عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Apr 2010, 03:50 AM   #92
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# وهؤلاء الذين ذكر قولهم قالوا ليس بعالم ولا قادر ولا حي ولا سميع ولا بصير وهؤلاء شر من الذين تقدم ذكرهم وحكاية الرازي قولهم الذين يقولون لا نقول موجود ولا معدوم ولا حي ولا ميت ولا عالم ولا جاهل فان أولئك امتنعوا من التسمية بالضدين لم ينفوا أن يكون هو تعالى في نفسه موصوفا بأحدهما فهؤلاء الذين نفوا ذلك اعظم من اولئك وقد أخبر ان قول المعتزلة مأخوذ من هؤلاء # وكذلك قال في كتاب المقالات لما قال وهذا ذكر اختلاف الناس في الأسماء والصفات فقال الحمد لله الذي بصرنا خطأ المخطئين وعمى العمين وحيرة المتحيرين الذي نفوا صفات الله رب العالمين وقالوا انه جل ثناؤه وتقدست اسماؤه لا صفات له وأنه لا علم له ولا قدرة له ولا حياة له ولا سمع له ولا بصر له ولا عز له ولا جلال له ولا عظمة له ولا كبرياء له وكذلك قالوا في سائر صفات الله التي توصف لنفسه قال وهذا قول اخذوه عن اخوانهم من المتفسلقة الذين يزعمون ان للعالم صانعا لم يزل ليس بعالم ولا قادر ولا حي ولا سميع ولا قديم وعبروا عنه بأن قالوا نقول عين لم تزل ولم يزيدوا على ذلك غير ان هؤلاء الذين وصفنا قولهم من المعتزلة في الصفات لم يستطيعوا ان يظهروا من ذلك ما كانت الفلاسفة تظهره فأظهروا معناه بنفيهم ان يكون للباري علم وقدرة وحياة وسمع وبصر ولولا الخوف لأظهروا ما كانت الفلاسفة تظهر من ذلك ولأفصحوا به غير ان خوف السيف يمنعهم من اظهار ذلك قال وقد أفصح بذلك رجل يعرف بابن الأيادي كان ينتحل قولهم فزعم ان الباري تعالى عالم قادر سميع بصير في المجاز لافي الحقيقة ومنهم رجل يعرف بعباد بن سليمان يزعم ان الباري تعالى عالم قادر سميع بصير حكيم جليل

# في حقيقة القياس قال وقد اختلفوا فيما بينهم اختلافا تشتت فيه اهواؤهم واضطربت فيه أقاويلهم ثم ذكر بينهم نزاعا كثيرا ليس هذا موضعه # وقال شيخ الاسلام ابو اسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري في كتاب ذم الكلام في آخره لما عقد بابا في ذكر هؤلاء الأشعرية المتأخرين فقال باب في ذكر كلام الأشعري ولما نظر المبرزون من علماء الأمة وأهل الفهم من اهل السنة طوايا كلام الجهمية وما اودعته من رموز الفلاسفة ولم يقع منهم الا على التعطيل البحت وان قطب مذهبهم ومنتهى عقدتهم ما صرحت به رؤوس الزنادقة قبلهم ان والفلك دوار والسماء خالية وان قولهم انه تعالى في كل موضع وفي كل شيء ما استثنوا جوف كلب ولا جوف خنزير ولا حشا فرارا من الاثبات وذهابا عن التحقيق وان قولهم سميع بلا سمع بصير بلا بصر عليم بلا علم قادر بلا قدرة اله بلا نفس ولا شخص ولا صورة ثم قالوا لا حياة له ثم قالوا لا شيء فانه لو كان شيئا لأشبه الأشياء حاولوا مقال رؤوس الزنادقه القدماء إذ قالوا الباري لا صفة لهم ولا لا صفة خافوا على قلوب ضعفاء المسلمين وأهل الغفلة وقلة الفهم منهم اذ كان ظاهر تعلقهم بالقرآن اعتصاما به من السيف واجتنابا به منهم واذ هم يرون التوحيد ويخاوضون المسلمين ويحملون الطيالسة فأفصحوا بمعائبهم وصاحوا بسوء ضمائرهم ونادوا على خبايا نكتهم فيا طول ما لقوا في أيامهم من سيوف لخلفاء وألسن العلماء وهجران الدهماء فقد شحنت كتاب تكفير الجهمية من مقالات علماء الاسلام ورن الخلفاء فيهم ودق عامة أهل السنة عليهم واجماع

# المسلمين على اخراجهم من الملة ثلت عليهم الوحشة وطالت الذلة وأعيتهم الحيلة الا ان يظهروا الخلاف لأوليهم والرد عليهم ويصبغوا كلامهم صيغة تكون ألوح للأفهام وانجع في العوام من أساس اوليهم تحدوا بذلك المساغ وليتخلصوا من خزي الشناعة فجاءت بمخاريق ترئا للعين بغير ما في الحشايا ينظر الناظر الفهم في جذرها فيرى فخ الفلسفة يكسى لحاء السنة وعقد الجهمية ينحل القاب الحكمة يردون على اليهود قولهم يد الله مغلولة فينكرون الغل وينكرون اليد فيكونوا اسوأ حالا من اليهود لأن الله سبحانه اثبت الصفة ونفى العيب واليهود اثبتت الصفة واثبتت العيب وهؤلاء نفو الصفة كما نفوا العيب ويردون على النصارى في مقالتهم في عيسى وامه فيقولون لا يكون في المخلوق غير المخلوق فيبطلون القرآن فلا يخفى على ذوي الألباب ان كلام اولهم وكلام آخرهم كخيط السحارة فاسمعوا الآن يا ذوي الألباب وانظروا ما فضل هؤلاء على اولئك اولئك قالوا قبح الله مقالهم ان الله موجود بكل مكان وهؤلاء يقولون ليس هو في كل مكان ولا يوصف بأين وقد قال المبلغ عن الله عز وجل لجارية معاوية بن الحكم رضي الله عنه اين الله قالت في السماء الحديث وقالوا هو من فوق كما هو من تحت لا ندري اين هو ولا يوصف بمكان فليس هو في السماء وليس هو في الأرض وانكروا الجهة والحد وقال اولئك ليس له كلام انما خلق كلاما وهؤلاء يقولون تكلم مرة فهو متكلم به منذ تكلم لم ينقطع الكلام ولا يوجد كلامه في موضع ليس هو به ثم يقولون ليس هو في مكان ثم قالوا ليس له صوت ولا حروف وقالوا هذا زاج وورق وهذا صوف

# وخشب وهذا انما قصد النفس واريد به التفسير وهذا صوت القاري اما يرى حسن وغير حسن وهذا لفظه او ما تراه مجازا به حتى قال رأس من رؤوسهم او يكون قرآن من لبد وقال آخر من خشب فراوغوا فقالوا هذا حكاية عبر بها عن القرآن والله تكلم مرة ولا يتكلم بعد ذلك ثم قالوا غير مخلوق ومن قال مخلوق كافر وهذا من فخوخهم يصطادون به قلوب عوام اهل السنة وانما اعتقادهم ان القرآن غير موجود لفظية الجهمية الذكور بمرة والجهمية الاناث بعشر مرات # اولئك قالوا لاصفة وهؤلاء يقولون وجه كما يقال وجه النهار ووجه الأمر ووجه الحديث وعين كعين المتاع وسمع كأذن الجدار وبصر كما يقال جدارهما يترائيان ويد كيد المنة والعطية والأصابع كقولهم خراسان بين اصبعي الأمير والقدمان كقولهم جعلت الخصومة تحت قدمي والقبضة كما قيل فلان في قبضتي اي انا املك امره وقال الكرسي العلم والعرش الملك والضحك الرضى والاستواء الاستيلاء والنزول القبول والهرولة مثله شبهوا من وجه وانكروا من وجه وخالفوا السلف وتعدوا الظاهر فردوا الأصل ولم يثبتوا شيئا ولم يبقوا موجودا # ولم يفرقوا بين التفسير والعبارة بالالسنة فقالوا لا نفسرها نجريها عربية كما وردت وقد تأولوا تلك التأويلات الخبيثة وأرادوا بهذه المخرقة ان يكون عوام المسلمين بعد غيابا عنها واعيا ذهابا منها ليكونوا اوحش عند ذكرها واشمس عند سماعها وكذبوا بل التفسير ان يقال وجه ثم لا يقال كيف وليس كيف في هذا الباب من مقال المسلمين فأما العبارة فقد قال الله تعالى ( وقالت

# اليهود يد الله مغلولة غلت ايدهم ) وانما قالوها هم بالعبرانية فحكاها عنهم بالعربية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب كتابه بالعبرانية فيها اسماء الله وصفاته فيعبر بالألسنة عنها ويكتب اليه بالسريانية فيعبر له زيد بن ثابت رضي الله عنه بالعربية والله تعالى يدعى بكل لسان باسمه فيجيب ويحلف بها فيلزم وينشد فيجاز ويوصف فيعرف # ثم قالوا ليس ذات الرسول صلى الله عليه وسلم بحجة وقالوا ما هو بعد ما مات بمبلغ فلا يلزم به الحجة فسقط من اقاويلهم على ثلاثة اشياء انه ليس في السماء رب ولا في الروضة رسول ولا في الأرض كتاب كما سمعت يحيى بن عمار يحكم به عليهم وان كانوا موهوها ووروا عنها واستوحشوا من تصريحها فان حقائقها لازمة لهم وابطلوا التقليد فكفروا آباءهم وامهاتهم وازواجهم وعوام المسلمين وواجبوا النظر في الكلام واضطروا اليه الدين بزعمهم فكفروا السلف وقالت طائفة منهم الفرض لا يتكرر فأبطلت الشرائع وسموا الاثبات تشبيها فعابوا القرآن وضللوا الرسول فلا تكاد ترى منهم رجلا ورعا ولا للشريعة معظما ولا للقرآن محترما ولا للحديث موقرا سلبوا التقوى ورقة القلب وبركة التعبد ووقار الخشوع واستفضلوا الرسول بالنظر فلا هو طالب آثاره ولا يتبع أخباره ولا يناضل على سننه ولا هو راغب في اسوته يتلقد مرتبة العلم وما عرف حديثا واحدا تراه يهزأ بالدين ويضرب له الامثال ويتلعب بأهل السنة ويخرجهم اصلا من العلم لا تنفر لهم عن بطانة الا خانتك ولا عن عقيدة الا رابتك البسوا ظلمة الهوى وسلبوا نعمة الهدى فتنبوا عنهم الأعين وتشمئز منهم القلوب # قالوا وقد شاع في المسلمين ان رأسهم علي بن اسماعيل الأشعري كان لا يستنجي ولا يتوضأ ولا يصلي وقد سمعت محمدا العمري النسابة انبأنا المعافي

# سمعت ابا الفضل الحارثي القاضي بسر حبس يقول سمعت زاهر بن احمد يقول اشهد لمات ابو الحسن الأشعري متحيرا بسبب مسألة تكافىء الأدلة فلا جزى الله امرءا أناط مخاريقه بمذهب الامام المطلبي رحمه الله تعالى وكان من ابر خلق الله قلبا واصونهم سمتا وأهدأهم هديا وأعمقهم علما وأقلهم تعمقا وأوقرهم للدين وابعدهم من التنطع وانصحهم لخلق الله جزاء خير قال فرأيت قوما منهم يجتهدون في قراءة القرآن وحفظ حروفه والاكثار من ختمه ثم اعتقاده فيه ما قد بيناه اجتهاد روغان كالخوارج وذكر باسناده من حديث سفيان الثوري عن الصلت بن بهرام عن المنذر بن هوذة عن خرشة ابن الحر ان حذيفة بن اليمان قال انا آمنا ولم نقرأ وسيجيء قوم يقرؤون القرآن ولا يؤمنون وباسناده من حديث زيد بن ابي انيسة عن القاسم بن عون قال سمعت ابن عمر يقول لقد عشنا برهة من دهرنا وان احدنا يؤتي الايمان قبل القرآن وباسناده من حديث اسماعيل بن مهاجر عن أبيه عن ابن عمر قال انا كنا صدور هذه الأمة وكان الرجل من خيار اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصالحيهم وما يقم الا سورة من القرآن او شبه ذلك وكان القرآن قد ثقل عليهم رزقوا علما به او عملا وان آخر هذه الأمة يخفف عليه القرآن حتى يقرأه الصبي والعجمي لا يعلمون شيئا منه قلت ومثل ذلك معروف عن جندب بن عبد الله البجلي انه قال اوتينا الايمان قبل ان نقرأ القرآن ثم اوتينا القرآن فازددنا ايمانا وانكم تؤتون القرآن قبل الايمان فتوسل أحدكم

# وهذا الرازي لما ذكر مسألة الرؤية في نهايته وذكر فيها حجج النفاة والمثبتة كان ما ذكره من حجج النفاة العقلية والسمعية اظهر مما ذكره من حجج المثبتة وهذه عادته في كثير من مناظرته يحتج للباطل من السفسطة وفروعها بما لا يحتج بمثله للحق وقال في مسألة الرؤية بعد ان ذكر مسالكها العقلية فظهر من مجموع ما ذكرناه ان الادلة العقلية ليست قوية في هذه المسألة قال واعلم ايضا ان التحقيق في هذه المسألة ان الخلاف فيها يقرب ان يكون لفظيا وسنبينه ان شاء الله تعالى # الوجه الثاني ان هذا الرجل قد اعترف هو ومن يوافقه ان الرؤية التي دل عليها الكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة بل الادراك المنفي عن الله في قوله ( لا تدركه الأبصار ) يدل على ان الله تعالى في الجهة وذلك يقتضي دلالة الكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة على شيئين على رؤية الله تعالى وعلى انه في الجهة وذكر اعتراف فضلاء المعتزلة بأن النبيين كانوا يعتقدون ذلك # اما الأول فانه لما ذكر الحجج السمعية التي للمعتزلة على نفي الرؤية قال وهذه الشبه اربع الأولى وهي الأقوى التمسك بقوله تعالى ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) قال واعلم ان هذه الآية تارة يتمسكون بها على أنه تعالى لا يرى بالأبصار في الدنيا ولا في الآخرة وتارة على استحالة كوننا رائين له اما الوجه الاول فانما يتم باثبات امور اربعة أحدها ان ادراك البصر هو الرؤية قال ويدل عليه امران احهما انه لا فرق في اللغة بين ان يقال رأيت فلانا ببصري وبين ان يقال ادركته ببصري كما لا فرق بين ان يقال ادركته بأذني وبين ان يقال سمعته بأذني ثانيهما ان اهل اللسان فهموا من هذه الآية نفي الرؤية وذلك يدل على ان العرب يستعملون ادراك البصر بمعنى الرؤية وروي عن عائشة

# لما بلغها ان كعبا قال ان محمدا رأى ربه انكرت ذلك وقالت ثلاث من حدثك بهن فقد كذب من حدثك ان محمدا رأى ربه فقد اعظم الفرية على الله قال تعالى ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) قال وروي عن ابن عباس مثل ذلك # ثم قال في الجواب عن هذا لا نسلم ان ادراك البصر عبارة عن نفس الرؤية بيانه هو ان الادراك غير موضوع لحقيقة الرؤية اصلا لكنه مستعمل في رؤية الشيء المحدود بطريق المجاز ومتى كان كذلك لم يلزم من الآية هاهنا نفي الرؤية وانما قلنا ان الادراك غير موضوع للرؤية حقيقة لان لفظ الادراك حقيقة في غير الرؤية فوجب أن لا يكون حقيقة فثي الرؤية إنما قلنا أن الأدراك غير حقيقة في الرؤية لأنها حقيقة في اللحوق والبلوغ سواء كان في المكان كما في قوله تعالى ( قال اصحاب موسى انا لمدركون ) او في الزمان كما يقال ادرك قتادة الحسن او في صفة وحالة كما يقال ادرك الكلام وادركت الثمرة اذا نضجت وايضا فانه يقال ادركت ببصري حرارة الليل وان كانت الحرارة لا ترى فعلمنا ان الادراك حقيقة في غير الرؤية فوجب ان لا يكون حقيقة في الرؤية لئلا يؤدي الى الاشتراك الذي هو خلاف الأصل # وانما قلنا ان الادراك لا يستعمل مجازا الا في رؤية الشيء المتناهي لوجهين احدهما انا لما أبصرنا الشيء المتناهي فكان البصر على بعده من ذلك المرئي يتناوله ولم يتناوله غيره فجرى في ذلك مجرى من قطع المسافة الى شيء حتى بلغه ووصل اليه فلما توهم في هذا النوع من الابصار معنى اللحوق سمي ادراكا فأما ادراكنا للشيء الذي لا يكون في جهة اصلا فانه لا يتحقق فيه معنى البلوغ فلا جرم لا يسمى ادراكا الثاني ان الاسم انما يوضع لما يكون معلوما

# للواضع والعرب ما كانوا يتصورون الا رؤية الشيء المحدود اما عند الخصم فلأن الرؤية لا على هذا الوجه مستحيلة وأما عندنا فانه وان أمكن الا يكون كذلك لكنه ما كان معلوما للعرب ولا متصورا لهم واذا ثبت ذلك ثبت انهم لم يستعملوا الادراك الا لرؤية الشيء الذي في جهة فثبت بما ذكرناه ان الادراك لو افاد الرؤية لأفاد رؤية الشيء المتناهي وهذا هو المراد من قول قدماء الأصحاب الادراك هو الاحاطة بالمرئي # واذا ثبت ان الادراك لا يفيد الا رؤية مخصوصة لم يلزم من نفي الادراك نفي مطلق الرؤية لأنه لا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم واما قوله العرب لا تفرق بين الرؤية وبين الادراك قلنا ان ادعيتم ذلك في مطلق الرؤية فهو ممنوع ودليله ما مضى وان ادعيتم ذلك في رؤية مخصوصة فهو مسلم ولا يضرنا قوله اهل اللسان فهموا من هذه الآية نفي الرؤية فدل على ان ادراك البصر هو الرؤية قلنا وقد نقل ايضا ان كثيرا من السلف فهموا الرؤية من قوله تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة ) مع ان النظر عندكم ليس هو الرؤية وكذلك هاهنا # قلت فقد أخبر ان العرب ما كانوا يتصورون الا رؤية الشيء المحدود وان رؤية ما ليس في الجهة لم يكن معلوما لهم ولا متصورا لهم واذا كان كذلك وقد ثبت في النصوص المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال انكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته وقال ايضا انكم سترون ربكم كما ترون الشمس صحوا ليس دونهما سحاب وكما ترون القمر صحوا ليس دونه سحاب وثبت اتفاق سلف الأمة على ان المؤمنين يرون الله يوم القيامة وقد اخبر ان العرب المخاطبين بهذا الكلام لم يكونوا يتصورون من ذلك الا رؤية

# ما كان في الجهة وان ما سوى ذلك لم يكن معلوما ولا متصورا لهم من لفظ الرؤية ومع هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم واهل الاجماع من الصحابة والتابعين اخبروا والخلق بأنهم يروا ربهم ولم يقولوا برؤية في غير جهة ولا ما يؤدي هذا المعنى بل قال كما ترون الشمس والقمر فمثل رؤيته بالرؤية لما هو في جهة علم بالاضطرار ان الرؤية التي دل عليها نصوص الرسول واجماع السابقين هي الرؤية التي كان الناس يعرفونها وهي لما يكون في الجهة وهذا بين # وايضا فقد اخبر ان ما لا يكون في جهة لا تسمى رؤيته ادراكا وان لفظ الادراك اذا اريد به الرؤية فهي رؤية مخصوصة وهي رؤية المتناهي الذي يكون في جهة فأما الشيء الذي لا يكون في جهة فلا تسمى رؤيته ادراكا واذا كان كذلك فيكون قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) اي متناهيا لا تحيط به ولا تدركه متناهيا محدودا وهذا الذي ذكره جيد وان كان لم يستوف حجته فان أئمة السلف بهذا فسروا الآية وما ذكرته المعتزلة عن ابن عباس انه تأول الآية على نفي الرؤية كذب على ابن عباس بل قد ثبت عنه بالتواتر انه كان يثبت رؤية الله وفسر قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) بأنها لا تحيط وضرب المثل بالسماء فقال الست ترى السماء فقال بلى فقال أكلها ترى قال لا قال فالله اعظم # واذا كان كذلك فمعلوم ان الله نفى ادراك الأبصار له لم ينف ادراكه هو لنفسه ولم ينف مطلق الرؤية فلو كان هو في نفسه بحيث تمتنع رؤيته مطلقا ليس الممتنع الاحاطة دون الرؤية باحاطة لم ينف هذا الخاص وهو الادراك من الأبصار دون ادراكه هو ودون رؤية الأبصار لأن نفي العام يستلزم نفي الخاص ونفي الخاص لا يستلزم نفي العام بل يقتضي جواز الخاص او ايهامه



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس