المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علم الله لما كان وما يكون واشكال وجواب


ريحان
20 Aug 2010, 03:04 AM
قال الله " ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير " [الحج: 70]

وقال الله " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين " [الأنعام:59]

وقال الله " هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم" الحشر 22

قال الحافظ الحكمي في معارج القبول " الإيمان بعلم الله عز و جل المحيط بكل شيء من الموجودات والمعدومات والممكنات والمستحيلات فعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون وأنه علم ما الخلق عاملون قبل أن يخلقهم وعلم أرزاقهم وآجالهم واحوالهم وأعمالهم في جميع حركاتهم وسكناتهم وشقاوتهم وسعادتهم ومن هو منهم من أهل الجنة ومن هو منهم من أهل النار من قبل أن يخلقهم ومن قبل أن يخلق الجنة والنار علم دق ذلك وجليله وكثيره وقليله وظاهره وباطنه وسره وعلانيته ومبدأه ومنتهاه كل ذلك بعلمه الذي هو صفته ومقتضى اسمه العليم الخبير عالم الغيب والشهادة علام الغيوب كما قال تعالى" هو الله الذي لا أله ألا هو عالم الغيب والشهاده" الحشر 22

وقال تعالى "لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما" الطلاق 12

وقال تعالى" وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا" الجن 28

وقال تعالى "عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الارض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر" سبأ 3

وقال تعالى" إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ انتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى" النجم 30

وقال تعالى" أليس الله بأعلم بالشاكرين"

وقال"أو ليس الله باعلم بما في صدور العالمين" العنكبوت 10

وقال تعالى "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون" البقرة 30 الآيات

وقال تعالى" وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" البقرة 216

وقال البخاري رحمه الله تعالى باب الله أعلم بما كانوا عاملين حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سئل النبي صلى الله عليه و سلم عن أولاد المشركين فقال الله أعلم بما كانوا عاملين "



اشكال وجواب

قال ابن عثيمين رحمه الله في شرح الاربعين " فإن قال قائل:لدينا إشكال : مثل قول الله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) (محمد:31)

وقال الله عزّ وجل: (لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْب)(المائدة: الآية94) وقال: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (آل عمران:142) وأمثال هذه الآيات مشكلة، لأن ظاهرها تجدد علم الله عزّ وجل بعد وقوع الفعل؟

والجواب عن هذا الإشكال من أحد وجهين:

الوجه الأول: إن علم الله عزّ وجل بعد وقوعه غير علمه به قبل وقوعه، لأن علمه به قبل وقوعه علم بأنه سيقع، وعلمه به بعد وقوعه علم بأنه واقع، نظير هذا من بعض الوجوه: الله عزّ وجل مريد لكل شيء حتى المستقبل الذي لانهاية له،مريد له لاشك، لكن الإرادة المقارنة تكون عند الفعل: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّس:82)


فهاهنا إرادتان: إرادة سابقة، وإرادة مقارنة للفعل، فإذا أراد الله تعالى أن يخلق شيئاً فإنه يريده عند خلقه، لكن كونه أراد أن يخلق في المستقبل فهذا غير الإرادة المقارنة، كذلك العلم.

الوجه الثاني: (حَتَّى نَعْلَمَ) [محمد:31] أي علماً يترتب عليه الثواب والعقاب، لأن علم الله الأزلي السابق لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب، فالثواب والعقاب يكون بعد الامتحان والابتلاء،كما قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) (محمد:31) وحينئذ قد زال الإشكال ولله الحمد.

وقد قال غلاة القدرية: إن علم الله تعالى بأفعال العباد مستأنف حيث يقولون: الأمر أنف يعني مستأنف، فيقولون: إن الله لايعلم الشيء، إلا بعد وقوعه،فهؤلاء كفرة بلا شك لإنكارهم ما دلّ الكتاب والسنة عليه دلالة قطعية، وأجمع عليه المسلمون"

وقال في التفسير " (ليعلم الله) أي: علم ظهور، أي: أنه ظهر ووقع بالفعل، هذه واحدة، وعلماً يترتب عليه الثواب والعقاب، أما العلم بأنه سيكون فهذا معلوم من الأزل"


قال الشنقيطي في أضواء البيان " ظاهر هذه الآية قد يتوهم منه الجاهل أنه تعالى يستفيد بالاختبار علما لم يكن يعلمه سبحانه وتعالى، عن ذلك علوا كبيرا، بل هو تعالى عالم بكل ما سيكون قبل أن يكون.
وقد بين أنه لا يستفيد بالاختبار علما لم يكن يعلمه بقوله جل وعلا: {وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور} [آل عمران:154].

فقوله: {والله عليم بذات الصدور} بعد قوله: {ليبتلي} ، دليل قاطع على أنه لم يستفد بالاختبار شيئا لم يكن عالما به سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا, لأن العليم بذات الصدور غني عن الاختبار.

وفي هذه الآية بيان عظيم لجميع الآيات التي يذكر الله فيها اختباره لخلقه.
ومعنى {إلا لنعلم} أي علما يترتب عليه الثواب والعقاب فلا ينافي أنه كان عالما به قبل ذلك، وفائدة الاختبار ظهور الأمر للناس، أما عالم السر والنجوى، فهو عالم بكل ما سيكون، كما لا يخفي. اهـ.

قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه: وهذا العلم هو العلم الذي يقع عليه به الجزاء لأنه إنما يجازيهم بأعمالهم لا بعلمه القديم عليهم، فتأويله: { حتى نعلم المجاهدين} علم شهادة، لأنهم إذا أمروا بالعمل يشهد منهم ما عملوا فالجزاء بالثواب والعقاب يقع على علم الشهادة، {ونبلو أخباركم} نختبرها ونظهرها. انتهى محل الغرض منه.


وقال أبو جعفر بن جرير الطبري في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه:
{ولنبلونكم} أيها المؤمنين بالقتل وجهاد أعداء الله { حتى نعلم المجاهدين منكم } يقول: حتى يعلم حزبي وأوليائي أهل الجهاد. في الله منكم وأهل الصبر على قتال أعدائه فيظهر ذلك لهم ويعرف ذوو البصائر منكم في دينه من ذوي الشك والحيرة فيه وأهل الإيمان من أهل النفاق {ونبلو أخباركم} فنعرف الصادق منكم من الكاذب. انتهى محل الغرض منه بلفظه.

وما ذكره من أن المراد بقوله: { حتى نعلم المجاهدين} الآية، حتى يعلم حزبنا, وأولياؤنا {المجاهدين منكم والصابرين } له وجه، وقد يرشد له قوله تعالى: {ونبلو أخباركم} أي نظهرها ونبرزها للناس.

وقوله تعالى: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب} [آل عمران:179] لأن المراد يميز الخبيث من الطيب ظهور ذلك الناس.

ولذا قال: {وما كان الله ليطلعكم على الغيب} [آل عمران:179], فتعلموا ما ينطوي عليه الخبيث والطيب، ولكن الله عرفكم بذلك بالاختبار والابتلاء الذي تظهر بسببه طوايا الناس من خبث وطيب.
والقول الأول وجيه أيضا، والعلم عند الله تعالى."

قال النووي في المنهاج " قوله : { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين } أي : نعلمهم فاعلين ذلك متصفين به ."


ونقل القرطبي "قال الزجاج: أي ليعلم الله أن رسله قد أبلغوا رسالاته بفتح الياء، كقوله تعالى: " ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين " [ آل عمران: 142 ] المعنى: ليعلم الله ذلك علم مشاهدة كما علمه غيبا."

قال البغوي " { لِيَعْلَمَ اللَّهُ } ليرى الله، لأنه قد علمه"

قال السعدي " ذكر الحكمة في ذلك الابتلاء، فقال: { لِيَعْلَمَ اللَّهُ } علما ظاهرا للخلق يترتب عليه الثواب والعقاب"


قال الطبري " قيل: عُني بقوله( إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ ) إلا لنعلم ذلك موجودًا ظاهرًا ليستحق به الثواب أو العقاب