موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح

موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح (https://www.1enc.net/vb/index.php)
-   دراسات وبحوث وتحليل المنتدى ـ الإدارة العلمية والبحوث Studies and Research and Analysis Forum (https://www.1enc.net/vb/forumdisplay.php?f=101)
-   -   آكام المرجان في أحكام الجان 10 (https://www.1enc.net/vb/showthread.php?t=40852)

أبو خالد 04 Mar 2018 02:31 PM

آكام المرجان في أحكام الجان 10
 


الْبَاب الثانى وَالْخَمْسُونَ فى أَن حركات المصروع هَل هى من فعله أَو فعل الْجِنّ

قد تقرر أَن الْمُحدث يَسْتَحِيل أَن يفعل فى غَيره فعلا ملكا كَانَ أَو شَيْطَانا أَو إنسيا بل ذَلِك من فعل المصروع بجري الْعَادة فَإِن كَانَ المصروع قَادِرًا على ذَلِك الِاضْطِرَاب كَانَ ذَلِك كسبا لَهُ وخلقا لله عز وَجل وَإِن لم يكن قَادِرًا عَلَيْهِ لم يكن مكتسبا لَهُ بل هُوَ مُضْطَر إِلَيْهِ وَلَا يمْنَع أَن يكون الله تَعَالَى قد أجْرى الْعَادة بِأَنَّهُ لَا يفعل ذَلِك الصرع وَالِاضْطِرَاب إِلَّا عِنْد سلوك الجنى فِيهِ أَو عِنْد مَسّه كَمَا فى الْأَسْبَاب المستعقبة للمسببات وَكَذَلِكَ القَوْل فِيمَا يسمع من المصروع من الْكَلَام فى تَجْوِيز كَونه كسبا لَهُ أَو مُضْطَرّا إِلَيْهِ وَإِن كَانَ هُوَ الْمُتَكَلّم دون خالقه وتجويز كَونه من كَلَام شَيْطَان قد سلكه أَو مَسّه وَأَن يكون قَائِما بِذَات الشَّيْطَان دون ذَات من هُوَ سالك فِيهِ أَو مماس لَهُ وَأكْثر النَّاس يَعْتَقِدُونَ أَنه كَلَام الجنى ويضيفونه إِلَيْهِ وَلَا دَلِيل نقطع بِهِ على أَن مَا سمع مِنْهُ كَلَام لَهُ أَو للشَّيْطَان وَإِن كَانَ كلَاما لَهُ فَإِنَّهُ من كَسبه أَو ضَرُورَة فِيهِ وَإِنَّمَا يُصَار إِلَى أَحدهمَا بتوقيف مَقْطُوع بِهِ وَمَتى كَانَ كلَاما للمصروع كَانَت إِضَافَته إِلَى الشَّيْطَان مجَازًا وَمعنى الْكَلَام أَنه كَانَ مِنْهُ وسلوكه وعَلى الْجُمْلَة أَن الْمُتَكَلّم من قَامَ بِهِ الْكَلَام لَا من فعل الْكَلَام ثمَّ الْكَلَام الذى يقوم بالبشر قد يكون من فعله وَكَسبه وَقد يكون مُضْطَرّا إِلَيْهِ وَقد تقدم قَول الإِمَام أَحْمد هُوَ ذَا يتَكَلَّم على لِسَانه يعْنى لِسَان المصروع فقد جعل الْمُتَكَلّم هُوَ الجنى فَكَذَلِك الْحَرَكَة وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم


الْبَاب الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ فى حكم معالجة المصروع

سُئِلَ أَبُو الْعَبَّاس بن تَيْمِية رَحْمَة الله عَلَيْهِ عَن رجل ابتلى بمعالجة الْجِنّ مُدَّة طَوِيلَة لكَون بعض من عِنْده ناله سحر عَظِيم قَلِيل الْوُقُوع فِي الْوُجُود وتكرر السحر أَكثر من مائَة مرّة وَكَاد يتْلف المسحور ويقتله بِالْكُلِّيَّةِ مَرَّات لَا تحصى فقابلهم الرجل الْمَذْكُور بالتوجه والصد البليغ ودوام الدُّعَاء والالتجاء وَتَحْقِيق التَّوْحِيد وَأحسن بالنصر عَلَيْهِم وَكَانَ الْمُصَاب يراهم فِي الْيَقَظَة وَفِي الْمَنَام وَيسمع كَلَامهم فِي الْيَقَظَة أَيْضا فَرَآهُمْ فِي أَوَائِل الْحَال وهم يَقُولُونَ مَاتَ البارحة منا الْبَعْض وَمرض جمَاعَة لأجل دُعَاء الدَّاعِي وسموه باسمه وَكَانَ بِالْقَاهِرَةِ رجل هائل يقل وجود مثله فِي الْوُجُود يجْتَمع بهم ويطلع على حَقِيقَة حَالهم وَله عَلَيْهِم سُلْطَان باهر مَشْهُور مشهود لغيره فَسئلَ عَن حَقِيقَة مَنَام الْمُصَاب وَعَن خبر الدُّعَاء فَأخْبر بهلك سِتَّة وَمرض كثير من الْجِنّ وتكرر هَذَا نَحوا من مائَة مرّة وَتبين للرجل الدَّاعِي الْمَذْكُور أَن الله تَعَالَى قهرهم لَهُ فَإِنَّهُ كَانَ يجد ذَلِك ويشهده ويعاضده منامات الْمُصَاب وسماعه فِي الْيَقَظَة ايضا وأخبار صَاحبهمْ الْمَذْكُور وَبعد ذَلِك أذعنوا وذلوا وطلبوا الْمَسْأَلَة فَهَل يجوز للرجل الدَّاعِي مواظبة الذب عَن صَاحبه الْمُصَاب الْمَظْلُوم مَعَ تحَققه هَلَاك طَائِفَة بعد طَائِفَة وَالْحَالة هَذِه أم لَا وَهل عَلَيْهِ من إثمهم شَيْء فَإِنَّهُ قد يكون بَعضهم مَعَ صياله مُسلما أم لَا وَهل يجوز لَهُ إِسْلَام صَاحبه والتخلي عَنهُ مَعَ مَا يُشَاهِدهُ من أَذَاهُ وَقرب هَلَاكه أم لَا وَهل هَذَا الْغَزْو مَشْرُوع وَعَلِيهِ شَاهد من السّنة النَّبَوِيَّة والطريقة السائغة أم لَا وَهل تشهد الشَّرِيعَة بِصِحَّة وُقُوع مثل ذَلِك كَمَا قد تحَققه السَّائِل وَغَيره من المباشرين والمصدقين أم ذَلِك مُمْتَنع كَمَا تَقوله الفلاسفة وَبَعض أهل الْبدع وَهل تجوز الِاسْتِعَانَة عَلَيْهِ بِشَيْء من صنع أهل التنجيم وَنَحْوهم فِيمَا يعانونه من الْحجب وَالْكِتَابَة والبخور والأوراق وَغير ذَلِك لأَنهم يتحملون كبر ذَلِك والمصاب واهله يطْلبُونَ الشِّفَاء وَإِن كَانَ فِي ذَلِك كفر فَيكون فِي عنق صَاحبه الَّذِي بَاعَ دينه بالدنيا وَهَذَا من بَاب مُقَابلَة الْفَاسِد بِمثلِهِ أم لَا يجوز ذَلِك لأجل تَقْوِيَة طريقهم وَالدُّخُول فِي أَمر غير مَشْرُوع وَذكر السَّائِل أسئلة أُخْرَى أضربت عَن ذكرهَا وَالْجَوَاب فِي نَحْو كراسين وَفِيه بسط خَارج عَن مَقْصُود الْجَواب اقْتَضَاهُ طرد الْكَلَام وتشبث بعضه بأذيال بعض وَقد أثبت مِنْهُ ملخصه المطابق للسؤال
تَلْخِيص الْجَواب
يسْتَحبّ وَقد يجب أَن يذب عَن الْمَظْلُوم وَأَن ينصر فَإِن نصر الْمَظْلُوم مَأْمُور بِهِ بِحَسب الامكان وَإِذا برِئ الْمُصَاب بِالدُّعَاءِ وَالذكر وَأمر الْجِنّ ونهيهم وانتهارهم وسبهم ولعنهم وَنَحْو ذَلِك من الْكَلَام حصل الْمَقْصُود وَإِن كَانَ ذَلِك يتَضَمَّن مرض طَائِفَة من الْجِنّ أَو مَوْتهمْ فهم الظَّالِمُونَ لأَنْفُسِهِمْ إِذا كَانَ الراقي الدَّاعِي المعالج لم يَتَعَدَّ عَلَيْهِم كَمَا يتَعَدَّى عَلَيْهِم كثير من أهل العزائم فيأمرون بقتل من لَا يجوز قَتله وَقد يحبسون من لَا يحْتَاج إِلَى حَبسه وَلِهَذَا قد يقابلهم الْجِنّ على ذَلِك ففيهم من تقتله الْجِنّ أَو تمرضه وَفِيهِمْ من يفعل ذَلِك بأَهْله وَأَوْلَاده أَو دوابه وأمامن سلك فِي دفع عدوانهم مَسْلَك الْعدْل الَّذِي أَمر الله بِهِ وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ لم يظلمهم بل هُوَ مُطِيع لله تَعَالَى وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نصر الْمَظْلُوم وإغاثة الملهوف والتنفيس عَن المكروب بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شرك بالخالق وَلَا ظلم للمخلوق وَمثل هَذَا لَا تؤذيه الْجِنّ إِمَّا لمعرفتهم بِأَنَّهُ عَادل وَإِمَّا لعجزهم عَنهُ وَإِن كَانَ الْجِنّ من العفاريت وَهُوَ ضَعِيف فقد تؤذيه فَيَنْبَغِي لمثل هَذَا ان يحْتَرز بِقِرَاءَة المعوذات وَالصَّلَاة وَالسَّلَام وَالدُّعَاء وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يُقَوي الْإِيمَان يجْتَنب الذُّنُوب الَّتِي بهَا يستطيلون عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُجَاهد فِي سَبِيل الله وَهَذَا من أعظم الْجِهَاد فليحذر أَن ينصر الْعَدو عَلَيْهِ بذنوبه وَإِن كَانَ الْأَمر فَوق قدرته فَلَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا وَمن أعظم مَا ينتصر بِهِ عَلَيْهِم آيَة الْكُرْسِيّ فقد جرب المجربون الَّذين لَا يُحصونَ كَثْرَة ان لَهَا من التَّأْثِير فِي دفع الشَّيَاطِين وَإِبْطَال أَحْوَالهم مَا لَا يَنْضَبِط من كثرته وقوته فَإِن لَهَا تَأْثِيرا عَظِيما فِي طرد الشَّيَاطِين عَن نفس الْإِنْسَان وَعَن المصروع وَعَمن تعينه الشَّيَاطِين من أهل الظُّلم وَالْغَضَب وَأهل الشَّهْوَة والطرب وأرباب سَماع المكاء والتصدية إِذا قَرَأت عَلَيْهِم بِصدق والصائل الْمُتَعَدِّي يسْتَحق دَفعه سَوَاء كَانَ مُسلما أَو كَافِرًا فقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل دون مَاله فَهُوَ شَهِيد وَورد دون دَمه وَدون حرمته وَدون دينه فَإِذا كَانَ الْمَظْلُوم لَهُ أَن يدْفع عَن مَاله وَلَو بقتل الصَّائِل العادي فَكيف لَا يدْفع عَن عقله وبدنه وحرمته فَإِن الشَّيْطَان يفْسد عقله ويعاقبه فِي بدنه وَقد يفعل مَعَه فَاحِشَة وَلَو فعل إنسي هَذَا بإنسي وَلم ينْدَفع إِلَّا بِالْقَتْلِ جَازَ قَتله وَأما إِسْلَام صَاحبه والتخلي عَنهُ فَهُوَ مثل إِسْلَام أَمْثَاله من المظلومين وَهَذَا فرض على الْكِفَايَة مَعَ الْقُدْرَة فَإِن كَانَ عَاجِزا وَهُوَ مَشْغُول بِمَا هُوَ أوجب مِنْهُ أَو قَامَ غَيره بِهِ لم يجب وَإِن كَانَ قَادِرًا وَقد تعين عَلَيْهِ وَلَا يشْغلهُ عَمَّا هُوَ أوجب مِنْهُ وَجب عَلَيْهِ وَقَول السَّائِل هَل هَذَا مَشْرُوع فَهَذَا من أفضل الْأَعْمَال وَهُوَ من أَعمال الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ فَمَا زَالَ الْأَنْبِيَاء والصالحون يدْفَعُونَ الشَّيَاطِين عَن بني آدم بِمَا أَمر الله تَعَالَى بِهِ وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا كَانَ الْمَسِيح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يفعل ذَلِك وكما كَانَ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل ذَلِك وَلَو قدر أَنه لم ينْقل ذَلِك لكَون مثله لم يَقع عِنْد الْأَنْبِيَاء لكَون الشَّيَاطِين لم تكن تقدر أَن تفعل ذَلِك عِنْد الْأَنْبِيَاء وَفعلت ذَلِك عندنَا فقد أمرنَا الله تَعَالَى وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بنصر الْمَظْلُوم وإغاثة الملهوف ونفع الْمُسلم بِمَا يتَنَاوَل ذَلِك وَفِي الصَّحِيح قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْفَاتِحَة وَمَا أَدْرَاك أَنَّهَا رقية وَأذن لَهُ فِي أَخذ الْجعل وَهَذَا كدفع ظَالِم الْإِنْس من الْكفَّار والفجار وَقد يحْتَاج فِي إِبْرَاء المصروع وَدفع الْجِنّ عَنْهُم إِلَى الضَّرْب فَيضْرب ضربا كثيرا جدا وَالضَّرْب إِنَّمَا يَقع الجني وَلَا يحس بِهِ المصروع ويخبر بِأَنَّهُ لم يحس بِشَيْء من ذَلِك وَلَا يُؤثر فِي بدنه وَيكون قد ضرب بعصا قَوِيَّة على رجلَيْهِ نَحْو ثَلَاثمِائَة أَو أَرْبَعمِائَة ضَرْبَة وَأكْثر وَأَقل بِحَيْثُ لَو كَانَ على الْإِنْسِي تقتله وَإِنَّمَا هُوَ على الجني والجني يَصِيح ويصرخ وَيحدث الْحَاضِرين بِأُمُور مُتعَدِّدَة قَالَ الْمُجيب وَقد فعلنَا نَحن هَذَا وجربناه مَرَّات كَثِيرَة يطول وصفهَا بِحَضْرَة خلق كثير
الِاسْتِعَانَة عَلَيْهِم
قَالَ وَأما الِاسْتِعَانَة عَلَيْهِم بِمَا يُقَال وَيكْتب مِمَّا لَا يعرف مَعْنَاهُ فَلَا يشرع اسْتِعْمَاله إِن كَانَ فِيهِ شرك فَإِن ذَلِك محرم وَعَامة مَا يَقُول أهل العزائم فِيهِ شرك وَقد يقرءُون مَعَ ذَلِك شَيْئا من الْقُرْآن ويظهرونه ويكتمون مَا يَقُولُونَهُ من الشّرك وَفِي الِاسْتِشْفَاء بِمَا شَرعه الله تَعَالَى وَرَسُوله مَا يُغني عَن الشّرك وَأَهله والمسلمون وَإِن تنازعوا فِي جَوَاز التَّدَاوِي بالمحرمات فَلَا يتنازعون فِي أَن الشّرك وَالْكفْر لَا يجوز التَّدَاوِي بِهِ بِحَال لِأَن ذَلِك محرم فِي كل حَال وَلَيْسَ هَذَا كالمتكلم بِهِ عِنْد الْإِكْرَاه فَإِن ذَلِك إِنَّمَا يجوز إِذا كَانَ الْقلب مطمئنا بِالْإِيمَان والتكلم بِمَا لَا يفهم بِالْعَرَبِيَّةِ إِنَّمَا يُؤثر إِذا كَانَ بقلب صَاحبه وَلَو تكلم بِهِ مَعَ طمأنينة قلبه بِالْإِيمَان لم يُؤثر والشيطان إِذا عرف أَن صَاحبه يستخف بالعزائم لم يساعده أَيْضا فَإِن الْمُكْره مُضْطَر إِلَى التَّكَلُّم بِهِ وَلَا ضَرُورَة إِلَى إِبْرَاء الْمُصَاب بِهِ لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَنه قد لَا يُؤثر فَمَا أَكثر من يعالج بالعزائم فَلَا يُؤثر بل يزِيدهُ شرا وَالثَّانِي أَن فِي الْحق مَا يُغني عَن الْبَاطِل وَالنَّاس فِي هَذَا الْبَاب ثَلَاثَة أَصْنَاف قوم يكذبُون بِدُخُول الْجِنّ فِي الْإِنْس وَقوم يدْفَعُونَ ذَلِك بالعزائم المذمومة فَهَؤُلَاءِ يكذبُون بالموجود وَهَؤُلَاء يكفرون بالرب المعبود وَالْأمة الْوُسْطَى تصدق بِالْحَقِّ الْمَوْجُود وتؤمن بالإله الْوَاحِد المعبود وبعبادته ودعائه وَذكره وأسمائه وَكَلَامه تدفع شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ انْتهى تَلْخِيص الْجَواب قلت قَوْله وَقد يحْتَاج فِي إِبْرَاء المصروع وَدفع الْجِنّ عَنْهُم إِلَى الضَّرْب فَيضْرب ضربا كثيرا وَقد ورد لَهُ أصل فِي الشَّرْع وَهُوَ مَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أم أبان بنت الْوَازِع عَن أَبِيهَا أَن جدها انْطلق إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِابْن لَهُ مَجْنُون أَو ابْن أُخْت لَهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن معي ابْنا لي أَو ابْن أُخْت لي مَجْنُونا أَتَيْتُك بِهِ لتدعو الله تَعَالَى لَهُ قَالَ ائْتِنِي بِهِ قَالَ فَانْطَلَقت بِهِ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي الركاب فأطلقت عَنهُ وألقيت عَلَيْهِ ثِيَاب السّفر وألبسته ثَوْبَيْنِ حسنين وَأخذت بِيَدِهِ حَتَّى انْتَهَيْت بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أدنه مني وَاجعَل ظَهره مِمَّا يليني قَالَ فَأخذ بِمَجَامِع ثَوْبه من أَعْلَاهُ وأسفله فَجعل يضْرب ظَهره حَتَّى رَأَيْت بَيَاض إبطَيْهِ وَيَقُول اخْرُج عَدو الله فَأقبل ينظر نظر الصَّحِيح لَيْسَ بِنَظَر الأول ثمَّ أقعده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين يَدَيْهِ فَدَعَا لَهُ بِمَاء فَمسح وَجهه ودعا لَهُ فَلم يكن فِي الْوَفْد أحد بعد دَعْوَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفضل عَلَيْهِ وَهَذَا الحَدِيث فِيهِ ضرب الجني وَإِن لم تدع الْحَاجة إِلَى الضَّرْب فَلَا يضْرب فقد روى ابْن عَسَاكِر فِي الثَّانِي من كتاب الْأَرْبَعين الطوَال حَدِيث اسامة بن زيد قَالَ حجَجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّته الَّتِي حج فِيهَا فَلَمَّا هبطنا بطن الروحاء عارضت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة تحمل صَبيا لَهَا فَسلمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يسير على رَاحِلَته ثمَّ قَالَت يَا رَسُول الله هَذَا ابْني فلَان وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أبقى من خَفق وَاحِد من لدن أَنِّي وَلدته إِلَى سَاعَته هَذِه فحبس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّاحِلَة فَوقف ثمَّ أكسع اليها فَبسط إِلَيْهَا يَده وَقَالَ هاته فَوَضَعته على يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فضمه إِلَيْهِ فَجعله بَينه وَبَين وَاسِطَة الرحل ثمَّ تفل فِي فِيهِ وَقَالَ اخْرُج يَا عَدو الله فَإِنِّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ناولها إِيَّاه فَقَالَ خذيه فَلَنْ ترى مِنْهُ شَيْئا تكرهينه بعد هَذَا إِن شَاءَ الله الحَدِيث
وَفِي أَوَائِل مُسْند أبي مُحَمَّد الدَّارمِيّ من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر مَعْنَاهُ وَقَالَ فِيهِ اخْسَأْ عَدو الله أَنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحاصل ذَلِك أَنه مَتى حصل الْمَقْصُود بالأهون لَا يُصَار إِلَى مَا فَوْقه وَمَتى احْتِيجَ إِلَى الضَّرْب وَمَا هُوَ أَشد مِنْهُ صير إِلَيْهِ
وَمن قتل الصَّائِل من الْجِنّ قتل عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا الجني الَّذِي كَانَ لَا يزَال يطلع فِي بَيتهَا وَحَدِيث مُجَاهِد كَانَ الشَّيْطَان لَا يزَال يتزيا لي بِابْن عَبَّاس إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة قَالَ فَذكرت قَول ابْن عَبَّاس فحصلت عِنْدِي سكينا فتز يالي فَحملت عَلَيْهِ فطعنته فَوَقع وَله وجبة فَلم أره بعد ذَلِك وَقد ذَكرْنَاهُ بِسَنَدِهِ فِي الْبَاب السَّادِس وَمن ذَلِك أَحَادِيث تعرض الشَّيْطَان للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمد يَده إِلَيْهِ ولفته وذعته وَذَلِكَ مَذْكُور فِي مَوْضِعه من هَذَا الْكتاب وَقَالَ القَاضِي أَبُو الْحسن بن القَاضِي أبي يعلى ابْن الْفراء الْحَنْبَلِيّ فِي كتاب طَبَقَات اصحاب الإِمَام أَحْمد سَمِعت أَحْمد ابْن عبيد الله قَالَ سَمِعت أَبَا الْحسن عبي بن أَحْمد بن عَليّ العكبري قدم علينا من عكبرا فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وثلاثمائة قَالَ حَدثنِي أبي عَن جدي قَالَ كنت فِي مَسْجِد أبي عبد الله أَحْمد بن حَنْبَل فأنفذ اليه المتَوَكل صاحبا لَهُ يُعلمهُ أَن لَهُ جَارِيَة بهَا صرع وَسَأَلَهُ أَن يَدْعُو الله لَهَا بالعافية فَأخْرج لَهُ أَحْمد نَعْلي خشب بِشِرَاك من خوص للْوُضُوء فَدفعهُ إِلَى صَاحب لَهُ وَقَالَ لَهُ امْضِ إِلَى دَار أَمِير الْمُؤمنِينَ وتجلس عِنْد رَأس هَذِه الْجَارِيَة وَتقول لَهُ يَعْنِي الجني قَالَ لَك أَحْمد أَيّمَا أحب إِلَيْك تخرج من هَذِه الْجَارِيَة أَو تصفع بِهَذِهِ النَّعْل سبعين فَمضى إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ مثل مَا قَالَ الإِمَام أَحْمد فَقَالَ لَهُ المارد على لِسَان الْجَارِيَة السّمع وَالطَّاعَة لَو أمرنَا أَحْمد أَن لَا نُقِيم بالعراق مَا أَقَمْنَا بِهِ إِنَّه أطَاع الله وَمن أطَاع الله أطاعه كل شَيْء وَخرج من الْجَارِيَة وهدأت وَرزقت أَوْلَادًا فَلَمَّا مَاتَ أَحْمد عاودها المارد فأنفذ المتَوَكل إِلَى صَاحبه أبي بكر الْمروزِي وعرفه الْحَال فَأخذ الْمروزِي النَّعْل وَمضى إِلَى الْجَارِيَة فَكَلمهُ العفريت على لسانها لَا أخرج من هَذِه الْجَارِيَة وَلَا أطيعك وَلَا أقبل مِنْك احْمَد بن حَنْبَل اطاع الله فَأمرنَا بِطَاعَتِهِ


الْبَاب الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ فِي بَيَان سخرية الْجِنّ من الْإِنْس

قَالَ ابو بكر مُحَمَّد بن عبيد حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله حَدثنَا عمي عَن عَمْرو بن الْهَيْثَم عَن ابيه عَن جده قَالَ خرجت أُرِيد مرقوعا حَتَّى إِذا كنت على اربعة فراسخ إِذا أَنا بصحاب يَلْعَبُونَ عِنْد عين قَرْيَة قُمْت أنظر إِلَيْهِم فَقَامَ أحدهم فَاسْتقْبل صَاحبه ثمَّ وثب الآخر على عُنُقه ثمَّ وثب آخر على عنق آخر فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك حملت الْفرس عَلَيْهِم فوقعوا يقهقهون مستلقين فَخرجت أضْرب فرسي فَمَا مَرَرْت بشجرة إِلَّا سَمِعت تحتهَا ضحكا وَبِه إِلَى الهيتم عَن أَبِيه قَالَ خرجت أَنا وَصَاحب لي فَإِذا بامراة على ظهر الطَّرِيق فَسَأَلت أَن نحملها فَقلت لصاحبي أحملها قَالَ فحملها خَلفه قَالَ فَنَظَرت إِلَيْهَا ففتحت فاها فَإِذا يخرج من فِيهَا مثل لَهب الأتون فَحملت عَلَيْهَا فَقَالَت مَالِي وَلَك وصاحت فَقَالَ صَاحِبي مَا تُرِيدُ من البائسة قَالَ ثمَّ سَار سَاعَة ثمَّ الْتفت اليها ففتحت فاها فَإِذا يخرج مثل لَهب الأتون قَالَ فَحملت عَلَيْهَا فَفعلت ذَلِك حَتَّى فعلت ثَلَاث مَرَّات قَالَ فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك صممت فطفرت فَإِذا هِيَ بِالْأَرْضِ فَقَالَت قَاتلك الله مَا أَشد فُؤَادك مَا رَآهُ أحد قطّ إِلَّا أَنْخَلِع فُؤَاده
حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أخي الْأَصْمَعِي قَالَ حَدثنِي عمي قَالَ خرج رجل بحضرموت ففر من الغول وَهِي سَاحِرَة الْجِنّ فَلَمَّا خَافَ أَن ترهقه دخل فِي بِئْر فبالت عَلَيْهِ فَخرج من الْبِئْر فتمعط شعره وَلم يبْق عَلَيْهِ شَيْء وَالله أعلم


الْبَاب الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ فِي ان الطَّاعُون من وخز الْجِنّ

روى الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده من حَدِيث أبي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنَاء أمتِي بالطعن والطاعون قَالُوا يَا رَسُول الله هَذَا الطعْن قد عَرفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُون قَالَ وخز إخْوَانكُمْ من الْجِنّ وَفِي كل شَهَادَة وَرَوَاهُ ابْن ابي الدُّنْيَا فِي كتاب الطواعين وَقَالَ فِيهِ وخز أعدائكم من الْجِنّ وَلَا تنَافِي بَين اللَّفْظَيْنِ لِأَن الْأُخوة فِي الدّين لَا تنَافِي الْعَدَاوَة لِأَن عَدَاوَة الْجِنّ وَالْإِنْس بالطبع وَإِن كَانُوا مُؤمنين فالعداوة مَوْجُودَة قَالَ ابْن الْأَثِير الوخز طعن لَيْسَ بنافذ والشيطان لَهُ ركض وهمز وَنَفث وَنفخ ووخز قَالَ الْجَوْهَرِي الركض تَحْرِيك الرجل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {اركض برجلك} وَفِي حَدِيث الْمُسْتَحَاضَة هِيَ ركضة من الشَّيْطَان يُرِيد الدفعة والهمز شَبيهَة بالنفخ وَهُوَ أقل من التقل وَقد نفث الراقي ينفث وينفك والنفخ مَعْرُوف والوخز الطعْن بِالرُّمْحِ وَغَيره لَا يكون نَافِذا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ يسمون الطَّاعُون رماح الْجِنّ قَالَ الازدي لِلْحَارِثِ الْملك الغساني ... لعمرك مَا خشيت على أبي ... رماح مُقَيّدَة بني الْحمار
وَلَكِنِّي خشيت على أبي ... رماح الْجِنّ أَو إياك حَار ...


الكتاب: آكام المرجان في أحكام الجان
المؤلف: محمد بن عبد الله الشبلي الدمشقيّ الحنفي، أبو عبد الله، بدر الدين ابن تقي الدين (المتوفى: 769هـ)
المحقق: إبراهيم محمد الجمل
الناشر: مكتبة القرآن - مصر - القاهرة

نور الشمس 05 Mar 2018 06:20 PM

رد: آكام المرجان في أحكام الجان 10
 
جزاك الله خير ..

سلطانه 05 Mar 2018 11:15 PM

رد: آكام المرجان في أحكام الجان 10
 
جزاك الله خير.
وجعله في ميزان حسناتك.

أبو خالد 19 Mar 2018 08:49 AM

رد: آكام المرجان في أحكام الجان 10
 
جزاكم الله خير
شاكر مروركم


الساعة الآن 05:16 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي