المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آداب المريض وزيارته .


مسلم
24 Aug 2013, 03:05 AM
آداب المريض وزيارته (2/ 15)
الشيخ عادل يوسف العزازي

تاريخ الإضافة: 9/1/2012 ميلادي - 15/2/1433 هجري
زيارة: 2353



فـوائد المـرض

1 - المرض إرادة خير للمؤمن:
ففي "صحيح البخاري" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن يُرِد الله به خيرًا، يُصِبْ منه))[1].

2 - تكفير الذُّنوب:
عن أبي هريرة وأبي سعيدٍ الخُدْري - رضي الله عنهما - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما يُصيب المسلمَ مِن نصَبٍ، ولا وصَب، ولا هم، ولا حَزن، ولا أذًى، ولا غم، حتَّى الشوكة يُشاكها، إلاَّ كفَّر الله بها مِن خَطاياه))[2].

ومعنى "النَّصَب": التَّعب، و"الوصَب": المرض، وقيل: هو المرض اللازم[3].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما يزال البلاءُ بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتَّى يلقى الله وما عليه خطيئة))[4].

3 - رَفْع الدرجات:
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما من مسلمٍ يُشاك شوكةً فما فوقها، إلاَّ كتَب الله له بها درجة، ومُحِيَت عنه بها خطيئة))[5].

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الرجل ليَكون له عند الله المنْزِلة فما يَبْلغها بعمل، فما يزال الله يبتليه بما يَكْره حتَّى يُبلِّغه إياها))[6].

وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ العبد إذا سبقَتْ له من الله منْزِلة لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صَبَّره على ذلك؛ حتَّى يُبلِّغه المنْزلة التي سبقَتْ له من الله تعالى))[7].

4 - استخراج عبوديَّة الضرَّاء:
ومعنى ذلك: أنَّ لله عبوديَّةً على العبد في الضرَّاء، كما له عليه عبوديَّة في السرَّاء، ولا يمكن للعبد أن يحقِّق عبودية الضرَّاء إلا إذا كان به نوعٌ من أنواعه، وعلى هذا؛ فبالمرض تتحقَّق هذه العبودية من الصبر والرِّضا والتسليم، وغير ذلك.

وعن صُهَيب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كلَّه له خير؛ إنْ أصابه سرَّاء شكَر، فكان خيرًا له، وإن أصابه ضرَّاء صبر، فكان خيرًا له، وليس هذا لأحدٍ إلاَّ للمؤمن))[8].

5 - اليقظة من الغفلة:
فالمرض يوقِظُ صاحبه من غفلته التي يعيش فيها، حتَّى إن العبد يشهد مع المرض عَدْلَ الله - عزَّ وجلَّ - كما ثبت في الحديث عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما أصاب عبدًا همٌّ ولا حزن، فقال: اللَّهم إنِّي عبدُك، ابنُ عبدِك، ابنُ أمَتِك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكلِّ اسمٍ هو لك، سمَّيت به نفسك، أو أنْزلتَه في كتابك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندَك، أن تجعل القرآن ربيعَ قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب هَمِّي، إلاَّ أذهب الله عنه حزنَه، وأبدله مكانه فرَحًا))[9].

قال ابن تيميَّة - رحمه الله -: "مصيبةٌ تُقْبِل بها على الله، خيرٌ لك من نعمة تنسيك ذِكْر الله"[10].

6 - تطهير القلب والرُّوح:
قال ابن القيِّم - رحمه الله -: "انتفاع القلب والرُّوح بالآلام والأمراض أمرٌ لا يحسُّ به إلاَّ مَن فيه حياة، فصحَّة القلوب والأرواح موقوفةٌ على الآمِ الأبدان ومشاقِّها"[11].

وقال أيضًا: "لولا مِحَنُ الدنيا ومصائبُها، لأصاب العبد من أدواء الكِبْر والعُجْب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سببُ هلاكه عاجلاً وآجلاً، فمِن رحمة أرحم الرَّاحمين أن يتفقَّدَه في بعض الأحيان بأنواعٍ من أدوية المصائب تكون حاميةً له من هذه الأدواء، وحفظًا لصحَّة عبوديته، واستفراغًا للموادِّ الفاسدة الرديئة المهلِكة منه، فسبحان مَن يرحم ببلائه، ويبتلي بنعمائه! كما قيل:

قَدْ يُنْعِمُ اللهُ بِالبَلْوَى وَإِنْ عَظُمَتْ
وَيَبْتَلِي اللهُ بَعْضَ القَوْمِ بِالنِّعَمِ

فلولا أنَّه - سبحانه - يُداوي عبادَه بأدوية المِحَن والابتلاء، لطَغَوْا وبغَوا وعتوا، والله سبحانه إذا أراد بعبدٍ خيرًا، سَقاه دواءً من الابتلاء والامتحان على قدر حاله، يستفرغ به من الأدواء المهلكة، حتى إذا هذَّبه ونقَّاه وصفاه، أهَّله لأشرَفِ مراتب الدُّنيا، وهي: عبوديته، وأرفع ثواب الآخرة، وهو: رؤيته وقربه"[12].

وبعدُ - أخي الحبيب - هذه بعضُ فوائد المرض إذا ابتُلِي به الإنسان، ومع ذلك فلا يتمنَّاه المرء، بل يَسأل الله العافية، وقد قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - في دعائه: ((اللهم إنِّي أسألك العفوَ والعافية في ديني ودُنياي، وأهلي ومالي))[13]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((سَلُوا الله العفْوَ والعافية؛ فإنَّ أحدًا لَم يُعطَ بعدَ اليقين خيرًا من العافية))[14]، لكنِّي ذكرتُ هذه المعاني؛ لتكون عونًا لنا على الصَّبْر إذا ابتلي بذلك أحدنا.

وباب المرض وما يتعلَّق به باب واسع جدًّا، لكنِّي أتناول فقط الآداب المتعلِّقة بعيادة المريض، والمتعلِّقة بالمريض نفسه، فهذا هو المقصود من هذا المصنَّف، والله الهادي إلى سواء السبيل.

حكم عيادة المريض:
من الحقوق والآداب التي شرعَها الإسلامُ للتَّرابط والتواصل: عيادة المريض.

ففي حديث أبي هُريرة أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((حقُّ المسلم على المسلم خمسٌ))، وذكَرَ منها: ((عيادة المريض))[15].

واختلف العلماءُ في حكم عيادة المريض على النَّحو الآتي:
الأوَّل: ذهب الجمهورُ إلى النَّدب، وقد تَصِل إلى الوجوب في حقِّ بعض الناس.

الثاني: وذهبَ بعض العلماء إلى الوجوب بمعنى الواجب الكفائيِّ، ممَّن ذهب إلى ذلك: البخاريُّ والداودي، وهو اختيارُ شيخ الإسلام ابن تيميَّة[16]، ورجَّحه ابن عُثَيمين[17].

قلتُ: ومِمَّا يدلُّ على ترجيح القول الثاني ما يلي:
1 - قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أطعِموا الجائع، وعُودوا المريض، وفُكُّوا العاني))[18].

ففي هذا الحديث أمرٌ من النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعيادة المريض، والأصل في (الأمر) أنَّه للوجوب، وقد قرَنَه النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بإطعام الجائع، وفكِّ العاني (وهو الأسير)، وهما واجبان.

قال الإمام البخاريُّ - رحمه الله -: "باب وجوب عيادة المريض"[19]، ثُمَّ أوردَ هذا الحديثَ وحديث البَرَاء بن عازب: "أمَرَنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بسبعٍ ونَهانا عن سبع"[20] - وذكَر في الأوامر: "وأمرَنا أن نتَّبِع الجنائز، ونَعُود المريض".

قال ابن بطَّال - رحمه الله -: "يَحتمل أنَّ الأمر على الوجوب - بمعنى الكِفاية - كإطعام الجائع، وفكِّ الأسير، ويحتمل أن يكون للنَّدب؛ للحثِّ على التَّواصل، وجزَم الداوديُّ بالأوَّل، فقال: هي فرضٌ يَحمله بعضُ الناس عن بعض، وقال الجمهورُ: هي في الأصل للنَّدب، وقد تصل للوجوب في حقِّ بعض الناس دون بعض"[21].

2 - ورد في بعض روايات حديث أبي هريرة السَّابق: ((خمسٌ تجب للمسلم على المسلم))[22]، فدلَّ ذلك على أنَّ هذه الحقوق إنَّما هي من الحقوق الواجبة.

ومعلومٌ أنَّ هذا الواجب لا يمكن أن يقوم به جميعُ الأمَّة، فكان هذا من فرض الكفاية.

قال الحافظُ - رحمه الله -: "وقد تبيَّن أنَّ معنى "الحقِّ" هنا الوجوب، خلافًا لقول ابن بطَّال: المراد حقُّ الحرمة والصحبة، والظاهر أنَّ المراد به هنا وجوب الكفاية"[23].

[1] البخاري (5645).
[2] البخاري (5642)، ومسلم (2573).
[3] انظر "فتح الباري" (10/ 106).
[4] الترمذي (2399) وأحمد (2/ 287) وقال الترمذي: حسن صحيح.
[5] رواه مسلم (2572)، ورواه البخاري (5640) بنحوه.
[6] رواه ابن حبان (2908)، والحاكم (1/ 344)، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (1625).
[7] أبو داود (3090)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (3409).
[8] مسلم (2999).
[9] أحمد (1/ 391)، وابن حبَّان (972)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (199).
[10] نقلاً من "تسلية أهل المصائب" ص 224.
[11] "شفاء العليل"، ص 250.
[12] "زاد المعاد" (4/ 173).
[13] رواه أبو داود (5074)، وابن ماجه (3871)، والنسائي (10401)، وأحمد (2/ 25)، وصححه الألباني كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (659).
[14] الترمذي (3558)، وأحمد (1/ 3)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3632).
[15] البخاري (1240)، ومسلم (2162).
[16] "الاختيارات الفقهية" (ص 155).
[17] "الشرح الممتع" (5/ 304).
[18] البخاري (3046)، (5649)، وأبو داود (3105).
[19] انظر: "فتح الباري" (10/ 112)، كتاب المرض، الباب رقم (4).
[20] البخاري (1239)، ومسلم (2066)، والترمذي (3809).
[21] "فتح الباري" (10/ 114).
[22] مسلم (2162)، وأبو داود (5030).
[23] "فتح الباري" (3/ 113).


رابط الموضوع: آداب المريض وزيارته (2/ 15) - أخلاق ودعوة - موقع آفاق الشريعة - شبكة الألوكة (http://www.alukah.net/sharia/0/37379/#ixzz2cq8atuOo)

أبو خالد
24 Aug 2013, 12:08 PM
جزاك الله خير اخي الفاضل

نور الشمس
25 Aug 2013, 03:06 AM
"

من أجمل ماقرأت


تقييــمي للموضــوع

http://www3.0zz0.com/2013/08/25/00/356961026.gif

أبو موهبة
25 Aug 2013, 09:12 PM
http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTD_c75GeqwloTLo9Z4Aa_R45skq5g_F t0pfTfb4SOfKymoUrroXUavBw (http://www.google.com/imgres?imgurl=http://img19.imageshack.us/img19/5381/2026916208210760598.gif&imgrefurl=http://vb.3dlat.com/showthread.php%3Ft%3D68111&usg=__dYtv0r1ypFkQ-y99QARzjFpNIE8=&h=400&w=400&sz=71&hl=ar&start=18&zoom=1&tbnid=4zWvMg95bWYvGM:&tbnh=124&tbnw=124&ei=RUcaUpW8KY-zhAeU64DIBg&prev=/search%3Fq%3D%25D8%25B9%25D8%25A8%25D8%25A7%25D8%2 5B1%25D8%25A7%25D8%25AA%2B%25D8%25B4%25D9%2583%25D 8%25B1%26sa%3DX%26hl%3Dar%26biw%3D939%26bih%3D609% 26site%3Dwebhp%26tbm%3Disch&itbs=1&sa=X&ved=0CE8QrQMwEQ)

الراية
26 Aug 2013, 06:21 AM
جزاك الله خير ..
لم أستشعر معنى الزيارة للمريض ..
الا عند زيارتي لأحد أقربائي ورؤية فرحه الشديد جدا بزيارتي الشخصية له ..
اللهم اشفي مرضانا ومرضى المسلمين