موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح

موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح (https://www.1enc.net/vb/index.php)
-   الأديان والمذاهب المعاصرة توضيح وبيان . (https://www.1enc.net/vb/forumdisplay.php?f=176)
-   -   لماذا ميّز الإسلام أهل الكتاب عن غيرهم من الكفار (https://www.1enc.net/vb/showthread.php?t=43108)

في الجنة نلتقي 10 Apr 2020 11:29 PM

لماذا ميّز الإسلام أهل الكتاب عن غيرهم من الكفار
 
لماذا ميَّز الإسلام أهل الكتاب عن غيرهم من الكفار؟


السؤال:

إذا كان الإسلام ناسخًا للأديان السماوية السابقة والقرآن الكريم - يقول: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآْخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عِـمرَان: 85]، وبيّن كذلك كفر أهل الكتاب من اليهود والنصارى بآيات كثيرة؛ فلماذا لم يعاملهم الإسلام معاملة الكفار بل أجاز لهم البقاء على أديانهم مع ثبوت تحريفها وبطلانها؟ كما أجاز لنا الزواج منهم وأكل طعامهم؟ وهل النصارى في هذه الأيام ينطبق عليهم وصف أهل الكتاب ولهم نفس الحكم؟





الجواب:

أولًا: أصول الدين التي جاء بها الأنبياء واحدة، وهي دين الإسلام، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلاَمُ ﴾ [آل عِـمرَان: 19]، وأما فروعه وهي الشرائع فقد تختلف وهي التي تقبل النسخ، قال الله تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المـَـائدة: 48]؛ وقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أنا أَوْلَى الناس بعيسى ابنِ مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إِخْوَةٌ لِعِلاَّتٍ، أُمَّهَاتُهم شَتَّى ودِينهم واحد»[1]. رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم واللفظ للبخاري، والذي يقع فيه النسخ إنما هو الفروع لا الأصول، وقال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآْخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلـهَكَ وَإِلـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البَقـَـرَة: 130 - 133].



ثانيًا: أباح الله للمسلمين أن يأكلوا من طعام الذين أوتوا الكتاب؛ وهو ذبائحهم بقوله في سورة المائدة: ﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ﴾ [المـَـائدة: 5]، فاشترط في الزواج بالكتابيات أن يكن حرائر عفيفات؛ سواء كنَّ يهوديات أو نصرانيات، مع أن الله تعالى أخبر عن اليهود والنصارى في نفس السورة بأنهم كفار، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ... ﴾ [المـَـائدة: 17]، وقال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ [المـَـائدة: 18]، وقال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلـهًا وَاحِدًا لاَ إِلـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التّوبـَـة: 30 - 33]، وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ﴾ [المـَـائدة: 73]، ونحو ذلك في نفس السورة.



ثالثًا: خص الله أهل الكتاب اليهود والنصارى بأكل ذبائحهم وزواج المؤمنين بالحرائر العفيفات من نسائهم، والاكتفاء بأخذ الجزية منهم - بقوله: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآْخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [التّوبـَـة: 29]، خصهم بذلك؛ لأنهم أهل كتاب، وأقرب إلى المسلمين من سائر الكفار سواهم؛ ولذا فرح المؤمنون بغلبهم على الفرس، ونصرهم عليهم بعدما غلبوا، وأقرهم الله على ذلك؛ قال الله تعالى: ﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾[الـرُّوم: 2 - 6]، ولم يجز لهم سبحانه البقاء على الكفر به، وما ارتكبوه من تحريف كتبه، وجحد رسالة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يأذن لهم في ذلك، وإنما شرع لنا ترك قتالهم وعدم أسرهم إذا هم أعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، واكتفى منهم بذلك دون غيرهم من سائر الكفار، وذلك هو قول جمهور أهل العلم.



وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.



«اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء» (2 / 298 - 300)



رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/139551/#ixzz6JF7uZ7IN

طالب علم 11 Apr 2020 06:19 AM

رد: لماذا ميّز الإسلام أهل الكتاب عن غيرهم من الكفار
 
جزاك الله خيرا


الساعة الآن 02:50 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي