عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Apr 2010, 02:27 AM   #4
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


أراد الأول وهو مقتضى اللفظ لزم في ذلك أن كلما يوصف به الحس أو المحسوس أو الخيال أو التخيل لا يوصف به ومعلوم أن ذلك يوصف بأنه موجود وثابت وحق ومعلوم ومذكور وموصوف ونحو ذلك مما لا نزاع في أن الله يوصف به وإن أراد الثاني وهو الذي أراده والله أعلم وإن كان قد قصر في دلالة اللفظ عليه كان مضمونه أنه لا يحس بحال فإن أراد به ما يستلزم أنه لا يرى ولا يسمع كلامه فهذا ممنوع وهو باطل وإن أراد به لا يكون كالمحسوسات في إدراك الحس له فيقال ولا هو كالمعلومات والمعقولات في تعلق العلم به فإن الله ليس كمثله شيء بوجه من الوجوه كما قد بيناه في غير هذا الموضع # الوجه الثالث عشر إن طوائف يفرقون بين كونه معقولا وكونه محسوسا حتى يقول النفاة منهم لا يعلم إلا بإشارة العقل وقد يقولون إنه من قسم الحقائق المعقولة دون المحسوسة ونحو ذلك فيقال هذا اللفظ فيه إجمال وإيهام فإن أرادوا أنه في الدنيا لا يعرف إلا بالقلب لا يشهد بالبصر الظاهر وغيره من الحواس فهذا حق لكن ما يعرفه القلب ويشهده القلب ويحسه القلب ونحو ذلك أعم من أن يكون معقولا محضا فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت وقد اتفق على ذلك سلف الأمة وأئمتها ولم يتنازعوا إلا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وحده وإن نازع في غيره بعض من لم يعرف السنة ومذهب الجماعة من بعض المتكلمة وجهال المتصوفة ونحوهم # وإن أراد أنه لا يرى في الدنيا والآخرة ولا يمكن رؤيته فهذا مذهب

الجهمية والمعتزلة له في ذلك معروف وقد ثبت بالكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة وأئمتها بل وبصرائح العقل بطلان هذا المذهب # وإن أراد أنه من باب ما يعقله القلب من الأمور المعقولة التي لا يصح تكون محسوسة فيقال له المعقولات المحضة هي الأمور الكلية فإن الإنسان إذا أحس بباطنه أو بظاهره بعض الأمور كإحساسه بجوعه وعطشه ورضاه وغضبه وفرحه وحزنه ولذته وألمه وبما يراه ويسمعه بإذنه فتك الأمور أمور معينة موجودة فالعقل يأخذ منها أمرا مطلقا كليا فيعلم جوعا مطلقا وفرحا مطلقا وشما مطلقا وألما مطلقا ونحو ذلك فهذه الكليات معقولات محضة لأنه ليس في الخارج كليات حتى يمكن إحساسها والإحساس إنما يكون بالأمور الموجودة ولهذا قالوا إنه يعلم المعدومات قبل كونها عاما أما السمع والبصر فإنما يكون للموجود ومن قال إنه يرى وقد بسطنا الكلام في غير هذا الموضوع

وإذا كان كذلك فمن أراد هذا المعنى جعله من باب الموجودات في الأذهان لا في الأعيان وهذا حقيقة قول الجهمية الذين يقولون إنه لا يمكن رؤيته وإحساسه فإن كل موجود قائ بنفسه يمكن رؤيته بل كل موجود يمكن إحساسه إما بالرؤية وإما بغيرها فما لا يعرف بشيء في المحسوس لم يكن إلا معدوما حتى إن الصور الذهنية يمكن إحساسها من حيث وجود ذاتها ولكن هي من جهة مطابقتها للمعدومات كلية والمطابقة لها إضافية فهذه معاني ينبغي أن يفطن لها # قال أبو عبدالله الرازي الخامس أن كل ماهية فإنا إذا اعتبرناها بحدها وحقيقتها فإنا قد نعقلها حال غفلتنا عن الوضع والحيز فكيف والإنسان إذا كان مستغرق الفكر في تفهم أن حد العلم ما هو وحد الطبيعة ما هو فإنه في تلك الحالة يكون غافلا عن حقيقة الحيز والمقدار فضلا عن أن يحكم بأن تلك الحقيقة لا بد وأن تكون مختصة بمحل أو جهة وهذا يقتضي أنه يمكننا أن نعقل الماهيات حال ذهولنا عن الحيز والشكل والمقدار # السادس وهو أن الواحد منا حال ما يكون مستغرق الفكر والروية في استخراج مسألة معضلة قد يقول في نفسه إني قد حكمت بكذا أو عقلت فحال ما يقول في نفسه إني عقلت كذا وحكمت بكذا يكون عارفا بنفسه إذ لو لم يكن عارفا بنفسه لامتنع منه أن يحكم على ذاته بأنه حكم بكذا أو عرف كذا مع أنه في تلك الحالة قد يكون غافلا عن معنى الحيز والجهة وعن معنى الشكل والمقدار فضلا عن أن يعلم كون ذاته في الحيز أو كون ذاته موصوفة بالشكل والمقدار فثبت أن العلم بالشيء قد يحصل عند عدم العلم بحيزه وشكله ومقداره وذلك يفيد القطع بأن الشيء المجرد عن الوضع والجهة يصح أن يكون معقولا

# السابع إنا نبصر الأشياء إلا أن القوة الباصرة لا تبصر نفسها وكذلك الخيالية تتخيل الأشياء إلا أن هذه القوة لا يمكنها أن تتخيل نفسها فوجود القوة الباصرة يدل على أنه لا يجب أن يكون كل شيء متخيلا وذلك يفتح باب الاحتمال المذكور # قال شيخ الإسلام قلت قد تقدم الكلام على أصول هذا غير مرة من وجوه متعددة # أحدها أن القصور عن معرفة الشيء غير العلم بانتفائه والمنازع له قال إني أعلم انتفاء موجود لا داخل العالم ولا خارجه لم يقل إني قاصر أو عاجز عن معرفة وجوده # الثاني أن قصور الوهم والخيال لا يستلزم قصور العلم والعقل والحس والمنازع له يقول إن ذلك لا يعلم بعقل ولا غيره فإذا كان غيره معقولا لم يجب أن يكون هذا معقولا
فصل # ثم قال أبو عبدالله الرازي الثامن إن خصومنا لا بد لهم من الاعتراف بوجود شيء على خلاف حكم الحس والخيال لأن خصومنا في هذا الباب إما الكرامية وإما الحنابلة أما الكرامية فإنا إذا قلنا لهم لو كان الله

مشارا إليه بالحس لكان ذلك الشيء إما أن يكون منقسما فيكون مركبا وأنتم لا تقولون بذلك وإما أن يكون غير منقسم فيكون في الصغر والحقارة مثل النقطة التي لا تنقسم ومثل الجزء الذي لا يتجزأ وأنتم لا تقولون بذلك فعند هذا الكلام قالوا إنه واحد منزه عن التركيب والتأليف ومع هذا فإنه ليس بصغير ولا حقير # فقوله خصومنا في هذا الباب إما الكرمية وإما الحنابلة ليس بسديد ولا سيما وهؤلاء الحنابلة الذين وصفهم إن كان لهم وجود فهم صنف من الحنابلة الموجودين في وقته أو قبله بأرض خراسان وغيرها ليسوا من أئمة علماء الحنابلة ولا أفاضلهم فإن هذه الألفاظ التي حكاها عن الحنابلة لا نعرفها عن أحد منهم كما سنذكره # وكذلك هؤلاء الكرامية الذين حكى قولهم بعض الكرامية وإلا فكثير من الكرامية قد يخالفونه فيما حكاه عنهم بل خصومة في هذا الباب جميع الأنبياء والمرسلين وجميع أئمة الدين من الأولين جمع الأنبياء والمرسلين والتعابعين

والآخرين وجميع المؤمنين الباقين على الفطرة الصحيحة دع ما قد تنازع فيه من ذلك فإنهم لا يطلقون على الله هذا الإطلاق الذي ذكره وإن كان فيهم وفي سائر الطوائف من نص بالصفات التي يطلق عليها هو وأمثاله أنها أجزاء وأبعاض لكنهم لا يطلقون الألفاظ الموهمة المحتملة إلا إذا نص الشرع فأما ما لم يرد به الشرع فلا يطلقونه إلا إذا تبين معناه الصحيح الموافق للشرع ونفي المعنى الباطل كالفظ الأجزاء والأبعاض كما سنذكره إنشاء الله وما علمت أحدا من الحنابلة من يطلقه من غير بيان بل كتبهم مصرحة بنفي ذلك المعنى الباطل ومنهم من لا يتكلم في ذلك بنفي ولا إثبات # فلا ريب أن الكتب الموجودة بأيدي الناس تشهد بأن جميع السلف من القرون الثلاثة كانوا على خلاف ما ذكره وأن الأئمة المتبوعين عند الناس والمشايخ المقتدى بهم كانوا على خلاف ما ذكره وهذه أئمة المالكية والشافعية والحنفية وأهل الحديث والصوفية على ذلك بل أئمة الصفاتية من الكلابية

والكرامية واأشعرية على خلاف ما قاله فهذه كتب ابن كلاب إمام طائفته ثم الحارث المحاسبي ونحوه ثم أبي الحسن الأشعري وأئمة أصحابه مثل عبد الله بن مجاهد وأبي الحسن الطبري وأبي العباس القلانسي وغيره كما سيأتي إن شاء الله حكاية قوله وقول غيره والقاضي أبي بكر بن الباقلاني وأبي علي بن شاذان وغيرهم كلهم يقولون بإثبات العلو لله على العرش واستوائه عليه دون ما سواه ويضللون من يفسر ذلك بالاستيلاء والقهر ونحوه كما قد حكينا بعض أقوالهم في جواب الاستفتاء وفي جواب هذه المسائل الموردة عليه وذكرنا أن أبا الحسن الأشعري ذكر أن هذا قول جميع أهل السنة والحديث وبه يقول الرازي وهو قد حكى أيضا في كتبه ذلك عن بعض أئمة أصحابه وذكر للأشعري نفسه قولين وقد تكلمنا على ذلك فكيف يزعم أن خصومه إنما هم الكرامية والحنابلة بل لم يوافقه إلا فريق قليل من أهل القبلة # حتى حذاق الفلاسفة فإنهم من خصومه في هذا الباب كما ذكر القاضي أبو الوليد بن رشد الحفيد الفيلسوف مع فرط اعتنائه بالفلسفة وتعظيمه لها

ومعرفته بها حتى يأخذها من أصولها فيقرأ كتب أرسطو وذويه ويشرحها ويتكلم عليها ويبين خطأ من خالفهم مثل ابن سينا وذويه وصنف كتبا متعددة مثل كتاب تهافت التهافت في الرد على أبي حامد فيما رده على الفلاسفة في كتاب تهافت الفاسفة وكتاب تقرير المقال في تقرير ما بين الشريعة والحكمة في الاتصال وغير ذلك قال في كتابه الذي سماه مناهج الأدلة على الأصولية وقد ضمن هذا الكتاب بيان الاعتقاد الذي جاءت به الشريعة ووجوب إلقائه إلى الجمهور كما جاءت به الشريعة وبيان ما يقوم عليه من ذلك البرهان للعلماء كما يقوم به ما يوجب التصديق للجمهور وذكر فيه ما يوجب على طريقته أن لا يصرح به للجمهور وذكر فيه ما يوجب من الأمور التي قام عليها البرهان على طريقة ذويه كما ذكر أنه لا يصلح في الشريعة أن يقال إن الله جسم أو ليس بجسم مع أنه يقول في الباطن أن الله ليس بجسم ومع هذا فأثبت الجهة باطنا وظاهرا وذكر أنه قول الفلاسفة فقال # فإن قيل فما تقول في صفة الجسمية هل هي من الصفات التي صرح الشرع بنفيها عن الخالق أو هي من الصفات المسكوت عنها فنقول إنه من البين من أمر الشرع أنها من الصفات المسكوت عنها وهي إلى التصريح بإثباتها في

الشرع أقرب منها إلى نفيها وذلك أن الشرع قد صرح بالوجه واليدين في غير ما آية من الكتاب العزيز وهذه الآيات قد توهم أن الجسمية هي له من الصفات التي فضل فيها الخالق المخلوق كما فضله في صفة القدرة والإرادة وغير ذاك من الصفات التي هي مشتركة بين الخالق والمخلوق إلا أنها في الخالق أتم وجودا ولهذا صار كثير من أهل الإسلام إلى أن يعتقدوا في الخالق أنه جسم لا يشبه سائر الأجسام وعلى هذا الحنابلة وكثير ممن تبعهم والواجب عندي في هذه الصفة أن يجري فيها على منهاج الشرع فلا يصرح فيها بنفي ولا إثبات ويجاب من سأل عن ذلك من الجمهور بقوله تعالى ^ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ^ وينهى عن هذا السؤال وذلك لثلاثة معان # أحدها أن إدراك هذا المعنى ليس هو قريبا من المعروف بنفسه برتبة واحدة ولا برتبتين ولا ثلاثة وأنت تتبين ذلك من الطريق التي سلكها المتكلمون في ذلك فإنهم قالوا إن الدليل على أنه ليس بجسم أنه قد تبين أن كل جسم محدث وإذا سئلوا عن الطريق التي بها يوقف على أن كل جسم محدث سلكوا في ذلك الطريق التي ذكرناها في حدوث الأعراض وأن مالا يتعرى من الحوادث حادث وقد تبين لك من قولنا أن هذه الطريقة ليست برهانية ولو كانت برهانية لما كان في طباع الغالب من الجمهور أن يصلوا إليها # وأيضا فإن ما يصفه هؤلاء القوم من أنه سبحانه له ذات وصفات زائدة على الذات يوجبون بذلك أنه جسم أكثر مما ينفون عنه الجسمية بدليل انتفاء الحدوث عنه فهذا هو السبب الأول في أنه لم يصرح الشرع بأنه ليس بجسم # وأما السبب الثاني فهو أن الجمهور يرون أن الموجود هو المتخيل والمحسوس وأن ما ليس بمتخيل ولا محسوس فهو عدم فإذا قيل لهم إن ها هنا موجودا ليس

بجسم ارتفع عنهم التخيل فصار عندهم من قبيل المعدوم ولا سيما إذا قيل إنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوق ولا أسفل ولهذا اعتقدت الطائفة الذين أثبتوا الجسمية في الطائفة التي تنفيها عنه سبحانه أنها مثبتة واعتقدت الذين نفوها في المثبتة أنها مكثرة # وأما السبب الثالث فهو أنه إذا صرح بنفي الجسمية عرضت في الشرع شكوك كثيرة مما يقال في المعاد وفي غير ذلك فمنها ما يعرض من ذلك في الرؤية التي جاءت بها السنة الثابتة وذلك أن الذين صرحوا بنفيها أي بنفي الجسمية فرقتان المعتزلة والأشعرية فأما المعتزلة فدعاهم 2 هذا الاعتقاد إلى أن نفوا الرؤية وأما الأشعرية فأرادوا أن يجمعوا بين الأمرين فعسر ذلك عليهم ولجئوا في الجمع إلى أقاويل سوفسطائية سنرشد إلى الوهم الذي فيها عند الكلام في الرؤية # ومنها أنه يوجب انتفاء الجهة من بادي الرأي عن الخالق سبحانه كونه ليس بجسم فترجع الشريعة متشابهة وذلك أن بعث الأنبياء ابتنى على أن الوحي نازل عليهم من السماء وعلى ذلك انبنت شريعتنا هذه أعني أن الكتاب العزيز نزل من السماء كما قال تعالى ^ إنا أنزلناه في ليلة مباركة ^ وابنبنى نزول الوحي من السماء على أن الله في السماء وكذلك كون الملائكة تنزل من السماء وتصعد إليها كما قال ^ إليه يصعد الكلم الطيب ^ وقال ^ تعرج الملائكة والروح إليه ^



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس