المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة - الحزن على وداع رمضان : الشيخ فيصل الحسني .


ابن الورد
13 Apr 2024, 05:47 AM
خطبة جامع العلوانية حي البلد - سوق الندى
فيصل عبدالله عوض.
الجمعة 3شوال 1445هـ
الحزن على وداع رمضان .
——————————————————————————————-
بِسْم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ،
مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ،وحده لاشريك له
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ،
صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه ودربه إلى يوم الدين
أما بعد
فإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ
وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ
عباد الله ويا أيها الأخوة الكرام الأحبة وأيها المسلمون
ولى شهر رمضان ولا ندري أندرك شهر العام القادم أم لا:
فقال سبحانه في سورة طه (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى) (طـه:52)
كم من مستقبلٍ يوماً لا يستكملُه ومؤملٍ غداً لا يدركُه..
عباد الله : إنَّ لنا في انقضاءِ رمضانَ عبرةٌ وعظةٌ ، فقدْ كُنا نعيشُ أيامَهُ فرحينَ متنعمينَ بها
ثُمَّ انقضتْ تِلكُمُ الأيامُ وكأَنها طيفُ خيالٍ ..
مضتْ تلكَ الأيامُ وقطعنا بها مرحلةً مِنْ حياتِنَا لَنْ تعودَ إلينا أبداً
وإنما يبقى لنا ما أودعنَاهُ فيها مِنْ خيرٍ أو شرٍ، وهكذا الأيامُ التي تمرُ علينا
تُنقصُ منْ أعمارِنا ، وتقربنا مِنْ آجالِنا
قال الحسن البصريُ رحمه الله: ابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهبَ يومكَ ذهبَ بعضكَ.
وإذا ذهب بعضك ذهب كلك .
وصدق القائل حين قال
تمرُ بنا الأيامُ تترى وإنما نُساقُ إلى الآجالِ والعينُ تنظرُ
فلا عائدٌ ذاكَ الشبابُ الذي مضى ولا زائلٌ هذا المشيبُ المكدرُ
عباد الله
إذا تولى فصل ربيع الطبيعة خلف وراءَه في الأرض الخِصْب والنماء والخضرة والنضارة والأنداء والأنسام اللطيفة
فيرتع في خيره الإنسان والحيوان سائر العام كُلِهِ،
و لقد كان رمضان بحق ربيعاً وواحة خضراء وحديقة غناء
يتمتع فيها الصائم بملذات الحس ومسرات النفس وروحانيات العبادات
وكان ذخيرةً للنفوس المؤمنة تتزود فيها بوقود الطاعة
وتتغذى بزاد التقوى زاداً يقويها ويبلغها بقية العام حتى يعود إليها...
لقد كان شهر رمضان ميداناً لتنافس الصالحين بأعمالهم,
ومجالاً لتسابق المحسنين بإحسانهم ، وعاملاً لتزكية النفوس وتهذيبها وتربيتها..
لكن بعض الناس هداهم الله تعالى ما إن خرجوا من رمضان إلى شوال
حتى خرجوا من الواحة إلى الصحراء ومن الهداية إلى التيه ومن السعادة إلى الشقاوة
لذا كان الناس بعد رمضان على أقسام أبرزها صنفان هما جدُ مختلفين:
الصنف الأول صنف كان ربانيا عبدالله تعالى حق العبادة قبل رمضان
وفي رمضان وبعد رمضان
وصنف تراه في رمضان مجتهداً في الطاعة فلا تقع عيناك عليه إلا ساجداً أو قائماً أو تالياً للقرآن أو باكياً حتى ليكادْ يذكرك ببعض عباد السلف وحتى إنك لتشفق عليه من شدة اجتهاده وعبادته ونشاطه.
وما إن ينقضي شهر رمضان حتى يعودَ إلى التفريط والمعاصي فبعد أن عاش شهراً كاملاً مع الإيمان والقرآن وسائر القربات يعود إلى الوراء منتكساً أو مرتداً والعياذ بالله وهؤلاء هم عباد المواسم لا يعرفون الله إلا عند المواسم ولا يعرفون الله عند نزول النقم بساحتهم فإذا ذهبت المواسم أو زالت النقم وحُلت الضوائق ذهبت الطاعة موليةً ألا فبئس قومٌ هذا ديدنهم
وصدق فيهم قول القائل
صلى وصام لأمرٍ كان يطلبه لما انقضى الأمر لا صلى ولا صاما
فيا ترى ما الفائدة إذن من عبادة شهر كامل إن اتبعتها
بعودة إلى سلوك شائن وعوج بائن
فياعبدالله فيا عبدالله
فإن ذهب رمضان فرب رمضان باق دائم .
فإن ذهب رمضان فرب رمضان باق دائم .

.................................................. .....................................
.اللهم ربنا تقبل منا الصيام والقيام وسائر صالح الأعمال
اللهم ربنا بلغنا رمضان سنين عديدة وأزمنة مديدة
برحمتك ياأرحم الراحمين .
.اللهم ربنا إهدنا ويسر الهدى لنا وأهدي عامة المسلمين
اللهم ربنا آلف بين قلوب أمتك يارب العالمين
اللهم وردنا و المسلمين إليك مرد جميلا
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني ووإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
.................................................. .....................................

الخطبة الثانية:
الحمد لله أهل الحمد ومستحقه حمدا يفضل على كل حمد كفضل الله على خلقه
وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك ًله شهادة من يحاول أن يقوم لله بحقه
واشهد أن محمد عبده ورسوله غير مرتاب في صدقه
صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ماجاد سحاب بودقه وما رعد بعد برقه
اما بعد
فيا أيها الأخوة الكرام الأحبة وياأيها المسلمون
وياعبادالله
رحم الله تعالى القائل
سلام من الرحمن كل أوان ** على خير شهر قد مضى وزمان
سلام على شهر الصيام فإنه ** أمان من الرحمن كُلُ امان
لئن فُنيت أيامك الغر بغتةً ** فما الحزن من قلبي عليك بفان

قيل لبشر الحافي: إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان،
فقال بئس القوم قومٌ لا يعرفون لله حقاً إلا في رمضان
إن العبد الصالح الذي يتعبد الله ويجتهد السنة كُلَّها،
وسئل الشبليُ رحمه الله: أيُما أفضل رجب أو شعبان ؟
فقال كن ربانياً ولا تكن شعبانيا ولا رمضانيا .
.................................................. .....................................

اللهم ربنا إهدنا طريقك القويم وثبتنا على صراطك المستقيم
اللهم ربنا تقبل منا صيامنا وصلاتنا وقرآننا ودعائنا وسائر صالح أعمالنا
اللهم ربنا بلغنا رمضان سنين عديدة وأزمنة مديدة برحمتك يا أرحم الرحمين
.................................................. ....................................

اللَّهُمَّ إنَّا نعوذ بك من مُنْكَرَاتِ اَلْأَخْلَاقِ، وَالْأَهْوَاءِ، وَالْأَعْمَالِ، وَالْأَدْوَاءِ
اللهم ربنا اهدنا ويسر الهدى لنا اهد عامة المسلمين
اللهم ربنا أهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لايهدي لأحسن الأخلاق إلا انت
اللهم ربنا أتى نفوسنا تقواها وزكاها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها
اللهم ربنا آلف بين قلوب أمتك يارب العالمين
اللهم ربنا آمن بلادنا بلاد الحرمين الشريفين من كل سوء ومرض وفتنة ووباء وبلاء وجميع بلاد المسلمين
اللهم ربنا وفِّق ولي أمرنا وجميع ولاة أمر المسلمين لما تحب وترضى، وأعنهم على البر والتقوى، وسددهم في أقوالهم وأعمالهم ،
وارزقهم البطانة الصالحة يا حي يا قيُّوم،
اللهم ربنا وفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك، واتباع سنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -
اللهم ربنا واجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين برحمتك ياأرحم الرحمين .

( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار
وأدخلنا الجنة مع الأبرار ياعزيز ياغفار )
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ *
وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصافات: 180 - 182]

——————————————————————