اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ : روى الإمام مسلم عن أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن صام رمضان ثم أتبَعَه ستًّا من شوَّال، كان كصيام الدهر))؛ وروى الإمام الطبراني عن عبدالله ابن عمررضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضانَ وأتبعه ستًّا من شوَّالٍ خرج من ذنوبِه كيومِ ولدته أمُّه ) .

اللهم ربنا تقبل منا الصيام والصلاة والقرآن والقيام والدعاء وسائر صالح الأعمال ،وأجعلنا ممن قام ليلة القدر واجعلنا فيها من الفائزين المقبولين وكل عام ونحن وجميع المسلمين في خيرورخاء وصحة وعافية وسعادة وأمن وأمان .


           :: صورة عجيبة.. هل توجد عناكب عملاقة فوق المريخ ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: اكتشاف على كوكب المريخ يثير حيرة العلماء . (آخر رد :ابن الورد)       :: خطبة جمعة : الوطن نعمته وأمانه - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: حلم (آخر رد :hoor)       :: أكثر شيء يحسدوننا اليهود عليه ثلاثة أشياء . (آخر رد :شبوه نت)       :: خطبة جمعة : أحب الأعمال إلى الله - الشيخ فيصل الحسني . (آخر رد :ابن الورد)       :: بالصور: اكتشاف تاريخي لجيمس ويب.. العثور على المادة الأولى للحياة . (آخر رد :ابن الورد)       :: ناسا تكشف: أول دليل على احتمال وجود حياة فوق المريخ . (آخر رد :ابن الورد)       :: طاقية الإخفاء أصبحت حقيقة.. ابتكار أول درع للتخفي (آخر رد :ابن الورد)       :: أخطر جمعية سحر أسود بالعالم أعضاؤها أعظم سحرة الكون..في "الفجر الذهبي" (آخر رد :طالب علم)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

أحداث وأخبار من واقعــــــــــــــــــــنا . Real Events قصص واقعية مع المس والسحر والعين والعهدة على كاتب الموضوع .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 23 Mar 2010, 11:28 AM
((( الباحث )))
باحث فضي
((( الباحث ))) غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 8198
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5225 يوم
 أخر زيارة : 03 Jan 2012 (07:37 PM)
 المشاركات : 173 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : ((( الباحث ))) is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
السحر فى المغرب (متابعه صحفيه )



سحر المغاربة.المغاربة.سحر المغرب.سحرافريقيا.الصحافة والسحر


السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

اخوتى الاحبه احببت ان انقل لكم هذا السرد والمتابعه الصحفيه عن السحر فى المغرب
والحقيقه ان الاخت اجادت فى استعراض المعلومه ونقلها ...
مع انها ركزت على زواويه مدى تورط المراه بالامر ولكن نحن كباحثيين اعتقد ان هناك الكثير مما نقل وذكل قد يكون مفيدا للبحث ......


علما ان هذا يحصل فى كثير من دولنا العربيه ..وليس المغرب فقط
وتحيه الى الاخت كاتبه الموضوع

ولتسامحنا على نقله للفائده ....


« لم أتوقع يوما، ولوج هذا المكان المقرف الذي تنبعث من بين جدرانه روائح كريهة، مسببة للضيق والحساسية، لكن حب الاستطلاع والمعرفة جثم على أنفاسي وشجعني على التقدم أكثر، كنت أشعر بالرهبة والخوف، تقدمت بخطوات بطيئة إلى غرفة صغيرة مملوءة بنساء كان يبدو على ملامحهن كل هموم الدنيا ومشاكلها، ومن غرفة أخرى كانت تنبعث همسات منخفضة لرجل وامرأتان، هذا ما التقطته أذناي خلال تلك اللحظة، حاولت أن أخفي ملامحي جيدا بين خصلات شعري والنظرات الشمسية، لأنه لا أحد سيصدق أني قصدت هذا المكان من أجل البحث والمعرفة لا غير، حاولت أن أندمج بين النساء الموجودات بسؤالهن عن فعالية هذا الفقيه، وإن كان الصدى الذي وصلني مطابقا للواقع، فتنافست النساء عن الإشادة به، والافتخار بأعماله وممارسته السحرية وكأنه شيء مقدس في هذا الحي الشعبي.
اكتشفت من خلال هؤلاء النسوة حكايا غريبة ومثيرة للاهتمام، وأحسست بنفسي عندها، وكأني آتية من كوكب آخر، و كأن الدراسة والثقافة حجبت عني أشياء كثيرة، وسط الدهشة التي انتابتني خلال تلك اللحظات، قررت أن أكتفي بهذا القدر، على أساس أن أكرر الزيارة إلى هذا الكاهن / الفقيه / الشريف حسب التسميات المختلفة التي يطلقها عليه رواده وزبائنه، غادرت المكان وقد تألقت في ذهني عدة تساؤلات، ما الذي يدفع المرأة إلى التيه بين دخان البخور وأمواج البحر ونور القمر وعلبة الثقاب ورَوْتِ الدواب وشوك القنفد ومخ الضبع و لسان الحمار؟؟؟ ».
هذا ليس سؤالا لاختبار ذكاء القارئ وإنما مجرد تمهيد لإثارة ظاهرة اجتماعية مهمة تتغلغل يوما بعد يوم في أعماق المجتمع المغربي، ظاهرة مستمدة من الممارسات والطقوس القديمة والمعتقدات الموروثة عن الأسلاف، والتي مازال يتشبع بها بعض أفراد المجتمع، وقد أصبحت للشعوذة سلطة قوية على تفكير الإنسان المغربي، وتطورت هذه الظاهرة بشكل غريب مستفيدة من التحولات الكبيرة التي يعرفها ميدان الإعلام والاتصال لعرض خدماتها و التواصل مع زبنائها، وأخصّ الصحف التي لا تخلو صفحاتها من إعلانات التنجيم وقراءة الحظ، والمواقع الالكترونية التي تتوفر على هوامش خاصة بالمنجمين والعرافين، كما أن القنوات الفضائية العربية تخصص برامج تتناول موضوع الشعوذة وتستضيف المشعوذين مباشرة على البث الهوائي، وبدل أن يساهم الإعلام في محاربة هذه الظاهرة التي تعتبر آفة خطيرة على المجتمع ومكوناته البشرية والفكرية، فهو يعمل على الدعاية لها ولخدماتها.
وتعتبر النساء الفئة الأكثر تعاطيا لظاهرة الشعوذة والسحر تحت غطاء مجموعة من المبررات، أحيانا بحجة الحفاظ على الاستقرار العائلي وأحيانا بغرض التطبيب والعلاج، هي أسباب ودوافع ترمي بالمرأة المغربية إلى أحضان الشعوذة والانجراف وراء الحلم / الوهم الذي يصوره الفقيه أو الدجال مستغلا تدني وعي المرأة وغفلتها، لممارسة مختلف أساليب النصب والاحتيال عليها، ومن أجل استقراء هذا الواقع الذي يعتبر جزءا من الثقافة الاجتماعية السائدة، حاولت الاندماج بين مجموعة من النساء لاستقراء هذه الممارسة الغريبة والمثيرة للاهتمام التي تعرف بالشعوذة أو السحر، متطرقة إلى بعض الحالات المستمدة من الواقع بناء على شهادة ممارسي الشعوذة والمهتمين بهذا المجال من دكاترة وأخصائيين اجتماعيين، وانطلاقا من الشهادات و التصريحات التي حصلت عليها، سلطت الضوء على بعض الجوانب البارزة في ظاهرة الشعوذة…

هناك أسباب ودوافع تبرر لجوء المرأة للشعوذة ؟؟!

رغم أني كنت أسمع الكثير من القصص والحكايا الغريبة حول تغير سلوكات شخص ما، أو اضطراب علاقة زوجية أو حدوث ظواهر غير مفهومة، بسبب الشعوذة والسحر إلا أني لم أكن أصدق بأن هذه الممارسة قادرة على تدمير الحياة الزوجية وخلخلة الأحداث اليومية، لكن عندما حاولت استقراء هذه الظاهرة من خلال النساء اللواتي التقيتهن بين دهاليز دور الشعوذة، اكتشفت حالات مثيرة للعجب والاستغراب، بحيث جعلتني الدموع المنهمرة من عيون بعض النساء، ونظرات الحقد التي تطل من عيون الأخريات، في حيرة كبيرة بين إن كانت المرأة مظلومة أو ظالمة، فمن خلال مسيرة البحث التي تناولتها خلال سنتي 2007 و 2008 والتي شملت بعض المدن والقرى القائمة في شمال المغرب، اكتشفت أن الشعوذة وحدت إيمان معظم النساء حول قدرة الفقيه الخارقة مرددات بثقة كبيرة: ” زوج فلانة وطلق فلانة و عالج فلانة وجلب حبيب فلانة، إن وصفاته خارقة لا تقاوم…”. إذ لم تعد ممارسة الشعوذة متفشية فقط بين الأوساط الهامشية والفقيرة حيث الجهل والأمية وسيادة الخرافات والمعتقدات الغريبة، حيث إن زبائن دور الشعوذة ينتمين إلى مختلف الأوساط الاجتماعية، لا يشترط فيهن الثقافة / الجهل، الفقر/ الغنى، فالشعوذة تطال كل البيوت بدون تمييز، لأن الوضعية المزرية التي تعيشها المرأة المغربية تحت رحمة التقاليد والسيطرة الذكورية والموروثات الثقافية وقلة الوعي وانعدام التربية السليمة، تدفعها إلى الانجراف وراء سلسلة من الأوهام، وتصرح الأستاذة فرح الكمراوي ( أخصائية اجتماعية) بأن «المرأة من أكثر المتأثرين بأعمال السحر والشعوذة بسبب الجهل والأمية





رد مع اقتباس
قديم 23 Mar 2010, 11:28 AM   #2
((( الباحث )))
باحث فضي


الصورة الرمزية ((( الباحث )))
((( الباحث ))) غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8198
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 03 Jan 2012 (07:37 PM)
 المشاركات : 173 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وانعدام التوعية الثقافية، بحيث تلجأ إلى الشعوذة لتحقيق ذاتها و إبراز حضورها داخل الإطار الأسري وخارجه، بشكل خاص المرأة المهمشة، المحرومة من ممارسة حقها الطبيعي في مختلف مجالات الحياة… » وتضيف: « كانت هذه الممارسات متفشية في الأوساط الفقيرة والمهمشة وبين النساء الأميات والجاهلات فقط، إلا أنه لوحظ خلال السنوات الأخيرة انتشارها بين فئات المتعلمات والمثقفات من عالم الفن والسياسة والاقتصاد، بسبب الضغط والإكراه والإحساس بالضعف أو الحقد، وكثيرا ما يلعب الجانب العاطفي دورا كبيرا في هذه الممارسات…»، هذه العوامل كثيرا ما تشكل دافعا قويا لطرق أبواب الشعوذة رغبة في الحصول على وصفات سحرية غالبا ما تحتوي على “ مخ الضبع“ أو ” لسان الحمار“ من أجل إخضاع الرجل لسيطرتها، ولا يفرق معها إن كان هذا الرجل أبا أو أخا أو ابنا أو حتى زوجا، المهم أنه رجل وأن عليها أن تبحث عن وسيلة ما للتفوق عليه، وكثيرا ما تكون هذه الوسيلة غريبة ومثيرة في نفس الوقت، فالشعوذة في هذه الحالة هي أكثر الوسائل فعالية، تقول فاطمة 30 سنة (ربة بيت): « ترعرعت في بيت يتكون من 7 ذكور، الأب و 6 إخوة، حرمت من الدراسة في سن مبكرة وتعرضت لمختلف أشكال التنكيل والتعنيف أحيانا من طرف الأب و أحيانا من طرف الإخوة، حتى أصغرهم سنا، لم يتوقف يوما عن ضربي وإلحاق أضرار بجسدي، لدرجة أني أصبحت أخجل من الخروج للتسوق، حتى الزواج تم بالغصب وتحت التهديد بالضرب والقتل، والزوج لم يكن أرحم من الذكور الذين خلفتهم ورائي في منزل الأسرة، صبرت طويلا، إلى درجة أني أصبحت معقدة، وحمدت الله لأني لم أرزق بأطفال يذكرونني بالجحيم الذي عشته تحت سقف بيته، فالإنجاب كان أحد أسباب تعنيف الزوج لي، فهل كان أمامي غير اللجوء للشعوذة؟؟! للحصول على حقي، لكني دخلت في متاهة، لا نهاية لها… ».
إن وقوع المرأة في مجموعة من المشاكل الاجتماعية التي لا تجد لها حلا، والإحساس بالضعف في مواجهتها وعدم الاهتداء إلى السبل السليمة لاسترجاع الحقوق الضائعة، والرغبة في الانتقام بشكل خفي من دون الظهور في الصورة تدفعها إلى الارتماء بين أحضان الشعوذة بمختلف أشكالها، فتأخر زواج المرأة مثلا إلى حدود 30 سنة، يعتبر فضيحة ومؤشرا على خلل ما يثير عدة تساؤلات واستفهامات، خصوصا في البيئة الاجتماعية الضيقة والمدن الصغيرة المهمشة، إذ تقع تحت رحمة نظرة التشفي والإشفاق التي تلاحقها وتحْتَ الضغط الأسري، مما يدفع بالمرأة إلى قبول التفسيرات الخرافية لوضعها التي ترجع سبب تأخر الزواج إلى ” العكس“ و “ السحر“ ، وعندما تفشل المرأة المغربية في الحصول على زوج مناسب تكون عرضة لنصائح بعض النساء المتقدمات في السن باللجوء إلى الشعوذة كحل لطرد سوء الحظ الذي يجثم على أنفاسها، فلا تمتنع عن ممارسة بعض الطقوس التي يفرضها عليها المشعوذ / الفقيه حسب المصطلح المتداول في البيئة الشعبية المغربية. تقول سيدة في 40 من عمرها « من أجل الحصول على زوج مناسب تضطر المرأة إلى الخضوع لوصفات وطقوس غريبة، تفرضها تعاليم الفقيه، كأن تقتني حرباء عذراء من عند العطار وتلقي بها حية في موقد صغير، لتبخر كل أطراف جسدها بالدخان المتصاعد من جثتها المحترقة، هذا الانجراف وراء الوهم الذي يسكن خيال المرأة العانس أو القليلة الحظ، يجعلها تستحم بأوراق مكتوبة بخط الزعفران أو القطران، أو تبخر بهما، وكلما فشلت في الحصول على عريس بعد مرور المدة التي حددها الفقيه، تلجأ إلى فقيه آخر وآخر، دون ملل أو يأس من قدرتهم العجيبة على جلب زوج مناسب لها، فأحيانا يوهمها بأنها تعاني من العكس أو السحر، وأحيانا أخرى يخبرها بأنها مسكونة بجني يفرض عليها أوامره ولن يطلق سراحها، وقد تصل تعاليم الفقيه وتخاريفه إلى حد اغتصاب زبونته بمبرر إبطال السحر، إلا أن ثقتها العمياء وأملها الذي لا ينفذ يجعلها تتغلغل أكثر في أعماق سبل الشعوذة، جريا وراء حلم لن يتحقق أبدا…».
كما أن حب الانتقام والحقد الذي يسكن أعماق المرأة اتجاه شخص ما، يكون حافزا آخر للجوء إلى الشعوذة التي تعتبر الوسيلة الوحيدة والفعالة لتدمير ذلك الشخص سواء كان رجلا أو امرأة، بحيث تسخر المرأة مختلف أشكال السحر وطقوسه الغريبة، لتحقيق انتقامها، فيصبح ذلك الشخص مشلول الإرادة والتفكير، غير قادر على الحفظ والتركيز، بحيث يتحول إلى إنسان آخر فاشل في حياته وزواجه وعلاقته بالناس، تقول سعاد 36 سنة (ربة بيت): « في رأيك، هل كان من الطبيعي أن أسامحه بعد أن خدعني بكلماته العسلية التي أفقدتني صوابي، مستغلا جهلي وعدم وعيي، بالعلاقات العاطفية وأحاديث الحب، تصورت أني سأحقق معه حلما ورديا مفعما بالأماني الجميلة وبالسعادة التي لا تنتهي، إلا أنني اكتشفت فجأة أني عشت سنوات طويلة في الوهم، بعد أن فقدت كل شيء، شرفي وكرامتي و سمعتي، وهجرني ليتزوج أخرى، ” بنت دارهم ” كما أخبرني ذات ليلة، ورغم أنه ارتبط بتلك المرأة إلا أنه استمر في علاقته بي، واكتشفت مع الوقت أني تحولت من حبيبة إلى عشيقة، خاصة بعد أن اكتشف أمري من طرف الأسرة، فرحلت عن المنزل، هروبا من الفضيحة، ورغم أني حاولت مرارا الابتعاد عنه إلا أني لم أستطع، ما كان يربطني به أقوى بكثير، إلا أن الحقد الذي تشكل في داخلي اتجاهَهٌ و اتجاه ضعفي، جعلني أستمع إلى نصائح صديقة عزيزة على قلبي التي خيرتني بين الكراهية والمحبة، وبين الحصول عليه أو طرده من حياتي بشكل نهائي، إلا أني اخترت حلا آخر هو الانتقام منه، بحيث لن تحصل عليه أية امرأة أخرى حتى لو كانت زوجته، لجأت إلى سيدة كان يطلق عليها اسم “الشريفة” أذهلتني بأدق التفاصيل عن حياتي وعلاقتي الغرامية والجنسية، بل إنها أخبرتني بأن حبيبي يلجأ إلي فقط لأنه لا يحقق المتعة الجنسية مع زوجته، وطلبت مني بعض المواد التي لم أعد أتذكر أسماءها، وأمام دهشتي، طلبت مني 2500 درهم مقابل جلب هذه المواد لأنها نادرة و يستحيل العثور عليها، وبعد 10 أيام قدمت لي قنينة صغيرة الحجم مملوءة بمزيج أسود لأبخر بقطرات منه، واستحم بقطرات أخرى، وأصب قطرات في حساء خضر وأقدمها له مع التمر والحليب وعلى ضوء الشمع الباهت حتى تكون الطقوس كاملة، وبدل أن يحبني أو يكرهني، نقل إلى المستشفى بعد ساعة من خروجه من بيتي، ورحل بعيدا ولم أعد أسمع عنه أي شيء… ».
و تعتبر نسبة البطالة المتزايدة بين صفوف النساء وانعدام فرص الشغل وانتشار الفقر حوافز أخرى للاعتماد على قدرة الشعوذة في فتح أبواب الرزق أمامهم عبر“ القبول“ الذي ينسجه الفقيه على ورق أبيض بالصمغ، موهما زبناءه بأن الاحتفاظ به في جيب السروال أو بين ثنايا الملابس الداخلية أو في حافظة النقود، وسيلة للتغلب على كل المصاعب وسلاحا لفتح كل الأبواب الموصدة في وجه حامله، كما أن الهجرة من البوادي إلى المدن تفرز لنا الكثير من رواد الشعوذة بسبب التهميش والإقصاء، والإحساس بالضعف والخضوع لسيطرة الرجل وضغط التقاليد والرغبة في اختراق الفضاءات المغلقة التي تكبس على أنفاس المرأة، كلها عوامل تدفع إلى ممارسة الشعوذة باعتبارها الوسيلة الفعالة للوصول إلى كل شيء.


 

رد مع اقتباس
قديم 23 Mar 2010, 11:29 AM   #3
((( الباحث )))
باحث فضي


الصورة الرمزية ((( الباحث )))
((( الباحث ))) غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8198
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 03 Jan 2012 (07:37 PM)
 المشاركات : 173 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue



الحب و الزواج أهم القضايا الواردة على الشعوذة.

إن الوضعية الاجتماعية المزرية التي تعيشها المرأة المغربية في ظل الجهل، الأمية، قلة الوعي، العنف، غياب الدعم والاستقرار الأسري، الإيمان بالخرافات وقدرة الشعوذة على امتلاك مفاتيح كل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي ليس لها حل، هذا الواقع يعطي المرأة مبررا للدفاع عن نفسها وكرامتها التي تهدر يوما بعد يوم، خاصة وأن المدونة الشهيرة لم تحقق لها الحماية الكاملة، لذلك فهي تعتقد أن الانجراف وراء الشعوذة وموادها وطقوسها الغريبة، وسيلة لتحصين علاقتها الزوجية واستقرار بيتها من تهديد الطلاق أو تعدد الزوجات وأيضا المتنفس الوحيد للتعبير عن غضبها وحريتها، لأن الشعوذة في نظر المرأة أقصر الطرق للوصول إلى قلب الرجل، لذلك لا تتردد في الارتماء بين أحضان الشعوذة مهما كانت مكانتها الاجتماعية والثقافية، (ربة بيت، أمية، متعلمة، مثقفة، فنانة، سياسية، موظفة)، حسب تصريح إحداهن: «عندما يتعلق الأمر بالرجل، تنسى المرأة مبادئها وأخلاقها وثقافتها، لأن بذور الشك والغيرة تعمي بصيرتها، فلا ترى أمامها سوى شبح المرأة التي ستخطف زوجها أو حبيبها، لذلك تبحث عن أي وسيلة للانتقام لنفسها و لكرامتها المجروحة، فتلجأ إلى أبشع الوسائل إن اقتضى الأمر، المهم أن تحافظ على سعادتها وتستعيد زوجها، حتى لو كان ذلك عن طريق الشعوذة وموادها السامة…»، وتشير عاملة في 30 من عمرها إلى أن المرأة: «لن تتوانى عن فعل أي شيء من أجل تحقيق رغباتها وأهدافها، من أجل تدمير المرأة التي تنافسها على زوجها، تستطيع أن تأخذ خرقة حيض ضرتها أو عشيقة زوجها، وتغمسها في الماء وتضيف هذا الماء إلى طعام قوي مثل الحريرة أو المساخن، كما تمرر قطع السكر على فم الحمار وتصنع به الشاي لزوجها، أو تمرر قطعة خبز على فم الحيوان نفسه وتقديمها رفقة وجبة الغذاء حتى يصبح بليدا مثل الحمار».
إن إيمان المرأة الأعمى بقدرة الفقيه على حل كل مشاكل الحب و الزواج يدفعها إلى تنفيذ كل تعاليمه ووصفاته الغريبة التي ستمكنها من الإيقاع بالرجل في غرامها أو التخلص منه، ويعترف أحد الفقهاء بأن الجمع بين رجل وامرأة من أسهل الأمور التي ترد عليه بشرط أن يمتلك أثرا له، مثل ملابسه الداخلية، أو شعيرات من رأسه أو لحيته، ليتم الجمع بين الطرفين، وتصرح إحدى الشوافات : « نأخذ شعرة من رجل و نلفها في ورق مكتوب بمداد القطران ونقرأ عليه بعض التعاويذ و التعازيم، ثم تعلق في مهب الريح وكلما داعب الريح هذه التميمة إلا وخفق معها قلب الرجل المقصود، ويعود الدفء إلى علاقة المرأة بزوجها أو عشيقها…».
و يبدو أن هناك قناعة كبيرة بقدرة الشعوذة على استرجاع الرجل إلى أحضان زوجته، تقول امرأة في 40 من عمرها: « تزوجت أحمد بعد أن رفضت عائلتي هذا الزواج، وهربت معه إلى مدينة أخرى حيث مقر عمله، كانت الأيام الجميلة التي قضيتها معه، تعويضا على فقداني لأهلي، لكن بعد طفلي الأول بدأت المشاكل، اعتقدت في البداية أنها مجرد غيرة يبديها الأب اتجاه طفله الأول لأنه يحظى بالاهتمام الأكبر، لكن بعد الطفل الثاني بدأت بذور الشك و الغيرة تنغرس في أعماقي، وأصبح لدي يقين كبير بأن هناك امرأة أخرى في حياة زوجي خاصة وأنه أصبح كثير السهر في الخارج، لا يعود إلا في الثالثة أو الرابعة صباحا، وكنت قد سمعت من إحدى الجارات أن هناك ” شوافة ” ذائعة الصيت يقصدها مختلف الرجال و النساء، لم أتحمس للفكرة في البداية، لكن رغبتي في استرداد زوجي كان قويا، أخبرتني “الشوافة” بأن زوجي على علاقة بامرأة أخرى تمكنت منه بفعل السحر، وأنهما بصدد الاستعداد للزواج، اسودت الدنيا في عيني وأصبح الشك و الغيرة هاجسا يجثم على أنفاسي، كثرت زيارتي ل” الشوافة” ومع كل زيارة كنت أمنحها 300 درهم مقابل بعض الأوراق الصغيرة محروقة بعود الند أو مصحوبة بالفاسوخ أو مكتوبة بالقطران والتي غالبا ما أبخر جسدي ببعضها واستحم بالبعض الآخر، وعندما فشلت في جلبه إلى أحضاني، طلبت مني “الشوافة” أن أحضر رأس كلب أطحنه مع الخضر ثم أمزجه بالتوابل القوية الرائحة، وأعد منه وجبة من الكسكس ولاحقا طلبت مني حرق خصلات من شعر القط الأسود على النار ثم صنعت منه القهوة السوداء الممزوجة بالقرفة و قدمتها لزوجي، لكن لم تكن هناك أي نتيجة فقصدت ” شوافة أخرى” طلبت مني أن أحرق ظفر الهدهد وأقدمه لزوجي في القهوة السوداء، وذلك من أجل السيطرة عليه واسترجاعه إلى أحضاني…».
وكثيرا ما تختار المرأة ليلة القدر موعدا لتنفيذ أعمالها السحرية اعتقادا منها أن أبواب السماء تكون مفتوحة خلال هذه الليلة، التي يتحدد فيها مصير الإنسان ورزقه، وبذلك تكون ليلة القدر وقتا مناسبا لتحقيق آمالها وأهدافها الرامية إلى امتلاك قلب الرجل أو إحضاره إليها إن كان غائبا، أو ترويضه وإخضاعه لرغباتها، خاصة أمام أنواع العنف التي تتعرض لها المرأة والإحساس بالضعف وعدم المقاومة، ورغبتها في التفوق على زوجها باعتباره الرجل الأكثر تسببا في العنف الموجه ضدها، لذلك تضطر إلى الشعوذة لحماية نفسها من جبروت الرجل، واضطهاده المستمر لها، هذا الواقع يدفع المرأة إلى ممارسة مجموعة من الأعمال السحرية لإبراز حضورها في المنزل وإثبات مكانتها والوقوف في وجهه، وقد تدفع ثمنا باهظا مقابل الحصول على وصفة خاصة بتطويع الرجل وترويضه، وبهذا الخصوص تشير متطوعة في برنامج محاربة الأمية بهذا الخصوص:« هناك اعتقاد سائد بأن تحريك الكسكس بيد الميت، يمكن المرأة من تطويع الرجل وإخضاعه للسيطرة، و جعله مثل الميت لا يرفع صوتا أو يحرك يدا، بل يتحول إلى عبد رَهْنَ إشارة الزوجة، وقد تتجشم المرأة من أجل هذه النتيجة عناء البحث عن يد الميت، بالتعاون مع غسالي الموتى أو حراس القبور للحصول على يد الميت، و تنفق في سبيل ذلك أموالا باهظة، وتمرر يد الميت على الكسكس مرددة بعض العبارات: ” ما تهز يد ما تحط يد بحال هاد الميت “، وبمجرد أن يتناول الرجل لقمة من الكسكس لمرات عديدة يتحول إلى رجل مطيع ، فتتمكن المرأة من توجيهه حسب رغبتها»، و يصرح أحد غسالي الموتى « عندما نقوم بغسل الميت، نتخلص من الصابونة والخرقة والإبرة، لأنها غاية تنشدها بعض النساء اللواتي يرغبن في سحر الرجال فغسل الرجل بالصابونة التي غسل بها الميت يجعله لا يرفع يده في وجه الزوجة، لذلك أحيانا يدفن أهل الميت الصابونة والخرقة معه في القبر، تفاديا لهذا الحدث».
وإن تطرقت للحديث عن الطقوس و التعاويذ التي تمارسها المرأة من أجل استقدام الزوج أو الحبيب الغائب، فإنها كثيرة ومختلفة حسب نوعية الفقيه أو الشوافة التي تقصدها، قد تنصحها الشوافة بأن توقد النار عند الغروب، موجهة نظرها نحو جهة طلوع الشمس وهي تلوح بمنديل أبيض سبق و استعمله زوجها أو حبيبها أثناء الجماع، وهي تردد هذه العبارات:

المْغْرْبْ وْدْنَاتْ عْلى فلان وْلدْ فلانة
بالوَحْشْ و الغمة
من وحشي بكا
من وحشي شكا
من وحشي طرطق السلاسل و جا…

وأحيانا ينصحها الفقيه بأن تلقي بالشيح في المجمر( موقد صغير) وتعرض جسدها للدخان المتصاعد وهي تردد العبارات التالية:

الشيح يا شيح
الناس تقول ليك الشيح
و أنا نقول للطالب المليح
اطلع للسما و صيح
جيب فلان عند فلانة بنت فلانة

ثم تضع مزيدا من البخور….
هذا الإيمان الأعمى بفعالية وصفات الشعوذة وموادها السامة، المضرة بجسد الإنسان، يجعل المرأة زبونة دائمة لدى الفقيه، فهو المستشار الرئيس في مسألة الحب والزواج، فكل من أرادت الزواج تلجأ إلى الشعوذة لجلب زوج مناسب، وكل من طرق بابها عريس يخطب ودها، تقبل يدي الفقيه لمعرفة إن كان الرجل المتقدم للزواج منها، مناسبا لها أم لا، من خلال قراءة الطالع و المستقبل، وأحيانا تتفاجأ المرأة بعبارات الفقيه الذي يوهمها بأن « هذا الرجل غير مناسب وهناك من هو أفضل منه، سيأتي إليها خاطبا بعد مدة 85 يوما، وأنه عليها عدم الاستعجال واستغلال الفرص القادمة، لأنها مازالت صغيرة وكلما انتظرت أكثر كلما جاءها الخير من كل الأبواب»، أيضا عندما ترغب المرأة في جعل زوجها وفيا لها، غير قادر على الخيانة، فإنها غالبا ما تلجأ إلى ساحرة متمكنة من الحرفة لتجعله عاجز جنسيا خارج إطار العلاقة الزوجية، لأن الساحرة هي الشخص المناسب لمثل هذه الأمور، بناءا على توصية صديقة أو قريبة أو جارة، التي تشهد لها بفعاليتها وصداها الواسع في هذا الحي الشعبي أو ذاك، والتي غالبا ما تطلب ثمنا باهظا مقابل خدماتها، إلا أن المرأة من أجل الحفاظ على بيت الزوجية من خطر امرأة أخرى تهدد سعادتها، وتدفعها إلى بيع حاجياتها ومجوهراتها وذلك من أجل تمويل الأعمال السحرية التي ستمارسها اتجاه زوجها، وكثيرا ما تكون المرأة المنافسة لها على زوجها شقراء أو سمراء حسب نوعية الساحرة التي تم اللجوء إليها، وبناء على ذلك تبعث بها إلى عطار أو عشاب صديق لها، بحجة أن المواد التي تريدها غير موجودة إلا عنده، وأحيانا تصف لهم بعض الطقوس لتنفيذها، مثل: وضع علبة الثقاب مفتوحة على جانبي الباب بحيث تضع كل جزء في جهة من الباب و عندما يمر الزوج من البوابة تنادي عليه وعندما يرد عليها تهمس في أعماقها ” غوت عليك الوقيد ماغوتش عليك أنا” أي نادى عليك عود الثقاب، ثم تغلق العلبة وتضعها في جيبها وهي مطمئنة على وفاء زوجها وعدم خيانتها مع امرأة أخرى مهما وصلت شدة جمالها وإغراءها، وتشير أمينة 55 سنة من عمرها خبيرة بأمور السحر: « إن إحراق الشرويطة (قطعة ثوب ملوثة بمني الرجل) مع الماء القاطع والشمع يجعل المرأة تعتقد أن الدخان المتصاعد من هذا الحريق، يؤدي إلى إشعال نيران الرغبة في المرأة التي مارس الجنس معها آخر مرة ويجعله عبدا لجسدها ولا يطمع في غيرها». وهناك دائما وراء التعطيل الجنسي أو “ الثقاف “ حسب المصطلح الشعبي المتداول في المجتمع المغربي، أداة تغلق و تفتح القفل مثل علبة الثقاب، سكين مطوية، قرشال، عصا الرحى،.. والتعطيل الجنسي / “ الثقاف“ هو وسيلة لربط الرجل أو الانتقام منه، وجعله غير قادر على الغدر بزوجته أو المرأة التي وعدها بالزواج، وكثيرا ما تلجأ الزوجة إليه من أجل الحفاظ على زوجها من اٌمرأة أخرى، وتلجأ إليه العشيقة لجعل الرجل عبدا لجسدها، وتلجأ إليه الحبيبة لضمان أن هذا الرجل سيعود إليها ولن يغدر بها، وأحيانا تلجأ إليه المرأة للانتقام من الرجل الذي خانها واعتدى عليها.
وتتعدَّدُ أغراض ممارسة الشعوذة حسب نوعية وطبيعة المرأة اللاجئة إليها، ومن بين الأغراض التي تدفعها إلى هذا الميدان الرغبة في التفرقة بين الزوجين وإحداث الكراهية بينهما بهدف الانتقام من هذا الزوج لأنه فضل اٌمرأة أخرى عليها، أو لأنه طلقها وتزوج غيرها، ومن أجل إحداث الكراهية بين الزوجين، تقول السيدة السعدية في هذا الإطار : «يأخذ شعر المرأة و يبخر به كأس ماء لم يستعمل من قبل، ثم يملأ بالماء أو بالعصير ويسقى منه الرجل دون أن يعلم، وتكرر هذه العملية 5 مرات أو أكثر إلى أن تظهر النتيجة، وبعدها سيكره تلك المرأة إلى درجة أنه لا يطيق النظر إليها،» وفي شهادة أخرى تقول السيدة الزهرة وهي جارة لإحدى الشوافات: « تأخذ صورة المرأة وزوجها ويكتب على ظهرهما عبارات سحرية و طلاسم وتدفن كل صورة في مكان لا يطأه قدم فيتم الفراق بعد أيام قصيرة »، وقد تصل بشاعة هذه الوصفات و الطقوس الخاصة بإحداث الكراهية والتفرقة بين الرجل والمرأة إلى وضع هذه الصور في فم القطط أو حيوانات أخرى وإغلاق فمها بخيط سميك، وكثيرا ما يعثر المارة على هذه النماذج من القطط، كما يتمُّ دفن بعض الحروز والطلاسم في القبور القديمة المنسية من طرف أصحابها، بحيث يتم نبش هذه القبور لتكون مكانا لهذه الطلاسم التي تخلف آثارا كبيرة نفسيا وجسديا على الضحايا المستهدفين « كنت أعيش مع زوجي قصة حب جميلة، تحديت من أجله الجميع، لكن فجأة انهار هذا الحلم، بدون سبب، فجأة وجدت هذا الحبيب لا يطقيني و يطلب مني الطلاق، كانت صدمة بالنسبة لي، لم أكن أعرف السبب أو الحل المناسب سوى الدموع التي أنهكت جسدي الضعيف، وبمشورة قريبة لي لجأت إلى فقيه أخبرني بأن زوجي مسحور وأن أحدا من عائلته قام بالتفرقة بيننا و أنه أكل شيئاً ما في الطعام وتخطى شيئاً آخر في عتبة المنزل، لم أصدق فقصدت فقيها آخر وآخر إلى أن تعبت ، حاولت أن استرجعه في البداية و لم أنجح، فسعيت إلى الفراق، لأنه اختفى فجأة وتركني معلقة لست متزوجة ولا مطلقة ومازلت إلى حد الساعة منهارة نفسيا لأني معلقة، وليس في وسعي إلا ندعيه لله هو يخذ فيه الحق…».
وتعتبر الطقوس والوصفات التي تهدف إلى التفرقة و الكراهية بين الرجل و المرأة من أبشع الممارسات السحرية التي تلجأ إليها المرأة، بسبب قلة وعيها ورغبتها في التحرر والتخلص من الاضطهاد الممارس عليها من طرف الرجل والمجتمع، يدفعها إلى الانجراف وراء الأوهام و الخرافات والأساطير، ومتاهات الشوافات والفقهاء والعطار والبخور والتعاويذ ومواد سامة وغريبة، تختلف حسب نوعية الشعوذة الذي تلجأ إليها، فالكثيرات يعتبرن الشعوذة حل للنزاعات القائمة بين الزوجين أو التفريق بينهما، وقد حاولت من خلال هذا الجزء تسليط الضوء على بعض الأسباب والعوامل التي تدفع المرأة إلى ممارسة الشعوذة ومظاهر هذه الممارسة في المجتمع المغربي، مستشهدة ببعض النماذج التي لم أرى حرجا في نشرها، في حين أحجمت عن نشر مجموعة من الشهادات لبشعاتها و فظاعتها على نفسية القارئ و المتلقي، وسأحاول خلال الجزء الثاني من هذا الموضوع التطرق إلى علاقة المرأة بالأضرحة و تأثير الشعوذة على نفسية المجتمع.


 

رد مع اقتباس
قديم 23 Mar 2010, 11:29 AM   #4
((( الباحث )))
باحث فضي


الصورة الرمزية ((( الباحث )))
((( الباحث ))) غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8198
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 03 Jan 2012 (07:37 PM)
 المشاركات : 173 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue



حاولت من خلال الجزء الأول من موضوع: « المرأة… الشعوذة أية علاقة؟؟!» إثارة بعض الأسباب الكامنة وراء لجوء المرأة إلى الشعوذة وكلها إيمان وثقة بأن موادها وطقوسها الغريبة هي الحل الوحيد لمختلف المشاكل التي تعانيها في حياتها اليومية، نفس الإيمان و الاعتقاد الساذج بفعالية المشعوذين، يدفعها إلى الارتماء بين أحضان الأضرحة التي تتنوع اختصاصاتها من ضريح لآخر، بحيث تلجأ المرأة لهذه الفضاءات بهدف التخلص من بعض المشاكل الاجتماعية والضغوط النفسية مثل: العقم، العنوسة، اضطراب العلاقة الزوجية، المرض،…. ورغم الأضرار السلبية الناتجة عن ممارسة الشعوذة وتأثيرها الخطير على مختلف مكونات المجتمع من الناحية النفسية، الصحية، الاجتماعية، الاقتصادية والفكرية و…. إلا انه ليس هناك أي تدخل من طرف السلطات المسؤولة لمحاربة هذه الظاهرة التي تعتبر آفة اجتماعية خطيرة، وكلي أمل في أن يحظى هذا الموضوع بالاهتمام الكافي من طرف القراء…

مشعوذون في دائرة السؤال؟؟

على هامش هذا البحث، فكرت في إجراء حوار بسيط، مع “فقيه” لتدعيم هذا الموضوع المطروح للنقاش، ورغم الصعوبة التي تكبدتها في إجراء هذا الحوار الذي كلفني مبلغا من المال، تعويضا عن ساعة من الزمن قضيتها في حوار هذا الفقيه، الذي منعني من التسجيل أو التصوير أو ذكر اسمه أو أي معلومات عنه، ولأن بوحه كان ضروريا بالنسبة إلي، لم يكن أمامي أي خيار سوى الموافقة من أجل اقتناص الدردشة التالية:

من تكون؟

مجرد إنسان، أبحث عن لقمة عيش لأطفالي الثمانية، وأسرة أخي المتوفي.

لماذا اخترت الشعوذة دون غيرها من المهن؟

لم أختر هذه المهنة، وإنما فرضت نفسها علي، في البداية كنت طالب دين أتنقل بين المساجد القائمة ببعض القرى المجاورة لمدينتي، ثم تحولت إلى إمام أحد المساجد، إلا أن ضيق الحياة وارتفاع الأسعار والغلاء في المعيشة، اضطرتني إلى استغلال موهبتي في قراءة الطالع والحظ، لكسب المزيد من المال، كنت أستقبل الناس في منزلي خارج أوقات الصلاة، ورويدا اتخذت الشعوذة أو الكْتابَة بمفهوم آخر مهنة لي، لو كنت أتقن مهنة أخرى مناسبة لي، لتركت مهنة المتاعب والمخاطر هذه بلا تردد.

هل تعترف بأنك غير راض على هذه الممارسة؟

في البداية ، كانت هذه المهنة تحقق لي ربحا لا بأس به، تمكنت من خلاله من تلبية مختلف طلبات الأسرة، لكنها مهنة متعبة جدا، إذ أنني لا أستطيع ممارسة حياتي بشكل طبيعي مثل باقي البشر، لذلك أضطر أحيانا إلى النهوض على السابعة أو الثامنة صباحا، تحت ضغظ الطرق المتواصل على باب منزلي، لا أستطيع تناول الفطور أو الغذاء في راحتي، لا أستطيع تحقيق متعة حقيقية رفقة أسرتي أو الجلوس مع الأهل والأصدقاء بالبيت أو المقهى، أو السفر لزيارة الأهل والأحباب، هذا الضغط اضطرني إلى اتخاذ حجرة صغيرة في الجهة الخلفية من البيت حرصا على راحة أسرتي الصغيرة، انطلاقا من هذه الوضعية بدون شك أنا لست راضيا عن وضعيتي أو مهنتي.

لو كان بإمكانك اختيار مهنة أخرى، ماذا كنت ستختار؟

أن أكون فلاحا لأني أعشق الخضرة والماء…

سمعت أن عملك متقن جدا فما قولك؟

كله بإذن الله وقدرته، العبد مجرد ساع في هذه الدنيا ومسبب للأشياء، والكمال من عند الله سبحانه وتعالى.

ما هي طبيعة الزبائن المتوافدين عليك؟

أغلبية زبائني من النساء، أشتغل مع النساء بشكل يومي، ونادرا ما يزورني أحد الرجال، لأنهم يرفضون الاختلاط بالنساء، وأنا لا أستطيع توفير حجرة لكل منهما، لذلك أحيانا أستقبل الرجال خلال الليل أو أقضي غرضهم بوساطة الهاتف.

على ذكر الهاتف، قبل لحظات، تلقيت مكالمة هاتفية، فهمت من خلالها أنها من زبونة، فهل تمارس مهنتك بوساطة الهاتف أيضا؟

نعم، إنها زبونة قديمة مقيمة حاليا بألمانيا، وهي تتصل بي كثيرا لأقضي حاجتها، من هنا لأنها لا تستطيع المجيء إلى المغرب في كل لحظة، وهي تستشيرني في كل خطوة تقوم بها في عملها أو حياتها اليومية.

وهل هذه الخدمة مجانية؟

بالطبع هناك مقابل، إن هذه السيدة التي أشرت إليها، سبق لها أن قدمت لي خدمة مميزة جدا مقابل مساعدتي لها على تخطي بعض المشاكل الاجتماعية، حصلت لي على تأشيرة السفر إلى فرنسا، حيث تمكنت من خلالها العمل هناك في هذا المجال لمدة سنة ونصف، حققت من ورائها ربحا مادِّيا لم أكن أحلم بجنيه هنا بالمغرب ولو في مدة سبع سنوات، ولولا أسرتي التي تركتها ورائي، لما فكرت في العودة أبدا لأن الزبائن هناك يدفعون بسخاء كبير مقارنة مع زبائني في المغرب.

لماذا تعتبر المرأة أكثر تعاطيا للشعوذة؟

لأن المرأة لا شغل لها سوى الحلم، لهذا فهي الأكثر إيمانا، من غيرها بالشعوذة، وأحيانا بعض الفقهاء الله يْجَازيهُمْ بخِيرْ غِيرْ كَيْتفلاوْ عْلى العْيَالاتْ وكَيْعْطِيوْهُمْ أيْ حَاجَة بَاشْ يْعَاوْدُوا يْرْجْعُوا عَندْهُمْ، وهذا بدافع تحقيق أكبر ربح مالي من ورائهم.

ما هي الأسباب التي تدفع المرأة للجوء إليك؟

هناك من تبحث عن زوج مناسب لها، بعد أن تزوجت كل بنات العائلة والجيران، وهي الوحيدة التي لم يطرق بابها أي رجل، وهناك من تقصدني لمجرد الشك في أن زوجها يخونها، لأنه دخل متأخرا إلى المنزل أو لأنه رفض تناول العشاء، أو اتجه إلى الفراش مباشرة دون أن يهتم بها، أو لأنها شمت رائحة عطر نسائي في يديه، قد يكون ناجما عن مجرد تحية بينه وبين زميلته في العمل، وبعد أن تفشل محاولاتها في ضبطه في حالة تلبس، تلجأ إلي لأكشف لها المستور، فأجد نفسي في ورطة حقيقية بين خيارين: بين أن أطمئن فؤاد هذه المرأة وبين أن أحذرها من شبح امرأة تحوم حول زوجها، وبالتالي بسط الحقيقة أمامها لأن المرأة تحس من خلال تصرفات زوجها إن كان وفيا أم خائنا، لذلك تصبح زبونة دائمة لي بهدف إعادة المياه إلى مجاريها، والحفاظ على زوجها، وهناك بعض النساء يقصدنني بغرض الحصول على الأولاد وهذا أمر مستعص علي، رغم أن هناك بعض الفقهاء يوهمون النساء بأن لديهم هذه القدرة.

هل هذا يعني أنك تعمل بشفافية ومصداقية؟

أنا لست ملاكا، لكني أحاول أن أراعي ظروف الآخرين، وأن أنصحهم حسب مقدرتي، لكن لدي هفواتي وأخطائي كغيري.

ما هي الأخطار التي تواجهك أثناء ممارسة مهنتك؟

هناك أخطار كثيرة، بدون شك، تهديد بعض الزبائن، واتهامات بالنصب والاحتيال والسرقة أحيانا، هذا هو السبب الذي دفعني إلى الابتعاد عن المدخل الرئيسي للبيت حتى لا أعرض أسرتي للخطر والمقالب.

هل سبق وتعرضت لموقف طريف أثناء ممارسة هذه المهنة؟

قبل 3 سنوات زارتني سيدة وهي تدعي أني تقاضيت منها نصف مليون، مقابل أن أخلصها من زوجها الذي يرفض الطلاق، وكنت على يقين بأني لست الشخص الذي تتحدث عنه، لكنها أصرت على قولها رغم إنكاري الشديد، وأخرجت من حقيبة يدها بعض الحروز التي ادعت أني منحتها إياها، إضافة إلى بعض الأعشاب والبخور، وأنا لم يسبق لي أن استعملت الأعشاب أو البخور أو هذا النوع من الورق المستعمل في الحروز، إذ أستعمل بشكل دائم ورق الزبدة والصمغ في كتابة الحروز التي أمنحها لزبائني وهي عبارة عن آيات قرآنية وأحاديث شريفة وأدعية معروفة، لكنها ظلت مصرة على إدعائها، فاتصلت بالشرطة وبعد أخذ ورد تم اكتشاف أن المرأة مجرد محتالة معتادة على هذا النوع من الاحتيال والنصب.

كيف يتوصل إليك الزبائن؟

أحيانا من خلال الصدى الذي يتركه عملي في مجال الشعوذة، وأحيانا بتوصيات من طرف زبائني وأحيانا أخرى بالصدفة أثناء بحثهم عن فقيه أو شوافة يدلهم أحد الجيران إلى مكاني، وأحباب الله كثر…

ما هي الحالات التي ترد عليك وتردها خائبة؟

حالات السرقة والقتل، لا أستطيع الاهتمام بها، رغم إلحاح بعض الزبائن علي.

ما هي الوصفات التي تمنحها لزبائنك؟

ليست هناك وصفات بالمعنى الذي تقصدينه، فأنا أصف دائما مواد معروفة وغير ضارة مثل: (احصلبان، حلحال، الدفلى، الحرمل، الشبة، مروثة،…) وهي نبتات معروفة حميدة الرائحة، توجد عند كل العطارين، وهي مواد تستعمل في البخور حسب حالة أو مشكل كل زبونة، واستعمل الحروز بورق الزبدة وأكتب بالصمغ، ولا أستعمل أي مواد كريهة أو سامة.

ورق الزبدة والصمغ هي مواد اشتغالك ألا تعتقد معي أن مزيج هذه العناصر مع الماء قد تحدث تسمما في الأمعاء؟

لم يسبق أن تلقيت شكوى من أي شخص.

ما هي الأضرحة التي تنصح بها زبائنك؟

غالبا ما تكون أضرحة أصيلة أو نواحيها ( سيدي مسعود، أحمد بوقجة، لالة رحمة، سيدي منصور، سيدي ميمون…)، ونادرا ما أصف ضريح مولاي عبد السلام، وهي أضرحة معروفة بصداها الطبيب وكرامة أوليائها الذين لا يردون طالبا أو سائلا.

بدون شك أنك كونت ثروة كبيرة وراء مهنتك؟
كما سبق وأخبرتك، أني قضيت قرابة سنة في فرنسا، هي التي كونت فيها أساس ثروتي، لأن المهنة هناك مطلوبة جدا ونادرة جدا والزبائن يدفعون بسخاء مقارنة مع زبائن المغرب كما قلت لك سابقا.

هل يساهم التطور التكنولوجي في مهنتك (الانترنيت، القنوات الفضائية، الهواتف النقالة)؟

لا، باستثناء الهاتف النقال، الذي يسهل بشكل كبير عملي، بحيث أتمكن من خلاله التواصل مع مختلف زبنائي، و أحيانا منحهم مواعيد خاصة، أو زيارتهم في البيت إن تطلب الأمر ذلك، لا أوظف أي تقنية أخرى.

ما رأيك في الانتشار الكبير لممارسي الشعوذة؟

نعم، وأكثر ما تتصورين وكثيرا ما تجدين “فقيه” أو “شواف” لا يجيد حتى كتابة اسمه، ويدعي أنه قادر على ( القضاء على العكس، معرفة المستقبل، جلب الغائب، جلب الحظ والمال، علاج بعض الأمراض مثل: الكلاوي، القلب، المرارة، السرطان، تساقط الشعر،….) فكيف له أن يعالج كل هذه الأمراض؟؟! لكن، لكل واحد رزقه وزبائنه.

ماذا تعني لك الكلمات التالية؟

الحب: نعمة.
الزواج: ضرورة أساسية.
الأمل: ضعيف جدا.
الوطن: هوية كل إنسان.
الصداقة: نادرة جدا.
الطفولة: تاريخ حاضر.
الزمن: قاسي جدا.
المرأة: شر لابد منه.

كلمة أخيرة

أشكرك على الحوار، وأقول: ليس كل ممارسة هي شعوذة، فالشعوذة هي التي تهدف بها إيذاء الآخرين، في حين أن كل سعي في الخير وزرع المحبة بين الناس فهو خارج عن دائرة الشعوذة.
عندما خرجت من بيت “الفقيه”، وأنا أحاول تذكر كل ما جاء في الحوار الذي دار بيننا، تفاجأت من كم الأسئلة التي لازالت تدور في دماغي، فكان من الطبيعي طرق باب آخر وإجراء حوار آخر، بعد اللف والدوران اكتشفت أنني لم ألتق بعد الشخص المناسب الذي سيلبي فضولي حول هذا الموضوع، ولم أكن أتوقع أن من أبحث عنها توجد على بعد ثلاث كلمترات فقط من مقر إقامتي، كانت تعيش هناك وراء الأسوار البرتغالية “الزيلاشية”، سيدة في أواسط الخمسينات تقضي نصف نهارها في المنزل، والنصف الآخر بين أحضان ضريح “سيدي العربي غيلان”، ساعات طويلة من الانتظار عله يحالفك الحظ في المثول بين يديها…


 

رد مع اقتباس
قديم 23 Mar 2010, 11:30 AM   #5
((( الباحث )))
باحث فضي


الصورة الرمزية ((( الباحث )))
((( الباحث ))) غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8198
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 03 Jan 2012 (07:37 PM)
 المشاركات : 173 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


من هي الشريفة ” الحومارية”؟

امرأة، أم لخمس بنات، وجدة لثلاث أحفاد، قدمت من مدشر“الحومر” قبل سنوات طويلة لم أعد أذكر عددها، عندما تزوجت بالمرحوم، الذي سهر على راحة الأسرة، فلم أتكبد عناء الذهاب إلى السوق أو غيره من الأماكن لتلبية حاجة الأسرة، لكن فجأة وجدت نفسي بدون معين أو مساعد، بعد وفاة زوجي، كنت صغيرة السن عندها، وفي عنقي 5 بنات صغيرات، لم تكن هناك فرص للشغل، وأنا غير مْرَا عْرُوبيَةْ مَا كَنْعْرْفْ لا مِنْ نْدْخُلْ ولا مِنْ نْخْرْج، عْطانِي رْبي هَاذ البَرَكَة كَنَكُولْ بهَا طريْفْ دْيَالْ خبْزْ، وبها تمكنت من تربية بناتي الخمسة.

كيف تحولت من “ربة بيت” إلى “شوافة”؟

عندما كنت صغيرة، كنت أرى بعض الأشياء وأتوقع بعض الأمور عن0 المستقبل، عندها كانت والدتي تطلب مني أن أكتم هذا السر عن الجميع، خوفا علي من العين والحسد، ولاحقا كنت أقرأ الكف لرفيقاتي وأتنبأ بأحداث يومهم ومستقبلهم أيضا، لكني أقلعت عن هذه العادة منذ زمن طويل، لكن قلة الحيلة جعلتني أستغل هذه البركة التي أنعم الله علي بها.

هل هناك إقبال كبير على خدماتك؟

حسب الظروف والزمن، أحيانا أنتظر كل الصباح في غرفتي ولا يطرق بابي أحد خصوصا في فصل الشتاء، في حين يزورني عدد كبير من الزوار في فصل الصيف خاصة مع تواجد الجالية المغربية بالخارج والوافدين على المدينة للاستجمام والسياحة من مدن مغربية أخرى، وعنواني سهل لا يستعصي على أحد أبدا، وشهرتي تسبقني إلى كل مكان.

ما موقفك من المنافسات الأخريات، خاصة مع تواجد الكثير من الفقهاء بالمدينة؟

أكيد أن المدينة تعج بالكثير من الفقهاء والمشعوذين، وكل واحد منهم له مكانته واختصاصه، هناك من يخدم الناس بكل ما يملك من قوة وصدق، وهناك من يراوغ من أجل ربح المال لا غير، لذلك تجدين تفاوتا بين المشعوذين المتواجدين هنا، هناك دائما مساحة للاختيار، فتجد المرأة الواحدة تزور كل الفقهاء الموجودين وتتنقل بينهم إلى أن تجد ضالتها، وأحيانا تشتم هذا أو ذاك لأنه أخذ أموالها دون أن يقضي غرضها، لكن بالنسبة لي لا أهتم بهذا التعدد، فلكل واحد نصيبه من الدنيا.

يقال عنك، إنك “عفريتة السحر” ما رأيك في هذه الشهادة؟

لا أدري، لا أستطيع الجزم أني “عفريتة السحر“ كما جاء على لسانك، أعتقد أنها مجرد مبالغة من إحدى الزبونات، والتي ربما قضي غرضها على يدي، فتناسلت هذه الإشاعة إلى أن أصبحت حقيقة يتناولها الجميع.

كيف تحافظين على عملك؟

مازلت لحد الساعة أزور الشريفة “الوزانية“ بطنجة والتي أعتبرها رمزا من رموز السحر، أقضي لديها يوما في الشهر وأحيانا يومين لأنهل من علمها وبركتها.

هل هذا يعني أن هناك عدة مشاكل لا يمكنك الاهتمام بها أو حلها؟

أكيد، فأنا لست إلها أو ملاكا، لأمتلك الخبايا والحقيقة المطلقة، وأحيانا أعجز عن النصح والإفادة، فأضطر إلى تلهية زبنائي حتى لا أفقد مكانتي بين الفقهاء والمشعوذين الآخرين، وقد أوهم الزبائن بعدة أشياء فأضللهم عن الحقيقة.

ألم يسبق لأي زبون أو زبونة أن اتهمتك بالنصب والاحتيال، لأنك لم تلبي حاجتها؟

أكيد أن سنوات من العمل في هذا المجال، جعلتني أتفادى الوقوع في هذا المأزق، أكيد أني سأجد حلا لأي موقف، فأتهم الزبونة بعدم تنفيذ كل الطقوس التي وصفتها لها، وأحيانا فعلا يكون هناك خلل، فأصف لها طقوسا ووصفات أخرى تداركا لهذا التقصير.

ماهي طريقتك في قراءة الحظ والمستقبل ؟

أنا أمتهن لعبة الورق، إذ أقرأ الورق ومن خلاله أتتبع خط ومسار حياة أي زبون.

هل من الممكن أن توضحي أكثر لو سمحت؟

ما قلته يعني أني أستعمل ورق اللعب أي “الكارطة“ حسب المفهوم الشعبي، فأقسمها إلى 3 أجزاء متساوية، وأطلب من الزبونة أن تردد على كل جزء وهي تمس الورق: “هذا سَعْدِي هَذا مَيْمُونِي هَذا تخْمَامِي هَذا لِي طلع في بالي“، وتكرر الكلمات 10 مرات والجزء الذي ينتهي فيه العدد، أقلبه لأقراه، ومن خلاله أعرف خبايا ومستقبل الزبونة، انطلاقا من الرَايْ والكَباَلْ والصُوطة ( ورقات اللعب)، هذه الأخيرة (الصُوطة) التي تعني المرأة والكَبَالْ يعني الرجل والراي يعني الجاه والسلطة، وبما أن المرأة تحب الكذب والمراوغة فهي تصدق كل كلمة أخبرها إياها.

هل هناك وسيلة أخرى غير “الكارطة” تعرفين من خلالها خبايا كل زبونة؟

هناك طرق متعدد للكشف عن المستور، أستعمل الصخور البحرية الصغيرة، أقرأ الكف، هناك وسائل كثيرة، المهم هو النتيجة ولا يهم الطريقة.

ماهي الحالات التي ترد عليك؟

بما أن الزواج هو أهم شيء في حياة المرأة، فغالبا ما يكون هذا هو الغرض من اللجوء إلي، أيضا بسبب البرود العاطفي وغياب الحميمية في العلاقات الزوجية والتي تؤدي إلى عدة مشاكل أخرى في حياة المرأة والرجل معا، مثل: الخيانة أو الزواج، ونادرا ما تزروني المرأة بهدف العلاج من مرض ما، لأن مع تطور الطب أغلبية النساء يتوجهن إلى العيادات والمستشفيات، وأحيانا تزورني الراغبة في الحصول على الأطفال وهذا الأمر خارج طاقتي، لكن دائما لدي دواء لكل واحدة.

ماهي نوعية النساء التي ترد عليك؟

نساء مختلفات، ربات بيوت، موظفات، معلمات، غنيات، فقيرات، ليست هناك شريحة معينة لنوعية الزبائن التي ترد علي لأن هناك مشاكل ومعاناة مشتركة بين أغلب النساء.

انطلاقا من نوعية زبائنك، يتبين غياب الوعي بشكل كبير في المجتمع؟

عندما تجتمع عليك المشاكل من كل حدة، فلن تفكر لا في الوعي ولا في المكانة الاجتماعية ولا في الوضعية الثقافية، فالهدف الوحيد هو الخلاص من المأزق والمشكلة التي تواجهك، عندما تكتشفين أن سعادتك وحياتك مهددتان بسبب شخص ما، فلن تترددي في خوض المستحيل حتى لو كان الحل وهما.

ماهي الطقوس التي تتضمنها وصفاتك؟

أشياء كثيرة، وبما أن المدينة لا تتوفر على دكاكين الأعشاب والعطارة، أضطر إلى جلب الأعشاب وكل مستلزمات عملي من مدن أخرى، وذلك لتسهيل المهمة على الزبائن بدل اللف والدوران من أجل الحصول على الأعشاب وغيرها من المواد النادرة، وهي التي تشكل مكونات وصفاتي :الأعشاب وقطع من بعض الحيوانات والطيور والحشرات، وأيضا بعض البخور.

لاحظت أن هناك حجرة تتوفر على عدة مواد غريبة ومثيرة للاهتمام، ما نوعيتها؟

ما يوجد في تلك الغرفة عبارة عن مواد أجلبها من مدن أخرى، مثل : ( سرغينة، احصلبان، ريش النعام، شوك القنفد، أنف الهدهد، بيض النعام، الفسوخ، اللدون، جلود الأفاعي، النمور، القرود، أسنان القرش، سحالي، جلود التمساح، مخ الضبع، مخ القنفد….) وهي مواد تكلفني ثمنا باهظا، إلى جانب تكلفة النقل والشحن، وأحيانا أبيعها بالخسارة.

والجن، هل لك علاقة بإخراجه من جسم الإنسان؟

لا، يبدو أن لدي صداقة جميلة مع الجن، فهو لا يطيع أمري بالخروج، لذلك غالبا ما أبعثهم لضريح “سيدي العربي غيلان“، هناك أشخاص آخرون إلى الميدان نفسه يمارسون هذه الأمور، ثم أشْمْنْ جْنْ بَاقِي الجْنْ هُو بْنادْمْ.

ألا تفكرين في تغيير هذه المهنة؟

ليس هناك أي بديل، الحياة مرة، والزمن غادر جدا.

لماذا اخترت الجلوس في هذا الضريح بالضبط؟

لم يكن الأمر بيدي، كان دائما يأتيني في المنام، ففكرت في البقاء بقربه، عله يمدني بالقوة والبركة، لأمارس مهنتي.

كيف توفقين بين مهنتك ومسؤوليتك في البيت؟

ابنتي الكبرى تقيم معي بعد وفاة زوجها، وهي تهتم بالمنزل أثناء عملي، أقضي الصباح في البيت وبعد الظهر أتناول الغذاء وأتوجه إلى “سيدي العربي غيلان“ لأجد بعض الزبائن الوافدين علي أو على الضريح لأخذ البركة وإشعال الشموع لروح الولي الجليل.

ألا تعتقدين أن هذه الممارسات محرمة من طرف الإسلام؟

إن بدأنا الحديث عن الحلال والحرام فإننا لن ننتهي أبدا، أشياء كثيرة محرمة وتمارس بشكل يومي، “ وَاشْ وْقفتْ غِيرْ عَنْدْناَ “.

وماذا بخصوص التفرقة بين الزوجين؟

أنا مجرد وسيلة، لاذنب علي، هي أسهل الحالات الواردة علي، إذ يكفي أن تجلب لي المرأة شيئا من آثره: قطعة من ملابس داخلية أو قطعة ملوثة بمنيه أو صورته، أيضا هناك مواد تستعمل في الطعام أو الشراب، لإحداث الكراهية بين زوجين أو حبيبين إلى درجة أنه لن يقوم بالنظر إليها مرة أخرى أو الإحساس بأي شيء اتجاهها وكأنه لم يعرفها يوما.

كيف ذلك، شوقتني لمعرفة الأمر؟

حسنا، إن تعلق الأمر بالصورة فإني أجمع بين الصورتين أقصد صورة المرأة وصورة الرجل وأكتب في ظهرهما بعض الطلاسيم والتي تتعلق بالكراهية والهجران، ثم تدفن الصور في قبر منسي أو طريق خالية أو في البيت تحت رجلي خزانة أو صخرة ثقيلة، وإن تعلق الأمر بملابس داخلية فإني أقرأ عليها بعد التعاويذ وأكتب عليها بعض الكلمات بماء الاسمنت، وعلى القطعة أن تظل لمدة ليلة كاملة معرضة للهواء، ثم يلبسها الرجل، أما القطعة الملوثة بالمني أضعها فوق الشمع إلى أن يجف كل المني الموجودة على القطعة ثم أدفنها في مكان بعيد حتى لا يشعر الرجل بأي حرارة اتجاه زوجته أو حبيبته….

من الذي يلجأ إلى هذه الممارسة؟

إما الأم (أم الزوجة أو الزوج) التي لا ترغب في هذا الزواج، وأحيانا أخت الزوج العانس، أو صديقة حميمة، أو أي شخص مقرب جدا من الزوجين ليتمكن من الحصول على هذه المواد.

وماذا عن الجمع بين القلوب؟

هي أيضا من اختصاصي، وكثيرا ما جمعت بين الكثير من الأشخاص، وقد تكلل هذا الجمع بالزواج والذرية الصالحة أيضا.

أليست هناك نتائج سلبية خاصة وأن هذا الزواج تم بالسحر والشعوذة؟

دائما، هناك مستفيد ومتضرر، ولا نستطيع أن نقلب القاعدة مهما كانت الأسباب والدوافع، أنا مجرد وسيلة كما سبقت وأخبرتك، أنفذ ما يطلب مني مقابل مقدار من المال، في بعض الأحيان يكون ذلك على حساب نساء أخريات أو رجال آخرين لكن هذه هي الحياة إما أن تعطيك أو تأخذ منك.

ماذا تمثل لك الكلمات التالية؟

الحب: حلم ضائع.
الزواج: سنة الحياة.
الأمل: موجود إن بحث عنه.
الوطن: مكان.
الصداقة: كنز كبير.
الطفولة: ليتها تعود.
الزمن: غادر جدا.
المرأة: ظالمة ومظلومة في كل الحالات.

كلمة أخيرة

أرجو أن تفهم المرأة أننا بشر مثلها فلا تأمل الكثير من ورائنا.


 

رد مع اقتباس
قديم 23 Mar 2010, 11:31 AM   #6
((( الباحث )))
باحث فضي


الصورة الرمزية ((( الباحث )))
((( الباحث ))) غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8198
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 03 Jan 2012 (07:37 PM)
 المشاركات : 173 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


هي جولة حاولت من خلالها استقراء مجموعة من الأسرار الكامنة وراء زيارة الأضرحة، التي تلجأ إليها المرأة بهدف التبرك أو ممارسة مجموعة من الطقوس التي وصفها لها الفقيه أو الشوافة، معتقدة أن زيارة ضريح ما بمثابة حل لمختلف المشاكل الاجتماعية والتوترات النفسية والجنسية التي تعاني منها بشكل يومي، خاصة بعد تحول الأضرحة إلى مرافق عمومية تعج بالفقهاء والدجالين وممارسي الشعوذة، مستغلين جهل وسذاجة وعدم وعي بعض النساء، للنصب والاحتيال عليهن بوساطة قراءة الحظ والتنبؤ بالمستقبل، أيضا تشهد الأضرحة سُوقاً مَوسِمياًّ لبيع الأعشاب المختلفة التي تعالج بعض الأمراض الخطيرة ومواد غريبة لممارسة طقوس الشعوذة، مثل: جلود الثعالب، الضفادع المحنطة، جلود النمور، الأفاعي، ريش النعام، الهدهد، الغربان…/ وأغلب هذه المواد يدعي أصحابها بأنها نادرة الوجود وأنها جلبت من بلاد الهند أو إفريقيا، ويصل ثمن بعضها أحيانا إلى مليون سنتيم، إضافة إلى أنواع مختلفة من البخور المشكلة من الحرمل وشوك القنفد والحناء واحصلبان و….
ويعتبر الإيمان القوي بفعالية التبرك بالأضرحة وكرامات الأولياء، والثقة الزائدة في الطقوس التي تمارسها أغلبية النساء اللاجئات إلى ميدان الشعوذة بابا أساسيا لتخطي مختلف المصاعب وحل الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تعترض المرأة أثناء ممارسة حياتها اليومية، فالأسباب الكامنة وراء لجوء المرأة إلى الشعوذة هي نفسها التي تدفعها إلى الارتماء بين أحضان القبور والأضرحة من أجل الحصول على زوج مناسب أو الإنجاب أو بهدف الحفاظ على العلاقة الزوجية، أو الانتقام من رجل لم يف بوعده، أو تحطيم امرأة بدافع الغيرة والحسد أو التخلص من منافسة على قلب الرجل الذي تحبه، أو الاستشفاء من مرض مستعصي العلاج أو…. أو…..، لأن تدني المستوى الثقافي والعلمي، وسيادة الأمية والإيمان بالخرافات والأساطير هي دوافع تجعل المرأة تُغَيٍبُ عقلها وتخضع لرغبة الانتقام والحصول على الحلول الفعالة بطرق سهلة ولو كانت مكلفة، وتجبرها على الطواف بالأضرحة وتقبيل قبور الأولياء، أو التخلص من الملابس الداخلية، وتقديم هدية مناسبة للضريح، أو ممارسة بعض الطقوس مثل الاغتسال أو البخور.
وقد اعترفت لي الزهرة التي التقيتها صدفة في ضريح سيدي عبد الرحمان بومجمار، (38 سنة، خريجة المعهد العالي للفنون الجميلة): « كان لدي هاجس مستمر بأن هناك من يريد الانتقام مني، ويحرمني من الحصول على عريس مناسب، زرت عدة فقهاء وفي نيتي الحصول على الحل المناسب الذي سينتشلني من الوضعية التي أعيشها، خاصة وأن البيئة الاجتماعية التي نشأت فيها لا ترحم، وصفات كثيرة جربتها بناء على طلب بعض الفقهاء الذين زرتهم، شربت مزيج عدة حروز منقوعة في الماء وطبخت عدة وجبات غذائية بقطرات هذا الماء وبخرت بالبعض الأخر، ودفنت عدة حروز منسوجة بماء القطران في طرق منسية، نبشت في القبور، جربت أشياء لا تخطر على البال، نسيت أني واعية ومثقفة، كان تفكيري منحصرا في حصولي على زوج مناسب لإغلاق الأفواه المفتوحة، لأني خطبت 5 مرات خلال 3 سنوات وفي كل مرة يختفي الخطيب بدون سبب وبشكل غامض، مخلفا لي الفضيحة وتشفي الصديقات المنافقات، وقد اتفق الفقهاء على أني أعاني من العكس والتابعة، وأخيرا قصدت هذا الضريح لأخذ البركة…….».
كانت الزهرة مجرد نموذج صادفني خلال هذه الجولة القصيرة، لأنه عندما وطأت قدماي ضريح سيدي بومجمار القائم بجنوب الدار البيضاء، قبل 3 سنوات، فاجأتني الأعداد الهائلة من الناس التي تعج بها ساحته الواسعة، معتقدة أن هذا المشهد مناسبة أو موسم يحتفي الناس خلاله ببركة هذا الضريح، إلى أن سمعت عجوزا تهمس لمرافقتها بأن ساحة هذا الضريح لا تخلو من الوافدين عليه صيفا وشتاءا، وهو مشهور بعلاج “العكس“ وإبطال مفعول السحر، تقول السعدية وهو الاسم الذي أدلت به سيدة في مقتبل العمر لا يتجاوز سنها 38 سنة: «شَايْلاَهْ يَا سِيدِي بُومْجْمَارْ، شْدِيدْ وبَرَكْتًوا قويَة، تقصده النساء من مختلف المدن المغربية من أجل الاستفادة من بركته، قصدت هذا المكان المبارك قبل سنوات، بسبب تأخر زواجي لما بعد الثلاثين، لم أكن بشعة الخلقة، لكن الحظ لم يطرق بابي، خاصة وأن تواجدي بمنطقة ضيقة، قلل فرص الحصول على زوج مناسب، فقدت الأمل تقريبا في الزواج، إلا أن تجدد مع الصدى الذي وصلني عن بركة سيدي بومجمار فتجدد الأمل في أعماقي، زرته مرات عديدة لأتبرك به، وقمت بتنفيذ مجموعة الطقوس التي شرحتها لي المقدمة (السيدة المسؤولة على غرف الضريح)، وبعد مدة من الزمن لم تكن بالطويلة، تقدم إلى خطبتي رجل حظي بموافقة الأسرة، فتم الزواج، ومنذ ذلك اليوم وأنا أزور هذا المقام الجليل بشكل سنوي لتقديم هدية اعترافا مني بجميله..».
قد تكون الصدفة وحدها هي التي تجعل المرأة حبيسة مجموعة من المعتقدات الخرافية والأساطير المختلفة السائدة في المجتمع المغربي وتجرفها إلى التوهان بين دهاليز الأضرحة لممارسة طقوس الشعوذة، بهدف الخروج من دائرة مجموعة من الأزمات والمآزق الاجتماعية، التي تتخبط المرأة تحت رحمتها، وتصرح نعيمة (44 سنة، ربة بيت، أم أربع بنات في سن الزواج) بخصوص الطقوس الممارسة بضريح بومجمارلإبطال مفعول السحر وطرد العكس وسوء الحظ من حياة المرأة: «يعتبر البخور باللدون (قطع الرصاص بعد انصهاره فوق النار) أشهر الطقوس الممارسة بهذا الضريح، بحيث تقوم “الشريفة”(وهي السيدة المسؤولة عن عملية البخور باللدون بوضع قطع الرصاص الصلب في إناء معدني، وتتركه على نار هادئة حتى يتحول إلى سائل ثقيل، ثم تصبه في إناء واسع به ماء، موضوع بين رجلي امرأة عذراء، معرضة فرجها إلى البخار المتصاعد، بعدها تتناول الشوافة قطع الرصاص بعد أن تكون قد صبتها في الماء لتبرد، ثم تقرأ من خلال الثقوب والتجاعيد الموجودة في قطع الرصاص، مستقبل زبونتها … »، وتضيف «لاحقا، تطلب الشريفة من زبونتها الاستحمام بماء سبع عيون، وأحيانا سبع موجات بشرط أن يكون هذا الاستحمام في مكان خالي بعيدا عن عيون الناس، بحيث يتم في غرفة صغيرة ملحقة بالضريح، حيث تستحم المرأة التي تعاني من العكس والسحر بداخلها ويصب ماء الاستحمام مباشرة في البحر عبر مجرى صغير متصل بالغرفة، ثم ترتدي ملابس نظيفة وتخرج من الغرفة، وهي على يقين أن كل شيء تجدد في حياتها »، وتشير زائرة أخرى: « وتختم الزيارة بتقديم الذبيحة (ديك أو دجاجة حمراء) للبحر مرافقة ببعض الطقوس، بحيث تولي ظهرها للضريح متوجهة نحو البحر، وتمرر الدجاجة على كافة أعضاء جسدها بدءا من الرأس حتى القدمين، ثم تذبح الدجاجة وتلقيها في البحر، ثم تأخذ المرأة السكين الملطخ بالدم وتمسح به كل عضو من جسدها، وتدوسه بقدميها ثم تمضي حافية دون أن تلتفت إلى الوراء، بعدها تبخر نفسها بالشبة و الحرمل وترمي قطعة من ملابسها الداخلية إلى البحر بين الصخور، كي تتخلص من اللعنة والنحس الذي يرافقها».
إن الصدى الذي خلفته أسماء بعض الأضرحة الواردة في شهادات النساء اللواتي صادفتهن أثناء بحثي دفعتني إلى زيارة هذه الفضاءات، لأنقل إلى القراء معطيات واقعية وواضحة، فقصدت ضريحا آخر مختص بالزواج وطرد شبح العنوسة عن زائراته، وهو ضريح “لالة عايشة البحرية“ القائم بمدينة أزمور والذي يشاع عنه: « كل من يزوره يتزوج مباشرة »، مما يجعله قبلة مختلف النساء اللواتي فاتهن سن الزواج، للتبرك به عله يكون وسيلة للحصول على زوج مناسب، بحيث تقوم الزائرة – العانس بمجموعة من الطقوس، للتخلص من الركود الذي تعرفه حياتها، وهذا الضريح لا يختلف كثيرا عن باقي الأضرحة، فهو عبارة عن بناء قديم يتكون من غرفتين للاستحمام وبئر يستعمل ماؤها للاغتسال وفي المدخل الرئيس توجد امرأة عجوز تقوم بتسخين هذا الماء لتبيعه لزائرات هذا المكان، وغير بعيد عنها تقع خيام الفقهاء والدجالين الذين لا يترددون في اصطياد أكبر عدد ممكن من الزبائن للنصب والاحتيال عليهم، وخيام أخرى لبيع بعض المواد مثل: الشموع، ماء الورد، الحناء، البخور،…. في حين تزين جدران الضريح أسماء شباب وشابات يطمحون إلى الحصول على شريك مناسب، وتشير البتول 43 سنة: « بمجرد أن تطأ المرأة مدخل هذا الضريح، عليها الطواف حوله 3 مرات، ثم تقبل قبر الولية وتقدم هدية مناسبة للمْقدْمَة التي غالبا ما تكون عبارة عن شمع أو دجاج أو ….، ثم تقتني منها، بعد لوازم التطهر (مجمر صغير، حناء، مشط، ماء الورد….)»، وتضيف: « بعد الطواف تقصد أحد غرف الاستحمام وتعرض جسدها للماء الساخن الذي تكون قد ابتاعته من عين المكان، بعد أن تدهن جسدها وشعرها بالحناء ثم تستحم، بدون استعمال الصابون أو أي مادة أخرى معطرة، وتعتبر هذه العملية بمثابة تطهير المرأة من كل الشوائب والعكوسات التي لحقتها منذ نعومة أظفارها، بعد أن تنتهي من الاستحمام تلقي بعض ماء الورد في مجمر صغير(موقد)، وتعرض جسدها وهي عارية للدخان المتصاعد من المجمر، ثم تلبس عباءة بيضاء فضفاضة، وتمزج الحناء بماء الورد لتنسج به اسم الرجل الذي ترغب في الزواج به على جدار مدخل الضريح بجانب عدة أسماء أخرى، مما يدل على توافد العديد من العوانس على الضريح نفسه من أجل الهدف نفسه ».
وغير بعيد عن مدينة أصيلة بمنطقة “ العقبة“ يقع ضريح سيدي “أحمد بوقجة” المختص في الذرية الصالحة وإبطال مفعول السحر والعكس، تقصده مختلف النساء للتبرك به وتقديم هدايا مناسبة له، خاصة أنه الضريح الأكثر وصفا من طرف الفقهاء، وهو عبارة عن بناء صغير منعزل عن الوحدات السكنية بالمنطقة، يتوفر على بئر به ماء يستعمل للشرب والاغتسال لطرد التبعة والعكس، إلى درجة أنه في حالة زيارته بغير الأيام المعتادة تشعر بالخوف لخلو المكان من الناس، ويعرف خلال فاتح ماي اجتياحا كبيرا، بل يتحول إلى منتزه عمومي مليء بالأطفال والنساء وحتى بعض الرجال، وتمارس النساء طقوس التبرك بشكل جماعي، وفي نيتهن أن بركة سيدي “أحمد بوقجة” ستطرد النحس وسوء الحظ من حياتهن، وهي طقوس لا تختلف عن طقوس ضريح “سيدي بومجمار”، فالإيمان الأعمى بفعالية الشعوذة وبركة الأضرحة تجعل المرأة لا تتردد في اللجوء إلى أي ضريح تسمع به، حتى لو كان بعيدا عن مكان إقامتها، فمثلا ضريح “لالة منانة” بالعرائش، رغم أنه عبارة عن مقبرة كبيرة تثير الخوف في حالة المرور وسط قبورها، إلا أن المرأة لا تتردد في زيارتها، وإعطاء الفتوح للحارس الموجود في الباب الخارجي، وانتظار دورها للدخول إلى الشريف (الفقيه) الذي ينصحها بزيارة الضريح لأخذ البركة، وهناك طقوس كثيرة خاصة بإبطال السحر والعكس حسب المصطلح المتداول في البيئة الشعبية، بحيث يقوم الفقيه بكتابة عبارات سحرية في صحن أو زلافة، يفرغ فيها الماء الذي تشرب منه، وترشه على أعضاء جسدها، أيضا يقوم الفقيه بتجهيز تمائم مناسبة تعلقها تحت ملابسها من أجل التعجيل بقدوم العريس.
ويعتبر ضريح “بوشعيب الرداد” القائم بمدينة أزمور، والذي تلجأ إليه المرأة بهدف الحفاظ على العلاقة الزوجية من شبح امرأة أخرى، أو بهدف الحصول على الذرية الصالحة، وهذا الضريح عبارة عن بناء صغير أنيق، بحيث يشترط على المرأة – الزائرة، وجود النية وطلب “التسليم“ من أجل قضاء الحاجة وأداء “الباروك“، ولا تختلف الطقوس كثيرا بين زائرات هذا الضريح رغم اختلاف أغراضهن، بحيث تبدأ الطقوس في هذا الضريح باقتناء الشموع من مدخل الضريح ثم الطواف حول قبر الولي وتقبيل الجدران، وصولا إلى مرحلة إشعال الشموع أمام القبر والجلوس أمامها، بحيث تبدأ المرأة بالبكاء وبث شكواها لسيدي بوشعيب وهي على يقين أن حاجتها ستقضى بمجرد خروجها من هذا الضريح، انطلاقا من الصدى الذي وصلها من بعض جيرانها أو قريباتها، وإن كان غرض المرأة من لجوءها للضريح هو الحصول على الأطفال، فيتوجب عليها الطواف حول الضريح عدة مرات، قبل أن ترمي بحزامها أمام قبر الولي، وتقضي ليلة كاملة بالضريح للحصول على بركة هذا الولي الجليل، واستعادة قدرتها على الإنجاب، وأحيانا يتم اغتصاب النساء حسب ما جاء في شهادة بعضهن لأن الزائرة من سذاجتها تعتقد أن روح الولي هي التي تعْبَثُ بجسدها، وعندما تلد المرأة لا يفرق معها ابن من هذا الذي أنجبت، خاصة وأن الزوج في هذه الحالة هو الذي يعاني من مشكل العقم وليست المرأة، فيأتي الفرج على يد هذا الولي أو ذاك، خاصة وأن الثقافة الشعبية المغربية لا ترحم المرأة العاقر فتضطر إلى تجربة عدة وصفات وأعشاب، واللجوء إلى مختلف الأماكن من أجل الحصول على ولد أو بنت تكفيها من شر السؤال والتشفي. ونجد أن ضريح “سيدي ميمون” يشترك معه في الخاصية نفسها بحيث تلجأ إليه المرأة العاقر وفي نيتها أنها ستلد بعد وقت قصير من زيارتها لهذا الضريح.
في حين أن ضريح مولاي “عبد السلام بن مشيش” الشهير الذي يقصده الناس من مختلف المدن المغربية مما جعله بمثابة سوق يومي قريبا من الضريح، حيث تتوزع الخيام المختلفة العاجة بالبضائع المتنوعة من مجوهرات وفاكهة يابسة ومناديل وملابس صوفية، كما تنتشر نقاشات الحنة اللواتي تعترضن سبيل الزائرات مقابل 20 درهما، وفي مدخل الضريح وحوله ينتشر المتسولون، والنصابون الذين يحتالون عليك ببعض بذور الفواكه مقابل دراهم معدودة، وغير بعيد عن الضريح تجد مغارة صغيرة، تصطف حولها مجموعة من النساء، في انتظار دورهن للمثول أمام الفقيه الذي يطلق على نفسه اسم “الشريف” مدعيا نسبه الشريف لمولاي “عبد السلام بن مشيش” مع أن الشرفاء بريئون منه براءة الذئب من دم يوسف، ولأن السذاجة تسكن عقول أغلبية النساء الوافدات على هذا الضريح اللواتي يعتقدن بأن اللجوء إلى هذا الفقيه من طقوس الزيارة، ولأن الضريح عبارة عن غرفة صغيرة بدون سقف، فإن ما يحيط به من صخور وجبال هي فضاءات لممارسة مجموعة من الطقوس، فغير بعيد عن الضريح توجد مغارة كبيرة تتوسطها صخرة ذات حجم كبير، يطلق عليها اسم “العروسة الممسوخة”، وبمجرد النظرة الأولى تفهم بأن مجموعة كبيرة من النساء مررن من هنا من خلال قطع الملابس الداخلية المتناثرة هنا وهناك وبقايا شموع و…، وتشير الأسطورة إلا أنه إن بكت العروسة أقصد هنا الصخرة، فإن كل الزائرات سيتزوجن في مدة وجيزة.
ولابد من الإشارة إلى الضريح الأكثر شهرة ” لالة يطو” القريب من ضريح “لالة عايشة البحرية” والذي يعتبر قبلة كل زوجة تعاني من خلل في حياتها الزوجية، بحيث تقصده بنية إعادة الدفء والسعادة والأمل في حياة هادئة، وتبدأ طقوس هذا الضريح باقتناء الشموع والأعشاب قبل التوجه إلى قبر الولية، وفي هذا الصدد تشير السيدة فاطنة 36 سنة: « تفد على هذا الضريح أشكال وألوان من النساء يبدو على ملامحن البؤس والشقاء بسبب غياب الحرارة في حياتهن الزوجية، بسبب خيانة الزوج أو بسبب الملل والروتين، أو.. وتقصد النساء هذا المقام الطيب من أجل إعادة الدفء إلى الحياة الزوجية، بحيث تتجرأ المرأة على منح “المقدمة” التي يطلق عليها اسم “الشريفة”، قطعة قماش أبيض سبق واستعملتها أثناء الممارسة الجنسية، بحيث تضع “المقدمة” بعض الأعشاب والشمعة التي وسط القماش وتلفه جيدا، ثم تدقه بصخرة صغيرة، وتسلمه للزائرة لتمرره على فرجها سبع مرات، وتستعيده لتضع فيه هذه المرة تمرا بدل الأعشاب والشمعة مرددة بعض التعاويذ التي لا يسمعها غيرها حفاظا على بركة عملها، وتدوس الزائرة على القماش وتنصرف..»، وإذا تتبعنا مسار المرأة بعد انصرافها من عند “المقدمة” سنجدها تتجه نحو غرفة أخرى من الضريح والتي تتوفر على فرن صغير في إحدى زواياها، وهو مختص بحرق هذا النوع من الأقمشة، وما إن يحترق القماش، حتى تتراجع المرأة بضع خطوات إلى الوراء ثم تخلع خمارها وتلقيه في الهواء عدة مرات، ثم تمرره فوق الفرن مرددة بعض الكلمات، ثم تلم شعرها وتعيد الخمار إلى رأسها معتقدة أن زوجها سيحترق شوقا لها والرجوع إليها راكعا، فالثقة العمياء التي تضعها المرأة في هذا الضريح أكسبت “لالة يطو” صدى كبيرا بين الأضرحة الأخرى.
وفي بعض الأحيان تحدث عدة مآسي بين أرجاء الأضرحة والقبور، عمليات اغتصاب وحشية وغريبة، بشكل خاص في الأضرحة المختصة بالإنجاب، حيث تقضي المرأة العاقر ليلة كاملة أمام قبر الولي لتستعيد خصوبتها، لكنها بدل ذلك تتعرض للاغتصاب من طرف أحد القيمين على الضريح، موهما إياها أنه الوسيلة الوحيدة التي ستجعلها حاملا بالجنين الذي تتمناه، وأنه روح الولي، والمرأة من سذاجتها ورغبتها المجنونة في أن تكون أما تسلم فرجها لأي كان، لأنها منذ أن قصدت هذا المكان وهي غائبة العقل، كما يتعرض رواد بعض الأضرحة للضرب المبرح بحجة العلاج كما يحدث في ضريح “بويا عمر” الشهير بنواحي بمراكش المختص في علاج المصابين بالجنون، بحيث يتم ربط المرضى بالسلاسل إلى الأشجار أو الجدران، نفس الطريقة نجدها في ضريح “سيدي غيلان” بأصيلة، رغم أن اللجوء إليه من أجل هذا الغرض أصبح نادرا، بحيث يستغل المسؤولون عن الضريح سلطتهم لاستغلال المرضى وضرب المجانين والمصابين بالأمراض العصبية، بحيث يتعرضون لمختلف أنواع التجويع والتخويف والتعذيب الوحشي بحجة أن هذه الوضعية أساس العلاج، وتزداد حالتهم سوءا من قلة الأكل والشرب، وفي بعض الأحيان تمارس طقوس“الجذبة” وهي عبارة عن حركات شاذة يقوم بها المرضى على إيقاع الدف والناي، يتوسطهم رجل يدعي أنه حفيد “بويا عمر” ويملك قدرة علاج كل المرضى الوافدين على الضريح، بحيث يقترب من الإبريق الموضوع على موقد صغير، وهو يهتز بشكل غريب ومخيف، ويبدأ باحتساء الماء المغلي على الرغم من حرارته العالية، ثم يبصق هذه المياه فوق رؤوس المرضى المتسابقين للحصول على البصاق المتطاير، ومع نفاذ ماء الإبريق يتوقف الدف والناي ويتساقط المرضى واحدا تلو الأخر على الأرض وتنتهي الطقوس، كما أن بعض الوصفات التي تتناولها المرأة في بعض الأضرحة تعرضها للتسمم وتلوث في الأمعاء، أو نزلة برد نتيجة التعري في غرفة الاستحمام أو على شاطئ البحر، مما يؤثر على حالتها الصحفية والنفسية.
وفي غياب آليات فعالة لمحاربة هذه الممارسة، فإن ظاهرة زيارة الأضرحة والتبرك بها، تتفاقم يوما بعد يوم، بل تتطور أساليبها وطقوسها إلى درجة أنها أصبحت تقليدا اجتماعيا، نظرا لاعتقاد المرأة بأن هذا الولي أو ذاك سيعبر بها إلى بر الآمان، خاصة وأن زيارة الأضرحة تخفف الضغط النفسي الذي تعيشه المرأة، لذلك فهي تعتبر الأضرحة الملجأ الدافئ والآمن الذي سيخلصها من المشاكل والأحزان، ومكان مناسب لتفريخ الشحنات النفسية الشديدة التي تعاني منها المرأة
ماذا سننتظر من امرأة تؤمن بالسحر والشعوذة ؟؟ وتضع مستقبلها وطموحها بين يدي “فقيه” أو “شوافة”، يتصرفان في حياتها كما يحلو لهما، لأنها منحتهم الضوء الأخضر لتحويل مجرى حياتها اليومية وتسييرها حسب هواهم ورغباتهم، إذ لا تستطيع المرأة التصرف بدون استشارة ” الفقيه” أو الأخذ برأيه، خاصة وأن هذه الاستشارة لا تكلف أحيانا سوى 20 أو 50 درهما، وعلى الرغم من أن الشعوذة آفة خطيرة وذات تأثيرات سلبية على مختلف أفراد المجتمع، إلا أنها مازالت تفرض نفسها بقوة بين مختلف الأوساط الاجتماعية، خاصة مع تطور وسائل الإعلام والاتصال التي أصبحت في خدمة الشعوذة ومروجا أساسا لطقوسها الغريبة وموادها السامة وكثيرا ما تلجأ إليها المرأة عندما تضيق بها الدنيا وتعجز عن إيجاد حلول مناسبة للخلاص من سيطرة الرجل أو من ضعف ميولاته العاطفية والجنسية، كما تنجرف وراء وهم الشعوذة من أجل فك “طلاسم” السحر وإبعاد شبح العنوسة عن حياتها، بعدما أصبحت هذه الظاهرة منتشرة بمختلف الأحياء الشعبية والهامشية والمناطق القروية، إذ لم يعد هناك فضاء خاص بطقوس الشعوذة التي نجدها في مختلف الأماكن العمومية ( الشارع، البيت، الحمام، المقابر، الأضرحة، الحدائق…)، أو زمن محدد لهذه الممارسة (ليل، نهار، صيف، شتاء،…) كما أن طقوس الشعوذة ووصفاتها المتنوعة قد تستهدف أي شخص ﴿ أم، أب، زوج، زوجة، أخ، أخت، صديق، صديقة…﴾، خاصة مع غياب وعي حقيقي بخطورة هذه الظاهرة ومحاولة القضاء عليها.


 

رد مع اقتباس
قديم 23 Mar 2010, 11:32 AM   #7
((( الباحث )))
باحث فضي


الصورة الرمزية ((( الباحث )))
((( الباحث ))) غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8198
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 03 Jan 2012 (07:37 PM)
 المشاركات : 173 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


المرأة ضحية الشعوذة
تسيطر الشعوذة على عقول شريحة كبيرة من النساء خاصة اللواتي يتخبطن في مشاكل اجتماعية ونفسية وعاطفية، مما يجعلهن لقمة سائغة في يد “الفقيه” أو “الكهان“ الذي يمارس مجموعة من الطقوس والممارسات الغريبة التي تجعل الوهم يتحول في لحظات قصيرة إلى حقيقة تصدقها وتؤمن بها المرأة، وكثيرا ما تختلق هذه الأخيرة عدة أسباب وحجج لتبرير لجوئها لممارسة الشعوذة التي تعتقد أنها الحل الوحيد لمختلف المشاكل التي تعانيها، فتنجرف وراء ممارسات لا تمت إلى العقل بصلة خاصة عندما تغلق كل الأبواب في وجهها فلا تجد أمامها سوى الشعوذة التي تمكنها من الحصول على حلول سريعة ومناسبة وبأقل تكلفة ممكنة، متغاضية عن الأضرار الصحية والنفسية الناتجة عن وصفات الشعوذة وموادها الخطيرة والمدمرة لصحة الإنسان واستقراره، وقد كشفت مصادر طبية مختلفة عن بعض الأضرار الصحية والنفسية التي تصيب ضحايا الشعوذة، كما جاء على لسان الدكتور يوسف الحمري (مستشفى سانية الرمل / تطوان): « ترد علينا بشكل كبير حالات تسمم في الأمعاء نتيجة وجود مواد سامة غير معروفة، والتي يتبين فيما بعد أنها مواد غير خاضعة للمراقبة الطبية والتي يصفها الفقيه ويبيعها العطار، لذلك أرجو من السلطات القضائية الاهتمام بهذه الظاهرة ومتابعة جرائم الشعوذة ووصفاتها القاتلة….»، ويضيف الدكتور أحمد بن مكي (مستشفى ابن رشد / الدار البيضاء): « عندما تغلق كل الأبواب في وجه المرأة وتعجز عن إيجاد حلول مناسبة لمشاكلها، فإنها لا تجد أمامها سوى الشعوذة مخرجا لدائرة التيه والضياع التي تعيشها، فتنغمس بشكل كبير في دروبها المتشعبة، إلى أن تتحول إلى ضحية من ضحايا السحر والشعوذة التي يمارسها البعض من أجل الحصول على الربح المادي، وقد صادفت خلال عملي الكثير من حالات التسمم الناتجة عن مواد ووصفات الشعوذة، بحيث يعترف أصحابها بأنهم ضحايا لممارسات زوجاتهم السحرية أو لوصفات هذا الفقيه أو ذاك، وكأن هذا الأخير أصبح طبيبا مختصا والعطار صيدلي من الدرجة الأولى، إذ تتوفر صيدليته (دكانه) على كل المواد التي قد يصفها “الفقيه” أو “الشواف” من أعشاب ذات أسماء غريبة وحيوانات محنطة وحشرات مختلفة تتسبب في تسمم خطير بالأمعاء»، وتؤكد الدكتورة صوفيا السلامي (أخصائية نفسانية/ الرباط) ﺒـ: « أن اللجوء إلى ممارسة الشعوذة غالبا ما يكون بدافع التداوي من الأمراض النفسية والعضوية التي تعاني منها المرأة أو الرغبة في إثبات الذات وحب الانتقام، وهذا يدل على غياب الوعي وعلى تأثر النساء بالفكر الخرافي الذي مازال قائما في أفكار وتصرفات المرأة، التي تفضل التداوي بوصفات الشعوذة بدل اللجوء إلى وسائل الطب الحديثة وأحيانا بسبب مللها من فترات العلاج الطويلة والتكاليف المادية المرتفعة وأحيانا أخرى بسبب إيمانها بفعالية التطبيب بالشعوذة، وهي ممارسات تتحكم فيها الهواجس والوساوس التي تسيطر على عقلية المرأة المغربية…» وفي الموضوع نفسه يؤكد الدكتور بشير الخالدي (أخصائي نفساني / تطوان): «إن الضعف والعجز الذي تتصف به المرأة وصعوبة وصولها إلى مجموعة من الأهداف مثل: الدراسة، الزواج، الحب، العمل… يجعل منها لقمة سهلة في أيدي ممارسي الوهم والخرافة، بحيث تلجأ إلى الشعوذة من أجل تحقيق رغباتها وطموحاتها التي لا تستطيع الوصول إليها بقدراتها الشخصية، إلا أنها تصطدم بعجز الشعوذة عن تحقيق الأغراض التي تهدف إليها، وتدرك بعد زمن طويل أنها كانت تجري وراء وهم كبير…»، ويضيف قائلا:« وغالبا ما تؤدي هذه الممارسة إلى حالات من الجنون والاضطراب النفسي بسبب ضياع مبالغ مادية كبيرة بدون فائدة».
وقد أصبح التردد على دور الشعوذة خلال السنوات الأخيرة أمرا عاديا وشائعا بالنسبة للمرأة المغربية ولم يعد الوضع محرجا كما في الماضي، إذ توسعت دائرة الشعوذة بشكل كبير لتشمل مختلف الفئات الاجتماعية المتعلمة وغير المتعلمة الغنية والفقيرة وهذه الوضعية خطيرة جدا، وتساهم في تطور الشعوذة بشكل فظيع ومخيف، خاصة مع وجود نساء على قدر كبير من العلم والمعرفة، لكنهن يفتقرن إلى الوعي، ولا يشكل العلم مناعة قوية لحمايتهن من الاستسلام للشعوذة وطقوسها، وفي هذا الإطار يصرح الباحث الاجتماعي عبد الصمد الأندلسي: « لقد تحولت الشعوذة إلى جزء من الثقافة الشعبية، وبدأت تفرض نفسها حتى بين الأوساط الاجتماعية الغنية، بعد أن كانت حكرا على الفئات الفقيرة، إذ يلعب التكوين النفسي للمرأة ( السذاجة، الحقد، الانتقام، الجهل، عدم الوعي…) والوضع الاجتماعي (العادات، التقاليد، الزواج… ) والوضع الاقتصادي (غياب فرص العمل، انخفاض الدخل الفردي، ارتفاع الأسعار، غلاء المعيشة…)، كما يلعب الطب الحديث دورا كبيرا في تفشي الشعوذة بسبب غلاء تكاليف العلاج والتطبيب، فتضطر المرأة أحيانا إلى اللجوء لوسائل علاجية ذات تكاليف منخفضة »، وفي الإطار نفسه جاء على لسان فاطمة الزهراء المدني (باحثة اجتماعية) « لقد أصبحت الشعوذة هي المتنفس الوحيد الذي تلجأ إليه المرأة عندما تغلق جميع الأبواب في وجهها، فلا تجد أمامها سوى هذا الباب الذي تعتبره الحل الوحيد لمختلف المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها، ولأن الشعوذة في اعتقادها وسيلة لفك السحر والثقاف (العجز الجنسي) وطرد سوء الحظ من حياتها وإعادة الحميمية إلى علاقتها الزوجية والقضاء على العنف والظلم، وبلسمة كل الجروح وعلاج مختلف الأمراض المستعصية على الطب وكل ذلك بأثمنة مناسبة وفي متناول الجميع، فأمام هذه الإغراءات الكبيرة كيف لا تلجأ المرأة إلى ميدان الشعوذة، ولا تنجرف بين دهاليزها المتشعبة …»، ويشير سعيد النجاتي ( باحث اجتماعي/ فاعل جمعوي) أن: « تزايد مظاهر الجهل والتخلف والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية يضاعف نسبة التعاطي إلى الشعوذة وانتشارها بشكل غريب بين مختلف الأوساط الاجتماعية، وذلك بسبب الابتعاد عن الدين وغياب تنشئة اجتماعية سليمة وتردي العلاقات الإنسانية وعدم تكافؤ الفرص بين الأفراد مما يخلق لدى المرأة هواجس يجعلها تعيش من التوتر والارتباك، ويدفعها إلى الاستعانة بالشعوذة من أجل معرفة الأسرار وفك رموز السحر وتذويب الحواجز التي تحول بينها وبين تحقيق أهدافها وأغراضها الشخصية حتى لو كانت الوسائل المستخدمة بعيدة عن العقل والمنطق»، ويضيف قائلا : « ونجد أن بعض الممارسات تتناقل من جيل إلى آخر كموروث شعبي مثل البخور فهي عادة قديمة لا يمكن الاستغناء عنها تمارس في مختلف المناسبات العائلية ( الولادة، الزواج، العزاء….) والدينية ( العاشوراء، المولد النبوي، ليلة القدر…) إلا أنها تعتبر أداة أساسية في طقوس الشعوذة من أجل طرد العين وسوء الحظ وشبح العنوسة، وفك السحر وجلب الحظ، بحيث تختلف استعمالاته والمواد المستخدمة فيه حسب الغرض الذي يستعمل من أجله…».
ثم إن غياب وعي حقيقي وتوعية جادة بخطورة هذه الظاهرة بين مختلف مكونات المجتمع المغربي، يؤثر بشكل كبير في انتشار الشعوذة وتغلغلها في مختلف البيوت المغربية مما يجعل مصير المرأة والمحيطين بها بيد “الشوافة“ أو“الفقيه“ أو… حسب المصطلحات المتداولة في البيئة الشعبية، وقد صرحت لي زميلة من أيام الدراسة خلال بحثي في هذا الموضوع وتفاصيله المثيرة: « لم نعد نتصرف بدون اللجوء إلى ” الشوافة” التي أصبح بيتها فضاء نزوره بشكل يومي مثل السوق والقيسارية، ويوما بعد يوم أصبحت مستشارا أساسا في شؤوننا العائلية»، وتضيف قائلة: «عندما تقدم شاب لخطبة شقيقتي الكبرى، فكرت أمي في استشارة “شوافة” بحينا لتستكشف لها خبايا هذا الرجل ومستقبله، وفي قرارة نفسها تحاول أن تضمن حياة سعيدة وهنيئة لابنتها، قصدت السيدة المذكورة التي أخبرتها بأن هذا الشاب سيء الخلق وأنه سيعامل ابنتها معاملة سيئة وعنيفة، وأن هناك من يرغبون في التقدم لخطبتها قريبا وأن الفرح والخير سيعم على البيت، فأجمعت الأسرة على رفض هذا الخطيب رغم أن الرجل لم يكن يعاني من أي عيب بشهادة الجميع، إلا أن كلمة السيدة “الشوافة” كانت حاسمة وعلى الجميع تنفيذ أوامرها بدون تردد…».
هذا مجرد نموذج حي يعبر عن مدى انجراف بعض النساء وراء الوهم الذي ترسمه طقوس الشعوذة ووصفاتها المختلفة، فيتخذن من دور الكهنة والمشعوذين عيادات نفسية لهن ولمشاكلهن بحيث يخرجن من هناك بنصائح ووصفات من المستحيل في رأيهم عدم تطبيقها لأنها مغرية وتعد بحياة جديدة وهنيئة، وهنا أشير بأنه لولا تركيزي وجديتي في البحث عن معطيات هذا الموضوع لكنت ضحية أخرى من ضحايا الشعوذة لأن المشعوذ يستخدم أساليب مميزة للتأثير على المرأة، بشكل لا يترك مجالا للمقاومة والتفكير، خاصة وأنه يقدم لها حلولا جاهزة لا تكلفها سوى ثمن بسيط مقابل الخدمات التي يقدمها لها، ولأن أغلبية النساء لا يهتمن سوى بالحب والزواج وليست لهن أية هواية أخرى سوى الاهتمام بالبيت وانتظار زوج مناسب أو محاولة الحفاظ على بيت الزوجية، فهن يبحثن بشكل دائم عن أسهل الطرق والوسائل للوصول إلى مبتغاهن حتى لو كانت هذه الطرق المستخدمة محظورة وغير مقبولة، ولأن هناك من يعتقد أن المشعوذ شخص مختلف عن البشر وأدرى الناس بخبايا النفوس والقلوب، ويختزن كل الأسرار، الأمر الذي يجعل الكثير من العاطلين والعاطلات يسعى إلى امتهان الشعوذة من أجل كسب لقمة العيش ولو عن طريق النصب والاحتيال مستغلين سذاجة المرأة وعدم وعيها وقابليتها للاستغلال، وكثيرا ما تكون أقوال وأفعال المشعوذ مجرد وعود لا تتحقق دائما ومع ذلك تصدقها النساء بشكل لا يترك مجالا للشك، وتعترف السيدة زهور (33 سنة / ربة بيت): « منذ زواجي وأنا أعيش حياة هادئة إلى أن استقرت بجوارنا سيدة تدعى لالة زليخة، والتي كانت محبوبة من طرف الجميع تخدم هذا وذاك، كنت أسمع عنها كثيرا أثناء خروجي إلى الحمام أو السوق، ولم يتبادر إلى ذهني أنها مشعوذة تستولي على عقول نساء الحي بحيلها وطقوسها ووصفاتها السحرية، وذات يوم قصدتني إحدى الجارات ودعت نفسها لشرب فنجان شاي معي، علما أن علاقاتي محدودة مع الجيران، إلا أنني استقبلتها بصدر رحب ومن سذاجتي وطيبوبتي اعترفت لها بكل ما يجول في حياتي الزوجية ومدى خوفي من استيلاء إحداهن على زوجي العزيز، فطلبت مني السيدة السابقة الذكر أن أرافقها إلى بيت لالة زليخة لتقرأ حظي وإن كان زوجي وفيا لي أم لا، وياليتني ما تخطيت عتبات ذاك المكان الذي قلب حياتي رأسا على عقب، فقد صرحت لي الشوافة أن زوجي يعاشر امرأة أخرى شقراء وهي تملأ عليه كل حياته لأنها عملت له عمل ( سحرت له)، واستولت عليه وستمنعه قريبا من رؤية زوجته وأطفاله الثلاثة، وقالت لي بالحرف الواحد في أي مدرسة تعلمت ألا تعرفين بوجود هذا العلم، السحر منتشر في كل مكان غير الله يسترنا وصافي» وعندما سألتها عن الحل؟ أجابتني: « كُلْ شِي مْوْجُودْ، غِيرْ طلقِي الفلُوسْ وجَرْبي صُنْعْ يْدِي، كنت مذهولة، مصدومة، وكأني في حلم فظيع، خرجت من عند الشوافة بعدة حروز ووصفات من كثرتها لم أعد أذكر صلاحيتها وطرق استخدامها، وقد استغلت المدعوة لالة زليخة هذا التوتر والارتباك الذي كنت أحس به لتبرر فشلها، خاصة وأنه مرت عدة أسابيع على زيارتي لها ولم تظهر أي نتيجة، وكانت قد وعدتني بأن الأمور ستتغير بعد الأسبوع الأول من ممارسة هذه الطقوس والوصفات، وخضعت مرة أخرى لكلامها ووعودها وهذا يعني مصاريف إضافية لا مهرب منها، هذه المرة حاولت أن أكون أكثر انتباها وتركيزا، وتصوروا معي النتيجة!! لقد عدت بعد أسابيع إلى بيت أهلي خاوية الوفاض بالملابس التي على جسدي، حتى أطفالي حرمني منهم، لأنه بعدما اكتشفني واكتشف وجود حروز في الوسادة التي ننام عليها، خسَرْ عْلِيَّا كْلْمَة وْحْدَة خْرْجي عْلِيَا رَاكِي مْطلقة، ولأني غبية وساذجة دمرت حياتي الزوجية بيدي، والآن ليس أمامي سوى اجترار مرارة الألم…».
وأنا أنسج خيوط هذا البحث تذكرت قصة سمية ضحية الشعوذة التي سبق والتقيتها قبل سنوات عند أحد الأخصائيين النفسانيين بطنجة والتي جاء على لسانها ما يلي: « أبلغ من العمر 37 سنة، موظفة في شركة للبناء والتعمير، لم أحظ بفرصة للزواج، رغم أني لم أكن سيئة الخلقة أو الخلق، احترت في إيجاد سبب مقنع لتأخر زواجي، ولم أعتقد يوما أن الرغبة في الزواج هي بداية لتشتت حياتي، أخبرتني زميلة لي في العمل أن هناك فقيها له قدرة غريبة على فك “الثقاف” وإبطال السحر وجلب الحظ، فقصدته على أمل أن يخلصني من سوء الحظ الذي أعاني منه، فلم أتوقع أن تكون هذه الزيارة بداية متاهة لا نهاية لها، أخبرني الفقيه المذكور أن هناك من قام بالسحر لي حتى أظل عانسا طيلة حياتي، وأن مكان هذا السحر في أعماق أحد القبور القديمة أو المنسية حسب تعبيره، وإن لم يستخرج من هناك فلن أحلم بالزواج يوما، وأن هذه العملية تكلف 3000 درهم تدفع 1000 درهم منها مسبقا، وبعد أسبوع قمت بزيارته فاكتشفت أن السحر الذي تحدث عنه عبارة عن صرة صغيرة (لفة) تحتوي على بعض العظام والحجارة غريبة الشكل، ورغم أنه سبق ووعدني بأن السحر هو مشكلتي الوحيدة، طلب مني 5000 درهم لفك هذا السحر وبإمكاني عندها اختيار الزوج المناسب، ولأني لم أكن أملك هذا القدر من المال في حقيبتي فقد طلب مني أن أترك الأساور والقلادة والأقراط رهينة عنده إلى أن أحضر المال الذي طلبه، وهكذا تركت ذهبا عند الفقيه بقيمة مليون ونصف، وعندما عدت في المدة المحددة لزيارتي، لم يعد لي ذهبي مُدَعِياًّ: أن الجْنُون (الجن) ذهبوا لأداء مناسك الحج، وسيعودون بعد شهر و10 أيام، طلب مني مقدارا ماليا آخر ولأني كنت مغيبة العقل منحته كل ما في حقيبتي، وقد تبين لي فيما بعد أني منحته ما قدره 3500 درهم، وتكررت زيارتي له على أمل أن استرجع ذهبي وفي كل مرة يقدم لي حجة مقنعة عن تأجيل استلامي للذهب، وبالتالي حل مشاكلي النفسية والاجتماعية، لكن الأيام تمر ورصيدي في البنك يتضاءل يوما بعد يوم، وأعصابي التي أصبحت مهتزة، وخسارتي تعدت 12 مليون إضافة إلى قطع ذهبية قيمتها 3 ملايين ونصف بدون نتيجة، طردت من عملي بسبب إهمالي، مرضت نفسيا وأصبحت ألف الشوارع كالمجنونة وها أنا كما ترين أعيش على المسكنات والمهدئات التي تكلفني 1000 درهم شهريا في غياب مدخول قار، ولو كنت أعلم أن هذا هو المصير الذي سأنتهي إليه لما فكرت في الزواج يوما، لكن التقاليد الاجتماعية لا ترحم، ولا أدري أنا ضحية من؟ ضحية جهلي، أم سذاجتي أم الشعوذة أم المجتمع الذي يسمح بهذه الممارسات الخطيرة…»، هذه التجربة الحية تصور لنا بشكل واضح مدى قدرة الشعوذة على استغلال المرأة وتجسيد الأحلام أمامها و تحويل الأشواك إلى ورود جميلة تغري بأشياء كثيرة، والنهاية دائما لا يعلمها أحد، فسمية مجرد نموذج من عدة ضحايا صادفتهن أثناء بحثي ولأن جل القصص والتجارب متشابهة، فقد اخترت بعض النماذج فقط من أجل الاستشهاد فقط، لأترك المجال لعوامل أخرى مساهمة في تفشي وممارسة الشعوذة.
عندما دخلت أحد دكاكين العطارة ﺑـ“حومة أرض الدولة“ بطنجة، كان أول شيء أثار انتباهي هو الفوضى التي تعم المكان والغبار المتناثر في كل زواياه والذي اتخذت منه العناكب مقرا أبديا لها ناسجة قصورا وحدائقا شاسعة بخيوطها اللاصقة، والتي قد يستفيد منها العطار يوما ما، ببيع بيضها أو خيوط شبكتها أو ربما هي نفسها بعد أن يختار لها اسما غريبا، كما أثار انتباهي حركة العقارب والسحالي والأفاعي وهي تتجول نزولا وصعودا في قناني محكمة الإغلاق منعا لتسربها إلى الخارج، بحيث يعتني العطار بتغذيتها وتنفسها ويختار لها أسماء مختلفة ليبيعها إلى أول زبون يطرق بابه، كما يتوفر العطار على أشكال مختلفة من الحيوانات الحية والمحنطة (الفأر اليتيم، تاتا العذراء، تينة الدربانة، القنفذ الغضبان…. ) ويصل ثمن بعضها إلى 1000 درهم للغرام الواحد والتي يدعي أصحابها أنها جلبت من مناطق بعيدة مثل الصحاري الليبية والهند وبلاد إفريقيا، كما يحتوي هذا الدكان على براميل وقناني كبيرة الحجم تحمل أسماء مختلفة وتحتوي على أعشاب جافة لم يسبق لي أن سمعت بأسمائها الغريبة (الحنضلة، الصبار، احصلبان، حلحال، بيض الفول، كسة صيا، أعشاب الزيف…).
وتلجأ نساء كثيرات للعطار من أجل اقتناء الحشرات أو الحيوانات السامة لاستخدامها في بعض الوصفات السحرية التي يصفها المشعوذ ( الفقيه أو الشواف)، طمعا في محبة رجل، أو تطويع سلوك زوج ظالم وأحيانا انتقاما من شخص ما، أو دفعا للعين أو بهدف جلب الحظ، خاصة وأن العطارة تعتبر ضرورة أساسية في ميدان الشعوذة، لتوفيره لمختلف المواد التي تحتاجها هذه الممارسة، ويشير السيد المختار ( عطار / طنجة): « هناك إقبال كبير من النساء المتزوجات بشكل خاص على العطارين للحصول على مواد ووصفات مختلفة بناء على طلب إحدى العرافات أو أحد الفقهاء، وذلك بهدف السيطرة على زوج أو الحفاظ على العلاقة الزوجية من شبح امرأة أخرى، وهناك من يقصدنا من أجل الحصول على وصفات للحمل أو الإجهاض أو الشفاء من مرض ما » ويضيف مساعده: « أحيانا تطلب بعض النساء أشياء غريبة لا توجد في حوزتنا، فنضطر إلى جلبها من دكاكين مجاوره أو مناطق بعيدة، وذلك من أجل كسب المزيد من الزبائن »، وقد أخبرتني سيدة متقدمة في السن التقيتها صدفة بإحدى الحافلات: « في سوق الهديم بمكناس توجد دكاكين عطارة يقدم أصحابها وصفات جاهزة للنساء تجلب من الهند حسب ادعائه، مفتخرا بأن محله يتوفر على مختلف المواد التي يحتاجها المشعوذون، ومع سخاء الزبائن المادي بإمكانه أن يحضر المواد التي لا تخطر على البال»، وتضيف « بمجرد الاقتراب من باب دكانه الصغير إلا وتنتابك نوع من الحساسية من جراء الروائح الكريهة التي تنبعث من دكانه والمواد المختلفة المعلقة في كل زواياه، مثل الذباب، رؤوس الضباع والحرباء، جلد الأفاعي، دم بعض الحيوانات ( القنفد، الأفعى، الغراب)، العطور والأعشاب المختلفة، رؤوس الغزلان، خيوط العنكبوت، السلاحف، مخ الضباع والذئاب، أظافر الهدهد وأشواك القنفذ، فئران ذات أحجام مختلفة وشعر القط الأسود، لسان الحمار، ومرارة القنفد ….».
وفي الموضوع نفسه تشير ليلى (مهاجرة باسبانيا) « هناك إقبال كبير وغريب على فضاءات الشعوذة التي تتناسل بشكل مستمر، إلى أن أصبحت منتشرة في مختلف الأزقة والأحياء الشعبية والهامشية وتشعبت طقوسها وتعددت موادها بشكل غريب بين مختلف النساء اللواتي يعانين مشاكل اجتماعية وعاطفية، إلى درجة أن الشخص الواحد يلعب دوري الفقيه والعطار من أجل استقطاب الزبائن وتحقيق أكبر قدر من الربح المادي من وراء الاحتيال والنصب على النساء اللواتي ينجرفن وراء وهم هذا الفقيه أو ذاك، من أجل الحصول على وصفات وحروز مختلفة وأبخرة بهدف فك السحر وتطويع الرجل أو الانتقام من الآخرين، ويصل ثمن بعض الوصفات السحرية إلى 3000 أو 5000 درهم خاصة إذا تعلق الأمر بوصفة استشفائية أو انتقامية من رجل أو امرأة على السواء، هذا ما بدا لي من خلال الحالات التي سبق وعايشتها خلال عطلتي بالمغرب، مما يجعلني أعتبر الشعوذة سلاحا ذا حدين يوجه نحو الشر وأحيانا أخرى نحو الخير، المهم هو الربح المادي واستقبال أكبر عدد ممكن من النساء المتأثرات بعالم الشعوذة»، ويشير السيد أحمد (عطار وفقيه بطنجة): «تختلف المواد التي تستخدم في ميدان الشعوذة حسب الزبونة ونوعية المشكلة التي تعانيها، وتتباين التكلفة المادية حسب المواد، فهناك من يرغب في الشمع بألوانه المختلفة ( الأبيض، الأحمر، الأصفر، الأخضر) من أجل جلب الحبيب، وثمنه لا يتعدى 10 دراهم للواحدة، وهناك من يحتاج إلى البخور الذي غالبا ما يحتوي على عدة مواد مثل: ( الحلحال، الفاسوخ، الشبة، الحرمل، شوك القنفد…) والذي يطرد العين وسوء الحظ والعكس من حياة المرأة، وكثيرا ما أقدم بعض الحروز للراغبة في الزواج أو في استعادة حبيب ضاع منها، بحيث تحرق هذه الحروز أحيانا مرفقة بالبخور وأحيانا أخرى بالسودانية (الفلفل الحار)، وتصل أثمنة البخور بين 20 و 50 درهما في حين يتطلب إعداد حروز مناسبة لكل حالة مبالغ مادية تتراوح ما بين 1000 و 5000 درهم حسب مدى توفر المرأة الراغبة في ممارسة الشعوذة على آثار الضحية التي يراد ممارسة السحر ضدها أي قطع من ملابسه أو ملابسها حسب جنس الضحية، وعلى الزبونة أن تحرق البخور والحروز في أوقات محددة من اليوم، لكي تخترق رائحة البخور كل أرجاء المنزل من أجل طرد النحس وسوء الطالع وتقريب البعيد، وحتى لا تتكبد زبونتي مشاق البحث عن بعض المواد الغريبة، أضطر إلى البحث عن هذه المواد وجلبها إلى دكاني لتكون في متناول جميع الزبونات اللواتي يقمن بزيارتي…» ويضيف: « وأحيانا تطلب النساء مادة اللدون التي يبلغ ثمنها 50 أو 100 درهما من أجل فك العْكْسْ الذي ينغص عليهن حياتها العاطفية، وأحيانا أقوم بكتابة حجاب القبول (حروز) أو حجاب لجلب الحبيب مقابل 300 درهم إضافة إلى بعض المواد التي يحتاجها هذا الميدان ».


 

رد مع اقتباس
قديم 23 Mar 2010, 11:33 AM   #8
((( الباحث )))
باحث فضي


الصورة الرمزية ((( الباحث )))
((( الباحث ))) غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8198
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 03 Jan 2012 (07:37 PM)
 المشاركات : 173 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وعن ارتفاع أسعار بعض المواد المستخدمة في الشعوذة يقول أحد العطارين:« جلب بعض المواد من مواطنها الأصلية ( الصحاري الليبية، بلاد الهند) تتطلب أموالا كبيرة، لكننا أحيانا نتجرع طعم الخسارة من أجل تلبية طلب الزبائن والحفاظ على العلاقة بهن، بحيث يصل أحيانا ثمن مخ الضبع مثلا إلى 1000 درهم للغرام الواحد والقنفذ المحنط وطير الليل (الخفاش) إلى 500 درهم، إلا أن الحاجة الملحة إليها تدفع النساء إلى تدبر المال اللازم من أجل اقتناء هذه المواد الضرورية في ممارساتهن…»، ويضيف عطار آخر « تشهد بعض المواد إقبالا كبيرا من طرف النساء بشكل خاص، بالرغم من الارتفاع الكبير في أسعارها، لأن ضرورتها الأساسية من أجل ممارسة مجموعة من الطقوس السحرية لا يترك أمام المرأة أي مجال للتردد…» مما يدل على أن ارتفاع أسعار المواد المستخدمة في ممارسة طقوس الشعوذة ووصفاتها، لا يشكل عائقا في وجه المرأة اللاجئة إلى هذا الميدان، فهي تبحث بشكل مستمر عن موارد مالية لتحقيق أغراضها وأهدافها، ولو كان ذلك على حساب أسرتها خاصة ربة البيت التي تضطر إلى اقتطاع جزء من مصاريف البيت لتلبية حاجيات الشعوذة وطلباتها من مواد ووصفات غريبة التي تتطلب مقادير مالية كبيرة، حتى تتمكن المرأة من إعادة الاستقرار إلى حياتها وحماية حياتها الزوجية من شبح امرأة أخرى أو لفت انتباه حبيب لا يهتم لأمرها، ولأن الشعوذة وموادها وطقوسها الغريبة في نظر المرأة هي الباب الوحيد المفتوح في وجهها لتخطي مجموعة من المشاكل الاجتماعية والعاطفية والنفسية، خاصة وأن هذه المواد المستخدمة في الشعوذة هي أيضا بمثابة المنقذ الذي سيفتح آفاقا جديدة أمام هذه المرأة المنجرفة وراء الوهم وبائعي الهواء، لذلك فأي امرأة مغربية سواء كانت متزوجة أو عازبة تضطرها إلى ولوج دور الشعوذة ودكاكين العطارين لشراء بعض المواد بناء على طلب“الشواف“ أو “الفقيه“ أو “الكهان“ حسب المصلحات المتداولة لدى الأغلبية، وهي مواد يبيعها العطارون بأثمان باهظة مستغلين حاجة النساء إليها لممارسة مجموعة من الطقوس المتعلقة بالشعوذة، وخاصة المواد المستخدمة في الطقوس السحرية التي تهدف إلى الانتقام وتطويع الزوج، وخطف رجل من زوجته، وعلاج بعض الأمراض النفسية والعضوية وفك السحر، أما باقي الطقوس الأخرى مثل: طرد العكس والنحس والتبعة لا تكلف موادها في بعض الأحيان سوى 100 درهم أو أقل، لذلك تقبل النساء على هذه المواد بشكل كبير من أجل طرد سوء الحظ والنحس من حياتهن…

وتتناسل دور الشعوذة بشكل غريب مستفيدة من الخدمات الكبيرة التي تقدمها مختلف وسائل الإعلام الورقية (الجرائد اليومية والمجلات النسائية…) والرقمية (المواقع والمنتديات الالكترونية الخاصة بالأبراج…)، وبالرغم من أن الإعلام يعتبر سلطة مهمة في المغرب إلا أنه لا يقوم بالدور الذي يجب أن يلعبه والقائم على التنوير والتوعية والتثقيف والتأهيل وتقديم صورة نموذجية للمرأة المغربية بدل الصورة النمطية التي تقدمها أغلبية برامج التلفزيون المغربي بقناتيه الأولى والثانية حاصرة المرأة في صورة ربة البيت والمهتمة بديكورات المنزل وفنون الطبخ وصيحات الموضة التقليدية والعصرية ومستحضرات التجميل، لذلك فهو لا يقدم سوى البرامج والمسلسلات والأفلام المغربية التي تكرس دونية المرأة من خلال تصوير مشاهد البؤس والضعف والاستسلام التي ترافق المرأة طيلة حياتها في حين لا يقدم أي برامج خاصة بتوعية المرأة وتحسيسها بحقوقها وقضاياها ومختلف المشاكل التي تتخبط فيها ومدى حاجة المرأة إلى مثل هذه البرامج الإعلامية التي تحقق الوعي للمرأة المغربية.
في ظل هذا الفراغ الذي يخلفه الإعلام المغربي تجد المرأة نفسها مدمنة على مشاهدة المسلسلات الغربية (المكسيكية والتركية) لأنها تعبر عن حياة أكثر حرية وتفتحا من حياة المجتمعات العربية والمغربية التي تحصر المرأة داخل جسدها وفضائها الضيق، لذلك فغياب الجرأة الكافية لدى المرأة للتمرد وتقليد حياة الغرب في: (اللباس والعمل والسلوكات الاجتماعية) والرغبة في تخطي عتبة الضعف والانغلاق والاستسلام يدفعها إلى الانجراف وراء الشعوذة ودروبها المتشعبة من أجل الحصول على حلول سريعة وسهلة وتحقيق الحب والطمأنينة والأمان، مستفيدة من الخدمات والإعلانات التي تعرضها الجرائد الوطنية وبعض القنوات الفضائية، الأمر الذي يسهل وسيلة التواصل بين المشعوذين وزبنائهم، وفي هذا الإطار تشير السيدة فريدة الحمية (موظفة): « أصبحت الإعلانات الخاصة بالمشعوذين وأرقام هواتفهم النقالة والثابتة، مادة أساسية في بعض الجرائد الوطنية واليومية بشكل خاص، وكأنه لم يعد يكفينا انتشار دور الشعوذة في مختلف الأحياء الشعبية والمناطق القروية، لنجد أسماء بعض المشعوذين والمنجمين والعطارين الذين أصبحت لهم بطائق خاصة منشورة على هوامش الجرائد، من أجل تسهيل عملية التواصل مع زبنائهم، الظاهرة نفسها نجدها متفشية في مختلف وسائل الإعلام السمعية والبصرية…»، وفي الموضوع نفسه تشير هدى (25 سنة): «أحيانا تساعد أرقام الهواتف الموجودة في جريدتي المفضلة (…) وخاصة المتعلقة بالأبراج، لأني مهتمة بمعرفة حظي ومستقبلي من خلال الاتصال بأحد الأرقام المنشورة هناك، ورغم أن سعر المكالمة يكلفني الكثير إلا أني أفضله على الذهاب إلى الشوافة وإثارة فضائح أنا في غنى عنها…»، وتضيف منار(طبيبة أطفال/ 37 سنة): « بناءا على إعلان وجدته في جريدة (أ.م) قصدت أحد الشيوخ من أجل مساعدتي على الإنجاب، خاصة أنه مر على زواجي 10 سنوات ولم أجرب بعد إحساس الأمومة، ولأن الشيخ كان مختصا في العلاج بالأعشاب ويمتلك دواء مختلف أنواع العقم، لجأت إليه وكلي آمل في أن يتحقق حلمي، طلب مني أن أجلب له ظفر نملة ولحية ديك وقماشا ناصع البياض، قرأ عليهما بعض التعاويذ والكلمات الغير المفهومة، وصرفني، بعد أن قدم لي وعودا بالإنجاب خلال شهور، ولكن مرت شهور وعامين منذ ذلك الوقت ولم يتحقق أي شيء…!!!! ».
وهنا نجد بأن بعض الجرائد تساهم بشكل كبير في تفشي ظاهرة الشعوذة لأنها تقوم بالدعاية لها، مستفيدة من ثمن الإعلانات الذي تخصصه لها دور الشعوذة، ومن ارتفاع عدد مبيعات الجرائد التي يقبل عليها المهتمون بالأبراج والتنجيم والشعوذة، فهي تساهم بشكل مباشر في تشجيع المرأة على ممارسة السحر والشعوذة، وإضافة إلى المنابر الإعلامية السابقة الذكر التي تخصص هوامش للإعلان عن عناوين وأرقام هواتف بعض المشعوذين، نجد معلومات مفسري الأحلام والمنجمين والتي تعرض على شاشة التلفزيون من أجل تحقيق التواصل بينهم وبين الزبناء عبر الايميلات ورسائل الهواتف النقالة، كما جاء في حديث السيدة سعيدة ( موظفة / 40 سنة) التي أشارت إلى أن المشكلة غالبا ما تكون مرضا مستعصي العلاج أو تأخرا في الزواج أو العقم أو الرغبة في معرفة المستقبل أو الانتقام من شخص ما، وهي المشاكل الأكثر شيوعا في المجتمع المغربي وكل الوطن العربي، في حين أشارت الأستاذة عيادة الفيلالي إلى أن هناك بعض القنوات مثل: « الحقيقة، كنوز، شهرزاد، التي تقدم برامج خاصة بالشعوذة وإخراج الجن من جسد الإنسان ومفسري الأحلام والأدوية المستخرجة من الأعشاب والتي تعرض بشكل يومي على شاشة التلفزيون مرفقة بتكلفتها المادية وأرقام الهواتف للحصول عليها، وهذه القنوات تشد انتباه الكثير من المشاهدين بشكل خاص من النساء (ربات البيوت) المتعطشات إلى الحلول السريعة»، هذه القنوات الفضائية التي تعمل بشكل يومي على طمس الوعي والحقيقة لدى المشاهد المغربي خاصة وأن الإيمان القوي بما تقدمه هذه البرامج من وصفات وخدمات جليلة حسب تعبير البعض، تدفع الكثيرين إلى الاتصال من أجل الحصول على هذه المواد التي تكلف أحيانا مبالغ باهظة بسبب ارتفاع تكلفة نقلها من المشرق إلى المغرب، لأن هذه القنوات الفضائية ذات أصل مشرقي، وكثيرا ما تنتج عدة أضرار نفسية وعاهات جسدية عند تعاطي هذه المواد أو تطبيق هذه الوصفات التي نادرا ما تخضع للمراقبة الطبية، ورغم ذلك تعرف تسهيلات جمركية بسبب تشجيع الحكومة لهذه المواد التي يعج بها المجتمع المغربي إذ نجد هذه الوصفات والممارسات في مختلف الأسواق الأسبوعية ومحطات الحافلات وفي الشوارع أيضا، ولأن هذه الوصفة أو تلك سبق وأعلن عنها في شاشة التلفاز لذلك فهي مضمونة وذات فوائد كثيرة.
وهنا تتساءل السيدة صفاء (ربة بيت/ 37 سنة) عن:« فعالية وصفات الأعشاب المعروضة على شاشة التلفاز والتي لا توجد عند أي عَشَابْ( عطار) أو صيدلية، فقناة الحقيقة هي الوحيدة التي تحتكر حق ترويج هذه الأدوية والوصفات الطبية المستخرجة من الأعشاب، ورغم ثمن هذه الأدوية الباهظ فقد سعيت للحصول عليها من أجل علاج حماتي العجوز التي لم نجد لها أي علاج، فتساءلت مع نفسي لما لا نجرب هذه الأدوية التي يصفها الدكتور الهاشمي ، هذا الأخير الذي اكتسى صدى كبيرا لدى المغاربة، خاصة عند زيارته للمغرب، فالوفود الكثيرة التي تقف على بابه تنتظر لأيام طويلة من أجل اقتناص لحظات للقائه، بسبب ذلك لم أتمكن من الجلوس في حضرته ولا مرة واحدة، لذلك حاولت الاتصال به عبر الإيميل أو الهاتف وفشلت أيضا، وفي خضم بحثي عن وسيلة للتواصل معه سمعت ببعض الحوادث التي تناولها الإعلام المغربي بخصوص وصفات الدكتور السابق الذكر، والتي نتجت عنها حالات تسمم وعاهات مستديمة لدى بعض زبنائه، مما جعلني أتردد كثيرا في خوض غمار هذه التجربة»، والجدير بالذكر أن هذه القنوات تعمل على زرع الشك والأفكار والوساس في نفس المرأة بشكل خاص لأنها بعد ساعات طويلة من الجلوس أمام هذه البرامج، يتشكل لديها الإيمان القوي بفعالية الشعوذة وقدرتها الخارقة على علاج مختلف المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والجسدية الصعبة والمستعصية التي تواجه بعض النساء والرجال على السواء، مما يجعل المرأة تبرر معاناتها ومشاكلها بمبررات وأسباب لا تمت إلى العقل بأي صلة والأخطر من ذلك أن هذه القنوات تتيح للمشاهد فرصة تعلم طرق وأدوات وأساليب السحر والاتصال بالشيطان بطرق سهلة وبسيطة مما يؤثر بشكل قوي على المشاهدين من الأطفال بشكل خاص نظرا لحبهم الدائم لتقليد هذه الصور والمشاهد والنتيجة لا يختلف عليها اثنان كارثية بدون شك.
وتساهم بعض الظروف المادية والاجتماعية في الإدمان على هذه القنوات كثرة الأمراض النفسية والعضوية وغياب موارد مالية لتغطية مصاريف العلاج ومواجهة مصاعب الحياة الاجتماعية والاقتصادية، يدفع النساء والرجال على السواء إلى التوهان بين دهاليز الشعوذة وممارسة طقوس ووصفات غريبة ومدمرة في نفس الوقت، لذلك فهذا النوع من القنوات الفضائية يشكل خطرا كبيرا على نسبة مهمة من المشاهدين كما جاء على لسان محمد الغرايبي ( معلم/ 50 سنة)، لذلك أشرت منذ البداية إلى كون الإعلام عامل مشجع لممارسة الشعوذة بمختلف أنواعها، والدليل على ذلك السيدة هند (ربة بيت/ 35 سنة) والتي كانت امرأة مؤمنة وملتزمة تعرف حدود الله ولا تؤمن بهؤلاء السحرة كما جاء في تصريحها : « تعرضت ليلة زفافي إلى إهانة بشعة من طرف زوجي بدون أي ذنب يذكر، وكأنه ينتقم من كل بنات حواء، تحملت هذا الوضع لمدة سنة كاملة، وفي يوم اصطحبتني صديقة لي إلى إحدى المشعوذات التي سبق وسمعت حوارا معها في إذاعة طنجة، خاصة وأن هذه الصديقة أخبرتني بقدرة هذه ” الشوافة” وخبرتها في حل المشاكل المستعصية، فقصدت السيدة السابقة الذكر بعد أن أخذت موعدا معها عبر الهاتف ولأنها ذكرت لي بعض المعلومات عن حياتي الماضية والحالية، وثقت بكلامها وتركتها تسترسل في الحديث لتخبرني أن أم زوجي هي سبب معاناتي لأنها سحرت لي لتوقع بيني وبين زوجي، وأنه علي منحتها مقدار 2500 درهم لتخبرني عن مكان هذا السحر الذي يوجد أسفل فراش النوم، ولأن أغلبية مشاكلي كانت أثناء الجماع وفي غرفة النوم بالتحديد فقد منحتها المقدار المالي المطلوب وقصدت المكان الذي وصفته الشوافة وفعلا وجدت لفافة صغيرة تحتوي على بعض التعاويذ والكلمات الغير المفهومة، ورغم أني أحرقت الورقة، كما طلبت مع بعض المواد إلا أن حياتي عادت كما كانت ولم يتغير أي شيء، وما زلت لحد الساعة، أتنقل بين هذا ” الفقيه” أو تلك ” الشوافة” إلا وقصدت المكان، لكن بدون جدوى فالاهانات تتضاعف بسبب خروجي الدائم بحثا عن الحل المناسب لمأساتي…» وتضيف هند ساخرة « وْكَانْ الخُوخْ كَيْدَاوِي وكان دَاوَا غِيرْ رَاسُو…».


 

رد مع اقتباس
قديم 23 Mar 2010, 11:41 AM   #9
((( الباحث )))
باحث فضي


الصورة الرمزية ((( الباحث )))
((( الباحث ))) غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8198
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 03 Jan 2012 (07:37 PM)
 المشاركات : 173 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue



في ظل الظروف والعوامل السابقة الذكر والتي تؤثر بشكل كبير في تفشي الشعوذة بمختلف المدن المغربية، بحيث يختار المشعوذون الفضاءات الشعبية والأحياء المهمشة والمناطق القروية التي تفتقر إلى أبسط شروط الحياة (غياب مرافق صحية، السكن اللائق، طرق معبدة، مواد مالية…)، مما يجعل هذه الأماكن بؤرة للجهل والتخلف والإيمان الأعمى بالشعوذة وقواها الخارقة، التي تتحكم في مصير شريحة كبيرة من النساء وتعتبر مجالا خصبا لتفريغ الهموم وإرضاء الغرور الذي يسكن في أعماق كل امرأة طامحة إلى التحرر واكتساب السلطة والتمرد، والجدير بالذكر أن الشعوذة مادة خصبة ودسمة لأي مقال أو بحث اجتماعي بسبب مواضيعها المتشعبة والمثيرة للاهتمام والكتابة، ورغم أني حاولت تسليط الضوء على مجموعة من المحاور التي تتعلق بالمرأة والشعوذة مبرزة العلاقة الوطيدة بين الطرفين، إلا أن أسئلة كثيرة مازالت تعج في داخلي والتي سأتطرق إليها يوما في موضوع آخر يتعلق بالمرأة وقضاياها المثيرة، وهنا أتساءل عن غياب بحوث ودراسات جادة في مجال الشعوذة بدروبها المتشعبة وطقوسها الغريبة، باعتبارها آفة خطيرة ومدمرة لمختلف مكونات المجتمع المغربي، نظرا للأضرار النفسية والصحية التي تتسبب فيها الشعوذة ووصفاتها التي تفتقر للمراقبة الطبية، خاصة مع التسهيلات التي تقوم بها السلطة اتجاه العطارين والسماح لهم ببيع هذه المواد المختلفة التي تحتاجها الشعوذة التي لا تخلو أي مدينة أو منطقة قروية من فقيه أو شوافة مستغلين ترويج الإعلام لخدماتهم التي تقدم دائما الجديد والأفضل لرواد الشعوذة، في ظل هذا التشجيع الذي تقدمه السلطة ووسائل الإعلام، لماذا نعتبر تعاطي المرأة للشعوذة جريمة لا تغتفر….؟؟؟!!


 

رد مع اقتباس
قديم 23 Mar 2010, 11:46 AM   #10
((( الباحث )))
باحث فضي


الصورة الرمزية ((( الباحث )))
((( الباحث ))) غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8198
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 03 Jan 2012 (07:37 PM)
 المشاركات : 173 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


اقول انا اخوكم الباحث

فقط احب ان الفت انتباهكم الى الامنهجيه فى الاعمال السحريه !!!!
ولا اخفيكم حقيقه اننى لازلت لم اخرج من دائره رفض فكره العلم بهذا السحر ....
قد اتقبله لو قيل انه علم من ناحيه اصطلاحيه لان له طقوس وقد تعلم
ولاكن لا شىء به ابدا يشبه العلم ابدا وانما كيد شياطين انس وجن وسفاهه عقول من يقابلهم
الا من رحم الله .....

اسئل الله العلم النافع والعمل الصالح

تحياتى للجميع


اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أذان المغرب وورقة...... دموع الخشية ‎تعطير الأنام في تأويل الرؤى والأحلام - تفسير ابن الورد الحسني 1 17 Feb 2011 12:34 PM
استغاتة من المغرب nassima إدارة الطب الإلهي والنبوي ـ االإستشارات العلاجية والإستشفاء ـ Department of Medicine and the Prophet 1 23 Aug 2010 01:20 AM
سوق في مصر و المغرب نبراس الكلمة ‎تعطير الأنام في تأويل الرؤى والأحلام - تفسير ابن الورد الحسني 1 21 Jul 2008 09:47 AM
تاريخ المساجد في المغرب نورالهدى منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 2 13 Jul 2007 11:44 PM
حالة مس من الجان من المغرب ابن الورد عالم الجان ـ علومه ـ أخباره ـ أسراره ـ خفاياه . الإدارة العلمية والبحوث World of the jinn 0 01 Aug 2006 03:23 AM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 07:36 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي