عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 03 Apr 2010, 02:25 AM
محمد الغماري
وسام الشرف
محمد الغماري غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5246 يوم
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : محمد الغماري is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية ... ابن تيميه



بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو عبدالله محمد بن عمر الرازي
الحمد لله الواجب وجوده وبقاؤه الممتنع تغيره وفناؤه العظيم قدره واستعلاؤه العميم نعماؤه وآلاؤه الدال على وحدانيته أرضه وسماؤه المتعالي عن شوائب التشبيه والتعطيل صفاته وأسماؤه فاستواؤه قهره واستيلاؤه ونزوله بره وعطاؤه ومجيئه حكمه وقضاؤه ووجهه وجوده أو وجوده وحباؤه وعينه حفظه وعونه اجتباؤه وضحكه عفوه أو إذنه وارتضاؤه ويده وإنعامه وإكرامه واصطفاؤه ولا يجري في الدارين من أفعاله إلا ما يريد ويشاؤه العظمة إزاره والكبرياء رداؤه # أحمده على جزيل نعمه وجميل كرمه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا # أما بعد فإني وإن كنت ساكنا في أقاصي بلاد المشرق إلا أني سمعت أهل المشرق والمغرب مطبقين متفقين على أن السلطان المعظم العالم العادل المجاهد سيف الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين أفضل سلاطين الحق واليقين أبا بكر بن أيوب لا زالت آيات راياته في تقوية الدين الحق والمذهب الصدق متصاعدة إلى عنان السماء وآثار أنوار قدرته ومكنته باقية بحسب تعاقب الصباح والمساء أفضل الملوك وأكمل السلاطين في آيات الفصل وبينات

الصدق وتقوية الدين القويم ونصرة الصراط المستقيم فأردت أن أتحفه بتحفة سنية وهدية مرضية فأتحفته بهذا الكتاب الذي سميته بأساس التقديس على بعد الدار وتباين الأقطار وسألت الله الكريم أن ينفعه به في الدارين بفضله وكرمه ورتبته على أربعة أقسام # القسم الأول في الدلائل على أنه تعالى منزه عن الجسمية والحيز وفيه فصول
الفصل الأول # في تقرير المقدمات التي يجب إيرادها قبل الخوض في الدلائل وهي ثلاثة المقدمة الأولى اعلم أنا ندعي وجود موجود لا يمكن أن يشار إليه بالحس أنه ههنا أو هناك أو نقول أنا ندعي وجود موجود غير مختص بشيء من الأحياز والجهات أو نقول إنا ندعي وجود موجود غير حال في العالم ولا مباين عنه في شيء من الجهات الست التي للعالم هذه العبارات متفاوتة والمقصود من الكل شيء واحد # ومن المخالفين من يدعي أن فساد هذه المقدمات معلوم بالضرورة وقالوا لأن العلم الضروري حاصل بأن كل موجودين فإنه لا بد وأن يكون أحدهما حالا في الآخر أو مباينا عنه بجهة من الجهات الست المحيطة به قالوا وإثبات موجودين على خلاف هذه الأقسام السبعة باطل في بداية العقول # واعلم أنه لو ثبت كون هذه المقدمة بديهية لم كن الخوض في ذكر الدلائل جائزا لأن على تقدير أن يكون الأمر على ما قالوه كان الشروع في الاستدلال على كون الله تعالى غير حال في العالم ولا مباين عنه بالجهة إبطالا للضروريات

والقدح في الضروريات بالنظريات يقتضي القدح في الأصل بالفرع وذلك يوجب تطرق الطعن إلى الأصل والفرع معا وهو باطل بل يجب علينا بيان أن هذه المقدمة ليست من المقدمات البديهية حتى يزول هذا الأشكال فنقول الذي يدل على أن هذه المقدمات ليست بديهية وجوه # الأول أن جمهور العقلاء المعتبرين اتفقوا على أنه تعالى ليس بمتحيز ولا مختص بشيء من الجهات وأنه تعالى غير حال في العالم ولا مباين عنه في شيء من الجهات ولو كان فساد هذه المقدمات معلوما بالبديهة لكان إطباق أكثر العقلاء على إنكارها ممتنعا لأن الجمع العظيم من العقلاء لا يجوز إطباقهم على إنكار الضروريات بل نقول الفلاسفة اتفقوا على إثبات موجودات ليست بمتحيزة ولا حالة في المتحيز مثل العقول والنفوس والهيولى بل زعموا أن الشيء الذي يشير إليه كل إنسان بقوله أنا موجود ليس بجسم ولا جسماني ولم يقل أحد بأنهم في هذه الدعوى منكرون للبديهيات بل جمع عظيم من المسلمين اختاروا مذهبهم مثل معمر بن عباد السلمي من المعتزلة ومثل محمد بن النعمان من الرافضة ومثل أبي القاسم الراغب وأبي حامد الغزالي من أصحابنا وإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن أن يقال بأن الله تعالى ليس بمتحيز ولا حال في المتحيز قول مدفوع في بداية العقول

ولا خارجه لم يقل أحد من العقلاء أنه معلوم بالضرورة وكذلك سائر لوازم هذا القول مثل كونه ليس بجسم ولا متحيز ونحو ذلك لم يقل أحد من العقلاء إن هذا النفي معلوم بالضرورة بل عامة ما يدعى في ذلك أنه من العلوم النظرية والعلوم النظرية لا بد أن تنتهي إلى مقدمات ضرورية وإلا لزم الدور القبلي والتسلسل فيما له مبدأ حادث وكل هذين معلوم الفساد بالضرورة متفق على فساده بين العقلاء # وقال مما يبين أن هذه القضية حق أن جميع الكتب المنزلة من السماء وجميع الأنبياء جاؤوا بما يوافقها لا بنا يخالفها وكذلك سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم يوافقون مقتضاها لا يخالفونها ولم يخالف هذه القضية الضرورية من له في الأمة لسان صدق بل أكثر أهل الكلام والفلسفة يقولون بموجبها وإنما خالفها طائفة من المتفلسفة وطائفة من المتكلمين كالمعتزلة ومن اتبعهم والذين خالفوها عقلاؤهم وعلماؤهم تناقضوا في ذلك وادعوا الضرورة في قضايا من جنسها وهي أبين منها ومن أنكر منهم ذلك أدى به الأمر إلى جحد عامة الضروريات والحسيات # يبين ذلك أن الذين قالوا إن الخالق سبحانه ليس هو جسم ولا متحيز تنازعوا بعد ذلك هل هو فوق العالم أم ليس فوق العالم فقال طوائف كثيرة هو فوق العالم بل هو فوق العرش وهو مع هذا ليس بجسم ولا متحيز وهذا يقوله طوائف من الكلابية والكرامية والأشعرية وطوائف من أتباع الأئمة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية وأهل الحديث والصوفية وهذا هو الذي حكاه الأشعري عن أهل الحديث والسنة وقال طوائف منهم ليس فوق العالم ولا فوق العالم شيء أصلا ولا فوق العرش شيء وهذا قول الجهمية والمعتزلة

وطوائف من متأخري الأشعرية والفلاسفة النفاة والقرامطة الباطنية أو أنه في كل مكان بذاته كما يقول ذلك طوائف من عبادهم ومتكلميهم وصوفيتهم وعامتهم ومنهم من يقول ليس هو داخلا فيه ولا خارجا عنه ولا حالا فيه وليس في مكان من الأمكنة فهؤلاء ينفون عنه الوصفين المتقابلين جميعا وهذا قول طوائف من متكلميهم ونظارهم والأول هو الغالب على عامتهم وعبادهم وأهل المعرفة والتحقيق منهم والثاني هو الغالب على نظارهم ومتكلميهم وأهل البحث منهم والقياس فيهم وكثير منهم يجمع بين القولين ففي حال نظره وبحثه يقول بسلب الوصفين المتقابلين كليهما فيقول لا هو داخل العالم ولا خارجه وفي حال تعبده وتألهه يقول بأنه في كل مكان ولا يخلو منه شيء # وهذه المقالات فسادها معلوم بالضرورة العقلية وإن كان قد تواطأ عليها جماعة كثيرة فإن الجماعة الذين يقلدون مذهبا تلقاه بعضهم عن بعض يجوز اتفاقهم على جحد الضروريات كما يجوز الاتفاق على الكذب مع المواطئة والاتفاق ولهذا يوجد في أهل المذاهب الباطلة كالنصارى والرافضة والفلاسفة من يصر على القول الذي يعلم فساده بالضرورة وإنما الممتنع ما يمتنع على أهل التواتر وهو اتفاق الجماعة العظيمة على الكذب من غير مواطأة ولا اتفاق فيمتنع عليهم جحد ما يعلم ثبوته بالاضطرار وإثبات ما يعلم نفيه بالاضطرار لأن هذا اتفاق على الكذب وأهل التواتر لا يتصور منهم الكذب فأما إذا لقنوا قولا بشبهة وحجج واعتقدوا صحته جاز أن يصروا على اعتقاده وإن كان مخالفا لضرورة العقل وإن كانوا جماعة عظيمة ولهذا يطبع الله على قلوب الكفار فلا يعرفون الحق قال الله تعالى ^ ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ^ وقال تعالى ^ فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ^ وقال تعالى ^ كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار ^ وإنما تؤخذ

الضروريات من القلوب السليمة والعقول المستقيمة التي لم تمرض بما تقلدته من العقائد وتعودته من المقاصد # وقال الشيخ قالت المثبتة إنما أثبته هؤلاء المتفلسفة من موجودات ممكنة ليست أجساما ولا أعراضا قائمة بالأجسام كالعقل والنفس والهيولى والصورة التي يدعون أنها جواهر عقلية موجودة خارج الذهن ليست أجساما ولا أعرضا لأجسام فإن أئمة أهل النظر يقولون إن فسادها هذا معلوم بالضرورة كما ذكر ذلك أبو المعالي الجويني وأمثاله من أئمة النظر والكلام ومن لم يهتد لهذا كالشهرستاني والرازي والآمدي ونحوهم فهم ناظروا الفلاسفة مناظرة ضعيفة ولم يثبتوا فساد أصولهم كما بين ذلك أئمة النظر الذين هم أجل منهم وسلم هؤلاء الفلاسفة مقدمات باطلة استزلوهم بها عن أشياء من الحق بخلاف أئمة أهل النظر كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي الجويني وأبي حامد الغزالي وأبي الحسين البصري وأبي عبدالله بن الهيصم الكرامي وأبي الوفاء علي بن عقيل ومن قبل هؤلاء مثل أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم وأبي الحسين الأشعري والحسن بن يحيى النوبختي ومن قبل هؤلاء كأبي عبدالله محمد بن كرام وابن كلاب وجعفر بن مبشر وجعفر بن حرب وأبي إسحاق النظام وأبي الهذيل العلاف وعمرو بن بحر الجاحظ وهشام الجواليقي وهشام بن الحكم وحسين بن محمد النجار وضرار بن عمرو الكوفي وأبي عيسى محمد بن عيسى برغوث وحفص الفرد وغير هؤلاء ممن لا يحصيهم إلا الله من أئمة أهل النظر والكلام فإن مناظرة هؤلاء للمتفلسفة خير من مناظرة أولئك




 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]

رد مع اقتباس