مجالس للعطر وأخرى للكير !

للكاتب/ محمد الحسّاني.

في بعض الأحيان يتحدث رواد بعض المجالس عن مشاهد وتصرفات تدل على أن في كل مجتمع رجالاً وأشباه رجال ومن هم دون ذلك، ولأن الرجال الأسوياء في غنى عن التعريف لأن أعمالهم وآثارهم تدل عليهم فقد يكون من المناسب قصر الحديث عن أشباه الرجال الذين تكاثروا في هذا الزمان وغصت بهم بعض المجالس، ومن صفات هؤلاء التزلف لصاحب المجلس خاصة إذا ما كان مليئاً يُرجى خيره أو يخشى شره فتجد الواحد من أشباه الرجال يهين كرامته في تلك المجالس وقد أغناه الله ولم يكن بحاجة إلى بذل ماء وجهه إرضاء لصاحب مجلس أو مكانة اجتماعية أو سطوة مالية أو إدارية، وحتى لو كان الباذل لماء وجهه محتاجاً للعطاء مرتقباً له فإن حاجته لو كان رجلاً وصاحب كرامة لا تعفيه من مسؤولية إهانة نفسه في المجالس فكيف إن كان غير محتاج؟!
إن بعض المجالس تضم العديد من أشباه الرجال، من الذين إذا تحدث صاحب المجلس أمامهم أمَّنوا على قوله ووصفوه بالحكمة وأنه أُعطي فصل الخطاب، وإذا عرفوا أنه غاضب على إنسان ما ولو كان ذلك الإنسان أنظف منه يداً وخلقاً وتعاملاً ومبادئ، ذموا ذلك الإنسان وأكلوا لحمه وأظهروا لصاحبهم أنهم معه ضد الإنس والجن وأنه على الحق المبين وشمروا عن سواعدهم كل فيما يخصه وحسب موقعه الوظيفي أو الاجتماعي لمحاربة من خاصم صاحبهم وأن الذي يرشه بالماء فإنهم سوف يرشونه بالدم، فإن تغير الموقف وهدأت الأمور بين الطرفين ولاحت بوارق صلح بين صاحبهم ومن خاصمه من قبل من الناس فإن أشباه الرجال سرعان ما يغيرون مواقفهم من الخصم السابق ويبدأون في طلب وده والتمسح في ردائه كما تفعل القطط الضالة الجائعة لاسيما إذا ما وجدوه في مجلس صاحبهم بعد زوال أسباب الخلاف ثم لا يكون لديهم مانع أن يعودوا إلى محاربة الرجل نفسه ووصفه بأقذع الأوصاف إذا ما نشأت بينه وبين ولي نعمتهم خصومة جديدة وهكذا دواليك! ويقال إن أشباه الرجال عادة ما يُشترون بثمن بخس، فمنهم من تجيب رأسه تذكرة طائرة أو رحلة مجانية أو أيام في كبينة بلا مقابل أو هدايا بسيطة على سبيل المعايدة وبعضهم «ديته» كبسة أرز وكأس عصير رمان أو سفرجل؟!