اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ : روى الإمام مسلم عن أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن صام رمضان ثم أتبَعَه ستًّا من شوَّال، كان كصيام الدهر))؛ وروى الإمام الطبراني عن عبدالله ابن عمررضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضانَ وأتبعه ستًّا من شوَّالٍ خرج من ذنوبِه كيومِ ولدته أمُّه ) .

اللهم ربنا تقبل منا الصيام والصلاة والقرآن والقيام والدعاء وسائر صالح الأعمال ،وأجعلنا ممن قام ليلة القدر واجعلنا فيها من الفائزين المقبولين وكل عام ونحن وجميع المسلمين في خيرورخاء وصحة وعافية وسعادة وأمن وأمان .


           :: جنوب إفريقيا: شعوذة وسحر لربح مباريات كرة القدم . (آخر رد :ابن الورد)       :: السحر في أمم إفريقيا.. الشرطة تشارك وزملاء يهاجمون بعضهم . (آخر رد :ابن الورد)       :: السحر في الكرة الإفريقية داء أم دواء وهمي ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: رحلتي الخطيرة في إستكشاف السحر الأسود في أدغال أفريقيا - التوجو . (آخر رد :ابن الورد)       :: شاهد عيان .. سحر في أفريقيا . (آخر رد :ابن الورد)       :: السحر والشعوذة تجارة رائجة في أفريقيا . (آخر رد :ابن الورد)       :: قبائل تعيش على السحر الأسود: ترقص مع الشياطين؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: السحر والشعوذة.. على كل شكل ولون في إفريقيا . (آخر رد :ابن الورد)       :: السحر فى أفريقيا.. طريقة لتفسير الحياة والدين والفوز فى مباريات كرة القدم (آخر رد :ابن الورد)       :: حلم (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

طب الأعشاب . علمها وطبها وفوائدها Department of Herbal Medicine. Flag and Dobaa and benefits كل ماجُرب فنفع مع خلو مسؤولية الموقع عن أى وصفة غير معتمدة من قبل المختصين فى الموقع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 04 Apr 2010, 02:20 AM
محمد الغماري
وسام الشرف
محمد الغماري غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5229 يوم
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : محمد الغماري is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء... لأبن القيم



عنوان الكتاب:

الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي

تأليف:

محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

الناشر:

دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان

الأولى، 1405هـ/1985م






الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي



الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي

ص -3- الجواب الكافي لابن قيم الجوزية
بسم الله الرحمن الرحيم:
سئل الشيخ الإمام العالم العلامة المتقن الحافظ الناقد شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ الصالح أبي بكر عرف بابن قيم الجوزية رضي الله عنه ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين في رجل ابتلى ببلية وعلم أنها إن استمرت به أفسدت دنياه وآخرته وقد اجتهد في دفعها عن نفسه بكل طريق فما يزداد إلا توقدا وشدة فما الحيلة في دفعها وما الطريق إلى كشفها فرحم الله من أعان مبتلى "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" أفتونا مأجورين رحمكم الله تعالى.
فكتب الشيخ رضي الله عنه تحت السؤال الجواب الحمد لله أما بعد فقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء"
وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم" لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله".
في مسند الإمام أحمد من حديث أسامة بن شريك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله





ص -4- من جهله" وفي لفظ: "إن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء إلا داء واحدا قالوا: يا رسول الله ما هو قال: الهرم" قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وهذا يعم أدواء القلب والروح والبدن وأدويتها وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الجهل داء وجعل دواءه سؤال العلماء.
فروى أبو داوود في سننه من حديث جابر ابن عبد الله قال: "خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأله أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أُخبر بذلك فقال: قتلوه قتلهم الله! إلا سألوا إذ لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه بخرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده" فأخبر أن الجهل داء وأن شفاءه السؤال وقد أخبر سبحانه عن القرآن أنه شفاء فقال الله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ} وقال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} و"من" هنا لبيان الجنس لا للتبعيض فإن القرآن كله شفاء كما قال في الآية الأخرى فهو شفاء للقلوب من داء الجهل والشك والريب فلم ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أشجع في إزالة الداء من القرآن.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد قال: "انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب





ص -5- فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال: بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا: أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم شيء فقال: بعضهم نعم والله إني لأرقى ولكن والله استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم: اقتسموا فقال الذي رقى لا نفعل حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر بما يأمرنا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك فقال: وما يدريك إنها رقية؟ ثم قال: قد أصبتم اقتسموا واضربوا لى معكم سهما فقد أثر هذا الدواء في هذا الداء وأزاله حتى كأن لم يكن وهو أسهل دواء وأيسره ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تأثيرا عجيبا في الشفاء ومكثت بمكة مدة تعتريني أدواء ولا أجد طبيبا ولا دواء فكنت أعالج نفسي بالفاتحة فأري لها تأثيرا عجيبا فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألما وكان كثير منهم يبرأ سريعا.
ولكن هاهنا أمر ينبغي التفطن له وهو أن الأذكار والآيات أوالأدعية التي يستشفى بها ويرقابها هي في نفسها نافعة شافية ولكن تستدعى قبول المحل وقوة همة الفاعل وتأثيره فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل أو لعدم قبول المنفعل أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة



ص -6- لذلك الدواء وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول فكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام وكان للراقى نفس فعالة وهمة مؤثرة في إزالة الداء.
وكذلك الدعاء فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب ولكن قد يتخلف أثره عنه إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء فيكون بمنزلة القوس الرخو جدا فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا وإما لحصول المانع من الاجابة من أكل الحرام والظلم ورين الذنوب على القلوب واستيلاء الغفلة والشهوة واللهو وغلبتها عليها كما في صحيح الحاكم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أدعو الله وأنتم موقنون بالاجابة"
واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه فهذا دواؤنا نافع مزيل للداء ولكن غفلة القلب عن الله تبطل قوته وكذلك أكل الحرام يبطل قوته ويضعفها كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "أيها الناس إن الله طيب لايقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك" وذكر عبد الله بن أحمد في كتاب الزهد لأبيه "أصاب بني إسرائيل بلاء فخرجوا





ص -7- مخرجا فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة وترفعون الي أكفا قد سفكتم بها الدماء وملأتم بها بيوتكم من الحرام الآن حين اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني الابعدا" وقال ابو ذر: "يكفى من الدعاء البرأ ما يكفى الطعام من الملح"
فصل:
والدعاء من أنفع الأدوية وهو عدو البلأ يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه إذا نزل وهو سلاح المؤمن كما روى الحاكم في صحيحه من حديث على بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والأرض"
وله مع البلاء ثلاث مقامات:
أحدها: أم يكون أقوي من البلاء فيدفعه
الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفا
الثالث: أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه
وقد روي الحاكم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغنى حذر من قدر والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة"
وفيه أيضا من حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدعاء ينفع بما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء"
وفيه أيضا من حديث ثوبان رضي الله عنه عن صلى الله عليه وسلم: "لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"



ص -8- فصل:
ومن أنفع الأدوية الالحاح فى الدعاء:
وقد روى ابن ماجة في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يسأل الله يغضب عليه"
وفي صحيح الحاكم من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "لاتعجزوا فى الدعاء فإنه لايهلك مع الدعاء أحد"




 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]

رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 02:22 AM   #2
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وذكر الاوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب الملحين فى الدعاء"
وفى كتاب الزهد للامام أحمد عن قتادة قال: قال مورق: "ما وجدت للمؤمن مثلا إلا رجل في البحر على خشبة فهو يدعو يا رب يا رب لعل الله عز وجل أن ينجيه"
فصل:
ومن الآفات التى تمنع ترتب أثر الدعاء عليه أن يستعجل العبد ويستبطي الاجابة فيستحسر ويدع الدعاء وهو بمنزلة من بذر بذرا أو غرس غرسا فجعل يتعاهده ويسقيه فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله.
وفى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يستجاب لاحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي".
وفي صحيح مسلم عنه: "لايزال يستجاب للعبد ما لم يدع بأثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل قيل: يا رسول الله ما الاستعجال قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لى فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء"



ص -9- وفي مسند أحمد من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل قالوا: يا رسول الله كيف يستعجل قال: يقول قد دعوت لربي فلم يستجيب لي"
فصل:
وإذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة وهي الثلث الأخير من الليل وعند الأذان وبين الأذان والإقامة وأدبار الصلوات المكتوبات وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم وآخر ساعة من بعد العصر وصادف خشوعا في القلب وانكسارا بين يدي الرب وذلاله وتضرعا ورقة واستقبل الداعي القبلة وكان على طهارة ورفع يديه إلى الله تعالى وبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده صلى الله عليه وسلم ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار ثم دخل على الله وألح عليه في المسألة وتملقه ودعاه رغبة ورهبة وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده وقدم بين يدي دعائه صدقة فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مظنة الإجابة أو أنها متضمنة للاسم الأعظم.
فمنها ما في السنن وفي صحيح ابن حبان من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: "اللهم إني أسالك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن كفوا أحد فقال: لقد سأل الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطي وإذا دعي به أجاب" وفي لفظ "لقد سألت الله باسمه الاعظم"
وفي السنن وصحيح ابن حبان أيضا من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "أنه كان





ص -10- مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلى ثم دعا فقال: اللهم إني أسالك بأن لك الحمد لا إله أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى"
وأخرج الحديثين الإمام أحمد في مسنده
وفى جامع الترمذي من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} وفاتحة آل عمران {آلم اللَّهُ لا إِلَهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
في مسند الإمام أحمد وصحيح الحاكم من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك وربيعة بن عامر رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام" يعنى تعلقوا بها وألزموها وداوموا عليها.
وفي جامع الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه الأمر رفع رأسه إلى السماء وإذا اجتهد في الدعاء قال: يا حي يا قيوم".
وفيه أيضا من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث".
وفى صحيح الحاكم من حديث أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن البقرة وآل عمران وطه" قال القاسم: فالتمستها فإذا هي آية {الْحَيُّ الْقَيُّومُ}.
وفي جامع الترمذي وصحيح الحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت"{أَنْ





ص -11- لا إِلَهَ إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} إنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له قال الترمذي: حديث صحيح.
وفى مستدرك الحاكم أيضا من حديث سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم أمر مهم فدعا به يفرج الله عنه؟ دعاء ذي النون"
وفي صحيحه أيضا عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "هل أدلكم على اسم الله الأعظم؟ دعاء يونس فقال رجل: يا رسول الله هل كانت ليونس خاصة؟ فقال: إلا تسمع قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} فأيما مسلم دعا بها في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه ذلك أعطي أجر شهيد وإن بريء بريء مغفور له".
وفي الصحيحين من حديث بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب الأرض رب العرش الكريم".
وفى مسند الإمام أحمد من حديث على بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل بي كرب أن أقول لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين"
وفي مسنده أيضا من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب أحد قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك





ص -12- أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله عز وجل همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا فقيل: يا رسول الله إلا نتعلمها؟ قال: بل ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها".
وقال ابن مسعود: "ما كرب نبي من الأنبياء إلا استغاث بالتسبيح"
وذكر ابن أبي الدنيا في كتاب المجانين في الدعاء عن الحسن قال: "كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار يكني أبا معلق وكان تاجرا يتجر بمال له ولغيره يضرب به في الآفاق وكان ناسكا ورعا فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح فقال له: ضع ما معك فاني قاتلك قال: فما تريد من دمي؟ فشأنك بالمال قال: أما المال فلي ولست أريد إلا دمك قال أما إذا أبيت فذرني أصلى أربع ركعات قال: صلى ما بدا لك فتوضأ ثم صلى أربع ركعات فكان من دعائه في آخر سجوده أن قال: يا ودود يا ودود يا ذ العرش المجيد يا فعالا لما تريد أسألك بعزك الذي لا يرام وبملكك الذي لا يضام وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني ثلاث مرات فإذا هو بفارس أقبل بيده حربة قد وضعها بين أذني فرسه فلما بصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله ثم أقبل إليه فقال: قم فقال: بأبي أنت وأمي فقد أغاثني الله بك اليوم فقال: أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل لي: دعاء مكروب فسألت الله أن يوليني قتله قال





ص -13- الحسن: فمن توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبا كان أو غير مكروب
فصل:
وكثيرا ما نجد أدعية دعا بها قوم فاستجيب لهم فيكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله أو حسنة تقدمت منه جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكرا لحسنته أو صادف الدعاء وقت إجابة ونحو ذلك فأجيبت دعوته فيظن الظان أن السر في لفظ ذلك الدعاء فيأخذه مجردا عن تلك الأمور التي قارنته من ذلك الداعي وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعا في الوقت الذي ينبغي استعماله على الوجه الذي ينبغي فانتفع به فظن غيره أن استعمال هذا الدواء بمجرده كاف في حصول المطلوب كان غالطا وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس.
ومن هذا أنه قد يتفق دعاؤه باضطرار عند قبر فيجاب فيظن الجاهل أن السر للقبر ولم يعلم أن السر للاضطرار وصدق اللجاء إلى الله فإذا حصل ذلك في بيت من بيوت الله كان أفضل وأحب إلى الله.
فصل:
والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح والسلاح بضاربه لا بحده فقط فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به والساعد ساعد قوي والمانع مفقود حصلت به النكاية في العدو ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير فإذا كان الدعاء في نفسه غير صالح أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء أو كان ثمَََّ مانع من الإجابة لم يحصل الأثر.



ص -14- فصل:
وهاهنا سؤال مشهور وهو أن المدعو به إن كان قد قدر لم يكن بد من وقوعه دعا به العبد أو لم يدع وإن لم يكن قد قدر لم يقع سواء سأله العبد أو لم يسأله.
فظنت طائفة صحة هذا السؤال فتركت الدعاء وقالت: لا فائدة فيه وهؤلاء مع فرط جهلهم وضلالهم متناقضون فإن طرد مذهبهم يوجب تعطيل جميع الأسباب فيقال لأحدهم: إن كان الشبع والري قد قدرا لك فلا بد من وقوعهما أكلت أو لم تأكل وإن لم يقدرا لم يقعا أكلت أو لم تأكل وإن كان الولد قد قدر لك فلابد منه وطأت الزوجة أو الأمة أو لم تطأ وإن لم يقدر ذلك لم يكن فلا حاجة إلى التزويج والتسري وهلم جرا فهل يقال هذا عاقل أو آدمي بل الحيوان البهيم مفطور على مباشرة الأسباب التي بها قوامه وحياته فالحيوانات أعقل وأفهم من هؤلاء الذين هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا.
وتكايس بعضهم وقال: الاشتغال بالدعاء من باب التعبد المحض يثيب الله عليه الداعي من غير أن يكون له تأثير في المطلوب بوجه ما ولا فرق عند هذا المتكيس بين الدعاء والإمساك عنه بالقلب واللسان في التأثير في حصول المطلوب وارتباط الدعاء عندهم به كارتباط السكوت ولا فرق.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 02:23 AM   #3
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وقالت طائفة أخرى أكيس من هؤلاء بل الدعاء علامة مجردة نصبها الله سبحانه وتعالى أمارة على قضاء الحاجة فمتى وفق العبد للدعاء كان ذلك علامة له وأمارة على أن حاجته قد انقضت وهذا كما إذا رأيت غيما أسود باردا في





ص -15- زمن الشتاء فإن ذلك دليل وعلامة على أنه يمطر قالوا: وهكذا حكم الطاعات مع الثواب والكفر والمعاصي مع العقاب هي أمارات محضة لوقوع الثواب والعقاب لا أنها أسباب له وهكذا عندهم الكسر مع الانكسار والحرق مع الإحراق والإزهاق مع القتل ليس شيء من ذلك سببا ألبته ولا ارتباط بينه وبين ما يترتب عليه إلا مجرد الاقتران العادي لا التأثير السببي وخالفوا بذلك الحس والعقل والشرع والفطرة وسائر طوائف العقلاء بل أضحكوا عليهم العقلاء
والصواب: أن هاهنا قسما ثالثا غير ما ذكره السائل وهو أن هذا المقدور قدر بأسباب ومن أسبابه الدعاء فلم يقدر مجردا عن سببه ولكن قدر سببه فمتى أتي العبد بالسبب وقع المقدور ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب وقدر الولد بالوطء وقدر حصول الزرع بالبذر وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه وكذلك قدر دخول الجنة بالأعمال ودخول النار بالأعمال وهذا القسم هو الحق وهذا الذي حرمه السائل ولم يوفق له.
وحينئذ فالدعاء من أقوى الأسباب فإذا قدر وقوع المدعو به بالدعاء لم يصح أن يقال: لا فائدة في الدعاء كما لا يقال: لا فائدة في الأكل والشرب وجميع الحركات والأعمال وليس شيء من الأسباب أنفع من الدعاء ولا أبلغ في حصول المطلوب.
ولما كان الصحابة رضي الله عنهم أعلم الأمة بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأفقههم في دينه كانوا أقوم بهذا السبب وشروطه وآدابه من غيرهم وكان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يستنصر به على عدوه وكان أعظم جنديه وكان يقول للصحابه: "لستم تنصرون بكثرة وإنما تنصرون من السماء" وكان يقول:



ص -16- فمن ألهم الدعاء فقد أريد به الإجابة فإن الله سبحانه يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذا دَعَانِ}
وفى سنن ابن ماجه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يسأل الله يغضب عليه" وهذا يدل على أن رضاه في سؤاله وطاعته وإذا رضي الرب تبارك وتعالى فكل خير في رضاه كما أن كل بلاء ومصيبة في غضبه
وقد ذكر الإمام أحمد في كتاب الزهد: أثرا "أنا الله لا إله إلا أنا إذا رضيت باركت وليس لبركتي منتهى وإذا غضبت لعنت ولعنتي تبلغ السابع من الولد"
وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها على أن التقرب إلى رب العالمين وطلب مرضاته والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر فما استجلبت نعم الله واستدفعت نقمه الله بمثل طاعته والتقرب إليه والإحسان إلى خلقه
وقد رتب الله سبحانه حصول الخيرات في الدنيا والآخرة وحصول الشرور في الدنيا والآخرة في كتابه على الأعمال ترتب الجزاء على الشرط والمعلول على العلة والمسبب على السبب وهذا في القرآن يزيد على ألف موضع فتارة يرتب الحكم الخبري الكوني والأمر الشرعي على الوصف المناسب له كقوله تعالى:

ص -17- {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} وقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} وقوله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} وهذا كثير جدا وتارة ترتبه عليه بصيغة الشرط والجزاء كقوله تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} وقوله: { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} وقوله: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً} ونظائره وتارة يأتي بلام التعليل كقوله: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} وقوله: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} وتارة يأتي بأداة كي التي للتعليل كقوله: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} وتارة يأتي بباء السببية كقوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} وقوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وقوله تعالى: {بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ} وتارة يأتي بالمفعول لأجله ظاهرا أو محذوفا كقوله تعالى: {فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} وكقوله تعالى: {أَنْ





ص -18- تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} وقوله: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} أي كراهة أن تقولوا وتارة يأتي بفاء السببية كقوله تعالى: {فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها} وقوله تعالى: {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً} وقوله: {فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ} ونظائره وتارة يأتي بأداة لما الدالة على الجزاء كقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} ونظائره وتارة يأتي بإن وما علمت فيه كقوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} وقوله في ضد هؤلاء: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} وتارة يأتي بأداة لولا الدالة على ارتباط ما قبلها بما بعدها كقوله: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} وتارة يأتي بلو الدالة على الشرط كقوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ}
وبالجملة فالقرآن من أوله إلى آخره صريح في ترتب الجزاء بالخير والشر والأحكام الكونية والأمرية على الأسباب بل ترتب أحكام الدنيا والآخرة ومصالحهما ومفاسدهما على الأسباب والأعمال
ومن تفقه هذه المسألة وتأملها حق التأمل انتفع بها غاية النفع ولم يتكل على القدر جهلا منه وعجزا وتفريطا وإضاعة فيكون توكله عجزا وعجزه توكلا بل الفقيه كل الفقيه الذي يرد القدر بالقدر ويدفع القدر بالقدر ويعارض القدر بالقدر بل لا يمكن الإنسان أن يعيش إلا بذلك فإن الجوع والعطش والبرد وأنواع المخاوف والمحاذير هي من القدر والخلق كلهم ساعون





ص -19- في دفع هذا القدر بالقدر وهكذا من وفقه الله وألهمه رشده يدفع قدر العقوبة الأخروية بقدر التوبة والإيمان والأعمال الصالحة فهذا وزان القدر المخوف في الدنيا وما يضاده فرب الدارين واحد وحكمته واحدة لا يناقض بعضها بعضا ولا يبطل بعضها بعضا فهذه المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قدرها ورعاها حق رعايتها والله المستعان.
لكن يبقى عليه أمران بهما تتم سعادته وفلاحه:
أحدهما: أن يعرف تفاصيل أسباب الشر والخير وتكون له بصيرة في ذلك بما يشاهده في العالم وما جربه في نفسه وغيره وما سمعه في أخبار الأمم قديما وحديثا.
ومن أنفع ما في ذلك تدبر القرآن فإنه كفيل بذلك على أكمل الوجوه وفيه أسباب الخير والشر جميعا مفصلة مبينة ثم السنة فإنها شقيقة القرآن وهي الوحي الثاني ومن صرف إليهما عنايته اكتفى بهما عن غيرهما وهما يريانك الخير والشر وأسبابهما حتى كأنك تعاين ذلك عيانا وبعد ذلك إذا تأملت أخبار الأمم وأيام الله في أهل طاعته وأهل معصيته طابق ذلك ما علمته من القرآن والسنة ورأيته بتفاصيل ما أخبر الله به ووعد به وعلمت من آياته في الآفاق ما يدلك على أن القرآن حق وأن الرسول حق وأن الله ينجز وعده لا محالة فالتاريخ تفصيل لجزئيات ما عرّفنا الله ورسوله من الأسباب الكلية للخير والشر
فصل:
الأمر الثاني: أن يحذر مغالطة نفسه على هذه الأسباب وهذا من أهم الأمور فإن العبد يعرف أن المعصية والغفلة من الأسباب المضرة له في دنياه وآخرته ولا بد ولكن تغالطه نفسه بالاتكال على عفو الله ومغفرته تارة وبالتسويف





ص -20- بالتوبة والاستغفار باللسان تارة وبفعل المندوبات تارة وبالعلم تارة وبالاحتجاج بالقدر تارة وبالاحتجاج بالأشباه والنظراء تارة وبالاقتداء بالأكابر تارة أخرى
وكثير من الناس يظن أنه لو فعل ما فعل ثم قال: أستغفر الله زال الذنب وراح هذا بهذا وقال لي رجل من المنتسبين إلى الفقه: أنا أفعل ما أفعل ثم أقول: سبحان الله وبحمده مائة مرة وقد غفر ذلك أجمعه كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قال في يوم سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر" وقال لي آخر من أهل مكة: نحن أحدنا إذا فعل ما فعل ثم اغتسل وطاف بالبيت أسبوعا وقد محي عنه ذلك وقال لي آخر: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أذنب عبد ذنبا فقال: أي رب أصبت ذنبا فاغفر لي فغفر الله ذنبه ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبا آخر فقال: أي رب أصبت ذنبا فاغفر لي فقال الله عز وجل: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي فليصنع ما شاء" وقال: أنا لا أشك أن لي ربا يغفر الذنب ويأخذ به وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص من الرجاء واتكل عليها وتعلق بكلتا يديه وإذا عوتب على الخطايا والانهماك فيها سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله ومغفرته ونصوص الرجاء وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب كقول بعضهم:

وكثر ما استطعت من الخطايا إذا كان القدوم على كريم

وقول الآخر: التنزه من الذنوب جهل بسعة عفو الله
وقال الآخر: ترك الذنوب جراءة على مغفرة الله واستصغار

ص -21- وقال محمد بن حزم: رأيت بعض هؤلاء من يقول في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من العصمة.
ومن هؤلاء المغرورين من يتعلق بمسألة الجبر وأن العبد لا فعل له البتة ولا اختيار وإنما هو مجبور على فعل المعاصي.
ومن هؤلاء من يغتر بمسألة الإرجاء وأن الإيمان هو مجرد التصديق والأعمال ليست من الإيمان وأن إيمان أفسق الناس كإيمان جبريل وميكائيل.
ومن هؤلاء من يغتر بمحبة الفقراء والمشايخ والصالحين وكثرة التردد إلي قبورهم والتضرع إليهم والاستشفاع بهم والتوسل إلى الله بهم وسؤاله بحقهم عليه وحرمتهم عنده.
ومنهم من يغتر بآبائه وأسلافه وأن لهم عند الله مكانا وصلاحا فلا يدعوه أن يخلصوه كما يشاهد في حضرة الملوك فإن الملوك تهب لخواصهم ذنوب أبنائهم وأقاربهم وإذا وقع أحد منهم في أمر مفظع خلصه أبوه وجده بجاهه ومنزلته.
ومنهم من يغتر بإن الله عز وجل غني عن عذابه وعذابه لا يزيد في ملكه شيئا ورحمته له لا تنقص من ملكه شيئا فيقول: أنا مضطر إلى رحمته وهو أغنى الأغنياء ولو أن فقيرا مسكينا مضطرا إلى شربة ماء عند من في داره شط يجري لما منعه منها فالله أكرم وأوسع والمغفرة لا تنقصه شيئا والعقوبة لا تزيد في ملكه شيئا.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 02:24 AM   #4
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ومنهم من يغتر بفهم فاسد فهمه هو وأضرابه من نصوص القرآن والسنة فاتكلوا كاتكال بعضهم على قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} وهو لا يرضى أن يكون في النار وهذا من أقبح الجهل وأبين الكذب عليه فإنه يرضى بما يرضى به ربه عز وجل والله تعالى يرضيه تعذيب الظلمة





ص -22- والفسقة والخونة والمصرين على الكبائر فحاشا لرسوله أن لا يرضى بما يرضى به ربه تبارك وتعالى وكاتكال بعضهم على قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} وهذا أيضا من أقبح الجهل فإن الشرك داخل في هذه الآية فإنه رأس الذنوب وأساسها ولا خلاف أن هذه الآية في حق التائبين فإنه يغفر ذنب كل تائب من أي ذنب كان ولو كانت الآية في حق غير التائبين لبطلت نصوص الوعيد كلها وأحاديث إخراج قوم من الموحدين من النار بالشفاعة وهذا إنما أتي صاحبه من قلة علمه وفهمه فإنه سبحانه هاهنا عمم وأطلق فعلم أنه أراد التائبين.
وفي سورة النساء خصص وقيد فقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فأخبر الله سبحانه أنه لا يغفر الشرك وأخبر أنه يغفر ما دونه ولو كان هذا في حق التائب لم يفرق بين الشرك وغيره وكاغترار بعض الجهال بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} فيقول: كرمه وقد يقول بعضهم: إنه لقن المغتر حجته وهذا جهل قبيح وإنما غره به الغرور وهو الشيطان ونفسه الأمارة بالسوء وجهله وهواه وأتي سبحانه بلفظ {الْكَرِيمِ} وهو السيد العظيم المطاع الذي لا ينبغي الاغترار به ولا إهمال حقه فوضع هذا المغتر الغرور في غير موضعه واغتر بمن لا ينبغي الاغترار به وكاغترار بعضهم بقوله تعالى في النار: {لا يَصْلاهَا إلا الأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} وقوله: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} ولم يدر هذا المغتر أن قوله: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى} هي نار مخصوصة من جملة دركات جهنم ولو كانت جميع جهنم فهو سبحانه لم يقل لا يدخلها بل قال: {لا يَصْلاهَا إلا الأَشْقَى} ولا يلزم من عدم صليها عدم دخولها فإن الصلى أخص من الدخول ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم



ص -23- ثم إن هذا المغتر لو تأمل الآية التي بعدها لعلم أنه غير داخل فيها فلا يكون مضمونا له أن يجنبها
وأما قوله في النار: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} فقد قال في الجنة: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ولا ينافى إعداد النار للكافرين أن يدخلها الفساق والظلمة ولا ينافى إعداد الجنة للمتقين أن يدخلها من في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان ولم يعمل خيرا قط.
وكاغترار بعضهم بالاعتماد على صوم يوم عاشوراء أو يوم عرفة حتى يقول بعضهم صوم يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر ولم يدر هذا المغترأن صوم رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجل من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء وهي إنما تكفر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر فرمضان إلى رمضان والجمعة إلى الجمعة لايقويان على تكفير الصغائر إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها فيقوي مجموع الأمرين على تكفير الصغائر فكيف يكفر صوم يوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مصر عليها غير تائب منها؟ هذا محال على أنه لا يمتنع أن يكون صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء يكفر لجميع ذنوب العام على عمومه وتكون من نصوص الوعد التي لها شروط وموانع ويكون إصراره على الكبائر مانعا من التكفير فإذا لم يصر على الكبائر لتساعد الصوم وعدم الإصرار وتعاونهما على عموم التكفير كما كان رمضان والصلوات الخمس مع اجتناب الكبائر متساعدين متعاونين على تكفير الصغائر مع أنه سبحانه قد قال: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} فعلم أن جعل الشيء سببا للتكفير لا يمنع أن يتساعد هو وسبب آخر على التكفير ويكون التكفير مع اجتماع السببين أقوى وأتم منه مع انفراد أحدهما وكلما قويت أسباب التكفير كان أقوى وأتم وأشمل.



ص -24- وكاتكال بعضهم على قوله صلى الله عليه وسلم حاكيا عن ربه: "أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء" يعني ما كان في ظنه فإني فاعله به ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده ويقبل توبته وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه وهذا موجود في الشاهد فإن العبد الآبق المسي الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبدا فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته وأحسن الناس ظنا بربه أطوعهم له كما قال الحسن البصري: "إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل"
فكيف يكون يحسن الظن بربه من هو شارد عنه حال مرتحل في مساخطه وما يغضبه متعرض للعنته قد هان حقه وأمره عليه فأضاعه وهان نهيه عليه فارتكبه وأصر عليه؟ وكيف يحسن الظن به من بارزه بالمحاربة وعادى أولياءه ووالى أعداءه وجحد صفات له وأساء الظن بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم وظن بجهله أن ظاهر ذلك ضلال وكفر؟ وكيف يحسن الظن بمن يظن أنه لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى ولا يغضب وقد قال الله في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات وهو السر من القول: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} فهؤلاء لما ظنوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيرا مما يعملون كان هذا إساءة لظنهم بربهم فأرداهم ذلك الظن وهذا شأن كل من جحد صفات كماله ونعوت جلاله ووصفه بما لا يليق به فإذا ظن هذا أنه يدخله الجنة كان هذا غرورا وخداعا من نفسه وتسويلا من الشيطان لا إحسان ظن بربه.



ص -25- فتأمل هذا الموضوع وتأمل شدة الحاجة إليه وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاق الله وأن الله يسمع ويري مكانه ويعلم سره وعلانيته ولا يخفى عليه خافية من أمره وأنه موقوف بين يديه ومسئول عن كل ما عمل وهو مقيم على مساخطه مضيع لأوامره معطل لحقوقه وهو مع هذا يحسن الظن به وهل هذا إلا من خدع النفوس وغرور الأماني وقد قال أبو أمامة بن سهل بن حليف: "دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت: لو رأيتما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض له وكانت عنده ستة دنانير أو سبعة فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أفرقها قالت: فشغلني وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عافاه الله ثم سألني عنها فقال: ما فعلتِ؟ أكنت فرقت الستة الدنانير فقلت: لا والله لقد شغلني وجعك فدعا بها فوضعها في كفه فقال: ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده؟ "وفي لفظ "ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده".
فيا لله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العباد عندهم فإن كان ينفعهم قولهم حسنا ظنوننا بك إنك لم تعذب ظالما ولا فاسقا فليصنع العبد ما شاء وليرتكب كل ما نهاه الله عنه وليحسن ظنه بالله فإن النار لا تمسه فسبحان الله؟ ما يبلغ الغرور بالعبد وقد قال إبراهيم لقومه: {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} أي إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره.
ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه فالذي حمله على حسن العمل حسن الظن فكلما حسن ظنه حسن عمله وإلا فحسن الظن مع ابتاع الهوى عجز





ص -26- كما في الترمذي والمسند من حديث شداد ابن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله".
وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتي إحسان الظن.
فإن قيل: بل يتأتي ذلك ويكون مستند حسن الظن سعة مغفرة الله ورحمته وعفوه وجوده وأن رحمته سبقت غضبه وأنه لا تنفعه العقوبة ولا يضره العفو
قيل: الأمر هكذا والله فوق ذلك وأجل وأكرم وأجود وأرحم ولكن إنما يضع ذلك في محله اللائق به فإنه سبحانه موصوف بالحكمة والعزة والانتقام وشدة البطش وعقوبة من يستحق العقوبة فلو كان معول حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه لاشترك في ذلك البر والفاجر والمؤمن والكافر ووليه وعدوه فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه وتعرض للعنته وواقع في محارمه وانتهك حرماته بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع وبدل السيئة بالحسنة واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة ثم أحسن الظن بعدها فهذا حسن ظن والأول غرور والله المستعان.
ولا تستطل هذا الفصل فإن الحاجة إليه شديدة لكل أحد يفرق بين حسن الظن بالله وبين الغرور به قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} فجعل هؤلاء أهل الرجاء لا الظالمين والفاسقين وقال تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن فعلها فالعالم يضع الرجاء مواضعه والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه.



ص -27- فصل:
وكثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه وضيعوا أمره ونهيه ونسوا أنه شديد العقاب وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند.
قال معروف: رجاؤك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق.
وقال بعض العلماء: من قطع عضوا منك في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة على نحو هذا.
وقيل: للحسن: نراك طويل البكاء فقال: أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي وكان يقول: إن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة يقول أحدهم: لأني أحسن الظن بربي وكذب لو أحسن الظن لأحسن العمل.وسأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد كيف نصنع بمجالسة أقوام يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تطير؟ فقال: والله لأن تصحب أقواما يخوفونك حتى تدرك أمنا خير لك من أن تصحب أقواما يؤمنونك حتى تلحقك المخاوف.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور في النار كما يدور الحمار برحاه فيطوف به أهل النار فيقولون: يا فلان ما أصابك ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه"
وذكر الإمام أحمد من حديث أبي رافع قال: "مر رسول الله صلى الله عليه





ص -28- وسلم بالبقيع فقال: أف لك أف لك فظننت أنه يريدني فقال: لا ولكن هذا قبر فلان بعثته ساعيا إلى آل فلان فغل نمرة فدُرِّع الآن مثلها من نار".
وفي مسنده أيضا من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت: من هؤلاء قالوا: خطباء من أمتك من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم"


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 02:26 AM   #5
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وفيه أيضا من حديثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم"
وفيه أيضا عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: "يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك فقلنا يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا قال: نعم إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء"
وفيه أيضا عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: "مالي لم أر ميكائيل ضاحكا قط قال: ما ضحك منذ خلقت النار"
وفي صحيح مسلم عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة ثم يقال له: يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مربك نعيم قط فيقول: لا والله يا رب ويؤتي بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب ما مربي بؤس قط ولا رأيت شدة قط"



ص -29- وفي المسند من حديث البراء بن عازب قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت به في الأرض فرفع رأسه فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان أهل الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أخرجي أيتها النفس المطمئنة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيّ السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفخة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي به إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى قال: فتعاد روحه إلى الأرض فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك فيقول: ربي الله عز وجل فيقولان له: ما دينك فيقول: ديني الإسلام فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول: هو محمد رسول الله فيقولان له: وما علمك فيقول: قرأت كتاب الله عز وجل فآمنت به وصدقت فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي فافرشوا له من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة قال فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره






ص -30- مد بصره قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول: له فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير فيقول: أنا عملك الصالح فيقول: رب أقم الساعة رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي قال: وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبتل فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا فيستفتح فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين وفي الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا ثم قرأ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول: هاه هاه لا أدري فينادى مناد من السماء أن كذب عبدي فافرشوا له من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الرجل قبيح الثياب منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي





ص -31- كنت توعد فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر فيقول: أنا عملك الخبيث فيقول: رب لا تقم الساعة"
وفي لفظ لأحمد أيضا: "ثم يقبض له أعمي أصم أبكم في يده مرزبة لو ضرب بها جبلا كان ترابا فيضربه ضربة فيصير ترابا ثم يعيده الله عز وجل كما كان فيضربه ضربة أخري فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين" قال البراء: "ثم يفتح له باب إلى النار ويمهد له من فرش النار"
وفي المسند أيضا عنه قال: "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بجماعة فقال: على ما اجتمع هؤلاء؟ قيل: على قبر يحفرونه ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدر بين يدي أصحابه مسرعا حتى انتهي إلى القبر فجثا على ركبتيه فاستقبلته بين يديه لأنظر ما يصنع فبكى حتى بل الثرى من دموعه ثم أقبل علينا فقال: أي إخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا"
وفي المسند من حديث بريدة قال: "خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فنادى ثلاث مرات يا أيها الناس أتدرون ما مثلي ومثلكم قالوا: الله ورسوله أعلم فقال: إنما مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدوا يأتيهم فبعثوا رجلا يتراءى لهم فأبصر العدو فأقبل لينذرهم وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه فأهوى بثوبه أيها الناس أُتيتم أيها الناس أُتيتم ثلاث مرات"
وفي صحيح مسلم من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل ما أسكر حرام وإن على الله عز وجل عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال قيل: وما طينة الخبال قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار"
وفي المسند أيضا من حديث أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أرى ما لا ترون وأسمع مالا تسمعون أطَّت السماء وحق لها أن تئط





ص -32- ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك يسبح الله ساجدا لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجاورن إلى الله تعالى" قال أبو ذر: والله لوددت أني شجرة تعضد
وفي المسند أيضا من حديث حذيفة قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما انتهينا إلى القبر قعد على ساقيه فجعل يردد بصره فيه ثم قال: يضغط المؤمن فيه ضغطة تزول منها حمائله ويملأ على الكافر نارا" والحمائل: عروق الأنثيين.
وفي المسند أيضا من حديث جابر قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ حين توفى فلما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع في قبره وسوى عليه سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبحنا طويلا ثم كبر فكبرنا فقيل: يا رسول الله لما سبحت؟ ثم كبرت فقال: لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرج الله عنه"
وفي صحيح البخاري من حديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين تذهبون بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق"

وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تدنوا الشمس يوم القيامة على قدر ميل ويزاد في حرها كذا وكذا تغلي منها الرؤوس كما تغلي القدور يغرقون فيها على قدر خطاياهم منهم من يبلغ إلى كعبه ومنهم من يبلغ إلى ساقيه ومنهم من يبلغ إلى وسطه ومنهم من يلجمه العرق"
وفيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كيف أنعم وصاحب





ص -33- القرن قد التقم القرن وحتى جبهته يسمع متى يؤمر فينفخ فقال أصحابه: كيف نقول؟ قال: "قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا"
وفي المسند أيضا عن ابن عمر يرفعه: "من تعظم في نفسه أو اختال في مشيته لقى الله تبارك وتعالى وهو عليه غضبان"
وفي الصححين عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المصورين يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: احيوا ما خلقتم"
وفيه أيضا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله عز وجل يوم القيامة"
وفيهما أيضا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا صار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار جيء بالموت حتى يوقف بين الجنة والنار ثم يذبح ثم ينادى مناد يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم"
وفي المسند عنه قال: "من اشترى ثوبا بعشرة دراهم فيها درهم حرام لم يقبل الله له صلاة مادام عليه" ثم أدخل أصبعيه في أذنيه ثم قال: صمتا إن لم أكن سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقوله
وفيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك الصلاة سكرا مرة واحدة فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسلبها ومن ترك الصلاة سكرا أربع مرات كان حقا على الله أن يسقيه طينة الخبال قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله: قال: عصارة أهل جهنم"
وفيه أيضا عنه مرفوعا: "من شرب الخمر شربة لم تقبل له صلاة أربعين





ص -34- صباحا فإن تاب تاب الله عليه فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال فإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة"
وفي المسند أيضا من حديث أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات مدمنا للخمر سقاه الله من نهر الغوطة قيل: وما نهر الغوطة؟ قال: نهر يجري من فروج المومسات يؤذي أهل النار ريح فروجهن"
وفيه أيضا عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان: فجدال ومعاذير وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله"
وفي المسند أيضا من حديث بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه وضرب لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 02:29 AM   #6
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سوادا وأججوا نارا فأنضجوا ما قذفوا فيها"
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يضرب الجسر على جهنم فأكون أول من يجوز ودعوى الرسول يومئذ اللهم سلم سلم و على حافتيه كلاليب مثل شوك السعدان تخطف الناس بأعمالهم فمنهم الموثق بعمله ومنهم المخردل ثم ينجوا حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يرحم ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله أمر الملائكة أن يخرجوهم فيعرفونه بعلامة آثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود فيخرجونهم وقد امتحشوا فيصب عليهم من ماء يقال له: ماء الحياة فينبتون نبات الحبة في حميل المسيل"



ص -35- وفي صحيح مسلم عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة: رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمة فعرفها فقال: ما عملت فيها قال: قاتلت فيك حتى قتلت قال: كذبت ولكن قاتلت ليقال: هو جريء فقد قيل: ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها قال: تعلمت فيك العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن فقال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال: هو عالم فقد قيل: وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه رزقه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها فقال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال: هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار وفي لفظ فهؤلاء أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة"
وسمعت شيخ الإسلام يقول: كما أن خير الناس الأنبياء فشر الناس من تشبه بهم يوهم أنه منهم وليس منهم فخير الناس بعدهم العلماء والشهداء والصديقون والمخلصون وشر الناس من تشبه بهم يوهم أنه منهم وليس منهم"
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من كانت عنده لأخيه مظلمة في مال أو عرض فليأته فليستحلها منه قبل أن يؤخذ وليس عنده دينار ولا درهم فإن كانت له حسنات أخذ من حسناته فأعطيها هذا وإلا أخذ من سيئات هذا فطرحت عليه ثم طرح في النار"

وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن صلى الله عليه وسلم





ص -36- قال: "من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين"
وفي الصحيحين عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناركم هذه التي يوقد بنوا آدم جزء واحد من سبعين جزءا من نار جهنم قالوا: والله إن كانت لكافية قال: فإنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها"
وفي المسند عن معاذ قال: "أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت أو حرقت ولا تعقنَّ والديك وان أمراك أن تخرج من أهلك ومالك ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ولا تشربن خمرا فإنه رأس كل فاحشة وإياك والمعصية فإن المعصية تحل سخط الله" والأحاديث في هذا الباب أضعاف أضعاف ماذكرنا فلا ينبغي لمن تصح نفسه أن يتعامى عنها ويرسل نفسه في المعاصي ويتعلق بحسن الرجاء وحسن الظن.
قال أبو الوفاء بن عقيل احذره ولا تغتر به فإنه قطع اليد في ثلاثة دراهم وجلد الحد في مثل رأس الإبرة من الخمر وقد دخلت المرأة النار في هرّة واشتعلت الشملة نارا على من غلها وقد قتل شهيدا"
وقال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب يرفعه قال: "دخل رجل الجنة في ذباب ودخل رجل النار في ذباب قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرّب له شيئا فقالوا لأحدهما: قرب قال: ليس عندي شيء قالوا: قرّب ولو ذبابا فقرب ذبابا فخلو سبيله فدخل النار وقالوا للآخر:





ص -37- قرب قال: ما كنت لأقرب شيئا من دون الله عز وجل فضربوا عنقه فدخل الجنة" وهذه الكلمة الواحدة يتكلم بها العبد يهوى بها في النار أبعد مابين المشرق والمغرب.
وربما اتكل بعض المغترين على ما يرى من نعم الله عليه في الدنيا وأنه لا يغير به ويظن أن ذلك من محبة الله له وأنه يعطيه في الآخرة أفضل من ذلك وهذا من الغرور.
قال الإمام أحمد: حدثنا يحي بن غيلان حدثنا رشدين بن سعد عن حرملة بن عمران النحبيبي عن عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج "ثم تلى قوله عز وجل: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إذا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}
وقال بعض السلف: إذا رأيت الله عز وجل يتابع عليك نعمة وأنت مقيم على معاصيه فاحذره فإنما هو استدراج منه يستدرجك به وقد قال تعالى: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} وقد رد سبحانه على من يظن هذا الظن بقوله: {فَأَمَّا الأِنْسَانُ إذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كُلاً} أي ليس كل من نعَّمتَه ووسعت عليه رزقه أكون قد أكرمته وليس كل من ابتليته وضيقت عليه رزقه أكون قد أهنته بل أبتلى هذا بالنعم وأكرم هذا بالابتلاء.



ص -38- وفي جامع الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم: "إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من يحب"
وقال بعض السلف: رُبَّ مستدرج بنعم الله عليه وهو لا يعلم ورُبَّ مغرور بستر الله عليه وهو لا يعلم ورُبَّ مفتون بثناء الناس عليه وهو لا يعلم.
فصل:
وأعظم الخلق غرورا من اغتر بالدنيا وعاجلها، فآثرها على الآخرة ورضي بها من الآخرة، حتى يقول بعض هؤلاء: الدنيا نقد، والآخرة نسيئة، والنقد أحسن من النسيئة. ويقول بعضهم: ذرة منقودة، ولا ذرة موعودة، ويقول آخر منهم: لذات الدنيا متيقنة، ولذات الآخرة مشكوك فيها، ولا أدع اليقين بالشك.
وهذا من أعظم تلبيس الشيطان وتسويله. والبهائم العجم أعقل من هؤلاء فإن البهيمة إذا خافت مضرة شيء لم تقدم عليه ولو ضربت، وهؤلاء يقدم أحدهم على عطبه وهو بين مصدق ومكذب
فهذا الضرب إن آمن أحدهم بالله ورسوله ولقائه والجزاء فهو من أعظم الناس حسرة لأنه أقدم على علم وإن لم يؤمن بالله ورسوله فأبعد له.
وقول القائل: النقد خير من النسيئة، جوابه: إذا تساوى النقد والنسيئة فالنقد خير. وإن تفاوتا وكانت النسيئة أكثر وأفضل فهي خير. فكيف والدنيا كلها من أولها إلى آخرها كنفس واحد من أنفاس الآخرة؟ كما في مسند الإمام أحمد والترمذي من حديث المستورد بن شداد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما الدنيا في الآخرة إلا كما يدخل أحدكم إصبعه في اليم، فلينظر بم يرجع؟ " فإيثار هذا النقد على هذه النسيئة من أعظم الغبن وأقبح





ص -39- الجهل وإذا كان هذا نسبة الدنيا بمجموعها إلى الآخرة، فما مقدار عمر الإنسان بالنسبة إلى الآخرة؟ فأيما أولى بالعاقل؟ إيثار العاجل في هذه المدة اليسيرة، وحرمان الخير الدائم في الآخرة، أم ترك شيء صغير حقير منقطع عن قرب، ليأخذ ما لا قيمة له ولا خطر له ولا نهاية لعدده ولا غاية لأمده.
فأما قول الآخر: لا أترك متيقنا لمشكوك فيه فيقال له: إما أن تكون على شك من وعد الله ووعيده وصدق رسله، أو تكون على يقين من ذلك، فإن كنت على يقين من ذلك فما تركت إلا ذرة عاجلة منقطعة فانية عن قرب لأمر متيقن لا شك فيه ولا انقطاع له وإن كنت على شك فراجع آيات الرب تعالى الدالة على وجوده وقدرته ومشيئته ووحدانيته وصدق رسله فيما أخبروه به عن الله وتجرَّد وقُم لله ناظرا أو مناظرا حتى يتبين لك ان ما جاءت به الرسل عن الله فهو الحق الذي لا شك فيه وأن خالق هذا العالم ورب السموات والأرض يتعالى ويتقدس ويتنزه عن خلاف ما أخبرت به رسله عنه ومن نسبه إلى غير ذلك فقد شتمه وكذبه وأنكر ربوبيته وملكه إذ من المحال الممتنع عند كل ذي فطرة سليمة أن يكون الملك الحق عاجزا أو جاهلا لا يعلم شيئا ولا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يثيب ولا يعاقب ولا يعز من يشاء ولا يذل من يشاء ولا يرسل رسله إلى أطراف مملكته ونواحيها ولا يعتني بأحوال رعيته بل يتركهم سدى ويخليهم هملا وهذا يقدح في ملك آحاد ملوك البشر ولا يليق به فكيف يجوز نسبة الملك الحق المبين إليه؟
وإذا تأمل الإنسان حاله من مبدأ كونه نطفة إلى كماله واستوائه تبين له أن من عنى به هذه العناية ونقله في هذه الأحوال وصرَّفه في هذه الأطوار لا يليق به أن يهمله ويتركه سدًى لا يأمره ولا ينهاه ولا يعرّفه حقوقه عليه ولا يثيبه ولا يعاقبه ولو تأمل العبد حق التأمل لكان كل ما يبصره وما لا





ص -40- يبصره دليلا على التوحيد والنبوة والمعاد وأن القرآن كلامه وقد ذكرنا وجه الاستدلال بذاك في كتاب أيمان القرآن عند قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لا تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} وذكرنا طرفا من ذلك عند قوله تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} وأن الإنسان دليل على وجود خالقه وتوحيده وصدق رسله وإثبات صفات كماله
فقد بان أن المضيع مغرور على التقديرين: تقدير تصديقه ويقينه وتقدير تكذيبه وشكه
فإن قلت: كيف يجتمع التصديق الجازم الذي لا شك فيه بالمعاد والجنة والنار ويتخلف العمل؟ وهل في الطباع البشرية أن يعلم العبد أنه مطلوب غدا إلى بين يدي بعض الملوك ليعاقبه أشد عقوبة أو يكرمه أتم كرامة ويبيت ساهيا غافلا لا يتذكر موقفه بين يدي الملك ولا يستعيد له ولا يأخذ له أهبته
قيل: لعمر الله سؤال صحيح وارد على أكثر الخلق فاجتماع هذين الأمرين من أعجب الأشياء وهذا التخلف له عدة أسباب
أحدها: ضعف العلم ونقصان اليقين ومن ظن أن العلم لا يتفاوت فقوله من أفسد الأقوال وأبطلها
وقد سأل إبراهيم الخليل ربه أن يريه إحياء الموتى عيانا بعد علمه بقدرة الرب على ذلك ليزداد طمأنينة ويصير المعلوم غيبا شهادة
وقد روى أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ليس المخبر كالمعاين "



ص -41- فإذا اجتمع إلى ضعف العلم عدم استحضاره أو غيبته عن القلب في كثير من أوقاته أو أكثرها لاشتغاله بما يضاده وانضم إلى ذلك تقاضي الطبع وغلبات الهوى واستيلاء الشهوة وتسويل النفس وغرور الشيطان واستبطاء الوعد وطول الأمل ورقدة الغفلة وحب العاجلة ورخص التأويل وإلف العوائد فهناك لا يمسك الإيمان إلا الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا وبهذا السبب يتفاوت الناس في الإيمان والأعمال حتى ينتهي على أدنى مثقال ذرة في القلب


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 02:30 AM   #7
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وجماع هذه الأسباب يرجع إلى ضعف البصيرة والصبر ولهذا مدح الله سبحانه أهل الصبر واليقين وجعلهم أئمة الدين فقال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ}
فصل:
فقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور وأن حسن الظن إن حمل على العمل وحث عليه وساق إليه فهو صحيح وإن دعا البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور وحسن الظن هو الرجاء فمن رجاؤه هاديا إلى الطاعة وزاجرا عن المعصية فهو رجاء صحيح ومن كانت بطالته رجاء ورجاؤه بطالة وتفريطا فهو المغرور ولو أن رجلا كانت له أرض يؤمل أن يعود عليه من مغلها ما ينفعه فأهملها ولم يبذرها ولم يحرثها وحسن ظنه بأنه يأتي من مغلها ما يأتي من حرث وبذر وسقى وتعاهد الأرض لعدة الناس من أسفه السفهاء وكذلك لو حسن ظنه وقوي رجاؤه بأن يجيئه ولد من غير جماع أو يصير أعلم أهل زمانه من غير طلب وحرص تام عليه وأمثال ذلك فكذلك من حسن ظنه وقوي رجاؤه في الفوز بالدرجات نواهيه وبالله التوفيق
وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ





ص -42- اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} فتأمل كيف جعل رجاءهم إتيانهم بهذه الطاعات؟
فإن المغرورون: إن المفرطين المضيعين لحقوق الله المعطلين لأوامره الباغين على عباده المتجرئين على محارمه أولئك يرجون رحمة الله
وسر المسألة: أن الرجاء وحسن الظن إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله في شرعه وقدره وثوابه وكرامته فيأتي العبد بها ثم يحسن ظنه بربه ويرجوه أن لا يكله إليها وأن يجعلها موصلة إلى ما ينفعه ويضرب عما يعارضها ويبطل أثرها
ومما ينبغي أن يعلم أن من رجا شيئا رجاؤه ثلاثة أمور:
أحدها: محبته ما يرجوه
الثاني: خوفه من فواته
الثالث: سعيه في تحصيله بحسب الإمكان
وأما رجاء لايقارنه شيء من ذلك فهو من باب الأماني والرجاء شيء والأماني شيء آخر فكل راج خائف والسائر على الطريق إذا خاف أسرع السير مخافة الفوات.
وفي جامع الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خاف أدلج ومن المنزل إلا إن سلعة الله غالية إلا إن سلعة الله الجنة" وهو سبحانه كما جعل الرجاء لأهل الأعمال الصالحة فكذلك جعل الخوف لأهل الأعمال الصالحة فعلم أن الرجاء والخوف النافع هو ما اقترن به العمل قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ





ص -43- وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}
وقد روى الترمذي في جامعه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقلت أهم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرفون؟ فقال: لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ويخافون أن لا يتقبل منهم أولئك يسارعون في الخيرات" وقد روى من حديث أبى هريرة أيضا
والله سبحانه وصف أهل السعادة بالإحسان مع الخوف ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن
ومن تأمل أحوال الصحابة رضي الله عنهم وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف ونحن جمعنا بين التقصير بل التفريط والأمن فهذا الصديق يقول: "وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن" ذكره أحمد عنه
وذكر عنه أيضا انه كان يمسك بلسانه ويقول: "هذا الذي أوردني الموارد وكان يبكى كثيرا ويقول: أبكوا فإن لم تبكوا فتباكوا وكان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود من خشية الله عز وجل وأتي بطائر فقلبه ثم قال: ما صيد من صيد ولا قطعت من شجرة إلا بما ضيعت من التسبيح فلما احتضر قال لعائشة: يا بنية إني أصبت من مال المسلمين هذه العباءة وهذه الحلاب وهذا العبد فأسرعى به إلى بن الخطاب وقال: والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد
وقال قتادة بلغني أن أبا بكر قال: "ليتني خضرة تأكلني الدواب"





ص -44- وهذا عمر بن الخطاب قرأ سورة الطور إلى قوله: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} فبكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه
وقال لابنه وهو في الموت: ويحك ضع خدي على الأرض عساه أن يرحمني ثم قال: بل ويل أمي إن لم يغفر الله لي ثلاثا ثم قضى وكان يمر بالآية في ورده بالليل فتخيفه فيبقى في البيت أياما يعاد يحسبونه مريضا وكان في وجهه رضي الله عنه خطان أسودان من البكاء وقال له ابن عباس: مصر الله بك الأمصار وفتح بك الفتوح وفعل فقال: وددت أني أنجو لا أجر ولا وزر
وهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه كان إذا وقف على القبر يبكى حتى تبل لحيته وقال: لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رمادا قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير
وهذا على بن أبي طالب رضي الله عنه وبكاؤه وخوفه وكان يشتد خوفه من اثنتين طول الأمل واتباع الهوى قال: فأما طول الأمل فينسي الآخرة وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق إلا وإن الدنيا قد ولت مدبرة والآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل
وهذا أبو الدرداء كان يقول: إن أشد ما أخاف على نفسي يوم القيامة أن يقال لي يا أبا الدرداء قد علمت فكيف عملت فيما علمت؟ وكان يقول: لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت لما أكلتم طعاما على شهوة ولا شربتم شرابا على شهوة ولا دخلتم بيتا تستظلون فيه ولخرجتم إلى الصعيد تضربون صدوركم وتبكون على أنفسكم ولوددت أني شجرة تعضد ثم تؤكل
وكان عبد الله بن عباس كان أسفل عينيه مثل الشراك البالي من الدموع
وكان أبو ذر يقول يا ليتني كنت شجرة تعضد وودت أني لم أخلق





ص -45- وعرضت عليه النفقة فقال: عندنا عنز نحلبها وحمر ننقل عليها ومحرر يخدمنا وفضل عباءة وإني أخاف الحساب فيها
وقرأ تميم الداري ليلة سورة الجاثية فلما أتى على هذه الآية: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا} جعل يرددها ويبكى حتى أصبح
وقال أبو عبيدة بن الجراح: وددت أني كبش فذبحني أهلي وأكلوا لحمي وحسوا مرقي وهذا باب يطول تتبعه
قال البخاري في صحيحه: "باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر"
وقال إبراهيم التيمي: ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبا
وقال بن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل
ويذكر عن الحسن: ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق
وكان عمر بن الخطاب يقول لحذيفة: أنشدك الله هل سماني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ يعني في المنافقين فيقول: لا ولا أزكي بعدك أحدا" فسمعت شيخنا يقول: مراده إني لا أبرىء غيرك من النفاق بل المراد لا أفتح على نفسي هذا الباب فكل من سألني هل سمانى لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأزكيه قلت: وقريب من هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم للذي سأله أن يدعو له أن يكون من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب "سبقك بها عكاشة" ولم يرد أن عكاشة أن وحده أحق بذلك ممن عداه من الصحابة ولكن لو دعا لقام آخر وآخر وانفتح الباب وربما قام من لم يستحق أن يكون منهم فكان الإمساك أولى والله أعلم



ص -46- فصل:
فلنرجع إلى ما كنا فيه من ذكر دواء الداء الذي إن استمر أفسد دنيا العبد وآخرته
فما ينبغي أن يعلم: أن الذنوب والمعاصي تضر ولا بد أن ضررها في القلوب كضرر السموم في الأبدان على اختلاف درجاتها في الضرر وهل في الدنيا والآخرة شرور وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي؟
فما الذي أخرج الأبوين من الجنة دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب؟
وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه فجعل صورته أقبح صورة وأشنعها وباطنه أقبح من صورته وأشنع وبدل بالقرب بعدا وبالرحمة لعنة وبالجمال قبحا وبالجنة نارا تلظى وبالإيمان كفرا وبموالاة الولي الحميد أعظم عداوة ومشاقة وبزجل التسبيح والتقديس والتهليل زجل الكفر والشرك والكذب والزور والفحش وبلباس الإيمان لباس الكفر والفسوق والعصيان فهان على الله غاية الهوان وسقط من عينه غاية السقوط وحل عليه غضب الرب تعالى فأهواه ومقته أكبر المقت فأرداه فصار قوادا لكل فاسق ومجرم رضي لنفسه بالقيادة بعد تلك العبادة والسيادة فعياذا بك اللهم من مخالفة أمرك وارتكاب نهيك
وما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال؟ وما الذي سلط الريح على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية ودمرت ما مرت عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابهم حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة ؟



ص -47- وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم؟
وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها فأهلكم جميعا ثم أتبعهم حجارة من السماء أمطرها عليهم فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمة غيرهم ولإخوانهم أمثالها وما هي من الظالمين ببعيد؟
وما الذي قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم نارا تلظى؟
وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم فالأجساد للغرق والأرواح للحرق؟
وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله؟
وما الذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواع العقوبات ودمرها تدميرا؟
وما الذي أهلك قوم صاحب يس بالصيحة حتى خمدوا عن آخرهم؟
وما الذي بعث على بنى إسرائيل قوما أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وقتلوا الرجال وسبوا الذرية والنساء وأحرقوا الديار ونهبوا الأموال ثم بعثهم عليهم مرة ثانية فأهلكوا ما قدروا عليه وتبروا ما علو تتبيرا؟
وما الذي سلط عليهم أنواع العقوبات مرة بالقتل والسبي وخراب البلاد ومرة بجور الملوك ومرة بمسخهم قردة وخنازير وآخر ذلك أقسم الرب تبارك وتعالى: {لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ}
قال الإمام أحمد حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا صفوان بن عمرو حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال: "لما فتحت قبرص فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض فرأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي فقلت:




 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 02:31 AM   #8
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ص -48- يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله فقال: ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره بينما أمة هي قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى"
وقال علي بن الجعد: أنبأنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت أبا البختري يقول: أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم"
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أم سلمة قالت: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده فقلت: يا رسول الله أما فيهم يومئذ أناس صالحون قال: بلى قلت: فكيف يصنع بأولئك؟ قال: يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان"
وفي مراسيل الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال هذه الأمة تحت يد الله وفى كنفه ما لم يمال قراؤها أمراءها وما لم يزك صلحاؤها فجارها وما لم يهن خيارها أشرارها فإذا هم فعلوا ذلك رفع الله يده عنهم ثم سلط عليهم جبابرتهم فساموهم سوء العذاب ثم ضربهم الله بالفاقة والفقر"
وفي المسند من حديث ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"
وفيه أيضا عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها قلنا: يا رسول الله أمن قلة منا يومئذ؟ قال: أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل تنزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن قالوا: وما الوهن؟ قال: حب الحياة وكراهة الموت"



ص -49- وفى المسند من حديث أنس قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوهم وصدورهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم"
وفى جامع الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج في آخر الزمان قوم يختلون الدنيا بالدين ويلبسون للناس مسوك الضأن من اللين ألسنتهم أحلى من السكر وقلوبهم قلوب الذئاب يقول الله عز وجل: أبي يغترون؟ وعلي؟ يجترئون في حلفت لأبعثن على أولئك فتنة تدع الحليم فيها حيران"
وذكر ابن أبي الدنيا من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال على: يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ولا من القرآن إلا رسمه مساجدهم يومئذ عامرة وهي خراب من الهدى علماؤهم شر من تحت أديم السماء منهم خرجت الفتنة وفيهم تعود"
وذكر من حديث سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: "إذا ظهر الربا والزنا في قرية أذن الله عز وجل بهلاكها"
ومن مراسيل الحسن: إذا أظهر الناس العلم وضيعوا العمل وتحابوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا الأرحارم لعنهم الله عز وجل عند ذلك فأصمهم وأعمى أبصارهم"
وفي سنن ابن ماجة من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: يا معشر المهاجرين خمس خصال





ص -50- أعوذ بالله أن تدركوهن ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء فلولا البهائم لم يمطروا ولا خفر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم"
وفي المسند والسنن من حديث عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "إن من كان قبلكم كان إذا عمل العامل فيهم بالخطيئة جاءه الناهي تعذيرا فقال: يا هذا اتق الله فإذا كان الغد جالسه وواكله وشاربه كأنه لم يره على خطيئة بالأمس فلما رأى الله عز وجل ذلك منهم ضرب بقلوب بعضهم على بعض ثم لعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى ابن مريم {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} والذي نفس محمد بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم"
وذكر ابن أبي الدنيا عن إبراهيم بن عمرو الصنعاني قال: أوحى الله إلى يوشع بن نون أني مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم وستين ألفا من شرارهم قال: يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ قال: إنهم لم يغضبوا لغضبي وكانوا يواكلونهم ويشاربونهم".
وذكر أبو عمر بن عبد البر عن أبي عمران قال: بعث الله عز وجل ملكين إلى قرية: أن دمراها بمن فيها فوجدا فيها رجلا قائما يصلي فى مسجد فقالا:





ص -51- يا رب إن فيها عبدك فلانا يصلي فقال الله عز وجل: دمراها ودمراه معهم فإنه ما تمعر وجهه في قط"
وذكر الحميدي عن سفيان بن عيينة قال: حدثني سفيان بن سعيد عن مسعر "أن ملكا أمر أن يخسف قرية فقال: يا رب إن فيها فلانا العابد فأوحى الله عز وجل إليه: إن به فابدأ فإنه لم يتمعّر وجهه في ساعة قط"
وذكر ابن أبي الدنيا عن وهب بن منبه قال: "لما أصاب داود الخطيئة قال: يا رب اغفر لي قال: قد غفرت لك وألزمت عارها بني إسرائيل قال: يا رب كيف وأنت الحكم العدل لا تظلم أحدا أنا أعمل الخطيئة وتلزم عارها غيري؟ فأوحى الله إليه أنك لما عملت الخطيئة لم يعجلوا عليك بالإنكار"
وذكر ابن أبي الدنيا عن أنس بن مالك: "أنه دخل على عائشة وهو ورجل آخر فقال لها: الرجل يا أم المؤمنين حدثينا عن الزلزلة فقالت: إذا استباحوا الزنا وشربوا الخمور وضربوا بالمعازف غار الله عز وجل في سمائه فقال للأرض: تزلزلي بهم فإن تابوا ونزعوا وإلا هدمها عليهم قال: يا أم المؤمنين أعذابا لهم؟ قالت: بل موعظة ورحمة للمؤمنين ونكالا وعذابا وسخطا على الكافرين فقال أنس: ما سمعت حديثا بعد رسول صلى الله عليه وسلم أنا أشد فرحا به مني بهذا الحديث"
وذكر ابن أبي الدنيا حديثا مرسلا "أن الأرض تزلزلت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها ثم قال: اسكني فإنه لم يأن لك بعد ثم التفت إلى أصحابه فقال: إن ربكم ليستعتبكم فاعتبوه ثم تزلزلت بالناس على عهد عمر بن الخطاب فقال: أيها الناس ما كانت هذه الزلزلة إلا عن شيء أحدثتموه والذي نفسي بيده لإن عادت لا أساكنكم فيها أبدا"
وفي مناقب عمر لابن أبي الدنيا "أن الأرض تزلزلت على عهد عمر فضرب





ص -52- يده عليها وقال: مالك؟ ومالك؟ أما إنها لو كانت القيامة حدثت أخبارها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كان يوم القيامة فليس فيها ذراع ولا شبر إلا وهو ينطق
وذكر الإمام أحمد عن صفية قالت: "زلزلت المدينة على عهد عمر فقال: يأيها الناس ما هذا؟ ما أسرع ما أحدثتم لإن عادت لا أساكنكم فيها" وقال كعب: "إنما تزلزل الأرض إذا عمل فيها بالمعاصي فترعد فرقا من الرب جر جلاله أن يطلع عليها"
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار: "أما بعد فإن هذا الرجف شيء يعاتب الله عز وجل به العباد وقد كتبت إلى الأمصار أن يخرجوا في يوم كذا وكذا في شهر كذا وكذا فمن كان عنده شيء فليتصدق به فإن الله عز وجل قال: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} وقولوا كما قال آدم: {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} وقولوا كما قال نوح: {وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} وقولوا كما قال يونس: {لا إِلَهَ إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}.
وقال الإمام أحمد حدثنا أسود بن عامر حدثنا أبو بكر عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ظن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم" ورواه أبو داود بإسناد حسن





ص -53- وذكر ابن أبى الدنيا من حديث ابن عمر قال: لقد رأيتنا وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ظن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة وتركوا الجهاد في سبيل الله وأخذوا أذناب البقرة أنزل الله عليهم من السماء بلاء فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم"
وقال الحسن: "إن الفتنة والله ما هي إلا عقوبة من الله عز وجل على الناس" ونظر بعض أنبياء بني إسرائيل إلى ما يصنع بهم بختنصر فقال: بما كسبت أيدينا سلطت علينا من لا يعرفك ولا يرحمنا وقال: بختنصر لدانيال ما الذي سلطني على قومك قال: عظم خطيئتك وظلم قومي أنفسهم"
وذكر ابن أبي الدنيا من حديث عمار بن ياسر وحذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل إذا أراد بالعباد نقمة أمات الأطفال وأعقم أرحام النساء فتنزل النقمة وليس فيهم مرحوم"
وذكر عن مالك بن دينار قال: قرأت في الحكمة يقول الله عز وجل: "أنا الله مالك الملوك قلوب الملوك بيدي فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم"
وفي مراسيل الحسن: "إذا أراد الله بقوم خيرا جعل أمرهم إلى حلمائهم وفيئهم عند سمحائهم وإذا أراد بقوم شرا جعل أمرهم إلى سفائهم وفيئهم عند بخلائهم"
وذكر الإمام أحمد وغيره عن قتادة قال:قال موسى: "يا رب أنت في السماء ونحن في الأرض فما علامة غضبك من رضاك قال: إذا استعملت





ص -54- عليكم خياركم فهو من علامة رضائي عليكم وإذا استعملت عليكم شراركم فهو من علامة سخطي عليكم
وذكر ابن أبي الدنيا عن الفضيل بن عياض قال: أوحى الله إلى بعض الأنبياء: "إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني:
وذكر أيضا من حديث ابن عمر يرفعه: "والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يبعث الله أمراء كذبه ووزراء فجرة وأعوانا خونة وعرفاء ظلمة وقراء فسقة سيماهم سيماء الرهبان وقلوبهم أنتن من الجيف أهواؤهم مختلفة فيفتح الله لهم فتنة غبراء مظلمة فيتهاوكون فيها والذى نفس محمد بيده لينقضن الإسلام عروة عروة حتى لا يقال: الله الله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيسومونكم سوء العذاب ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليبعثن الله عليكم من لا يرحم صغيركم ولا يوقر كبيركم"


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 02:34 AM   #9
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وفي معجم الطبراني وغيره من حديث سعيد بن جبير عن بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما طفف قوم كيلا ولا بخسوا ميزانا إلا منعهم الله عز وجل القطر وما ظهر في قوم الزنا إلا ظهر فيهم الموت وما ظهر في قوم الربا إلا سلط الله عليهم الجنون ولا ظهر في قوم القتل يقتل بعضهم بعضا إلا سلط الله عليهم عدوهم ولا ظهر في قوم عمل قوم لوط إلا ظهر فيهم الخسف وما ترك قوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا لم ترفع أعمالهم ولم يسمع دعاؤهم" ورواه ابن أبي الدنيا من حديث إبراهيم بن الأشعث عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن سعيد به
وفى المسند وغيره من حديث عروة عن عائشة قالت: " دخلت علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حفزه النفس فعرفت في وجهه أن قد حفزه شيء فما





ص -55- تكلم حتى توضأ وخرج فلصقت بالحجرة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس إن الله عز وجل يقول لكم: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيبكم وتستنصروني فلا أنصركم وتسألوني فلا أعطيكم"
وقال العمري الزاهد: إن من غفلتك عن نفسك وإعراضك عن الله أن ترى ما يسخط الله فتتجاوزه ولا تأمر فيه ولا تنهى عنه خوفا ممن لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا"
وقال من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مخافة من المخلوقين نزعت منه الطاعة ولو أمر ولده أو بعض مواليه لاستخف بحقه
وذكر الإمام أحمد في مسنده من حديث قيس بن أبي حازم قال: قال أبو بكر الصديق: "يأيها الناس إنكم تتلون هذه الآية وإنكم تضعونها على غير موضعها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه وفي لفظ إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده"
وذكر الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خفيت الخطيئة فلا تضر إلا صاحبها وإذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة"
وذكر الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب: "توشك القرى أن تخرب وهي عامرة؟ قيل: وكيف تخرب وهي عامرة؟ قال: إذا علا فجارها على أبرارها وساد القبيلة منافقوها"
وذكر الأوزاعي عن حسان بن أبي عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:



ص -56- "سيظهر شرار أمتي على خيارها حتى يستخفى المؤمن فيهم كما يستخفى المنافق فينا اليوم"
وذكر ابن أبي الدنيا من حديث ابن عباس يرفعه قال: "يأتي زمان يذوب فيه قلب المؤمن كما يذوب الملح في الماء قيل: مما ذاك يا رسول الله؟ قال: مما يرى من المنكر لا يستطيع تغييره "
وذكر الإمام أحمد من حديث جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله لم يغيروه إلا عمهم الله بعقاب"
وفي صحيح البخاري عن أسامة بن زيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار0برحاه فيجتمع عليه أهل النار فيقولون: أي فلان ما شأنك؟ ألست كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر قال:إني كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه"
وذكر الإمام أحمد عن مالك بن دينار قال: "كان حبر من أحبار بني إسرائيل يغشى منزله الرجال والنساء فيعظهم ويذكرهم بأيام الله فرأى بعض بنيه يوما يغمز النساء فقال: مهلا يا بني فسقط من سريره فانقطع نخاعه وأسقطت امرأته وقتل بنوه فأوحى إلى الله إلى نبيهم أن أخبر فلانا الحبر لا أخرج من صلبك صديقا أبدا ما كان غضبك لي إلا أن قلت: مهلا يا بني"
وذكر الإمام أحمد من حديث عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلا كمثل القوم نزلوا أرض فلاة





ص -57- فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجئ بالعود حتى جمعوا سوادا وأججوا نارا وأنضجوا ما قذفوا فيها"
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك قال: "إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر وإنا كنا لنعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات"
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت النار لا هي أطعمتها ولا سقتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض"
وفي الحلية لأبي نعيم عن حذيفة أنه قيل له: في يوم واحد تركت بنوا إسرائيل دينهم؟ قال: لا ولكنهم كانوا إذا أمروا بشيء تركوه وإذا نهوا عن شيء فعلوه حتى انسخلوا من دينهم كما ينسلخ الرجل من قميصه"
ومن هاهنا قال بعض السلف: المعاصي بريد الكفر كما أن القُبلة بريد الجماع والغناء بريد الزنا والنظر بريد العشق والمرض بريد الموت"
وفي الحلية أيضا عن ابن عباس أنه قال: "يا صاحب الذنب لا تأمن سوء عاقبته ولما يتبع الذنب أعظم من الذنب إذا عملته قلة حياتك ممن على اليمين وعلى الشمال وأنت على الذنب أعظم من الذنب وضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب وحزنك على الذنب إذا فاتك أعظم من الذنب وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب ويحك هل تدري ما كان ذنب أيوب عليه السلام فابتلاه الله بالبلاء في جسده وذهاب ماله؟ استغاث به مسكين على ظالم يدرؤه عنه فلم يغنه ولم ينه الظالم عن ظلمه فابتلاه الله"



ص -58- قال الإمام أحمد: حدثنا الوليد قال: سمعت الأوزاعي يقول: سمعت بلال ابن سعد يقول: "لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت"
وقال الفضيل بن عياض: بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله
وقيل: أوحى الله تعالى إلى موسى يا موسى إن أول من مات من خلقي إبليس وذلك أنه عصاني وإنما أعد من عصاني من الأموات
وفي المسند وجامع الترمذي من حديث أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن إذا أذنب "ذنبا" نكت في قلبه نكتة سوداء فإذا تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل: {كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} قال الترمذي هذا حديث صحيح
وقال حذيفة: "إذا أذنب العبد "ذنبا" نكت في قلبه نكتة سوداء حتى يصير قلبه كالشاة الربداء"
وقال الإمام أحمد حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أما بعد يا معشر قريش فإنكم أهل لهذا الأمر ما لم تعصوا الله فإذا عصيتموه بعث عليكم من يلحاكم كما يلحى هذا القضيب بقضيب في يده ثم لحى قضيبه فإذا هو أبيض يصلد"
وذكر الإمام أحمد عن وهب قال: إن الرب عز وجل قال في بعض ما يقول لبني إسرائيل: "إني إذا أطعت رضيت وإذا رضيت باركت وليس لبركتي





ص -59- نهاية وإذا عصيت غضبت وإذا غضبت لعنت ولعنتي تبلغ السابع من الولد"
وذكر أيضا عن وكيع حدثنا زكريا عن عامر قال: كتبت عائشة إلى معاوية: "أما بعد فإن العبد إذا عمل بمعصية الله عاد حامده من الناس ذاما"
ذكر أبو نعيم بن أبي الجعد عن أبي الدرداء قال: "ليحذر امرؤ أن تلعنه قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر ثم قال: أتدري مم هذا؟ قلت: لا قال: إن العبد يخلو بمعاصي الله فيُلقى الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر"
وذكر عبد الله بن أحمد في كتاب الزهد لأبيه عن محمد بن سيرين: أنه لما ركبه الدين اغتم لذلك فقال: إني لا أعرف هذا الغم بذنب أصبته منذ أربعين سنة
وهاهنا نكتة دقيقة يغلط فيها الناس في أمر الذنب وهي أنهم لا يرون تأثيره في الحال وقد يتأخر تأثيره فينسى ويظن العبد أنه لا يغير بعد ذلك وأن الأمر كما قال القائل:

إذا لم يغبر حائط في وقوعه فليس له بعد الوقوع غبار

وسبحان الله ماذا أهلكت هذه النكتة من الخلق؟ وكم أزالت من نعمة؟ وكم جلبت من نقمة؟ وما أكثر المغترين بها من العلماء والفضلاء فضلا عن الجهال ولم يعلم المغتر أن الذنب ينقض ولو بعد حين كما ينقض السهم وكما ينقض الجرح المندمل على الغش والدّغل
وقد ذكر الإمام أحمد عن أبي الدرداء: "أعبدوا الله كأنكم ترونه وعدوا أنفسكم في الموتى واعلموا أن قليلا يكفيكم خير من كثير يلهيكم واعلموا أن البر لا يبلى وأن الإثم لا يُنسى"



ص -60- ونظر بعض العباد إلى صبي فتأمل محاسنه فأتى في منامه وقيل له: لتجدن غبَّها بعد أربعين سنة
هذا مع أن للذنب نقدا معجلا لا يتأخر عنه قال سليمان التيمي إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته
وقال يحيي بن معاذ الرازي: عجبت من ذي عقل يقول في دعائه: اللهم لا تشمت بي الأعداء ثم هو يشمِّت بنفسه كل عدو له قيل: وكيف ذلك؟ قال: يعصى الله فيشمت به في القيامة كل عدو
وقال ذي النون: من خان الله في السر هتك ستره في العلانية
فصل:
وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله
فمنها: حرمان العلم فإن العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفىء ذلك النور
ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته وتوقد ذكائه وكمال فهمه فقال: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية
وقال الشافعي رحمه الله:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال اعلم بان العلم فضل وفضل الله لايؤتاه عاصي

ومنها: حرمان الرزق وفي المسند "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 02:35 AM   #10
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ص -61- وقد تقدم وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق فترك التقوى مجلبة للفقر فما استجلب رزق بمثل ترك المعاصي
ومنها: وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله لايوازنها ولايقارنها لذة أصلا ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة وما لجرح بميت إيلام فلو لم تترك الذنوب إلا حذرا من وقوع تلك الوحشة لكان العاقل حريا بتركها
وشكا رجل إلى بعض العارفين وحشة يجدها في نفسه فقال له:

إذا كنت قد أوحشتك الذنوب فدعها إذا شئت واستأنس

وليس على القلب أمر من وحشة الذنب على الذنب فالله المستعان
ومنها: الوحشة التي تحصل له بينه وبين الناس ولاسيما أهل الخير منهم فإنه يجد وحشة بينه وبينهم وكلما قويت تلك الوحشة بَعُد منهم ومن مجالستهم وحرم بركة الانتفاع بهم وقرب من حزب الشيطان بقدر ما بعد من حزب الرحمن وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم فتقع بينه وبين امرأته وولده وأقاربه وبينه وبين نفسه فتراه مستوحشا من نفسه
وقال بعض السلف إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي
ومنها: تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا فمن عطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا ويالله العجب ! كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لايعلم من أين أتى؟

ومنها: ظلمته يجدها في قلبه حقيقة يحس بها كما يحس بظلمة الليل البهيم ادلهَمّ فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره فإن الطاعة نور والمعصية ظلمة وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع في البدع



ص -62- والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر كأعمى خرج في ظلمة الليل يمشي وحده وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين ثم تقوى حتى تعلو الوجه وتصير سوادا فيه حتى يراه كل أحد
قال عبد الله بن عباس: "إن للحسنة ضياء في الوجه ونورا في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق وإن للسيئة سوادا في الوجه وظلمة في القلب ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضة في قلوب الخلق"
ومنها: أن المعاصي توهن القلب والبدن أما وهنها للقلب فأمر ظاهر بل لاتزال توهنه حتى تزيل حياته بالكلية
وأما وهنها للبدن فإن المؤمن قوته في قلبه وكلما قوى قلبه قوى بدنه وأما الفاجر فإنه وإن كان قوى البدن فهو أضعف شيء عند الحاجة فتخونه قوته عند أحوج ما يكون إلى نفسه وتأمل قوة أبدان فارس والروم كيف خانتهم عند أحوج ما كانوا إليها وقهرهم أهل الإيمان بقوة أبدانهم وقلوبهم؟
ومنها: حرمان الطاعة فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أن يصد عن طاعة تكون بدله وتقطع طريق طاعة أخرى فينقطع عليه طريق ثالثة ثم رابعة وهلم جرا فينقطع عليه بالذنب طاعات كثيرة كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها وهذا كرجل أكل أكلة أوجبت له مرضة طويلة منعته من عدة أكلات أطيب منها والله المستعان
ومنها: أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته ولابد فإن البر كما يزيد في العمر فالفجور يقصر العمر
وقد اختلف الناس في هذا الموضع
فقالت طائفة: نقصان عمر العاصي هو ذهاب بركة عمره ومحقها عليه





ص -63- وهذا حق وهو بعض تأثير المعاصي
وقالت طائفة: بل تنقصه حقيقة كما تنقص الرزق فجعل الله سبحانه للبركة في الرزق أسبابا كثيرة تكثره وتزيده وللبركة في العمر أسبابا تكثره وتزيده
قالوا: ولا يمتنع زيادة العمر بأسباب كما ينقص بأسباب فالأرزاق والآجال والسعادة والشقاوة والصحة والمرض والغنى والفقر وإن كانت بقضاء الربّ عز وجل فهو يقضي ما يشاء بأسباب جعلها موجبة لمسبباتها مقتضية لها
وقالت طائفة: أخرى تأثير المعاصي في محق العمر إنما هو بأن حقيقة الحياة هي حياة القلب ولهذا جعل الله سبحانه الكافر ميتا غير حي كما قال تعالى: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} فالحياة في الحقيقة حياة القلب وعمر الإنسان مدة حياته فليس عمره إلا أوقات حياته بالله فتلك ساعات عمره فالبر والتقوى والطاعة تزيد في هذه الأوقات التي هي حقيقة عمره ولا عمر له سواها
وبالجملة فالعبد إذا أعرض عن الله واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية التي يجد ِغبّ إضاعتها يوم يقول: {يا ليتني قدمت لحياتي} فلا يخلوا إما أن يكون له مع ذلك تطلع إلى مصالحه الدنيوية والأخروية أو لا فإن لم يكن له تطلع إلى ذلك فقد ضاع عليه عمره كله وذهبت حياته باطلا وإن كان له تطلع إلى ذلك طالت عليه الطريق بسبب العوائق وتعسرت عليه أسباب الخير بحسب اشتغاله بأضدادها وذلك نقصان حقيقي من عمره
وسر المسألة أن عمر الإنسان مدة حياته ولا حياة له إلا بإقباله على ربه والتنعم بحبه وذكره وإيثار مرضاته



ص -64- صل:
ومنها أن المعاصي تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها وأن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها فالعبد إذا عمل حسنة قالت أخرى إلى جنبها: اعملني أيضا فإذا عملها قالت الثالثة كذلك وهلم جرا فيتضاعف الربح وتزايدت الحسنات وكذلك كانت السيئات أيضا حتى تصير الطاعات والمعاصي هيئات راسخة وصفات لازمة وملكات ثابتة فلو عطل المحسن الطاعة لضاقت عليه نفسه وضاقت عليه الأرض بما رحبت وأحس من نفسه بأنه كالحوت إذا فارق الماء حتى يعاودها فتسكن نفسه وتقر عينه ولو عطل المجرم المعصية وأقبل على الطاعة لضاقت عليه نفسه وضاق صدره وأعيت عليه مذاهبه حتى يعاودها حتى إن كثيرا من الفساق ليواقع المعصية من غير لذة يجدها ولا داعية إليها إلا لما يجد من الألم بمفارقتها كما صرح بذلك شيخ القوم الحسن بن هاني حيث يقول:

وكأس شربت على لذة وأخرى تداويت منها بها

وقال الآخر:

فكانت دوائى وهي دائي بعينه كما يتداوى شارب الخمر بالخمر

لايزال العبد يعاني الطاعة ويألفها ويحبها ويؤثرها حتى يرسل الله سبحانه وتعالى برحمته عليه الملائكة تؤزه إليها أزا وتحرضه عليها وتزعجه عن فراشه ومجلسه إليها ولايزال يألف المعاصي ويحبها ويؤثرها حتى يرسل الله عليه الشياطين فتؤزه إليها أزا فالأول قوى جند الطاعة بالمدد فصاروا من أكبر أعوانه وهذا قوى جند المعصية بالمدد فكانوا أعوانا عليه.

ص -65- فصل:
ومنها وهو من أخوفها على العبد أنها تضعف القلب عن إرادته فتقوى إرادة المعصية وتضعف إرادة التوبة شيئا فشيئا إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية فلو مات نصفه لما تاب إلى الله فيأتي بالاستغفار وتوبة الكذابين باللسان بشيء كثير وقلبه معقود بالمعصية مصر عليها عازم على مواقعتها متى أمكنه وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلى الهلاك فصل:
ومنها: أنه ينسلخ من القلب استقباحها فتصير له عادة فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ولا كلامهم فيه وهو عند أرباب الفسوق هو غاية التفكه وتمام اللذة حتى يفتخر أحدهم بالمعصية ويحدث بها من لم يعلم أنه عملها فيقول: يا فلان عملت كذا وكذا وهذا الضرب من الناس لا يعافون ويسد عليهم طريق التوبة وتغلق عنهم أبوابها في الغالب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافا إلا المجاهرين وإن من الإجهار أن يستر الله العبد ثم يصبح يفضح نفسه ويقول: يا فلان عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا فتهتك نفسه وقد بات يستره ربه"
ومنها: أن كل معصية من المعاصي فهي ميراث عن أمة من الأمم التي أهلكها الله عز وجل فاللوطية ميراث عن قوم لوط وأخذ الحق بالزائد ودفعه بالناقص ميراث عن قوم شعيب والعلو في الأرض بالفساد ميراث عن قوم فرعون والتكبر والتجبر ميراث عن قوم هود فالعاصي لابس ثياب بعض هذه الأمم وهم أعداء الله
وقد روى عبد الله بن أحمد في كتاب الزهد لأبيه عن مالك بن دينار قال:





ص -66- "أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن قل لقومك لا يدخلوا مداخل أعدائي ولا تلبسوا ملابس أعدائي ولا تركبوا مراكب أعدائي ولا يطعموا مطاعم أعدائي فيكونوا أعدائي كما هم أعدائي"
وفي مسند أحمد من حديث عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم"
فصل:
ومنها: أن المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه قال الحسن البصري: هانوا عليه فصعوه ولو عزوا عليه لعصمهم وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} وإن عظمهم الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم أو خوفا من شرهم فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه
ومنها: أن العبد لا يزال يرتكب الذنوب حتى يهون عليه ويصغر في قلبه وذلك علامة الهلاك فإن الذنب كلما صغر في عين العبد عظم عند الله
وقد ذكر البخاري في صحيحه عن ابن مسعود قال: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا فطار"
فصل:
ومنها: أن غيره من الناس والدّواب يعود عليه شؤم ذنبه فيحترق هو وغيره بشؤم الذنوب والظلم



ص -67- قال أبو هريرة: إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم
وقال مجاهد: إن الهائم تلعن عصاة بنى آدم إذا اشتدت السنة وأمسك المطر وتقول: هذا بشؤم معصية ابن ادم
وقال عكرمة: دواب الأرض وهوامها حتى الخنافس والعقارب يقولون: منعنا القطر بذنوب بني آدم.
فلا يكفيه عقاب ذنبه حتى يبوء بلعنه من لا ذنب له
فصل:
ومنها: أن المعصية تورث الذل ولا بد فإن العز كل العز في طاعة الله تعالى قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً ا} أي فليطلبها بطاعة الله فإنه لا يجدها إلا في طاعة الله
وكان من دعاء بعض السلف: "اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك"
قال الحسن البصري: إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين إن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم أبى الله إلا أن يذل من عصاه
وقال عبد الله بن المبارك:

رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ضعف مراقبة الله في الخلوات ( الداء والدواء ) فخوره بحجابى مواضيع لاتدعها تفوتك !! Threads do not let them miss 6 05 Oct 2012 08:36 PM
الطب النبوي ... لأبن القيم محمد الغماري طب الأعشاب . علمها وطبها وفوائدها Department of Herbal Medicine. Flag and Dobaa and benefits 44 04 Apr 2010 02:03 AM
اخي اراقي:اين الجواب الكافي. نضال الدين اليمني إدارة الطب الإلهي والنبوي ـ االإستشارات العلاجية والإستشفاء ـ Department of Medicine and the Prophet 2 07 Apr 2008 10:12 PM
الداء والدواء .. مسك 2007 منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 8 08 Mar 2008 08:51 PM
//--// الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي //--// نورالهدى منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 2 03 May 2007 12:46 PM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 11:48 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي