اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ : روى الإمام مسلم عن أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن صام رمضان ثم أتبَعَه ستًّا من شوَّال، كان كصيام الدهر))؛ وروى الإمام الطبراني عن عبدالله ابن عمررضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضانَ وأتبعه ستًّا من شوَّالٍ خرج من ذنوبِه كيومِ ولدته أمُّه ) .

اللهم ربنا تقبل منا الصيام والصلاة والقرآن والقيام والدعاء وسائر صالح الأعمال ،وأجعلنا ممن قام ليلة القدر واجعلنا فيها من الفائزين المقبولين وكل عام ونحن وجميع المسلمين في خيرورخاء وصحة وعافية وسعادة وأمن وأمان .


           :: " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث " (آخر رد :طالب علم)       :: توحيد الله تعالى (آخر رد :طالب علم)       :: سر من أسرار الدنيا (آخر رد :طالب علم)       :: ‎ - علاقه الروح و جسد الانسان - الشيخ نشأت أحمد‎ . (آخر رد :طالب علم)       :: من هم ؟ أهل السنة والجماعة (آخر رد :طالب علم)       :: عقيدتنا هي ...! (آخر رد :طالب علم)       :: من فوائد ابن القيم ( مراتب الناس في الصلاة ) (آخر رد :طالب علم)       :: بحث في فضل فاتحة الكتاب ... (آخر رد :طالب علم)       :: درجات تسلط الشيطان على الانسان (آخر رد :طالب علم)       :: النفاثات في العقد . (آخر رد :طالب علم)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) للكتب والأبحاث العلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 15 Mar 2010, 04:20 AM
محمد الغماري
وسام الشرف
محمد الغماري غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5219 يوم
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : محمد الغماري is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
مختصر لمعة الاعتقاد الهادي الى سبيل الرشاد ... للشيخ محمد العثيمين



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين




بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده رسوله، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فهذا تعليق مختصر على كتاب (لمعة الاعتقاد) الذي ألفه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي المولود في شعبان سنة 541هـ بقرية من أعمال نابلس، المتوفى يوم عيد الفطر سنة 620هـ بدمشق رحمه الله تعالى.
وهذا الكتاب جمع فيه مؤلفه زبدة العقيدة، ونظراً لأهمية الكتاب موضوعاً، ومنهجاً، وعدم وجود شرح له فقد عقدت العزم - مستعيناً بالله مستلهماً منه الصواب في القصد والعمل - على أن أضع عليه كلمات يسيرة تكشف غوامضه، وتبين موارده، وتبرز فوائده.
والله أرجو أن لا يكلني إلى نفسي طرفة عين، وأن يمدني بروح من عنده، وتوفيق، وأن يجعل عملي مباركاً ونافعاً إنه جواد كريم.
وقبل الدخول في صميم الكتاب أحب أن أقدم قواعد هامة فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته.
القاعدة الأولى: "في الواجب نحو نصوص الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته":
الواجب في نصوص الكتاب والسنة إبقاء دلالتها على ظاهرها من غير تغيير؛ لأن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين، والنبي صلى الله عليه وسلم يتكلم باللسان العربي؛ فوجب إبقاء دلالة كلام الله، وكلام رسوله على ما هي عليه في ذلك اللسان، ولأن تغييرها عن ظاهرها قول على الله بلا علم؛ وهو حرام لقوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)(1).
مثال ذلك قوله تعالى: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ)(2). فإن ظاهر الآية أن لله يدين حقيقيتين، فيجب إثبات ذلك له.
فإذا قال قائل: المراد بهما القوة.
قلنا له: هذا صرف للكلام عن ظاهره، فلا يجوز القول به؛ لأنه قول على الله بلا علم.
القاعدة الثانية: في أسماء الله. وتحت هذه القاعدة فروع:
الفرع الأول: أسماء الله كلها حسنى، أي بالغة في الحسن غايته؛ لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)(3).
مثال ذلك: (الرَّحْمَنِ) فهو اسم من أسماء الله تعالى، دال على صفة عظيمة هي الرحمة الواسعة. ومن ثم نعرف أنه ليس من أسماء الله: "الدهر"؛ لأنه لا يتضمن معنى يبلغ غاية الحسن، فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر" فمعناه: مالك الدهر المتصرف فيه، بدليل قوله في الرواية الثانية عن الله تعالى: "بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"(1).
الفرع الثاني: أسماء الله غير محصورة بعدد معين لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: "أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك"(5)، وما استأثر به في علم الغيب عنده لا يمكن حصره ولا الإحاطة به.
والجمع بين هذا وبين قوله في الحديث الصحيح: "إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة"(6): أن معنى هذا الحديث: إن من أسماء الله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة. وليس المراد حصر أسمائه تعالى بهذا العدد، ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة. فلا ينافي أن يكون عندك دراهم أخرى أعددتها لغير الصدقة.
الفرع الثالث: أسماء الله لا تثبت بالعقل، وإنما تثبت بالشرع فهي توقيفية، يتوقف إثباتها على ما جاء عن الشرع فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على الشرع؛ ولأن تسميته بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك.
الفرع الرابع: كل اسم من أسماء الله فإنه يدل على ذات الله، وعلى الصفة التي تضمنها، وعلى الأثر المترتب عليه إن كان متعدياً، ولا يتم الإيمان بالاسم إلا بإثبات ذلك كله.
مثال ذلك في غير المتعدي: "العظيم" فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسماً من أسماء الله دالاً على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي العظمة.
ومثال ذلك في المتعدي: "الرحمن"، فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسماً من أسماء الله دالاً على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي الرحمة وعلى ما ترتب عليه من أثر وهو أنه يرحم من يشاء.
القاعدة الثالثة: "في صفات الله" وتحتها فروع أيضاً:
الفرع الأول: صفات الله كلها عليا، صفات كمال ومدح، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والحكمة، والرحمة، والعلو، وغير ذلك، لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى)(7). ولأن الرب كامل فوجب كمال صفاته.
وإذا كانت الصفة نقصاً لا كمال فيها فهي ممتنعة في حقه كالموت والجهل، والعجز، والصمم، والعمى، ونحو ذلك؛ لأنه سبحانه عاقب الواصفين له بالنقص، ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، ولأن الرب لا يمكن أن يكون ناقصاً لمنافاة النقص للربوبية.
وإذا كانت الصفة كمالاً من وجه، ونقصاً من وجه لم تكن ثابتة لله، ولا ممتنعة عليه على سبيل الإطلاق، بل لابد من التفصيل فتثبت لله في الحال التي تكون كمالاً، وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً كالمكر، والكيد، والخداع ونحوها فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة مثلها؛ لأنها تدل على أن فاعلها ليس بعاجز عن مقابلة عدوه بمثل فعله، وتكون نقصاً في غير هذه الحال فتثبت لله في الحال الأولى دون الثانية، قال الله تعالى: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)(8)، (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً)(9)، (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)(10). إلى غير ذلك.
فإذا قيل: هل يوصف الله بالمكر مثلاً؟
فلا تقل: نعم، ولا تقل: لا، ولكن قل: هو ماكر بمن يستحق ذلك، والله أعلم.
الفرع الثاني: صفات الله تنقسم إلى قسمين: ثبوتية، وسلبية:
فالثبوتية: ما أثبتها الله لنفسه كالحياة، والعلم، والقدرة، ويجب إثباتها لله على الوجه اللائق به؛ لأن الله أثبتها لنفسه وهو أعلم بصفاته.
والسلبية: هي التي نفاها الله عن نفسه كالظلم، فيجب نفيها عن الله؛ لأن الله نفاها عن نفسه لكن يجب اعتقاد ثبوت ضدها لله على الوجه الأكمل؛ لأن النفي لا يكون كمالاً حتى يتضمن ثبوتاً.
مثال ذلك: قوله تعالى: (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)(11). فيجب نفي الظلم عن الله مع اعتقاد ثبوت العدل لله على الوجه الأكمل.
الفرع الثالث: الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: ذاتية، وفعلية.
فالذاتية: هي التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها كالسمع والبصر.
والفعلية: هي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها كالاستواء على العرش، والمجيء.
وربما تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين كالكلام فإنه باعتبار أصل الصفة صفة ذاتية، لأن الله لم يزل ولا يزال متكلماً وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية، لأن الكلام متعلق بمشيئته يتكلم بما شاء متى شاء.
الفرع الرابع: كل صفة من صفات الله فإنه يتوجه عليها ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: هل هي حقيقية؟ ولماذا؟
السؤال الثاني: هل يجوز تكييفها؟ ولماذا؟
السؤال الثالث: هل تماثل صفات المخلوقين؟ ولماذا؟
فجواب السؤال الأول: نعم حقيقية، لأن الأصل في الكلام الحقيقة، فلا يعدل عنها إلا بدليل صحيح يمنع منها.
وجواب الثاني: لا يجوز تكييفها لقوله تعالى: (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)(12). ولأن العقل لا يمكنه إدراك كيفية صفات الله.
وجواب الثالث: لا تماثل صفات المخلوقين لقوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(13)، ولأن الله مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه فلا يمكن أن يماثل المخلوق لأنه ناقص.
والفرق بين التمثيل والتكييف أن التمثيل ذكر كيفية الصفة مقيدة بمماثل، والتكييف ذكر كيفية الصفة غير مقيدة بمماثل.
مثال التمثيل: أن يقول قائل: يد الله كيد الإنسان.
ومثال التكييف: أن يتخيل ليد الله كيفية معينة لا مثيل لها في أيدي المخلوقين فلا يجوز هذا التخيل.
القاعدة الرابعة: "فيما نرد به على المعطلة".
المعطلة هم الذين ينكرون شيئاً من أسماء الله، أو صفاته، ويحرفون النصوص عن ظاهرها، ويقال لهم "المؤولة"، والقاعدة العامة فيما نرد به عليهم أن نقول: إن قولهم خلاف ظاهر النصوص، وخلاف طريقة السلف، وليس عليه دليل صحيح، وربما يكون في بعض الصفات وجه رابع أو أكثر.


(1) سورة الأعراف، الآية: 33.
(2) سورة المائدة، الآية: 64.
(3) سورة الأعراف، الآية: 180.
(4) رواه مسلم، كتاب الألفاظ (2246).
(5) رواه أحمد (1/391، 452)، وابن حبان رقم (2372)، صححه الألباني في "الصحيحة" رقم (199).
(6) رواه البخاري، كتاب الدعوات (6410)، ومسلم، كتاب الذكر (2677)، وابن ماجه، كتاب الدعاء (3860).
(7) سورة النحل، الآية: 60.
(8) سورة الأنفال، الآية: 30.
(9) سورة الطارق، الآيتان: 15، 16.
(10) سورة النساء، الآية: 142.
(11) سورة الكهف، الآية: 49.
(12) سورة طه، الآية: 110.
(13) سورة الشورى، الآية: 11.





 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]

رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 04:21 AM   #2
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


"لمعة الاعتقاد"

"اللمعة" تطلق في اللغة على معانٍ منها: البلغة من العيش، وهذا المعنى أنسب معنى لموضوع هذا الكتاب، فمعنى لمعة الاعتقاد هنا: البلغة من الاعتقاد الصحيح المطابق لمذهب السلف رضوان الله عليهم. والاعتقاد: الحكم الذهني الجازم، فإن طابق الواقع فصحيح وإلا ففاسد.
ما تضمنته خطبة الكتاب

تضمنت خطبة المؤلف في هذا الكتاب ما يأتي:
1- البداءة بالبسملة، اقتداءً بكتاب الله العظيم، واتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومعنى (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): أي أفعل الشيء مستعيناً ومتبركاً بكل اسم من أسماء الله تعالى الموصوف بالرحمة الواسعة. ومعنى (اللَّهِ) المألوه أي المعبود حباً وتعظيماً وتألهاً وشوقاً، و (الرَّحْمَنِ) ذو الرحمة الواسعة، و (الرَّحِيمِ) الموصل رحمته من شاء من خلقه، فالفرق بين الرحمن والرحيم أن الأول باعتبار كون الرحمة وصفاً له، والثاني باعتبارها فعلاً له يوصلها من شاء من خلقه.
2- الثناء على الله بالحمد، والحمد: ذكر أوصاف المحمود الكاملة وأفعاله الحميدة مع المحبة له والتعظيم.
3- أن الله محمود بكل لسان ومعبود بكل مكان، أي مستحق وجائز أن يحمد بكل لغة ويعبد بكل بقعة.
4- سعة علم الله بكونه، لا يخلو من علمه مكان، وكمال قدرته وإحاطته حيث لا يلهيه أمر عن أمر.
5- عظمته وكبرياؤه وترفعه عن كل شبيه وند مماثل لكمال صفاته من جميع الوجوه.
6- تنزهه وتقدسه عن كل زوجة وولد، وذلك لكمال غناه.
7- تمام إرادته وسلطانه بنفوذ قضائه في جميع العباد، فلا يمنعه قوة ملك ولا كثرة عدد ومال.
8- عظمة الله فوق ما يتصور بحيث لا تستطيع العقول له تمثيلاً ولا تتوهم القلوب له صورة؛ لأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
9- اختصاص الله بالأسماء الحسنى والصفات العلى.
10- استواء الله على عرشه وهو علوه واستقراره عليه على الوجه اللائق به.
11- عموم ملكه للسموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى.
12- سعة علمه، وقوة قهره، وحكمه وأن الخلق لا يحيطون به علماً لقصور إدراكهم عما يستحقه الرب العظيم من صفات الكمال والعظمة.

تقسيم نصوص الصفات وطريقة الناس فيها


تنقسم نصوص الكتاب والسنة الواردة في الصفات إلى قسمين:
واضح جلي، ومشكل خفي.
فالواضح: ما اتضح لفظه ومعناه، فيجب الإيمان به لفظاً، وإثبات معناه حقاً بلا رد ولا تأويل، ولا تشبيه ولا تمثيل؛ لأن الشرع ورد به فوجب الإيمان به، وتلقيه بالقبول والتسليم.
وأما المشكل: فهو ما لم يتضح معناه لإجمال في دلالته، أو قصر في فهم قارئه، فيجب إثبات لفظه لورود الشرع به، والتوقف في معناه وترك التعرض له لأنه مشكل لا يمكن الحكم عليه، فنرد علمه إلى الله ورسوله.

وقد انقسمت طرق الناس في هذا المشكل إلى طريقتين:
الطريقة الأولى: طريقة الراسخين في العلم الذين آمنوا بالمحكم والمتشابه وقالوا: كل من عند ربنا، وتركوا التعرض لما لا يمكنهم الوصول إلى معرفته والإحاطة به، تعظيماً لله ورسوله وتأدباً مع النصوص الشرعية، وهم الذين أثنى الله عليهم بقوله: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)(14).
الطريقة الثانية: طريقة الزائغين الذين اتبعوا المتشابه طلباً للفتنة وصداً للناس عن دينهم وعن طريقة السلف الصالح، فحاولوا تأويل هذا المتشابه إلى ما يريدون لا إلى ما يريده الله ورسوله، وضربوا نصوص الكتاب والسنة بعضها ببعض، وحاولوا الطعن في دلالتها بالمعارضة والنقص ليشككوا المسلمين في دلالتها ويعموهم عن هدايتها، وهؤلاء هم الذين ذمهم الله بقوله: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ)(15).

تحرير القول في النصوص من حيث الوضوح والإشكال


إن الوضوح والإشكال في النصوص الشرعية أمر نسبي، يختلف فيه الناس بحسب العلم والفهم، فقد يكون مشكلاً عند شخص ما هو واضح عند شخص آخر، والواجب عند الإشكال اتباع ما سبق من ترك التعرض له والتخبط في معناه. أما من حيث واقع النصوص الشرعية فليس فيها بحمد الله ما هو مشكل لا يعرف أحد من الناس معناه فيما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم، لأن الله وصف القرآن بأنه نور مبين، وبيان للناس، وفرقان، وأنه أنزله تبياناً لكل شيء، وهدىً ورحمة، وهذا يقتضي أن لا يكون في النصوص ما هو مشكل بحسب الواقع بحيث لا يُمكَّن أحداً من الأمة معرفة معناه.

معنى الرد، والتأويل، والتشبيه، والتمثيل، وحكم كل منها


الرد: التكذيب والإنكار. مثل أن يقول قائل: ليس لله يد لا حقيقة ولا مجازاً. وهو كفر لأنه تكذيب لله ورسوله.
والتأويل: التفسير والمراد به هنا تفسير نصوص الصفات بغير ما أراد الله بها ورسوله وبخلاف ما فسرها به الصحابة والتابعون لهم بإحسان.
وحكم التأويل على ثلاثة أقسام:
الأول: أن يكون صادراً عن اجتهاد وحسن نية بحيث إذا تبين له الحق رجع عن تأويله، فهذا معفو عنه لأن هذا منتهى وسعه، وقد قال الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)(16).
الثاني: أن يكون صادراً عن هوى وتعصب، وله وجه في اللغة العربية فهو فسق وليس بكفر إلا أن يتضمن نقصاً أو عيباً في حق الله فيكون كفراً.
القسم الثالث: أن يكون صادراً عن هوى وتعصب وليس له وجه في اللغة العربية، فهذا كفر لأن حقيقته التكذيب حيث لا وجه له.
والتشبيه: إثبات مشابه لله فيما يختص به من حقوق أو صفات، وهو كفر؛ لأنه من الشرك بالله، ويتضمن النقص في حق الله حيث شبهه بالمخلوق الناقص.
والتمثيل: إثبات مماثل لله فيما يختص به من حقوق أو صفات، وهو كفر؛ لأنه من الشرك بالله وتكذيب لقوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(17).
ويتضمن النقص في حق الله حيث مثله بالمخلوق الناقص.
والفرق بين التمثيل والتشبيه: أن التمثيل يقتضي المساواة من كل وجه بخلاف التشبيه.

ما تضمنه كلام الإمام أحمد في أحاديث النزول وشبهها


تضمن كلام الإمام أحمد رحمه الله الذي نقله عن المؤلف ما يأتي:
1- وجوب الإيمان والتصديق بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أحاديث الصفات من غير زيادة ولا نقص ولا حد ولا غاية.
2- أنه لا كيف ولا معنى أي لا نكيف هذه الصفات؛ لأن تكييفها ممتنع لما سبق، وليس مراده أنه لا كيفية لصفاته؛ لأن صفاته ثابتة حقاً، وكل شيء ثابت فلابد له من كيفية، لكن كيفية صفات الله غير معلومة لنا.
وقوله: ولا معنى أي: لا نثبت لها معنى يخالف ظاهرها كما فعله أهل التأويل وليس مراده نفي المعنى الصحيح الموافق لظاهرها الذي فسرها به السلف فإن هذا ثابت، ويدل على هذا قوله: "ولا نرد شيئاً منها، ونصفه بما وصف به نفسه، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت، ولا نعلم كيفية كنه ذلك". فإن نفيه لرد شيء منها، ونفيه لعلم كيفيتها دليل على إثبات المعنى المراد منها.
3- وجوب الإيمان بالقرآن كله محكمه، وهو ما اتضح معناه، ومتشابه وهو ما أشكل معناه، فنرد المتشابه إلى المحكم ليتضح معناه، فإن لم يتضح وجب الإيمان به لفظاً، وتفويض معناه إلى الله تعالى.

ما تضمنه كلام الإمام الشافعي

تضمن كلام الإمام الشافعي ما يأتي:
1- الإيمان بما جاء عن الله تعالى في كتابه المبين على ما أراده الله من غير زيادة، ولا نقص، ولا تحريف.
2- الإيمان بما جاء به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، على ما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة ولا نقص ولا تحريف.
وفي هذا الكلام رد على أهل التأويل، وأهل التمثيل؛ لأن كل واحد منهم لم يؤمن بما جاء عن الله ورسوله على مراد الله ورسوله فإن أهل التأويل نقصوا، وأهل التمثيل زادوا.

طريق السلف الذين درجوا عليه في الصفات
الذي درج عليه السلف في الصفات هو الإقرار والإثبات لما ورد من صفات الله تعالى في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تعرض لتأويله بما لا يتفق مع مراد الله ورسوله.
والاقتداء بهم في ذلك واجب لقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة". رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وقال: حسن صحيح وصححه الألباني وجماعة(18).

السنة والبدعة وحكم كل منها

السنة لغة: "الطريقة".
واصطلاحاً: "ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه من عقيدة أو عمل".
واتباع السنة واجب لقوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ)(19). وقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا بالنواجذ"(20).
والبدعة لغة: "الشيء المستحدث".
واصطلاحاً: "ما أحدث في الدين على خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من عقيدة أو عمل".
وهي حرام لقوله تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً)(21). وقوله صلى الله عليه وسلم: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"(22).
الآثار الواردة في الترغيب في السنة والتحذير من البدعة:
1- من أقوال الصحابة: قال ابن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل المتوفى سنة 32هـ عن بضع وستين سنة: (اتبعوا) أي التزموا آثار النبي صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقص (ولا تبتدعوا) لا تحدثوا بدعة في الدين (فقد كفيتم) أي كفاكم السابقون مهمة الدين حيث أكمل الله تعالى الدين لنبيه صلى الله عليه وسلم، وأنزل قوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم)(23). فلا يحتاج الدين إلى تكميل.
2- من أقوال التابعين: قال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز المولود سنة 63هـ المتوفى سنة 101هـ قولاً يتضمن ما يأتي:
أ- وجوب الوقوف حيث وقف القوم - يعني بهم - النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيما كانوا عليه من الدين عقيدة وعملاً، لأنهم وقفوا عن علم وبصيرة، ولو كان فيما حدث بعدهم خير لكانوا به أحرى.
ب-أن ما أحدث بعدهم فليس فيه إلا مخالفة هديهم والزهد في سنتهم وإلا فقد وصفوا من الدين ما يشفي وتكلموا فيه بما يكفي .
ج- أن من الناس من قصر في اتباعهم فكان جافياً، ومن الناس من تجاوز فكان غالياً، والصراط المستقيم ما بين الغلو والتقصير.
3- من أقوال تابعي التابعين: قال الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو المتوفى سنة 157هـ (عليك بآثار من سلف) الزم طريقة الصحابة والتابعين لهم بإحسان لأنها مبنية على الكتاب والسنة (وإن رفضك الناس) أبعدوك واجتنبوك (وإياك وأراء الرجال) أحذر أراء الرجال وهي ما قيل بمجرد الرأي من غير استناد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، (وإن زخرفوه) جملوا اللفظ وحسنوه فإن الباطل لا يعود حقاً بزخرفته وتحسينه.

مناظرة جرت عند خليفة بين الأذرمي(24) وصاحب بدعة

لم أطلع على ترجمة للأذرمي ومن معه ولا أعلم نوع البدعة المذكورة، والمهم أن نعرف مراحل هذه المناظرة لنكتسب منها طريقاً لكيفية المناظرة بين الخصوم. وقد بنى الأذرمي رحمه الله مناظرته هذه على مراحل ليعبر من كل مرحلة إلى التي تليها حتى يفحم خصمه.
المرحلة الأولى: "العلم" فقد سأله الأذرمي هل علم هذه البدعة النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه؟
قال البدعي: لم يعلموها.
وهذا النفي يتضمن انتقاص النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه حيث كانوا جاهلين بما هو من أهم أمور الدين، ومع ذلك فهو حجة على البدعي إذا كانوا لا يعلمونه، ولذلك انتقل به الأذرمي إلى:
المرحلة الثانية: إذا كانوا لا يعلمونها فكيف تعلمها أنت؟ هل يمكن أن يحجب الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين علم شيء من الشريعة ويفتحه لك؟
فتراجع البدعي وقال: أقول: قد علموها، فانتقل به إلى:
المرحلة الثالثة: إذا كانوا قد علموها فهل وسعهم أي أمكنهم أن لا يتكلموا بذلك ولا يدعوا الناس إليه أم لم يسعهم؟ فأجاب البدعي: بأنهم وسعهم السكوت وعدم الكلام
فقال له الأذرمي: فشيء وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه لا يسعك أنت، فانقطع الرجل وامتنع عن الجواب لأن الباب انسد أمامه.
فصوب الخليفة رأي الأذرمي، ودعا بالضيق على من لم يسعه ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه.
وهكذا كل صاحب باطل من بدعة أو غيرها فلابد أن يكون مآله الانقطاع عن الجواب.

الصفات التي ذكرها المؤلف من صفات الله تعالى


ذكر المؤلف رحمه الله من صفات الله الصفات الآتية وسنتكلم عليها حسب ترتيب المؤلف.
الصفة الأولى: "الوجه":
الوجه ثابت لله تعالى بدلالة الكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ)(25).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها" متفق عليه(26).
وأجمع السلف على إثبات الوجه لله تعالى، فيجب إثباته له بدون تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، وهو وجه حقيقي يليق بالله.
وقد فسره أهل التعطيل بالثواب. ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.
الصفة الثانية: "اليدان".
اليدان من صفات الله الثابتة له بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)(27).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار" إلى قوله: "بيده الأخرى القبض يرفع ويخفض". رواه مسلم والبخاري معناه(28).
وأجمع السلف على إثبات اليدين لله، فيجب إثباتهما له بدون تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، وهما يدان حقيقيتان لله تعالى يليقان به.
وقد فسرهما أهل التعطيل بالنعمة أو القدرة ونحوها. ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة، وبوجه رابع أن في السياق ما يمنع تفسيرهما بذلك قطعاً كقوله تعالى: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ)(29). وقوله صلى الله عليه وسلم: "وبيده الأخرى القبض".
الأوجه التي وردت عليها صفة اليدين وكيف نوفق بينها:
الأول: الإفراد كقوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك)(30).
الثاني: التثنية كقوله تعالى: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)(31).
الثالث: الجمع كقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً)(32).
والتوفيق بين هذه الوجوه أن نقول: الوجه الأول مفرد مضاف فيشمل كل ما ثبت لله من يد ولا ينافي الثنتين، وأما الجمع فهو للتعظيم لا لحقيقة العدد الذي هو ثلاثة فأكثر وحينئذ لا ينافي التثنية، على أنه قد قيل: إن أقل الجمع اثنان، فإذا حمل الجمع على أقله فلا معارضة بينه وبين التثنية أصلاً.
الصفة الثالثة: "النفس".
النفس ثابتة لله تعالى بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)(33). وقال عن عيسى أنه قال: (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ)(34).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته". رواه مسلم(35).
وأجمع السلف على ثبوتها على الوجه اللائق به، فيجب إثباتها لله من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
الصفة الرابعة: "المجيء".
مجيء الله للفصل بين عباده يوم القيامة ثابت بالكتاب، والسنة وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (وَجَاءَ رَبُّك)(36). و (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ)(37).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "حتى إذا لم يبق إلا من يعبد الله أتاهم رب العالمين". متفق عليه. في حديث طويل(38).
وأجمع السلف على ثبوت المجيء لله تعالى، فيجب إثباته له من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، وهو مجيء حقيقي يليق بالله تعالى.
وقد فسره أهل التعطيل بمجيء أمره. ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.
الصفة الخامسة: "الرضا".
الرضا من صفات الله الثابتة له بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)(39).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها"(40). رواه مسلم.
وأجمع السلف على إثبات الرضا لله تعالى فيجب إثباته له من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وهو رضا حقيقي يليق بالله تعالى، وقد فسره أهل التعطيل بالثواب ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.
الصفة السادسة: "المحبة".
المحبة من صفات الله الثابتة له بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)(41).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله"(42). متفق عليه.
وأجمع السلف على ثبوت المحبة لله يُحِبُ، ويُحَب، فيجب إثبات ذلك حقيقة من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وهي محبة حقيقية تليق بالله تعالى، وقد فسرها أهل التعطيل بالثواب، والرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.
الصفة السابعة: "الغضب".
الغضب من صفات الله الثابتة له بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى فيمن قتل مؤمناً متعمداً: (وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ)(43).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب كتاباً عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي"(44). متفق عليه.
وأجمع السلف على ثبوت الغضب لله فيجب إثباته من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وهو غضب حقيقي يليق بالله، وفسره أهل التعطيل بالانتقام، ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة وبوجه رابع: أن الله تعالى غاير بين الغضب والانتقام فقال تعالى: (فَلَمَّا آسَفُونَا) أي أغضبونا (انْتَقَمْنَا مِنْهُم)(45). فجعل الانتقام نتيجة للغضب فدل على أنه غيره.
الصفة الثامنة: "السخط".
السخط من صفات الله الثابتة بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّه)(46).
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك"(47). الحديث رواه مسلم.
وأجمع السلف على ثبوت السخط لله فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وهو سخط حقيقي يليق بالله، وفسره أهل التعطيل بالانتقام. ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.
الصفة التاسعة: "الكراهة".
الكراهة من الله لمن يستحقها ثابتة بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُم)(48).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال"(49). رواه البخاري.
وأجمع السلف على ثبوت ذلك لله فيجب إثباته من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وهي كراهة حقيقية من الله تليق به، وفسر أهل التعطيل الكراهة بالإبعاد. نرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.
الصفة العاشرة: "النزول".
نزول الله إلى السماء الدنيا من صفاته الثابتة له بالسنة، وإجماع السلف.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له..."(50) الحديث متفق عليه.
وأجمع السلف على ثبوت النزول لله فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وهو نزول حقيقي يليق بالله، وفسره أهل التعطيل بنزول أمره، أو رحمته، أو ملك من ملائكته، ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة وبوجه رابع: أن الأمر ونحوه لا يمكن أن يقول: من يدعوني فأستجيب له... إلخ.
الصفة الحادية عشرة: "العجب".
العجب من صفات الله الثابتة له بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ)(51). على قراءة ضم التاء.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة" رواه أحمد وهو في "المسند" (4/151) عن عقبة بن عامر مرفوعاً وفيه ابن لهيعة.
وأجمع السلف على ثبوت العجب لله فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وهو عجب حقيقي يليق بالله، وفسره أهل التعطيل بالمجازاة ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.
والعجب نوعان:
أحدهما: أن يكون صادراً عن خفاء الأسباب على المتعجب فيندهشله ويستعظمه ويتعجب منه، وهذا النوع مستحيل على الله؛ لأن الله لا يخفى عليه شيء.
الثاني: أن يكون سببه خروج الشيء عن نظائره، أو عما ينبغي أن يكون عليه مع علم المتعجب، وهذا هو الثابت لله تعالى.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 04:23 AM   #3
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الصفة الثانية عشرة: "الضحك".
الضحك من صفات الله الثابتة له بالسنة، وإجماع السلف.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة". وتمام الحديث: "يقاتل في سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد". متفق عليه(52).
وأجمع السلف على إثبات الضحك لله فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وهو ضحك حقيقي يليق بالله تعالى، وفسره أهل التعطيل بالثواب.
ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.
الصفة الثالثة عشرة: "الاستواء على العرش".
استواء الله على العرش من صفاته الثابتة له بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)(53). وذكر استواءه على عرشه في سبعة مواضع من القرآن.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي" رواه البخاري(54).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود في "سننه": "إن بعد ما بين سماء إلى سماء إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة إلى أن قال في العرش: بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم الله تعالى فوق ذلك" وأخرجه أيضاً الترمذي، وابن ماجه(55)، وفيه علة أجاب عنها ابن القيم رحمه الله في تهذيب سنن أبي داود (ص92 - 93 ج7).
وأجمع السلف على إثبات استواء الله على عرشه فيجب إثباته من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وهو استواء حقيقي، معناه: العلو والاستقرار على وجه يليق بالله تعالى.
وقد فسره أهل التعطيل بالاستيلاء. ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة ونزيد وجهاً رابعاً: أنه لا يعرف في اللغة العربية بهذا المعنى. ووجهاً خامساً: أنه يلزم عليه لوازم باطلة مثل أن العرش لم يكن ملكاً لله ثم استولى عليه بعد.
والعرش لغة: السرير الخاص بالملك.
وفي الشرع: العرش العظيم الذي استوى عليه الرحمن جل جلاله، وهو أعلى المخلوقات وأكبرها، وصفه الله بأنه عظيم، وبأنه كريم، وبأنه مجيد.
والكرسي غير العرش؛ لأن العرش هو ما استوى عليه الله تعالى، والكرسي موضع قدميه لقول ابن عباس رضي الله عنهما: "الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره". رواه الحاكم في مستدركه. وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه(56).
الصفة الرابعة عشرة: "العلو".
العلو من صفات الله الثابتة له بالكتاب والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)(57).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في صلاته في السجود: "سبحان ربي الأعلى". رواه مسلم من حديث حذيفة(58).
وأجمع السلف على إثبات العلو لله، فيجب إثباته له من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، وهو علو حقيقي يليق بالله.
وينقسم إلى قسمين:
علو صفة بمعنى أن صفاته تعالى عليا ليس فيها نقص بوجه من الوجوه ودليله ما سبق.
وعلو ذات بمعنى أن ذاته تعالى فوق جميع مخلوقاته ودليله مع ما سبق:
قوله تعالى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء)(59).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك...". الحديث رواه أبو داود(60) وفيه زيادة بن محمد، قال البخاري: منكر الحديث.
وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية: "أين الله؟" قالت: في السماء. قال: "أعتقها فإنها مؤمنة". رواه مسلم في قصة معاوية بن الحكم(61).
وقوله صلى الله عليه وسلم لحصين بن عبيد الخزاعي والد عمران بن حصين: "اترك الستة، واعبد الذي في السماء" هذا هو اللفظ الذي ذكره المؤلف، وذكره في الإصابة من رواية ابن خزيمة في قصة إسلامه بلفظ غير هذا وفيه إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لحصين حين قال: "ستة في الأرض وواحداً في السماء"(62).
وأجمع السلف على ثبوت الذات لله وكونه في السماء فيجب إثباته له من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وقد أنكر أهل التعطيل كون الله بذاته في السماء وفسروا معناها أن في السماء ملكه، وسلطانه، ونحوه ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة: وبوجه رابع: أن ملك الله وسلطانه في السماء وفي الأرض. أيضاً وبوجه خامس: وهو دلالة العقل عليه؛ لأنه صفة كمال. وبوجه سادس: وهو دلالة الفطرة عليه؛ لأن الخلق مفطورون على أن الله في السماء.

معنى كون الله في السماء

المعنى الصحيح لكون الله في السماء أن الله تعالى على السماء، فـ "في" بمعنى "على"، وليست للظرفية؛ لأن السماء لا تحيط بالله، أو إنه في العلو فالسماء بمعنى العلو وليس المراد بها السماء المبنية.
تنبيه: ذكر المؤلف رحمه الله أنه نقل عن بعض الكتب المتقدمة أن من علامات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم يسجدون بالأرض ويزعمون أن إلههم في السماء وهذا النقل غير صحيح؛ لأنه لا سند له، ولأن الإيمان بعلو الله والسجود له لا يختصان بهذه الأمة، وما لا يختص لا يصح أن يكون علامة، ولأن التعبير بالزعم في هذا الأمر ليس بمدح لأن أكثر ما يأتي الزعم فيما يشك فيه.
جواب الإمام مالك بن أنس بن مالك، وليس أبوه أنس بن مالك الصحابي بل غيره، وكان جد مالك من كبار التابعين وأبو جده من الصحابة. ولد مالك سنة 93هـ بالمدينة ومات فيها سنة 179هـ وهو في عصر تابعي التابعين.
سئل مالك فقيل: يا أبا عبد الله (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى). كيف استوى؟ فقال رحمه الله: (الاستواء غير مجهول) أي معلوم المعنى، وهو العلو والاستقرار. (والكيف غير معقول) أي كيفية الاستواء غير مدركة بالعقل؛ لأن الله تعالى أعظم وأجل من أن تدرك العقول كيفية صفاته. (والإيمان به) أي الاستواء (واجب) لوروده في الكتاب والسنة. (والسؤال عنه) أي عن الكيف (بدعة)؛ لأن السؤال عنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. ثم أمر بالسائل فأخرج من المسجد خوفاً من أن يفتن الناس في عقيدتهم وتعزيراً له بمنعه من مجالس العلم.
الصفة الخامسة عشرة: "الكلام".
الكلام صفة من صفات الله الثابتة له بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً)(63). (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّه)(64).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله أن يوحي بأمره تكلم بالوحي". أخرجه ابن خزيمة وابن جرير وابن أبي حاتم(65).
وأجمع السلف على ثبوت الكلام لله، فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وهو كلام حقيقي يليق بالله، يتعلق بمشيئته بحروف وأصوات مسموعة.
والدليل على أنه بمشيئته، قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ)(66). فالتكليم حصل بعد مجيء موسى فدل على أنه متعلق بمشيئته تعالى.
والدليل على أنه حروف، قوله تعالى: (يَا مُوسَى* إِنِّي أَنَا رَبُّكَ)(67). فإن هذه الكلمات حروف وهي كلام الله.
والدليل على أنه بصوت، قوله تعالى:(وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً)(68) والنداء والمناجاة لا تكون إلا بصوت. وروي عن عبد الله بن أنيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يحشر الله الخلائق فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان". علقه البخاري بصيغة التمريض(69)، قال في "الفتح": وأخرجه المصنف في "الأدب المفرد" وأحمد، وأبو يعلي في "مسنديهما" وذكر له طريقين آخرين(70).
وكلام الله تعالى قديم النوع، حادث الآحاد. ومعنى قديم النوع: أن الله لم يزل، ولا يزال متكلماً ليس الكلام حادثاً منه بعد أن لم يكن. ومعنى حادث الآحاد: أن آحاد كلامه - أي الكلام المعين المخصوص - حادث؛ لأنه متعلق بمشيئته، متى شاء تكلم بما شاء كيف شاء.
المخالفون لأهل السنة في كلام الله تعالى:
خالف أهل السنة في كلام الله طوائف نذكر منها طائفتين:
الطائفة الأولى: الجهمية، قالوا: ليس الكلام من صفات الله، وإنما هو خلق من مخلوقات الله يخلقه الله في الهواء، أو في المحل الذي يسمع منه، وإضافته إلى الله إضافة خلق، أو تشريف مثل ناقة الله، وبيت الله.
ونرد عليهم بما يلي:
1- أنه خلاف إجماع السلف.
2- أنه خلاف المعقول، لأن الكلام صفة للمتكلم وليس شيئاً قائماً بنفسه منفصلاً عن المتكلم.
3- أن موسى سمع الله يقول: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي)(71). ومحال أن يقول ذلك أحد إلا الله سبحانه وتعالى.
الطائفة الثانية: الأشعرية، قالوا: كلام الله معنى قائم بنفسه لا يتعلق بمشيئته، وهذه الحروف والأصوات المسموعة مخلوقة للتعبير عن المعنى القائم بنفس الله.
ونرد عليهم بما يلي:
1- أنه خلاف إجماع السلف.
2- أنه خلاف الأدلة؛ لأنها تدل على أن كلام الله يسمع، ولا يسمع إلا الصوت ولا يسمع المعنى القائم بالنفس.
3- أنه خلاف المعهود؛ لأن الكلام المعهود هو ما ينطق به المتكلم لا ما يضمره في نفسه.
تعليق كلام المؤلف في فصل الكلام:
قوله: (متكلم بكلام قديم) يعني قديم النوع حادث الآحاد لا يصلح إلا هذا المعنى على مذهب أهل السنة والجماعة، وإن كان ظاهر كلامه أنه قديم النوع والآحاد.
قوله: (سمعه موسى من غير واسطة) لقوله تعالى: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى)(72).
قوله: (وسمعه جبريل) لقوله تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ)(73).
قوله: (ومن أذنله من ملائكته ورسله) أما الملائكة فلقوله صلى الله عليه وسلم: "ولكن ربنا إذا قضى أمراً سبح حملة العرش، ثم يسبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل السماء الدنيا فيقول الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: (مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ)(74) فيخبرونهم". الحديث رواه مسلم(75). وأما الرسل فقد ثبت أن الله كلم محمداً صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج.
قوله: (وإنه سبحانه يكلم المؤمنين ويكلمونه) لحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك". الحديث متفق عليه(76).
قوله: (ويأذن لهم فيزورونه) لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل الجنة إذا دخلوا فيها نزلوا بفضل أعمالهم ثم يؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيزورون ربهم..." الحديث رواه ابن ماجه والترمذي(77) وقال: غريب وضعفه الألباني.
وقوله: (وقال ابن مسعود: "إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء" وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم) أثر ابن مسعود لم أجده بهذا اللفظ وذكر ابن خزيمة طرقه في كتاب التوحيد بألفاظ منها: "سمع أهل السموات للسموات صلصلة"، وأما المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو من حديث النواس بن سمعان مرفوعاً "إذا أراد الله أن يوحي بأمره تكلم بالوحي فإذا تكلم أخذت السماوات منه رجفة، أو قال رعدة شديدة من خوف الله، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا.."(78) الحديث رواه ابن خزيمة وابن أبي حاتم(79).
"القول في القرآن":
القرآن الكريم من كلام الله تعالى، منزل غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود، فهو كلام الله حروفه ومعانيه. دليل أنه من كلام الله قوله تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ)(80). يعني القرآن.
ودليل أنه منزل قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ)(81).
ودليل أنه غير مخلوق قوله تعالى: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْر)(82). فجعل الأمر غير الخلق والقرآن من الأمر لقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا)(83)، (ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُم)(84). ولأن كلام الله صفة من صفاته وصفاته غير مخلوقة.
ودليل أنه منه بدأ، أن الله أضافه إليه، ولا يضاف الكلام إلا إلى من قاله مبتدئاً.
ودليل أنه إليه يعود أنه ورد في بعض الآثار أنه يرفع من المصاحف والصدور في آخر الزمان(85).
القرآن حروف وكلمات:
القرآن حروف وكلمات، وقد ذكر المؤلف رحمه الله لذلك أدلة ثمانية:
1- أن الكفار قالوا: إنه شعر، ولا يمكن أن يوصف بذلك إلا ما هو حروف وكلمات.
2- أن الله تحدى المكذبين به أن يأتوا بمثله، ولو لم يكن حروفاً وكلمات لكان التحدي غير مقبول، إذ لا يمكن التحدي إلا بشيء معلوم يدرى ما هو.
3- أن الله أخبر بأن القرآن يتلى عليهم (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ)(86). ولا يتلى إلا ما هو حروف وكلمات.
4- أن الله أخبر بأنه محفوظ في صدور أهل العلم ومكتوب في اللوح المحفوظ (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)(87). (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ* لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)(88). ولا يحفظ ويكتب إلا ما هو حروف وكلمات.
5- قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات، ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف حسنة". صححه المؤلف ولم يعزه ولم أجد من خرجه(89).
6- قول أبي بكر وعمر: إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه.
7- قول علي رضي الله عنه: من كفر بحرف منه فقد كفر به كله.
8- إجماع المسلمين - كما نقله المؤلف - على أن من جحد منه سورة، أو آية، أو كلمة، أو حرفاً متفقاً عليه فهو كافر.
وعدد سور القرآن (114) منها (29) افتتحت بالحروف المقطعة.
أوصاف القرآن:
وصف الله القرآن الكريم بأوصاف عظيمة كثيرة ذكر المؤلف منها ما يلي:
1- أنه كتاب الله المبين، أي: المفصح عما تضمنه من أحكام وأخبار.
2- أنه حبل الله المتين، أي: العهد القوي الذي جعله الله سبباً للوصول إليه والفوز بكرامته.
3- أنه سور محكمات، أي: مفصل السور، كل سورة منفردة عن الأخرى، والمحكمات المتقنات المحفوظات من الخلل والتناقض.
4- أنه آيات بينات، أي علامات ظاهرات على توحيد الله، وكمال صفاته، وحسن تشريعاته.
5- أن فيه محكماً ومتشابهاً، فالمحكم: ما كان معناه واضحاً، والمتشابه: ما كان معناه خفياً. ولا يعارض هذا ما سبق برقم (3) لأن الإحكام هناك بمعنى الإتقان والحفظ من الخلل والتناقض، وهنا بمعنى وضوح المعنى، وإذا رددنا المتشابه هنا إلى المحكم صار الجميع محكماً.
6- أنه حق لا يمكن أن يأتيه الباطل من أي جهة (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)(90).
7- أنه بريء مما وصفه به المكذبون به من قولهم: إنه شعر؛ (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ)(91)، وقول بعضهم: (إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَر)(92). (إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ)(93). فقال الله متوعداً هذا القائل: (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ)(94).
8- أنه معجزة لا يمكن لأحد أن يأتي بمثله وإن عاونه غيره (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)(95).
"رؤية الله في الآخرة":
رؤية الله في الدنيا مستحيلة لقوله تعالى لموسى وقد طلب رؤية الله: (لَنْ تَرَانِي)(96).
ورؤية الله في الآخرة ثابتة بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ* إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)(97). وقال: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)(98). فلما حجب الفجار عن رؤيته دل على أن الأبرار يرونه وإلا لم يكن بينهما فرق.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "'إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته" متفق عليه(99). وهذا التشبيه للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي؛ لأن الله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)، ولا شبيه له ولا نظير.
وأجمع السلف على رؤية المؤمنين لله تعالى دون الكفار بدليل الآية الثانية.
يرون الله تعالى في عرصات القيامة وبعد دخول الجنة كما يشاء الله تعالى.
وهي رؤية حقيقية تليق بالله، وفسرها أهل التعطيل بأن المراد بها رؤية ثواب الله، أو أن المراد بها رؤية العلم واليقين. ونرد عليهم باعتبار التأويل الأول بما سبق في القاعدة الرابعة، وباعتبار التأويل الثاني بذلك وبوجه رابع: أن العلم واليقين حاصل للأبرار في الدنيا وسيحصل للفجار في الآخرة.

"القدر":
من صفات الله تعالى أنه الفعال لما يريد كما قال تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)(100). فلا يخرج شيء عن إرادته وسلطانه، ولا يصدر شيء إلا بتقديره وتدبيره، بيده ملكوت السماوات والأرض، يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بحكمته، لا يسال عما يفعل لكمال حكمته، وسلطانه، وهم يسألون، لأنهم مربوبون محكومون.
والإيمان بالقدر واجب، وهو أحد أركان الإيمان الستة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خير وشره" رواه مسلم وغيره(101)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آمنت بالقدر خيره وشره، حلوه، ومره"(102). فالخير والشر باعتبار العاقبة والحلاوة والمرارة باعتبار وقت إصابته. وخير القدر ما كان نافعاً وشره ما كان ضاراً أو مؤذياً.
والخير والشر هو بالنسبة للمقدور وعاقبته، فإن منه ما يكون خيراً كالطاعات، والصحة، والغنى، ومنه ما يكون شراً كالمعاصي، والمرض، والفقر، أما بالنسبة لفعل الله فلا يقال: إنه شر لقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء القنوت الذي علمه الحسن بن علي "وقني شر ما قضيت"(103)، فأضاف الشر إلى ما قضاه لا إلى قضائه.
والإيمان بالقدر لا يتم إلا بأربعة أمور(104):
الأول: الإيمان بأن الله عالم كل ما يكون جملة وتفصيلاً بعلم سابق؛ لقوله تعالى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)(105).
الثاني: أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء لقوله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا)(106). أي تخلق الخليقة، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة" رواه مسلم(107).
الثالث: أنه لا يكون شيء في السماوات والأرض إلا بإرادة الله ومشيئته الدائرة بين الرحمة والحكمة، يهدي من يشاء برحمته، ويضل من يشاء بحكمته، لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته وسلطانه، وهم يسألون، وما وقع من ذلك فإنه مطابق لعلمه السابق ولما كتبه في اللوح المحفوظ؛ لقوله تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)(108). (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً)(109). فأثبت وقوع الهداية والضلال بإرادته.
الرابع: أن كل شيء في السماوات والأرض مخلوق لله تعالى، لا خالق غيره ولا رب سواه؛ لقوله تعالى: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)(110). وقال على لسان إبراهيم: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)(111).


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 04:23 AM   #4
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


القدر ليس حجة للعاصي على فعل المعصية:
أفعال العباد كلها من طاعات ومعاصي كلها مخلوقة لله كما سبق، ولكن ليس ذلك حجة للعاصي على فعل المعصية، وذلك لأدلة كثيرة منها:
1- أن الله أضاف عمل العبد إليه وجعله كسباً له فقال: (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ)(112). ولو لم يكن له اختيار في الفعل وقدرة عليه ما نسب إليه.
2- أن الله أمر العبد ونهاه، ولم يكلفه إلا ما يستطيع؛ لقوله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا)(113). (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(114). ولو كان مجبوراً على العمل ما كان مستطيعاً على الفعل، أو الكف؛ لأن المجبور لا يستطيع التخلص.
3- أن كل واحد يعلم الفرق بين العمل الاختياري والإجباري، وأن الأول يستطيع التخلص منه.
4- أن العاصي قبل أن يقدم على المعصية لا يدري ما قدر له، وهو باستطاعته أن يفعل أو يترك، فكيف يسلك الطريق الخطأ ويحتج بالقدر المجهول؟! أليس من الأحرى أن يسلك الطريق الصحيح ويقول: هذا ما قدر لي؟!
5- أن الله أخبر أنه أرسل الرسل لقطع الحجة:(لِئَلاَّيَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل)(115). ولو كان القدر حجة للعاصي لم تنقطع بإرسال الرسل.
التوفيق بين كون فعل العبد مخلوقاً لله وكونه كسباً للفاعل:
عرفت مما سبق أن فعل العبد مخلوق لله، وأنه كسب للعبد يجازي عليه الحسن بأحسن، والسيئ بمثله فكيف نوفق بينهما؟
التوفيق بينهما أن وجه كون فعل العبد مخلوقاً لله تعالى أمران:
الأول: أن فعل العبد من صفاته، والعبد وصفاته مخلوقان لله تعالى.
الثاني: أن فعل العبد صادر عن إرادة قلبية وقدرة بدنية، ولولاهما لم يكن فعل، والذي خلق هذه الإرادة والقدرة هو الله تعالى، وخالق السبب خالق للمسبب، فنسبة فعل العبد إلى خلق الله له نسبة مسبب إلى سبب، لا نسبة مباشرة؛ لأن المباشر حقيقة هو العبد، فلذلك نسب الفعل إليه كسباً وتحصيلاً، ونسب إلى الله خلقاً وتقديراً، فلكل من النسبتين اعتبار والله أعلم.
المخالفون للحق في القضاء والقدر والرد عليهم:
المخالفون للحق في القضاء والقدر طائفتان:
الطائفة الأولى: الجبرية. يقولون: العبد مجبور على فعله وليس له اختيار في ذلك.
ونرد عليهم بأمرين:
1- أن الله أضاف عمل الإنسان إليه وجعله كسباً له يعاقب ويثاب بحسبه، ولو كان مجبوراً عليه ما صح نسبته إليه ولكان عقابه عليه ظلماً.
2- أن كل واحد يعرف الفرق بين الفعل الاختياري والاضطراري في الحقيقة والحكم، فلو اعتدى شخص على آخر وأدعى أنه مجبور على ذلك بقضاء الله وقدره لعد ذلك سفهاً مخالفاً للمعلوم بالضرورة.
الطائفة الثانية:القدرية.يقولون:العبد مستقل بعمله ليس لله فيه إرادة،ولا قدرة،ولا خلق
ونرد عليهم بأمرين:
1- أنه مخالف لقوله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء)(116). (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)(117).
2- أن الله مالك السماوات والأرض فكيف يكون في ملكه ما لا تتعلق به إرادته وخلقه؟!
أقسام الإرادة والفرق بينهما:
إرادة الله تنقسم على قسمين كونية وشرعية:
فالكونية: هي التي بمعنى المشيئة كقوله تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً)(118).
والشرعية: هي التي بمعنى المحبة، كقوله تعالى: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ)(119).
والفرق بينهما أن الكونية يلزم فيها وقوع المراد ولا يلزم أن يكون محبوباً لله، وأما الشرعية فيلزم أن يكون المراد فيها محبوباً لله ولا يلزم وقوعه.
الإيمان:
الإيمان لغة: التصديق.
واصطلاحاً: قول باللسان وعمل بالأركان وعقد بالجنان.
مثال القول: لا إله إلا الله.
ومثال العمل: الركوع.
ومثال العقد: الإيمان بالله وملائكته وغير ذلك مما يجب اعتقاده.
والدليل على أن هذا هو الإيمان قوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)(120). فجعل الإخلاص، والصلاة، والزكاة من الدين.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" رواه مسلم بلفظ " فأفضلها قول لا إله إلا الله" وأصله في الصحيحين(121).
والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية؛ لقوله تعالى: (فَزَادَهُمْ إِيمَاناً)(122). (لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِم)(123).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال برة، أو خردلة، أو ذرة من إيمان" رواه البخاري بنحوه(124). فجعله النبي صلى الله عليه وسلم متفاضلاً، وإذا ثبتت زيادته ثبت نقصه؛ لأن من لازم الزيادة أن يكون المزيد عليه ناقصاً عن الزائد.


(14) سورة آل عمران، الآية: 7.
(15) سورة آل عمران، الآية: 7.
(16) سورة البقرة، الآية: 286.
(17) سورة الشورى، الآية: 11.
(18) رواه أحمد 04/126، 127)، وأبو داود، كتاب السنة (4607)، والترمذي، كتاب العلم (2676)، وصححه الألباني في كتاب السنة (54) وغيره.
(19) سورة الأحزاب، الآية: 21.
(20) سبق تخريجه.
(21) سورة النساء، الآية: 115.
(22) سبق تخريجه قريباً.
(23) سورة المائدة، الآية: 3.
(24) صوابه الأذرمي بالذال المعجمة وبمد الهمزة وبدونه، وهو عبد الله بن محمد الجزري شيخ أبي داود والنسائي وغيرهما. روى عن ابن عيينة وغيره.
والخليفة هو الواثق، وصاحب البدعة هو ابن أبي داؤد. والمناظرة في خلق القرآن.
انظر: تاريخ بغداد (10/75-79)، والنجوم الزاهرة (2/266-269)، وتاريخ الخلفاء ص(342).
(25) سورة الرحمن، الآية: 27.
(26) رواه البخاري، كتاب الإيمان (56)، ومسلم، كتاب الوصية (1628).
(27) سورة المائدة، الآية: 64.
(28) رواه مسلم، كتاب الزكاة (993)، والبخاري، كتاب التفسير (4684).
(29) سورة ص، الآية: 75.
(30) سورة الملك، الآية: 1.
(31) سورة المائدة، الآية: 64.
(32) سورة يس، الآية: 71.
(33) سورة الأنعام، الآية: 54.
(34) سورة المائدة، الآية: 116.
(35) رواه مسلم، كتاب الذكر (2726).
(36) سورة الفجر، الآية: 22.
(37) سورة البقرة، الآية: 210.
(38) رواه البخاري، كتاب الأذان (806)، ومسلم، كتاب الإيمان (183).
(39) سورة البينة، الآية: 8.
(40) رواه مسلم، كتاب الذكر (2734).
(41) سورة المائدة، الآية: 54.
(42) رواه البخاري، كتاب المغازي (4210)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة (2406).
(43) سورة النساء، الآية: 93.
(44) رواه البخاري، كتاب التوحيد (7554)، ومسلم، كتاب التوبة (2751).
(45) سورة الزخرف، الآية: 55.
(46) سورة محمد، الآية: 28.
(47) صحيح مسلم، كتاب الصلاة (486).
(48) سورة الأنفال، الآية: 46.
(49) "صحيح البخاري"، كتاب الزكاة (1477).
(50) رواه البخاري، كتاب التهجد (1145)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين (758).
(51) سورة الصافات، الآية: 12.
(52) رواه البخاري، كتاب الجهاد (2826)، ومسلم، كتاب الجهاد (1890).
(53) سورة طه، الآية: 5.
(54) سبق تخريجه.
(55) رواه أبو داود، كتاب السنة (4723)، والترمذي، كتاب تفسير القرآن (3320) وحسنه، وابن ماجه، المقدمة (193)، وأحمد (1/206، 207).
(56) "المستدرك" للحاكم (2/282).
(57) سورة البقرة، الآية: 255.
(58) "صحيح مسلم"، كتاب صلاة المسافرين (772).
(59) سورة الملك، الآية: 16.
(60) رواه أبو داود، كتاب الطب (3892)، وأحمد (6/20)، وضعفه الألباني.
(61) صحيح مسلم، كتاب المساجد (537).
(62) رواه ابن خزيمة في التوحيد ص(120، 121).
(63) سورة النساء، الآية: 164.
(64) سورة البقرة، الآية: 253.
(65) رواه ابن خزيمة في التوحيد ص(95، 96)، وابن جرير (22/90)، وأبو داود، كتاب السنة (4738)، وصححه الألباني.
(66) سورة الأعراف، الآية: 143.
(67) سورة طه، الآيتان: 11، 12.
(68) سورة مريم، الآية: 52.
(69) علقه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى (وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَة...) (رقم:32).
(70) "الأدب المفرد" ص(970)، و "مسند أحمد" (3/495)، و "المستدرك" للحاكم (2/437)، وصححه الألباني في "تخريج السنة" (514).
(71) سورة طه، الآية: 14.
(72) سورة طه، الآية: 13.
(73) سورة النحل، الآية: 102.
(74) سورة سبأ، الآية: 23.
(75) صحيح مسلم، كتاب الطب (2229).
(76) رواه البخاري بلفظ: "يقول الله تعالى: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك..."، كتاب أحاديث الأنبياء (3348)، ومسلم، كتاب الإيمان (222).
(77) رواه الترمذي، كتاب صفة الجنة (2549)، وابن ماجه، كتاب الزهد (4336).
(78) سبق تخريجه.
(79) (تنبيه) القصة التي ذكرها المؤلف عن موسى عليه السلام ليلة رأى النار ليس لها سند ثابت ويظهر بطلانها؛ لأنه لم يرد في النصوص الصحيحة وصف الله بأنه عن اليمين والشمال، والله أعلم.
(80) سورة التوبة، الآية: 6.
(81) سورة الفرقان، الآية: 1.
(82) سورة الأعراف، الآية: 54.
(83) سورة الشورى، الآية: 52.
(84) سورة الطلاق، الآية: 5.
(85) كما ورد في حديث حذيفة مرفوعاً: "وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية" رواه ابن ماجه، كتاب الفتن (4049) وصححه الألباني.
(86) سورة يونس، الآية: 15.
(87) سورة العنكبوت، الآية: 49.
(88) سورة الواقعة، الآيات: 77 - 79.
(89) قال الهثيمي في "المجمع" (7/163): أخرجه الطبراني في "الأوسط"، وضعفه.
(90) سورة فصلت، الآية: 42.
(91) سورة يس، الآية: 69.
(92) سورة المدثر، الآيتان: 24.
(93) سورة المدثر، الآية: 25.
(94) سورة المدثر، الآية: 26.
(95) سورة الإسراء، الآية: 88.
(96) سورة الأعراف، الآية: 143.
(97) سورة القيامة، الآيتان: 22، 23.
(98) سورة المطففين، الآية: 15.
(99) رواه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة (573)، ومسلم، كتاب المساجد (633).
(100) سورة هود، الآية: 107.
(101) صحيح مسلم، كتاب الإيمان (8).
(102) رواه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (31، 32).
(103) رواه أبو داود، كتاب الوتر (1425)، والترمذي، كتاب الصلاة (464)، والنسائي، كتاب قيام الليل (1745).
(104) جمع بعضهم هذه الأربعة في بيت فقال:
علم كتابه مولانا مشيئته كذلك خلق وإيجاد تكوين
(105) سورة الحج، الآية: 70.
(106) سورة الحديد، الآية: 22.
(107) صحيح مسلم، كتاب القدر (2653).
(108) سورة القمر، الآية: 49.
(109) سورة الأنعام، الآية: 125.
(110) سورة الفرقان، الآية: 2.
(111) سورة الصافات، الآية: 96.
(112) سورة غافر، الآية: 17.
(113) سورة البقرة، الآية: 286.
(114) سورة التغابن، الآية: 16.
(115) سورة النساء، الآية: 165.
(116) سورة الزمر، الآية: 62.
(117) سورة الصافات، الآية: 96.
(118) سورة الأنعام، الآية: 125.
(119) سورة النساء، الآية: 27.
(120) سورة البينة، الآية: 5.
(121) رواه مسلم، كتاب الإيمان (35)، والبخاري مختصراً بلفظ: "الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان"، كتاب الإيمان (9).
(122) سورة آل عمران، الآية: 173.
(123) سورة الفتح، الآية: 4.
(124) "صحيح البخاري"، كتاب الإيمان (44)، ورواه مسلم، كتاب الإيمان (193).



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 04:27 AM   #5
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


فصل في السمعيات

السمعيات كل ما ثبت بالسمع أي بطريق الشرع ولم يكن للعقل فيها مدخل، وكل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار فهي بحق يجب تصديقه سواء شاهدناه بحواسنا، أو غاب عنا، وسواء أدركناه بعقولنا أم لم ندركه لقوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ)(125). وقد ذكر المؤلف من ذلك أموراً:
الأمر الأول: الإسراء والمعراج.
الإسراء لغة: السير بالشخص ليلاً. وقيل بمعنى سرى.
وشرعاً: سير جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس؛ لقوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى)(126).
والمعراج لغة: الآلة التي يعرج بها وهي المصعد.
وشرعاً: السلم الذي عرج به رسول الله صلى الله عليه وسلم. من الأرض إلى السماء لقوله تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى)(127). إلى قوله: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)(128). وكانا في ليلة واحدة عند الجمهور، وللعلماء خلاف متى كانت؟ فيروى بسند منقطع عن ابن عباس وجابر رضي الله عنهم أنها ليلة الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول ولم يعينا السنة رواه ابن أبي شيبة.
ويروى عن الزهري وعروة أنها قبل الهجرة بسنة. رواه البيهقي، فتكون في ربيع الأول، ولم يعينا الليلة، وقاله ابن سعد وغيره وجزم به النووي. ويروى عن السدي أنها قبل الهجرة بستة عشر شهراً. رواه الحاكم. فتكون في ذي القعدة.
وقيل: قبل الهجرة بثلاث سنين. وقيل: بخمس. وقيل: بست.
وكان يقظة لا مناماً، لأن قريشاً أكبرته وأنكرته، ولو كان مناماً لم تنكره لأنها لا تنكر المنامات.
وقصته: أن جبريل أمره الله أن يسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس على البراق، ثم يعرج به إلى السماوات العلى سماء، سماء، حتى بلغ مكاناً سمع فيه صريف الأقلام، وفرض الله عليه الصلوات الخمس، وأطلع على الجنة والنار، واتصل بالأنبياء الكرام، وصلى بهم إماماً، ثم رجع إلى مكة فحدث الناس بما رأى فكذبه الكافرون، وصدق به المؤمنون وتردد فيه آخرون.
الأمر الثاني: مجيء ملك الموت إلى موسى:
جاء ملك الموت بصورة إنسان إلى نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام ليقبض روحه، فلطمه موسى ففقأ عينه، فرجع الملك إلى الله وقال: "أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت" فرد الله عليه عينه وقال: "ارجع إليه، وقل له يضع يد على متن ثور فله بما غطى يده بكل شعرة سنة" فقال موسى: ثم ماذا؟ قال: ثم الموت قال: فالآن. فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية حجر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر". وهذا الحديث ثابت في الصحيحين(129) وإنما أثبته المؤلف في العقيدة لأن بعض المبتدعة أنكره معللاً ذلك بأنه يمتنع أن موسى يلطم الملك. ونرد عليهم: بأن الملك أتى موسى بصورة إنسان لا يعرف موسى من هو؟ يطلب منه نفسه، فمقتضى الطبيعة البشرية أن يدافع المطلوب عن نفسه، ولو علم موسى أنه ملك لم يلطمه، ولذلك استسلم له في المرة الثانية حين جاء بما يدل أنه من عند الله، وهو إعطاؤه مهلة من السنين بقدر ما تحت يده من شعر ثور.
الأمر الثالث: أشراط الساعة:
الأشراط جمع شرط وهو لغة العلامة. والساعة لغة الوقت أو الحاضر منه.. والمراد بها هنا: القيامة. فأشراط الساعة شرعاً العلامات الدالة على قرب يوم القيامة قال الله تعالى: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا)(130). وذكر المؤلف من أشراط الساعة ما يأتي:
1- (خروج الدجال) وهو لغة صيغة مبالغة من الدجل، وهو الكذب والتمويه.
وشرعاً: رجل مموه يخرج في آخر الزمان يدعي الربوبية. وخروجه ثابت بالسنة، والإجماع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قولوا اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات" رواه مسلم(132).
وأجمع المسلمون على خروجه.
وقصته أنه يخرج من طريق بين الشام والعراق، فيدعو الناس إلى عبادته فأكثر من يتبعه اليهود والنساء والأعراب. ويتبعه سبعون ألفاً من يهود أصفهان، فيسير في الأرض كلها كالغيث استدبرته الريح، إلا مكة والمدينة فيمنع منهما، ومدته أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وباقي أيامه كالعادة، وهو أعور العين مكتوب بين عينيه (ك ف ر) يقرؤه المؤمن فقط، وله فتنة عظيمة منها أنه يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت، معه جنة ونار، فجنته نار، وناره جنة. حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "من سمع به فلينأ عنه، ومن أدركه فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، أو بفواتح سورة الكهف"(133).
2- (نزول عيسى ابن مريم): نزول عيسى ابن مريم ثابت بالكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين.
قال الله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)(134). أي: موت عيسى، وهذا حين نزوله كما فسره أبو هريرة بذلك.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والله لينزلن عيسى ابن مريم حكماً وعدلاً". الحديث متفق عليه(135).
وقد أجمع المسلمون على نزوله، فينزل عند المنارة البيضاء في شرقي دمشق، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، فلا يحل لكافر يجد من ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلب الدجال حتى يدركه بباب لد فيقتله، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين ويحج ويعتمر، كل هذا ثابت في صحيح مسلم وبعضه في الصحيحين كليهما(136). وروى الإمام أحمد وأبو داود أن عيسى يبقى بعد قتل الدجال أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون(137). وذكر البخاري في تاريخه أنه يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم(138)، فالله أعلم.
3- (يأجوج ومأجوج) اسمان أعجميان، أو عربيان مشتقان من المأج وهو الاضطراب، أو من أجيج النار وتلهبها.
وهما أمتان من بني آدم موجودتان بدليل الكتاب، والسنة.
قال الله تعالى في قصة ذي القرنين: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً* قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً)(139). الآيات.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقول الله يوم القيامة: يا آدم، قم فابعث بعث النار من ذريتك"، إلى أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبشروا فإن منكم واحداً ومن يأجوج ومأجوج ألفاً" أخرجاه في الصحيحين(140).
وخروجهم الذي يكون من أشراط الساعة لم يأت بعد، ولكن بوادره وجدت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها"(141).
وقد ثبت خروجهم في الكتاب والسنة.
قال الله تعالى: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ* وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَق)(142). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها لن تقوم الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات". فذكر: الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم. رواه مسلم(143)، وقصتهم في حديث النواس بن سمعان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في عيسى ابن مريم بعد قتله الدجال: "فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى أني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم ويقول: لقد كان بهذه مرة ماء، ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل ببيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل من في السماء، فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دماً، ويحصر نبي الله وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل عليهم طيراً كأعناق البخت فتحمهم فتطرحهم حيث شاء الله". رواه مسلم(144).


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 04:27 AM   #6
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


4- (خروج الدابة) الدابة لغة: كل ما دب على الأرض. والمراد بها هنا: الدابة التي يخرجها الله قرب قيام الساعة.. وخروجها ثابت بالقرآن والسنة.
قال الله تعالى: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ)(145).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها لن تقوم الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات" وذكر منها الدابة. رواه مسلم(146).
وليس في القرآن والسنة الصحيحة ما يدل على مكان خروج هذه الدابة وصفتها، وإنما وردت في ذلك أحاديث في صحتها نظر. وظاهر القرآن أنها دابة تنذر الناس بقرب العذاب والهلاك. والله أعلم.
5- (طلوع الشمس من مغربها) طلوع الشمس من مغربها ثابت بالكتاب والسنة.
قال الله تعالى:( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً)(147). والمراد بذلك طلوع الشمس من مغربها.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً" متفق عليه(148).
فتنة القبر:
الفتنة لغة: الاختبار. وفتنة القبر: سؤال الميت عن ربه، ودينه، ونبيه، وهي ثابتة بالكتاب والسنة.
قال الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ)(149). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فذلك قوله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ)(150) متفق عليه(151).
والسائل ملكان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم، قال: يأتيه ملكان فيقعدانه". رواه مسلم(152). واسمهما منكر ونكير كما رواه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعاً وقال حسن غريب(153). قال الألباني: وسنده حسن وهو على شرط مسلم، والسؤال عام للمكلفين من المؤمنين والكافرين، ومن هذه الأمة وغيرهم على القول الصحيح، وفي غير المكلفين خلاف، وظاهر كلام ابن القيم في كتاب (الروح) ترجيح السؤال. ويستثنى من ذلك الشهيد؛ لحديث رواه النسائي(154). ومن مات مرابطاً في سبيل الله لحديث رواه مسلم(155)

عذاب القبر أو نعيمه:
عذاب القبر أو نعيمه ثابت بظاهر القرآن، وصريح السنة، وإجماع أهل السنة. قال الله تعالى في سورة "الواقعة": (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ)(156)، إلى قوله: (تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ)(157). إلخ السورة.. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من عذاب القبر، وأمر أمته بذلك. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب المشهور في قصة فتنة القبر، قال في المؤمن: "فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة، والبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من ريحها، وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره". وقال في الكافر: "فينادي منادٍ من السماء أن كذب عبدي فافرشوه من النار، وافتحوا له باباً من النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه". الحديث رواه أحمد وأبو داود(158).
وقد اتفق السلف وأهل السنة على إثبات عذاب القبر ونعيمه ذكره ابن القيم في كتاب (الروح).
وأنكر الملاحدة عذاب القبر متعللين بأننا لو نبشنا القبر لوجدناه كما هو.
نرد عليهم بأمرين:
1- دلالة الكتاب، والسنة، وإجماع السلف على ذلك.
2- أن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا فليس العذاب أو النعيم في القبر المحسوس في الدنيا.
هل عذاب القبر أو نعيمه على الروح أو على البدن؟
قال شيخ الإسلام ابن تيميه: مذهب سلف الأمة وأئمتها أن العذاب أو النعيم يحصل لروح الميت وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة، أو معذبة وأنها تتصل بالبدن أحياناً فيحصل له معها النعيم أو العذاب.

النفخ في الصور:
النفخ معروف. والصور لغة: القرن.
وشرعاً: قرن عظيم التقمه إسرافيل ينتظر متى يؤمر بنفخه، وإسرافيل أحد الملائكة الكرام الذين يحملون العرش، وهما نفختان:
إحداهما: نفخة الفزع ينفخ فيه فيفزع الناس ويصعقون إلا من شاء الله.
الثانية: نفخة البعث ينفخ فيه فيبعثون ويقومون من قبورهم.
وقد دل على النفخ في الصور الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة.
قال الله تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ)(159). (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ)(160).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا، ثم لا يبقى أحد إلا صعق، ثم ينزل الله مطراً كأنه الطل أو الظل (شك الراوي) فتنبت منه أجساد الناس ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون". رواه مسلم في حديث طويل(161).وقد اتفقت الأمة على ثبوته.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 04:28 AM   #7
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


البعث والحشر


البعث لغة: الإرسال، والنشر.
وشرعاً: إحياء الأموات يوم القيامة.
والحشر لغة: الجمع.
وشرعاً: جمع الخلائق يوم القيامة لحسابهم والقضاء بينهم.
والبعث والحشر حق ثابت بالكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين، قال الله تعالى: (قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُن)(162). وقال تعالى: (قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ* لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ)(163).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد" متفق عليه(164).
وأجمع المسلمون على ثبوت الحشر يوم القيامة.
ويحشر الناس حفاة لا نعال عليهم، عراة لا كسوة عليهم، غرلاً لا ختان فيهم؛ لقوله تعالى: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)(165). وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنكم تحشرون حفاة، عراة، غرلاً" ثم قرأ: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)(166) وأول من يكسى إبراهيم". متفق عليه(167).
وفي حديث عبد الله بن أنيس المرفوع الذي رواه أحمد: "يحشر الناس يوم القيامة عراة غرلاً، بهماً". قلنا: وما بهماً؟ قال: "ليس معهم شيء" الحديث(168).

(الشفاعة)

الشفاعة لغة: جعل الوتر شفعاً.
واصطلاحاً: التوسط للغير بجلب منفعة، أو دفع مضرة.
والشفاعة يوم القيامة نوعان: خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعامة له ولغيره.
فالخاصة به صلى الله عليه وسلم شفاعته العظمى في أهل الموقف عند الله ليقضي بينهم حين يلحقهم من الكرب والغم ما لا يطيقون، فيذهبون إلى آدم، فنوح، فإبراهيم، فموسى، فعيسى، وكلهم يعتذرون إلا النبي صلى الله عليه وسلم، فيشفع فيهم إلى الله فيأتي سبحانه وتعالى للقضاء بين عباده.
وقد ذكرت هذه الصفة في حديث الصور المشهور لكن سنده ضعيف متكلم فيه وحذفت من الأحاديث الصحيحة فاقتصر منها على ذكر الشفاعة في أهل الكبائر.
قال ابن كثير وشارح الطحاوية: وكان مقصود السلف من الاقتصار على الشفاعة في أهل الكبائر هو الرد على الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة.
وهذه الشفاعة لا ينكرها المعتزلة والخوارج، ويشترط فيها إذن الله؛ لقوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)(169).
النوع الثاني العامة: وهي الشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أهل الكبائر أن يخرجوا منها بعدما احترقوا وصاروا فحماً وحميماً؛ لحديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن أناس - أو كما قال - تصيبهم النار بذنوبهم - أو قال - بخطاياهم فيميتهم إماتة حتى إذا صاروا فحماً أذن في الشفاعة" الحديث رواه أحمد(170).
قال ابن كثير في النهاية (ص204 ج2): وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه من هذا الوجه.
وهذه الشفاعة تكون للنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء، والملائكة، والمؤمنين؛ لحديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: "فيقول الله تعالى: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط قد عادوا حمماً" متفق عليه(171).
وهذه الشفاعة ينكرها المعتزلة والخوارج بناء على مذهبهم أن فاعل الكبيرة مخلد في النار فلا تنفعه الشفاعة.
ونرد عليهم بما يأتي:
1- أن ذلك مخالف للمتواتر من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2- أنه مخالف لإجماع السلف.
ويشترط لهذه الشفاعة شرطان:
الأول: إذن الله في الشفاعة؛ لقوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)(172).
الثاني: رضا الله عن الشافع والمشفوع له؛ لقوله تعالى: (وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى)(173). فأما الكافر فلا شفاعة له؛ لقوله تعالى: (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)(174). أي لو فرض أن أحداً شفع لهم لم تنفعهم الشفاعة.
وأما شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب حتى كان في ضحضاح من نار وعليه نعلان يغلي منهما دماغه، وإنه لأهون أهل النار عذاباً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار" رواه مسلم(175). فهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعمه أبي طالب فقط، وذلك والله أعلم لما قام به من نصرة النبي صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه، وعما جاء به.
(الحساب)

الحساب لغة: العدد.
وشرعاً: إطلاع الله عباده على أعمالهم.
وهو ثابت بالكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين.
قال الله تعالى: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ)(176). وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: "اللهم حاسبني حساباً يسيراً". فقالت عائشة: ما الحساب اليسير؟ قال: "أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه" رواه أحمد(177). وقال الألباني إسناده جيد.
وأجمع المسلمون على ثبوت الحساب يوم القيامة.
وصفه الحساب للمؤمن: أن الله يخلو به فيقرره بذنوبه، حتى إذا رأى أنه قد هلك. قال الله له: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته.
وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. متفق عليه من حديث ابن عمر(178).
والحساب عام لجميع الناس إلا من استثناهم النبي صلى الله عليه وسلم، وهم سبعون ألفاً من هذه الأمة منهم عكاشة بن محصن يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب(179). متفق عليه. وروى أحمد من حديث ثوبان مرفوعاً أن مع كل واحد سبعين ألفا(180)ً، قال ابن كثير: حديث صحيح وذكر له شواهد.
وأول من يحاسب هذه الأمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة المقضي بينهم قبل الخلائق" متفق عليه(181)، وروى ابن ماجه عن ابن عباس مرفوعاً: "نحن آخر الأمم وأول من يحاسب". الحديث(182).
وأول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله" رواه الطبراني في "الأوسط" وسنده لا بأس به إن شاء الله، قاله المنذري في "الترغيب والترهيب" (ص246 ج1)(183). وأول ما يقضى بين الناس في الدماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء" متفق عليه(184).

(الموازين)
الموازين جمع ميزان، وهو لغة: ما تقدر به الأشياء خفة وثقلاً.
وشرعاً: ما يضعه الله يوم القيامة لوزن أعمال العباد.
وقد دل عليه الكتاب، والسنة، وإجماع السلف.
قال الله تعالى: (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ)(185)، (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)(186).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم" متفق عليه(187).
وأجمع السلف على ثبوت ذلك.
وهو ميزان حقيقي، له كفتان، لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم في صاحب البطاقة قال: "فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة". الحديث رواه الترمذي وابن ماجه. قال الألباني: إسناده صحيح(188).
واختلف العلماء هل هو ميزان واحد أو متعدد؟

فقال بعضهم: متعدد بحسب الأمم، أو الأفراد، أو الأعمال؛ لأنه لم يرد في القرآن إلا مجموعاً وأما إفراده في الحديث فباعتبار الجنس.
وقال بعضهم: هو ميزان واحد؛ لأنه ورد في الحديث منفرداً، وأما جمعه في القرآن فباعتبار الموزون وكلا الأمرين محتمل. والله أعلم.
والذي يوزن العمل، لظاهر الآية السابقة والحديث بعدها.
وقيل: صحائف العمل لحديث صاحب البطاقة.
وقيل: العامل نفسه لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة". وقال: اقرأوا: (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً)(189). متفق عليه(190).
وجمع بعض العلماء بين هذه النصوص بأن الجميع يوزن، أو أن الوزن حقيقة للصحائف وحيث إنها تثقل وتخف بحسب الأعمال المكتوبة صار الوزن كأنه للأعمال، وأما وزن صاحب العمل فالمراد به قدره وحرمته. وهذا جمع حسن والله أعلم.

(نشر الدواوين)

النشر لغة: فتح الكتاب أو بث الشيء.
وشرعاً: إظهار صحائف الأعمال يوم القيامة وتوزيعها.
والدواوين: جمع ديوان وهو لغة: الكتاب يحصى فيه الجند ونحوهم.
وشرعاً: الصحائف التي أحصيت فيها الأعمال التي كتبها الملائكة على العامل.
فنشر الدواوين إظهار صحائف الأعمال يوم القيامة، فتتطاير إلى الأيمان والشمائل، وهو ثابت بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة.
قال الله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً* وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً* وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ* فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً* وَيَصْلَى سَعِيراً)(191). (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ)(192).
وعن عائشة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: "هل تذكرون أهليكم؟ قال: أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحداً: عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل، وعند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه، أم في شماله، أم وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهراني جهنم حتى يجوز". رواه أبو داود والحاكم وقال: صحيح على شرطهما(193).
وأجمع المسلمون على ثبوت ذلك.

(صفة أخذ الكتاب)

المؤمن يأخذ كتابه بيمينه فيفرح ويستبشر ويقول: (هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ)(194).
والكافر يأخذه بشماله، أو من وراء ظهره فيدعو بالويل والثبور ويقول: (يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ* وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ)(195).

(الحوض)

الحوض لغة: الجمع. يقال: حاض الماء يحوضه إذا جمعه، ويطلق على مجتمع الماء.
وشرعاً: حوض الماء النازل من الكوثر في عرصات القيامة للنبي صلى الله عليه وسلم.
ودل عليه السنة المتواترة، وأجمع عليه أهل السنة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني فرطكم على الحوض". متفق عليه(196).
وأجمع السلف أهل السنة على ثبوته، وقد أنكر المعتزلة ثبوت الحوض.
ونرد عليهم بأمرين:
1- الأحاديث المتواترة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
2- إجماع أهل السنة على ذلك.
صفة الحوض:
طوله شهر، وعرضه شهر، وزواياه سواء، وآنيته كنجوم السماء، وماؤه أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من ريح المسك، فيه ميزابان يمدانه من الجنة، أحدهما من ذهب، والثاني من فضة، يرده المؤمنون من أمة محمد، ومن يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً، وكل هذا ثابت في الصحيحين أو أحدهما(197).
وهو موجود الآن لقوله صلى الله عليه وسلم: "وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن" رواه البخاري(198).
واستمداده من الكوثر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "وأعطاني الكوثر وهو نهر في الجنة يسيل في حوض". رواه أحمد(199). قال ابن كثير: وهو حسن الإسناد والمتن.
ولكل نبي حوض، ولكن حوض النبي صلى الله عليه وسلم أكبرها وأعظمها وأكثرها واردة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لكل نبي حوضاً، وإنهم ليتباهون أيهم أكثر واردة، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة". رواه الترمذي وقال غريب، وروى ذلك ابن أبي الدنيا وابن ماجه من حديث أبي سعيد، وفيه ضعف لكن صححه بعضهم من أجل تعدد الطرق(200).



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 04:28 AM   #8
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


(الصراط)
الصراط لغة: الطريق.
وشرعاً: الجسر الممدود على جهنم ليعبر الناس عليه إلى الجنة.
وهو ثابت بالكتاب، والسنة وقول السلف.
قال الله تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا)(201). فسرها عبد الله بن مسعود، وقتادة، وزيد بن أسلم بالمرور على الصراط.
وفسرها جماعة، منهم ابن عباس بالدخول في النار لكن ينجون منها.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون: اللهم سلم سلم" متفق عليه(202).
واتفق أهل السنة على إثباته.
صفة الصراط:
سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصراط فقال: "مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب، وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء، تكون بنجد، يقال لها: السعدان" رواه البخاري(203). وله من حديث أبي هريرة: "وبه كلاليب مثل شوك السعدان، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله يخطف الناس بأعمالهم"(204). وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: بلغني أنه أدق من الشعر، وأحد من السيف. وروى الإمام أحمد نحوه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً(205).
العبور على الصراط وكيفيته:
لا يعبر الصراط إلا المؤمنون على قدر أعمالهم لحديث أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: "فيمر المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم، ومخدوش مرسل ومكدوس في جهنم" متفق عليه(206). وفي صحيح مسلم: "تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: يا رب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفاً"(207). وفي صحيح البخاري: "حتى يمر آخرهم يسحب سحباً"(208).
وأول من يعبر الصراط من الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، ومن الأمم أمته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعاء الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم" رواه البخاري(209).

الجنة والنار

الجنة لغة: البستان الكثير الأشجار.
وشرعاً: الدار التي أعدها الله في الآخرة للمتقين.
والنار لغة: معروفة.
وشرعاً: الدار التي أعدها الله في الآخرة للكافرين.
وهما مخلوقتان الآن لقوله تعالى في الجنة: (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)(210). وفي النار: (أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين)(211). والإعداد: التهيئة. ولقوله صلى الله عليه وسلم حين صلى صلاة الكسوف: "إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقوداً ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أر كاليوم منظراً قط أفظع" متفق عليه(212).
والجنة والنار لا تفنيان لقوله: (جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)(213). والآيات في تأبيد الخلود في الجنة كثيرة وأما في النار فذكر في ثلاثة مواضع في النساء (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً* إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)(214).وفي الأحزاب:(إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً* خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)(215).وفي الجن:(وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)(216) . وقال الله تعالى: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ* لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ)(217).

مكان الجنة والنار:
الجنة في أعلى عليين لقوله تعالى: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ)(218) وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب المشهور في قصة فتنة القبر: "فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض"(219).
والنار في أسفل سافلين لقوله تعالى: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ)(220). وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب السابق: "فيقول الله تعالى: اكتبوا كتاب عبدي في سجين في الأرض السفلى".
أهل الجنة وأهل النار:
أهل الجنة كل مؤمن تقي لأنهم أولياء الله، قال الله تعالى في الجنة: (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)(221). (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ)(222).
وأهل النار كل كافر شقي، قال الله تعالى في النار: (أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)(223). (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ)(224).
ذبح الموت:
الموت زوال الحياة، وكل نفس ذائقة الموت، وهو أمر معنوي غير محسوس بالرؤية، ولكن الله تعالى يجعله شيئاً مرئياً مجسماً ويذبح بين الجنة والنار؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي منادٍ: يا أهل الجنة، فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت وكلهم قد رآه، ثم ينادي: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت. وكلهم قد رآه. فيذبح. ثم يقول: يا أهل الجنة، خلود فلا موت، ويا أهل النار، خلود فلا موت". ثم قرأ: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)(225). أخرجه البخاري في تفسير هذه الآية(226)، وروى نحوه في صفة الجنة والنار من حديث ابن عمر مرفوعا(227)ً.


(125) سورة البقرة، الآية: 119.
(126) سورة الإسراء، الآية: 1.
(127) سورة النجم، الآيتان: 1 - 2.
(128) سورة النجم، الآية: 18.
(129) رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء (3407)، ومسلم، كتاب الفضائل (2372).
(130) سورة محمد، الآية: 18.
(131) "صحيح مسلم"، كتاب المساجد (590).
(133) روى أبو داود جزءاً منه في كتاب الملاحم (4319)، وأحمد (4/441)، وروى مسلم جزءاً آخر في ضمن الحديث الطويل للنواس بن سمعان، كتاب الفتن (2937). وكذلك الترمذي، كتاب الفتن (2240).
(134) سورة النساء، الآية: 159.
(135) رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء (3448)،ومسلم، كتاب الإيمان (155).
(136) انظر: "صحيح البخاري" كتاب أحاديث الأنبياء (3448)، ومسلم، كتاب الإيمان (155)، وكتاب الحج (1252)، وكتب الفتن (2937).
(137) سنن أبي داود، كتاب الملاحم (4324)، ومسند أحمد (2/406)، وصححه الألباني.
(138) ذكره الترمذي في كتاب المناقب (3617)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (1/263)، وقال: هذا لا يصح عندي.
(139) سورة الكهف، الآيتان: 93، 94.
(140) "صحيح البخاري"، كتاب الرقاق (6530)، و "مسلم"، كتاب الإيمان (222).
(141) رواه البخاري، كتاب الفتن (7135)، ومسلم، كتاب الفتن (2880).
(142) سورة الأنبياء، الآيتان: 96، 97.
(143) "صحيح مسلم"، كتاب الفتن (2901).
(144) "صحيح مسلم"، كتاب الفتن (2937).
(145) سورة النمل، الآية: 82.
(146) تقدم تخريجه.
(147) سورة الأنعام، الآية: 158.
(148) رواه البخاري، كتاب التفسير (4636)، ومسلم، كتاب الإيمان (157).
(149) سورة إبراهيم، الآية: 27.
(150) سورة إبراهيم، الآية: 27.
(151) رواه البخاري، كتاب الجنائز (1369)، كتاب الجنة (2871).
(152) "صحيح مسلم" كتاب الجنة (2870)، ورواه البخاري، كتاب الجنائز (1338).
(153) سنن الترمذي، كتاب الجنائز (1071).
(154) وهو أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: "كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة". سنن النسائي، كتاب الجنائز (2053).
(155) وهو عن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه. وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان". صحيح مسلم، كتاب الجهاد (1913).
(156) سورة الواقعة، الآيتان: 83، 84.
(157) سورة الواقعة، الآيات: 87 - 89.
(158) مسند أحمد (4/287)، وأبو داود، كتاب السنة (4753)، وصححه الألباني.
(159) سورة الزمر، الآية: 68.
(160) سورة يس، الآية: 51.
(161) "صحيح مسلم"، كتاب الفتن (2940).
(162) سورة التغابن، الآية: 7.
(163) سورة الواقعة، الآيتان: 49، 50.
(164) رواه البخاري، كتاب الرقاق (6521)، ومسلم، كتاب صفة القيامة (2790).
(165) سورة الأنبياء، الآية: 104.
(166) سورة الأنبياء، الآية: 104.
(167) رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء (3349)، ومسلم، كتاب الجنة (2860).
(168) مسند أحمد (3/495).
(169) سورة البقرة، الآية: 255.
(170) رواه مسلم، كتاب الإيمان (185)، وابن ماجه، كتاب الزهد (4309)، وأحمد (3/11، 25، 79).
(171) رواه البخاري، كتاب التوحيد (7439)، ومسلم، كتاب الإيمان (183).
(172) سورة البقرة، الآية: 255.
(173) سورة الأنبياء، الآية: 28.
(174) سورة المدثر، الآية: 48.
(175) رواه البخاري، كتاب مناقب الأنصار (3883)، ومسلم، كتاب الإيمان (209).
(176) سورة الغاشية، الآيتان: 25، 26.
(177) "مسند أحمد" (6/48).
(178) رواه البخاري، كتاب المظالم (2441)، ومسلم، كتاب التوبة (2768).
(179) رواه البخاري، كتاب الطب (5704)، ومسلم، كتاب الإيمان (220).
(180) رواه أحمد بلفظ: "ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفاً" (5/280، 281).
(181) هذا اللفظ في مسلم، كتاب الجمعة (856)، وفي البخاري، كتاب الجمعة (876)، ومسلم، كتاب الجمعة (855)، بلفظ: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب قبلنا".
(182) "سنن ابن ماجه"، كتاب الزهد (4290) صححه الألباني.
(183) رواه الترمذي، كتاب الصلاة (413)، والنسائي، كتاب الصلاة (467)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة (1426).
(184) رواه البخاري، كتاب الرقاق (6533)، ومسلم، كتاب القسامة (1678).
(185) سورة المؤمنون، الآيتان: 102، 103.
(186) سورة الأنبياء، الآية: 47.
(187) رواه البخاري، كتاب التوحيد (7563)، ومسلم، كتاب الذكر (2694).
(188) سنن الترمذي، كتاب الإيمان (2639)، ومسلم، كتاب الزهد (4300).
(189) سورة الكهف، الآية: 105.
(190) رواه البخاري، كتاب التفسير (4729)، ومسلم، كتاب صفة القيامة (2785).
(191) سورة الانشقاق، الآيات: 7 - 12.
(192) سورة الحاقة، الآية: 25.
(193) رواه أبو داود، كتاب السنة (4755)، والحاكم (4/578).
(194) سورة الحاقة، الآية: 19.
(195) سورة الحاقة، الآيتان: 25، 26.
(196) رواه البخاري، كتاب الرقاق (6583)، ومسلم كتاب الفضائل (2290).
(197) "صحيح البخاري"، كتاب الرقاق (6579، 6580)، و "صحيح مسلم"، كتاب الفضائل (2300، 2301).
(198) صحيح البخاري، كتاب الجنائز (1344).
(199) "مسند أحمد" (5/393).
(200) رواه الترمذي، كتاب صفة القيامة (2443).
(201) سورة مريم، الآية: 71.
(202) رواه البخاري، كتاب التوحيد، (7439)، ومسلم، كتاب الإيمان (183).
(203) "صحيح البخاري"، كتاب التوحيد (7439)، و "مسلم"، كتاب الإيمان (183).
(204) رواه البخاري، كتاب الرقاق (6573).
(205) "صحيح مسلم"، كتاب الإيمان (183)، و "مسند أحمد" (6/110).
(206) رواه البخاري، كتاب التوحيد (7439)، ومسلم، كتاب الإيمان (183).
(207) "صحيح مسلم"، كتاب الإيمان (195).
(208) "صحيح البخاري"، كتاب التوحيد (7439).
(209) رواه البخاري، كتاب التوحيد (7437).
(210) سورة آل عمران، الآية: 133.
(211) سورة البقرة، الآية: 24.
(212) رواه البخاري، كتاب الكسوف (70)، ومسلم، كتاب صلاة الكسوف (907).
(213) سورة البينة، الآية: 8.
(214) سورة النساء، الآيتان: 168، 169.
(215) سورة الأحزاب، الآيتان: 64، 65.
(216) سورة الجن، الآية: 23.
(217) سورة الزخرف، الآيتان: 74، 75.
(218) سورة المطففين، الآية: 18.
(219) رواه أحمد (4/287، 288).
(220) سورة المطففين، الآية: 7.
(221) سورة آل عمران، الآية: 133.
(222) سورة الحديد، الآية: 21.
(223) سورة البقرة، الآية: 24.
(224) سورة هود، الآية: 106.
(225) سورة مريم، الآية: 39.
(226) "صحيح البخاري"، كتاب التفسير (4730).
(227) "صحيح البخاري"، كتاب الرقاق (6548).


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 04:30 AM   #9
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


فصل في حقوق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
أفضل الخلق عند الله الرسل، ثم النبيون، ثم الصديقون، ثم الشهداء، ثم الصالحون. وقد ذكر الله هذه الطبقات في كتابه في قوله: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً)(230).
وأفضل الرسل أولوا العزم منهم، وهم خمسة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلوات من الله والتسليم، وقد ذكرهم الله في موضعين من كتابه في "الأحزاب": (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَم)(231). وفي "الشورى": (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى)(232).
وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد الناس يوم القيامة" متفق عليه(233)، وصلاتهم خلفه ليلة المعراج وغير ذلك من الأدلة.
ثم إبراهيم؛ لأنه أبو الأنبياء وملته أصل الملل، ثم موسى؛ لأنه أفضل أنبياء بني إسرائيل وشريعته أصل شرائعهم، ثم نوح وعيسى لا يجزم بالمفاضلة بينهما لأن لكل منهما مزية.

خصائص النبي صلى الله عليه وسلم


اختص النبي صلى الله عليه وسلم بخصائص نتكلم على ما ذكر المؤلف منها:
1- خاتم النبيين؛ لقوله تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)(234).
2- سيد المرسلين وسبق دليله.
3- لا يتم إيمان عبد حتى يؤمن برسالته؛ لقوله تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ)(235). وغيره من الأنبياء يبعثون إلى أقوام معينين كل إلى قومه.
4- لا يقضى بين الناس إلا بشفاعته، وسبق دليل ذلك في الشفاعة.
5- سبق أمته الأمم في دخول الجنة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة". وسبق.
6- صاحب لواء الحمد، يحمله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ويكون الحامدون تحته، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذٍ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر" رواه الترمذي(236)، وقد روى الأولى والأخيرة مسلم(237).
7- صاحب المقام المحمود، أي: العمل الذي يحمده عليه الخالق والمخلوق؛ لقوله تعالى: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً)(238). وهذا المقام هو ما يحصل من مناقبه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة من الشفاعة وغيرها.
8- صاحب الحوض المورود، والمراد الحوض الكبير الكثير واردوه، أما مجرد الحياض فقد مر أن لكل نبي حوضاً.
9- 11 إمام النبيين، وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم؛ لحديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم غير فخر". رواه الترمذي وحسنه(239).
12- أمته خير الأمم؛ لقوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاس)(240). فأما قوله تعالى: (يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ)(241). فالمراد عالمي زمانهم.

فضائل الصحابة


الصحابي من اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك.
وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أفضل أصحاب الأنبياء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني". الحديث رواه البخاري وغيره(242).
وأفضل الصحابة المهاجرون لجمعهم بين الهجرة والنصرة، ثم الأنصار.
وأفضل المهاجرين الخلفاء الأربعة الراشدون: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم.
فأبو بكر هو الصديق عبد الله بن عثمان بن عامر من بني تيم بن مرة بن كعب، أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال وصاحبه في الهجرة، ونائبه في الصلاة والحج، وخليفته في أمته، اسلم على يديه خمسة من المبشرين بالجنة عثمان، والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، توفي في جمادى الآخرة سنة 13هـ عن 63 سنة وهؤلاء الخمسة مع أبي بكر، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، هم الثمانية الذين سبقوا الناس بالإسلام قاله ابن إسحاق يعني من الذكور بعد الرسالة.
وعمر هو أبو حفص الفاروق عمر بن الخطاب من بني عدي بن كعب بن لؤي، أسلم في السنة السادسة من البعثة بعد نحو أربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة، ففرح المسلمون به وظهر الإسلام بمكة بعده. استخلفه أبو بكر على الأمة فقام بأعباء الخلافة خير قيام إلى أن قتل شهيداً في ذي الحجة سنة 23هـ عن 63 سنة.
وعثمان هو أبو عبد الله ذو النورين عثمان بن عفان من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم كان غنياً سخياً، تولى الخلافة بعد عمر بن الخطاب باتفاق أهل الشورى إلى أن قتل شهيداً في ذي الحجة سنة 35هـ عن 90 سنة على أحد الأقوال.
وعلي وهو أبو الحسن علي بن أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب، أول من أسلم من الغلمان، أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية يوم خيبر ففتح الله على يديه، وبويع بالخلافة بعد قتل عثمان رضي الله عنهما، فكان هو الخليفة شرعاً إلى أن قتل شهيداً في رمضان سنة 40هـ عن 63 سنة.
وأفضل هؤلاء الأربعة أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: "كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان" رواه البخاري(243) ولأبي داود:(244) "كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي: أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان" زاد الطبراني في رواية: "فيسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره". هذا ولم أجد اللفظ ذكره المؤلف بزيادة علي بن أبي طالب.
وأحقهم بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنه؛ لأنه أفضلهم وأسبقهم إلى الإسلام، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قدمه في الصلاة، ولأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على تقديمه ومبايعته ولا يجمعهم الله على ضلالة، ثم عمر رضي الله عنه لأنه أفضل الصحابة بعد أبي بكر، ولأن أبا بكر عهد بالخلافة إليه، ثم عثمان رضي الله عنه لفضله، وتقديم أهل الشورى له وهم المذكورون في هذا البيت.
علي وعثمان وسعد وطلحة زبير وذو عوف رجال المشورة
ثم علي رضي الله عنه لفضله، وإجماع أهل عصره عليه.
وهؤلاء الأربعة هم الخلفاء الراشدون المهديون الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ"(245).
وقال: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة". رواه أحمد وأبو داود والترمذي(246). قال الألباني: وإسناده حسن. فكان آخرها خلافة علي، هكذا قال المؤلف وكأنه جعل خلافة الحسن تابعة لأبيه، أو لم يعتبرها حيث إنه رضي الله عنه تنازل عنها.
فخلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتان وثلاثة أشهر وتسع ليال من 13 ربيع الأول سنة 11هـ إلى 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ.
وخلافة عمر رضي الله عنه عشر سنوات وستة أشهر وثلاثة أيام من 23 جمادى الآخرة سنة 13هـ إلى 26 ذي الحجة سنة 23هـ .
وخلافة عثمان رضي الله عنه أثنتا عشرة سنة إلا اثني عشر يوماً من 1 محرم سنة 24هـ إلى 18 ذي الحجة سنة 35هـ.
وخلافة علي رضي الله عنه أربع سنوات وتسعة أشهر من 19 ذي الحجة سنة 35هـ إلى 19 رمضان سنة 40هـ.
فمجموع خلافة هؤلاء الأربعة تسع وعشرون سنة وستة أشهر وأربعة أيام.
ثم بويع الحسن بن علي رضي الله عنهما يوم مات أبوه علي رضي الله عنه، وفي ربيع الأول سنة 41هـ سلم الأمر إلى معاوية وبذلك ظهرت آية النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة" وقوله في الحسن: "إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين". رواه البخاري(247).
الشهادة بالجنة أو النار:
الشهادة بالجنة أو النار ليس للعقل فيها مدخل فهي موقوفة على الشرع، فمن شهد له الشارع بذلك شهدنا له، ومن فلا فلا، لكننا نرجو للمحسن، ونخاف على المسيء.
وتنقسم الشهادة بالجنة أو النار إلى قسمين عامة وخاصة.
فالعامة هي المعلقة بالوصف مثل أن نشهد لكل مؤمن بأنه في الجنة أو لكل كافر بأنه في النار، أو نحو ذلك من الأوصاف التي جعلها الشارع سبباً لدخول الجنة أو النار.
والخاصة هي المعلقة بشخص مثل أن نشهد لشخص معين بأنه في الجنة، أو لشخص معين بأنه في النار فلا نعين إلا ما عينه الله أو رسوله.
المعينون من أهل الجنة:
المعينون من أهل الجنة كثيرون ومنهم: العشرة المبشرون بالجنة وخصوا بهذا الوصف لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمعهم في حديث واحد فقال: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة". رواه الترمذي وصححه الألباني(248).
وقد سبق الكلام على الخلفاء الأربعة، وأما الباقون فجمعوا في هذا البيت:
سعيد وسعد وابن عوف وطلحة وعامر فحصر والزبير الممدح
فطلحة هو ابن عبيد الله من بني تميم بن مرة، أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام، قتل يوم الجمل في جمادى الآخرة سنة 36هـ عن 64 سنة.
والزبير هو ابن العوام من بني قصي بن كلاب ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، انصرف يوم الجمل عن قتال علي فلقيه ابن جرموز فقتله في جمادى الأولى سنة 36هـ عن 67 سنة.
وعبد الرحمن بن عوف من بني زهرة بن كلاب، توفي سنة 32هـ عن 72 سنة ودفن بالبقيع.
وسعد بن أبي وقاص، هو ابن مالك من بني عبد مناف ابن زهرة، أول من رمى بسهم في سبيل الله، مات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة ودفن بالبقيع سنة 55هـ عن 82 سنة.
وسعيد بن زيد، هو ابن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي، كان من السابقين إلى الإسلام، توفي بالعقيق ودفن بالمدينة سنة 51هـ عن بضع وسبعين سنة.
أبو عبيده هو عامر بن عبد الله بن الجراح من بني فهر، من السابقين إلى الإسلام توفي في الأردن في طاعون عمواس سنة 18هـ عن 58 سنة.
وممن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة الحسن، والحسين، وثابت بن قيس.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة". رواه الترمذي، وقال حسن صحيح(249).
قال صلى الله عليه وسلم في ثابت بن قيس: "إنك لست من أهل النار، ولكنك من أهل الجنة" رواه البخاري(250).
فالحسن سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، وهو أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ولد في 15 رمضان سنة 3هـ، ومات في المدينة ودفن في البقيع في ربيع الأول سنة 50هـ.
والحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، وهو ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولد في شعبان سنة 4هـ، وقتل في كر بلاء في 10 محرم سنة 61هـ.
وثابت وهو ابن قيس بن شماس الأنصاري الخزرجي خطيب الأنصار، قتل شهيداً يوم اليمامة سنة 11هـ في آخرها، أو أول سنة 12هـ.

المعينون من أهل النار في الكتاب والسنة:
من المعينين بالقرآن: أبو لهب عبد العزي بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، وامرأته أم جميل اروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان؛ لقوله تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)(251) إلى آخر السورة.
ومن المعينين بالسنة: أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"أهون أهل النار عذاباً أبو طالب وهو منتعل نعلين يغلي منهما دماغه".رواه البخاري(252).
ومنهم عمرو بن عامر بن لحي الخزاعي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيته يجر أمعاءه في النار". رواه البخاري وغيره(253).
تكفير أهل القبلة بالمعاصي:
أهل القبلة هم المسلمون المصلون إليها، لا يكفرون بفعل الكبائر، ولا يخرجون من الإسلام بذلك، ولا يخلدون في النار؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)(254) إلى قوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)(255). فأثبت الأخوة الإيمانية مع القتال وهو من الكبائر، ولو كان كفراً لانتفت الأخوة الإيمانية.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجوه". يعني من النار. متفق عليه(256).
وخالف في هذا طائفتان:
الأولى: الخوارج قالوا: فاعل الكبيرة كافر خالد في النار.
الثانية: المعتزلة قالوا: فاعل الكبيرة خارج عن الإيمان ليس بمؤمن ولا كافر في منزلة بين منزلتين وهو خالد في النار.
ونرد على الطائفتين بما يلي:
1- مخالفتهم نصوص الكتاب، والسنة.
2- مخالفتهم لإجماع السلف.

حقوق الصحابة رضي الله عنهم

للصحابة رضي الله عنهم فضل عظيم على هذه الأمة حيث قاموا بنصرة الله، ورسوله، والجهاد في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، وحفظ دين الله بحفظ كتابه، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، علماً، وعملاً، وتعليماً حتى بلغوه الأمة نقياً طرياً.
وقد أثنى الله عليهم في كتابه أعظم ثناء حيث يقول في سورة الفتح: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً)(257). إلى آخر السورة.
وحمى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمى كرامتهم حيث يقول صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي، فالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه". متفق عليه(258). فحقوقهم على الأمة من أعظم الحقوق، فلهم على الأمة:
1- محبتهم بالقلب، والثناء عليهم باللسان بما أسدوه من المعروف والإحسان.
2- الترحم عليهم، والاستغفار لهم تحقيقاً لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)(259).
3- الكف عن مساوئهم التي إن صدرت عن أحد منهم فهي قليلة بالنسبة لما لهم من المحاسن والفضائل، وربما تكون صادرة عن اجتهاد مغفور وعمل معذور لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي". الحديث.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 15 Mar 2010, 04:30 AM   #10
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


حكم سب الصحابة


سب الصحابة على ثلاثة أقسام:
الأول: أن يسبهم بما يقتضي كفر أكثرهم، أو أن عامتهم فسقوا، فهذا كفر؛ لأنه تكذيب لله ورسوله بالثناء عليهم والترضي عنهم، بل من شك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين؛ لأن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب أو السنة كفار، أو فساق.
الثاني: أن يسبهم باللعن والتقبيح، ففي كفره قولان لأهل العلم، وعلى القول بأنه لا يكفر يجب أن يجلد ويحبس حتى يموت أو يرجع عما قال.
الثالث: أن يسبهم بما لا يقدح في دينهم كالجبن والبخل فلا يكفر، ولكن يعزر بما يردعه عن ذلك، ذكر معنى ذلك شيخ الإسلام ابن تيميه في كتاب "الصارم المسلول"، ونقل عن أحمد (ص573) قوله: "لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب أو نقص، فمن فعل ذلك أدب، فإن تاب وإلا جلد في الحبس حتى يموت أو يرجع".

حقوق زوجات النبي صلى الله عليه وسلم


زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، زوجاته في الدنيا والآخرة، وأمهات المؤمنين، ولهن من الحرمة والتعظيم ما يليق بهن كزوجات لخاتم النبيين فهن من آل بيته طاهرات، مطهرات، طيبات، مطيبات، بريئات، مبرآت من كل سوء يقدح في أعراضهن وفرشهن، فالطيبات للطيبين، والطيبون للطيبات، فرضي الله عنهن وأرضاهن أجمعين، وصلى الله وسلم على نبيه الصادق الأمين.

زوجاته صلى الله عليه وسلم اللاتي كان فراقهن بالوفاة وهن:
1- خديجة بنت خويلد أم أولاده - ما عدا إبراهيم - تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد زوجين: الأول عتيق بن عابد. والثاني أبو هالة التميمي ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم عليها حتى ماتت سنة 10 من البعثة قبل المعراج.
2- عائشة بنت أبي بكر الصديق، أريها صلى الله عليه وسلم في المنام مرتين أو ثلاثاً. وقيل: هذه امرأتك(260)، فعقد عليها ولها ست سنين بمكة ودخل عليها في المدينة ولها تسع سنين، توفيت سنة 58هـ.
3- سودة بنت زمعة العامرية، تزوجها بعد زوج مسلم هو السكران بن عمرو أخو سهيل بن عمرو، توفيت آخر خلافة عمر وقيل سنة 54هـ.
4- حفصة بنت عمر بن الخطاب، تزوجها صلى الله عليه وسلم بعد زوج مسلم هو خنيس بن حذافة الذي قتل في أحد، وماتت سنة 41هـ.
5- زينب بنت خزيمة الهلالية أم المساكين، تزوجها بعد استشهاد زوجها عبد الله بن جحش في أحد، وماتت سنة 4هـ بعد زواجها بيسير.
6- أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية، تزوجها بعد موت زوجها أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد من جراحة أصابته في أحد، وماتت سنة 61هـ .
7- زينب بنت جحش الأسدية بنت عمته صلى الله عليه وسلم، تزوجها بعد مولاه زيد بن حارثة سنة 5هـ، وماتت سنة 20هـ.
8- جويرية بنت الحارث الخزاعية، تزوجها بعد زوجها مسافع بن صفوان وقيل: مالك بن صفوان سنة 6هـ، وماتت سنة 56هـ.
9- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، تزوجها بعد زوج أسلم ثم تنصر هو عبيد الله بن جحش، وماتت في المدينة في خلافة أخيها سنة 44هـ.
10- صفية بنت حيي بن أخطب من بني النضير من ذرية هارون بن عمران صلى الله عليه وسلم، أعتقها وجعل عتقها صداقها بعد زوجين أولهما سلام بن مشكم. والثاني كنانة بن أبي الحقيق بعد فتح خيبر سنة 6هـ، وماتت سنة 50هـ.
11- ميمونة بنت الحارث الهلالية، تزوجها سنة 7هـ في عمرة القضاء بعد زوجين: الأول ابن عب ياليل والثاني أبورهم بن عبد العزي، بنى بها في سرف، وماتت فيه سنة 51هـ.
فهذه زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، اللاتي كان فراقهن بالوفاة، اثنتان توفيتا قبله وهما: خديجة، وزينب بنت خزيمة، وتسع توفي عنهن وهن البواقي.
وبقي اثنتان لم يدخل بهما، ولا يثبت لهما من الأحكام والفضيلة ما يثبت للسابقات وهما:
1- أسماء بنت النعمان الكندية تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ثم فارقها، واختلف في سبب الفراق، فقال ابن إسحاق: إنه وجد في كشحها بياضاً ففارقها فتزوجها بعده المهاجر بن أبي أمية.
2- أميمة بنت النعمان بن شراحيل الجونية وهي التي قالت: "أعوذ بالله منك" ففارقها والله أعلم.
وأفضل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم خديجة، وعائشة رضي الله عنهما، ولكل منهما مزية على الأخرى، فلخديجة في أول الإسلام ما ليس لعائشة من السبق والمؤازرة، والنصرة، ولعائشة في آخر الأمر ما ليس لخديجة من نشر العلم، ونفع الأمة، وقد برأها الله مما رماها به أهل النفاق من الإفك في سورة النور.

قذف أمهات المؤمنين


قذف عائشة بما برأها الله منه كفر؛ لأنه تكذيب للقرآن، وفي قذف غيرها من أمهات المؤمنين قولان لأهل العلم: أصحهما أنه كفر؛ لأنه قدح في النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الخبيثات للخبيثين.

معاوية بن أبي سفيان
هو أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب، ولد قبل البعثة بخمسين سنة، وأسلم عام الفتح وقيل: أسلم بعد الحديبية وكتم إسلامه، ولاه عمر الشام واستمر عليه، وتسمى بالخلافة بعد الحكمين عام 37هـ، واجتمع الناس عليه بعد تنازل الحسن بن علي سنة 41هـ، كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن جملة كتاب الوحي، توفي في رجب سنة 60هـ عن 78 سنة. وإنما ذكره المؤلف وأثنى عليه للرد على الروافض الذين يسبونه ويقدحون فيه، وسماه خال المؤمنين لأنه أخو أم حبيبة إحدى أمهات المؤمنين، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه في منهاج السنة ص199 ج2 نزاعاً بين العلماء: هل يقال لإخوة أمهات المؤمنين أخوال المؤمنين أم لا؟

الخلافة

الخلافة منصب كبير، ومسؤولية عظيمة، وهي تولي تدبير أمور المسلمين بحيث يكون هو المسؤول الأول في ذلك، وهي فرض كفاية؛ لأن أمور الناس لا تقوم إلا بها.
وتحصل الخلافة بواحد من أمور ثلاثة:
الأول: النص عليه من الخليفة السابق، كما في خلافة عمر بن الخطاب فإنها بنص من أبي بكر رضي الله عنه.
الثاني: اجتماع أهل الحل والعقد سواء كانوا معينين من الخليفة السابق كما في خلافة عثمان رضي الله عنه، فإنها باجتماع من أهل الحل والعقد المعينين من قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أم غير معينين كما في خلافة أبي بكر رضي الله عنه على أحد الأقوال، وكما في خلافة علي رضي الله عنه.
الثالث: القهر والغلبة كما في خلافة عبد الملك بن مروان حين قتل ابن الزبير وتمت الخلافة له.

حكم طاعة الخليفة


طاعة الخليفة وغيره من ولاة الأمور واجبة في غير معصية الله لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)(261).
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "السمع والطاعة على المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة". متفق عليه(262).
وسواء كان الإمام براً وهو القائم بأمر الله فعلاً وتركاً، أو فاجراً وهو الفاسق لقوله صلى الله عليه وسلم: "إلا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعة"(263). رواه مسلم.
والحج والجهاد مع الأئمة ماضيان نافذان، وصلاة الجمعة خلفهم جائزة سواء كانوا أبراراً أو فجاراً؛ لأن مخالفتهم في ذلك توجب شق عصا المسلمين والتمرد عليهم.
والحديث الذي ذكره المؤلف "ثلاث من أصل الإيمان..." إلخ ضعيف كما رمز له السيوطي في الجامع الصغير، وفيه راو قال المزي: إنه مجهول. وقل المنذري في مختصر أبي داود: شبه مجهول.
والثلاث الخصال المذكورة فيه هي: "الكف عمن قال: لا إله إلا الله" والثانية: "الجهاد ماض" إلخ. والثالثة: "الإيمان بالاقدار".
والخروج على الإمام محرم لقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا، ومكرهنا، وعسرنا، ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان". متفق عليه(264).
وقال صلى الله عليه وسلم: "يكون عليكم أمراء تعرفون وتنكرون، فمن أنكر فقد برئ، ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع" قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: "لا، ما صلوا. لا، ما صلوا". أي من كره بقلبه وأنكر بقلبه. رواه مسلم(265).
ومن فوائد الحديثين أن ترك الصلاة كفر بواح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجز الخروج على الأئمة إلا بكفر بواح، وجعل المانع من قتالهم فعل الصلاة، فدل على أن تركها مبيح لقتالهم، وقتالهم لا يباح إلا بكفر بواح كما في حديث عبادة.

هجران أهل البدع

الهجران مصدر هجر وهو لغة: الترك.
والمراد بهجران أهل البدع: الابتعاد عنهم، وترك محبتهم، وموالاتهم، والسلام عليهم، وزيارتهم، وعيادتهم، ونحو ذلك.
وهجران أهل البدع واجب؛ لقوله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَه)(266). ولأن النبي صلى الله عليه وسلم هجر كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلفوا عن غزوة تبوك.
لكن إن كان في مجالستهم مصلحة لتبيين الحق لهم وتحذيرهم من البدعة فلا بأس بذلك، وربما يكون ذلك مطلوباً؛ لقوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(267). وهذا قد يكون بالمجالسة، والمشافهة، وقد يكون بالمراسلة، والمكاتبة، ومن هجر أهل البدع: ترك النظر في كتبهم خوفاً من الفتنة بها، أو ترويجها بين الناس، فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب لقوله صلى الله عليه وسلم في الدجال: "من سمع به فلينأ عنه، فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات". رواه أبو داود(268). قال الألباني: وإسناده صحيح.
لكن إن كان الغرض من النظر في كتبهم معرفة بدعتهم للرد عليها فلا بأس بذلك لمن كان عنده من العقيدة الصحيحة ما يتحصن به وكان قادراً على الرد عليهم، بل ربما كان واجباً؛ لأن رد البدعة واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

الجدال والخصام في الدين

الجدال: مصدر جادل، والجدل منازعة الخصم للتغلب عليه، وفي القاموس الجدل: اللد في الخصومة، والخصام: المجادلة فهما بمعنى واحد.
وينقسم الخصام والجدال في الدين إلى قسمين:
الأول: أن يكون الغرض من ذلك إثبات الحق وإبطال الباطل، وهذا مأمور به إما وجوباً، أو استحباباً بحسب الحال؛ لقوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(269).
الثاني: أن يكون الغرض منه التعنيت، أو الانتصار للنفس، أو للباطل فهذا قبيح منهي عنه؛ لقوله تعالى: (مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا)(270). وقوله: (وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَاب)(271).

علامة أهل البدع وذكر بعض طوائفهم:
لأهل البدع علامات منها:
1- أنهم يتصفون بغير الإسلام والسنة، بما يحدثونه من البدع القولية، والفعلية، والعقيدية.
2- أنهم يتعصبون لآرائهم، فلا يرجعون إلى الحق وإن تبين لهم.
3- أنهم يكرهون أئمة الإسلام والدين.
ومن طوائفهم:
1- الرافضية: وهم الذين يغلون في آل البيت ويكفرون من عداهم من الصحابة، أو يفسقونهم، وهم فرق شتى فمنهم الغلاة الذين ادعوا أن علياً إله، ومنهم دون ذلك.
وأول ما ظهرت بدعتهم في خلافة علي بن أبي طالب حين قال له عبد الله بن سبأ: أنت الإله، فأمر علي - رضي الله عنه - بإحراقهم وهرب زعيمهم عبد الله بن سبأ إلى المدائن.
ومذهبهم في الصفات مختلف: فمنهم المشبه، ومنهم المعطل، ومنهم المعتدل.
وسموا رافضة لأنهم رفضوا زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب حين سألوه عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فترحم عليهما فرفضوه وأبعدوا عنه.
وسموا أنفسهم شيعة؛ لأنهم يزعمون أنهم يتشيعون لآل البيت وينتصرون لهم ويطالبون بحقهم في الإمامة.
2- الجهمية: نسبة إلى الجهم بن صفوان الذي قتله سالم أو سلم بن أحوز سنة 121هـ.
مذهبهم في الصفات التعطيل، والنفي، وفي القدر القول بالجبر، وفي الإيمان القول بالإرجاء وهو أن الإيمان مجرد الإقرار بالقلب وليس القول والعمل من الإيمان، ففاعل الكبيرة عندهم مؤمن كامل الإيمان فهم معطلة، جبرية، مرجئة وهم فرق كثيرة.
3- الخوارج: وهم الذين خرجوا لقتال علي بن أبي طالب بسبب التحكيم.
مذهبهم التبرؤ من عثمان، وعلي، والخروج على الإمام إذا خالف السنة وتكفير فاعل الكبيرة، وتخليده في النار، وهم فرق عديدة.
4- القدرية: وهم الذين يقولون بنفي القدر عن أفعال العبد، وأن للعبد إرادة وقدرة مستقلين عن إرادة الله وقدرته، وأول من أظهر القول به معبد الجهني في أواخر عصر الصحابة تلقاه عن رجل مجوسي في البصرة.
وهم فرقتان غلاة، وغير غلاة، فالغلاة ينكرون علم الله، وإرادته، وقدرته، وخلقه لأفعال العبد وهؤلاء انقرضوا أو كادوا. وغير الغلاة يؤمنون بأن الله عالم بأفعال العباد، لكن ينكرون وقوعها بإرادة الله، وقدرته، وخلقه، وهو الذين استقر عليه مذهبهم.
5- المرجئة: وهم الذين يقولون بإرجاء العمل عن الإيمان أي تأخيره عنه فليس العمل عندهم من الإيمان، والإيمان مجرد الإقرار بالقلب فالفاسق عندهم مؤمن كامل الإيمان وإن فعل ما فعل من المعاصي أو ترك ما ترك من الطاعات، وإذا حكمنا بكفر من ترك بعض شرائع الدين فذلك لعدم الإقرار بقلبه لا لترك هذا العمل، وهذا مذهب الجهمية وهو مع مذهب الخوارج على طرفي نقيض.
6- المعتزلة: أتباع واصل بن عطاء الذي اعتزل مجلس الحسن البصري، وقرر أن الفاسق في منزلة بين منزلتين لا مؤمن ولا كافر، وهو مخلد في النار، وتابعه في ذلك عمرو بن عبيد.
ومذهبهم في الصفات التعطيل كالجهمية، وفي القدر قدرية ينكرون تعلق قضاء الله وقدره بأفعال العبد، وفي فاعل الكبيرة أنه مخلد في النار وخارج من الإيمان في منزلة بين منزلتين الإيمان والكفر، وهم عكس الجهمية في هذين الأصلين.
7- الكرامية: أتباع محمد بن كرام المتوفى سنة 255هـ يميلون إلى التشبيه، والقول بالإرجاء وهم طوائف متعددة.
8- السالمة: أتباع رجل يقال له ابن سالم، يقولون بالتشبيه.
وهذه هي الطوائف التي ذكرها المؤلف ثم قال: ونظرائهم مثل الأشعرية أتباع الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، كان في أول أمره يميل إلى الاعتزال حتى بلغ الأربعين من عمره، ثم أعلن توبته من ذلك، وبين بطلان مذهب المعتزلة وتمسك بمذهب أهل السنة رحمه الله، أما من ينتسبون إليه فبقوا على مذهب خاص يعرف بمذهب الأشعرية لا يثبتون من الصفات إلا سبعاً زعموا أن العقل دل عليها ويؤولون ما عداها وهي المذكورة في هذا البيت:
حي عليم قدير والكلام لهإرادة وكذاك السمع والبصر
ولهم بدع أخرى في معنى الكلام، والقدر وغير ذلك.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مذكرة شرح كتاب لمعة الاعتقاد أبو سفيان المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 1 26 Jul 2010 10:16 PM
كتاب العلم ... للشيخ محمد العثيمين محمد الغماري المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 62 16 Mar 2010 03:07 AM
شرح العقيدة الواسطية ... للشيخ محمد العثيمين محمد الغماري المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 76 15 Mar 2010 05:46 AM
الكتاب : الخلاف بين العلماء/ للشيخ العلامة :محمد بن صالح بن محمد العثيمين ابومروان الليبي منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 1 22 Sep 2009 06:29 PM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 04:30 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي