عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Apr 2010, 04:04 AM   #101
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# المعرفة والتحقيق دون من لم يسلك هذه الطريق ويزعم الاتحادية انهم خلاصة الخاصة من أهل الله دون سائر عباد الله ويزعم الرافضة انهم هم أولياء الله المتقون فدعاوى هؤلاء المتكلمين ودعاوي الرافضة والاتحادية والقرامطة والباطنية هي من دعاوي شر البرية فالحمد لله الذي هدانا بالاسلام ومن علينا بالقرآن وارسل الينا رسولا من انفسنا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة ةوان كنا من قبل لفي ضلال مبين # والله سبحانه فطر عباده على شيئين اقرار قلوبهم به علما وعلى محبته والخضوع له عملا وعبادة واستعانة فهم مفطرون على العلم به والعمل له وهو الاسلام الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة وفي رواية على هذه الفطرة وفي الصحيحين عن الزهري عن ابي سلمة عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم # ما من مولود الا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول ابو هريرة فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم واخرجاه من حديث همام عن ابي هيريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم # قال من يولد يولد على هذه الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه كما تنتجون الابل هل تجدون فيها من جدعاء حتى تكونوا انتم تجدعونها قالوا يا رسول الله أرأيت من يموت صغيرا قال الله اعلم بما كانوا عاملين وروي البخاري من حديث شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال نصلي على كل مولود يتوفى وان كان لعنة من أجل أنه ولد على فطرة الاسلام يدعي أبواه الاسلام أو أبوه خاصة وان كانت أمه على غير الاسلام واذا استهل صارخا ولا نصلى على من لم يستهل من أجل انه سقط فان ابا هريرة كان يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مولود الا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه او ينصرانه

# او يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيتمه جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة فطرة الله التي فطر الناس عليها أخرجه البخاري من هذا الوجه وان كان منقطعا لما فيه من كلام الزهري الذي فيه تفسير الحديث بأنه على فطرة الاسلام والبخاري قد أخرجه متصلا من حديث يونس عن الزهري عن ابي هريرة كما تقدم وأخرجه مسلم من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة بنحوه وفي آخره ثم يقول أبو هريرة اقرؤا ان شئتم فطرة الله التي فطر الناس عليها وأخرجه مسلم من حديث الاعمش عن أبي صالح عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مولود الا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه فقال رجل يا رسول الله أرأيت لو مات قبل ذلك قال الله أعلم بما كانوا عاملين وفي رواية ابن نمير عن الأعمش # ما من مولود يولد الا وهو على الملة وفي رواية أبي معاوية عن الأعمش # الا على هذه الملة حتى يبين عنه لسانه لفظ ابن ابي شيبة عنه ولفظ ابي كريب عن ابي معاوية ليس من مولود ولد الا على الفطرة حتى يعبر عنه لسانه ورواه مسلم من حديث الدراوردي عن العلاء بن عبد الرحمن عن ابيه عن ابي هريرة # قال كل انسان تلده أمه على الفطرة وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه فان كانا مسلمين فمسلم كل انسان تلده امه يلكزه الشيطان في حضنيه الا مريم وابنها # وأعلم أن المتكلمين يحكون هذا القول عمن يذكرونه من أهل الحديث وأهل الكلام لكن يزعمون أن الأكثرين على قولهم بأن الاقرار بالصانع نظري ونقلهم ذلك بحسب ما يحكونه كما نقل هذا الرازي عن أكثر أهل التوحيد انكار أن يكون الله فوق العرش ونقل عن اكثر المسلمين انكار

# النفس وأنه لا يعاد الا البدن بل ذكر من نقل اجماع الصحابة على أن الله يغنى جميع الأجسام ولم يجزم بنفي ذلك وأمثال هذه النقول التي ينقلونها بحسب ما عندهم # واعجب من ذلك أن كثيرا منهم يظن أن هذا مما لا خلاف فيه بل القول بأن معرفة الله التي هي الاقرار بالصانع لا تحصل الا بالنظر متفق عليه بين النظار فاذا ذكر له أن في ذلك خلافا بين أهل الكلام بعضهم مع بعض تعجب من ذلك وذلك لأن من سلك طريقة من هذه الطرائق لا يكاد يعرف غيرها فلهذا تجد في كتب أهل الكلام مما يدل على غاية الجهل بما قاله الرسول والصحابة والتابعون وأئمة الاسلام مما يوجب أن يقال كأن هؤلاء نشؤوا في غير ديار الاسلام ولا ريب أنهم نشؤا بين من لم يعرف العلوم الاسلامية حتى صار المعروف عندهم منكرا والمنكر معروفا ولبسهم فتن ربي فيها الصغير وهرم فيها الكبير وبدلت السنة بالبدعة والحق بالباطل # ولهذا أنا أنقل من مقالات كبارهم حكاية الخلاف في ذلك ليستأنس بذلك من يعتمد على نقلهم وان كان في ذلك النقل من التحريف ما فيه كما ذكره الاستاذ أبو اسحاق الاسفرائيني في بيان ما يدرك عقلا وما لا يدرك عقلا قال قال أهل الحق العلم والعقل واحد واختلاف الناس في العقول لكثرة العلوم وقلتها واذا كمل عقل الانسان وسلم من الآفة أمكنه الاستدلال بما وجد من الأفعال على حدوث العالم اذ في مجرد العقول ادلة عليه وعلى افتقاره الى محدث احدثه وفيها أدلة على قدم محدثه وأوصافه التي تدل عليها أفعاله وما يجوز منه ويستحيل عليه ونفي ما يدل على حدوثه عنه وجواز وصفه بالقدرة عليه وغير ذلك من المسائل التي لا تتعلق بحقيقة شرع يرد فيه فان لصانع العالم أن يبعث الرسل ويأمر الخلق بالشرائع تعبدا وله أن لا يبعثهم ولا يكلفهم استغناءا

# وليس في العقول بمجردها أدلة على تغيير الشرائع وايجاب العادات وكيفية العقود قال وعلى ذلك أكثر أهل القبلة الا في قولهم ان له سبحانه أن لا يبعث الرسل فانه تحيله القدرية أو بعضهم على تفصيل له رمزنا اليه كما تقدم # قال فزعمت طائفة من مقلدي أصحاب الحديث وفرقة من نظارهم وجماعة من المعتزلة أن المعرفة بالمحدث وحاجته الى المحدث من طريق الضرورة وورود الرسول بايجاب الاقرار وبيان الشرائع وقال جمهور أهل الحق ان المعرفة من طريق الدلالة قالوا وفي العقل دليل على أنه لا يجب على العاقل الاستدلال عليه ولا يجب شكر الخالق قبل الشرع ولا يجب ترك الظلم من جهة الصانع على معنى أنه يستحق منه العقوبة أو اللوم قال وزعمت القدرية أن الاستدلال على حدوث العالم وقدم الصانع صانعه وأوصافه والشكر له بعد معرفته وترك الظلم من جهته واجب عليه بمجرد فعله ووردت الرسل بتأكيد ما فيه الى ما في عقله ايجابه وربما يكون ورود الشرع لطفا لبعضهم لكون الايمان عنده وذكر تمام الكلام # قلت فقد ظهر بذلك أن مراده بأهل الحق هم أصحابه وكذلك عادة أبي المعالي اذا قال قال أهل الحق فهم أصحابه وهذا مما يقوله كثير من الناس في خطابه وهو من باب اخبار الرجل عن اعتقاده اذ كل أحد يمكنه أن يقول عن طائفته ذلك يعرفهم بهذا التعريف والغرض أنما ذكره من أن المعرفة من طريق الدلالة ذكره عن جمهورهم لا عن جمهور المسلمين وأما قوله ابتداءا على هذا أكثر أهل القبلة فانه يعني به عن المتكلمين الذين هم عنده علماء أهل القبلة كاصحابه المعتزلة ونحوهم وان لم يحمل على ذلك والا كان كذبا صريحا فان هذا الكلام الذي ذكره لا يقدر هو ولا غيره أن ينقله لا بلفظه ولا بمعناه عن امام من أئمة المسلمين لا أئمة العلم ولا أئمة العبادة ولا عن أحد من سلف الأمة

# ولا عن أحد له في الأمة لسان صدق عام بل كلام هؤلاء كله صريح في انكار ما أوجبه هؤلاء وجعلوه طريقة المعرفة حتى الأشعري بنفسه قد ذكر اجماع السلف على ذلك كما في رسالته الى أهل الثغر بيان الأبواب كما قد حكينا لفظه عند احتجاج المنازع بالحركة ونحوها كما تقدم # نقول الوجه الثاني في تقرير المقدمة المذكورة أن يقال اجماع المسلمين حجة فكيف باجماع جميع الأمم من المسلمين واليهود والنصارى والمشركين وغيرهم فمن اعتقد ان الأمم المختلفة الملل والأجناس اذا اجتمعت على مثل هذا الأمر من غير أن يجمعها عليه جامع خاص تكون مخطئة فلا ريب أنه مع كونه قد قدح في اجماع المسلمين مصاب في عقله كما هو مصاب في دينه حيث جوز أن يكون الأولون والآخرون مخطئين وهو المصيب وصار هذا بمنزلة ان يخبر جميع الناس بأنهم رأوا الهلال ويقول بعض الناس ان حسهم غلط ولا هلال هناك او يخبر جميع الناس برؤية شيء من الكواكب أو سماع شيء من الأصوات او ذوق شيء من المطعومات ويطعن طاعن فيما يخبر به أصناف الأمم من ذلك فان هذا من اعظم السفسطة وفساد العقل الوجه الثالث أن من المجمعين على ذلك الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين فانه قد تواتر عنهم رفع الأيدي في الدعاء فان كان مستند ذلك عادة فاسدة أصلها اعتقاد فاسد كان الأنبياء قد وافقوا الناس على الدين الفاسد والاعتقاد الفاسد في الله تعالى وهذا من أعظم الكفر # الوجه الرابع أن القدح في هذا مستلزم القدح في جميع العلوم والمعارف فانه اذا جوز ان يكون الناس كلهم مخطئين فيما يجدونه في قلوبهم من هذه المعرفة والقصد الضروريين كان القدح في سائر العلوم الضرورية أولى وحينئذ فيبطل جميع

# ما يقوله المتكلمون من القدح في هذا والانتصار لضده اذ غايتهم أن يبنو ذلك على مقدمات ضرورية # الوجه الثالث والعشرون ان يقال لا نسلم أن سبب اشارة الناس الى فوق فوق هو ما ذكره ولم يذكر على ذلك حجة بل ادعاه دعوى مجردة فقال سبب ذلك الالف والعادة فانهم ما شاهدوا عالما قادرا حيا الا جسما فيسبق الى الوهم ان من يدعا عالما قادرا حيا على ما يشاهده عليه الأحياء القادرين ويتبع ذلك أنه في مكان ولأن العلو اشرف فيسبق الى وهم الداعي ان من يعتقد عظمته اذا كان في جهة وجب ان يكون في جهة العلو فمسبب هذه الأمور وأمثالها وقعت الاشارة الى السماء ثم ان الاخلاف أخذوا ذلك عن الأسلاف مع مشاركتهم لهم في هذا التخيل فظهر أن سبب ذلك الالف ولا يكون صوابا # فيقال له هذا الذي قلته مجرد دعوى لم تذكر عليه حجة وما ذكرته من التمثيل بالأسود والعربية انما غايته تجويز ان يكون للانسان اعتقاد غير مطابق سببه ذلك فلم قلت ان هذا من ذاك وهذا بمنزلة أن يقال هؤلاء غلطوا في وجدهم طعم هذه الفاكهة مرا لأن المرور يجد طعم الحلو مرا او غلطوا في رؤيتهم لهذين الشخصين لأن الأحول يرى الواحد اثنين فيقال له هب أن الحس يغلط لفساد يعرض له فلم قلت ان حس هؤلاء مع كثرتهم قد غلط لفساد عرض له واعجب من ذلك قوله فظهر أن سبب ذلك الالف ولم يظهر شيئا من ذلك الا أنه ظهر أنه ادعى ذلك وظهور كونه ادعاه غير ظهور صحة دعواه # الوجه الرابع والعشرون أن يقال هب أن سبب ذلك الالف والعادة التي تلقاها الأخلاف عن الاسلاف لكن العادة التي تعم بني آدم مع تباين حالهم

# وأديانهم واختلاف علومهم واراداتهم لا تكون الاعادة صحيحة كما اعتادوه من الأمور الطبيعية والخلقية فانهم جميعهم يعتادون الأكل والشرب والنكاح واللباس وكل هذه العادات صحيحة مبنية على علوم صحيحة ولها منافع صحيحة كذلك اعتيادهم مدح الصدق والعدل والعلم ومحبته وتحسينه وذم الكذب والظلم والجهل وبغضه وتقبيحه هذه عادة صحيحة حسنة باتفاق الخلائق لا ينازع في ذلك من يقول بتحسين العقل وتقبيحه ولا من ينفيه اذهم جميعا متفقون على أن اعتقاد محبة هذا وحمده وبغض هذا وذمه عادة صحيحة ليست فاسدة ولا مبنية على اعتقاد فاسد سواء كان ذلك لانتفاعهم بذلك في الدنيا او لغير ذلك # فظهر أن ما أضعف به الحجة فادها به قوة اذ العادات العامة لجميع الأمم من أعظم العادات وأصحها وبنو آدم لا يؤتون من جهة ما اتفقوا عليه لأنهم لا يتفقون إلا على حق وانما يؤتون من جهة تفرقهم واختلافهم كما قال تعالى ^ ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ^ ولهذا كانوا مفطورين على الاقرار بالصانع والدين له فهذا الذي اجتمعوا عليه حق ولكن تفرقوا في الشرك فكل قوم لهم رأي وهوى يخالفون به الآخرين قال تعالى ^ فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون منيبين اليه واتقوه واقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ^ ولهذا وصف الله نبيه وأمته بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر والمعروف الذي تطلبه القلوب وتريده بفطرتها اذا علمته والمنكر الذي تبغضه وتكرهه اذا علمته

# فاذا كان بنو آدم متفقين على هذه العادة التي مضمونها الرفع الى الله حين الدعاء وكان ذلك يتضمن قصدهم للاله الذي هناك كان هذا من أعرف المعروف عند جميع بني آدم # الوجه الخمس والعشرون ان يقال هذا العمل يتضمن ثلاثة أشياء الرفع الذي فيه الاشارة الحسية الظاهرة والقصد والارادة التي في القلب التي يقصد بها الصمد الأعلى والاعتقاد الذي هو أصل الذي هو أصل العمل فان كل عمل اختياري لا بد فيه من ارادة وشعور وأنت تزعم أن الثلاثة فاسدة وان هذا العمل التابع للارادة سبب الارادة فيه هو تخييل غير مطابق فيقال لك لو كان الأمر كذلك لكان النهي عن ذلك من اعظم الواجبات في الدين اذ ذاك من أعظم المنكرات لتضمنه اعتقادا فاسدا في حق الله تعالى ودعاءا فاسدا متعلقا به وعبادة غير صالحة له ومن المعلوم ان الله قد بعث الأولين والآخرين من النبيين مبشرين ومنذرين ولم ينه أحدا من الأنبياء والمرسلين لبني آدم عن شيء من ذلك لا عن هذا الرفع ولا عن هذا الصمد ولا عن هذا الاعتقاد بل كان الأنبياء موافقين لهم على هذا العمل وذلك يوجب العلم الضروري من دين النبيين أن ذلك عندهم ليس من المنكر بل من المعروف وذلك يبطل كونه مبنيا على اعتقاد فاسد في حق الله تعالى مستلزما له ودالا عليه فان كل ما كان متفرعا عن الاعتقاد الفاسد او كان مستلزما له مثل أن يكون دليلا عليه فانه يجب النهي عنه فان العقائد الفاسدة والمقاصد الفاسدة في حق الله تعالى تجب ازالتها وازالة فروعها وأصولها التي توجبها # واذا كان كذلك فالجهمية تنهى عن هذا الاعتقاد وهذه الارادة فهم ناهون عن معرفة الله تعالى وعبادته وليس هذا مختصا بهذا الموضع بل هم كذلك اذ أصل قولهم هو قول المشركين المنكرين لملة ابراهيم ولهذا كان أولهم الجعد ابن درهم الذي ضحى به أمير المشرق يوم النحر وقال ضحوا تقبل الله ضحاياكم

# فاني مضح بالجعد بن درهم فانه زعم أن الله لم يتخذ ابراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ثم نزل فذبحه وشكره العلماء على ذلك وكان هذا في زمن التابعين وذلك أن الله بعث الرسل تدعوا الخلق الى عبادته الجامعة لمعرفته بأسمائه وصفاته وآياته ولمحبته والانابة اليه واخلاص الدين له حتى يكون الدين كله لله والجهمية تصد القلوب عن معرفته ومحبته وعبادته بحسب تجهمهم اذهم بين المستقل والمستكثر ولا تجد أحدا فيه شعبة من التجهم الا وفيه من نقص التوحيد والايمان بحسب ذلك ولهذا كانت المعتزلة من أبعد الناس عن طريقة أولياء الله المتقين العارفين بطريق الله علما السالكين فيه عملا وحالا وقصدا # الوجه الخامس والعشرون أن يقال هب أن سببه هذه العادة هل سببها علم صحيح واعتقاد مطابق او سببها تخيل فاسد اما الأول فهو حجة في المسألة وأما الثاني فممنوع وهو لم يذكر على ذلك حجة الا قولهم انهم ما شاهدوا عالما قادرا حيا الا جسما الا أنهم قاسوا العالم القادر الحي الغائب على ما شاهدوه من العلماء والأحياء القادرين فصاروا بمنزلة من لم ير من الناس الا السود ولم يسمع الا العربية فاذا مثل في نفسه انسانا أو لغة لم يسبق الى نفسه الا الأسود والعربية # ومعلوم أن هذا قياس فاسد وذلك أن من لم ير انسانا الا أسود ولم يسمع لغة الا العربية انما يسبق الى نفسه الأسود اذا مثل انسانا يخاطبه وانما يسبق الى نفسه العربية اذا مثل في نفسه التعبير لأن الذي مثله في نفسه من جنس الذي شاهده والتخيل يتبع الاحساس وكان الذي تخيله من جنس الذي أحسه لما علم

# أن جنسهما واحد والباري سبحانه وتعالى ليس هو عندهم ولا عند غيرهم من جنس الآدميين حتى تكون نسبته الى ما شاهدوه من الأحياء العالمين القادرين نسبة ما لم ير من الآدميين الى من رئي بل هؤلاء الذين يدعون الله برفع الأيدي الى فوق عامتهم لم يخطر بقلبه أن الله من جنس الآدميين مشارك لهم في الحقيقة حتى يكون لحما ودما ونحو ذلك بل هؤلاء كلهم ينزهون الله تعالى عن ذلك ولا يعرف في عامة المقرين بالصانع من قال بشيء من ذلك الا ما ذكره أرباب المقالات عن شرذمة من المشبهة ومع هذا فلا بد أن يجعل هؤلاء له من المقدار والصفات ما يفرقون بينه وبين الآدميين فعلم أن هذا الذي احتج به باطل # الوجه السادس والعشرون أن يقال هذا قد أخبر عن بني آدم الأولين والآخرين الذين يدعون الله برفع أيديهم اليه وتوجه قلوبهم الى جهته العالية أنهم مثلوه بما شاهدوه من الأحياء العالمين القادرين كما يمثل أحدهم ما يراه من هذا الجنس بما رآه ومن المعلوم أن هذا الضلال الذي ذكره عن بني آدم هو الضال فيه في الأصل المشبه به والفرع الذي قاسه عليه وذلك أن قوله كما أن من لم يشاهد انسانا الا أسود فحين يمثل في نفسه انسانا يخاطبه انما يسبق الى نفسه انه أسود لاغير # يقال له هذا على قسمين أحدهما أن لا يعلم وجود انسان الا أسود والثاني أن يكون وان لم يشاهد الأسود قد علم بالخبر أو غيره أن في الأناسي من هو أبيض وكذلك اذ مثل انسانا يخاطبه قد مثل انسانا مطلقا لا يقدره من أحد الصنفين وقد يمثل مخاطبه انسان من الصنف الأبيض او يخاطبه انسان من الصنف الأسود # فيقال له هذا المثل الذي ضربته انما يسلم لك فيمن لا يعلم وجود انسان غير ابيض فانه اذا مثل مخاطبه انسان انما يكون مثله بمبلغ علمه فاذا لم يكن عالما

# بوجود أبيض لم يتمثل مخاطبه أبيض بل وقد يتمثل مخاطبه انسان مطلق ولا يخطر بقلبه لونه وقد يخطر بقلبه لونه فلا يكون الا ما علمه من ألوان الناس وهو السواد أما اذا علم وجود البيض من الناس ومثل في نفسه أنه يخاطبهم وان كان لم يرهم بعد كما لو قيل لملك السودان قد قدم عليك رسل البيض وهم بيض فهنا اذا زور في نفسه ما يخاطبه به لم يمثل أنه يخاطبه به لم يمثل أنه يخاطب أسود وكذلك لو علم وجود الصنفين وقدر مخاطبه انسان مطلق لم يتمثل لونه بل قد يصنف الكتب ويقف الوقوف وقد يكتب ذلك بالعربية وقد لا يكون رأى غير البيض ومع هذا فلا يتمثل حين المخاطبة المطلقة لون المخاطبين ولهذا يندرج في خطابه البيض والسود واللفظ يطابق المعنى وهو ما عناه وقصده بكلامه ولو لم يقصد الا البيض مثلا لم يتناول لفظه لغيرهم وليس الأمر كذلك باجماع الناس # وأما التمثيل باللغة فليس هو من أمثلة هذه المسألة وذلك أن من لم يسمع غير العربية لا يقدر أن يتكلم بغيرها ولا يتمثل في عبارات نفسه لغة غيرها فلا يكون التعبير بغير العربية متمثلا في نفسه لا سابقا ولا لاحقا ولو علم أن للناس لغة غير العربية او سمعها ولم يحفظها لم يقدر بذلك على التعبير بغير العربية متمثلا في نفسه لا سابقا ولا لاحقا ولو علم أن للناس لغة غير العربية أو سمعها ولم يحفظها لم يقدر بذلك على التعبير بها ولا على تمثيلها فاللغات بمنزلة تعلم الانسان الصناعات والأعمال كالخياطة والنجارة والحراثة اذا لم يكن يحسنها الانسان الا على صفة لم يتمثل في نفسه اذا رآها أن يعملها الا الصفة التي يحسنها فأين ما يقدره الانسان وليصورة في نفسه من مراده ومقصوده الذي يفعله بقدرته من الألفاظ والحركات

# من الأمور الخارجة عن قدرته وارادته فعلم أن هذا ليس من هذا الباب وأما الأول فانه يشبه لكن الحكم المذكور فيه ليس على اطلاقه وانما هو في حق من لا يعمل وجود انسان الا أسود ويقصد خطاب اسود واذا كان الأمر كذلك ظهر فساد ما ذكره من المثالين # الوجه السابع والعشرون أن يقال لو كان ما ذكرته في المشبه به لم يكن ما ذكرته في المشبه نظيرا له فان الخلق الذين يدعون الله ويقرون بأنه حي قادر عالم انما يدعون من يعتقدون أنه رب العالمين الذي يقدر على مالا يقدر عليه بنو آدم مثل انزال المطر وانبات النبات وتسكين الريح اذا هاجت في البحر وغير ذلك مما يطلب من الله فقد علموا أن الحي العالم القادر الذي هو رب العالمين الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى اذا اقلت سحابا ثقالا ساقه لبلد ميت وأنزل به الماء فخرج به من كل الثمرات ليس من جنس ما يعهدونه من بني آدم بل المطلوب منه ما لا يقدر عليه هؤلاء وأيضا فكثير منهم قد لا يتصور ان كلا منهما حي قادر عالم ولا يتمثل في نفسه قدرا مشتركا بينهما فكيف يجوز أن يحكى عن بني آدم من الأولين والآخرين أنهم قاسوا الله على ما شاهدوه من الآدميين # الوجه الثامن والعشرون أنك لو سألت من سألته من الادعين لربهم هل اعتقدت بقلبك أن الله من جنس ما شاهدته في الآدميين الذين هم أحياء قادرون عالمون لقال لك من سألته هذا شيء لم يخطر بقلبي ولكان نفرته عن هذا وانكاره على من يقول هذا أو يعتقده أعظم من نفرته عمن يجعل الملائكة من جنس الذباب والعصافير وبالجملة فبنو آدم يعلمون من أنفسهم أنه لم يكن دفعهم لهذا الاعتقادر المتضمن تمثيل الله بالبشر وانه من جنسهم فدعوى ذلك عليهم افتراء عليهم

# الوجه التاسع والعشرون أن يقال هو دائما يسمعون ذكر الملائكة والجن وهم أحياء عالمون قادرون ومع هذا فقد علموا أنهم يتصورون بصور الآدميين كما تمثل جبريل لمريم بشرا سويا وكا تمثل ابليس في صورة سراقة ابن جعثم ومع هذا لما أخبروا بأن جبريل عليه السلام له ستمائة جناح وسمعوا قول الله في الملائكة ^ أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع ^ لم يكن فيهم من يعتقد أن الملائكة والجن من جنس الآدميين مطلقا لما استشعروه من نوع فرق وقد علم ما بين الله وبين البشر من عدم المماثلة أعظم مما بين البشر والملائكة فكيف يقال ان رفع ايديهم انما كان لاعتقادهم ان الله من جنس ما يشاهدونه من الأحياء القادرين وهب أن ذلك قد يخطر بقلب الواحد والاثنين منهم فكيف يجعل هذا الاعتقاد شاملا لبني آدم الذين يرفعون أيديهم الى الله عز وجل من الأولين والآخرين وأن الآخرين اخذوه عن الأولين وشاركوهم في التخيل # الوجه الثلاثون أن يقال قوله فيسبق الى الوهم أن من يدعو حيا عالما قادرا على ما يشاهد عليه الأحياء القادرين أتريد بذلك أنه يسبق الى الوهم أنه مثله مطلقا بحيث يجوز عليه ما يجوز عليه ويمتنع عليه ويجب له أو أنه يشابهه من بعض الوجوه أما الأول فأنت وسائر العلماء يعلمون أن هذا لم يقله احد قط وقد ذكرت ذلك في كتبك واعترفت بأن أحدا من العقلاء لم يقل بالمماثلة هكذا واذا كان هذا لم يقله أحد لم يجز أن يجعل هذا اعتقاد الداعين الذين يرفعون أيديهم الى الله مع العلم بأنه لم يقله أحد من المشبهة ولا من غيرهم # وأما ان كان مقصوده أنهم يثبتون المشابهة من بعض الوجوه فهذا حق وقد ذكر في هو نهايته اجماع المسلمين على ثبوت المشابهة من بعض الوجوه



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس