المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإرهاب الفكري من أقوى أسلحة القبورية


أبو سفيان
24 Apr 2010, 12:19 PM
الإرهاب الفكري من أقوى أسلحة القبورية
للشيخ أحمد بن حسن المعلم

http://www.soufia-h.net/showthread.php?t=5572


يقول الشيخ أحمد بن حسن المعلم في كتابة الرائع "القبورية" في مبحث أساليب القبورية في محاربة مخالفيها فصل (الإرهاب الفكري من أقوى أسلحة القبورية) ص 495-501 :


وفيه مطلبان :

المطلب الأول: تربية المجتمع على التسليم المطلق لأوليائهم وأقطابهم :

وهذه سمة أخرى من سمات الباطنية أن يربوا المجتمع بشكل عام على التسليم لهم وعدم معارضتهم، وأن المعارضة سبيل إلى الحرمان، وما أفلح من اعترض، والفوز والقبول في التسليم للقادة والأئمة والأولياء؛ وذلك أن علومهم الباطنة المزعومة لا يمكن إقامة الحجة عليها، فلا كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا عقل يمكن أن يدل عليها، فما بقي إلا أن يسلّم السامع، وأن يلغي عقله حتى لا يحرم، وكذلك تصرفاتهم المخالفة للشرع والعقل لا يمكن تبريرها إلا بذلك، ولو ذهبتُ أبحث عن الأمثلة، وأحصرها لضاقت عنها مساحة هذا المطلب، ولكن أضرب أمثلة قليلة تدل على أمثالها وأشكالها:

المثال الأول: في كتاب " السعادة الأبدية في الأنفاس العلية الحبشية "التي ألقاها صاحبها (علي الحبشي) في مجالسه التي كان يعقدها؛ لتعليم الناس وإرشادهم؛ ولتدريس وتربية طلابه، وتلقاها وجمعها أحد طلابه وهو (محسن بن عبدالله بن الحبيب الإمام محسن بن علوي السقاف)، وردت هذه الحكاية، قال: (وأورد الشيخ عبد العزيز الدباغ كلاماً في حسن الظن وكونه نافعاً، وإن لم يكن المعتقَد فيه متصفاً بذلك، فقال: كان رجل تاجراً وله مال كثير، فاشتاقت نفسه إلى ما مع الرجال أهل الكمال، وعزم أن يتجرد إلى الله، وينقطع إليه، وكان في البلد رجل مشهورٌ بالصلاح وتربية المريدين، وهو في الباطن على خلاف ذلك، فكان إذا رجع إلى خلوته يأتون إليه ناس من أصحابه على طريقته، فيلهون ويسكرون، فباع الرجل التاجر جميع ما معه وصيره نقداً، ثم سار إليه ومعه ذلك المال؛ ليتحكم له ويوصله إلى الله، فصادف وقت خلوته، فلما دق الباب أشرفت جارية، فقالت: من بالباب؟ فقال: عبدالعال، وكان واحد من أصحابه أهل الملاهي اسمه عبدالعال، فلما أخبرت الشيخ باسمه ظن أنه صاحبه، فقال لها: افتحي له الباب، فطلع الرجل، فوجد الجواري والشراب وآلات اللهو عنده، فما التفت إلى شيء قط بل جثا بين يدي الشيخ، فخجل لما رآه غير صاحبه، وهو يظهر الصلاح، فقال له: يا سيدي، أنا رجل أريد الطريق إلى الله، وأريد أن تسلّكني، وتدلني على الله، وهذا ما معي من المال، فلما وضعه بين يديه تقاصرا لخجل، فقال: إن الوظائف جميعها مشغولة إلا عمل في حديقة لنا بعيدة، خذ المكتل والمسحاة، وسر إليها، واشتغل فيها إلى أن يفتح الله عليك، فامتثل أمره، ولم يغـير حسن ظنه فيه مـا شاهده عنده، وحين وصل إلى الحديقة، ابتدأ في العمل، ومات أحد الأبدال في تلك الليلة، فاجتمعوا هم والقطب، فقالوا: من يصلح بدله؟ فقالوا: فلان، يعنون ذلك الرجل الذي في الحديقة؛ بسبب حسن ظنه، فدعوا منه، وقالوا له: خذ هيل بلا كيل، واتصل بربه، فاطلع على حالة شيخه، فقال:أنا قد أدركت مطلوبي، وهو يصطلح هو وربه) [1].

هذه هي التربية التي يربون بها أتباعهم، وينشئون عليها أجيالهم، فهل سيكون لدى خريج هذه المدارس أي غيرة أو نخوة تدفعه لإنكار منكراتهم، والاعتراض على أي شيء يقدمون عليه من أقوال أو أفعال مهــما بلغت في القبح والسوء؟! وليس هذا هو المثال الوحيد، ولكن الأمثلة على ذلك كثيرة جداً.

المثال الثاني : ما ذكره الشلي، وهو يتحدث عن كرامات الأولياء ووجوب التسليم لهم فيها، وإن ظهر منهم أي مخالفة، فإنهم لاشك أن لهم في الباطن ما يسوِّغ ذلك، قال: (وأنا أورد قصة، فيها أبلغ زجر وآكد ردع من الإنكار على أولياء الله تعالى وأتمّ حث على اعتقادهم والتأدب معهم وحسن الظن بهم ما أمكن، وهي ما حكاه إمام الشافعية في زمنه " أبو سعيد عبدالله بن أبي عصرون " قال: دخلت بغداد في طلب العلم، فرافقت ابن السقاء بالنظامية، وكنا نزور الصالحين، وكان ببغداد رجل يقال له الغوث يظهر إذا شاء، فقصدنا زيارته، ومعنا الشيخ عبدالقادر الجيلاني، وهو يومئذ شاب، فقال ابن السقاء: لأسأله مسالة لا يدري جوابها، وقلت: لأسأله مسألة، وأنظر مـا يقول، وقال الشيخ عبدالقادر: معاذ الله أن أسأله شيئاً وأنا بين يديه أنتظر بركته، فدخلنا عليه، فلم نره إلا بعد ساعة، فنظر إلى ابن السقاء مغضَباً، وقال: ويحك يا ابن السقاء تسألني مسألة لا أدري جوابها، وهي كذا وجوابها كذا، إني لأرى نار الكفر تتلهب فيك، ثم نظر إليّ وقال: يا عبدالله تسألني؛ لتنظر ما أقول فيها وهي كذا وجوابها كذا، لتخران [2] عليك الدنيا إلى شحمة أذنيك بإساءة أدبك، ثم نظر إلى الشيخ عبدالقادر، وأدناه منه، وأكرمه، وقال له: يا عبد القادر، لقد أرضيت الله ورسوله بأدبـك كـأني أراك ببغداد، وقـد صعدت الكـرسي متكلماً على الملأ، وقلت: قدمي هذه على رقبة كل ولي، وكأني أرى الأولياء في وقتك، وقد حنوا رقابهم؛ إجلالاً لك، ثم غاب عنا، فلم نره بعد. قال: فأما الشيخ عبدالقادر فقد ظهرت أمارات قربه من الله، وأجمع عليه الخاص والعام، وقال: قدمي هذه على رقبة كل ولي، فأجابه في تلك الساعة أولياء الدنيا، قال جماعة: وأولياء الجن، وطأطأوا رؤوسهم وخضعوا إلا رجلاً بأصبهان فسُلِب حاله، وممن طأطأ رأسه أبو النجيب السهروردي، وأحمد الرفاعي، وأبو مدين، والشيخ عبدالرحيم القناوي، قال ابن أبي عصرون: وأما ابن السقاء فإنه اشتغل بالعلوم حتى فاق أهل زمانه، واشتهر بقطع من يناظره في جميع العلوم، وكان ذا لسان فصيح، وسمت مليح، فأدناه الخليفة، وبعثه رسولاً إلى ملك الروم، فأعجب به، وجمع له القسيسين، وناظرهم، فأفحمهم،وعظُم عند الملك، فأراد فتنته فتراءت له بنت الملك، فافتتن بها، فسأله أن يزوجها له،فقال: لا إلا أن تتنصر، فتنصر والعياذ بالله، وتزوجها، ثم مرض، فألقوه بالسوق يسأل القوت، فمر عليه من يعرفه، فقال له: ما هذا؟ فقال: فتنة حلّت بي بسببها ما ترى، فقال: هل تحفظ القرآن؟ قال: لا إلا قوله تعالى: ] رُبَما يودُّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين [[3]، ثم جاز عليه وهو في النزع، فقلبه إلى القبلة، فاستدار عنها، فعاد فاستدار عنها، فخرجت روحه لغير القبلة، وكان يذكر كلام الغوث، ويعلم أنه أصيب بسببه. قال ابن أبي عصرون: وأما أنا فجئت إلى دمشق، فأحضرني السلطان نور الدين الشهيد، وأكرهني على ولاية الأوقاف، فوليتها، وأقبَلت علي الدنيا إقبالاً كثيراً، فقد صدق الغوث فينا كلنا انتهى.
فهذه الحكاية التي كادت تتواتر في المعنى بكثرة ناقليها وعدالتهم فيها أبلغ زجر عن الإنكار على أولياء الله تعالى خوفاً أن يقع المنكر فيما وقع فيه ابن السقاء نعوذ بالله من ذلك) [4].

قلت: هذه من خرافات القوم ولا يرهبنا وصفه لها بأنها كادت أن تتواتر، فأين أسانيده بذلك؟ ثم لو فرض تواترها، فلا تعدو أن تكون من أخبار الكهنة الذين يخبرون ببعض المغيبات،ويصدقون في بعضها؛ لأن الولي الحق ليس من شأنه أن يظهر متى شاء، ويختفي عن الأبصار متى شاء، وليس من شأنه أن يبشّر عبدالقادر بذلك العلو والاستكبار الذي يجعله يتحدى الأولياء ويقول: ( قدمي على رقبة كل ولي)، ولكن الرجل قد بلغ بعض ما يريد من إقناع قرّائه بالتسليم للأولياء وعدم الاعتراض عليهم؛ لما يترتب على التسليم من الفوز والفلاح، وعلى الاعتراض من الطرد والحرمان.

المثال الثالث: ما نقله الشرجي عن أبي بكر بن أحمد بن دعسين في ترجمته أنه: (كان يقول: أقل درجات الإيمان أن تسلم للأولياء أحوالهم وأقوالهم وأفعالهم، فإن لم تعرف معناها،ولا اهتديت إليه، فاحمل جميع أمورهم على أحسن الأشياء وأعدلها، وما صح عنهم فسمع وطاعة وحب وكرامة) [5].

قلت: هذه أقل درجات الإيمان فما أعلاها يا ترى؟.

المثال الرابع: ما ذكره صاحب تذكير الناس، قال: (وقال سيدي أحمد: وقد أمدّ الله الوقت للشيخ عمر أبا مخرمة من بعد العصر إلى المغرب ثلاثين ألف سنة، فاستشكل بعضهم هذا، فقال له سيدي: أما في بالك حديث يوم القيامة طوله خمسون ألف سنة، وأنه يكون على المؤمن كأخف صلاة صلاها في الدنيا وهذا منه، فقيل له: وكيف صارت تلك المدة ليالي أو أياماً أو غير ذلك، فقال: هذا علم تصديق وإيمان، ما هو علم ها توه أشوفه) [6]. فقوله: (هذا علم تصديق وإيمان ما هو علم هاتوه أشوفه)، واضح جداً أنه ليس من علم الدليل والحجة التي يصح أن يطالب بها السامع، وإنما هو علم تصديق وإيمان لا اعتراض وانتقاد، وقوله: (هاتوه أشوفه) يعني أرني إياه حتى أنظر إليه.

المثال الخامس: من قواعدهم المسلّمة وكلماتهم الدارجة المنتشرة، قول عبدالله بن علوي الحداد:
وسلِّم لأهل الله في كل مُشْكِلٍ لديك،لديهم واضحٌ بالأدلةِ [7]

وقول الآخر:
وإذا لم تر الهلال فسلِّم لأناسٍ رأوه بالأبصار

هذه خمسة أمثلة تدل كلها على ما عنونا له في هذا المطلب، وهو تربية الأمة على الرضوخ والاستسلام وإلغاء العقول وتجاوز القواعد والأصول الشرعية؛ لأجل أن يمشي ما يريده القوم، ويسلم لهم ما يأتون من أقوال وأفعال دون حاجة إلى أدلة شرعية أو عقلية، وقد اقتصرتُ على هذه الأمثلة الخمسة مع وجود الكثير من الأمثلة في تراث صوفية اليمن، أما صوفية البلاد الأخرى فلا أخال قواعدها في هذا الموضوع خافية على المتابع لتواريخهم.

المطلب الثاني: استخدام الخرافة [8] والشعوذة [9] والاستعانة بالجن لإرهاب المخالف:

لقد سعى الصوفية والباطنية لترسيخ وتعميق القدرات الخارقة للأئمة والأولياء، حتى لقد بالغوا في ذلك، فوصفوهم بعلم الغيب وتصريف الكون والقدرة على إظهار الخوارق التي لم يُظهر مثلها الأنبياء، وأنهم قادرون على أن يتجزءوا بأجسادهم، وأن يكون الواحد منهم في عدة أماكن في آن واحد، وكل ذلك قد مر، حتى أصبح حكم الناس على صلاح الشخص هو إظهاره تلك الخوارق مع ادعاء الولاية، وعندما ترسَّخ ذلك في أذهان المجتمع، وتربى عليه، بادروا بافتراء الأكاذيب ورواية الخرافات عمن يريدون أن يسبغوا عليهم صفة الولاية حتى يقنعوا الناس بولايتهم، كما بادر طلاب الجاه والمناصب في الرياضات الموصلة إلى خرق العادات، وتعلموا أنواعاً من علوم السحر، حتى أتقنوا ذلك، وعملوا به، وعقدوا الصلح مع الجن؛ ليقوموا لهم بأعمال خارقة يطلعونهم على مغيبات واقعة، ثم جعلوا ذلك كله سلاحاً يشهرونه في وجه كل من يخالفهم، وينكر عليهم، وهذه عدة أمثلة توضح ذلك وتثبته:

المثال الأول: ما ذكره الشلي في ترجمة محمد بن علي مولى الدويلة، قال: ( وتواجد يوماً بحضرة عمه الشيخ الإمام عبدالله بن علوي حتى غُشي عليه، ثم أقيمت الصلاة، فصلى معهم، فلما فرغوا، قال العارف بالله علي بن سلم لعمه عبدالله: صلى ابن أخيك بلا وضوء؛ لأنه زال عقله، فأخبره عمه بقول الفقيه علي بن سلم فقال: وعزة الحق إني توضأت، وشربت من الكوثر، ونفض لحيته، فتقاطر منها الماء، ثم قال:يا فقيه، نزل علينا شيء لو نزل على الجبال لدكت، ثم أنشأ يقول:
الـحب حبي والحبيب حبيبي والسبق سبقي قـبل كــل مجيب
نوديت فأجبت المنادي مسرعاً وغطست في بحر الهوى وغدي بـي
لي تسعة وثلاثة مع تسعــة والعقد لي وحدي وعـلا نصـيبي
ما تعلموا أني المقدم في الـملا ليلة سرى باليثربي ســـرى بي)[10].

فانظر إلى هذه الدعوى العريضة والتي برهانها أنه نفض لحيته، فتقاطر الماء منها، ولو كان ذلك الماء من ماء الكوثر، هل سيذهب هكذا هدراً ولا يعرف له ميزة عن غيره من المياه، ولا تظهر له رائحة، ولا يبقى في موضعه؟ إلى آخر ما يمكن أن يظهر من الدلائل، ثم أعجبُ لهذا الفقيه وسرعة تصديقه وتسليمه واقتناعه بما حكى هذا الرجل عن نفسه!.

المثال الثاني: ذكر الشلي في ترجمة الشيخ عمر المحضار أنه قال: (قال لابن أخيه الشيخ عبدالله العيدروس: أن رجلاً يغضب لغضبه جبار السماوات، وأشار إلى نفسه) [11]، ثم استدل الشلي على إثبات ذلك بقوله: (وكان إذا غضب على أحد أصابه الجذام وغيره من الأسقام بعد ثلاثة أيام، فقيل له: أما تخشى أن ينالك بهذا شيء؟ فقال: إني لم أدعُ على أحد، ولكني إذا غضبت على أحد، وقع في باطني نار لا تنطفئ إلا بعد ما يصيبه ذلك المرض، أو يتوب) [12].

هذه الحكاية الله أعلم بصحتها ولكن على فرض صحتها، فإنها رادع قوي لكل من يفكر أن يخالف هذا الشيخ، وربما كان ذلك من السحر إذ الصحيح أن الساحر قد يصيب المسحور بعوار واختلال في عقله أو في بدنه، والقصة بغضِّ النظر عن صحتها أو عدم صحتها فالغرض منها حاصل حين تُروى، ويتداولها الناس، فإنه يترتب عليها هيبة عظيمة من التعرض لإغضاب من يدّعي الولاية.

المثال الثالث: ما قدمناه في الباب الثاني في مطلب التصرف في الكون [13] عن " مرآة الجنان " [14] في قصة أحمد ابن أبي الجعد وسعيد بن عيسى العمودي، حيث ذكر أنه عندما أقام ابن أبي الجعد الشيخ سعيد؛ للإنصاف من نفسه، قال: (من أقامنا أقعدناه فقال الشيخ أحمد: ومن أقعدنا ابتليناه، فأصاب كل واحد منهما ما قال لصاحبه، وصار الشيخ أحمد مقعداً إلى أن لقي الله تعالى، وصار الشيخ سعيد مبتلىً في جسمه حتى لقي الله تعالى)، وهذه الحكاية تصب في نفس الغرض، وهو إرهاب الناس من التعرض للأولياء ومخالفتهم.

المثال الرابع: ما ذكره صاحب " تذكير الناس " عن أحمد بن حسن العطاس أنه ذكر حكاية طويلة منها أن عبدالرحمن بن مصطفى العيدروس دخل مصر، قال: (وحصلت بينه وبين أهل مصر مناظرة في الإمامة، وقال لهم: أنا أحق بها منكم؛ لِمَا اجتمعَ فيَّ من الشرف والعلم والتبرع، فقالوا له: لا نسلم لك إلا بدليل، فتوجه بحاله إلى القناديل التي في المسجد فابتلعها، فقالوا له: هذه ولاية، ومسلّمون لك فيها) [15].

والحكاية ظاهرة الدلالة على أن برهان الولاية هو هذه الخوارق التي لا يبعد أن تكون من السحر.

المثال الخامس: ما حكاه الشلي في ترجمة محمد بن علي مولى الدويلة، قال: (وأكثر أعماله قلبيات، وكان يخفي أعماله عن أصحابه حتى عن أهله، وربما اعترض عليه بعض من اتصف بالعلم وليس من أهله، حتى إن بعضهم قام يصلي، والسيد عنده نائم، فقال في نفسه: أنا ساجد وقائم وهذا مضطجع نائم، ويدّعون أنه قدوة للعالم. فلما سجد عجز عن رفع رأسه، فتاب عما وقع له في نفسه، فأمر صاحب الترجمة بعض من عنده بأن يرفع رأسه من السجود، ولما فرغ اعتذر إليه، وعاهده على أن لا يعود) [16].

فانظر إلى ما لقي هذا العالم من العقوبة والتأديب لقاء اعتراضه على هذا الولي، ثم كيف سلَّم له ولايته، وتاب من الاعتراض عليه.

المثالان السادس والسابع: ما تقدم [17] نقله عن " تاج الأعراس " في مطلب استخدام الجن حيث نقلنا هناك حكاية سالم العطاس الذي كان له جني، اسمه " مزنقب "، وكيف سلطه على تلك القبيلة التي أبت أن تستقبل الركب العطاسي حسب تعبير المؤلف: (فصرخ بهم مزنقب صرخات، روّع بها نساء القبيلة وأطفالها؛ مما اضطر رجال القبيلة إلى الرضوخ لآل العطاس واسترضائهم والاعتذار إليهم وضيافتهم).
وحكايته مع شريف مكة وكيف فجّر"مزنقب" الماء في مجلس الشريف مما اضطره للتسليم له كذلك.

=============
[1] كنوز السعادة ص( 374 – 375 ) .
[2]كذا في الأصل.
[3] سورة الحجر ( 2 ) .
[4] المشرع ( 1/167 ) .
[5] الطبقات ص(390 ) .
[6] تذكير الناس ص( 125 ).
[7]الدر المنظوم لذوي العقول والفهوم لعبدالله بن علوي الحداد ص(41 )،طبع مطبعة المدني بالقاهرة سنة (1388هـ - 1968 م)
[8] تقدم تعريف الخرافة في الباب الثاني ص ( 364 )
[9]الشعوذة : خفة في اليد وأخذ كالسحر ، يرى الشيء بغير ما عليه أصله في رأي العين ، وهو مُشعْوِذ ، ومشعوَذ . انظر:القاموس المحيط ص(427 ) .
[10] المشرع (1/200-201 ) .
[11] المصدر السابق (2/242).
[12] المصدر السابق ( 2/242-243 ) .
[13] انظر : ص ( 235 ) .
[14] وانظر أيضاً : طبقات الخواص ص(73 ) .
[15] تذكير الناس ص( 129-130 ) . و انظر: تاج الأعراس ( 1/ 342-343 ) .
[16] المشرع ( 1/200) .
[17] انظر ما تقدم ص ( 351 ) .