السُّننُ الإلهية والطريق إلى النصر

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم

الكاتب/ ابراهيم السفياني

من المعلوم أن من أسماء الله الحسنى الحكيم ، يقول سبحانه : ( إن ربك حكيم عليم ) ، والحكمة هي وضع الشيء في موضعه .. فسبحانه جل وعلا جعل لكل شيء حكمة علِمها من علِمها .. وجهِلها من جهِِلها .


تأمل معي قوله سبحانه : ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم .. والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم .. لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) ..

انظر لهذه الحكمة الإلهية العظيمة .. تخيل هذه الشمس العظيمة .. وذلك القمر المنير الضخم ، إنهما يسيران في خط دقيق لحكمة بالغة ، فلو تقدمت الشمس في مسارها قليلا لأحرقت الأرض ومن عليها ، ولو تأخرت قليلا لأصبحت الأرض زمهريرا لا يطاق .. وهكذا تتجلى حكمة الله في كل شيء .


ومن ذلك سنن الله التي لا تتبدل ولا تتغير ، والتي منها ربط الأسباب بالمسببات ، والتي تظهر جليا في قوله تعالى : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. ) ولكن السؤال المهم هو : كيف نُغيِّر ؟ ومن أين البداية ؟ وللجواب على هذا أقول :

إن هناك ثلاثة جوانب للتغيير من وجهة نظري ينبغي البدء بها مجتمعة ، ولا يلزم بالتساوي ولكن على حسب احتياج كل فرد وحاله :


أولا : الجانب التعبدي المحض : وهي العلاقة بين العبد وربه ( الصلاة الصيام الصدقة الزكاة الحج والعمرة قيام الليل .. الخ ) ، فينظر الإنسان في نفسه من هذا الجانب : أين يقف ؟ وإلى أين هو ذاهب ؟ وما الذي يريد الوصول إليه ؟ ولاشك أن التقصير هو الشعار الذي نرفعه هنا ، لأننا دائما بحاجة للمزيد من الحسنات والأجور للوصول لرضى الله والجنة .


ثانيا : جانب العلاقة بينك وبين الآخرين : وأقصد به ( صلة الرحم - صلة الجار - بر الوالدين - الصداقة بينك وبين الآخرين - وعموم الناس ) ، وهنا يبرز لنا جانب الأخلاق و هو جانب مهم في التغيير هنا .


فتسأل نفسك بصدق : ما حالك مع والديك وجيرانك وأقاربك وعموم المسلمين ؟ هل أنت تساعدهم ؟ تبتسم في وجوههم ؟ تتلمس احتياجاتهم ؟ تمسح على رأس يتيمهم ؟ تعين فقيرهم ؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي ستكتشف بعدها التقصير الواضح في هذا الجانب مما يحفز إلى التغيير الإيجابي .


ثالثا : الجانب الدعوي : واجبك نحو دينك وعقيدتك هو الدعوة إليه .. قد يقول قائل : كيف أدعو الناس وأنا صاحب ذنب ومعصية ؟ فأقول لمثل هذا : لو كان ما قلت مانعا من الدعوة لوقف الناس كلهم عن الدعوة لأننا كلنا أصحاب ذنوب ومعاصي .


لو لم يعظ في الناس من هو مذنبٌ فمن يعظِ العاصين بعد محمدِ


هذه هي جوانب التغير والطريق لتغيير ما بأنفسنا .. لنصل للنصر بإذن الله على أنفسنا وعلى شياطين الإنس والجن .. ولنبدأ بإشعال الشموع بدل أن نلعن الظلام .. وختاما أقول : ( لا تقف مكتوف اليدين وتقول حاربني الزمن ) .