عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 01 Jul 2016, 11:24 PM
نور الشمس
** أم عمـــر **
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
نور الشمس غير متصل
Saudi Arabia     Female
لوني المفضل Olivedrab
 رقم باحث : 13417
 تاريخ التسجيل : Dec 2012
 فترة الأقامة : 4163 يوم
 أخر زيارة : 21 Aug 2023 (03:12 PM)
 المشاركات : 11,240 [ + ]
 التقييم : 35
 معدل التقييم : نور الشمس is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
هل الأمر المكتوب ع الإنسان يتغير أم لا ؟



(بسم الله الرحمن الرحيم)

الإيمان بالقدر:

وهو سر الله-عز وجل- في خلقه لم يطلع عليه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل-إلا من شاء- فلا يعلم الغيب إلاّ الله-تعالى- فنؤمن أن الله عز وجل علم بكل شيء جملة وتفصيلاً ،أزلاً وأبداً ، سواءاً ما يتعلق بأفعاله أو ما يتعلق بأفعال المخلوقين ،وأن الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ وغيره،وأن كل شيء لا يكون إلاّ بمشيئته عز وجل وإرادته فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن كل الكائنات مخلوقة هي وأفعالها .

فهذه مراتب القدر أربعة:

فالأولى العلم

والثانية الكتابة

ومرتبة الكتابة تكون جملة وتفصيلاً : التقدير العام في اللوح المحفوظ ،

والكتابة التفصيلية وهي التقدير العمري وهو ما يقدر على العبد أثناء وجوده في بطن أمه، والتقدير السنوي في ليلة القدر ، والتقدير اليومي ويدل عليه قوله عز وجل (كل يوم هو في شأن)(1) (2).


هل الكتابة تتغير أو لا تتغير؟

-قال الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-:( وهنا مسألة هل الكتابة تتغير أو لا تتغير؟.

الجواب :
يقول رب العالمين :عز وجل (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )(3) أي اللوح المحفوظ ليس فيه محو ولا كتابة ، فما كتب في اللوح المحفوظ فهو كائن ولا تتغير فيه ،

لكن ما كتب في الصحف التي في أيدي الملائكة هو الذي فيه التغيير كما قال -عز وجل -:(إن الحسنات يذهبن السيئات)(4) وفي هذا المقام ينكر على من يقول :(اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه )(5) فهذا دعاء بدعي باطل ،

لأن معناه أنه مستغن ، أي افعل ما شئت ولكن خفف ،وهذا غلط ، فالإنسان يسأل الله ـ عزوجل ـ ر فع البلاء نهائياً فيقول مثلاً اللهم عافني ، اللهم ارزقني وما أشبه ذلك .

وإذا كان النبي- صلى الله عليه وسلم-قال:( لا يقولن أحدكم اللهم اغفرلي إن شئت )(6) فقولك:( لا أسألك رد القضاء ،ولكن أسألك اللطف فيه ) أشد.

واعلم أن الدعاء يرد القضاء ، كما جاء في الحديث:( لا يرد القدر إلا الدعاء)(7) وكم من إنسان افتقر غاية الافتقار حتى كاد يهلك ، فإذا دعا أجاب الله دعاءه،وكم من إنسان مرض حتى أيس من الحياة فدعا الله تعالى فاستجاب له.

قال الله تعالى:{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {83}(8) فذكر حاله يريد أن يكشف الله عنه الضّر ،قال الله:(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ..)(9)
)ا.هـ(10) .


قلت :قال أهل العلم فكلا الأمر مقدر هذا الأمر االواقع أو الممكن وقوعه،والدعاء .

والمرتبة الثالثة من مراتب القدر هي مرتبة المشيئة والإرادة: ولا بد من التفريق بين الإرادة الكونية ، والإرادة الشرعية فالكونية ترادف المشيئة ، والشرعية ترادف المحبة.

قال ابن تيمية –رحمه الله تعالى - : (فمن نظر إلى الأعمال بهاتين العينين كان بصيراً ،ومن نظر إلى القدر دون الشّرع أو الشّرع دون القدر كان أعور)(11)

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله تعالى-:(ومن فرق بين هاتين الإرادتين سلم من شبهات كثيرة زلت فيها أقدام وضلت فيها أفهام)(12) .

والرابعة مرتبة الخلق والتنفيذ لمشيئته وإرادته: ولا ينافي ذلك كون الله تعالى أعطا العبد قدرة واختياراً والعبد مضطر إلى الاعتراف أنّ له إرادة واختيار، وإن كانت هذه القدرة والمشيئة والاختيار تحت مشيئة الله وقدرته.

ولا يلزم من الإيمان بالقدر خيره وشره أن يكون في فعله تعالى شر محض ، بل كل ما يخلقه ففيه حكمة هو باعتبارها خيراً ،ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس ، وهو شر إضافي ، فأمّا شر كلي ،أو شر مطلق فالرب منزه عنه وهذا هو الشر الذي ليس إليه كما ثبت في دعاء الاستفتاح (والخير بيديك والشر ليس إليك) (13)(14).


كلام نفيس لابن تيمية في القدر :

قال رحمه الله-:(الإيمان بالقدر يوجب أن يكون العبد صبارا شكورا؛ صبورا على البلاء، شكورا على الرخاء، إذا أصابته نعمة علم أنها من عند الله فشكره،

سواء كانت النعمة حسنة فعلها، أو كانت خيرا حصل بسبب سعيها،

فإن الله هو الذي يسر عمل الحسنات، وهو الذي تفضل بالثواب عليها، فله الحمد في ذلك كله‏.‏

وإذا أصابته مصيبة صبر عليها، وإن كانت تلك المصيبة قد جرت على يد غيره، فالله هو الذي سلط ذلك الشخص، وهو الذي خلق أفعاله، وكانت مكتوبة على العبد؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ‏}‏ ‏[‏الحديد‏:‏22‏]‏، ‏

{‏لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ‏}‏ ‏[‏الحديد‏:‏ آية 23‏]‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ‏}‏ ‏[‏التغابن‏:‏ آية11‏]‏‏.‏

قالوا‏:‏ هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم‏.‏

وعليه إذا أذنب أن يستغفر ويتوب، ولا يحتج على الله بالقدر، ولا يقول‏:‏ أي ذنب لي وقد قدر علي هذا الذنب؛

بل يعلم أنه هو المذنب العاصي الفاعل للذنب، وإن كان ذلك كله بقضاء الله وقدره ومشيئته، إذ لا يكون شيء إلا بمشيئته وقدرته وخلقه؛ لكن العبد هو الذي أكل الحرام، وفعل الفاحشة، وهو الذي ظلم نفسه؛ كما أنه هو الذي صلى وصام وحج وجاهد، فهو الموصوف بهذه الأفعال؛

وهو المتحرك بهذه الحركات، وهو الكاسب بهذه المحدثات، له ما كسب وعليه ما اكتسب، والله خالق ذلك وغيره من الأشياء لما له في ذلك من الحكمة البالغة بقدرته التامة ومشيئته النافذة‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ‏}‏ ‏[‏غافر‏:‏ آية55‏]‏‏.‏

فعلى العبد أن يصبر على المصائب، وأن يستغفر من المعائب‏.‏

والله تعالى لا يأمر بالفحشاء، ولا يرضى لعباده الكفر؛ ولا يحب الفساد، وهو سبحانه خالق كل شيء؛ وربه ومليكه، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن‏.‏ فمن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛

ومشيئة العبد للخير والشر موجودة، فإن العبد له مشيئة للخير والشر، وله قدرة على هذا وهذا‏.‏

وهو العامل لهذا وهذا، والله خالق ذلك كله وربه ومليكه؛ لا خالق غيره؛ ولا رب سواه؛ ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن‏.‏ وقد أثبت الله المشيئتين مشيئة الرب؛ ومشيئة العبد؛ وبين أن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الرب في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً‏.‏ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً‏}‏ ‏[‏الإنسان‏:‏29، 30‏]‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ‏.‏ ِلمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ‏.‏ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏التكوير‏:‏27‏:‏ 29‏]‏،

وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏78‏]‏، ‏

{‏مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ آية79‏]‏‏.‏ ....... ) وبقي هناك كلام نفيس فراجعه (15).

وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


جمع مادته وعلق عليه /
عبد الواحد بن هادي المدخلي
المدينة النبوية
26/1/1426هـ




ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الرحمن 29.
(2) وقد ذكر بعضها ابن تيمية في العقيدة الواسطية ،وذكرها ابن عثيمين في شرح الأربعين النووية ص79 ولكن قال عن التقدير اليومي: ولكن الآية ليست واضحة في هذا المعنى. وكذلك أشار إليها الشيخ ربيع المدخلي حين دراستي عليه العقيدة الواسطية وأشار إليها في أحد أشرطته الأربعة عند شرحه لأصول السنة للإمام أحمد –رحمه الله - تسجيلات ابن رجب بالمدينة.
(3) الرعد:39.
(4) هود 114.
(5) قلت :هذا هو معنى ظاهر اللفظ ونحن نوافق الشيخ على ذلك وأنّ هذه العبارة خاطئة ، ولكن نوضح هنا مسألة :وهي أنه لا يلزم منه أن قائل ذلك يعتقد أنه مستغن.. ولكن حمل القائل على قول ذلك أحد أمرين: إما أنه لم ينتبه لمعنى العبارة، وإما أنه لم يعلم أن القدر قد يرد فيعتقد أنه كائن لا محالة.
(6) أخرجه البخاري ، كتاب التوحيد باب في المشيئة والإرادة ،(7079)، ومسلم ، كتاب الذكر والدعاء،باب العزم في الدعاء(2678).
(7) الترمذي (2139) قال الألباني( حسن) ا.هـ ، قلت: وهو من حديث سلمان الفارسي ولفظه (لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر ) . وأما زيادة( وإنّ الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) ،وهي عند ابن ماجة من حديث ثوبان (90) و(4022) فقد ضعفها الألباني-رحمه الله -.
(8) الأنبياء 83.
(9)الأنبياء 84.
(10) شرح الأربعين النووية للشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- ص 79-80 دار الثريا للنشر ط3 -1425هـ.
(11) مجموع الفتاوى 8/198.
(12) عند تعليقه على كتاب التنبيهلت اللطيفة على ما احتوت عليه العقيدة الواسطية من المباحث المنيفة للشيخ عبد الرحمن السعدي-رحمه الله- ص/43،دار ابن الجوزي ط 1 -1424هـ.
(13) رواه مسلم (771).
(14) راجع مجموع الفتاوى 14/266.
(15) مجموع الفتاوى 8/237 -241.



http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=55374




 توقيع : نور الشمس



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

‏🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون

‏ وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،،

‏فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨

‏فهذا هو الخير ،،،

‏ 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87

🦋🍃

رد مع اقتباس