة النساء الآيات 97 – 99.

[2] رواه الترمذي في السير برقم 1530؛ وأبو داود في الجهاد برقم 2274.

[3] رواه النسائي في البيعة برقم 4106 واللفظ له؛ وأحمد في مسند الكوفيين برقم 18436.

[4] رواه النسائي في الزكاة برقم 2521، وابن ماجه في الحدود برقم 2527.

[5] سورة التوبة الآية 24.

[6] سورة النساء الآية 97.


http://www.binbaz.org.sa/mat/2166


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شبهة هل الشرك هو عبادة الأصنام فقط؟ أبو خالد التوحيد ـ الإدارة العلمية والبحوث Monotheism - Scientific management and research 2 22 Nov 2011 08:24 PM
أقسام التوحيد وأقسام الشرك ... للشيخ عبدالعزيز بن باز محمد الغماري منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 2 04 Mar 2010 07:49 PM
فائدة ذكر السحر بعد الشرك وقبل القتل أبو سفيان السحر وخطره على المجتمعات قديما وحديثا . الإدارة العلمية والبحوث Research studies and the risk 2 26 Nov 2008 10:11 PM
الشرك الأكبر .. مكاوية منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 1 22 Feb 2008 06:18 PM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 02:01 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي