عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Apr 2010, 02:30 AM   #7
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# فإن قالوا إن إثبات اليد الحقيقة التي هي صفة لله تعالى ممتنع لعارض يمنع فليس بصحيح من جهة أن الباري تعالى ذات قابلة للصفات المساوية لها في الإثبات فإن الباري تعالى في نفسه ذات ليست بجوهر ولا جسم ولا عرض ولا ماهية له تعرف وتدرك وتثبت في شاهد العقل ولا ورد ذكرها في نقل وإذا ارتفع عنه إثبات الماهية وإذا كان الكل مرتفعا والمثل بذلك ممتنعا فالنفار من قولنا يد مع هذه الحال كالنفار من قولنا ذات ومهما دفعوا به إثبات ذات مما وصفنا فهو سبيل إلى دفع يد لأنه لا فرق عندنا بينهما في الإثبات وإن عجزوا عن ذلك لثبوت الدليل القاطع للإقرار بالذات على ما هي عليه مما ذكرنا فذاك هو الطريق إلى تعجيزهم عن نفي يد هي صفة تناسب الذات فيما ثبت لها من ذلك وهذا ظاهر لازم لا محيد عنه # وإن قالوا من جهة أنه اقترن بها قرينة تدل على صلاحية نقلها عن حقيقتها إلى مجازها فذلك محال من جهات # أحدها أنا قد بينا أن إضافة الفعل إلى اليد على الإطلاق لا يكون إلا والمراد به يد الصفة وهذا توكيد لإثبات الصفة الحقيقية ومحال أن يجتمع مؤكد للحقيقة مع قرينة ناقلة عن الحقيقة # والثانية أن القرائن قد ذكرناها وهو أنه أريد باليد النعمة قال لفلان عندي يد فعندي قرينة تدل على النعمة وإذا أريد بها القدرة قال لفلان علي يد فعلي هي القرينة الدالة على القدرة وكلاهما معدومان ها هنا # والثالث أن الخصم يدعي أن الداعي إلى ذلك ما يقتضيه الشاهد من إثبات العضو والجارحة والجسمية والبعضية والكمية والكيفية الداخل على جميع ذلك فحصل مثل وشبيه وقد بينا أن ذلك محال في حقه لأن نسبة اليد إليه تعالى

كنسبة الذات إليه على ما تقرر فإذا ارتفع هذا بطل السبب المعارض للحقيقة النافي لإثباتها والموجب لإبدالها بالمجاز # وإن قالوا إن المحل الذي أضيفت إليه اليد وهو ذات الباري لا يصلح لإثبات اليد الحقيقة فهذا محال من جهة أنا قد اتفقنا على أن ذات الباري تقبل إضافة الصفات الذاتية على سبيل الحقيقة كالوجود والذات والعلم والقدرة والإرادة وغير ذلك من صفات الإثبات على ما قدمناه # وإن قالوا إن المعنى الذي أضيف إلى الصفة لا يصلح إضافة اليد الحقيقية إليه من جهة أن آدم كان جسما وإضافة الفعل باليد إليه يقتضي إثبات المماسة باليد الفاعلة وذلك محال من جهة أن يد الباري وذاته لا تقبل المماسة للأجسام وهذا قول باطل من جهة أنا إذا أثبتنا اليد التي هي صفة لله تعالى على مثل ما وصفنا انتفت المماسة والفعل مضاف إليها نطقا ونصا ثابتا بطريق مقطوع عليه فنفينا ما نفاه الإجماع وأثبتنا ما أثبته النص والنطق وجرى ذلك مجرى الذات قولا واحدا في الحكم # والثاني أن هذا إنما يلزم إذا كان الفعل وكل الأحوال لا بد له من المماسة وقد وجدنا فعلا يؤثر وجوده في محل من محل آخر ولا مماسة بينهما مع تساويهما في الجسمية وذلك كما تراه من حجر المغناطيس فإنه يؤثر في حركة الحديد وانتقاله عن محله من غير مماسة تقع بين الفاعل والمفعول والعلة في ذلك قد تكون بين الفاعل والمفعول وتستغني بذلك عن المماسة ومثل هذا ظاهر لاخفاء به فلما ثبت أنه لا سبيل إلى إثبات المماسة أثبتنا الفعل للنص عليه واستغنينا عن المماسة بواسطة

# قالوا الأصل في اليد الفاعلة أن تكون جارحة عند التعارف والإطلاق فانتقلنا عن ذلك إلى تأويلها في حق آدمي بما يصلح وهو النعمة واليد في اللغة تقال ويراد بها النعمة والمنة ولهذا يقال له عندي يد وله عندي أيادي والله تعالى له في خلق آدم عليه السلام نعمتان دين ودنيا فاقتضى ذلك تأويلها على ما ذكرناه # قلنا قد أبطلنا وجه الحاجة إلى التأويل أو الوجه الموجب اعتراض سبب مانع من إثبات الكلام على أصله وحقيقته وما يبدر إليه الفهم والتعارف في عادات أهل الخطاب ولم يوجد ذلك ها هنا ولأنه لو أراد باليد النعمة لقال لما خلقت يدي لما خلقته بنعمة فإن نعمة الدين والدنيا خلق لها # ومما يحقق هذا أن الخلق بنعم الدين لا يصلح لأن نعم الدين الإيمان والتعبد والطاعة وكل ذلك عندهم مخلوق والمخلوق لا يخلق به وكذلك نعم الدنيا هي اللذات من الشهوات وهذه كلها مخلوقة وبعضها أعراض وهذا بطريق القطع لا يجوز أن يخلق به فكان هذا التأويل من هذا الوجه الباطل # قالوا إنما أضاف ذلك إلى آدم ليوجب له تشريفا وتعظيما على إبليس ومجرد النسبة في ذلك كاف في التشريف ولهذا قال في ناقة صالح ^ ناقة الله ^ ويقال في مكة بيت الله فجعل هذا التخصيص تشريفا وإن كان ذلك لا يمنع من تساوي أنها كلها لله وكذلك البيوت ومثله ها هنا # قلنا التشريف بالنسبة إذا تجردت عن إضافة إلى صفة اقتضى مجرد التشريف فأما النسبة إذا اقترنت بذكر صفة أوجب ذلك إثبات الصفة التي لولاها ما تمت النسبة فإن قولنا خلق الله الخلق بقدرته لما نسب الفعل إلى

تعلقه بصفة الله اقتضى ذلك إثبات إحاطة بصفة هي القدرة ولا يكون مجرد النسبة واجب منها الصفة فكذلك ها هنا لما كان ذكر التخصيص مضافا إلى صفة وجب إثبات تلك الصفة وهذا لا شك فيه ولا مرية وبهذا يبعد عما ذكروه # قال وأما قوله ^ بيدي ^ قدرتي لأن اليد في اللغة عبارة عن القدرة ولهذا أنشد في ذلك % فسلمت ومالي بالأمور يدان %
# ويحقق هذا ويوضحه أن الخلق من جهة الله إنما هو مضاف إلى قدرته لا إلى يده ولهذا يستقل في إيجاد الخلق بقدرته ويستغني عن يد وآلة يفعل بها مع قدرته # قلنا قد بينا هذا فيما مضى وأبطلنا وجه الحاجة إلى التأويل به إذ الحاجة مرتفعة ولأن قدرة الله واحدة لا تدخلها التثنية والجمع وإذا امتنعت التثنية منها وضعا امتنع عنها ذلك لفظا # قالوا قد يرد لفظ التثنية والجمع والمراد به الواحد ولهذا العالم اسم توحيد والمراد به الجمع وقال تعالى ^ ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ^ 50 24 والمراد به ألق ومثله ها هنا # قلنا إثبات القدرة واحد لله أصل ثبت بالأخبار والنقل وهو مما يعتري القصر والتخصيص فيه وحمل اليد عليه يقتضي إدخال الشك في أصل عظيم يكفر مخالف الحق فيه فكان مراعات هذا الأصل بحراسته عن مقام شك أولى من إدخال التأويل ها هنا وهذا يكفي في الإعراض عن مثل هذا التأويل # وأما قولهم العالم اسم جمع توحيد فليس كذلك بل العالم اسم لا واحد له من لفظه يقع على الواحد

# قال وأما قوله ^ ألقيا في جهنم ^ فإن ما احتجنا فيه إلى الانتقال عن لفظه لما ثبت أن المأمور واحد فصار قوله ألقيا بمعنى ألق ألق وقد بيناها هنا امتناع التأويل وإبطال سببه إن القائلين بهذه التأويلات يجوزون أن يكون المراد بالانتقال وإنما دخلوا فيها على سبيل الظن ومحال نفي صفة لله تعالى بطريق هو على هذه الصفة # ولا ريب أن المثبتين لهذه الصفات أربعة أصناف # صنف يثبتونها وينفون التجسيم والتركيب والتبعيض مطلقا كما هي طريق الكلابية والأشعرية وطائفة من الكرامية كابن الهيصم وغيره وهو قول طوائف من الحنبلية والمالكية والشافعية والحنفية كأبي الحسن التميمي وابنه أبي الفضل ورزق الله التميمي والشريف أبي علي ابن أبي موسى والقاضي أبي يعلى والشريف أبي جعفر وأبي الوفاء ابن عقيل وأبي الجسن ابن الزاغوني لا حصى كثرة يصرحون بإثبات هذه الصفات وينفي التجسيم والتركيب والتبعيض والتجزئ والانقسام ونحو ذلك وأول من عرف أنه قال هذا القول هو محمد عبدالله بن سعيد بن كلاب ثم اتبعه على ذلك خلائق لا يحصيهم إلا الله # وصنف يثبتون هذه الصفات ولا يتعرضون للتركيب والتجسيم والتبعيض ونحو ذلك من الألفاظ المبتدعة لا بنفي ولا إثبات لكن ينزهون الله عما تزه عنه نفسه ويقولون إنه ^ أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ^

ويقول من يقول منهم مأثور عن ابن عباس وغيره أنه لا يتبعض فينفصل بعضه عن بعض وهم متفقون على أنه لا يمكن تفريقه ولا تجزيه بمعنى انفصال شيء منه عن شيء وهذا القول هو الذي يؤثر عن سلف الأمة وأئمتها وعليه أئمة الفقهاء وأئمة أهل الحديث وأئمة الصوفية وأهل الاتباع المحض من الحنبلية على هذا القول يحافظون على الألفاظ المأثورة ولا يطلقون على الله نفيا وإثباتا إلا ما جاء به الأثر وما كان في معناه # وصنف ثالث يثبتون هذه الصفات ويثبتون ما ينفيه النفاة لها ويقولون هو جسم لا كالأجسام ويثبتون المعاني التي ينفيها أولئك بلفظ الجسم وهذا قول طوائف من أهل الكلام المتقدمين والمتأخرين # وصنف رابع يصفونه مع كونه جسما بما يوصف به غيره من الأجسام فهذا قول المشبهة الممثلة وهم الذين ثبت عن الأمة تبديعهم وتضليلهم # فلفظ الجسم لم يتكلم به أحد من الأئمة والسلف في حق الله لا نفيا ولا إثباتا ولا ذموا أحدا ولا مدحوه بهذا الاسم ولا ذموا مذهبا ولا مدحوه بهذا الاسم وإنما تواتر عنهم ذم الجهمية الذين ينفون هذه الصفات وذم طوائف منهم كالمشبهة وبينوا مرادهم بالمشبهة # وأما لفظ الجزء فما علمت أنه روي عن أحد من السلف نفيا ولا إثباتا ولا أنه أطلقه على الله أحد من الحنبلية ونحوهم في الإثبات كما لا أعلم أن أحدا منهم أطلق عليه لفظ الجسم في الإثبات وإن كان أهل الإثبات لهذه الصفات منهم ومن غيرهم من يثبت المعاني التي يسميها منازعوهم تجسيما وتجزئة وتبعيضا وتركيبا وتأليفا ويذكرون عنهم أنهم مجسمة بهذا الاعتبار لإثباتهم الصفات التي هي أجسام في اصطلاح المنازع



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس