المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أدب المفتي والمستفتي


صلاح المعناوي
14 Jun 2010, 09:01 AM
أدب المفتي والمستفتي
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله.
وبعد:

قال أبو محمدٍ عبدُ الله بنُ مُسْلِم بنِ قُتَيْبَةَ رحمه الله تعالى :
أما بعدَّ حمدِ الله بجميع محامده والثناء عليه بما هُوَ أَهْلُهُ والصلاةِ على رسوله المصطفى وآله فإني رأيتُ أكْثَرَ أهلِ زماننا هذا عن سبيل الأدب ناكِبين ومن اسمه مُتَطَيِّرِينَ ولأهله كارهين : أما الناشِيءُ منهم فراغبٌ عن التعليم والشَّادِي تاركٌ للأزدياد والمتأدِّبُ في عُنْفُوَان الشباب ناسٍ أو مُتَنَاسٍ ليدخلَ في جملة المجدُودين ويخرج عن جملة المحدودين فالعلماء مُغْمُورونَ وبِكَرَّةِ الجهلِ مَقْمُوعُون حين خوَى نجمُ الخير وكسدتْ سوقُ البِرِّ. أدب الكاتب [1 - 1 ].
وقال البخاري باب الحياء في العلم وقال باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال:
قال حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبيد الله حدثني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ولا تحت ورقها) . فوقع في نفسي أنها النخلة فكرهت أن أتكلم وثم أبو بكر وعمر فلما لم يتكلما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( هي النخلة ) . فلما خرجت مع أبي قلت يا أبتاه وقع في نفسي أنها النخلة قال ما منعك أن تقولها لو كنت قلتها كان أحب إلي من كذا وكذا قال ما منعني إلا أني لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما فكرهت. وفي رواية قال عبد الله ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت. (أي أن أقول هي النخلة توقيرا لمن هم أكبر مني في المجلس).
وأخرج الترمذي قال باب ما جاء في الفحش والتفحش:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني وغير واحد قالوا حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان الفحش في شيء إلا شانه وما كان الحياء في شيء إلا زانه.

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد العزيز بن مسلم حدثنا عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: رأى عمر حلة سيراء تباع فقال يا رسول الله ابتع هذه والبسها يوم الجمعة وإذا جاءك الوفود . قال ( إنما يلبس هذه من لا خلاق له ) . فأتي النبي صلى الله عليه وسلم منها بحلل فأرسل إلى عمر بحلة فقال كيف ألبسها وقد قلت فيها ما قلت ؟ قال ( إني لم أعطكها لتلبسها ولكن تبيعها أو تكسوها ) . فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم. صحيح البخاري [5 - 2230 ]

باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه
13 - حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن حسين المعلم قال عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ).صحيح البخاري [1 - 14 ]

[ ش ( لا يؤمن أحدكم ) الإيمان الكامل . ( ما يحب لنفسه ) من فعال الخير ].
باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير.
حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ( أو قال لجاره ) ما يحب لنفسه. صحيح مسلم [1 - 67 ]
[ ش ( لا يؤمن أحدكم ) قال العلماء رحمهم الله معناه لا يؤمن الإيمان التام وإلا فأصل الإيمان يحصل لمن لم يكن بهذه الصفة ].
@ومما لا يستغنى عنه المحدث الألمعي والطالب الذكي ويحتاج إليه غيرهما ممن يريد معرفة آداب النفس واستعمالها في الخلوة والمجالس أخبرنا أبو المعالي عبد الكريم بن عبيد الله الطلحي بإسفراين أنا أبو القاسم الفضل بن أبي حرب الجرجاني بنيسابور أنبأنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي أنا أبو الفتح يوسف بن عمر الزاهد ببغداد من كتابه ثنا أبو بكر من جعفر ثنا عمر بن عبد الله البحراني ثنا صفوان بن مغلس الحني ثنا محمد بن عبد الله عن سفيان الثوري عن الأعمش قال قال عبد الله رضه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أدبني وأحسن أدبي ثم أمرني بمكارم الأخلاق فقال (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين). الأعراف /199
أخبرنا أبو الفتح سعد بن محمد بن علي الخزيمي بنسا أنا أبي أخبرنا جدي لأمي أبو عبد الرحمن محمد بن علي بن خزيمة العطار أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن إبراهيم الصندوقي أنا أبو محمد أحمد بن محمد بن حبيب النسوي ثنا حميد بن رنجويه الامام ثنا قبيصة بن عقبه ثنا سفيان عن منصور عن رجل عن علي رضي الله عنه في قوله (قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة). قال علموهم أدبوهم. أنا أبو الفضل محمد بن علي بن سعيد المطهري في كتابه إلي من بلخ أنا أبو محمد عبد الملك بن عبد الرحمن الأسبيري ببخارا أنا أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الحافظ ثنا خلف بن محمد بن إسماعيل ثنا أبو بكر أحمد بن عبد الواحد بسمرقند ثنا أبو عمران نوح بن صالح بن رزين سمعت حازم الغزال يقول سمعت عيسى بن موسى يحدث عن بن المبارك قال دوخت العلماء وعاينت الرجال بالشأمات والعراقين والحجاز فلم أجد الأدب إلا مع ثلاثة بن عون غريزته الأدب وعبد العزيز بن أبي رواد متكلف الأدب ووهب المكي كأنه ولد مع أدب
أنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشاهد بنيسابور أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ سمعت أبا زكريا العنبري يقول علم بلا أدب كنار بلا حطب وأدب بلا علم كروح بلا جسم
أنشدنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن تغلب الآمدي من لفظه بدمشق يوم خروجه إلى عسقلان أنشدنا أبو القاسم علي بن أحمد البغدادي بها أنشدنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الواحد المنكدري أنشدنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر أنشدنا أبو زكريا يحيى بن محمد بن عبد الله العنبري أنشدنا أبو حاتم سهل بن محمد ... إن الجواهر درها ونضارها ... هن الفدى لجواهر الآداب ... ... فإذا كثرت أو ادخرت ذخيرة تسمو بزينتها على الأصحاب ... ... ... فعليك بالأداب المزين أهله ... كيما تفوز ببهجة وثواب ... وأنا أسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياك بالعلم ويجعل سعينا له إنه الموفق. (مقدمة أدب الاملاء والاستملاء للسمعاني).
قال عبد الله بن المعتز من المحدثين من يحسن ان يسمع ويستمع ويتقي الإملال ببعض الإقلال ويزيد إذا استملى من العيون الاستزادة ويدري كيف يفصل ويصل ويحكي ويشير فذاك يزين الأدب كما يتزين بالأدب. الجامع لأخلاق الراوي [2 - 129 ]
عن مالك بن أنس وقد قال لابني أخته أبي بكر واسماعيل ابني أبي أويس أراكما تحبان هذا الشأن وتطلبانه يعني الحديث قالا نعم قال ان احببتما ان تنتفعا وينفع الله بكما فأقلا منه وتفقها ونزل ابن مالك بن أنس من فوق ومعه حمام قد غطاه قال فعلم مالك أنه قد فهمه الناس فقال الأدب أدب الله لا أدب الآباء والأمهات والخير خير الله لا خير الآباء والأمهات.
عن ابن المبارك قال قال لي مخلد بن الحسين نحن الى قليل من الأدب أحوج منا الى كثير من الحديث. المحدث الفاصل [1 - 242 ]
وحكى الماوردي في الأدب أن عبيد الله بن سليمان رأى على ثوبة أثر صفرة فأخذ من مداد الدواة وطلى [ به ] ثم قال " المداد أحسن من الزعفران وأنشد
( إنما الزعفران عطر العذارى ... ومداد الدوى عطر الرجال ).
ونحوه أن بعض الفضلاء كان يأكل طعاما فوقع منه على ثوبه فكساه حبرا وقال هذا أثر علم وذاك أثر شره. النكت على مقدمة ابن الصلاح[3 - 590 ]
فمما فيه يسوغ السكت عليه قول بعض أرباب الحكم المأثورة على العاقل أن لا يكون راغبا إلا في إحدى ثلاث خصال تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم وقوله ثلاث خصال من أفضل أعمال البر - الصدق في الغضب والجود في العسرة والعفو عند المقدرة وقوله ثلاث خصال ليس معهن غربة - كف الأذى وحسن الأدب ومجانبة الريب وقوله السكوت في موضعه من صفات صفوة الرجال - كما أن النطق في موضعه من أشرف الخلال وقوله مما يدل على علم العالم معرفته بما يدرك من الأمور - وإمساكه عما لا يدرك - وتزيينه نفسه بالمكارم وظهور علمه للناس من غير أن يظهر منه فخر لا عجب - ومعرفته بزمانه الذي هو فيه - وبصره بالناس وأخذه بالقسط - وإرشاده المسترشد - وحسن مخالقته خلطاءه - وتسويته بين قلبه ولسانه - وتحريه العدل في كل أمر - ورحب ذرعه فيما نابه - واحتجاجه بالحجج فيما عمل - وحسن تبصره وقوله لا يصلح العلم بغير حلم - ولا الحفظ بغير فهم - ولا الحسب بغير أدب - ولا الغنى بغير كرم - ولا الجد بغير جد.توجيه النظر إلى أصول الأثر [2 - 858 ]

أنه يقال ما يعرفه الفساق من العلم ليس بعلم حقيقه لعدم عملهم به كما أشار إليه التفتازاني في تقرير قول التلخيص وقد ينزل العالم منزله الجاهل
وصرح به الشافعي في قوله
( ولا العلم إلا مع التقي ... ولا العقل إلا مع الأدب ). فتح المغيث [1 - 298 ]
ينبغي للمستفتي أن يحفظ الأدب مع المفتي ويبجله في خطابه وسؤاله ونحو ذلك ولا يوميء بيده في وجهه ولا يقول له ما تحفظ في كذا وكذا أو ما مذهب إمامك الشافعي في كذا وكذا. أدب المفتي والمستفتي [1 - 91 ]
باب الأدب قال محمد بن سيرين كانوا يقولون أكرم ولدك وأحسن أدبه.
كان يقال من أدب ابنه صغيرا أرغم أنف عدوه قال الحسن
التعلم في الصغر كالنقش على الحجر قال الشاعر
خير ما ورث الرجال بنيهم ... أدب صالح وحسن الثناء
هو خير من الدنانير والأوراق ... في يوم شدة أو رخاء
تلك تفنى والدين والأدب الصالح ... لا يفنيان حتى اللقاء كان يقال من أدب ابنه صغيرا قرت به عينه كبيرا قال لقمان
ضرب الوالد للولد كالماء للزرع قال بعض الحكماء لا أدب إلا بعقل ولا عقل إلا بأدب كان يقال نعم العون لمن لا عون له الأدب قال الحجاج ل ابن القرية ما الأدب قال تجرع الغصة حتى تمكن الفرصة قال محمد بن جعفر: الأدب رئاسة والحزم كياسة والغضب نار والسخف عار قال ابن القرية تأدبوا فإن كنتم ملوكا سدتم وإن كنتم أوساطا رفعتم وإن كنتم فقراء استغنيتم قال شبيب بن شيبة اطلبوا الأدب فإنه عون على المروءة وزيادة في العقل وصاحب في العزلة وصلة في المجلس.
قيل ل عيسى عليه السلام من أدبك فقال ما أدبني أحد رأيت جهل الجاهل فاجتنبته.
وقال بعض الحكماء أفضل ما يورث الآباء الأبناء الثناء الحسن والأدب النافع والإخوان الصالحون. أدب المجالسة [1 - 103 ]
وقال الله عز وجل لنبيه. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ).

أبو خالد
14 Jun 2010, 07:43 PM
بارك الله فيك اخي الفاضل

وجزاك الله خير

صلاح المعناوي
15 Jun 2010, 12:30 AM
بارك الله مروركم أبا خالد

الحارث
15 Jun 2010, 07:37 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك وجزاك خيراً

صلاح المعناوي
15 Jun 2010, 11:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك وجزاك خيراً


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأسأل الله أن يبارك مروركم أخي الحبيب الحارث وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

صلاح المعناوي
16 Jun 2010, 07:37 AM
قال الإمام أبو داود في سننه

باب ما جاء في المتشدق في الكلام:
قال حدثنا محمد بن سنان الباهلي وكان ينزل العوقة ثنا نافع بن عمر عن بشر بن عاصم عن أبيه عن عبد الله . قال أبو داود هو ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله [ عزوجل ] يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها " .
ش: أي التوسع في الكلام من غير احتياط واحتراز
وقيل المتشدق المتكلف في الكلام فيلوي به شدقيه والشدق جانب الفم
( البليغ ) أي المبالغ في فصاحة الكلام وبلاغته ( الذي يتخلل بلسانه ) أي يأكل بلسانه أو يدير لسانه حول أسنانه مبالغة في إظهار بلاغته ( تخلل الباقرة بلسانها ) أي البقرة كأنه أدخل التاء فيها على أنه واحد من الجنس كالبقرة من البقر واستعمالها مع التاء قليل قاله القارىء
قال في النهاية أي يتشدق في الكلام بلسانه ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفا انتهى
وخص البقرة لأن جميع البهائم تأخذ النبات بأسنانها وهي تجمع بلسانها.

صلاح المعناوي
17 Jun 2010, 01:37 AM
قال الإمام البخاري في صحيحه:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ ح و حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ لَمْ يَسْمَعْ حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ عَنْ السَّاعَةِ قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ.
وسد: أسند