عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Apr 2010, 02:29 AM   #6
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# أحدهما أن يقال لفظ المنقسم لفظ مجمل بحسب الاصطلاحات والمنقسم في اللغة العربية التي نزل بها القرآن هو ما فصل بعضه عن بعض كقسمة الماء وغيره بين المشتركين إلى أن قال فيختار المنازع منه جانب النفي فإن الله ليس بمنقسم وليس هو شيئين أو أشياء كل واحد منها في حيز منفصل عن حيز الآخر إلى أن قال وقد يريد الناس بلفظ المنقسم ما يمكن الناس فصل بعضه عن بعض وإن كان في ذلك فساد نهتنا عنه الشرعة كالحيوان الحي والأبنية فإن أراد بلفظ المنقسم ذلك فلا ريب أن كثيرا من الأجسام ليس منقسما بهذا الاعتبار فإن بني آدم يعجزون عن قسمته فضلا عن أن يقال إن رب العالمين يقدر العباد على قسمته وتفريقه وتمزيقه وهذا واضح وقد يراد بلفظ المنقسم ما يمكن في قدرة الله قسمته كالجبال وغيرها ومن المعلوم أنه لا يجوز أن يقال إن الله يمكن قسمته وأنه قادر على ذلك # وإن كان غير منقسم لا بالمعنى الأول ولا بالمعنى الثاني فقوله وإن لم يكن غير منقسم كان في الصغر بمنزلة الجوهر الفرد ليس بلازم حينئذ فإنما يوصف بأنه واحد في الأجسام كقوله ^ وإن كانت واحدة فلها النصف ^ ونحو ذلك جسم واحد وهو في جهة ومع ذلك ليس هو منقسما بالمعنى الأول وإن كان هذا فيما يقبل القسمة كالأشياء التي يقدر الناس على قسمتها وأن ما لا يقبل القسمة أولى بذلك وهذا ظاهر محسوس فإن أحدا لم ينازع في أن الجسم العظيم الذي لم يفصل بعضه عن بعض فيحصل في حيزين منفصلين أو لا يمكن ذلك فيه إذا وصف بأنه غير منقسم لم يلزم من ذلك أن يكون بقدر الجوهر الفرد بل قد يكون في غاية العظمة والكبر وهذا الذي قررناه من فصل بعضه عن بعض بحيث يكون كل بعض في حيزين منفصلين أو إمكان ذلك فيه فإن أحدا لم يقل إن الله منقسم بهذا الاعتبار # وإن قال أريد بالمنقسم إن ما في هذه الجهة غير ما في هذه الجهة كما يقول إن الشمس منقسمة بمعنى إن حاجبها الأيمن غير حاجبها الأيسر والفلك منقسم

بمعنى أن ناحية القطب الشمالي غير ناحية القطب الجنوبي وهذا هو الذي أراده فهذا مما تنازع الناس فيه فيقال له قولك إن كان منقسما كان مركبا وتقدم إبطاله تقدم الجواب عن هذا الذي سميته مركبا وتبين أنه لا حجة أصلا على امتناع ذلك بل بين أن إحالة ذلك تقتضي إبطال كل موجود ولولا أنه أحال على ما تقدم لما أحلنا عليه وتقدم بيان ما في لفظ التركيب والتحيز والغير والافتقار من الاحتمال وإن المعنى الذي يقصد منه بذلك يجب أن يتصف به كل موجود سواء كان واجبا أو ممكنا وإن القول بامتناع ذلك يستلزم السفسطة المحضة ويبين أن كل واحد يلزمه أن يقول بمثل هذا المعنى الذي سماه تركيبا حتى الفلاسفة وأن هذا المنازع يقول مثل ذلك في تعدد الصفات وإن ألزم الفلاسفة مثل ذلك وقول من يقول من هؤلاء ما يكون منقسما أو مركبا بهذا الاعتبار فإنه ل يكون واحدا أو لا يكون أحدا فإن الأحد الذي لا ينقسم خلاف لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ولغة العرب من تسمية الإنسان واحدا كقوله ^ وإن كانت واحدة ^ وقوله نحو من هذا فهو الذي يقطع الشغب والتنازع فإن هذه الشبهة هي أكبر وأكثر أصول المعطلة لصفات الرب بل المعطلة لذاته وهي عند التحقيق من أفسد الخيالات
فصل # قال الرازي وأما الحنابلة الذين التزموا الأجزاء والأبعاض

# فيقال إن أردت بهذا الكلام أنهم وصفوه بلفظ الأجزاء والأبعاض وأطلقوا ذلك عليه من غير نفي للمعنى الباطل وقالوا إنه يتجزأ أو يتبعض وينفصل بعضه عن بعض فهذا ما يعلم أحد من الحنابلة يقوله هم مصرحون وإن أردت إطلاق لفظ البعض على صفاته في الجملة فهذا ليس مشهورا عنهم لا سيما والحنابلة أكثر اتباعا لألفاظ القرآن والحديث من الكرامية ومن الأشعرية بإثبات لفظ الجسم فهذا مأثور عن الصحابة والتابعين والحنبلية وغيرهم متنازعون في إطلاق هذا اللفظ كما سنذكره إن شاء الله وليس للحنبلية في هذا اختصاص ليس لهم قول في النفي والإثبات إلا وهو وما أبلغ منه موجود في عامة الطوائف وغيرهم إذ هم لكثرة الاعتناء بالسنة والحديث والاءتمام بمن كان بالسنة أعلم وأبعد عن الأقوال المتطرفة في النفي والإثبات وإن كان في أقوال بعضهم غلط في النفي والإثبات فهو أقرب من الغلط الموجود في الطرفين في سائر الطوائف الذين هم دونهم في العلم بالسنة والاتباع # وإن أردت أنهم وصفوه بالصفات الخبرية مثل الوجه واليد وذلك يقتضي التجزئة والتبعيض أو أنهم وصوفه بما يقتضي أن يكون جسما والجسم متبعض ومتجزئ وإن لم يقولوا هو جسم فيقال له لا اختصاص للحنابلة بذلك بل هذا مذهب جماهير أهل الإسلام بل وسائر أهل الملل وسلف الأمة وأئمتها # وفي الجملة فإثبات هذه الصفات هو مذهب الصفاتية من جميع طوائف الأمة مثل الكلابية وأئمة الأشعرية وهو مذهب الكرامية ومن المعلوم أن بين إثبات الأشعرية ونحوهم له وبين إثبات الكرامية ونحوهم له فرقا وكثير منهم ينفي


ذلك ومنهم من لا ينفيه ولا يثبته ومنهم من أثبت ما جاء وهذا إمام طائفته أبي الحسن الأشعري وهو من أعلم الناس بمقالات أهل الكلام قد ذكر في غير موضع من كتبه أن هذا مذهب أهل السنة والحديث وقال إنه به يقول كما قد ذكرنا لفظه في غير هذا الموضع وهذه الكتب التي صنفها مصنفوهم كأبي الحسن التميمي وأهل بيته والقاضي أبي يعلى وأبي الوفاء ابن عقيل وأبي الحسن ابن الزاغوني وذكروا فيها ما جرت عادة المتكلمة الصفاتية بذكره كأبي سعيد ابن كلاب وأبي الحسن الأشعري وأمثالهما من إثبات الصفات ونفي التجسيم قد بينوا فيها ذلك كما بين هؤلاء ونحوهم هذه الصفات العينية الخبرية كالوجه واليدين وغيرهما # ومن أشهر مصنفيهم في ذلك أبو الحسن ابن الزاغوني قال في كتابه الإيضاح في أصول الدين
فصل # وقد وصف الباري نفسه في القرآن بقوله تعالى ^ فأينما تولوا فثم وجه الله ^

2115 وقوله ^ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ^ 5527 وأمثال ذلك في الكتاب والسنة ويراد بذلك إثبات صفة تختص باسم يزيد على قولنا ذات وذهبت المعتزلة إلى أن المراد بالوجه الذات فأما صفة زائدة على ذلك فلا ولم يذكر خلافا مع الأشعرية لأن المشهور عنهم إثبات هذه الصفة قال والدلالة على ذلك أنه قد ثبت في عرف الناس وعاداتهم في الخطاب العربي الذي أجمع عليه أهل اللغة أن تسمية الوجه في أي محل وقع في الحقيقة والمجاز يزيد على قولنا ذات وأما في الحيوان فذلك مشهور حقيقة لا يمكن دفعه ولا يسوغ فيه غير ذلك وأما في مقامات المجاز فكذلك أيضا لأنه يقال فلان وجه القوم لا يراد به ذات القوم إذ ذوات القوم غيره قطعا ويقينا ويقال هذا وجه الثوب لما هو أجوده ويقال هذا وجه الرأي أي أصحه وأقومه وأتيت بالخبر على وجهه أي على حقيقته إلى أمثال ذلك مما يقال فيه الوجه فإذا كان هذا هو المستقر في اللغة وجب حمل هذه الصفة في حق الباري تعالى على ظاهر ما وضعت له وهو الصفة الزائدة على تسمية قولنا ذات وهذا جلي واضح # قال وتمهيد هذا الكلام وتقريره أنه لا يجوز أن يقال وجه الله على ما قيل في وجه القوم أنه سيدهم والمعرب عنهم والمشار إليه دونهم لأن ذلك يقتضي بمثله في حق الله أن يقال سيد الله والمشار إليه وهذا في حقه محال ولا يجوز أن يراد به ما أريد من قولهم هذا وجه الثوب أي أحسنه وأجوده لما ذكرنا أيضا لأنه لا يجوز أن يضاف إلى ذاته ولا إلى غيره لأنه تعالى ليس موصوفا بالحسن والجودة ولا يجوز أن يراد به ما أريد بأنه وجه الرأي أنه صوابه لأنه لا يعبر بذات الله عن الصدق في الخبر والصحة في الرأي فإذا بطلت هذه الأقسام وجب أن تحمل على إثبات صفة هي الوجه التي يستحقها الحي

# قالوا إذا حملتم الأمر على هذا الظاهر وبطل أن يراد بها إلا الوجه الذي هو صفة يستحقها الحي فالوجه الذي يستحقه الحي وجه هو عضو وجارحة يشتمل على كمية تدل على الجزئية وصورة تثبت الكيفية فإن كان ظاهر الأوصاف عندكم إثبات صفة تفارق في الماهية وتقارب فيما يستحق بمثله الاشتراك في الوصف فهذا هو التشبيه بعينه وقد ثبت بالدليل الجلي إبطال قول المجسمة والمشبهة وما يؤدي إلى مثل قولهم فهو باطل # قلنا الظاهر ما كان متلقى في اللفظ على طريق المقتضى وذلك مما يتداوله أهل الخطاب بينهم حتى ينصرف مطلقه عند الخطاب إلى ذلك عند من له أدنى ذوق ومعرفة بالخطاب العربي واللغة العربية وهذا كما نقول في ألفاظ الجموع وأمثالهم إن ظاهر اللفظ يقتضي العموم والاستغراق وكما نقوله في الأمر إن ظاهره الاستدعاء من الأعلى للأدنى يقتضي الوجوب إلى أمثال ذلك مما يرجع فيه إلى الظاهر في المتعارف فإذا ثبت هذا فلا شك ولا مرية على ما بينا أن الظاهر في إثبات صفة هو إذا أضيف إلى مكان أريد به الحقيقة أو أريد بها المجاز فإنه لا ينصرف إلى وهم السامع أن المراد بها جميع الذات التي هي مقولة عليها وهذا مما لا نزاع فيه # والمقصود بهذا إبطال التأويل الذي يدعيه الخصم فإذا ثبت هذا وجب أن يكون صفة خاصة بمعنى لا يجوز أن يعبر بها عن الذات ولا وضعت لها إلا على سبيل الحقيقة ولا على سبيل المجاز # فأما قولهم إذا ثبت أنها صفة إذا نسبت إلى الحي ولم يعبر بها عن الذات وجب أن تكون عضوا وجارحة ذات كمية وكيفية فهذا لا يلزم من جهة أن ما ذكروه ثبت بالإضافة إلى الذات في حق الحيوان المحدث لا من خصيصة صفة الوجه

ولكن من جهة نسبة الوجوه إلى جملة الذات فيما يثبت للذات من الماهية المركبة بكمياتها وكيفياتها وصورها وذلك أمر أدركناه بالحس من جملة الذات فكانت الصفة مساوية للذات في موضعها بطريق أنها منها ومنتسبة إليها نسبة الجزء إلى الكل فأما الوجه المضاف إلى الباري تعالى فإنا ننسبه إليه في نفسه نسبة الذات إليه وقد ثبت أن الذات في حق الباري لا توصف بأنها جسم مركب من جملة الكمية وتتسلط عليه الكيفية ولا يعلم له ماهية فالظاهر في صفته التي هي الوجه أنها كذلك لا يوصل لها إلى ماهية ولا يوقف لها على كيفية ولا تدخلها التجزئة المأخوذة من الكمية لأن هذه إنما هي صفات الجواهر المركبة أجساما والله يتنزه عن ذلك ولو جاز لقائل أن يقول ذلك في السمع والوجه والبصر وأمثال ذلك في صفات الذات لينتقل بذلك عن ظاهر الصفة منها إلى ما سواها بمثل هذه الأحوال الثابتة في المشاهدات لكان في الحياة والعلم والقدرة أيضا كذلك فإن العلم في الشاهد عرض قائم يقدر نفيه بطريق ضرورة أو اكتساب وذلك غير لازم مثله في حق الباري لأنه مخالف للشاهد في الذاتية غير مشارك في إثبات ماهية ولا مشارك لها في كمية ولا كيفية وهذا الكلام واضح جلي # وأما قولهم إن أردتم إثبات صفة تقارب الشاهد فيما يستحق مثله الاشتراك في الوصف فهذا هو التشبيه بعينه # فنقول لهم المقاربة تقع على وجهين أحدهما مقاربة في الاستحقاق لسبب موجبه التمام والكمال وتنفي النقص الثاني مقاربة في الاستحقاق لسبب تقتضيه الحاجة ويوجبه الحس ومحال أن يراد به الثاني لأن الله تعالى قد ثبت أنه غني

غير محتاج ولا يوصف بأنه يحتاج إلى الإحساس لما في ذلك من النقص فيبقى الأول وصار هذا كإثبات الصفات الموجبة للكمال ودفع النقص # وأما قولهم إن ذلك يوجب إثبات الجوارح والأعضاء فليس بصحيح من جهة أنه يكتسب بها ما لو لا ثبوتها له لعدم الاكتساب مع كونه محتاجا إليه ولهذا سميت الحيوانات المصيودة كسباع الطير والبهائم جوارح لأنها تكتسب الصيود والباري مستغن عن الاكتساب فلا يتصور استحقاقه لتسميته جارحة مع عدم السبب الموجب للتسمية فأما تسمية الأعضاء فإنها تثبت في حق الحيوان المحدث لما تعينت له من الصفات الزائدة على تسمية الذات لأن العضو عبارة عن الجزء ولهذا نقول عضيته أي جزيته وقسمته ومنه قوله تعالى ^ الذين جعلوا القرآن عضين ^ أي قسموه فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه فإذا كان العضو إنما هو مأخوذ من هذا فالباري تعالى ليس بذي أجزاء يدخلها الجمع وتقبل التفرقة والتجزئة فامتنع أن يستحق ما يسمى عضوا فإذا ارتفع هذا بقي أنه تعالى ذاته لا تشبه الذوات مستحقة للصفات المناسبة لها في جميع ما تستحقه فإذا ورد القرآن وصحيح السنة في حقه بوصف تلقي في التسمية بالقبول ووجب إثباته له مثل ما يستحقه ولا يعدل به عن حقيقة الوصف إذ ذاته تعالى قابلة للصفات وهذا واضح بين لمن تأمله # فهذا لفظه ولفظ أمثاله من المصنفين على هذا الوجه # وقال أيضا بعد ذلك
فصل # وقد وصف الباري نفسه في القرآن باليدين بقوله تعالى ^ لما خلقت بيدي ^ 3876 وقال تعالى ^ وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا

بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ^ قال وهذه الآية تقتضي إثبات صفتين ذاتيتين سميان يدين قال وذهب المعتزلة وطائفة من الأشعرية إلى أن المراد باليدين النعتين وذهبت طائفة إلى أن المراد باليدين ها هنا القدرة قال والدلالة على كونهما ذاتيتين تزيدان على النعمة وعلى القدرة أنا نقول القرآن نزل بلغة العرب واليد المطلقة في لغة العرب وفي معارفهم وعاداتهم المراد بها إثبات صفة ذاتية للموصوف لها خصائص فيما يقصد به وهي حقيقة في ذلك كما ثبت في معارفهم الصفة التي هي القدرة والصفة التي هي العلم كذلك سائر الصفات من الوجه والسمع والبصر والحياة وغير ذلك وهذا هو الأصل في هذه الصفة وأنهم لا ينتقلون عن هذه الحقيقة إلى غيرها مما يقال على سبيل المجاز إلا بقرينة تدل على ذلك فأما مع الإطلاق فلا ولهذا يقولون لفلان عندي يد فيراد بذلك ما يصل من الإحسان بواسطة اليد وإنما فهم ذلك بإضافة اليد إلى قوله عندي ويقول ذلك وبينهما من البعد والحوائل ما لو أراد اليد الحقيقية لكان كاذبا ولهذا لو كان بحيث أن يكون عنده يده الحقيقية وهو أن يكونا متماسين في الاجتماع ويحيط بها ثوب أو على صفة يمكن إدخال يده إلى باطن ثوبه فقال حينئذ لفلان عندي يد لا يصرف القول فيه إلى يد الحقيقة لأن شاهد الحال قد قطع عمل القرينة والإطلاق في التعارف أكثر من شاهد الحال في القرب من جهة أنه يجوز أن يتجوز به للقرينة لكن على من شاهد الحال لاغية بما لا طلاقه ذلك أحق وأولى وكذلك القول في التعبير باليد عن القدرة إنما يثبت ذلك بقرينة وهو أن يقول لفلان علي يد فقوله علي قرينة تدل على أن المراد باليد القدرة وهي أيضا مع شاهد الحال لاغية على ما قدمنا في النعمة وهذا جلي واضح # ودليل آخر وهو إنا إذا تأملنا المراد بقوله تعالى ^ ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ^ 3876 امتنع فيه أن يكون المراد به النعمة والقدرة وذلك أن الله

تعالى أراد تفضيل آدم على إبليس حيث افتخر عليه إبليس بجنسه الذي هو النار وأنه بذلك أعلى من التراب والطين فرد الله عليه افتخاره وأثبت لآدم من المزية والاختصاص ما لم يثبت مثله لإبليس بقوله تعالى ^ لما خلقت بيدي ^ وفي ذلك ما يدل على أن المراد فيها الصفة التي ذكرنا من وجهين # أحدهما أن إبليس عند الخصم بما خلق به آدم من القدرة والنعمة فلولا أن آدم خالف إبليس في ذلك لما كان فيه إثبات فضيلة وهذا كلام صدر على سبيل الحاجة في إثبات الفضل فلو تساويا في السبب لما ثبتت الحجة لله تعالى على إبليس في ذلك وذلك مما لا يخفى عليه فكان يسعه أن يقول وأنا فقد خلقتني بما خلقت به آدم فأي فضيلة له علي بما ذكرته وما يؤدى إلى تعجيز الله عن حجته وإزالة المميز بين الشيئين فيما قصد التمييز به بالمخالفة بينهما قول باطل ومحال # والثاني أنه أضاف الخلق وهو فعل يده سبحانه والفعل متى أضيف إلى اليد فإنه لا يقتضي إضافة إلا إلى ما يختص بالفعل وليس إلا اليد التي ذكرنا وهذا جلي واضح # ودليل آخر نقول لا شك أن الرجوع في الكلام الوارد عن الحقيقة والظاهر المعهود إلى المجاز إنما يكون بأحد ثلاثة أشياء # أحدها أن يعترض على الحقيقة مانع يمنع من إجرائها على ظاهر الخطاب # الثاني أن تكون القرينة لها تصلح لنقلها عن حقيقتها إلى مجازها # والثالث أن يكون المحل الذي أضيفت إليه الحقيقة أو المعنى الذي أضيفت إليه الحقيقة لا يصلح لها فينتقل عنها إلى مجازها



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس