اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ : روى الإمام البخاري ومسلم عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهادَةِ أَنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقامِ الصَّلاةِ، وَإِيتاءِ الزَّكاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضانَ».

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: زنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وحاسبوها قبل أن تحاسبوا فإنه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية.


           :: استكشاف قرية الجن الفروثي وتجربة جهاز كاشف الجن والأشباح بالموجات الكهرومغناطيسية . (آخر رد :ابن الورد)       :: محمود صلاح بتصريح صادم: الجن يتعامل معنا والمنظومة التي تدير العالم تستجلب الشياطين ! (آخر رد :ابن الورد)       :: محمود صلاح يتحدث عن أسرار عبدة الشيطان :" التاروت هو أمر شيطاني "! (آخر رد :ابن الورد)       :: محمود صلاح يتحدى المنجمين : 2024 فيها لقاء مع الفضائيين وظهور وباء الزومبي ! (آخر رد :ابن الورد)       :: ماهي حقيقة مثلث برمودا ؟ ولماذا تختفي الطائرات والسفن به ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: د. محمود صلاح يفجر مفاجآة في استوديو القاهرة اليوم بأجهزة اكتشاف الجن والأرواح . (آخر رد :ابن الورد)       :: دخول دار جربة المسكونة بجهاز تعقب الجن ووضع القرآن في البيت لن تصدقوا محل بي . (آخر رد :ابن الورد)       :: تل الجن .. فريق عمل للكشف عن حقيقة تل الجن . (آخر رد :ابن الورد)       :: دخلت أخطر مدينة يسكنها الجن في العالم | أحمد الله أني خرجت منها حي ! (آخر رد :ابن الورد)       :: كم عدد الجن في السعودية ؟! (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) للكتب والأبحاث العلمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 15 Mar 2010, 05:40 AM   #34
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


تتمة:
القضاء يطلق لى معنيين:
أحدهما: حكم الله تعالى الذي هو قضاءه ووصفه، فهذا يجب الرضى به بكل حال، سواء كان قضاء دينياً أم قضاء كونياً، لأنه حكم الله تعالي، ومن تمام الرضى بربوبيته.
فمثال القضاء الديني قضاؤه بالوجوب والتحريم والحل، ومنه قوله تعالى:(وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ )(الاسراء: من الآية23).
ومثال القضاء الكوني: قضاؤه بالرخاء والشدة والغني والفقر والصلاح والفساد والحياة والموت، ومنه قوله تعالي: ) فلما قضينا عليه الموت ( [ سبأ: 14]، ومنه قوله تعالي: )وقضينا إلي بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيراً ( [الإسراء: 4].
المعني الثاني: المقضي، وهو نوعان:
الأول: المقضي شرعاً، فيجب الرضي به وقبوله، فيفعل المأمور به، ويترك المنهي عنه، ويتمتع بالحلال.
والنوع الثاني: المقضي كوناً.
فإن كان من فعل الله، كالفقر والمرض والجدب والهلاك ونحو ذلك، فقد تقدم أن الرضي به سنة، لا واجب، على القول الصحيح.
وإن كان من فعل العبد، جرت فيه الأحكام الخمسة، فالرضي بالواجب، وبالمندوب مندوب، وبالمباح مباح، وبالمكروه مكروه، وبالحرام حرام.
ويدعون إلي مكارم الأخلاق (1) ومحاسن الأعمال (2) ويعتقدون معني قوله صلي الله عليه وسلم: " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً " (3) …………………
(1)أي: أطايبها، والكرم من كل شئ هو الطيب منه بحسب ذلك الشيء، ومنه قول الرسول صلي الله عليه وسلم لمعاذ: " إياك وكرائم أموالهم " [355]، حين أمره بأخذ الزكاة من أهل اليمن.
والأخلاق: جمع خلق، وهو الصورة الباطنة في الإنسان، يعني: السجايا والطبائع، فهم يدعون إلي أن يكون الإنسان سريرته كريمة، فيجب الكرم والشجاعة والتحمل من الناس والصبر، وأن يلاقي الناس بوجه طلق وصدر منشرح ونفس مطمئنة، كل هذه من مكارم الأخلاق.
(2)" محاسن الأعمال " هي مما يتعلق بالجوارح، ويشمل الأعمال التعبدية والأعمال غير التعبدية، مثل البيع والشراء والإجارة، حيث يدعون الناس إلي الصدق والنصح في الأعمال كلها، وإلي تجنب الكذب والخيانة، وإذا كانوا يدعون الناس إلي ذلك، فهم بفعله أولى.
(3)هذا الحديث [356]ينبغي أن يكون دائماً نصب عيني المؤمن، فأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا مع الله ومع عباد الله.
أما حسن الخلق مع الله، فأن تتلقى أوامره بالقبول والإذعان والانشراح وعدم الملل والضجر، وأن تتلقى أحكامه الكونية بالصبر والرضي وما أشبه ذلك.
أما حسن الخلق مع الخلق، فقيل: هو بذل الندي، وكف الأذى، وطلاقة الوجه.
بذل الندي، يعني: الكرم، وليس خاصاً بالمال، بل بالمال والجاه والنفس، وكل هذا من بذل الندي.
وطلاقة الوجه ضده العبوس.
وكذلك كف الأذى بأن لا يؤذي أحداً لا بالقول ولا بالفعل.
ويندبون (1) إلي أن تصل من قطعك (2) …………………
(1)أي: يدعون.
(2)" أن تصل من قطعك " : من الأقارب ممن تجب صلتهم عليك، إذا قطعوك، فصلهم، لا تقل: من وصلني، وصلته! فإن هذا ليس بصلة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: " ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل من إذا قطعت رحمه، وصلتها"[357]، فالواصل هو الذي إذا قطعت رحمه، وصلها.
وسأل النبي صلي الله عليه وسلم رجل، فقال: يا رسول الله! إن لي أقارب، أصلهم ويقاطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون على! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن كنت كما قلت ، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك"[358].
" تسفهم المل" ، أي : كأنما تضع التراب أو الرماد الحار في أفواههم.
فأهل السنة والجماعة يندبون إلي أن تصل من قطعك، وأن تصل من وصلك بالأولي، لأن من وصلك وهو قريب، صار له حقان: حق القرابة، وحق المكافأة، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: " من صنع إليكم معروفاً، فكافئوه" [359]
وتعطي من حرمك (1) وتعفو عمن ظلمك (2) …………………
(1)أي: من منعك، ولا تقل: منعني، فلا أعطيه.
(2)أي: من أنتقصك حقك: إما بالعدوان، وإما بعدم القيام بالواجب.
والظلم يدور على أمرين: اعتداء وجحود: إما أن يعتدي عليك بالضرب وأخذ المال وهتك العرض، وإما أن يجحدك فيمنعك حقك.
وكمال الإنسان أن يعفو عن من ظلمه.
ولكن العفو إنما يكون عند القدرة على الانتقام، فأنت تعفو مع قدرتك على الانتقام.
أولاً: رجاء لمغفرة الله عز وجل ورحمته، فإن من عفا وأصلح، فأجره على الله.
ثانياً: لإصلاح الود بينك وبين صاحبك، لأنك إذا قابلت إساءته بإساءة، استمرت الإساءة بينكما، وإذا قابلت إساءته بإحسان، عاد إلي الإحسان إليك، وخجل، قال الله تعالي: )وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) .
فالعفو عند المقدرة من سمات أهل السنة والجماعة، لكن بشرط أن يكون العفو إصلاحاً، فإن تضمن العفو إساءة، فإنهم لا يندبون إلي ذلك لأن الله اشترط فقال: ) فمن عفا وأصلح ( [الشوري: 40]، أي: كان في عفو إصلاح، أما من كان في عفوه إساءة، أو كان سبباً للاساءة، فهنا نقول: لا تعف ! مثل أن يعفو عن مجرم، ويكون عفو هذا سبباً لاستمرار هذا المجرم في إجرامه، فترك العفو هنا أفضل، وربما يجب ترك العفو حينئذ.
ويأمرون ببر الوالدين (1)...........................
(1)وذلك لعظم حقهما.
ولم يجعل الله لأحد حقاً يلي حقه وحق رسوله إلا للوالدين، فقال: ) واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً ( [ النساء: 36].
وحق الرسول في ضمن الأمر بعبادة الله، لأنه لا تتحقق العبادة حتي يقوم بحق الرسول عليه الصلاة والسلام، بمحبته واتباع سبيله، ولهذا داخلاً في قوله: ) واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً (، وكيف يعبد الله إلا من طريق الرسول صلي الله عليه وسلم ، وإذا عبد الله على مقتضي شريعة الرسول، فقد أدي حقه.
ثم يلي ذلك حق الوالدين، فالوالدان تعباً على الولد، ولا سيما الأم الأم، قال الله تعالي: ) ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً ( [ الأحقاف:15]، وفي آية أخرى: ) ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمة وهنا على على وهن( [ لقمان: 14]، والأم تتعب في الحمل، وعند الوضع، وبعد الوضع، وترحم صبيها أشد من رحمة الوالد له.
ولهذا كانت أحق الناس بحسن الصحبة والبر، حتى من الأب.
قال رجل: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال امك قال ثم من؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أمك : قال في الرابعة: " ثم أبوك "[360].
والأب أيضاً يتعب في أولاده، ويضجر بضجرهم، ويفرح لفرحهم، ويسعي بكل الأسباب التي فيها راحتهم وطمأنينتهم وحسن عيشتهم، يضرب الفيافي والقفار من أجل تحصيل العيش له ولأولاده.
فكل من الأم والأب له حق، مهما عملت من العمل، لن تقضي حقهما، ولهذا قال الله عز وجل: ) وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ( [الإسراء: 24]، فحقهم سابق، حيث ربياك صغيراً حين لا تملك لنفسك نفعاً ولا ضراً، فواجبها البر.
والبر فرض عين بالإجماع على كل واحد من الناس، ولهذا قدمه النبي صلي الله عليه وسلم على الجهاد في سبيل الله، كما في حديث ابن مسعود، قال: قلت: يا رسول الله! أي العمل أحب إلي الله ؟ قال: " الصلاة على وقتها " . قلت: ثم أي؟ قال: " بر الوالدين" . قلت : ثم أي؟ قال: " الجهاد في سبيل الله "[361].
والوالدان هما الأب والأم، أما الجد والجدة، فلهما بر، لكنه لا يساوي بر الأم والأب، لأن الجد والجدة لم يحصل لهما ما حصل للأم والأب من التعب والرعاية والملاحظة، فكان برهما واجباً من باب الصلة لكن هما أحق الأقارب بالصلة، أما البر، فإنه للأم والأب.
لكن، ما معني البر؟
البر: إيصال الخير بقدر ما تستطيع، وكف الشر.
إيصال الخير بالمال، إيصال الخير بالخدمة، إيصال الخير بإدخال السرور عليهما، من طلاقة الوجه، وحسن المقال والفعال، وبكل ما فيه راحتهما.
ولهذا كان القول الراجح وجوب خدمة الأب والأم على الأولاد، إذا لم يحصل على الولد ضرر، فإن كان عليه ضرر، لم يجب عليه خدمتهما، اللهم إلا عند الضرورة.
ولهذا نقول: إن طاعتهما واجبة فيما فيه نفع لهما ولا ضرر على الولد فيه، أما ما فيه ضرر عليه، سواء كان ضرراً دينياً، كأن يأمراه بترك واجب أو فعل محرم، فإنه لا طاعة لهما في ذلك، أو كان ضرراً بدنيا، فلا يجب عليه طاعتهما. أما المال، فيجب عليه أن يبرهما ببذله، ولو كثر إذا لم يكن عليه ضرر، ولم تتعلق به حاجته، والأب خاصة له أن يأخذ من مال ولده ما شاء، ما لم يضر.
وإذا تأملنا في أحوال الناس اليوم، وجدنا كثيراً منهم لا يبر بوالديه، بل هو عاق، تجده يحسن إلي أصحابه، ولا يمل الجلوس معهم، لكن لو يجلس إلي أبيه أو أمه ساعة من نهار، لوجدته متململاً، كأنما هو على الجمر، فهذا ليس ببار، بل البار من ينشرح صدره لأمه وأبيه ويخدمهما على أهداب عينيه، ويحرص غاية الحرص على رضاهما بكل ما يستطيع.
وكما قالت العامة:" البر أسلاف " ، فإن البر مع كونه يحصل به البار على ثواب عظيم في الآخرة، فإنه يجازي به في الدنيا. فالبر والعقوق كما يقول العوام: " أسلاف "، أقرض، تستوف، إن قدمت البر، برك أولادك، وإن قدمت العقوق، عقك أولادتك..
وهنا حكايات كثيرة في أن من الناس من بر والديه فبر به أولاده، وكذلك العقوق فيه حكايات تدل على أن الإنسان عقه أولاده كما عق هو آباءه.
فأهل السنة والجماعة يأمرون ببر الوالدين.
وصلة الأرحام (1).................................
(1)وكذلك يأمرون بصلة الأرحام.
ففرق بين الوالدين والأقارب الآخرين، الأقارب لهم الصلة، والوالدان لهما البر، والبر أعلي من الصلة، لأن البر كثرة الخير والإحسان ، لكن الصلة آلا يقطع، ولهذا يقال في تارك البر: إنه عاق، ويقال فيمن لم يصل: إنه قاطع، فصلة الأرحام واجبة، وقطعها سبب للعنة والحرمان من دخول الجنة، قال الله تعالي: ) فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم اله فأصمهم وأعمي أبصارهم ( [ محمد: 22-23]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: " لا يدخل الجنة قاطع" [362]، أي: قاطع رحم.
والصلة جاءت في القرآن والسنة مطلقة.
وكل ما أتي ولم يحدد بالشرع كالحرز فبالعرف احدد
وعلي هذا، يرجع إلي العرف فيها، فما سماه الناس صلة، فهو صلة، وما سماه قطيعة، فهو قطيعة، وهذه تختلف باختلاف الأحوال والأزمان والأمكنة والأمم.
إذا كان الناس في حالة فقر، وأنت غني، وأقاربك فقراء، فصلتهم أن تعطيهم بقدر حالك.
وإذا كان الناس أغنياء، وكلهم في خير، فيمكن أن يعد الذهاب إليهم في الصباح أو المساء صلة.
وفي زماننا هذه الصلة بين الناس قليلة، وذلك لانشغال الناس في حوائجهم، وانشغال بعضهم عن بعض، والصلة التامة أن تبحث عن حالهم، وكيف أولادهم، وتري مشاكلهم، ولكن هذه من الأسف مفقودة، كما أن البر التام مفقود عند كثير من الناس.
وحسن الجوار (1)...................
(1)أي: ويأمرون، يعني: أهل السنة والجماعة بحسن الجوار مع الجيران، والجيران هم الأقارب في المنزل، أدناهم أولاهم بالإحسان والإكرام: قال الله تعالي: ) وبالوالدين إحسانا وبذي القربي واليتامي والمساكين والجار ذي القربي والجار الجنب ( [ النساء: 36]، فأوصي الله بالإحسان إلي الجار القريب والجار البعيد.
وقال النبي صلي الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره "[363].
وقال: " إذا طبخت مرقة، فأكثر من ماءها، وتعاهد جيرانك" .
وقال: " ما زال جبريل يوصيني بالجار حتي ظننت أنه سيورثه "[364].
وقال: " والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه"[365]. إلي غير ذلك من النصوص الدالة على العناية بالجار والإحسان إليه وإكرامه.
والجار إن كان مسلماً قريباً، كان له ثلاثة حقوق: حق الإسلام، وحق القرابة، وحق الجوار.
وإن كان قريباً جاراً ، فله حقان: حق القرابة، وحق الجوار.
وإن كان مسلما غير قريب وهو جار، فله حقان: حق الإسلام، وحق الجوار.
وإن كان جاراً كافراً بعيداً، فله حق واحد، وهو حق الجوار.
فأهل السنة والجماعة يأمرون بحسن الجوار مطلقاً، أيا كان الجار ومن كان أقرب، فهو أولي.
ومن المؤسف أن بعض الناس اليوم يسيئون إلي الجار أكثر مما يسيئون إلي غيره، فتجده يعتدي على جاره بالأخذ من ملكه وإزعاجه.
وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله في آخر باب الصلح في الفقه شيئاً من أحكام الجوار، فليرجع إليه.
والإحسان (1) إلي اليتامي (2) والمساكين(3) ………………
(1)كذلك يأمرون، أي: أهل السنة والجماعة بالإحسان إلي هؤلاء الأصناف الثلاثة.
(2)اليتامى: جمع يتيم، وهو الذي مات أبوه قبل بلوغه.
وقد أمر الله تعالي بالإحسان إلي اليتامى، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم حث عليه في عدة أحاديث.
ووجه ذلك أن اليتيم قد انكسر قلبه بفقد أبيه، فهو في حاجة إلي العناية والرفق.
والإحسان إلي اليتامى يكون بحسب الحال.
(3)والمساكين: هم الفقراء، وهو هنا شامل للمسكين والفقير.
فالإحسان إليهم مما أمر به الشرع في آيات متعددة من القرآن، وجعل لهم حقوقاً خاصة في الفيء وغيره.
ووجه الإحسان إليهم أن الفقر أسكنهم وأضعفهم وكسر قلوبهم، فكان من محاسن الإسلام أن نحسن إليهم جبراً لما حصل لهم من النقص والانكسار.
والإحسان إلي المساكين يكون بحسب الحال: فإذا كان محتاجاً إلي طعام، فالإحسان إليه بأن تطعمه، وإذا كان محتاجاً إلي كسوة، فالإحسان إليه بأن تكسوه، وإلي اعتبار بأن توليه اعتباراً، فإذا دخل المجلس، ترحب به، وتقدمه لأجل، أن ترفع من معنويته.
فمن أجل هذا النقض الذي قدره الله عز وجل عليه بحكمته أمرنا عز وجل أن نحسن إليهم.
وابن السبيل (1) والرفق بالمملوك (2) ………………………….
(1)ابن السبيل، وهو المسافر، وهو هنا المسافر الذي انقطع به السفر، أو لم ينقطع، بخلاف الزكاة لأن المسافر غريب، والغريب مستوحش، فإذا آنسته بإكرامه والإحسان إليه، فإن هذا مما يأمر به الشرع.
فإذا نزل ابن سبيل بك ضيفاً، فمن إكرامه أن تكرم ضيافته.
لكن قال بعض العلماء: إنه لا يجب إكرامه بضايفته إلا في القرى دون الأمصار!
ونحن نقول: بل هي واجبة في القرى والأمصار، إلا أن يكون هناك سبب، كضيق البيت مثلاً، أو أسباب أخري تمنع أن تضيف هذا الرجل، لكن على كل حال ينبغي إذا تعذر أن تحسن الرد.
يعني: أن أهل السنة والجماعة يأمرون بالرفق بالمملوك.
وهذا يشمل المملوك الآدمي والبهيم:
فالرفق بالمملوك الآدمي أن تطعمه إذا طعمت، وتكسوه إذا اكتسبت، ولا تكلفه ما لا يطيق.
والرفق بالمملوك من البهائم سواء كانت ما تركب أو تحلب أو تقتني، يختلف بحسب ما تحتاج إليه، ففي الشتاء تجعلها في الأماكن الدافئة إذا كانت تتحمل البرد، وفي الصيف في الأماكن الباردة إذا كانت لا تتحمل الحر، ويؤتي لها بالطعام وبالشراب إن لم تحصل عليه بنفسها بالرعي، وإذا كانت مما تحمل، فلا تحمل ما لا تطيق.
وهذا يدل على كمال الشرع، وأنه لم ينس حتى البهائم، وعلي شمولية طريقة أهل السنة والجماعة.
وينهون عن الفخر والخيلاء والبغي، والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق (1)……
(1)الفخر بالقول، والخيلاء بالفعل، والبغي العدوان، والاستطالة الترفع والاستعلاء.
فينهون عن الفخر: أن يتفاخر الإنسان على غيره بقوله، فيقول: أنا العالم ! أنا الغني! أنا الشجاع!
وإن زاد على ذلك أن يستطيل على الآخرين ويقول: ماذا أنتم عندي؟ فيكون هذا فيه بغي واستطالة على الخلق.
والخيلاء تكون بالأفعال، يتخايل في مشيته وفي وجهه وفي رفع رأسه ورقبته إذا مشي، كأنه وصل إلي السماء، والله عز وجل وبخ من كان هذا فعله، وقال: ) ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً ( [ الإسراء: 37].
فأهل السنة والجماعة ينهون عن هذا، ويقولون: كن متواضعاً في القول وفي الفعل، حتى في القول، لا تثن على نفسك بصفاتك الحميدة، إلا حيث دعت الضرورة أو الحاجة إلي ذلك، كقول ابن مسعود رضي الله عنه: " لو أعلم أحداً هو أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل، لركبت إليه"[366]، فإنه رضي الله عنه قصد بذلك أمرين:
الأول: حث الناس على تعلم كتاب الله تعالي.
والثاني: دعوتهم للتلقي عنه.
والإنسان ذو الصفات الحميدة لا يظن أن الناس تخفي عليهم خصاله أبداً، سواء ذكرها للناس أم لم يذكرها، بل إن الرجل إذا صار يعدد صفاته الحميدة أمام الناس، سقط من أعينهم، فاحذر هذا الأمر.
والبغي: العدوان على الغير، ومواقعه ثلاثة بينها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام "[367].
كالبغي على الخلق بالأموال والدماء والأعراض.
في الأموال، مثل أن يدعي ما ليس له أو ينكر ما كان عليه، أو يأخذ ما ليس له، فهذا بغي على الأموال.
وفي الدماء: القتل فما دونه، يعتدي على الإنسان بالجرح والقتل.
وفي الأعراض: يحتمل أن يراد بها الأعراض، يعني: السمعة، فيعتدي عليه بالغيبة التي يشوه بها سمعته، ويحتمل أن يراد بها الزني وما دونه، والكل محرم، فأهل السنة والجماعة ينهون عن الاعتداء على الأموال والدماء والأعراض.
وكذلك الاستطالة على الخلق، يعني الاستعلاء عليهم بحق أو بغير حق.
فالاستعلاء على الخلق ينهي عنه أهل السنة والجماعة، سواء كان بحق أو بغير حق، والاستعلاء هو أن الإنسان يترفع على غيره.
وحقيقة الأمر أن من شكر نعمة الله عليك أن الله إذا منَّ عليك بفضل على غيرك من مال أو جاه أو سيادة أو علم أو غير ذلك، فإنه ينبغي أن تزداد تواضعاً، حتى تضيف إلى الحسن حسني، لأن الذي يتواضع في موضع الرفعة هو المتواضع حقيقة.
ومعني قوله: " بحق " أي: حتى لو كان له الحق في بيان أنه عال مترفع، فإن أهل السنة والجماعة ينهون عن الاستعلاء والترفع.
أو يقال: إن معني قوله: " الاستطالة بحق " : أن يكون أصل استطالته حقاً، بأن يكون قد اعتدي عليه إنسان، فيعتدي عليه أكثر.
فأهل السنة والجماعة رحمهم الله ينهون عن الاستطالة والاستعلاء على الخلق، سواء كان ذلك بحق أو بغير حق.
ويأمرون بمعالي الأخلاق ( 1) وينهون عن سفاسفها (2) وكل ما يقولونه (3) ويفعلونه (4) من هذا وغيره فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة. وطرقتهم هي دين الإسلام، الذي بعث الله به محمداً صلي الله عليه وسلم (5)..................
(1)أي: ما كان عالياً منها، كالصدق والعفاف وأداء الأمانة ونحو ذلك.
(2)أي: رديئها، كالكذب والخيانة والفواحش ونحو ذلك.
(3)أي: أهل السنة والجماعة.
(4)من هذا وغيره.
(5)وهذه حال ينبغي أن يتنبه لها، وهو أننا كل ما نقوله وكل ما نفعله نشعر حال قوله أو فعله أننا نتبع فيه الرسول عليه الصلاة والسلام، مع الإخلاص لله، لتكون أقوالنا وأفعالنا كلها عبادات لله عز وجل، ولهذا يقال: إن عبادات الغافلين عادات، وعادات المنتبهين عبادات.
فالإنسان الموفق يمكن أن يحول العادات إلي عبادات، والإنسان الغافل يجعل عباداته عادات.
فليحرص المؤمن على أن يجعل أقواله وأفعاله كلها تبعاً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ينال بذلك الأجر، ويحصل به كمال الإيمان والإنابة إلي الله عز وجل.
لكن لما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن أمته (1) ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة (2)………………………
(1)" أن أمته "، يعني: أمة الإجابة، لا أمة الدعوة، لأن أمة الدعوة يدخل فيها اليهود والنصارى، وهم مفترقون، فاليهود إحدى وسبعون فرقة، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وهذه الأمة على ثلاث وسبعين، كلها تنسب نفسها إلي الإسلام واتباع رسول الله صلي الله عليه وسلم.
(2)قوله: " كلها في النار إلا واحدة "[368]: لا يلزم من ذلك الخلود في النار، وإنما المعني أن عملها مما تستحق به دخول النار.
وهذه الثلاث والسبعون فرقة، هل وقعت الآن وتمت أو هي في المنظور؟
أكثر الذين تكلموا على هذا الحديث قالوا: إنها وقعت وأنتهت، وصاروا يقسمون أهل البدع إلي خمسة أصول رئيسية، ثم هذه الخمسة الأصول يفرعون عنها فرقاً، حتي أوصلوها إلي أثنتين وسبعين فرقة، وأبقوا فرقة واحدة، وهي أهل السنة والجماعة.
وقال بعض العلماء: إن الرسول عليه الصلاة والسلام أبهم هذه الفرق، ولا حاجة أن نتكلم فنقسم البدع الموجودة الآن إلي خمسة أصول، ثم نقسم هذه الأصول إلي فروع، حتي يتم العدد، حتي إننا نجعل الفرع أحياناً فرقة تامة من أجل مخالفتها في فرع واحد، فإن هذا لا يعد فرقة مستقلة.
فالأولي: أن نقول : إن هذه الفرق غير معلومة لنا، ولكننا نقول: بلا شك أنها فرق خرجت عن الصراط المستقيم، منها ما خرج فأبعد، ومنها ما خرج خروجاً متوسطاً، ومنها ما خرج خروجاً قريباً، ونلزم بحصرها، لأنه ربما يخرج فرق تنتسب للأمة الإسلامية غير التي عدها العلماء، كما هو الواقع، فقد خرج فرق تنتسب إلي الإسلام من غير الفرق التي كانت قد عدت في عهد العلماء السابقين.
وعلي كل حال، فالرسول عليه الصلاة والسلام أخبر أن أمته أمة الإجابة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها ضالة، وفي النار، إلا واحدة، وهي:
وهي الجماعة(1)، وفي حديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي " (2) صار (3) المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب هم أهل السنة والجماعة (4) ………………
(1)" الجماعة "، يعني: التي اجتمعت على الحق ولم تتفرق فيه.
(2)الذين كانوا على ما كان عليه الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه هم الجماعة الذين اجتمعوا على شريعته، وهم الذين امتثلوا ما وصي الله به: ) أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ( [الشوري: 13]، فهم لم يتفرقوا، بل كانوا جماعة واحدة.
(3)جملة " صار " جواب الشرط قوله: " لكن لما " .
(4)فإذا سئلنا: من أهل السنة والجماعة؟
فنقول: هم المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب.
وهذا التعريف من شيخ الإسلام ابن تيميه يقتضي أن الأشاعرة والماتريدية ونحوهم ليسوا من أهل السنة والجماعة، لأن تمسكهم مشوب بما أدخلوا فيه من البدع.
وهذا هو الصحيح، أنه لا يعد الأشاعرة والماتريدية فيما ذهبوا إليه في أسماء الله وصفاته من أهل السنة والجماعة.
وكيف يعدون من أهل السنة والجماعة في ذلك مع مخالفتهم لأهل السنة والجماعة؟!
لأنه يقال: إما إن يكون الحق فيما ذهب إليه هؤلاء الأشاعرة والماتريدية، أو الحق فيما ذهب إليه السلف. ومن المعلوم أن الحق فيما ذهب إليه السلف، لأن السلف هنا هم الصحابة والتابعون وأئمة الهدي من بعدهم، فإذا كان الحق فيما ذهب إليه السلف، وهؤلاء يخالفونهم، صاروا ليسوا من أهل السنة والجماعة في ذلك.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب العلم ... للشيخ محمد العثيمين محمد الغماري المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 62 16 Mar 2010 03:07 AM
كتاب نبذة في العقيدة الإسلامية ... للشيخ محمد العثيمين محمد الغماري المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 13 16 Mar 2010 12:53 AM
شرح ثلاثة الأصول ... للشيخ محمد العثيمين محمد الغماري المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 2 16 Mar 2010 12:46 AM
الكتاب : الخلاف بين العلماء/ للشيخ العلامة :محمد بن صالح بن محمد العثيمين ابومروان الليبي منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 1 22 Sep 2009 06:29 PM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 07:36 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي