اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


﴿ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ الٓمٓ ﴿١﴾ ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴿٣﴾ وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ﴿٤﴾ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴿٥﴾ البقرة .

روى الإمام مسلم عن أبي أمامة الباهلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقرَؤوا القُرآنَ؛ فإنَّه يَأتي شَفيعًا يومَ القيامةِ لصاحبِه، اقرَؤوا الزَّهراوَينِ: البَقرةَ وآلَ عِمرانَ؛ فإنَّهما يَأتِيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غَيايتانِ، أو كأنَّهما غَمامتانِ، أو كأنَّهما فِرقانِ مِن طَيرٍ صَوافَّ يُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤوا سورةَ البَقرةِ؛ فإنَّ أخذَها بَركةٌ، وتَركَها حَسرةٌ، ولا تَستطيعُها البَطَلةُ ) .


           :: الكعبة (آخر رد :عائد لله)       :: الحجامة فضلها وفوائدها . (آخر رد :المكي)       :: افضل ايام الحجامة . (آخر رد :المكي)       :: سورة يس (آخر رد :طالبة علم شرعي)       :: "وأشرقت الأرض بنور ربها" تلاوة رائعة بصوت الطفلة بشرى . (آخر رد :ابن الورد)       :: حلم الدموع (آخر رد :hoor)       :: كحل الإثمد ، تعريفه ، ومصدره ، وفوائده ، وضوابط استعماله للنساء والرجال (آخر رد :المكي)       :: الحشد المليوني على الحدود وساعة الصفر تقترب من جزيرة العرب (آخر رد :ابن الورد)       :: طالبان والرايات السود / ظهور المهدي في جيش المشرق / خراسان (آخر رد :ابن الورد)       :: السرطان ليس مرض . (آخر رد :المكي)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 11 Feb 2018, 06:52 PM
سلطانه
SULTANA
وسام الشرف
سلطانه غير متصل
Saudi Arabia    
لوني المفضل Black
 رقم باحث : 19311
 تاريخ التسجيل : Jan 2018
 فترة الأقامة : 2479 يوم
 أخر زيارة : 06 Nov 2023 (09:05 PM)
 المشاركات : 1,395 [ + ]
 التقييم : 20
 معدل التقييم : سلطانه is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
Arrow تفسير لآية يحتاجها الآن الزمان والمكان..



قبل أن يزعم أحدنا أن يعرف الآية وكل معانيها ....أقول لك لا تعجل هذه المرة واترك قلبك مع كلمات ابن عاشور وهو يكشف بكلماته حقيقة الوعد وطبيعته ...وطبيعة المنتسبين الآن إلى هذا الكتاب ....لستُ مبالغا إن قلتُ أن هذه الآية من أفضل بل هي أفضل ما أمد اللهُ به وفتحَ على صاحب تفسير التحرير والتنوير :
قوله تعالى : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)
قال في التحرير والتنوير :
وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ وَاثِقِينَ بِالْأَمْنِ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَدَّمَ عَلَى وَعْدِهِمْ بِالْأَمْنِ أَنْ وَعَدَهُمْ بِالِاسْتِخْلَافِ فِي الْأَرْضِ وَتَمْكِينِ الدِّينِ وَالشَّرِيعَةِ فِيهِمْ تَنْبِيهًا لَهُمْ بِأَنَّ سُنَّةَ اللَّهِ أَنَّهُ لَا تَأْمَنُ أُمَّةٌ بَأْسَ غَيْرِهَا حَتَّى تَكُونَ قَوِيَّةً مَكِينَةً مُهَيْمِنَةً عَلَى أَصْقَاعِهَا. فَفِي الْوَعْدِ بِالِاسْتِخْلَافِ وَالتَّمْكِينِ وَتَبْدِيلِ الْخَوْفِ أَمْنًا إِيمَاءٌ إِلَى التَّهَيُّؤِ لِتَحْصِيلِ أَسْبَابِهِ مَعَ ضَمَانِ التَّوْفِيقِ لَهُمْ وَالنَّجَاحِ إِنْ هُمْ أَخَذُوا فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ مِلَاكَ ذَلِكَ هُوَ طَاعَةُ الله وَالرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا [النُّور: 54] ، وَإِذَا حَلَّ الِاهْتِدَاءُ فِي النُّفُوسِ نَشَأَتِ الصَّالِحَاتُ فَأَقْبَلَتْ مُسَبَّبَاتُهَا تَنْهَالُ عَلَى الْأُمَّةِ، فَالْأَسْبَابُ هِيَ الْإِيمَانُ وَعَمَلُ الصَّالِحَاتِ.
وَالْمَوْصُولُ عَامٌّ لَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ، وَعُمُومُهُ عُرْفِيٌّ، أَيْ غَالِبٌ فَلَا يُنَاكِدُهُ مَا يَكُونُ فِي الْأُمَّةِ مِنْ مُقَصِّرِينَ فِي عَمَلِ الصَّالِحَاتِ فَإِنَّ تِلْكَ الْمَنَافِعَ عَائِدَةٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْأُمَّةِ.
وَالْخِطَابُ فِي مِنْكُمْ لِأُمَّةِ الدَّعْوَةِ بِمُشْرِكِيهَا وَمُنَافِقِيهَا بِأَنَّ الْفَرِيقَ الَّذِي يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْإِيمَانُ وَعَمَلُ الصَّالِحَاتِ هُوَ الْمَوْعُودُ بِهَذَا الْوَعْدِ.
وَالتَّعْرِيفُ فِي الصَّالِحاتِ لِلِاسْتِغْرَاقِ، أَيْ عَمِلُوا جَمِيعَ الصَّالِحَاتِ، وَهِيَ الْأَعْمَالُ الَّتِي وَصَفَهَا الشَّرْعُ بِأَنَّهَا صَلَاحٌ، وَتَرَكَ الْأَعْمَالَ الَّتِي وَصَفَهَا الشَّرْعُ بِأَنَّهَا فَسَادٌ لِأَنَّ إِبْطَالَ الْفَسَادِ صَلَاحٌ.
فَالصَّالِحَاتُ جَمْعُ صَالِحَةٍ: وَهِيَ الْخَصْلَةُ وَالْفِعْلَةُ ذَاتُ الصَّلَاحِ، أَيْ الَّتِي شَهِدَ الشَّرْعُ بِأَنَّهَا صَالِحَةٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ.
ثم يقول :
وَاسْتِغْرَاقُ الصَّالِحاتِ اسْتِغْرَاقٌ عُرْفِيٌّ، أَيْ عَمِلَ مُعْظَمَ الصَّالِحَاتِ وَمُهِمَّاتِهَا وَمَرَاجِعَهَا مِمَّا يَعُودُ إِلَى تَحْقِيقِ كُلِّيَّاتِ الشَّرِيعَةِ وَجَرْيِ حَالَةِ مُجْتَمَعِ الْأُمَّةِ عَلَى مَسْلَكِ الِاسْتِقَامَةِ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالِاسْتِقَامَةِ فِي الْخُوَيْصَةِ وَبِحُسْنِ التَّصَرُّفِ فِي الْعَلَاقَةِ الْمَدَنِيَّةِ بَيْنَ الْأُمَّةِ عَلَى حَسَبِ مَا أَمَرَ بِهِ الدِّينُ أَفْرَادَ الْأُمَّةِ كُلٌّ فِيمَا هُوَ مِنْ عَمَلِ أَمْثَالِهِ الْخَلِيفَةُ فَمَنْ دُونَهُ، وَذَلِكَ فِي غَالِبِ أَحْوَالِ تَصَرُّفَاتِهِمْ، وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى الْفَلَتَاتِ الْمُنَاقِضَةِ فَإِنَّهَا مَعْفُوٌّ عَنْهَا إِذَا لَمْ يُسْتَرْسَلْ عَلَيْهَا وَإِذَا مَا وَقَعَ السَّعْيُ فِي تَدَارُكِهَا.
وَالِاسْتِقَامَةُ فِي الْخُوَيْصَةِ هِيَ مُوجِبُ هَذَا الْوَعْدِ وَهِيَ الْإِيمَانُ وَقَوَاعِدُ الْإِسْلَامِ، وَالِاسْتِقَامَةُ فِي الْمُعَامَلَةِ هِيَ الَّتِي بِهَا تَيْسِيرُ سَبَبِ الْمَوْعُودِ بِهِ.
وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَصُولَ انْتِظَامِ أُمُورِ الْأُمَّةِ فِي تَضَاعِيفِ كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ [النَّحْل: 90] وَقَوْلِهِ:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النِّسَاء: 29] وَقَوْلِهِ فِي سِيَاقِ الذَّمِّ:وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسادَ [الْبَقَرَة: 205] وَقَوْلُهُ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ [محمّد: 22] . وَبَيَّنَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَصَرُّفَاتِ وُلَاةِ الْأُمُور فِي شؤون الرَّعِيَّةِ وَمَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمَعَ الْأَعْدَاءِ فِي الْغَزْوِ وَالصُّلْحِ وَالْمُهَادَنَةِ وَالْمُعَاهَدَةِ، وَبَيْنَ أُصُولِ الْمُعَامَلَاتِ بَيْنَ النَّاسِ.
فَمَتَى اهْتَمَّ وُلَاةُ الْأُمُورِ وَعُمُومُ الْأُمَّةِ بِاتِّبَاعِ مَا وَضَّحَ لَهُمُ الشَّرْعُ تَحَقَّقَ وَعْدُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ بِهَذَا الْوَعْدِ الْجَلِيلِ.
وَهَذِهِ التَّكَالِيفُ الَّتِي جعلهَا الله قواما لِصَلَاحِ أُمُورِ الْأُمَّةِ وَوَعَدَ عَلَيْهَا بِإِعْطَاءِ الْخِلَافَةِ وَالتَّمْكِينِ وَالْأَمْنِ صَارَتْ بِتَرْتِيبِ تِلْكَ الْمَوْعِدَةِ عَلَيْهَا أَسْبَابًا لَهَا. وَكَانَتِ الْمَوْعِدَةُ كَالْمُسَبَّبِ عَلَيْهَا فَشَابَهَتْ مِنْ هَذِهِ الْحَالَةِ خِطَابَ الْوَضْعِ، وَجُعِلَ الْإِيمَانُ عَمُودَهَا وَشَرْطًا لِلْخُرُوجِ مِنْ عُهْدَةِ التَّكْلِيفِ بِهَا وَتَوْثِيقًا لِحُصُولِ آثَارِهَا بِأَنْ جَعَلَهُ جَالِبَ رِضَاهُ وَعِنَايَتِهِ. فَبِهِ يَتَيَسَّرُ لِلْأُمَّةِ تَنَاوُلُ أَسْبَابِ النَّجَاحِ، وَبِهِ يَحُفُّ اللُّطْفُ الْإِلَهِيُّ بِالْأُمَّةِ فِي أَطْوَارِ مُزَاوَلَتِهَا وَاسْتِجْلَابِهَا بِحَيْثُ يَدْفَعُ عَنْهُمُ الْعَرَاقِيلَ وَالْمَوَانِعَ، وَرُبَّمَا حَفَّ بِهِمُ اللُّطْفُ وَالْعِنَايَةُ عِنْدَ تَقْصِيرِهِمْ فِي الْقِيَامِ بِهَا. وَعِنْدَ تَخْلِيطِهِمُ الصَّلَاحَ بِالْفَسَادِ فَرَفَقَ بِهِمْ وَلَمْ يُعَجِّلْ لَهُمُ الشَّرَّ وَتَلَوَّمَ لَهُمْ فِي إِنْزَالِ الْعُقُوبَةِ. وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [الْأَنْبِيَاء: 105- 107] يُرِيدُ بِذَلِكَ كُلِّهِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي سُورَة الْأَنْبِيَاء وَقَوله: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا فِي سُورَةِ الْحَجِّ [38] .
ثم تأمل ما يقوله بعد ذلك من استنباط نادر :
فَلَوْ أَنَّ قَوْمًا غَيْرَ مُسْلِمِينَ عَمِلُوا فِي سيرتهم وشؤون رَعِيَّتِهِمْ بِمِثْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّالِحَاتِ بِحَيْثُ لَمْ يُعْوِزْهُمْ إِلَّا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ لَاجْتَنَوْا مِنْ سِيرَتِهِمْ صُوَرًا تُشْبِهُ الْحَقَائِقَ الَّتِي يَجْتَنِيهَا الْمُسْلِمُونَ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَعْمَالَ صَارَتْ أَسْبَابًا وَسُنَنًا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا آثَارُهَا الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ سُنَنًا وَقَوَانِينَ عُمْرَانِيَّةً سِوَى أَنَّهُمْ لِسُوءِ مُعَامَلَتِهِمْ رَبَّهُمْ بِجُحُودِهِ أَوْ بِالْإِشْرَاكِ بِهِ أَوْ بِعَدَمِ تَصْدِيقِ رَسُولِهِ يَكُونُونَ بِمَنْأَىً عَنْ كَفَالَتِهِ وَتَأْيِيدِهِ إِيَّاهُمْ وَدَفْعِ الْعَوَادِي عَنْهُمْ، بَلْ يَكِلُهُمْ إِلَى أَعْمَالِهِمْ وَجُهُودِهِمْ عَلَى حَسَبِ الْمُعْتَادِ. أَلَا تَرَى أَن القادة الأروبيين بَعْدَ أَنِ اقْتَبَسُوا مِنَ الْإِسْلَامِ قَوَانِينَهُ ونظامه بِمَا مَا رسوه من شؤون الْمُسْلِمِينَ فِي خِلَالِ الْحُرُوبِ الصَّلِيبِيَّةِ ثُمَّ بِمَا اكْتَسَبُوهُ مِنْ مُمَارَسَةِ كُتُبِ التَّارِيخِ الْإِسْلَامِيِّ وَالْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ وَالسِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ قَدْ نَظَّمُوا مَمَالِكَهُمْ عَلَى قَوَاعِدِ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَالْمُوَاسَاةِ وَكَرَاهَةِ الْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ فَعَظُمَتْ دُوَلُهُمْ وَاسْتَقَامَتْ أُمُورُهُمْ. وَلَا عَجَبَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّطَ اللَّهُ الْآشُورِيِّينَ وَهُمْ مُشْرِكُونَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ لِفَسَادِهِمْ فَقَالَ: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [4، 5] .
ثم يقول :
وَالِاسْتِخْلَافُ: جَعَلَهُمْ خُلَفَاءَ، أَيْ عَنِ اللَّهِ فِي تَدْبِير شؤون عِبَادِهِ كَمَا قَالَ: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [30] . وَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلتَّأْكِيدِ.وَأَصْلُهُ: لَيُخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ.
وَتَعْلِيقُ فِعْلِ الِاسْتِخْلَافِ بِمَجْمُوعِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَإِنْ كَانَ تَدْبِير شؤون الْأُمَّةِ مَنُوطًا بِوُلَاةِ الْأُمُورِ لَا بِمَجْمُوعِ الْأُمَّةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ لِمَجْمُوعِ الْأُمَّةِ انْتِفَاعًا بِذَلِكَ وَإِعَانَةً عَلَيْهِ كُلٌّ بِحَسَبِ مَقَامِهِ فِي الْمُجْتَمَعِ، كَمَا حَكَى تَعَالَى قَوْلَ مُوسَى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ:وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ [20] .
وَلِهَذَا فَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْأَرْضِ جَمِيعِهَا، وَأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ الْمَدْلُولَةَ بِحَرْفِ (فِي) ظَاهِرَةٌ فِي جُزْءٍ مِنَ الْأَرْضِ وَهُوَ مَوْطِنُ حُكُومَةِ الْأُمَّةِ وَحَيْثُ تَنَالُ أَحْكَامُهَا سُكَّانَهُ. وَالْأَصْلُ فِي الظَّرْفِيَّةِ عَدَمُ اسْتِيعَابِ الْمَظْرُوفِ الظَّرْفَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها [هود: 61] .
وَإِنَّمَا صِيغَ الْكَلَامُ فِي هَذَا النَّظْمِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ: لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ دُونَ تَقْيِيدٍ بِقَوْلِهِ: فِي الْأَرْضِ لِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ يَحْصُلُ فِي مُعْظَمِ الْأَرْضِ. وَذَلِكَ يَقْبَلُ الِامْتِدَادَ وَالِانْقِبَاضَ كَمَا كَانَ الْحَالُ يَوْمَ خُرُوجِ بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ. وَلَكِنَّ حُرْمَةَ الْأُمَّةِ وَاتِّقَاءَ بَأْسِهَا يَنْتَشِرُ فِي الْمَعْمُورَةِ كُلِّهَا بِحَيْثُ يَخَافُهُمْ مَنْ عَدَاهُمْ مِنَ الْأُمَمِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ حُكْمِهِمْ وَيَسْعَوْنَ الْجَهْدَ فِي مَرْضَاتِهِمْ ومسالمتهم. وَهَذَا اسخلاف كَامِلٌ وَلذَلِك نظّر بتشبيه بِاسْتِخْلَافِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يَعْنِي الْأُمَمَ الَّتِي حَكَمَتْ مُعْظَمَ الْعَالَمِ وَأَخَافَتْ جَمِيعَهُ مِثْلَ الأشوريين والمصريين والفنيقيين وَالْيَهُودَ زَمَنَ سُلَيْمَانَ، وَالْفُرْسَ، وَالْيُونَانَ، وَالرُّومَانَ.
وانظر إلى هذا الاستدلال العظيم المملوء بالفهم والإيمان والرد على كثير من أهل الخذلان:
وَفِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ خُلَفَاءَ الْأُمَّةِ مِثْلَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَمُعَاوِيَةَ كَانُوا بِمَحَلِّ الرِّضَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُمُ اسْتِخْلَافًا كَامِلًا كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَفَتَحَ لَهُمُ الْبِلَادَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ وَأَخَافَ مِنْهُمُ الْأَكَاسِرَةَ وَالْقَيَاصِرَةَ.
ويقول :
وَجُمْلَةُ: لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ: وَعَدَ لِأَنَّهَا عَيْنُ الْمَوْعُودِ بِهِ. وَلَمَّا كَانَتْ جُمْلَةَ قَسَمٍ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا بَيَانًا لِلْأُخْرَى.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: كَمَا اسْتَخْلَفَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، أَيْ كَمَا اسْتَخْلَفَ اللَّهُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. وَقَرَأَهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ فَيَكُونُ الَّذِينَ نَائِبَ فَاعِلٍ.
وَتَمْكِينُ الدِّينِ: انْتِشَارُهُ فِي الْقَبَائِلِ وَالْأُمَمِ وَكَثْرَةُ مُتَّبِعِيهِ. اسْتُعِيرَ التَّمْكِينُ الَّذِي حَقِيقَتُهُ التَّثْبِيتُ وَالتَّرْسِيخُ لِمَعْنَى الشُّيُوعِ وَالِانْتِشَارِ لِأَنَّهُ إِذَا انْتَشَرَ لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ الِانْعِدَامُ فَكَانَ كَالشَّيْءِ الْمُثَبَّتِ الْمُرَسَّخِ، وَإِذَا كَانَ مُتَّبِعُوهُ فِي قِلَّةٍ كَانَ كَالشَّيْءِ الْمُضْطَرِبِ الْمُتَزَلْزِلِ. وَهَذَا الْوَعْدُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا حَدِيثُ الْحُدَيْبِيَةِ إِذْ جَاءَ فِيهِ قَوْلُهُ: «وَإِنْ هُمْ أَبَوْا (أَيْ إِلَّا الْقِتَال) فو الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي (أَيْ يَنْفَصِلَ مُقَدَّمُ الْعُنُقِ عَنِ الْجَسَدِ) وَلِيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ» .
وَقَوْلُهُ: لَهُمْ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَوْلِهِ: دِينَهُمُ لِأَنَّ الْمَجْرُورَ بِالْحَرْفِ أَضْعَفُ تَعَلُّقًا مِنْ مَفْعُولِ الْفِعْلِ، فَقَدَّمَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِلْإِيمَاءِ إِلَى الْعِنَايَةِ بهم، أَي يكون التَّمْكِينِ لِأَجْلِهِمْ، كَتَقْدِيمِ الْمَجْرُورِ عَلَى الْمَفْعُولَيْنِ فِي قَوْلِهِ: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ [الشَّرْح: 1، 2]
ويقول :
وَإِضَافَةُ الدِّينِ إِلَى ضَمِيرِهِمْ لِتَشْرِيفِهِمْ بِهِ لِأَنَّهُ دِينُ اللَّهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَقِبَهُ: الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ، أَيِ الَّذِي اخْتَارَهُ لِيَكُونَ دِينَهُمْ، فَيَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّهُ اخْتَارَهُمْ أَيْضًا لِيَكُونُوا أَتْبَاعَ هَذَا الدِّينِ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَوْصُوفِينَ بِهَذِهِ الصِّلَةِ هُمُ الَّذِينَ يَنْشُرُونَ هَذَا الدِّينَ فِي الْأُمَمِ لِأَنَّهُ دِينُهُمْ فَيَكُونُ تَمَكُّنُهُ فِي النَّاسِ بِوَاسِطَتِهِمْ.
وَإِنَّمَا قَالَ: وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً وَلَمْ يَقُلْ: وَلَيُؤَمِّنَنَّهُمْ، كَمَا قَالَ فِي سَابِقِيهِ لِأَنَّهُمْ مَا كَانُوا يطمحون يَوْمئِذٍ إِلَّا إِلَى الْأَمْنِ، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي الْعَالِيَةِ الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا، فَكَانُوا فِي حَالَةٍ هِيَ ضِدُّ الْأَمْنِ وَلَوْ أُعْطُوا الْأَمْنَ دُونَ أَنْ يَكُونُوا فِي حَالَةِ خَوْفٍ لَكَانَ الْأَمْنُ مِنَّةً وَاحِدَةً. وَإِضَافَةُ الْخَوْفِ إِلَى ضَمِيرِهِمْ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ خَوْفٌ مَعْرُوفٌ مُقَرَّرٌ.
وَتَنْكِيرُ أَمْناً لِلتَّعْظِيمِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهِ مُبْدَلًا مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمِ الْمَعْرُوفِ بِالشِّدَّةِ.
وَالْمَقْصُودُ: الْأَمْنُ مِنْ أَعْدَائِهِمُ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ. وَفِيهِ بِشَارَةٌ بِأَنَّ اللَّهَ مُزِيلٌ الشِّرْكَ وَالنِّفَاقَ مِنَ الْأُمَّةِ. وَلَيْسَ هَذَا الْوَعْدُ بِمُقْتَضٍ أَنْ لَا تَحْدُثَ حَوَادِثُ خَوْفٍ فِي الْأُمَّةِ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ كَالْخَوْفِ الَّذِي اعْتَرَى أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ ثَوْرَةِ أَهْلِ مِصْرَ الَّذِينَ قَادَهُمُ الضَّالُّ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ، وَمِثْلِ الْخَوْفِ الَّذِي حَدَثَ فِي الْمَدِينَةِ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحَوَادِثِ وَإِنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ مُسَبَّبَاتٍ عَنْ أَسْبَابٍ بَشَرِيَّةٍ وَإِلَى اللَّهِ إِيَابُهُمْ وَعَلَى اللَّهِ حِسَابُهُمْ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِّ. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبَ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
وَجُمْلَةُ: يَعْبُدُونَنِي حَالٌ مِنْ ضَمَائِرِ الْغَيْبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، أَيْ هَذَا الْوَعْدُ جَرَى فِي حَالِ عِبَادَتِهِمْ إِيَّايَ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إِيذَانٌ بِأَنَّ ذَلِكَ الْوَعْدَ جَزَاءٌ لَهُمْ، أَيْ وَعَدْتُهُمْ هَذَا الْوَعْدَ الشَّامِلَ لَهُمْ وَالْبَاقِي فِي خَلَفِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَعْبُدُونَنِي عِبَادَةً خَالِصَةً عَنِ الْإِشْرَاكِ.
وَعَبَّرَ بِالْمُضَارِعِ لِإِفَادَةِ اسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى ذَلِكَ تَعْرِيضًا بِالْمُنَافِقِينَ إِذْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ ثُمَّ يَنْقَلِبُونَ.
وَجُمْلَةُ: لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الرَّفْعِ فِي يَعْبُدُونَنِي تَقْيِيدًا لِلْعِبَادَةِ بِهَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَلَكِنَّهُمْ يُشْرِكُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ. وَفِي هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ مَا يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا مِنْ كَوْنِ الْإِيمَانِ هُوَ الشَّرِيطَةُ فِي كَفَالَةِ اللَّهِ لِلْأُمَّةِ هَذَا الْوَعْدَ.
وأخيرا يقول :
وَجُمْلَةُ: وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ تَحْذِيرٌ بَعْدَ الْبِشَارَةِ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي تَعْقِيبِ الْبِشَارَةِ بِالنِّذَارَةِ وَالْعَكْسُ دَفْعًا لِلِاتِّكَالِ.
وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: بَعْدَ ذلِكَ إِلَى الْإِيمَانِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ هُنَا بِ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي أَوَّلِ الْآيَاتِ بِقَوْلِهِ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا، أَيْ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الْبِشَارَةِ عَلَيْهِ فَهُمُ الْفَاسِقُونَ عَنِ الْحَقِّ.
وَصِيغَةُ الْحَصْرِ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمُسْنَدِ بِلَامِ الْجِنْسِ مُسْتَعْمِلَةٌ مُبَالَغَةً لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ الْفِسْقُ الْكَامِلُ.وَوَصْفُ الْفَاسِقِينَ لَهُ رَشِيقُ الْمَوْقِعِ، لِأَنَّ مَادَّةَ الْفِسْقِ تَدُلُّ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْمَكَانِ مِنْ منفذ ضيق.
ولكي يحافظ المسلمون على ما في أيديهم جاءت الآية التي بعدها تُذكرنا بأسبابه الحقيقية :
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)
قال :
وَالْخِطَابُ مُوَجَّهٌ لِلَّذِينِ آمَنُوا خَاصَّةً بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوَجَّهًا لِأُمَّةِ الدَّعْوَةِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ [يُوسُف: 29] ، فَالطَّاعَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا هُنَا غَيْرُ الطَّاعَةِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا [النُّور: 54] إِلَخْ لِأَنَّ تِلْكَ دَعْوَةٌ لِلْمُعْرِضِينَ وَهَذِهِ ازْدِيَادٌ لِلْمُؤْمِنِينَ.
وَقَدْ جَمَعَتْ هَذِهِ الْآيَةُ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ فَأَهَمُّهَا بِالتَّصْرِيحِ وَسَائِرُهَا بِعُمُومِ حَذْفِ الْمُتَعَلِّقِ بِقَوْلِهِ: وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ أَيْ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُكُمْ وَيَنْهَاكُمْ.
وَرُتِّبَ عَلَى ذَلِكَ رَجَاءُ حُصُولِ الرَّحْمَةِ لَهُمْ، أَيْ فِي الدُّنْيَا بِتَحْقِيقِ الْوَعْدِ الَّذِي مِنْ رَحْمَتِهِ الْأَمْنُ وَفِي الْآخِرَةِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى. وَالْكَلَامُ عَلَى (لَعَلَّ) تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فِي سُورَة الْبَقَرَة.




المصدر |https://vb.tafsir.net/tafsir55545/#.WoBhXGaB1js





رد مع اقتباس
قديم 11 Feb 2018, 07:13 PM   #2
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,859 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: تفسير لآية يحتاجها الآن الزمان والمكان..



جزاكِ الله خير


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
قديم 11 Feb 2018, 11:06 PM   #3
نور الشمس
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **


الصورة الرمزية نور الشمس
نور الشمس غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 13417
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 21 Aug 2023 (03:12 PM)
 المشاركات : 11,240 [ + ]
 التقييم :  35
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 مزاجي
لوني المفضل : Olivedrab
رد: تفسير لآية يحتاجها الآن الزمان والمكان..



جزاك الله خير ..


 
 توقيع : نور الشمس



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

‏🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون

‏ وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،،

‏فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨

‏فهذا هو الخير ،،،

‏ 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87

🦋🍃


رد مع اقتباس
قديم 14 Feb 2018, 12:30 PM   #4
سلطانه
وسام الشرف
SULTANA


الصورة الرمزية سلطانه
سلطانه غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 19311
 تاريخ التسجيل :  Jan 2018
 أخر زيارة : 06 Nov 2023 (09:05 PM)
 المشاركات : 1,395 [ + ]
 التقييم :  20
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : Black
رد: تفسير لآية يحتاجها الآن الزمان والمكان..



آجمعين إن شاء الله .
شكراً للمرور .


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 08:57 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي