المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ولوكان بهم خصاصة


في الجنة نلتقي
05 Sep 2012, 09:00 PM
في وصف المولى سبحانه للأنصار تتجلى قيم الأخوة الحقيقية وعلامات الحب في الله الخالص، حيث يقول: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}. (الحشر:9).

والخصاصة الحاجة، وأصلها: خُصاص البيت، أي : فروجه. والجملة {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}: حال، أي : يُؤثرون في حال خصاصتهم، فأثنى الله تعالى عليهم بإيثارهم المهاجرين على أنفسهم فيما ينفقون عليهم، وإن كانوا هم محتاجين إليه.

وفي سبب نزول هذه الآية، قال ابن عبَّاس : (لما ظفر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأموال بني النضير، قال للأنصار: إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم، وشاركتموهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم، ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة، فقالت الأنصار: بل نقسم لهم من ديارنا وأموالنا، ونؤثرهم بالغنيمة، ولا نُشاركهم فيها).

ومن الأسباب التي ذكرها المفسرون في نزول هذه الآية، منها ما ذكره الإمام القرطبي: (في الترمذي عن أبي هريرة : أن رجلا بات به ضيف فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه ؛ فقال لامرأته : نومي الصبية وأطفئي السراج وقربي للضيف ما عندك؛ فنزلت هذه الآية: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} قال : هذا حديث حسن صحيح) .

وخرَّج – أي الترمذي - عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنّي مجهود. فأرسل إلى بعض نسائه فقالت : والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. ثم أرسل إلى الأخرى فقالت مثل ذلك؛ حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلاَّ ماء. فقال: ((من يضيف هذا الليلة رحمه الله ؟ )). فقام رجل من الأنصار فقال : أنا يا رسول الله. فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا، إلاَّ قوت صبياني. قال : فعلليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل؛ فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه. قال : فقعدوا وأكل الضيف. فلمَّا أصبح غدا على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: ((قد عجب الله - عز وجل - من صنيعكما بضيفكما الليلة)).

إنَّ أخي فلان أحوج إليه مني، فبعث به إليه، وظل رأس الشاة يتنقل بين سبعة بيوت، ورجع إلى الأول
وحول الرَّسول صلى الله تعالى عليه وسلم كان صحابته رضوان الله عليهم الذين ضربوا روائع الأمثلة في الإيثار، فهذا مثلاً عمر بن الخطاب رضي الله عنه يروي لنا أنَّ رجلاً أهدى إلى أحد رأس شاة فقال المُهْدَى إليه: إنَّ أخي فلان أحوج إليه مني، فبعث به إليه، وظل رأس الشاة يتنقل بين سبعة بيوت، ورجع إلى الأول.


وفي الحديث الصَّحيح عن أبي موسى قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم )).


وكان قيس بن سعد بن عبادة مريضاً ، فتخلف عن عيادته جمع من معارفه، فسأل عنهم فقيل له : إنهم يستحيون ممَّا لك عليهم من الدين. فقال: أخزى الله مالاً يمنع الناس من الزيارة . ثمَّ أمر منادياً ينادي : من كان لقيس عليه مال فهو منه في حل .

قال له أبو طلحة حريصاً على حياته : لا تشرف يا رسول الله، لا يصيبونك بمكروه ، نحري دون نحرك.
ولقد آثر الصَّحابة رسول الله بأنفسهم، وهذا أبو طلحة يحمي النبي بنفسه في غزوة أحد، فإذا تطلع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليرى القوم، قال له أبو طلحة حريصاً على حياته : لا تشرف يا رسول الله، لا يصيبونك بمكروه ، نحري دون نحرك.


من نساء المسلمين عائشة رضي الله عنها سألها مسكين شيئاً وهي صائمة وليس في بيتها إلاَّ رغيف، فقالت لخادمتها أعطه إياه . فقالت : ليس لك ما تفطرين عليه. فقالت: أعطه إياه ، ففعلت. وفي المساء أهدي إليهم شاة بكفنها. فقالت عائشة للفتاة: كلي من هذا فهذا خير من قرصك.

أين نحن من هذا الخلق في تعالمنا مع إخواننا والمسلمين جميعاً في هذا العصر ؟ قال تعالى:{ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. (الحشر:9).
وفي معركة اليرموك انطلق حذيفة العدوي بشربة ماء يبحث بها عن ابن عم له ليسقيه ، وهو يقول : إن كان به رمق سقيته ، فوجده جريحاً بين الحياة والموت. فقال له : أسقيك؟ فأشار له برأسه أن نعم، ثمَّ رأى رجلاً بجواره يردد : آه آه ، فأشار إلى ابن عمه ليذهب بالشربة إلى ذاك الرجل ، وكان هشام بن العاص ، فلمَّا همَّ هشام أن يشرب سمع ثالثاً يردِّد : آه آه . فأمر السَّاقي أن يذهب إليه بالماء، فلمَّا بلغه السَّاقي وجده قد مات، فعاد إلى هشام فوجده قد مات، فعاد إلى ابن عمه فوجده قد مات.


إنَّها صور ناصعة وضيئة لثلة من المؤمنين هم الأنصار، الذين قال فيهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم: ((لو سلك النَّاس وادياً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار)). وقال عليه الصَّلاة والسَّلام : ((الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق)).

وصور أخرى صادقة لخلق الإيثار الذي تمثله الصَّحابة والتابعون إليهم بإحسان إلى يوم الدين، فأين نحن من هذا الخلق في تعالمنا مع إخواننا والمسلمين جميعاً في هذا العصر ؟ قال تعالى:{ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. (الحشر:9).

ابن الورد
06 Sep 2012, 07:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أختي الفاضلة الكريمة
جعل الله تعالى كل ماتقدمينه في ميزان حسناتكم
اللهم ربنا أنصر بها السنة وأنفع بها الأمة