المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تتعرف على الملائكة وتؤمن بهم ؟؟(5)


أبوأحمدالمصرى
23 May 2011, 09:07 PM
قدراتهم

1- قدرتهم على التشكل :

أعطى الله الملائكة القدرة على أن يتشكلوا بغير أشكالهم ، فقد أرسل الله جبريل إلى مريم في صورة بشر :
( واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً مشرفاً –
فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثَّل لها بشراً سوياً –
قالت إني أعوذ بالرَّحمن منك إن كنت تقيّاً – قال إنَّما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيّاً )
[ مريم : 16-19] .
وإبراهيم – عليه السلام – جاءَته الملائكة في صورة بشر ،
ولم يعرف أنهم ملائكة حتى كشفوا له عن حقيقة أمرهم ،
( ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاماً قال سلامٌ فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذٍ –
فلمَّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفةً قالوا لا تخف إنَّا أرسلنا إلى قوم لوطٍ )
[ هود : 69-70] .
وجاؤوا إلى لوط في صورة شباب حسان الوجوه ، وضاق لوط
بهم (http://www.lo2aa.com/vb/showthread.php?t=28439)، وخشي عليهم قومه ،
فقد كانوا قوم سوء يفعلون السيئات ، ويأتون الذكران من العالمين :
( ولمَّا جاءت رُسُلُنَا لوطاً سِيءَ بهم وضاق بهم (http://www.lo2aa.com/vb/showthread.php?t=28439)ذرعاً وقال هذا يوم عصيب ٌ )
[ هود : 77 ] .
يقول ابن كثير : " تبدى لهم الملائكة في صورة شباب حسان امتحاناً واختباراً حتى
قامت على قوم لوط الحجة ، وأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر " (1) .
وقد كان جبريل يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم في صفات متعددة ،
فتارة يأتي في صورة دحية بن خليفة الكلبي ( صحابي كان جميل الصورة ) ، وتارة في صورة أعرابي .
وقد شاهده كثير من الصحابة عندما كان يأتي كذلك .
في الصحيحين عن عمر بن الخطاب قال : " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ،
إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ،
ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ،
ووضع كفيه على فخذيه ، وقال : يا محمد ، أخبرني عن الإسلام " .
وفي الحديث أنه سأله عن الإيمان والإحسان والساعة وأماراتها (2) .
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد أن السائل جبريل ، جاء يعلم الصحابة دينهم .
ورأت عائشة الرسول صلى الله عليه وسلم واضعاً يده على معرفة فرس دحية الكلبي يكلمه ،
فلما سألته عن ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : ( ذلك جبريل ، وهو يقرئك السلام ) (3) .
وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً ،
وأنه لما هاجر تائباً جاءه الموت في منتصف الطريق إلى الأرض التي هاجر إليها ،
فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فحكّموا فيه ملكاً جاءَهم في صورة آدمي ،
يقول عليه السلام : ( فأتاهم ملك في صورة آدمي ، فجعلوه بينهم ، فقال :
قيسوا ما بين الأرضين ، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له ) ،
ولا بدّ أنهم حكموه بأمر الله ، فأرسل الله لهم هذا الملك في صورة آدمي ،
والقصة في صحيح مسلم ، في باب التوبة (4) .

وسيأتي في قصة الثلاثة الذين ابتلاهم الله من بني إسرائيل الأبرص والأقرع والأعمى ،
وأن الملك تشكل لهم بصورة بشر .وقد خاض بعض أهل العلم في كيفية تشكل الملائكة بنظرة عقلية مجردة ،
فجاؤوا بكلام غث ، وما كان أغناهم عن الخوض في هذا المبحث الغيبي ، فالله أعلمنا بتشكلهم ،
ولم يعلمنا بكيفية ذلك ، وكان يسع هؤلاء ما وسع رسول الله وأصحابه من بعده ،
فيقفوا حيث وقفوا ، وإن شئت أن ترى شيئاً من كلام من تكلم في هذا الموضوع ،
فارجع إلى كتاب السيوطي : ( الحبائك في أخبار الملائك ) (5) .

2- عظم سرعتهم :
أعظم سرعة يعرفها البشر هي سرعة الضوء ، فهو ينطلق بسرعة (186) ألف ميل في الثانية الواحدة .

أمّا سرعة الملائكة فهي فوق ذلك ، وهي سرعة لا تقاس بمقاييس البشر ،
كان السائل يأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يكاد يفرغ من سؤاله
حتى يأتيه جبريل بالجواب من ربّ العزة سبحانه وتعالى ، واليوم لو وُجدت المراكب التي تسير بسرعة الضوء ،
فإنها تحتاج إلى ( مليار ) سنة ضوئية حتى تبلغ بعض الكواكب الموجودة في آفاق
هذا الكون الواسع الشاسع .

3- علمهم :

والملائكة عندهم علم وفير علّمهم الله إيّاه ، ولكن ليس عندهم القدرة التي أعطيت للإنسان في التعرف على الأشياء :
( وعلَّم آدم الأسماء كلها ثُمَّ عرضهم على الملائكة فقال أَنبِئُونِي بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين –
قالوا سبحانك لا علم لنا إلاَّ ما علَّمتنا إنَّك أنت العليم الحكيم ) [ البقرة : 31-32 ] .

فالإنسان يتميز بالقدرة على التعرف على الأشياء ، واكتشاف سنن الكون ،
والملائكة يعلمون ذلك بالتلقي المباشر عن الله سبحانه وتعالى .
ولكنّ الذي علمهم الله إياه أكثر مما يعرفه الإنسان ، ومن العلم الذي أعطوه علم الكتابة :
( وإنَّ عليكم لحافظين – كراماً كاتبين – يعلمون ما تفعلون )
[ الانفطار : 10-12 ] .

وسيأتي إيضاح هذا في مبحث ( الملائكة والإنسان ) .
اختصام الملأ الأعلى :
والملائكة تتحاور فيما بينها فيما خفي عليها من وحي ربها ، ففي سنن الترمذي ،
ومسند أحمد عن ابن عباس : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
( أتاني الليلة ربي – تبارك وتعالى – في أحسن صورة – قال : أحسبه قال :
في المنام – فقال : يا محمد ، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قال : قلت : لا .
قال : فوضع يده بين كتفيّ ، حتى وجدت بردها بين ثدييّ ، فعلمت ما في السماوات ،
وما في الأرض .فقال : يا محمد ! هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟
قلت : نعم ، في الكفارات والدرجات ، والكفارات : المكث في المساجد بعد الصلاة ،
والمشي على الأقدام إلى الجماعات ، وإسباغ الوضوء في المكاره ، والدرجات : إفشاء السلام ،
وإطعام الطعام ، والصلاة بالليل والناس نيام .
قال : صدقت ، ومن فعل ذلك عاش بخير ، ومات بخير ، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه .
وقال : يا محمد ، إذا صليت فقل : اللهم إني أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ،
وحبّ المساكين ، وأن تغفر لي ، وترحمني ، وتتوب عليّ ، وإذا أردت بعبادك فتنة ،
فاقبضني إليك غير مفتون ) (6) .

قال ابن كثير في هذا الحديث بعد ذكره له :
" هذا حديث المنام المشهور ، ومن جعله يقظة فقد غلط ، وهو في السنن من طرق ،
وهذا الحديث رواه الترمذي من حديث جهضم بن عبد الله اليمامي به .
وقال الحسن : صحيح ، وليس هذا الاختصام هو الاختصام المذكور في القرآن في قوله :
( ما كان لي علم بالملإ الْأَعْلَى إذ يختصمون – إن يُوحَى إليَّ إلاَّ أنَّما أنا نذيرٌ مُّبين)
[ ص : 69-70 ] .
فإن الاختصام المذكور في الحديث ، قد فسره الرسول صلى الله عليه وسلم .
والاختصام المذكور في القرآن فسرته الآيات بعده :
( إذ قال ربُّك للملائكة إني خالق بشراً من طينٍ – فإذا سوَّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين –
فسجد الملائكة كلُّهم أجمعون – إلاَّ إبليس استكبر وكان من الكافرين )
[ ص : 71-74 ] .
فالاختصام المذكور في القرآن كان في شأن آدم – عليه السلام –
وامتناع إبليس من السجود له ، ومحاجته ربّه في تفضيله عليه " (7) .
4- منظمون في كل شؤونهم :

الملائكة منظمون في عبادتهم ، وقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على
الاقتداء
بهم (http://www.lo2aa.com/vb/showthread.php?t=28439)في ذلك فقال : ( ألا تصفّون ما تصفّ الملائكة عند ربها ) ؟
قالوا : يا رسول الله ، وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال :
( يتمون الصفوف ، ويتراصون في الصف ) (8) .
وفي يوم القيامة يأتون صفوفاً منتظمة : ( وجاء ربُّك والملك صفّاً صفّاً ) [ الفجر : 22 ] ،
ويقفون صفوفاً بين يدي الله تعالى : ( يوم يقوم الرُّوح والملائكة صفّاً لا يتكلَّمون إلاَّ من
أذن له الرَّحمن وقال صواباً ) [ النبأ : 38 ] ، والروح : جبريل .

وانظر إلى دقة تنفيذهم للأوامر ، ففي صحيح مسلم ، ومسند أحمد عن أنس رضي الله عنه :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( آتي باب الجنة فأستفتح ، فيقول الخازن :
من أنت ؟ فأقول : محمد ، فيقول : بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك ) (9) .

ويمكن أن نلاحظ دقة تنفيذهم للأوامر من استعراض حديث الإسراء ؛
إذ كان جبريل يستأذن في كل سماء ، ولا يُفْتَحُ له إلا بعد الاستفسار .

5- عصمة الملائكة :

نقل السيوطي عن القاضي عياض : أن المسلمين أجمعوا على أن الملائكة مؤمنون فضلاء ،
واتفق أئمة المسلمين أن حكم المرسلين منهم حكم النبيين سواء في العصمة مما ذكرنا عصمتهم منه ،
وأنهم في حقوق الأنبياء والتبليغ إليهم كالأنبياء مع الأمم .

واختلفوا في غير المرسلين منهم ، فذهب طائفة إلى عصمتهم جميعاً عن المعاصي ،
واحتجوا بقوله تعالى : ( يا أيها الَّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها النَّاس والحجارة عليها
ملائكة غلاظٌ شدادٌ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) [التحريم : 6] ،

وبقوله : ( وما منَّا إلاَّ له مقامٌ معلومٌ – وإنَّا لنحن الصَّادقون – وإنَّا لنحن المسبحون )
[ الصافات : 164-166 ] ،
وبقوله : ( ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ) الآية [ الأنبياء : 19 ] ،
وقوله : ( كرام بررةٍ ) [عبس : 16]،
وقوله : ( لاَّ يمسُّه إلاَّ المطهَّرون ) [ الواقعة : 79 ]
ونحوه من السمعيات .

وذهبت طائفة إلى أن هذا خصوص للمرسلين منهم والمقربين ، واحتجوا بقصة هاروت وماروت وقصة إبليس ،
والصواب عصمتهم جميعاً وتنزيه جنابهم الرفيع عن جميع ما يحط من رتبهم وينزلهم عن جليل مقدارهم .
قال : والجواب عن قصة هاروت وماروت أنها لم يرو فيها شيء لا سقيم
ولا صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن قصة إبليس أن الأكثر ينفون
أنه من الملائكة ويقولون : إنه أبو الجن ،كما أن آدم أبو البشر ، انتهى " (10) .
وتعرض لهذه المسألة الصفوي الأرموي فما نقله عنه السيوطي فقال :
" الملائكة معصومون ، والدليل عليه من وجوه :
أحدهما : قوله تعالى في وصفهم : ( ويفعلون ما يؤمرون ) [ التحريم : 6 ]
وقوله تعالى : ( وهم بأمره يعملون ) [ الأنبياء : 27 ] وهما يتناولان فعل المأمورات وترك المنهيات ؛
لأن النهي أمر بالترك ، ولأنه سيق في معرض التمدح ، وهو إنما يحصل بمجموعها .
وثانيها : قوله تعالى : ( يسبحون اللَّيل والنَّهار لا يفترون ) [ الأنبياء : 20 ] ،
وهو يفيد المبالغة التامة في الاشتغال بالعبادة ، وهو يفيد المطلوب .
وثالثهما : الملائكة رسل الله لقوله تعالى : ( جاعل الملائكة رسلاً ) [فاطر :1]
والرسل معصومون ؛ لأنه قال في تعظيمهم : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) [الأنعام : 124] ،
وهو يفيد المبالغة التامة في التعظيم " (11) .


--------------------------------
(1) البداية والنهاية : 1/43 .

(2) رواه مسلم : 1/37 . ورقمه : 8 . ورواه البخاري عن أبي هريرة : 1/114 .
ورقمه : 49 . واللفظ لمسلم .
(3) أخرجه أحمد في مسنده ، وابن سعد في الطبقات ، بإسناد حسن .
وحديث إقراء جبريل عائشة السلام من غير رؤيتها له ، رواه البخاري في صحيحه : 6/305 .
ورقمه : 3217 . ورواه أيضاً : 7/106 . ورقمه : 3768 .
(4) صحيح مسلم : 4/2118 . ورقمه : 2766 .
(5) ص : 261 .
(6) صحيح سنن الترمذي : 3/9 . ورقمه: 2580 ، 2581 .
(7) راجع تفسير ابن كثير : 6/73-74 .
(8) رواه مسلم : 1/322 . ورقمه : 430 .
(9) صحيح مسلم : 1/188 . ورقمه : 197 .
(10) الحبائك في أخبار الملائك ، للسيوطي : ص252 .
(11) الحبائك في أخبار الملائك : ص253 .

أبو خالد
23 May 2011, 09:37 PM
جزاك الله خير شيخنا الفاضل

asrar alroh
23 May 2011, 10:17 PM
بارك الله فيك

أبوأحمدالمصرى
23 May 2011, 10:43 PM
جزاك الله خير شيخنا الفاضل
أعانك الله على ذكره وشكره وحسن عبادته
وثبت قلبك على دينه وصرفه على طاعته
وجعلك من الصفوة الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولاعقاب

أبوأحمدالمصرى
23 May 2011, 10:47 PM
بارك الله فيك



وبارك الله فيكم
ونفع الله بكم أمة الإسلام في كل مكان
وزادكم الله نورا على نور

حبيبي واحد
03 Jun 2011, 05:13 AM
http://dc12............/i/03020/iziq1yhidycg.gif

أبوأحمدالمصرى
03 Jun 2011, 08:52 PM
http://dc12............/i/03020/iziq1yhidycg.gif



أسعدك الله فى الدارين
حفظك الله من كل مكروه
وأنار الرحمن دربك بالإيمان