الرسل والأنبياء في القرآن والسنة ـ دراسات وأبحاث . الإدارة العلمية والبحوث The prophets and apostle عليهم صلوات ربى وسلامه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
24 Mar 2013, 09:24 PM | #21 |
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا
|
رد: كتاب النبوات
وأما اذا كانت مما تقدر عليه الملائكة فهذا مما يؤيدها فإن الملائكة لا يطيعون من يكذب على الله ولا يؤيدونه بالخوارق فاذا أيد به كما أيد الله به نبيه والمؤمنين يوم بدر ويوم حنين كان هذا من أعلام صدقه وإنه صادق على الله في دعوى النبوة فإنها لا تؤيد الكذاب لكن الشياطين تؤيد الكذب والملائكة تؤيد الصدق والتأييد بحسب الايمان فمن كان إيمانه أقوى من غيره كان جنده من الملائكة أقوى وان كان ايمانه ضعيفا كانت ملائكته بحسب ذلك كملك الانسان وشيطانه فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ما منكم من أحد إلا وكل به قرينه من الملائكة وقرينه من الجن قالوا وبك يا رسول الله قال وبي لكن الله أعانني عليه فأسلم وفي حديث آخر فلا يأمرني إلا بخير وهو في صحيح مسلم من وجهين من حديث ابن مسعود ومن حديث عائشة وقال ابن مسعود ان للقلب لمة من الملك ولمة من الشيطان فلمة الملك إيعاد الخير وتصديق بالحق ولمة الشيطان ايعاد بالشر وتكذيب بالحق فاذا كانت حسنات الانسان أقوى أيد بالملائكة تأييدا يقهر به الشيطان وإن كانت سيئاته اقوى كان جند الشيطان معه أقوى وقد يلتقي شيطان المؤمن بشيطان الكافر فشيطان المؤمن مهزول ضعيف وشيطان الكافر سمين قوي فكما أن الانسان بفجوره يؤيد شيطانه على ملكه وبصلاحه يؤيد ملكه على شيطانه فكذلك الشخصان يغلب أحدهما الآخر لأن الآخر لم يؤيد ملكه فلم يؤيده أو ضعف عنه لأنه ليس معه إيمان يعينه كالرجل الصالح اذا كان ابنه فاجرا لم يمكنه الدفع عنه لفجوره وبسط هذه الامور له موضع آخر والمقصود هنا الكلام على الفرق بين آيات الانبياء وغيرهم وأن من قال أن آيات الانبياء والسحر والكهانة والكرامات وغير ذلك من جنس واحد فقد غلط ايضا والطائفتان لم يعرفوا قدر آيات الانبياء بل جعلوها من هذا الجنس فهؤلاء نفوه وهؤلاء أثبتوه وذكروا فرقا لا حقيقة له واذا قال القائل آيات الانبياء لا يقدر عليها إلا الله أو أن الله يخترعها ويبتدئها بقدرته أو أنها من فعل الفاعل المختار ونحو ذلك قيل له هذا كلام مجمل فقد يقال عن كل ما يكون انه لا يقدر عليه إلا الله فإن الله خالق كل شيء وغيره لا يستقل باحداث شيء وعلى هذا فلا فرق بين المعجزات وغيرها وقد يقال لا يقدر عليها إلا الله أي هي خارجة عن مقدورات العباد فإن مقدوراته على قسمين منها ما يفعله بواسطة قدرة العبد كأفعال العباد وما يصنعونه ومنها ما يفعله بدون ذلك كإنزال المطر فإن أراد هذا القائل أنها خارجة عن مقدور الإنس بمعنى أنه لا يقع منهم لا بإعانة الجن ولا بغير ذلك فهذا كلام صحيح وإن أراد أنه خارج عن مقدورهم فقط وإن كان مقدورا للجن فهذا ليس بصحيح فإن الرسل أرسلوا إلى الانس والجن والسحر والكهانة وغير ذلك تقدر الجن على إيصالها إلى الانس وهي مناقضة لآيات الانبياء كما قال تعالى : هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم وإن أراد أنها خارجة عن مقدور الملائكة والإنس والجن أو أن الله يفعلها بلا سبب فهذا أيضا باطل فمن أين له أن الله يخلقها بلا سبب ومن أين له أنه لا يخلقها بواسطة الملائكة الذين هم رسله في عامة ما يخلقه فمن أين له أن جبريل لم ينفخ في مريم حتى حملت بالمسيح وقد أخبر الله بذلك وهو وأمه مما جعلهما آية للعالمين قال تعالى : وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما الى ربوة ذات قرر ومعين وخلق المسيح بلا أب من أعظم الآيات وكان بواسطة نفخ جبريل قال تعالى : فأرسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت انى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا وقال تعالى : ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وكذلك طمس أبصار قوم لوط كان بواسطة الملائكة والذي عنده علم من الكتاب لما قال عفريت من الجن لسليمان أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك واني عليه لقوي أمين قال الذي عنده علم من الكتاب انا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك أتته به الملائكة كذلك ذكره المفسرون عن ابن عباس وغيره أن الملائكة أتته به أسرع مما كان يأتي به العفريت وقد أخبر الله تعالى : أنه أيد محمدا صلى الله عليه و سلم بالملائكة وبالريح وقال تعالى : فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا وقال تعالى : يوم حنين فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وقال تعالى : يوم الغار فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وقال تعالى : اذ يوحي ربك الى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب وقد ثبت في الصحيح أن الانسان يصوره ملك في الرحم بإذن الله ويقول الملك أي رب نطفة أي رب علقة أي رب مضغة فاذا كان الخلق المعتاد يكون بتوسط الملائكة فإنه يقرر التوحيد بقوله تعالى : يا أيها الناس اعبدوا ربكم الآيات ثم النبوة بقوله وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا ثم المعاد وكذلك الانعام يقرر التوحيد ثم النبوة في وسطها ثم يختمها بأصول الشرائع والتوحيد أيضا وهو ملة ابراهيم وهذا مبسوط في غير هذا الموضع والمقصود أنه قد يبين انفراده بالخلق والنفع والضر والاتيان بالآيات وغير ذلك وإن ذلك لا يقدر عليه غيره قال تعالى : أفمن يخلق كمن لا يخلق وقال تعالى : وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى : عما يصفون بديع السماوات والارض انى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليك ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدون وهو على كل شيء وكيل لا تدركه الابصار وهو اللطيف الخبير قد جاءكم بصائر من ربكم فمن ابصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ وكذلك نفصل الايات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم ألى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ففي هذه الآيات تقرير التوحيد حتى في إنزال الآيات قال إنما الآيات عند الله وكذلك قوله في العنكبوت وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما انا نذير مبين أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السموات والارض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون وقال أيضا وقالوا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون هذا بعد قوله فان استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين وهو أرسله بآيات بان بها الحق وقامت بها الحجة وكانوا يطلبون آيات تعنتا فيظن من يظن أنهم يهتدون بها لكن لا يحصل بها المقصود وقد تكون موجبة لعذاب الاستئصال فتكون ضررا بلا نفع وبين سبحانه أنه قادر على انزال الآيات وأنها ليست إلا عنده وغير أفعال العباد قد اتفق الناس على أنه لا يخلقه الا الله وإنما تنازعوا في أفعال العباد والصواب انها أفعال لهم وهي مخلوقة لله لكن آيات الانبياء لا تكون مما يقدر عليه العبد كما قال قل إنما الآيات عند الله والملائكة إنما هي سبب من الأسباب كما في خلق المسيح من غير أب فجبريل إنما كان مقدوره النفخ فيها وهذا لا يوجب الخلق بل هو بمنزلة الانزال في حق غير المسيح وكذلك المسيح لما خلق من الطين كهيئة الطير إنما مقدوره تصوير الطين وإنما حصول الحياة فيه فباذن الله يحيي ويميت وهذا من خصائصه ولهذا قال الخليل ربي الذي يحيي ويميت وفي القرآن في غير مواضع يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وكنتم أمواتا فأحياكم يحيي الارض بعد موتها والله يحيي ويميت .
من كتاب النبوات لشيخ الإسلام ابن تيمية . يتبع..
|
|
24 Mar 2013, 09:26 PM | #22 |
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا
|
رد: كتاب النبوات
وما يتولد عن أفعال الملائكة وغيرهم ليسوا مستقلين به بل لهم فيه شركة كطمس ابصار اللوطية وقلب مدينتهم وكذلك النصر إنما يقدرون على القتال كالانس والنصر هو من عند الله كما قال تعالى : وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله والقرآن إنما يقدرون على النزول به لا على إحداثه ابتداء فهم يقدرون على الاتيان بمثله من عند الله وأما الجن والانس فلا يقدرون على الاتيان بمثله لأن الله لا يكلم بمثله الجن والانس ابتداء ولهذا قال لا يأتون بمثله وقال تعالى : فأتوا بسورة من مثله وقال فأتوا بعشر سور مثله وقال فليأتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين لم يكلفهم نفس الإحداث بل طالبهم بالاتيان بمثله إما إحداثا وإما تبليغا عن الله أو عن مخلوق ليظهر عجزهم من جميع الجهات فقد يقال فنفس أفعال العباد ليست من الآيات إذ كانت مقدورة ومفعولة للعبد وإن كان ذلك بأقدار الله تعالى : ولا نفس القدرة على ذلك الفعل فإن المقصود من القدرة هو الفعل بل الآيات خارجة عن مقدور جميع العباد الملائكة والجن والانس وهي أيضا لا تنال بالاكتساب فإن الإنس والجن قد يقدرون بأسباب مباينة لهم على أمور كما يقدرون على قتل من يقتلونه وإمراضه ونحو ذلك وآيات الانبياء لا يقدر أحد أن يتوصل اليها بسبب والسحر والكهانة مما يمكن التوصل اليه بسبب كالذي يأتي بأقوال وأفعال تحدثه بها الجن فالنبوة لا تنال بكسب العبيد ولا آياتها تحصل بكسب العباد وهذا من الفروق بين آيات الانبياء وبين السحر والكهانة وبينهما فروق كثرة أكثر من عشرة أحدها أن ما تخبر به الانبياء لا يكون الا صدقا وأما ما يخبرهم به من خالفهم من السحرة والكهان وعباد المشركين وأهل الكتاب وأهل البدع والفجور من المسلمين فإنه لا بد فيه من الكذب . من كتاب النبوات لشيخ الإسلام ابن تيمية . يتبع.. |
|
24 Mar 2013, 09:28 PM | #23 |
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا
|
رد: كتاب النبوات
الثاني أن الانبياء لا تأمر الا بالعدل ولا تفعل الا العدل وهؤلاء المخالفون لهم لا بد لهم من الظلم فإن من خالف العدل لا يكون الا ظلما فيدخلون في العدوان على الخلق وفعل الفواحش والشرك والقول على الله بلا علم وهي المحرمات التي حرمها الله مطلقا كما قال تعالى : قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون الثالث أن ما يأتي به من يخالفهم معتاد لغير الانبياء كما هو معتاد للسحرة والكهان وعباد المشركين وأهل الكتاب وأهل البدع والفجور وآيات الانبياء هي معتادة أنها تدل على خبر الله وأمره على حكمه فتدل على أنهم أنبياء وعلى صدق من أخبر بنبوتهم سواء كانوا هم المخبرين أو غيرهم وكرامات الاولياء هي من هذا فإنهم يخبرون بنبوة الانبياء وكذلك أشراط الساعة هي أيضا تدل على صدق الانبياء اذ كانوا قد أخبروا بها فالذي جعله أولئك من كرامات الاولياء وأشراط الساعة ناقضا لآيات الانبياء اذ هو من جنسها ولا يدل عليها فأولئك كذبوا بالموجود وهؤلاء سووا بين الآيات وغيرها فلم تكن في الحقيقة عندهم آية وكانت الآيات عند أولئك منتقضة وأولئك نصروا جهلهم بالتكذيب بالحق وهؤلاء نصروا جهلهم أيضا بقول الباطل فقالوا ان الآية هي المقرونة بالدعوى التي لا تعارض وزعموا أنه لا يمكن معارضة السحر والكهانة اذا جعل آية وأنه اذا لم يعارض كان آية وهو تكذيب بالحق أيضا فإنه قد ادعاه غير نبي ولم يعارض فالطائفتان أدخلت في الآيات ما ليس منها وأخرجت منها ما هو منها فكرامات الاولياء واشراط الساعة من آيات الانبياء وأخرجوها والسحر والكهانة ليس من آياتهم وأدخلوها أو سووا بينها وبين الآيات بل ونوابها .
من كتاب النبوات لشيخ الإسلام ابن تيمية . يتبع.. |
|
24 Mar 2013, 09:32 PM | #24 |
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا
|
رد: كتاب النبوات
الرابع أن آيات الانبياء والنبوة لو قدر أنها تنال بالاكتساب فهي انما تنال بعبادة الله وطاعته فإنه لا يقول عاقل ان أحدا يصير نبيا بالكذب والظلم بل بالصدق والعدل سواء قال ان النبوة جزاء على العمل أو قال انه اذا زكى نفسه فاض عليه ما يفيض على الانبياء فعلى القولين هي مستلزمة لالتزام الصدق والعدل وحينئذ فيمتنع أن صاحبها يكذب على الله فإن ذلك يفسدها بخلاف من خالف الانبياء من السحرة والكهان وعباد المشركين وأهل البدع والفجور من أهل الملل واهل الكتاب والمسلمين فإن هؤلاء تحصل لهم الخوارق مع الكذب والإثم بل خوارقهم مع ذلك أشد لأنهم يخالفون الانبياء وما ناقض الصدق والعدل لم يكن إلا كذبا وظلما فكل من خالف طريق الانبياء لا بد له من الكذب والظلم اما عمدا واما جهلا وقوله تعالى : تنزل على كل أفاك أثيم ليس من شرطه أن يتعمد الكذب بل من كان جاهلا يتكلم بلا علم فيكذب فان الشياطين تنزل عليه أيضا اذ من أخبر عن الشيء بخلاف ما هو عليه من غير اجتهاد يعذر به فهو كذاب ولهذا يصف الله المشركين بالكذب وكثير منهم لا يتعمد ذلك وكذلك قال النبي صلى الله عليه و سلم لما أفتى ابو السنابل بأن المتوفي عنها الحامل لا تحل بوضع الحمل بل تعتد أبعد الاجلين فقال كذب أبو السنابل أي في قوله بأن المتوفي عنها الحامل لا تحل بوضع الحمل بل تعتد أبعد الاجلين وكذلك لما قال بعضهم ابن الاكوع حبط عمله قال النبي صلى الله عليه و سلم كذب من قالها انه لجاهد مجاهد ونظائره كثيرة فالانبياء لا يقع في إخبارهم عن الله كذب لا عمدا ولا خطأ وكل من خالفهم لا بد أن يقع في خبره عن الله كذب ضرورة فإن خبره اذا لم يكن مطابقا لخبرهم كان مخالفا له فيكون كذبا فالذي تنزل عليه الشياطين اذا ظن واعتقد انهم جاءوا من عند الله وأخبر بذلك كان كاذبا وكذلك اذا قال عما أوحوه اليه إن الله أوحاه اليه كان كاذبا قال تعالى : ان الشياطين ليوحون الى أوليائهم ليجادلوكم ولما شاع خبر المختار بن أبي عبيد وهو أول من ظهر في الاسلام بالكذب في هذا وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال يكون في ثقيف كذاب ومبير فكان الكذاب هو المختار بن أبي عبيد وكان يتشيع لعلي ولهذا يوجد الكذب في الشيعة اكثر مما يوجد في جميع الطوائف والمبير هو الحجاج بن يوسف وكان ظالما معتديا وكان يتشيع لعثمان والمختار يتشيع لعلي فذكر لابن عمر وابن عباس امر المختار وقيل لأحدهما إنه يزعم أنه يوحى اليه فقال صدق ان الشياطين ليوحون الى أوليائهم وقيل للآخر إنه يزعم أنه ينزل عليه فقال صدق هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم من كتاب النبوات لشيخ الإسلام ابن تيمية . يتبع.. |
|
24 Mar 2013, 09:34 PM | #25 |
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا
|
رد: كتاب النبوات
الخامس أن ما يأتي به السحرة والكهان والمشركون وأهل البدع من أهل الملل لا يخرج عن كونه مقدورا للانس والجن وآيات الانبياء لا يقدر على مثلها لا الانس ولا الجن كما قال تعالى : قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .
السادس أن ما يأتي به السحرة والكهان وكل مخالف للرسل تمكن معارضته بمثله وأقوى منه كما هو الواقع لمن عرف هذا الباب وآيات الانبياء لا يمكن أحدا أن يعارضها لا بمثلها ولا بأقوى منها وكذلك كرامات الصالحين لا تعارض لا بمثلها ولا بأقوى منها بل قد يكون بعض آيات أكبر من بعض وكذلك آيات الصالحين لكنها متصادقة متعاونة على مطلوب واحد وهو عبادة الله وتصديق رسله فهي آيات ودلائل وبراهين متعاضدة على مطلوب واحد والادلة بعضها أدل وأقوى من بعض ولهذا كان المشايخ الذين يتحاسدون ويتعادون ويقهر بعضهم بعضا بخوارقه إما بقتل وإمراض وإما بسلب حاله وعزله عن مرتبته وإما غير ذلك خوارقهم شيطانية ليست من آيات الانبياء والاولياء وكثير من هؤلاء يكون في الباطن كافرا منافقا وكثير منهم يموت على غير الاسلام وكثير منهم يكون مسلما مع ظلم يعرف انه ظلم ومنهم من يكون جاهلا يحسب أن ما هو عليه مما أمر الله به ورسوله هذا كما يقع للملوك المتنازعين على الملك من قهر بعضهم لبعض فهذا خارج عن سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم وسنة خلفائه الراشدين . السابع أن آيات الانبياء هي الخارقة للعادات عادات الانس والجن بخلاف خوارق مخالفيهم فإن كل ضرب منها معتاد لطائفة غير الانبياء وآيات الانبياء ليست معتادة لغير الذين يصدقون على الله ويصدقون من صدق على الله وهم الذين جاءوا بالصدق وصدقوا وتلك معتادة لمن يفتري الكذب على الله أو يكذب بالحق لما جاءه فتلك آيات على كذب أصحابها وآيات الانبياء آيات على صدق أصحابها فإن الله سبحانه لا يخلى الصادق مما يدل على صدقه ولا يخلي الكاذب مما يدل على كذبه إذ من نعته ما أخبر به في قوله أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ثم قال خبرا مبتديا ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته فهو سبحانه لا بد أن يمحق الباطل ويحق الحق بكلماته وقال تعالى : وما خلقنا السماء والارض وما بينهما لاعبين لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون كما أخبر في موضع أنه لم يخلق الخلق عبثا ولا سدى وإنما خلقهم بالحق وللحق فلا بد أن يجزي هؤلاء وهؤلاء باظهار صدق هؤلاء وإظهار كذب هؤلاء كما قال تعالى : : بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق . الثامن ان هذه لا يقدر عليها مخلوق فلا تكون مقدورة للملائكة ولا للجن ولا للانس وإن كانت الملائكة قد يكون لهم فيها سبب بخلاف تلك فإنها إما مقدورة للانس أو للجن أو مما يمكنهم التوصل اليها بسبب وأما كرامات الصالحين فهي من آيات الانبياء كما تقدم ولكن ليست من آياتهم الكبرى ولا يتوقف اثبات النبوة عليها وليست خارقة لعادة الصالحين بل هي معتادة في الصالحين من أهل الملل في أهل الكتاب والمسلمين وآيات الانبياء التي يختصون بها خارقة لعادة الصالحين. التاسع أن خوارق غير الانبياء والصالحين من السحرة والكهان أهل الشرك والبدع تنال بأفعالهم كعباداتهم ودعائهم وشركهم وفجورهم ونحو ذلك وأما آيات الانبياء فلا تحصل بشيء من ذلك بل الله يفعلها آية وعلامة لهم وقد يكرمهم بمثل كرامات الصالحين وأعظم من ذلك مما يقصد به إكرامهم لكن هذا النوع يقصد به الاكرام والدلالة بخلاف الآيات المجردة كانشقاق القمر وقلب العصا حية وإخراج يده بيضاء والإتيان بالقرآن والإخبار بالغيب الذي يختص الله به فأمر الآيات الى الله لا إلى اختيار المخلوق والله يأتي بها بحسب علمه وحكمته وعدله ومشيئته ورحمته كما ينزل ما ينزله من آيات القرآن وكما يخلق من يشاء من المخلوقات بخلاف ما حصل باختيار العبد إما لكونه يفعل ما يوجبه أو يدعو الله به فيجيبه فالخوارق التي ليست آيات تارة تكون بدعاء العبد والله تعالى : يجيب دعوة المضطر وان كان كافرا لكن للمؤمنين من إجابة الدعاء ما ليس لغيرهم وتارة تكون بسعيه في أسبابها مثل توجهه بنفسه وأعوانه وبمن يطيعه من الجن والانس في حصولها وأما آيات الانبياء فلا تحصل بشيء من ذلك . من كتاب النبوات لشيخ الإسلام ابن تيمية . يتبع.. |
|
24 Mar 2013, 09:36 PM | #26 |
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا
|
رد: كتاب النبوات
العاشر أن النبي قد خلت من قبله أنبياء يعتبر بهم فلا يأمر إلا بما أمرت به الانبياء من عبادة الله وحده والعمل بطاعته والتصديق باليوم الآخر والايمان بجميع الكتب والرسل فلا يمكن خروجه عما اتفقت عليه الانبياء وأما السحرة والكهان والمشركون وأهل البدع من أهل الملل فإنهم يخرجون عما اتفقت عليه الانبياء فكلهم يشركون مع تنوعهم ويكذبون ببعض ما جاء به الانبياء والانبياء كلهم منزهون عن الشرك وعن التكذيب بشيء من الحق الذي بعث الله به نبيا قال تعالى : واسأل من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقال تعالى : وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي اليه أن لا إله إلا انا فاعبدون وقال تعالى : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة وقال تعالى : آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقال تعالى : قولوا آمنا بالله وما أنزل الينا وما أنزل الى ابراهيم واسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فان آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تلوا فإنما هم في شقاق وقال تعالى : ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وقال تعالى : ان الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وقال تعالى : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم واخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين وقال شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم اليه الله يجتبي اليه من يشاء ويهدي اليه من ينيب وقال تعالى : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ثم قال فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون وقال تعالى : لما ذكر الانبياء ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وتقطعوا أمرهم بينهم كل الينا راجعون فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون قال تعالى : وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون فالانبياء يصدق متأخرهم متقدمهم ويبشر متقدمهم بمتأخرهم كما بشر المسيح ومن قبله بمحمد وكما صدق محمد جميع النبيين قبله ولهذا يقول يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزل مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وقال نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد وقال وأنزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه والانبياء وأتباعهم كلهم مؤمنون مسلمون يعبدون الله وحده بما أمر ويصدقون بجميع ما جاءت به الانبياء ومن خالفهم لا يكون الا مشركا ومكذبا ببعض ما أنزل الله وبين الطائفتين فروق كثيرة غير خوارق العادات. من كتاب النبوات لشيخ الإسلام ابن تيمية . يتبع.. |
|
24 Mar 2013, 09:38 PM | #27 |
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا
|
رد: كتاب النبوات
الحادي عشر أن النبي هو وسائر المؤمنين لا يخبرون إلا بحق ولا يأمرون الا بعدل فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويأمرون بمصالح العباد في المعاش والمعاد لا يأمرون بالفواحش ولا الظلم ولا الشرك ولا القول بغير علم فهم بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها لا بتبديلها وتغييرها فلا يأمرون إلا بما يوافق المعروف في العقول الذي تتلقاه القلوب السليمة بالقبول فكما أنهم هم لا يختلفون فلا يناقض بعضهم بعضا بل دينهم وملتهم واحد وإن تنوعت الشرائع فهم أيضا موافقون لموجب الفطرة التي فطر الله عليها عباده موافقون للادلة العقلية لا يناقضونها قط بل الادلة العقلية الصحيحة كلها توافق الانبياء لا تخالفهم وآيات الله السمعية والعقلية العيانية والسماعية كلها متوافقة متصادقة متعاضدة لا يناقض بعضا بعضا كما قد بسط هذا في غير هذا الموضع والذين يخالفون الانبياء من أهل الكفر وأهل البدع كالسحرة والكهان وسائر أنواع الكفار وكالمبتدعين من أهل الملل أهل العلم وأهل العبادة فهؤلاء مخالفون للادلة السمعية والعقلية للسماعية والعيانية مخالفون لصريح المعقول وصحيح المنقول كما أخبر الله عنهم بقوله كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير الآية فهؤلاء يخالفون أقوال الانبياء إما بالتكذيب وإما بالتحريف من التأويل وإما بالاعراض عنها وكتمانها فأما أن لا يذكروها أو يذكروا ألفاظها ويقولون ليس لها معنى يعرفه مخلوق كما أخبر الله عن أهل الكتاب أن منهم من يكذب في اللفظ ومنهم من يحرف الكلم في المعنى ومنهم جهال لا يفقهون ما يقرأون قال تعالى : أفتطمعون أن يؤمنوا لكم الى قوله فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون وكذلك هم مخالفون للادلة العقلية فالانبياء كملوا الفطرة وبصروا الخلق كما تقدم في صفة محمد صلى الله عليه و سلم ان الله يفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا ومخالفوهم يفسدون الحس والعقل كما أفسدوا الأدلة السمعية والحس والعقل بهما تعرف الأدلة والطرق ثلاثة الحس والعقل والخبر فمخالفوا الانبياء أفسدوا هذا وهذا وهذا أما إفسادهم لما جاء عن الانبياء فظاهر وأما إفسادهم للحس والعقل فإنهم قسمان قسم أصحاب خوارق حسية كالسحرة والكهان وضلال العباد وقسم أصحاب كلام واستدلال بالقياس والمعقول وكل منهما يفسد الحس والعقل . من كتاب النبوات لشيخ الإسلام ابن تيمية . يتبع.. |
|
24 Mar 2013, 09:39 PM | #28 |
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا
|
رد: كتاب النبوات
أما أصحاب الحال الشيطاني فقد عرف أن السحر يغير الحس والعقل حتى يخيل الى الانسان الشيء بخلاف ما هو وكذلك سائر الخوارق الشيطانية لا تأتي إلا مع نوع فساد في الحس أو العقل كالمولهين الذين لا تأتيهم إلا مع زوال عقولهم وآخرين لا تأتيهم إلا في الظلام وآخرين تتمثل لهم الجن في صورة الانس فيظنون أنهم إنس أو يرونهم مثال الشيء فيظنون أن الذي رأوه هو الشيء نفسه أو يسمعونهم صوتا يشبه صوت من يعرفونه فيظنون أنه صوت ذلك المعروف عندهم وهذا كثير موجود في أهل العبادات البدعية التي فيها نوع من الشرك ومخالفة للشريعة وأما أصحاب الكلام والمقال البهتاني فإنهم بنوا أصولهم العقلية واصول دينهم الذي ابتدعوه على مخالفة الحس والعقل فأهل الكلام أصل كلامهم في الجواهر والأعراض مبني على مخالفة الحس والعقل فانهم يقولون إنا لا نشهد بل ولا نعلم في زماننا حدوث شيء من الأعيان القائمة بنفسها بل كل ما نشهد حدوثه بل كل ما حدث من قبل أن يخلق آدم إنما تحدث أعراض في الجواهر التي هي باقية لا تستحيل قط بل تجتمع وتتفرق والخلق عندهم الموجود في زماننا انما هو جمع وتفريق لا ابتداع عين وجوهر قائم بنفسه ولا خلق لشيء قائم بنفسه لا انسان ولا غيره وإنما يخلق أعراضا ويقولون ان كا ما تشاهده من الأعيان فإنها مركبة من جواهر كل جوهر منها لا يتميز يمينه عن شماله وهذا مخالفة للحس والعقل كالاول ويقول كثير منهم إن الاعراض لا تبقى زمانين ويقولون انه لا يفنى ويعدم في زماننا شيء من الأعيان بل كما لا يحدث شيء من الأعيان لا يفنى شيء من الأعيان فهذا أصل علمهم ودينهم ومعقولهم الذي بنوا عليه حدوث العالم واثبات الصانع وهو مخالف للحس والعقل ويقول الذين يثبتون الجوهر الفرد ان الفلك والرحى وغيرهما يتفكك كلما استدار ويقول كثير منهم إن كل شيء فإنه يمكن رؤيته وسمعه ولمسه الى غير ذلك من الامور التي جعلوها أصول علمهم ودينهم وهي مكابرة الحس والعقل والمتفلسفة أضل من هؤلاء فانهم يجعلون ما في الذهن ثابتا في الخارج فيدعون أن ما يتصوره العقل من المعاني الغائبة الكلية موجودة في الجواهر قائمة بأنفسها إما مجردة عن الاعيان وإما مقترنة بها وكذلك العدد والمقدار والخلاء والدهر والمادة يدعون وجود ذلك في الخارج وكذلك ما يثبتونه من العقول.
والعلة الاولى الذي يسميه متأخروهم واجب الوجود وعامة ما يثبتونه من العقليات إنما يوجد في الذهن فالذي لا ريب في وجوده نفس الانسان وما يقوم بها ثم ظنوا ما يقوم بها من العقليات موجودا في الخارج فكان افسادهم للعقل أعظم كما أن افساد المتكلمين للحس أعظم مع أن هؤلاء المتفلسفة عمدتهم هي العلوم العقلية والعقليات عندهم أصح من الحسيات وأولئك المتكلمون أصول علمهم هي الحسيات ثم يستدلون بها على العقليات وبسط هذه الامور له موضع آخر والمقصود هنا التنبيه على أن من خالف الانبياء فإنه كما أنه مكذب لما جاءوا به من النبوة والسمع فهو مخالف للحس والعقل فقد فسد عليه الأدلة العقلية والنقلية والله سبحانه وتعالى أعلم لا تنسونا من صالح دعائكم |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|