عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Apr 2010, 02:28 AM   #5
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# وبالجملة جميع الأشياء التي تلزم القائلين بنفي الجهة على ما سنذكره بعد عند التكلم في الجهة # ومنها أنه إذا صرح بنفي الجسمية وجب التصريح بنفي الحركة فإذا صرح بنفي هذا عسر ما جاء في صفة الحشر من أن الباري يطلع على أهل المحشر وأنه الذي يلي حسابهم كما قال تعالى ^ وجاء ربك والملك صفا صفا ^ وكذلك يصعب تأويل حديث النزول المشهور وإن كان التأويل إليه أقرب منه إلى أمر الحشر مع أن ما جاء في الحشر متواتر في الشرع فيجب أن لا يصرح للجمهور بما يؤول عندهم إلى إبطال هذه الظواهر فإن تأثيرها في نفوس الجمهور إنما هو إذا حملت على ظاهرها وأما إذا أولت فإنما يؤول الأمر فيها إلى أحد أمرين إما أن يسلط التأويل على هذه وأشباه هذه من الشريعة فتتمزق الشريعة كلها وتبطل الحكمة المقصودة منها وإما أن يقال في هذه كلها إنها من المتشابهات وهذا كله إبطال للشريعة ومحو لها من النفوس من غير أن يشعر الفاعل لذلك بعظم ما جناه على الشريعة مع أنك إذا اعتبرت الدلائل التي احتج بها المتأولون لهذه الأشياء تجدها كلها غير برهانية بل الظواهر الشرعية أقنع منها أعني أن التصديق بها أكثر وأنت تتبين ذلك من قولنا في البرهان الذي بنوا عليه نفي الجسمية وكذلك في البرهان الذي بنوا عليه نفي الجهة على ما سنقوله بعد وقد يدلك على أن الشرع لم يقصد التصريح بنفي هذه الصفة للجمهور أن لمكان انتفاء هذه الصفة عن النفس أعني الجسمية لم يصرح الشرع للجمهور بما هي النفس فقال في الكتاب العزيز ^ ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ^ وذلك أنه يعسر البرهان عند الجمهور على وجود موجود قائم بذاته ليس بجسم ولو كان انتفاء هذه الصفة مما يقف عليه الجمهور لاكتفى بذلك الخليل في محاجة الكافر حين قال ^ ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت ^ الآية لأنه كان يكتفي

بأن يقول له أنت جسم والله ليس بجسم لأن كل جسم محدث كما يقول الأشعري وكذلك كان يكتفي بذلك موسى صلى الله عليه وسلم عند محاجته لفرعون في دعواه الألوهية وكذلك كان يكتفي صلى الله عليه وسلم في أمر الدجال في إرشاد المؤمنين إلى كذب ما يدعيه في الربوبية في أنه جسم والله ليس بجسم بل قال عليه السلام إن ربكم ليس بأعور فاكتفى بالدلالة على كذبه بوجود هذه الصفة الناقصة التي ينتفي عند كل أحد وجودها ببديهة العقل في الباري سبحانه فهذه كلها كما ترى بدع حادثة في الإسلام هي السبب فيما عرض فيه من الفرق التي أنبأنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أنها ستفترق أمته إليها # فإن قال قائل فإذا لم يصرح الشرع للجمهور لا بأنه جسم ولا بأنه غير جسم فما عسى أن يحاجوا به في جواب ما هو فإن هذا السؤال طبيعي للإنسان وليس يقدر أن ينفك عنه وكذلك ليس يقنع الجمهور أن يقال لهم في موجود وقع الاعتراف به أنه لا ماهية له لأن مالا ماهية له لا ذات له # قلنا الواجب في ذلك أن يجابوا بجواب الشرع فيقال لهم إنه نور فإنه الوصف الذي وصف الله به نفسه في كتابه العزيز على جهة ما يوصف الشيء بالصفة التي هي ذاته فقال ^ الله نور السموات والأرض ^ وبهذا الوصف وصفه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت فإنه لما قيل له هل رأيت ربك قال نور أني أراه وفي حديث الإسراء أنه لما قرب صلى الله عليه وسلم من سدرة المنتهى غشي السدرة من النور ما حجب بصره عن النظر إليها أو إليه سبحانه ففي مسلم أن لله حجابا من نور لو كشف لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره وفي بعض روايات هذا الحديث سبعين حجابا من نور # وينبغي أن يعلم أن هذا المثال هو شديد المناسبة للخالق سبحانه لأنه يجتمع فيه أنه محسوس تعجز الأبصار عن إدراكه وكذلك الأوهام مع أنه ليس بجسم

