المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس جامع العروة الوثقى : علاج القرآن للصحة النفسية السليمة - الشيخ فيصل الحسني .


ابن الورد
23 Mar 2024, 01:56 PM
درس جامع العروة الوثقى
حي أبرق الرغامة
فيصل عبدالله الحسني
السبت 13 رمضان 1445 هـ
بعد صلاة العصر
————————————————
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل سبحانه ( وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ (40) فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (41)
* والقائل سبحانه ( يَٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ (27) ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ (28) فَٱدۡخُلِي فِي عِبَٰدِي (29) وَٱدۡخُلِي جَنَّتِي (30)

والصلاة والسلام على النبي القائل : ( الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ ) .
والقائل ( الكَيِّسُ مَن دان نفسَه وعمِل لما بعدَ الموتِ والعاجِزُ مَن أتبَع نفسَه هَواها وتمنَّى على اللهِ الأمانِيَّ )
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه ودربه إلى يوم الدين
أما بعد
فيا أيها الإخوة الصائمون الأحبة
وياأهل هذا المسجد المبارك
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
————————————————
ومازلنا أحبتي الكرام مع
طرق وأساليب علاج القرآن لإنحراف المسلمين والمسلمات وتقصيرهم في دينهم وعباداتهم
وأن أفضل علاج هو علاج رب العالمين لعباده في القرآن العظيم وكتابه الكريم
وبين القرآن الكريم وسائل العلاج في تثبيت وتقويت العقيدة الإسلامية والعلاج العقدي والسلوكي :
واستخدم القرآن الكريم وسائل كثيرة في علاج إنحراف المسلمين وتقصيرهم في دينهم وعباداتهم
منها : علاج الصحة النفسية والصحة الجسدية

00000000000000000000000000000000000000000000
أحبتي الكرام
إن هذا القرآن العظيم و الكنز الثمين الذي بين أيدينا فيه معطيات وتوجيهات صحية ونفسية وسلوكية تؤمن للبشرية جميعها أمنها وسلامتها صحيا ونفسيا وفكريا وسلوكيا .
وأما الصحة النفسية السليمة . قال أهل العلم أن
1- مفهوم الصحة النفسية السليمة :
أن يكون الإنسان في حالة طبيعية ، من الطمأنينة ، والراحة النفسية ،
لايعاني من الإضطراب والقلق ،
وتكمن أهمية الصحة النفسية السليمة في كونها :
أ‌- تكفل الصحة النفسية السليمة الإستمتاع بالحياة والعيش في أمان وإستقرار .
ب‌- تمنح الصحة النفسية السليمة القدرة على الصمود ومواجهة فتن الحياة ومشاكلها .
ت‌- تساعد الصحة النفسية السليمة على الإندماج في المجتمع والتفاعل مع أفراده .
ث‌- تمكن الصحة النفسية السليمة الأفراد من الإنتاج والعمل بكفاءة وإبداع .
2- وأما مفهوم النفس في القرآن الكريم :
قال أهل العلم للنفس في القرآن الكريم ثلاثة أصناف ، هي :
النفس الأمارة بالسوء
والنفس اللوامة
والنفس المطمئنة
والنفس الأمارة بالسوء هي التي تأمره بالسوء والفحشاء
فقال سبحانه على لسان إمرأة العزيز في سورة يوسف : {وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [يوسف: 53].
النفس الأمارة بالسوء تأمر صاحبها بفعل كل رذيلة، تسيطر عليها الدوافع الغريزية،
وتتمثل فيها الصفات الحيوانية،
وتبرز فيها الدوافع الشريرة، فهي توجّه صاحبها بما تهواه من شهوات.
وأخبر سبحانه وتعالى عن تلك النفس أنها أمّارة -بصيغة المبالغة- وليست آمرة لكثرة ما تأمر بالسوء،
ولأنّ ميلها للشهوات والمطامع صار عادة فيها إلاّ إنْ يرحمها الله عز وجل ويهديها ويرشدها .
وأما النفس اللوامة ، هي التي تلوم صاحبها عند الزلل ،
وهي التي أقسم بها الله تعالى فقال سبحانه في سورة القيامة :
( لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ (1) وَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلنَّفۡسِ ٱللَّوَّامَةِ (2) 
فاللوامة نفس متيقّظة تقيّة خائفة متوجّسة، تندم بعد ارتكاب المعاصي والذنوب فتلوم نفسها.
يغلب فيها قوة الضمير فتحاسب نفسها أولاً بأوّل،
وهذه النفس كريمة على الله، لذلك أقسم بها في القرآن. فقال سبحانه في سورة القيامة
( لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ (1) وَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلنَّفۡسِ ٱللَّوَّامَةِ (2)
ومــن أحسن أقوال التفاسير عن النفس اللوامة
قول الحسن البصري يرحمه الله تعالى : "إنّ المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه؛
ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قُدُماً ما يعاتب نفسه".
وأما النفس المطمئنة ، هي مقصد يطلبه كل إنسان ،يبتغي به الخلاص والخروج
من الصراع النفسي بين النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة .
والنفس المطمئنة هي النفس المؤمنة التي استوعبت قدرة الله، وتبلور فيها قوة الإيمان العميق
والثقة بالغيب،. لا يستفزها خوف ولا حزن، لأنها سكنت إلى الله واطمأنّت بذكره وأَنِسَت بقربه
فهي آمنة مطمئنّة، تحسّ بالاستقرار النفسي والصحة النفسية ، والشعور الإيجابي بالسعادة،
رضيتْ بما أوتيتْ ورضي الله عنها فَحُق لها أن يخاطبها رب العالمين
بقوله سبحانه في سورة الفجر : {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضيّة فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي} [الفجر: 27-30].
النفس المطمئنة نفسٌ تمسّكت بالحق وسارت عليه هدىً ونبراساً لها
في جميع شؤون الحياة على الأرض.
ولا يمكن حصول الطمأنينة الحقيقية إلا بالله سبحانه وتعالى وذكره
كما قال سبحانه في سورة الرعد :
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ 
[ الرعد: 28]
أحبتي الصائمون الكرام
3- وأما كيف يحقق الإسلام الصحة النفسية :
الراحة النفسية والصحة النفسية السليمة مطلب ينشده كل عاقل في هذا الوجود وهي كغيرها من المبتغيات ، لها سبل وطرق تحصل من خلالها ، وهي ماتعرف بمظاهر الحفاظ على الصحة النفسية السليمة .
ونذكر منها :
أ‌- الفهم الصحيح للوجود والمصير :
أغلب الأمراض النفسية منشؤها المعاناة الوجودية ، التي تؤرق عقول الحائرين في فهم معاني الحياة والموت ، والمصير .
وفي إدراك حقيقة الدنيا ، وقد أبان وبين القرآن الكريم الحقيقة للناس ، وأظهر وبين لهم الغاية من الوجود والخلق ، فما كان على كل طالب الحق إلا قراءة القرآن الكريم وتدبره .
فقال سبحانه في سورة الذاريات
( وَذَكِّرۡ فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ (56) مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ (57) إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ (58)
وقال سبحانه في سورة المؤمنون
قَٰلَ كَمۡ لَبِثۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُواْ لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖ فَسۡـَٔلِ ٱلۡعَآدِّينَ (113) قَٰلَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗاۖ لَّوۡ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ (114) أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ (115)
وتتحقق الصحة النفسية السليمة بتقوية الصلة بالله عز وجل
2- وتقوية الصلة بالله تعالى :
تكون بفعل الطاعات ، كالذكر ، وتلاوة وتدبر القرآن الكريم ، والصلاة والصدقة وترك المحرمات ، كالزنا والفاحشة ، والمخدرات والخمور فالعبادات تذهب القلق والإضطراب وتغذي الروح وتكسبها قوة إيمان ويقين ومنعة .
وتتحقق الصحة النفسية السليمة بتزكية الإخلاق
4- و التزكية والأخلاق :
بأن يتحلى المؤمن بالاخلاق الحميدة والصفات الرفيعة : كالصدق والصبر ، والعفو ، والإحسان يجعل المؤمن مطمئنا وسط قومه ، محبوبا عندهم ، مرتاحا بينهم .
ونقف إلى هنا إحبتنا الصائمون
ونكمل بإذن الله تعالى في المرة القادمة علاج القرآن الكريم للصحة الجسدية
أحبتي الصائمون
إن هذا القرآن العظيم لم يجعله الله سبحانه وتعالى للتلاوة والأجر فقط
بل إن كل حرف وكل كلمة وكل جملة وكل آية وكل سورة في القرآن الكريم له مقاصد وله رسالة وحكمة وهدف ومعنى ومغزى وعبرة ونصيحة وتصحيح لمسار المسلمين إلى رب العالمين

اللهم ربنا علمنا ماينفعنا وأنفعنا بماعلمتنا إنك أنت العليم الحكيم .
————————————————
أحبتي الصائمون ندعو ودعاء الصائم مستجاب بإذن الله تعالى
اللهم ربنا اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وذهاب همومنا وأحزاننا،
اللهم ربنا اجعله أنيسنا في قبورنا
اللهم علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما نسينا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار..
على الوجه الذي يرضيك عنا
اللهم ربنا وارزقنا تدبره والعمل به يارب العالمين .
————————————————
اللهم ربنا إهدنا ويسر الهدى لنا وأهدي عامة المسلمين
اللهم وردنا والمسلمين إليك مرد جميلا.
الحمدلله ربنا أن بلغتنا رمضان
الحمد لله ربنا على نعمة الأمن والإيمان والسلامة والإسلام
اللهم ربنا بلغنا رمضان بتمامه وكماله وقيام ليله وصوم نهاره
اللهم ربنا بلغنا فيه قيام ليلة القدر واجعلنا فيها من الفائزين المقبولين
اللهم ربنا تقبل فيه صلاتنا وصيامنا وقيامنا وسائر صالح أعمالنا
اللهم ربنا بلغنا رمضان سنين عديدة وأزمنة مديدة برحمتك يا أرحم الراحمين
واجعلنا فيه من الفائزين المقبولين
اللهم ربنا إشفنا واشف مرضانا ومرضى المسلمين
اللهم ربنا أغفر لنا ولآباءنا وأمهاتنا وجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين
اللهم ربنا وفقنا وبلغنا وارزقنا كل مانتمناه من خير الدنيا والآخرة وما أنت أعلم به منا يارب العالمين
اللهم.ربنا.آمن.بلادنا.بلاد الحرمين الشريفين من.كل.سوء.ومرض.وفتنة.ووباء.وبلاء.وجميع.بلاد.المسلم ين
اللهم ربنا وفق ولي أمرنا لما تحب وترضا وأعنه على البر والتقوى وسدده في أقواله وأعماله وارزقه له البطانة الصالحة وجميع ولاة أمر المسلمين
اللهم ربنا وفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم واجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين

رَبَّنَا.آتِنَا.فِي.الدُّنْيَا.حَسَنَةً.وَفِي.الآخ ِرَةِ.
حَسَنَةً.وَقِنَا.عَذَابَ.النَّار
وأدخلنا.الجنة.مع.الأبرار.ياعزيز.ياغفار.)
.(سُبْحَانَ.رَبِّكَ.رَبِّ.الْعِزَّةِ.عَمَّا.يَصِفُ ونَ.*.
وَسَلَامٌ.عَلَى.الْمُرْسَلِينَ.*
وَالْحَمْدُ.لِلَّهِ رَبِّ.الْعَالَمِينَ)
[الصافات:.180 - 182]
——————————————————————————————————————————————