والموجود عند الجمهور إنما هو المحسوس والمعدوم عندهم غير المحسوس والنور لما كان أشرف المحسوسات وجب أن يمثل به أشرف الموجودات وهنا أيضا سبب آخر موجب أن يسمى به نور وذلك أن حال وجوده في عقول العلماء الراسخين في العلم عند النظر إليه بالعقل هي حال الأبصار عند النظر إلى الشمس بل حال عيون الخفافيش وكان هذا الوصف لائقا عند الصنفين من الناس # وأيضا فإن الله تبارك وتعالى لما كان سبب الموجودات وسبب إدراكنا لها وكان النور مع الألوان هذه صفته أعني أنه سبب وجود الألوان بالفعل وسبب رؤيتنا له فالحق ما سمى الله تبارك وتعالى نفسه نورا وإذا قيل إنه نور لم يعرض شك في الرؤية التي جاءت في المعاد فقد تبين لك في هذا القول موجودا الاعتقاد الأول الذي في هذه الشريعة في هذه الصفة وما حدث في ذلك من البدعة وإنما سكت الشرع عن هذه الصفة لأنه لا يعترف بموجود في الغائب ليس بجسم إلا من أدرك ببرهان أن في المشاهد بهذه الصفة وهي النفس ولما كان الوقوف على معرفة هذا المعنى من النفس مما لا يمكن الجمهور فيهم أن يعقلوا وجود موجود ليس بجسم فلما حجبوا عن معرفة النفس علمنا أنهم حجبوا عن معرفة هذا المعنى من الباري سبحانه وتعالى # قلت وقد تبين في هذا الكلام أنه في الباطن يرى رأي الفلاسفة في النفس أنها ليست بجسم وكذلك في الباري غير أنه يمنع أن يخاطب الجمهور بهذه لأنه ممتنع في عقولهم فضرب لهم أحسن الأمثال وأقربها كما ذكره في اسم النور وهذا قول أئمة الفلاسفة في أمثال هذا من الإيمان بالله واليوم الآخر وقد بين بالحجج الواضحة أن ما يذكره المتكلمون في النفي مخالف للشريعة وهو مصيب في هذا باطنا وظاهرا وقد بين أن ما يذكره المتكلمون في نفي الجسم على الله بحجج ضعيفة وبين فسادها وذكر أن ذلك إنما يعلم إذا علم أن النفس

ليست جسما ومعلوم أن هذا الذي يشير إليه هو وأمثاله من المتفلسفة أضعف مما عابه على المتكلمين فإن المتكلمين أفسدوا حججهم هذه أعظم مما أفسدوا به حجج المتكلمين فيؤخذ من تحقيق الطائفتين بطلان حجج الفريقين على نفي الجسم مع أن دعوى الفلاسفة أن النفس ليست بجسم ولا توصف بحركة ولا سكون ولا دخول ولا خروج وأنه لا يحس إلا بالتصور لا غير يظهر بطلانه وكذلك قولهم في الملائكة وظهور بطلان قول هؤلاء أعظم من ظهور بطلان قول المتكلمين بنحو ذلك في الرب # ثم قال القول في الجهة وأما هذه الصفة فلم يزل أهل الشريعة من أول الأمر يثبتونها لله سبحانه حتى نفتها المعتزلة ثم تبعها على نفيها متأخرو الأشعرية كأبي المعالي ومن اقتدى بقوله وظواهر الشرع كلها تقتضي إثبات الجهة مثل قوله تعالى ^ الرحمن على العرش استوى ^ ومثل قوله تعالى ^ وسع كرسيه السموات والأرض ^ ومثل قوله تعالى ^ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ^ ومثل قوله تعالى ^ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ^ ومثل قوله تعالى ^ تعرج الملائكة والروح إليه ^ الآية ومثل قوله تعالى ^ أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ^ إلى غير ذلك من الآيات التي إن سلط التأويل عليها عاد الشرع كله مؤولا وإن قيل فيها إنها من المتشابهات عاد الشرع كله متشابها لأن الشرائع كلها مبنية على أن الله في السماء وأن منه تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين وأن من السماء نزلت الكتب وإليها كان الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى قرب

من سدرة المنتهى وجميع الحكماء قد اتفقوا على أن الله والملائكة في السماء كما اتفقت جميع الشرائع على ذلك والشبهة التي قادت نفاة الجهة إلى نفيها هي أنهم اعتقدوا أن إثبات الجهة يوجب إثبات المكان وإثبات المكان يوجب إثبات الجسمية ونحن نقول إن هذا كله غير لازم فإن الجهة غير المكان وذلك أن الجهة هي إما سطوح الجسم نفسه المحيطة به وهي ستة وبهذا نقول إن هذا كله غير لازم # قال الرازي أما الكرامية فإذا قلنا لهم لو كان الله تعالى مشارا إليه بالحس لكان ذلك الشيء إما أن يكون منقسما فيكون مركبا وأنتم لا تقولون بذلك وإما أن يكون غير منقسم فيكون في الصغر والحقارة مثل النقطة التي لا تنقسم ومثل الجزء الذي لا يتجزأ وأنتم لا تقولون بذلك فعند هذا الكلام قالوا إنه واحد منزه عن التركيب والتأليف ومع هذا فإنه ليس بصغير ولا حقير ومعلوم أن هذا الذي التزموه مما لا يقبله الحس والخيال بل لا يقبله العقل أيضا لأن المشار إليه بحسب الحس أن حصل له امتداد في الجهات والأحياز كان أحد جانبيه مغايرا للجانب الثاني وذلك يوجب الانقسام في بديهة العقل وإن لم يحصل له امتداد في شيء من الجهات لا في اليمين ولا في اليسار ولا في الفوق ولا في التحت كان نقطة غير منقسمة وكان في غاية الصغر والحقارة فإذا لم يبعد عندهم التزام كونه غير قابل القسمة مع كونه عظيما غير متناه في الامتداد كان هذا جمعا بين النفي والإثبات ومدفوعا في بداية العقول # قال الشيخ رحمه الله والجواب من وجوه



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس