اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ۝1 ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ ۝2 ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ۝3 مَـٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ ۝4 إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ۝5 ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ۝6 صِرَ ٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّينَ ۝7﴾ [الفاتحة: 1-7] * سورة الفاتحة مكية

سُمِّيت سورةَ الفاتحة لافتتاح كتاب الله بها، وتسمَّى أم القرآن لاشتمالها على موضوعاته، من توحيد لله، وعبادة، وغير ذلك، وهي أعظم سورة في القرآن، وهي السَّبعُ المثاني.


           :: خطوات علاج سحر تعطيل الزواج بالتفصيل !! (آخر رد :ابن الورد)       :: القـــــــــرين . (آخر رد :ابن الورد)       :: هل السحر يقطع الرزق بأنواعه ؟ وكيف اعرف ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: تأثير السحر علي الأبناء وازاي نحمي أولادنا من السحر و الحسد ؟! (آخر رد :ابن الورد)       :: إزاي تعرف أنك محسود أو مسحور أو معيون ؟! (آخر رد :ابن الورد)       :: حل النحس و قلة الحظ وعدم التوفيق.... لو حاسس انك منحوس الفيديو ده ليك 👇🏻. (آخر رد :ابن الورد)       :: ازاي تعرف إن معمولك سحر ومين اللي عمله.... آيات كشف السحر لأول مرة !! (آخر رد :ابن الورد)       :: 1:13 / 8:21 علاقة السحر بالزواج ؟ سحر تعطيل الزواج و علاجه ! (آخر رد :ابن الورد)       :: هل الجن يتلبس الإنسان ويتكلم علي لسانه فعلاً في الحقيقة ؟! (آخر رد :ابن الورد)       :: 1:37 / 8:02 حقيقة وجود القرين وخطورته علي الإنسان ؟! وماهو سحر القرين ! (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

الصوفيـــــــة ـ بيان وتحذير . Sufi statement warning فضح ضلال هذه الفرقة على مختلف طرقها وبيان علاقتهم بالسحر والشيطان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03 Apr 2010, 03:39 AM   #81
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# الوجه الخامس عشر أن يقال أنتم تقولون ليس علوه إلا علو القدرة فإذا قدر أنه جعل نفسه متيامنا عن العالم أو متياسرا بل جعل نفسه في غمام بل جعل نفسه تحت العرش ونحو ذلك مما فيه علو شيء فوقه مع كونه مقتدرا على ذلك وعلى كل شيء ومقتدرا على تغيير كل شيء وتحويله وجعل العالي سافلا وجعل السافل عاليا لم يخرج بذلك عما يستحقه من صفة العلو عندكم وخروجه عن العلو بالجهة لا ينافي الكمال عندكم فلا يكون في ذلك نقص بحال حتى يكون مستكملا وغير مستكمل ولو قيل إنه في الجهة أو قيل أنه واجب أن يكون في الجهة أو واجب أن يكون متحيزا فإن الذي يقول هذا قد لا يقول إن ذلك صفة كمال بل هو جائز عليه كما يجوز من أفعاله وكما تجوز رؤيته وذلك ليس بنقص # فأنتم موافقون على أن كونه غير عال بالجهة ليس بصفة نقص فالذي يقول إنه عال إذا قال لكم سواء في حقه علا على العالم أو لم يقل وسواء كان في الجهة أو لم يكن هو في الحالين غير موصوف بصفة نقص بل هو موصوف بالقدرة على هذا كله فإن هذا القائل أثبت له من صفة القدرة التي هي العلو عندكم أعظم مما أثبتوه ولم يثبت له نقصا بحال وإذا كان كذلك لم يجب أن يكون علوه بالجهة لا كمالا ولا نقصا إذا كانت قدرته كاملة على التقديرين وهو العلو عندكم وإذا كان كذلك لم يكن ما هو أعلى منه لو كان موجودا أكمل منه ولم يكن هو مستكملا بذلك الغير لأن ذلك فرع كون ذلك كمالا وهذا قد وافقتموه على أنه ليس بكمال وهو قد وافقكم على ما هو كمال وأثبته أكمل مما أثبتموه فلا يلزم من قال أنه على العرش أن يكون غيره أكمل منه ولا أنه مستكمل بغيره

# الوجه السادس عشر أن يقال هب أن العلو بالجهة كمال فأنتم تقولون إن العلو بالقدرة أكمل منه فإذا وافقكم موافق على هذا وقال علو القدرة أكمل من العلو بالجهة وكل شيء موجود سواء كان حيزا أو جهة أو شيئا غير ذلك فإن الله قادر عليه مدبر له قاهر له فإذا قدر أنه تيامن أو تياسر أو نزل حتى يجعل شيئا أعلى منه بالجهة فهو أعلى من ذلك الشيء بالقدرة والربوبية والتدبير وهو الذي جعله في تلك الجهة بمشيئته واختياره وذلك الشيء مفتقر إلى الله عز وجل والله غني عنه وإذا كان كذلك لم يلزم أن يكون أكمل من الله في العلو ولا أن يكون الرب مستكملا به وأن الرب خرج عن صفة العلو مع لزومها لذلك بل الرب موصوف بالعلو الحقيقي عندكم على ذلك والقهر له والتدبير وذلك موصوف بأنه تحت حكم الله وأمره فإذا شاء الرب أن يرفع جهته مع كونه مدبرا لم يلزم أن يكون هذا نقصا على الأصول التي سلمتموها كما يضربون به المثل فيقولون إن الملك هو أعلا من رعيته وإن كان مكان بعض رعيته فوق مكانه ولهذا يقال لمجلسه المجلس العالي والسامي وإن كان مجلس رعيته أعلا حيزا منه # فإذا كان الأمر كذلك فقولك لو كان علو الباري على العالم بالحيز والجهة لكان علو تلك الجهة أكمل من علو الباري أتريد به أن علوه ليس إلا بالجهة فقط ليس هو قادرا على العالم مدبرا له أم تريد أن علوه بالجهة مع ماله من العلو بالقدرة فإن أردت الأولى فهو أعظم الكفر وأبطل الباطل ولا يقوله مسلم ولا عاقل يقر بالصانع بل المؤمنون متفقون على أن الله قادر على العالم وليس العالم قادر عليه فإذا ضموا إلى ذلك أنه عال بالجهة والحيز وفرض أن من العالم ما علا عليه بعض الأعيان بالجهة فقط بل لو علا عليه دائما بالجهة فقط مع علو الرب عليه بالقدرة لكان علو الرب أكمل من علو ذلك فكيف

إذا كان الرب هو الذي دبره وهو الذي علا وبمشيئته وأمره يكون جميع شئوونه # الوجه السابع عشر قولك أن يكون للباري ناقصا بذاته مستكملا بغيره إنما يصح إذا كان الحيز والجهة غيرا له وذلك إنما يصح لو كان الحيز والجهة أمرا منفصلا عنه فأما إذا كان الحيز هو حده ونهايته فالجهة كونه بحيث يشار إليه لم يكن هناك غيرا له عند الصفاتية الذين يقولون ليست صفاته غيره ومن سمى هذا غيرا كان قوله مستكملا بغيره كقوله مستكملا بعلمه وقدرته وحياته وذلك مثل قوله مستكملا بنفسه وهذا ليس بممتنع بل هو واجب فالكلام في كماله كالكلام في وجوده # قد تقدم الكلام في قول القائل هو واجب بنفسه وما يدخل في ذلك من صفاته وأنه لا يكون موجودا إلا بما تستحقه ذاته من صفاته بل لا يكون موجود قط إلا كذلك ففرض عدم ذلك جحد لجميع الموجودات وتكلمنا على لفظ الغير والحيز والافتقار ونحو ذلك وكذلك القول في قول القائل هو مستكمل بغيره إذا فسر ذلك الغير بما هو من صفاته اللازمة لم يكن ذلك ضارا بل هذا أمر واجب فإن الكمال لا يكون إلا بأمور وجودية لا يكون بالأمور العدمية وهو سبحانه كامل بتلك الأمور الوجودية التي حقيقته وذاته عليها # الوجه الثامن عشر أن ذلك الغير الذي جعلته مستكملا به أهو غير غني عن الله أم غير مفتقر إلى الله إن قلت إنه غني عن الله فليس في الوجود شيء غني عن الله بل جميع الكائنات مفتقرة إليه وإن قلت بل هو المفتقر إلى الله كان معنى قولك أنه يكون مستكملا بما هو مفتقر إليه والأمر المفتقر إليه إما أن يكون من

لوازم ذاته وإما أن يكون كائنا بمشيئته واختياره فيعود الأمر إلى أنه مستكمل بذاته ومشيئته التي هي من لوازم ذاته فيكون ذلك الاستكمال بذاته كما تقدم وحينئذ فلا يصح قولك ناقص لذاته مستكمل بغيره لأن ذاته مستلزمة لذلك الكمال فلا يتصور نقصها # الوجه التاسع عشر أنك زعمت في نهايتك أن امتناع النقص على الله لم يعلم بالعقل وإنما ثبت امتناع النقص عليه إذا أثبته بالاجماع وقد تقدم بعض حكاية ألفاظه في ذلك وقال في مسألة السمع والبصر لما احتج أصحابه بأن ضد ذلك نقص فقال في الأسولة على الحجة ولئن سلمنا أن ضد السمع والبصر نقص فلم قلتم إن النقص على الله محال قال واعلم أن أجود ما قيل في بيان هذه المقدمة الاجماع وعلى هذا تصير الدلالة سمعية لأن الذي يدل على كون الاجماع حجة إما الآيات وإما الأخبار # وإذا كان الأمر كذلك كان المستمسك في الابتداء بالآيات الدالة على كونه سميعا بصيرا أولى من ذكر هذه الطريقة الطويلة والاجماع لم ينعقد على أمور معينة بل كل مسلم ينزه الله عما يعتقده نقصا # وإذا كان هذا فالجهة فيها نزاع عظيم بين الناس وأكثر المسلمين بل أكثر العالمين بل سلف الأمة وأئمتها يقولون بأن الله تعالى فوق العالم وعلى العرش فإن كان هذا نقصا لم يكن قد انعقد الاجماع على نفيه وأنت فقد زعمت أن العقل لا ينفى عنه النقص فلا يكون معك حجة على نفي هذا الذي سميته نقصا لا من عقل ولا من سمع ولا يصح قولك وذلك محال هذا لو كان هذا الذي سميته نقصا مستمرا فكيف إذا كان فيه استكمال بالغير فإنه من المعلوم أن الناقص المستكمل بغيره خير من الناقص الذي ليس مستكملا لا بنفسه ولا بغيره

# وبهذا الوجه وأمثاله يتبين أن هؤلاء الجهمية مع ما هم عليه من التعطيل الذي زخرفوه بشوب التنزيه فإنهم لا ينزهون الله تعالى عما يجب تنزيهه عنه من النقايص والعيوب بل يصفونه بالفقر والحاجة وبغير ذلك من الصفات كما بيناه في غير هذا الموضع ويعترف أئمة كلامهم أن العقل لا يقتضي تنزيه الله عن النقص وإنما يأخذون مقدمات سلمها لهم المسلمون فيحتجون بها على المسلمين في ابطال بعض دينهم وهذا شأن المنافقين الذين يجادلون بكتاب الله تعالى كما في الحديث موقوفا على عمر ومرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكما في حديث عبد الملك بن عمير عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني أخاف عليكم ثلاثا وهي كائنة زلة العالم وجدال منافق بالقرآن ودنيا تفتح عليكم ورواه ابن أبي حاتم والنجاد وغيرهما من حديث يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد ما أتخوف على أمتي ثلاث زلة عالم وجدال منافق بالقرآن ودنيا تقطع أعناقكم فاتهموها على أنفسكم وهذا مشهور من حديث كثير بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني أخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة قيل وما هي يا رسول الله قال زلة العالم وحكم جائر وهوى متبع وروي من حابر وحديث الأئمة المضلين نحفوظ وأصله في الصحيح فروى ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال أخوف ما أخالف على أمتي بعدي الأئمة المضلون ويروى من حديث أبي الدرداء وشداد بن أوس # وأما اللفظ الذي ذكرناه فهو محفوظ عن عمر بن الخطاب من حديث ابن المبارك ووكيع وغيرهما عن مالك بن مغول سمعت أبا حصين يذكر عن زياد

ابن حدير قال قال عمر بن الخطاب يهدم الاسلام زلة عالم وجدال منافق بالقرآن وأئمة مضلون وفي مسند الإمام أحمد ثنا يزيد بن هارون ثنا ديلم بن غزوان العبدي ثنا ميمون الكردي عن أبي عثمان النهدي قال إني جالس تحت منبر عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس فقال في خطبته سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة كل منافق عليم اللسان وفي رواية أخرى يتكلم بالحكمة ويعمل بالفجور ورواه من حديث مالك بن دينار عن ميمون ولفظه حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل منافق عليم ورووا عن عمر بن الخطاب أنه قال أخوف ما أخاف على هذه الأمة الذين يتأولون القرآن على غير تأويله # ومن المشهور عن عمر أنه قال إذا جادلكم أهل البدع بشبهات القرآن فخذوهم بالسنة فإن أهل السنة أعلم بكتاب الله تعالى منهم فإن المنافق لا يعتقد وجوب اتباع الكتاب والسنة واتباع الاجماع إذ ليس في باطن الأمر متدينا باتباع النص والاجماع بل يأخذ من النص ولاجماع ما يحتج به على المؤمنين في تنفيق نفاقه وترويج غشه وتلبيسه # وإذا كان كذلك فما يرفع الله به الدرجات كما رفع درجات ابراهيم ويوسف عليهم السلام أن يحتج عليهم بالحجج الدافعة لهم وأن يكادوا كيدا حسنا لدفع كيدهم وعدوانهم على الايمان وأهله فلا يمكنون من القدح في الايمان بما يسلمه لهم المؤمنون بل إذا عارضوا ما يقوله المؤمنون من الحق بحجج فسلم لهم المؤمنون بعض مقدماتها بين لهم أن تلك الحجج عليهم لا لهم أو أنها على فساد قولهم وفعلهم أدل منها على ما عارضوه من الحق # بل لو كان المتنازعان مبطلين كأهل الكتاب والمشركين إذا تجادلوا أو تقاتلوا كان المشروع نصر أهل الكتاب على المشركين بالقدر الذي يوافقهم

عليه المؤمنون إذا لم يكن في ذلك مفسدة تقاوم هذا المصلحة فإن ذلك من الحق الذي يفرح به المؤمنون كما قال تعالى ^ الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء ^ فإنها نزلت كما استفاض في التفسير والمغازي والحديث في اقتتال الروم النصارى والفرس المجوس وكانت المجوس قد غلبت النصارى على أرض الشام وغيرها فغلبت الروم وفرح بذلك مشركو قريش لأن المجوس إليهم أقرب من النصارى لأن كلاهما لا كتاب له واغتم لذلك المؤمنون لأن النصارى إليهم أقرب لأنهم أهل كتاب فذكر ذلك أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن الروم سوف تغلب فارس بعد ذلك في بضع سنين وناظرهم أبو بكر على هذا قبل تحريم ذلك وظهرت الروم على فارس بعد ذلك # فهؤلاء الجهمية قد سلم لهم المؤمنون أن الله غني عن كل ما سواه فإنه سبحانه مقدس عن كل نقص وأنه أحد لا مثل له والجهمية في الحقيقة لا يعتقدون فيه هذا المعنى ولا هذا التنزيه ولا هذه الوحدانية بل يثبتون له أمثالا ويصفونه بالحاجة وما يستلزم الحاجة ولا ينزهونه عن النقائص والعيوب وقد يصرحون بذلك تارة وتارة بأنه ليس على ذلك دليل عقلي فالاتحادية منهم كصاحب الفصوص وغيره يصرحون بأنه موصوف بكل ما يوصف به كل موجود من عيب ونقص وغير ذلك وهؤلاء المتكلمة منهم كالرازي يصرحون بأن العقل لا ينفي عنه النقائص وبذلك يظهر أن تسميته لما عطله من الصفات تقديسا كتسمية الملاحدة تعطيلهم تقديسا وقد علموا أن المسلمين يقولون إنه منزه عن النقص فأخذوا هذا اللفظ يجحدون به ما يستحق من صفات الحمد زاعمين أن ذلك نقص كما زعم أن علوه على العرش نقص

أو يستلزم النقص كما زعم أنه يستلزم الحاجة وأنه مستلزم لعدم الوحدانية # فتبين لهم صورة الحال وهو أن هذه الأمور التي يوافق المسلمون على نفيها وإن كنتم لا تقيمون على نفيها حجة عقلية هي على فساد قولكم أدل منها على فساد قول من نازعكم من أهل الاثبات وإن كان مخطئا في بعض ما يقوله إذا كان خطاه أقل من خطاكم وهو مع ضلاله عن بعض الهدى أقرب إليه منكم # وإذا كان الأمر كذلك فهؤلاء الذين يزعمون أنهم ينفون عن الله النقص بكونه على العرش قد بينا أنهم يصفونه بالنقص إما تصريحا وإما لزوما ويصرحون بأن العقل لا ينفي النقص عن الله كانوا لم ينفوا ذلك إلا بالإجماع فلم يجمع المسلمون على قولهم فلا يكون لهم حجة على نفي كونه على العرش لو كان فيه ما زعموه من النقص والاستكمال بالغير فكيف والنقص إنما هو لازم على قولهم كما قد بين ذلك غير مرة # وقيل لك ثانيا هب أن هذا متناقض لكن إذا كانوا قد جمعوا في قولهم من إثبات كونه على العرش وبين نفي كونه جسما فلما أن يكون إثبات هذا أو نفي هذا متناقضا أو لا يكون فإن لم يكن متناقضا صح قولهم وبطل قولك في نفي الجهة فإذا كان هذا متناقضا لم يكن الزامهم لوازم أحد النقيضين بأولى من الزامهم النقيض الآخر فإن حقيقة هذا عند من يقول إنهم تناقضوا أنهم قد قالوا هو فوق العرش ليس فوق العرش وهو جسم وهو ليس بجسم ومثل هذا إما أن يجعل لهم قولين فيكون لهم قول بأنه فوق العرش ولوازمه وهو أنه جسم وقول بأنه ليس بجسم ولوازمه وهو أنه ليس فوق العرش

أو يذكر قولهم المتناقض على جهته ولا يلزمون لوازم النفي دون لوازم الاثبات ولا لوازم الاثبات دون لوازم النفي بل يثبت اللازم كما أثبت الملزوم وإن قيل إن فيها تناقضا وإذا كان كذلك لم يجز أن يلزموا بأن يكون متحيزا أو غير متحيز فإن ذلك لا يلزمهم ما داموا جامعين بين النفي والاثبات وهذا بين # ولهذا لا يزال هؤلاء وأمثالهم يميلون إلى النفاة من وجه وإلى المثبتة من وجه # وقيل لك ثالثا هب أن هؤلاء متناقضين في إثبات موجود ليس بجسم فوق العالم فقولك بإثبات موجود لا داخل العالم ولا خارجه أعظم تناقضا فإن قولك موجود يقضي ثبوت أحد الأمرين فإذا نفيتهما فقد نفيت لازم الوجود المعلوم بالفطرة الضرورية لاسيما وقد علم بالضرورة الفطرية أن الله فوق العالم وأن ما يكون لا داخل ولا خارجه فإنه لا يكون إلا معدوما # وقالوا لك رابعا لا نسلم أن هذا تناقض بل قد علمناه بالضرورة الفطرية والضرورة الدينية والأدلة السميعة والعقلية أنه فوق العرش وعلمنا بما وافقتنا عليه من الأدلة العقلية وما تذكر في موافقتنا عليه من الأدلة الشرعية أنه ليس بجسم وموجب الأدلة الصحيحة لا تتناقض وإذا لم تتناقض فإذا قدرنا فوق العالم ما ليس بجسم لم يمكن أن يكون في حيز كما يكون الاجسام وحينئذ ما تذكره من اللوازم في هذه الحجة وفي نظائرها من الحجج مثل لزوم كونه منقسما أو جوهرا فردا وكونه في حيز أو أكثر من حيز ممنوعة



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 03 Apr 2010, 03:40 AM   #82
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue



فصل
# وقد ذكر في نهايته على نفي الجهة حجة أخرى فنذكرها وإن كان موادها داخلة فيما ذكرناه ليكمل ما ذكره في ذلك فقال المسألة الثانية في أنه ليس في الجهة قال وقبل الخوض في الاستدلال لابد من البحث عما لا يكون جسما هل يعقل حصوله في الجهة أم لا فإن لم يعقل حصوله كانت الدلالة على نفي الجسمية كافية في نفي الجهة قال وزعم من أثبت الجهة نفى الجسمية أنا نعلم بالضرورة اختصاص الأكوان بالجهة المخصوصة مثل الكون القائم بأعلى الجدار والكون القائم بأسفله ولا يضرنا في ذلك ما يقال الأكوان إنما تحصل في الجهات على طريق التبعية لمحلها لأنا نقول الحصول في الجهة أعم من الحصول في الجهة بالاستقلال أو التبعية وتسليم الخاص يتضمن تسليم العام فإذا سلمتم اختصاص الأكوان والجهات على سبيل التبعية فقد سلمتم اختصاص الأكوان بالجهات ومتى ثبت ذلك ثبت أنه لا يلزم من نفي كون الشيء جسما نفي اختصاصه بالجهة والحيز وإذا ثبت ذلك وجب علينا بعد الفراغ من نفي الجسمية عن الله إقامة الدليل على نفي حصوله في الجهة والحيز # يقال هذا الذي ذكره يمكن الجواب عنه بأن يقال لا يحصل في الجهة إلا الحيز أو ما قام به أو يقال لا يحصل في الجهة على سبيل الاستقلال إلا الجسم لا يحصل في الجهة على سبيل الاستقلال أو التبعية إلا الجسم أو ما قام به وأي هذه العبارات قيل لم يكن ما ذكره دليلا على إمكان أن يكون في الجهة قائم بنفسه غير الجسم # ونحن نذكر حجته قال فنقول الباري تعالى لو كان حصوله في جهة لكان إما أن يكون في أكثر من حيز واحد أو لا يكون إلا في حيز واحد

والأول باطل لأن الحاصل في أحد الحيزين إما أن يكون هو الحاصل في الحيز الثاني أو غيره والأول باطل وإلا لكان الشيء الواحد حاصلا دفعة واحدة في حيزين وهو محال ولو عقل ذلك فليعقل مثله في الجسم حتى يحصل الجسم الواحد دفعة واحدة في حيزين وأنه محال والثاني أيضا محال أما أولا فلأنه يلزم منه انقسام ذاته وهو محال على ما مر وأما ثانيا فلأن اختصاص كل جزء منه بحيزه إما أن يكون واجبا أو جائزا والقسمان باطلان على ما سيأتي # وأما إن قيل بأنه في حيز واحد فهو باطل لوجهين الأول بأنه يكون أقل القليل ويتعالى الله عنه والثاني فلأن حصوله في ذلك الحيز إما أن يكون واجبا أو غير واجب والأول باطل إذ لو صح حصوله في ذلك الحيز وامتنع حصوله في سائر الأحياز لكانت حقيقة ذلك الحيز مخالفة لحقيقة سائر الأحياز ولو كان كذلك لكانت الأحياز أمورا وجودية لأن العدم الصرف يستحيل أن يخالف بعضه بعضا ولو كانت الأحياز أمورا وجودية لكان إما يمكن الإشارة الحسية إليها أو لا يمكن فإن أمكن فذلك الشيء إما أن يكون منقسما فيكون الباري الحال فيه منقسما أولا يكون منقسما فيكون ذلك الشيء مختصا بجهة دون جهة فيكون للحيز حيز آخر ويلزم التسلسل وإن لم يمكن الإشارة الحسية إلى الحيز الذي حصل الباري تعالى فيه وجب استحالة الاشارة الحسية الى الباري تعالى لأنا نعلم بالضرورة أن مالا يمكن الإشارة الحسية إلى جهته استحالت الاشارة الحسية إليه فإذا لا يكون الباري في الجهة وهو المطلوب وأما إن لم يكن حصول الباري واجبا فاختصاصه بها لابد وأن يكون لفاعل مختار سواء إن كان بواسطة معنى أولا بواسطة معنى وكل ما كان فعلا لفاعل مختار فهو محدث فاختصاص الباري بالحيز محدث فهو إذا في الأزل ما كان حاصلا في الحيز والشيء الذي لا يكون كذلك استحال أن

يصير محتاجا إلى الحيز فثبت أن الباري يمتنع أن يكون في الأحياز والجهات # قال ويمكن أن يعتمد في هذه المسألة أيضا على أنه لو كان في الجهة لكان منقسما لأن الجانب الذي منه يلينا غير الجانب الذي لا يلينا وذلك يوجب انقسام ذاته لكنا بينا أن الانقسام عليه تعالى محال فحصوله في الجهة والحيز أيضا محال قال وهذا الكلام إنما يدفع القول بنفي الجزء الذي لا يتجزأ ولم يذكر في نهايته على نفي الجهة إلا هذا الكلام وقد تقدم ما ذكره على نفي الجسم # وهذه الحجة هي مثل الحجة الرابعة التي ذكرها في تاسيسه لكن فيها حشو وزيادة مستغنى عنها لا حاجة إليها وهؤلاء القوم من أعظم الناس إتيانا بحشو القول الكثير الذي نقل فائدته أو تعلم مضرته كما يروى فيهم عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه ذكر قال أنا ضمين وذمتي رهينة لا يهيج على التقوى زرع قوم ولا يظمأ على الهدى سبخ أصل وإن أبغض الناس إلى الله تعالى رجل قمش علما حتى إذا ارتوى من ماء آجن وامتلأ من غير طائل سماه أشباهه من الناس عالما فإن نزلت به احدى الشبهات هيأ له حشو الرأي من قيله فلا هو سكت عما لا يعلم فيسلم ولا تكلم بما يعلم فيغنم تصرخ منه الدماء وتبكي منه الفروج الحرام وهو من أحق الناس بهذا هؤلاء المتكلمون في أصول الدين بغير كتاب الله وسنة رسوله ويوقعون بين الأمة العداوة والبغضاء بما لا أصل له حتى قد يكفروا من خالفهم ويبيحوا قتلهم وقتالهم كما يفعل أهل الأهواء من الخوارج والرافضة والجهمية والمعتزلة كما فعله هذا المؤسس في كتابه هذا وأمثاله حيث كفر الذين خالفوه وهم أحق بالإيمان بالله ورسوله منه بدرجات لا تحصى ولا حول ولا قوة إلا بالله

# ولهذا كان التكفير لمن يخالفهم من أهل السنة والجماعة من شعار المارقين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما استفاض عنه من الأحاديث الصحيحة في صفة الخوارج يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية وفي رواية يقتلون أهل الإيمان ويدعون أهل الأوثان # وهؤلاء الذي يدعون الإيمان لأنفسهم دون أهل السنة والجماعة من المسلمين كالخوارج والروافض والجهمية والمعتزلة لهم نصيب من قوله تعالى ^ وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولاخوف عليهم ولا هم يحزنون ^ وبعضهم مع بعض كما قال الله تعالى ^ وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ^ فهم كما قال الامام أحمد مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب قد جمعوا وصفي الاختلاف الذي ذمه الله في كتابه فإنه ذم الذين خالفوا الأنبياء والذي اختلفوا على الأنبياء فآمن كل منهم ببعض وكفر ببعض قال في الأولين ^ ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ^ وقال في الثاني ^ ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد ^ وقال تعالى ^ ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ^ وقال ^ إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ^ وقال ^ ولا يزالون مختلفين

إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ^ # وهؤلاء الجهمية معروفون بمفارقة السنة والجماعة وتكفير من خالفهم واستحلال دمه كما نعت النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج لكن قولهم في الله أقبح من قول الخوارج وإن كان للخوارج من المباينة للجماعة والمقاتلة لهم ما ليس لهم مع أن أهل المقالات ذكروا أن قول الخوارج في الصفات هو قول الجهمية والمعتزلة هذا ذكره الأشعري وغيره من المعتزلة وهذا والله أعلم يكون قول من تأخر من الخوارج إلى أن حدث التجهم في أول المأة الثانية وأما الخوارج الذين كانوا في زمن الصحابة وكبار التابعين فأولئك لم يكن قد ظهر في زمنهم التجهم أصلا ولا عرف في الأمة إذ ذاك من كان ينكر الصفات أو ينكر أن يكون على العرش أو يقول أن القرآن مخلوق أو ينكر رؤية الله تعالى ونحو ذلك مما ابتدعته الجهمية من هذه الأمة # وقد تكلمنا على هذه الحجة في غير هذا الموضع بما فيه كفاية ونذكر ما يليق بهذا الموضع وذلك من وجوه # أحدها أن قوله لو كان حصوله في جهة لكان إما أن يكون في أكثر من حيز واحد أو لا يكون إلا في حيز واحد يقال له أما الذين يقولون إنه فوق العرش وليس بجسم وهم أئمة أصحابك والكلابية وطوايف كثيرة من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية وقد ذكر الأشعري أنه قول أهل السنة وأصحاب الحديث فيمنعون التلازم ويقولون لا نسلم أنه إذا كان في جهة بمعنى أنه نفسه فوق العرش لكان إما أن يكون في حيز واحد أو في أكثر من حيز فإن هذا التلازم إنما فيما إذا كان فوق العالم جسما أما إذا وافقتمونا على أنه ليس بجسم فإن التقدير يكون إذا كان فوق العالم ما ليس بجسم أو إذا كان في الجهة ما ليس بجسم فإنه إما أن يكون في حيز واحد أو أكثر ومعلوم أن ما ليس بجسم لا يكون في الحيز الاصطلاحي لافي واحد ولافي أكثر وهذا ظاهر واضح

# فإن قلت هذا متناقض فإنه إذا كان فوق العالم أو في الجهة وجب أن يكون جسما قيل لك أولا قد صدرت هذا الكلام في هذه المسألة بأنه لايلزم من نفي كون الشيء جسما نفي اختصاصه بالحيز وإذا سلمت لهم لم يكن لك أن تنازعهم فيه فإن هذا رأس المسألة فيكون التقدير باتفاق منك ومنهم أن ما ليس بجسم إذا كان في الجهة بمعنى أنه يكون فوق العالم هل يكون في حيزين يعني الحيز الاصطلاحي وهم يقولون أنه لا يكون في الحيز الاصطلاحي مع كونه فوق العالم ومع كونه في الجهة وهي جهة العلو # الوجه الثاني أن يقال قولك في حيز واحد أوفي أكثر من حيز يقتضي تعدد الأحياز وذلك ممنوع فإن الأحياز إما أن تكون وجودية أو عدمية وهي ليست وجودية كما قررته في هذه الحجة وفي غيرها وإذا كانت عدمية فالعدم المحض لا يتعدد ولا يقال فيه إما أن يكون واحدا أو اثنان فامتنع أن يقال إما أن يكون في حيز واحد أو في حيزين # ويتقوى هذا بالوجه الثالث وهو أن الحيز إما أن يكون وجوديا أو عدميا فإن كان وجوديا جاز اختصاصه بأمر وجودي على سبيل الوجوب كاختصاصه بصفاته الواجبة له الوجودية وحينئذ فيبطل ما ذكره في الحجة من امتناع كونه في الحيز واجبا أو جائزا وإن كان الحيز عدميا لم يصح أن يقال إما أن يكون في حيز واحد أو في حيزين وهذا يقتضي بطلان أحد طريقيه الذي ذكرهما في هذه الحجة أحدهما إما أن يكون في حيز أو حيزين والثاني امتناع كونه واجبا أو جائزا # يوضح هذا الوجه الرابع وهو أن أحياز المتحيز الوجودية اللازمة له هي حدوده ونهايته والعدمية هي ما يقال إنه تقدير المكان فإن أراد بالحيز الأمر

الوجودي منعت الحجة التي منع فيها أن يكون له حيز واجب وأن أراد به الأمر العدمي منع انقسامه إلى واحد وكثير # فإن قيل الحيز العدمي الذي هو تقدير المكان يتجدد ويتعدد باتحاد الحال وتعدده فإذا كان الحال فيه جوهرا واحدا كان واحدا وإن كان جواهر متعددة كان متعددا # قيل الجواب عن هذا هو الوجه الخامس وهو أن هذه المسألة قد صدرها بالكلام في الحيز مع من يقول أنه ليس بجسم ومع هذا فإنه يكون مختصا بالجهة وقد قال هو لما ذكر الحجة إذا ثبت ذلك ثبت أنه لا يلزم من نفي كون الشيء جسما نفي اختصاصه بالجهة والحيز # وإذا كان كذلك فيقال إما أن يكون الحال فيه جسما أو جوهرا فردا أو لا يستلزم ذلك فإن كان الحيز مستلزما لذلك لم يكن المختص بالحيز إلا جسما أو جوهريا فردا وحينئذ فيلزم من نفي كونه جسما وكونه جوهرا فردا أن لا يكون متحيزا كما قد يفعله المؤسس وغيره أحيانا وهو خلاف الفرض فإن الفرض نفي الحيز والجهة بدون البناء على نفي الجسمية خلافا لمن يقول ليس بجسم ولكنه في الحيز والجهة فإذا كان هذا الدليل لا يتم إلا بنفي الجسمية بطل هذا الدليل من أصله ومتى كان الحيز مستلزما للجسم أو للجوهر الفرد لزم من نفي اللازم وهو الجسم والجوهر الفرد نفي الملزوم وهو الحيز وإن كان الحيز ليس مستلزما للجسم والجوهر الفرد لم يلزم أن يكون الحال فيه جسما ولا جوهرا فردا وحينئذ فلا يلزم أن يقال ينقسم بانقسام الحال فيه إن كان جوهرا فردا كان

الحيز واحدا وإن كان جسما كان أكثر من واحد فإن الحال فيه على هذا التقدير لا يكون جسما ولا جوهرا فردا وإن كان كذلك ظهر أن تقسيمه الحيز إلى واحد وإلى أكثر من واحد غير لازم على هذا التقدير ولا يصح الدليل على التقدير الأول وذلك يظهر بطلانه على التقديرين # الوجه السادس أن يقال هب أنه لم يسلم أن الحيز مستلزم لكون الحال فيه جسما ولم يسلم أن نفي الجسم لا يستلزم نفي الحيز لكن يقال انقسام الحيز إلى واحد أو أكثر من واحد إما أن لا يعلم إلا بأن يعلم أن محله جسم أو جوهر أو يعلم قبل العلم بحال محله فإن لم يعلم اتحاده وتعدده إلا بالحال فيه لم يلزم إذا قيل إن الله في حيز أن يكون الحيز منقسما إلى واحد وعدد حتى يثبت أنه يجب أن يكون الله جسما أو جوهرا فردا فيكون العلم بانقسام الحيز إلى واحد وعدد متوقفا على العلم بأن الباري تعالى يجب أن يكون على هذا التقدير جسما أو جوهرا فردا وهو لم يبين ذلك وإذا تبين ذلك كان نفي الجسم كافيا له في نفي كونه متحيزا فلم يحتج حينئذ إلى تقسيم الحيز إلى واحد أو أكثر من ذلك فظهر أن هذا الذي ذكره لم يذكر عليه حجة ولو ذكر عليه حجة لم يحتج إلى ذكره وعلى التقديرين فلا يصلح ذكره لامع الحجة ولا بدون الحجة على هذا التقدير وإن كان العلم بانقسامه إلى واحد أو عدد يعلم بدون أن يعلم أن محله جوهر أو جسم فليذكر ذلك أو لم يذكره فيتوجه المنع ثم إنه لا يصلح أن تحتج على ذلك إلا بكون الحيز ينقسم بانقسام الحال فيه والحال فيه لا يكون إلا جوهرا أو جسما لأن التقدير أن انقسامه لا يتوقف العلم به على هذه الحجة

# الوجه السابع أن يقال وصف الشيء بأنه واحد وبأنه أكثر من واحد إما أن يستلزم كونه موجودا أو لا يستلزم كونه موجودا فإن استلزم كونه موجودا لزم من هذا التقسيم أن يكون وجوديا وأنت قد ذكرت في تمام الحجة أنه ليس بوجودي وإن كان الوصف بأنه وجودي وإن كان الوصف بأنه واحد وبأكثر من واحد لايستلزم أنه موجود بطل ما ذكره فيما تقدم حكايته عنه من أن الجسم منقسم ليس بواحد فإنه بنى ذلك على أن الوحدة صفة قائمة بالجسم قال والعرض لا يحدث في المحل ولا يحصل فيه إلا إذا كان المحل متعينا متميزا عن غيره فإنه إذا ثبت أن كون الموصوف واحدا أو أكثر لا يستلزم أن يكون موجودا لم يلزم أن تكون الوحدة والكثرة صفة وجودية فإن المعدوم لا يوصف بالصفة الوجودية فإذا لم يجب أن تكون الوحدة وجودية لم يجب أن يقوم بالجسم ولا أن يكون عرضا فلا يمتنع أن يكون الجسم واحدا وإذا كان الجسم واحدا مع عظمته ولم يكن فيه كثرة وجودية لم يصح أن يستدل بحلوله في الحيز على انقسام الحيز وتعدده وحينئذ فإذا لم يلزم من حلول الجسم في الحيز أن يكون الحيز متعددا منقسما في نفسه لم يلزم من حلول الرب في الحيز أن يكون منقسما وجاز حلوله في الحيز الذي لا يقال إنه أكثر من واحد ولا يكون أقل القليل ولايكون جوهرا فردا # وبالجملة فإذا لم يكن الجسم مشتملا على كثرة مع كونه في الحيز فالباري أولى أن يكون كذلك وحيزه أولى بذلك وهو يبطل ما ذكره # الوجه الثامن أن يقال الحيز في نفسه ليس إلا واحدا وليس هو في نفسه منقسما ولا متكثرا وإذا كان كذلك لم يصح أن يكون الحال فيه إما أن يحل في حيز واحد أو في أحياز متعدده فإن هذا مقتضى أن الحيز فيه كثرة وهذا

ممنوع وتوجيه ذلك أن الناس قد تنازعوا في الجسم هل واحد في نفسه أو هو متكثر فيه انقسامات حاصلة على قول كما تقدم حكايته وتقدم أن المؤسس لم يذكر على انقسامه وعدم وحدته حجة وإذا كان الأمر كذلك مع أن الجسم يقبل الانقسام بلا نزاع فالحيز الذي لا يعقل فيه وجود الانقسام أولى أن لا يكون فيه كثرة ولا انقسام وهذا ظاهر # بل يقال في الوجه التاسع إن انقسام الحيز في نفسه قبل حلول شيء فيه ممتنع قطعا سواء قيل إن الجسم واحد أو منقسم في نفسه وذلك لأن الحيز هنا ليس المراد به شيئا موجودا كما قد قرره وإنما هو تقدير المكان وهذا هو مسمى الحيز في اصطلاح كثير من المتكلمين وإذا كان كذلك فمن الممتنع أن يتميز بعضه عن بعض قبل حلول ما يتقدر به وهذا معلوم بالحس والضرورة العقلية ولا يقول قائل إن ذلك يتميز بالإشارة فإن الإشارة إلى العدم محال وإنما يشار إلى موجود وإذا كان الحيز لا يتعدد ولا ينقسم قبل حلول الحال فيه كان تعدده تابعا لتعدد الحال فيه فإن لم يثبت كون الحال فيه جسما منقسما لم يكن منقسما وإذا كان المنازع له يقول إن الحال فيه ليس هو جسما أو هو جسم وليس بمنقسم في نفسه بطل انقسام الحيز ومن المعلوم أن القائلين بأنه متحيز يقولون هذا تارة وهذا تارة كما تقدم ذكر ذلك عنهم # ومن قال إنه منقسم بمعنى يتميز بعضه عن بعض فجوابهم ما يقال في الوجه العاشر أن يقال الحيز الواحد هو ما يحل فيه الجوهر الفرد كما فسرته فيما بعد فإن الحال فيه يكون أقل القليل ويتعالى الله عن ذلك وإذا كان كذلك كان ثبوته مبنيا على ثبوت الجوهر الفرد وأنت قد اعترفت أنك وأذكياء الطوائف متوقفون فيه لتعارض الأدلة فيه وإذا لم يعلم ثبوت الجوهر الفرد لم يعلم ثبوت حيز واحد بهذا الصغر واذا لم يعلم ذلك بطل العلم بأن الحيز

إما واحدا بهذا التفسير وإما أكثر من واحدا بهذا التفسير وإما أكثر من واحد # الوجه الحادي عشر أن يقال لك ما مرادك بالحيز الواحد وبأي شيء يتميز الحيز الواحد عما هو أكثر منه فإن أردت به ما يحله الجوهر الفرد لم يثبت توحد الحيز حتى يثبت الجوهر الفرد ويثبت حلوله فيه ومن المعلوم أن الحيز لو كان ثابتا في نفس الأمر فليس هو مما يحس حتى يعلم حلوله في الحيز أو عدم حلوله بل أكثر ما يقال إنه داخل الجسم في حيز علمنا أن الجواهر التي خلقت فيه أيضا لكن هذا لا يفيد تميز الحيز الواحد عن غيره ولا العلم به وإذا كان الحيز الواحد الذي أردته لا يتميز ولا يعلم به كان العلم بحلول الشيء فيه أو عدم حلوله باطلا لأن العلم بحلول الشيء في محله فرع تصور المحل فإذا كان المحل لا يعلم توحده ولا يتميز كان الحكم بثبوت الحلول فيه أو عدمه حكما باطلا فيكون الدليل باطلا # الوجه الثاني عشر أن يقول لك المنازع إما أن تريد بالحيز الواحد ما يحل فيه الجوهر الفرد أو ماهو أكبر منه فإن أردت الأول فحلول الرب فيه محال كما ذكرته وكان المنازع يقول لك يحل في أكثر من واحد بهذا التفسير # وأما قولك الحاصل في أحد الحيزين إما أن يكون هو الحاصل في الآخر أو غيره يقال لك لا هو هو ولا هو غيره أو لا يقال هو هو ولا هو غيره كما تقدم تقرير ذلك على أصل كثير من متكلمي الصفاتية أو أكثرهم غير مرة بأن الغيرين ماجاز وجود أحدهما دون الآخر أو ماجاز مفارقته له في مكان أو زمان أو وجود وحينئذ فلا يرد ما ذكرته على كونه هو هو وكونه غيره وإن أردت بالواحد

ما هو أكبر من محل الجوهر الفرد لم يكن الحال مستلزما لأن يكون أقل القليل وقد بطل حجة الصغير وسيأتي الكلام على الوجوب والجواز # الوجه الثالث عشر أن يقال هذه الحجة مشتملة على حجتين إحداهما حجة الانقسام أو الصغر وهي تعم الأقسام والثانية ما يخص قسما قسما مع ذلك ونحن نتكلم على الحجتين جميعا فإحداهما حجة الانقسام والتركيب والأخرى هي من جنس حجة تماثل الأجسام وهاتان الحجتان هما جماع ما يذكره النفاة في هذا الباب فإنه يعود إلى ما يذكره من التركيب وإلى ما يذكره من التمثيل وقد تقدم فيما يمتنع من ذلك وبينا أن سورة الإخلاص ^ قل هو الله أحد الله الصمد ^ تنزهه عن الممتنع من هذين فاسمه الأحد منع التشبيه الممتنع عليه واسمه الصمد منع الانقسام والتركيب الممتنع عليه ولكن هؤلاء النفاة غلوا في ذلك وتعدوا حدود الله فيه فزادوا على الحق من الباطل شيئا كثيرا كما أن من المثبتة من غلا في الاثبات وتعدى حدودا الله حتى زاد على إثبات الحق زيادات باطلة والله يهدينا الصراط المستقيم وليس هذا موضع الشرح والبسط لما تضمنته هذه السورة العظيمة من أصول التوحيد والايمان فإنها كثيرة عظيمة إذ الأحدية والصمدية ينتظمان أصول التوحيد والإيمان والدين في أسماء الله وصفاته في دينه إذ دينه الحق يتبع ما هو عليه سبحانه في نفسه # ولما كان الدين عند الله هو الاسلام والاسلام هو الاستسلام لله وحده وله ضدان الاشراك والاستكبار فالمستكبر استكبر عن الاسلام له والمشرك استسلم لغيره وإن كان قد استسلم له فمعنى الأحد يوجب الاخلاص لله المنافي للشرك ومعنى الصمد يوجب الاستسلام لله وحده المنافي للاستكبار فإن الصمد يتضمن صمود كل شيء إليه وفقره إليه

# وأيضا فدين الله واحد لا تفرق فيه والصمد يناسب اجتماعه فالله سبحانه وتعالى هو الاله الواحد ودينه واحد وعباده المؤمنون مجتمعون يعتصمون بحبله غير مفترقين واسمه الأحد يقتضي التوحيد والصمد يقتضي الاجتماع وعدم التفرق فإن الصمد فيه معنى الاجتماع وعدم التفريق والتوحيد أبدا قرين الاجتماع لأن الاجتماع فيه الوحدة والتفرق لابد فيه من التثنية والتعدد كما أن الاشراك مقرون بالتفرق قال تعالى ^ فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ^ ولهذا كان شعار الطائفة الناجية هو السنة والجماعة دون البدعة والفرقة فإن أصل توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له وأصل البدع الاشراك بالله شركا أصغر أو أكبر # وهؤلاء الملبسون يقولون لا ينقسم أو لا يتجزأ أو لا يتبعض ونحو ذلك ولو لم يريدوا إلا ما هو حق لكانوا محسنين لكن حقيقة قولهم أنه ليس هناك شيء يتصور أن يكون مجتمعا فضلا أن يكون متفرقا ولا شيء موجود يتميز عن غيره فضلا عن أن يكون منقسما فأخذوا لفظ التفرق والانقسام فوضعوه على غير المعاني المعروفة ونفوا به ما يستلزم نفي الحقيقة بالكلية كما فعل غيرهم في نفي العلم والقدرة ونحوهما أو نفي الأسماء كالحي والعليم والقدير ونحو ذلك فنفي الصفات يستلزم نفي الأسماء كما قد ذكرناه في غير هذا الموضع # والمقصود هنا الكلام على هاتين الحجتين الانقسام والجواز بحسب ما ذكره في نهايته وإن كان قد تقدم الكلام عليها فنقول

قوله إذا كان في أكثر من حيز لزم انقسامه لا نسلم أنه يستلزم انقسامه ولا نسلم أيضا أن الحيز الكبير ينقسم حتى يكون مافيه منقسما ولو كان هو منقسما لم نسلم أن كل ما في المنقسم يجب أن يكون منقسما # الوجه الرابع عشر أنه قد تقدم غير مرة أن هذا الانقسام أكثر ما يراد به امتياز بعضه عن بعض وبينا أن هذا مثل امتياز الصفات وبينا أن هذا مما يجب أن يقر به كل أحد في كل موجود وأن نفي هذا يستلزم جحد الموجودات جميعها الواجب والممكن وبينا أن ما يذكر في ذلك من الافتقار والغير والحيز فهو ألفاظ مجملة مشتركة مشتبهة يراد بها حق وباطل فيجب أن ينفى ما فيها من الباطل دون الحق الذي يريده بعض الناس بهذه الألفاظ وقد تقدم بسط ذلك بما يغني عن إعادته وهو أحال على ما تقدم فأحلنا أيضا عليه # الوجه الخامس عشر أن المنازع يقول به هب أن في حيز واحد فلم قلت أن ذلك محال قولك إنه يكون أقل القليل ويتعالى الله عنه يقال لا نسلم أنما هو حيز واحد لا يتسع إلا مقدار الجوهر الفرد بل يكون واحدا وهو عظيم وهذا في الحيز أولى منه في الجسم فإذا كان قال طوائف إن الجسم يكون عظيما ويكون واحدا فالحيز أولى وأيضا فمن قال إنه فوق العرش وهو عظيم وليس بجسم أو هو جسم وليس بمركب فإنه يقول بثبوت حيز واحد عظيم # الوجه السادس عشر أن المنازع يقول الجوهر الفرد لا يخلو إما أن يكون ثابتا أو لا يكون فإن كان ثابتا لم تكن قد ذكرت دليلا عقليا على نفي

كونه بقدره كما اعترفت بذلك فيما تقدم في نهايتك في المسلك الثاني على نفي الجسم أن المنازع إذا أصر على المطالبة بالدليل على أنه حال كونه بقدر الجوهر فطريق دفعه أن يتمسك بالوجوه التي استدل بها على نفي الجزء الذي يتجزأ حتى تنقطع المطالبة وإذا لم يكن لك طريق إلا هذا فهذا الطريق باطلة إذا قدر ثبوت الجوهر الفرد فإنه بتقدير ثبوته تكون الوجود التي احتج بها على نفيه باطلة وإذا لم يكن الجوهر الفرد ثابتا لم يجز أن يقال إن الحال في الجزء الواحد هو أقل القليل بل لم يكن الحيز الواحد إذا فسر بذلك وجود أصلا وإذا كان كذلك فعلى التقديرين لا تكون قد ذكرت حجة على أنه لا يكون في الحيز الواحد وإنما تعتصم في مثل ذلك بالإجماع إجماع العقلاء وإجماع المسلمين داخل في ذلك # فيقال لك هؤلاء المنازعون يقول إنه عظيم في نفسه أعظم من كل عظيم وأكبر من كل كبير وأعلى من كل عال قد وسع كرسيه السموات السبع والأرضين السبع ويقولون لك ^ ماقدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه ^ قال ابن عباس ما السموات السبع والأرضون السبع وما بينهما في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم أو كما قال فهذا مستند ثان نفى كونه بقدر الجوهر الفرد فإن سلمت ذلك لم يكن لك أن تقول ليس فوق العرش ولا هو في نفسه كبير وعظيم ولم يكن ما سلموه يستلزم أن لا يكون فوق العرش وإن قيل إنه في حيز واحد أو جهة واحدة وإن لم تسلم ذلك بل زعمت أنما فوق السماوات رب ولا هناك إله أصلا وأن محمدا لم يعرج به إلى الله تعالى بل صعد إلى علو العالم فقط وأن رب العالمين ليس داخل العالم ولا خارجه قالوا لك

نحن نقول إن من وصفه بهذا فقد جعله معدوما والمعدوم أحقر من الجوهر الفرد وإذا كان كذلك لم نسلم لك مادمت مصرا على هذا النفي أنه أحقر من الجوهر الفرد فإن ذلك يستلزم تسليم النقيضين فيكون قد سلمنا أنه معدوم وأنه ليس أحقر من الجوهر الفرد وذلك باطل وإذا لم يسلم له على هذا التقدير أنه أحقر من الجوهر الفرد لم يكن له أن يحتج بالاجماع كما تقدم نظير هذا # وتقدم ما قرره في أول نهايته أن الاحتجاج بمثل هذا الاجماع الذي يختلف فيه المأخذ لا يصح نظرا ولا مناظرة فإن المناظر ليس له أن يحتج بموافقة موافق بناءا على مأخذ لا يعتقد صحته والمناظر يجيبه خصمه بأنك إن وافقتني على المأخذ وإلا منعتك الحكم على هذا التقدير لأنه عندي تقدير غير واقع فلا يكون له حجة بحال ولو احتج بها في الفطرة في إعظام الله أن يكون كذلك قيل له هذه الفطرة التي فيها أن الله تعالى فوق العالم وهي تحيل الله أن يقال ليس فوق العالم ولا داخله ولا خارجه كما يحيله أن يقال هو بقدر الجوهر الفرد فإن كان ما الفطرة من هذا حقا فكذلك الآخر وحينئذ فلا يبقى معه حجة على نفي كونه بقدر الجوهر الفرد لا عقلية ولا سمعية لأن السمع إما نص وإما إجماع والسمعيات التي وصف الله فيها نفسه بأنه علي وعظيم وكبير معناها عندهم القدرة والقهر لا يعنون بها عظم قدره في نفسه فلا ينافي ما زعموه صغر المقدار لا سيما مع ما يعتمدونه من القول بأن الملك العظيم والآدمي العظيم يكون بقدر الجوهر الفرد لأن الحياة ولازمها لا تحل إلا في قدر ذلك كما تقدم وإذا لم يكن لهم على ذلك حجة بطلت هذه الحجج التي ذكرها وظهر عجزهم عن تنزيه الله تعالى أن يكون فيه نقص فلا يقدرون أن ينزهوه على أصولهم العقلية عن نقص ولا عن صغر


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 03 Apr 2010, 03:41 AM   #83
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# الوجه السابع عشر قوله في الحجة الثانية حصوله في ذلك الحيز إما واجب وإما جائز يقال إن أريد بالحيز ما هو داخل في مسمى اسمه مثل

ما يدخل في صفاته في مسمى اسمه ومثل ما يدخل حدود الشيء ونهايته في مسى اسمه فيقال حصوله فيه واجب ويكون وجوديا والكلام في قوله يكون منقسما قد تقدم غير مرة بأن الانقسام لفظ مجمل تختلف فيه الاصطلاحات فهو منفي بالمعنى الذي لا يلزم من هذا والمعنى الذي يلزم لا محذور فيه بل هو واجب لكل موجود # الوجه الثامن عشر قول من يقول لا يجوز عليه الحركة والانتقال فإنه يقول حصوله في الحيز المعين يكون واجبا # وأما قوله لو كان كذلك لكانت حقيقة ذلك الحيز مخالفة لحقيقة غيره فيكون وجوديا يقول لا نسلم وذلك لأن الاختصاص لا يجب أن يكون لمعنى في الحيز يجوز أن يكون لمعنى في الرب وهو ما توافقهم عليه من امتناع الحركة والانتقال وعدم ذلك ليس بنقص عندك ولا عندهم كما تقدم وتقدم أن ما الزمتهم من كونه يكون كالزمن هو لك ألزم أيضا فأنت وهم مشتركون في ذلك وهو بك الصق منه بهم # الوجه التاسع عشر أن يقال هب أنه وجودي وحقيقته مخالفة لحقيقة غيره وأنه يمكن الاشارة الحسية إليه فقولك إنه إن كان منقسما كان الحال فيه منقسما يمنعون الملازمة كما تقدم ويقولون في الانقسام بما تقدم من الجواب المفصل # الوجه العشرون قولك أولا يكون منقسما فيكون مختصا بجهة دون جهة فيكون للحيز حيز آخر ويلزم التسلسل يقال هب أن هذا الحيز أمر وجودي فلم لا يجوز أن يكون حيز هو عدمي والتسلسل إنما يلزم أن لو كان لكل حيز وجودي حيز وجودي

الوجه الحادي والعشرون قولك وإن لم تمكن الاشارة الحسية إلى الحيز الذي حصل فيه الباري وجب استحالة الاشارة إلى الباري لأنا نعلم بالضرورة أن ما لا تمكن الاشارة الحسية إلى جهته استحالت الاشارة الحسية إليه فإذا لا يكون الباري في الجهة # يقال لك الضروري بأن ما لا يشار إلى جهته لا يشار إليه ليس بأن ما لا يشار إليه لا يشار إلى جهته ثم كثير من الناس بل أكثرهم يقولون ذلك مثل العلم الضروري بأن ما يشار إليه وإلى جهته لا يكون إلا جسما وكثير من الناس إن ذلك مثل العلم الضروري بأن مالا يشار إليه ولا إلى جهته ولا يكون داخل العالم ولا خارجه لا يكون إلا معدوما بل المقرون بأن هذا علم ضروري أعظم من المقرين بذلك # وإذا كان كذلك فإن نازعتهم في هذا العلم الضروري لم يكن عليهم أن يسلموا لك ذلك العلم الضروري الذي يلزمهم بتسليمه نفي هذا العلم الضروري لأن تسليم العلم الضروري يستلزم نفي علم ضروري تسليم لتنافي العلمين الضروريين وذلك باطل ولا يجب تسليم الباطل وإن لم تنازعهم في هذا العلم الضروري لم يكن ما ذكرته حجة عليهم فإنه إذا سلم أنه فوق العالم وأنه يمتنع أن يكون لا داخل العالم ولا خارجه حصل المطلوب # الوجه الثاني والعشرون قولك وإن لم يكن حصوله في الجهة واجبا فاختصاصه بها لابد أن يكون لفاعل مختار فاختصاص الباري به محدث فهو في الأزل ما كان في الحيز والذي يكون كذلك يستحيل أن يصير حاصلا في الحيز وفي نسخة محتاجا إلى الحيز

# فيقال لك إذا كان الحيز أمرا وجوديا كالعرش والغمام كان اختصاص الله بكونه فوق العرش تابعا لخلقه العرش وذلك حاصل بمشيئته واختياره وهو محدث وهو وإن لم يكن في الأزل على العرش لكن لم قلت إذا لم يكن في الأزل على العرش أنه يستحيل أن يصير بعد ذلك على العرش هذا لم تذكر عليه دليلا وأما إن كان المدعي أنه يستحيل أن يصير محتاجا إلى الحيز فهذا حق لكن كونه فوق العرش لا يوجب احتياجه إلى شيء بل هو الحامل بقدرته للعرش ولكل شيء # الوجه الثالث والعشرون أن يقال العلو على العرش للناس فيه قولان مشهوران أحدهما أنه نسبة وإضافة بينه وبين العرش من غير فعل محدث يقوم بذات الرب وهؤلاء قد يقولون الاستواء من صفات الذات وعلى هذا التقدير فتجديده بخلق العرش كتجديد سائر النسب والاضافات وذلك جائز باتفاق العقلاء كتجديد المعية والثاني أنه استوى على العرش بعد أن لم يكن مستويا عليه كما دل على ذلك القرآن والذي قال هذا يقول في استوائه إلى السماء ونزوله ومجيئه وإتيانه ونحو ذلك مثلما يقول في الاستواء وإن ذلك من أفعال ذات الله تعالى وهؤلاء هم جمهور أهل الحديث وكثير من أهل الكلام والفقهاء والصوفيه وغيرهم وعامة كلام السلف يدل على هذا وهذا متصل بمسألة حلول الحوادث به وهو قد ذكر أنه ليس في الأدلة العقلية ما ينفي حلول الحوادث به وذكر أن الطوائف جميعهم يلزمهم القول به وإذا كان كذلك لم يمتنع أن يستوي عليه بعد أن لم يكن مستويا # وإذا كان على القولين لا يمتنع أن يصير فوق العرش وإن لم يكن في الأزل عرش يكون الله فوقه بطل ما ادعاه من أنه إذا كان اختصاص الباري بالحيز محدثا فهو إذا في الأزل ما كان حاصلا في الحيز والشيء الذي يكون كذلك استحال أن

أن يصير حاصلا في الحيز فإن ذلك لا يستحيل على الوجه الذي بيناه وأما إن كان قد قال استحال أن يصير محتاجا إلى الحيز فهذا حق لكن تجدد الأمور الجائزة لا يقتضي أنه محتاج إليها # الوجه الرابع والعشرون أنه يقال قولك في أصل هذه الحجة الثانية حصوله في الحيز إما أن يكون واجبا أو غير واجب يقال لك أتريد بالحيز نوع الحيز أم تريد الحيز المعين فإن اللام تكون للجنس وتكون للحيز المعين فإن أردت به النوع لم يصح ما ذكرته في القسم الأول وهو قولك لو صح حصوله في ذلك الحيز وامتنع حصوله في سائر الأحياز لكانت حقيقته محالفة لحقيقة غيره لأن الحيز على هذا التقدير هو النوع ولا يختص بشيء دون شيء كما أن القائل إذا قال لو كان الجسم مختصا بالحيز لم يرد به حيزا بعينه بل يريد به أنه مختص بأنه لا يكون إلا متحيزا فيمتنع أن يكون غير متحيز # أردت به الحيز المعين لم يصح ما ذكرته في القسم الثاني وهو أنما كان كذلك ما كان في الأزل حاصلا في الحيز المعين والذي يكون كذلك يستحيل أن يصير حاصلا في الحيز وذلك أن الحيز تقدير المكان ليس أمرا موجودا فلم قلت إنه إذا لم يكن في الأزل في حيز معين امتنع أن يكون بعد ذلك في حيز معين فإن هذا مبني على مسألة حلول الحوادث وقد تقدم القول فيه # الوجه الخامس والعشرون أن قولك الشيء الذي يكون كذلك استحال أن يصير حاصلا يمنعه المنازع ويقول لا نسلم أن كل اختصاص بحيز معين وهو تقدير المكان يكون محدثا وأنه يمتنع أن يصير في حيز لم يكن فيه بل الحي القادر سبحانه يختص بما يشاء من الأحياز ولا يلزم من ذلك اختصاصه بحيز معين ولا يلزم من ذلك أن أصل التحيز محدث بل هو

سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء من الأجسام ولا يكون الجسم مخلوقا في حيز ولا يختص بحيز بل له أن ينقله من حيز إلى حيز # وهؤلاء يقولون حياته وقدرته توجب ذلك ونفي إمكان ذلك يقتضي نفي حياته وقدرته كما تقدم بعض حكاية قولهم ويقولون اختصاصه بحيز دون حيز هو نسبة وإضافة إلى ذلك الحيز والأمور الإضافية لا يمنع تجددها ولا زوال المتقدم منها بإتفاق العقلاء فإن الحيز العدمي الذي هو تقدير المكان يجري فيه القولان في العرش ونحوه فمن قال الاستواء عليه مجرد نسبة أمكن أن يقول ذلك هنا ومن قال إن فيه حركة قال بذلك هنا # الوجه السادس والعشرون قولك حصوله في الحيز إما أن يكون واجبا وإما أن يكون غير واجب يقول لك المنازع قولا مفصلا الاختصاص بأصل الحيز واجب أما تعين حيز دون حيز فهو ممكن ليس بواجب وذلك لأن الحيز في الاصطلاح المشهور للمتكلمين هو تقدير المكان وهم يقولون إن كل متحيز يستلزم نوع التحيز وأما الحيز المعين فيجوز أن ينتقل عنه المتحيز كما لو شاء الله تحويل العالم من حيز إلى آخر # ثم لهم هنا قولان أحدهما أن اختصاصه بذلك الحيز المعين مجرد نسبة وإضافة وإذا كان تجدد النسب والإضافات له وزوالها من الأمور الموجودة جائزة باتفاق العقلاء فحدوث هذه النسب وزوالها عما هو تقدير المكان بطريق الأولى والأحرى
فصل
# الثاني أي يقال أكثر ما ذلك الحركة وهذا جائز كما تقدم في قولهم استوى على العرش بعد أن لم يكن مستويا عليه وإنه يجىء يوم القيامة ويأتي ونحو ذلك


فصل قال الرازي الفصل الخامس في حكاية الشبه العقلية في كونه تعالى مختصا بالحيز والجهة # الشبهة الأولى لهم أنهم قالوا العالم موجود والباري موجود وكل موجودين فلابد أن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مباينا عنه بجهة من الجهات لست ولما لم يكن الباري محايثا للعالم وجب كونه تعالى مباينا عن العالم بجهة من الجهات الست وإذا ثبت ذلك وجب كونه تعالى مختصا بجهة فوق أما قولهم إن كل موجودين فلا بد أن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مبينا عنه بجهة فلهم فيها طريقان # الطريق الأول ادعاء البديهة إلا أنه سبق الكلام على هذه الطريقة في أول الكتاب # الطريق الثاني أنهم يستدلون عليه وهو الطريق الذي اختاره ابن الهيصم في المناظرة التي حكاها عن نفسه مع ابن فورك قال الرازي وأنا أذكر محصل تلك الكلمات على الترتيب الصحيح على أحسن وجه يمكن تقرير تلك الشبهة وهو أن يقال لاشك أن كل موجودين في الشاهد فإن أحدهما لابد وأن يكون محايثا للآخر أو مباينا عنه بالجهة وكون كل موجودين في الشاهدكذلك إما أن يكون لخصوص كونه جوهرا أو لخصوص كونه عرضا أو لأمر مشترك بين الجوهر والعرض وذلك المشترك إما الحدوث وإما الوجود

والكل باطل سوى الوجود فوجب أن تكون العلة لذلك الحكم هو الوجود والباري تعالى موجود فوجب الجزم بأنه تعالى إما أن يكون محايثا للعالم أو مباينا عنه بالجهة # قال وأعلم أن هذا الكلام لا يتم إلا بتقرير مقدمات نحن نذكرها وتلك الوجوه التي يمكن ذكرها في تقرير تلك المقدمات # أما المقدمة الأولى وهي قولنا إن كل موجودين في الشاهد فلابد وأن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مباينا عنه بالجهة لابد له من علة والدليل عليه هو أن المعدومات لا يصح فيها هذا الحكم وهذه الموجودات يصح فيها هذا الحكم فلولا امتياز ما صح فيه هذا الحكم عما لا يصح فيه هذا الحكم بأمر من الأمور وإلا لما كان هذا الامتياز واقعا # وأما المقدمة الثانية فهي في بيان أن هذا الحكم لا يمكن تعليله بخصوص كونه جوهرا ولا بخصوص كونه عرضا فالدليل عليه أن المقتضى لهذا الحكم لو كان هو كونه جوهرا لصدق على الجوهر أن ينقسم إلى ما يكون محايثا لغيرة وإلى ما يكون مباينا عنه ومعلوم أن ذلك محال لأن الجوهر يمتنع أن يكون محايثا لغيره وبهذا الطريق تبين أن المقتضي لهذا الحكم ليس كونه عرضا لامتناع أن يكون العرض مباينا لغيره بالجهة # المقدمة الثالثة في بيان أن هذا الحكم غير معلل بالحدوث ويدل عليه وجوه # الأول أن الحدوث عبارة عن وجود سبقة عدم والعدم غير داخل في العلة وإذا سقط العدم عن درجة الاعتبار لم يبق إلا الوجود

# والثاني وهو الذي عول عليه ابن الهيصم في المناظرة التي زعم أنها دارت بينه وبين ابن فورك فقال لو كان هذا الحكم معللا بالحدوث لكان الجاهل بكون السماء حادثة جاهلا بأن السماء بالنسبة إلى سائر الموجودات التي في هذا العالم إما أن تكون محايثة لها أو مباينة عنها بالجهة لأن المقتضي للحكم إذا كان أمرا معينا فالجاهل بذلك المقتضي يجب أن يكون جاهلا بذلك الحكم ألا ترى الوجود لما كان هو المستدعي للتقسيم إلى القديم والمحدث لا جرم كان اعتقاد أنه غير موجود مانعا من التقسيم بالقدم والحدوث فلما كان التقسيم إلى الأبيض والأسود معلقا بكونه كان ملونا كان اعتقاد أن الشيء غير ملون مانعا من اعتقاد التقسيم إلى الأسود والأبيض ولما رأينا الدهري الذي يعتقد قدم السموات والأرض لا يمنعه ذلك من اعتقاد أن السموات والأرضين إما أن تكون محايثة وإما أن تكون مباينة بالجهة علمنا أن هذا الحكم غير معلل بالحدوث # الوجه الثالث في بيان أن المقتضي لها الحكم ليس هو الحدوث وقد ذكره ابن الهيصم أيضا في تلك المناظرة وتقريره أن كونه محدثا وصف يعلم بالاستدلال وكونه بحيث يجب أن يكون إما محايثا أو مباينا بالجهة حكم معلوم بالضرورة والوصف المعلوم الثبوت بالاستدلال لا يجوز أن يكون أصلا للحكم الذي يعلم ثبوته بالضرورة فثبت بهذه الوجوه أن المقتضي لهذا الحكم ليس هو الحدوث # المقدمة الرابعة وهي في بيان أنه لما كان المقتضي لهذا الحكم في الشاهد هو الوجود والباري موجود وكان المقتضي لكونه تعالى إما محايثا للعالم أو مباينا عنه بالجهة حاصلا في حقه فكان هذا حاصلا هناك

# فاعلم أنا نفتقر في هذه المقدمة إلى بيان أن الوجود حقيقة واحدة في الشاهد والغائب وذلك يقتضي كون وجوده تعالى زائدا على حقيقته فإنه ما لم يثبت هذا الأصل لم يحصل المقصود فهذا غاية ما يمكن ذكره في تقرير هذه الشبهة ومن نظر في تقريرنا لهذه الشبهة وتقريرهم لها علم أن التفاوت بينهما كبير # قال والجواب أن مدار هذه الشبهة على أن كل موجودين في الشاهد فلا بد أن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مباينا بالجهة وهذه المقدمة ممنوعة وبيانه من وجوه # الأول أن جمهور الفلاسفة يثبتون موجودات غير محايثة لهذا العالم الجسماني ولا مباينة عنه بالجهة وذلك لأنهم بثبتون العقول والنفوس الفلكية الناطقة ويثبتون الهيولي ويزعمون أن هذه الأشياء موجودات غير متحيزة ولا حالة في المتحيز فلا يصدق عليها أنها محايثة لهذا العالم ولا مباينة عنه بالجهة وما لم يبطلوا هذا المذهب بالدليل لا يصح القول بأن كل موجودين في الشاهد إما أن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مباينا عنه # الثاني أن جمهور المعتزلة يثبتون إرادات وكراهات موجودة لا في محل ويثبتون فناءا لا في محل وتلك الأشياء لا يصدق عليها أنها محايثة للعالم أو مباينة عن العالم بالجهة فما لم يبطلوا ذلك لا تتم دعواهم # الثالث أنا نقيم الدليل على أن الاضافات أعراض موجودات في الأعيان ثم نبين أنها تمتنع أن تكون محايثة للعالم أو مباينة عنه بالجهة وذلك يبطل كلامهم وإنما قلنا إن الاضافات أعراض موجودات في الأعيان وذلك لأن

المعقول من كون الإنسان أبا لغيره مغاير لذاته المخصوصة بدليل أنه يمكن أن يعقل ذاته مع الذهول عن كونه أبا وابنا والمعلوم غير ما هو غير معلوم # وأيضا فإنه يمكن ثبوت ذاته منفكة عن الأبوة والنبوة مثل عيسى عليه السلام وآدم فإنه ما كان أبا لأحد ولا ابنا لأحد من الذكور والثابت غير ما هو ثبات فكونه أبا وابنا مغايرا لذاته المخصوصة ثم هذا المغاير إما أن يكون وصفا سلبيا أو ثبوتيا والأول باطل لأن عدم الأبوة هو الوصف السلبي والأبوة واقعة له ورافع العدم الوجود فثبت أن الأبوة وصف وجودي مغاير لذات الأب إذ ثبت هذا فنقول إنه مستحيل أن يقال الأبوة محايثة لذات الأب وإلا لزم أن يقال إنه قائم بنصف الأب نصف الأبوة وبثلثه ثلث الأبوة ومعلوم أن ذلك باطل ومحال أن يقال إنها مباينة عن ذات الأب بالجهة والحيز وإلا لزم كون الأبوة جوهرا قائما بذاته مباينا عن ذات الأب بالجهة وذلك أيضا محال فثبت بهذا الدليل وجود موجود لا يمكن أن يقال إنه محايث لغيره ولا أن يقال مباين عنه بالجهة وإذا ثبت هذا بطل قولهم # السؤال الثاني سلمنا أن كل موجودين في الشاهد فلابد وأن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مباينا عنه بالجهة لكن كون الشيء بحيث يصدق عليه قولنا إما أن يكون وإما أن لا يكون إشارة إلى كونه قابلا للانقسام إليهما لكن قبول القسمة حكم عدمي والعدم لا يعلل وإنما قلنا إن قبول القسمة حكم عدمي لأن أصل القبول حكم عدمي فوجب أن يكون قبول القسمة حكما عدميا وإنما قلنا إن أصل القبول حكم عدمي لأنه لو كان أمرا ثابتا لكان صفة من صفات الشيء المحكوم عليه بكونه قابلا والذات قابلة لتلك الصفة القائمة بها فيكون قبول ذلك القبول زائدا عليه ولزم التسلسل وإنما قلنا إنه لما كان أصل القبول عدميا كان قبول القسمة أيضا كذلك لأن القبول للقسمة قبول مخصوص فتلك

الخصوصية إن كانت صفة موجودة لزم قيام الوجود بالعدم وهو محال وإن كانت عدمية لزم القطع بأن قبول القسمة عدمي وإذا ثبت أنه حكم عدمي امتنع تعليله لأن العدم نفي محض فكان التأثير فيه محالا فثبت أن قبول القسمة لا يمكن تعليله # السؤال الثالث هب أنه من الأحكام الوجودية فلم لا يجوز أن يكون معللا بخصوص كونه جوهرا أو بخصوص كونه عرضا قوله لأن كونه جوهرا يمنع من المحايثة وكونه عرضا يمنع من المباينة بالجهة وما كان علة لقبول الانقسام إلى قسمين يمنع كونه مانعا من أحد القسمين قلنا ما الذي تريدون بقولكم الوجود في الشاهد ينقسم إلى المحايث وإلى المباين بالجهة إن أردتم أن الوجود في الشاهد قسمان أحدهما أن يكون محايثا لغيره بالجهة وهو العرض والثاني أن يكون مباينا لغيره بالجهة وهو الجوهر فهذا مسلم لكنه في الحقيقة إشارة إلى حكمين مختلفين معللين بعلتين مختلفتين فإن عندنا وجوب كونه محايثا لغيره معلل بكونه عرضا ووجوب كون القسم الثاني مباينا عن غيره بالجهة معلل بكونه جوهرا فبطل قولكم إن خصوص كونه عرضا وجوهرا لا يصلحان لعلة هذا الحكم # وإن أردتم به أن إمكان الانقسام إلى هذين القسمين حكم واحد وأنه ثابت في جميع الموجودات التي في الشاهد فهو باطل لأن إمكان الانقسام إلى هذين القسمين لم يثبت في شيء من الموجودات التي في الشاهد فضلا عن أن يثبت في جميعها لأن كل موجود في الشاهد فهو إما جوهر وإما عرض فإن كان جوهرا امتنع أن يكون محايثا لغيره بالجهة فلم يكن قابلا لهذا الانقسام وإن كان عرضا امتنع أن يكون مباينا لغيره بالجهة فلم يكن قابلا لهذا

الانقسام فثبت بما ذكرنا أن الذي قالوه مغالطة والحاصل أن هذا المستدل أوهم أن قوله الموجود في الشاهد إما أن يكون محايثا لغيره أو يكون مباينا عنه بالجهة إشارة إلى حكم واحد ثم بني عليه أنه لا يمكن أن يعلل هذا الحكم بخصوص كونه جوهرا ولا بخصوص كونه عرضا ونحن بينا أنه إشارة إلى حكمين مختلفتين معللين بعلتين مختلفتين # السؤال الرابع سلمنا أنه لا يمكن تعليل هذا الحكم بخصوص كونه جوهرا ولا بخصوص كونه عرضا فلم قلتم إنه لابد من تعليله إما بالحدوث وإما بالوجود وما الدليل على هذا الحصر أقصى ما في الباب أن يقال سبرنا وبحثنا فلم نجد قسما آخر إلا أنا بينا في الكتب المطلولة أن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود وشرحنا أن هذا السؤال هادم لكل دليل مبني على تقسيمات منتشرة غير محصورة بين النفي والاثبات # السؤال الخامس سلمنا أن عدم الوجدان يدل على عدم الوجود ولكن لا نسلم قولكم أنا وجدنا لهذا الحكم علة سوى الحدوث والوجود بيانه من وجهين # أحدهما أن من المحتمل أن يقال المقتضى لقولنا إن الشيء إما أن يكون محايثا للعالم أن مباينا عنه هو كونه بحيث تصح الاشارة الحسية إليه وذلك لأن كل شيئين تصح الاشارة الحسية إليهما فإما أن تكون الاشارة إلى أحدهما عين الاشارة إلى الآخر وذلك كما في اللون والمتلون وهذا هو المحايثة وإما أن تكون غير الاشارة إلى الآخر وهذا هو المباينة بالجهة فثبت أن المقتضي لقبول هذه القسمة هو كون الشيء مشارا إليه بحسب الحس وعلى هذا التقدير ما لم يقيموا الأدلة على أنه مشار إليه بحسب الحس لا يمكن أن يقال إنه يجب أن يكون محايثا للعالم أو مباينا عنه بالجهة لكن كونه تعالى مشارا إليه بحسب الحس هو مما وقع

النزاع فيه وحينئذ تتوقف صحة الدليل على صحة المطلوب وذلك يفضي إلى الدور وهو باطل


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 03 Apr 2010, 03:42 AM   #84
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# الثاني لاشك أن ما سوى الله تعالى إما أن يكون محايثا لغيره أو مباينا عن غيره بالجهة ولاشك أن الله تعالى محالف لهذين القسمين بحقيقته المخصوصة إذ لو لم يكن مخالفا لهما بحقيقته المخصوصة لكان مثلا للجواهر أو الأعراض ويلزم منه كونه تعالى محدثا كما أن الأعراض والجواهر محدثة وذلك محال # وإذا ثبت هذا فنقول إن الجواهر والأعراض يشتركان في الأمر الذي وقعت به المخالفة بينهما وبين ذات الباري فلم لا يجوز أن يكون المقتضي لقبول الانقسام إلى المحايث وإلى المباين هو ذلك الأمر وعلى هذا التقدير سقط هذا السؤال لأنه لا مشترك بين الجواهر والأعراض إلا الحدوث # السؤال السادس سلمنا الحصر فلم لا يجوز أن يكون المقتضي لهذا الحكم هو الحدوث قوله أولا الحدوث ماهية مركبة من العدم والوجود قلنا كل محدث فإنه بصدق عليه كونه قابلا للعدم والوجود وأيضا كون الشيء منقسما إلى المحايث والمباين أيضا معناه كونه قابلا للانقسام إلى هذين القسمين فالقابلية إن كانت صفة وجودية كانت في الموضعين كذلك وإن كانت عدمية فكذلك ولا يبعد تعليل عدم بعدم أما قوله ثانيا لو كان المقتضى لهذا الحكم هو الحدوث لكان الجهل بحدوث الشيء يوجب الجهل بهذا الحكم قلنا الكلام عليه من وجهين # الأول لم قلتم إن الجهل بالمؤثر يوجب الجهل بالأثر ألا ترى أن جهل الانسان بأسباب المرض والصحة لا يوجب جهله بحصول المرض والصحة وجهل نفاة الأعراض بالمعاني الموجبة لتغير أحوال الأجسام لا يوجب جهلهم بتلك

التغيرات وجهل الدهري بكونه تعالى قادرا على الخلق والتكوين لا يوجب جهله بوجود هذا العالم # الثاني لو كان الجهل بالعلة يوجب الجهل بالمعلول لكان العلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول وعلى هذا التقدير لو كان المقتضي لكون الموجودين في الشاهد إما متحايثين أو متباينين بالجهة هو الوجود لزم أن من علم كون الشيء موجودا أن يعلم وجوب كونه محايثا للعالم أو مباينا له لكن الجمهور الأعظم وهم أهل التوحيد يعتقدون أنه تعالى موجود ولا يعلمون أنه تعالى لابد وأن يكون إما محايثا للعالم أو مباينا له فوجب على هذا المساق أن لا يكون المقتضي لهذا الحكم هو كونه موجودا وهذا السؤال قد اورده الأستاذ ابن فورك من أصحابنا على ابن الهيصم ولم يقدر أن يذكر عنه جوابا سوى أن قال يمتنع أن يحصل العلم بالأثر مع الجهل بالمؤثر ولا يمتنع أن يحصل العلم بالمؤثر مع الجهل بالأثر وطال كلامه في تقرير هذا الفرق ولم يظهر منه شيء معلوم يمكن حكايته قوله ثالثا كونه محدثا وصف استدلالي وكونه إما محايثا أو مباينا أمر معلوم بالبديهة والوصف الاستدلالي لا يجوز أن يكون علة للحكم المعلوم بالبديهة قلنا ممنوع فإنا بينا أن المؤثر في كثير من الأشياء استدلالي والأثر بديهي # السؤال السابع سلمنا أن المؤثر في هذا الحكم ليس هو الحدوث وأنه هو الوجود لكن لم قلتم إنه يلزم حصوله في حق الله تعالى وبيانه أن المطلوب إنما يلزم لو كان الوجود أمرا واحدا في الشاهد والغائب أما إذا لم يكن الأمر كذلك بل كان وقوع لفظ الوجود على الشاهد والغائب ليس إلا بالاشراك اللفظي كان هذا الدليل ساقطا بالكلية ثم إن الكرامية لا يمكنهم أن يقولوا بأن الوجود في الغائب والشاهد واحد إذ لو كان كذلك لزمهم إما القول بكون

الباري تعالى مثلا للمحدثات من جميع الوجوه أو القول بأن وجوده زائدا على ما هيته والقوم لا يقولون هذا الكلام # السؤال الثامن سلمنا أن ما ذكرتم يدل على الوجود هو العلة لهذا الحكم لكن هاهنا دليل آخر يمنع منه وهو أن المقتضي لقبول الانقسام في الجوهر والعرض لو كان هو الوجود لزم في الجوهر وحده أن يقبل الانقسام إلى الجوهر والعرض وأنه محال ولزم أيضا في العرض وحده أن يقبل الانقسام إلى الجوهر والعرض ومعلوم أن ذلك محال فإن قالوا إن كل جوهر وعرض فإنه يصح كونه منقسما إلى هذين القسمين نظرا إلى كونه موجودا وإنما يمتنع ذلك الانقسام نظرا إلى مانع منفك وهو خصوصية ماهيته قلنا هذا اعتراف بأنه لا يلزم من كون الوجود علة لصحة أمر من الأمور أن يصح ذلك الحكم على كل ما كان موصوفا بالوجود لاحتمال أن يكون ماهية المخصوص مانعة من ذلك الحكم وإذا كان كذلك فلم لا يجوز أن يقال الوجود وإن اقتضى كون الشيء إما محايثا لغيره أو مباينا عنه إلا أن خصوصية ذاته تعالى كانت مانعة من هذا الحكم فلم يلزم من كونه تعالى موجودا كونه بحيث يكون إما محايثا للعالم أو مباينا عنه بالجهة # السؤال التاسع أنما ذكرتموه من الدليل قائم في صور كثيرة مع أن النتيجة اللازمة عنه باطلة قطعا وذلك يدل على أن هذا الدليل منقوض وبيانه من وجوه # الأول أن كل ما سوى الله فهو محدث فيكون صحة الحدوث حكما مشتركا بينهما فنقول هذه الصحة حكم مشترك فلابد لها من علة مشتركة والمشترك إما الحدوث أو الوجود ولا يمكن أن يكون المقتضي لصحة الحدوث هو الحدوث لأن صحة الحدوث سابقة على الحدوث بالرتبة والسابق بالرتبة على

الشيء لا يمكن تعليله بالمتأخر عن الشيء فثبت أن صحة الحدوث غير معللة بالحدوث فوجب كونها معللة بالوجود والله تعالى موجود فوجب أن يثبت في حقه صحة الحدوث وهو محال # الثاني أن كل موجود في الشاهد فهو إما حجم قائم بالحجم ثم يذكر التقسيم إلى آخره حتى يكون الباري تعالى إما حجما أو قائما بالحجم والقوم لا يقولون به # الثالث أن كل موجودين في الشاهد فلابد وأن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مباينا عنه في أي جهة كان ثم يذكر التقسيم المتقدم حتى يظهر أن هذا الحكم معلل بالوجود والباري تعالى موجود فوجب أن يصح على الباري كونه محايثا للعالم أو مباينا عنه في أي جهة كان من الجوانب التي للعالم وذلك يقتضي أن لا يكون اختصاص الله بجهة فوق بل يلزم صحة الحركة على ذات الله تعالى من الفوق إلى السفل وكل ذلك عند القوم محال # الرابع أن كل موجودين في الشاهد فإنه يجب أن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مباينا عنه بالجهة والمباين بالجهة لابد وأن يكون جوهرا فردا أو يكون مركبا من الجواهر وكون كل موجودين في الشاهد على أحد هذه الأقسام الثلاثة أعني كونه عرضا أو جوهرا فردا أو جسما مؤتلفا لابد وأن يكون معللا بالوجود فوجب أن يكون الباري تعالى على أحد هذه الأقسام الثلاثة والقوم ينكرون ذلك لأنه تعالى ليس بعرض ولا بجوهر ولا بجسم مؤتلف مركب من الأجزاء والأبعاض # الخامس أن كل موجود يفرض مع العالم فهم إما أن يكون مساويا للعالم أو زائدا عليه في المقدار أو أنقص منه في المقدار وانقسام الوجود في

الشاهد إلى هذه الإقسام الأربعة حكم لابد له من علة ولا علة إلا الوجود والباري تعالى موجود فوجب أن يكون الباري تعالى على أحد هذه لأقسام الثلاثة والقوم لا يقولون به فثبت بما ذكرنا أن هذه الشبهة منقوضة # قال واعلم أنا إنما طولنا في الكلام على هذه الشبهة لأن القوم يعولون عليها ويظنون أنها حجة قاهرة ونحن بعد أن بالغنا في تنفيحها وتقريرها أوردنا عليها هذه الأسولة القاهرة والاعتراضات القادحة ونسأل الله تعالى أن يجعل هذه التحقيقات والتدقيقات سببا لمزيد من الأجر والثواب بمنه وفضله # قلت والكلام على هذا مع العلم بأن المقصود ذكر القول والفصل والحكم العادل فيما يذكره النفاة من الحجج والجواب عما ذكره من جهة منازعة ليس المقصود استيفاء حجج المثبتة بل إذ تبين أن هذا الذي هو الإمام المطلق في المتأخرين من هؤلاء النفاة المتكلمين والفلاسفة وعرف فرط معاداته لهؤلاء المثبتة الذين ذكرهم وذكر حججهم مع ما هم عليه من ضعف الحجج وقلة المعرفة بالسنن ومذاهب السلف ومع ما فيهم من الانحراف ثم تبين ظهور حججهم العقلية التي ذكرها دع السمعية على ما استوفاه من حجج النفاة العقلية والسمعية مع استعانته بكل من هو من النفاة حتى المشركين الصابئين مثل ارسطو وأبي معشر وشعيتهما من الفلاسفة والمنجمين والمعتزلة وغيرهم ومع أنه لم يبق ممكنا فيما فيه شبهة حجة عرف من الحق ما يهدي به الله من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ولا حول ولا قوة إلا بالله # وقد ذكر أن لهم طريقين على أن كل موجودين فلابد وأن يكون أحدهما محايثا للآخر أو مباينا له أحدهما ادعاء البديهة وقد ذكر أنه سبق

الكلام في ذلك فأحال على ما تقدم وقد قدمنا القول على ما ذكره هناك في مقدمة كتابه مما يبين الحق لمن له أدنى نظر ولا حول ولا قوة إلا بالله # وما ذكره هنا من حكاية كلام ابن الهيصم في مناظرته لابن فورك لم يبلغنا عن الوجه المفصل لكن ذكر بعض المصنفين من النفاة أيضا أنهما تناظرا بحضرة ولي السلطان محمود بن سبكتكين وكان من أحسن ملوك أهل المشرق اسلاما وعقلا ودينا وجهادا وملكا في آخر المائة الرابعة وكانت ملوك في خلافة الظاهر وكانت قد انتشرت إذا ذاك دعوة الملاحدة المنافقين الذين كانوا إذ ذاك بمصر وقد بنوا القاهرة وغيرها ولهم دعاة من أقاصي الأرض بالمشرق وغيره وكان والد ابن سينا منهم وقال ابن سينا وبسبب ذلك اشتغلت في علوم الأوائل وكان بعض المشرق وكثير من جنده يميل إليهم وفي ذلك الوقت صنف الناس الكتب في كشف أسرارهم وهتك أستارهم مثل الكتاب الذي صنفه القاضي أبو بكر الباقلاني وغيره وقد صنف مثل ذلك وبعده كتب آخر وإنما المقصود التنبيه على ما يتعلق بما نحن فيه # وكان هذا مما دعا القادر إلى إظهار السنة وقمع أهل البدع فكتب الاعتقاد القادري المنسوب إليه وهو في الأصل من جمع الشيخ أبي أحمد القصار وهو من أجل المشايخ وأعلمهم وله لسان صدق عظيم وأمر القادر باستتابة من خالف ذلك من المعتزلة وغيرهم وقام الشيخ أبو حامد الاسفرائيني إمام الشافعية والشيخ أبو عبد الله ابن حامد إمام الحنابلة على ابن الباقلاني بسبب ما ينسب إليه من بدعة الأشعري وجرت أمور بلغتنا مجملة غير مفصلة وصنف ابن الباقلاني كتابه المعروف في الرد على من ينسب إلى الأشعري خلاف قوله واعتمد السلطان محمود بن سبككتين في مملكته نحو هذا وزاد

عليه بأن أمر بلعنة أهل البدع على المنابر فلعنت الجهمية والرافضة والحرورية والمعتزلة والقدرية ولعنت أيضا الأشعرية حتى جرى بسبب ذلك نزاع وفتنة بين الشافعية والحنفية وغيرهم قوم يقولون هم من أهل البدع فيلعنون وقوم يقولون ليسوا من أهل البدع فلا يلعنون وجرت لابن فورك محنة بأصبهان وجرت له مناظرة مع ابن الهيصم بحضرة هذا السلطان محمود وكان يحب الاسلام والسنة مستنصرا بالاسلام عارفا به غزا المشركين من أهل الهند وفتح الهند وروي أنه قتل عشرة آلاف زنديق # فكان مما حكاه ميمون النسفى الحنفي في كتابه وهو من نفاة العلو أن السلطان فهم كلام الطائفتين وفهم ما ذكرته المثبتة من أن أقوال النفاة توجب تعطيله وأنهم قالوا لو أردنا أن نصف المعدوم لم نصفه إلا بهذه الصفة بأنه لا داخل العالم ولا خارجه أو كلاما هذا معناه وابن فورك عجز عن جواب هذا حتى كتب فيه إلى أبي اسحاق الأسفرائيني وأن الاسفرائيني لم يجب أيضا بما يدفع به ذلك إلا أن قال يلزم من الاثبات أن يكون جسما أو نحو هذا # مع أن المعروف عن أبي بكر بن فورك هو ما عليه الأشعري وأئمة أصحابه من إثبات أن الله فوق العرش كما ذكر ذلك في غير موضع من كتبه وحكاه عن الأشعري وابن كلاب وارتضاه وذكر البيهقي عنه في كتاب الصفات أنه قال استوى بمعنى علا وقال في قوله ^ أأمنتم من في السماء ^ أي من فوق السماء واحتج البيهقي لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ حين حكم في بني قريظة لقد حكمت فيهم بحكم الله الذي حكم به فوق سبع سماوات وبقول ابن عباس إن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك

# قال أبو بكر محمد بن الحسن الحضرمي القيرواني الذي له الرسالة التي سماها برسالة الايماء إلى مسألة الاستواء لما ذكر اختلاف المتأخرين في الاستواء وذكر أقوالا متعددة قول الطبري أبي جعفر بن جرير صاحب التفسير وأبي محمد بن أبي زيد والقاضي عبد الوهاب وجماعة من شيوخ الحديث والفقه قال وهو ظاهر بعض كتب القاضي أبي بكر وأبي الحسن يعني الأشعري وحكاه عنه أعني القاضي أبا بكر والقاضي عبد الوهاب نصا وهو أنه سبحانه وتعالى مستو على عرشه بذاته قال وأطلقوا القول في بعض الأماكن فوق عرشه قال أبو بكر الحضرمي وهو الصحيح الذي أقول به من غير تحديد ولا تمكن في مكان ولا كون فيه ولا مماسة # قال أبو عبد الله القرطبي صاحب التفسير الكبير في كتاب شرح الأسماء الحسنى بعد أن حكى كلام الحضرمي هذا قول القاضي أبي بكر في كتاب تمهيد الأوائل له وقاله الاستاذ ابن فورك في شرح أوائل الأدلة وهو قول عمر بن عبد البر والطلمنكي وغيرهما من الأندلسيين وقول الخطابي في شعار الدين ثم قال بعد أن ذكر في الاستواء أربعة عشر قولا وأظهر الأقوال ما تظاهرت عليه الآي والأخبار والفضلاء الأخيار أن الله على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه هذا مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقاة # ونقل أبو بكر بن فورك في كتاب مقالة أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب وموافقته الأشعري وما بينهما من النزاع اليسير أو اللفظي فقال الفصل الأول في ذكر ما حكى شيخنا أبو الحسن رضي الله عنه في كتاب المقالات من جمل مذاهب أصحاب الحديث وأبان ما أبان في آخره أنه يقول بجميع ذلك

ثم سرد ابن فورك المقالة التي تقدم ذكرنا لها من كلام الأشعري بعينها وما فيها من ذكر العرش واستواء الله عليه والصفات الخبرية وغير ذلك كما تقدم ثم قال في آخرها فهذا يحقق لك من ألفاظه أنه يعتقد لهذه الأصول التي هي قواعد أصحاب الحديث وأساس توحيدهم # ولا ريب أن هذا قول الأشعرية المتقدمين وأئمتهم كلهم ما علمت بينهم في ذلك نزاعا وإنما أنكر ذلك من أنكره من متأخريهم وجميع كتب الأشعري تنطق بذلك كما ذكرنا فيما تقدم من كتبه وفيما لم يصل إلينا مما يحيل هو عليه مثل ما ذكره أبو القاسم بن عساكر في تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى أبي الحسن الأشعري بعد أن قال فلا بد أن نحكي عنه معتقده على وجهه بالأمانة لتعلم حاله وصحة عقيدته في الديانة فاسمع ما ذكره في الابانة فإنه قال الحمد لله الواحد العزيز الماجد المتفرد بالتوحيد المتمجد بالتمجيد الذي لا تبلغه صفات العبيد وليس له مثل ولا نديد وذكر تمام الخطبة إلى أن قال فإن قال قائل قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون قيل له قولنا الذي نقول به وديانتنا التي بها ندين التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان عليه الامام أحمد بن حنبل نضر الله وجهه قائلون ولمن خالف قوله مخالفون لأنه الامام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق عند ظهور الضلال وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين فرحمة الله عليه من إمام مقدم وكبير مفهم وعلى جميع أئمة المسلمين وذكر تمام الاعتقاد كما ذكرناه عنه فيما تقدم لما ذكر ما ذكره الأشعري في الأبانة

# ثم قال ابن عساكر بعد أن فرغ من سياق ذلك فتأملوا رحمكم الله هذا الاعتقاد ما أوضحه وأبينه واعترفوا بفضل هذا الإمام الذي شرحه وبينه # قال الحافظ ابن عساكر قال أبو الحسن في كتابه الذي سماه العمدة في الرؤية ألفنا كتابا كبيرا في الصفات تكلمنا فيه على أصناف المعتزلة والجهمية فيه فنون كثيرة من الصفات في إثبات الوجه لله واليدين وفي استوائه على العرش # ولشهرة هذا من مذهب الأشعري قال أبو الحسن علي بن مهدي الطبري المتكلم صاحب أبي الحسن الأشعري في كتابه الذي ألفه في مشكل الآيات في باب قوله ^ الرحمن على العرش استوى ^ اعلم أن الله سبحانه وتعالى في السماء فوق كل شيء على عرشه بمعنى أنه عليه ومعنى الاستوى الاعتلاء كما تقول العرب استويت على ظهر الدابة واستويت على السطح بمعنى علوته واستوى الشمس على رأسي واستوى الطير على قمة رأسي بمعنى علا في الجو فوجد فوق رأسي فالقديم جل جلاله عال على عرشه قوله ^ أأمنتم من في السماء ^ وقوله ^ يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ^ وقوله ^ إليه يصعد الكلم الطيب ^ وقوله ^ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ^ # قال وزعم البلخي أن استواء الله على العرش هو الاستيلاء عليه مأخوذ من قول العرب استوى بشر على العراق استولى عليها وقال إن العرش يكون الملك فيقال ما أنكرت أن يكون عرش الله جسما خلقه وأمر ملائكته بحمله قال ^ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ^ وأمية يقول % مجدوا الله فهو للمجد أهل % ربنا في السماء أمسى كبيرا % % بالبناء الأعلى الذي سبق النا % س وسوى فوق السماء سريرا %



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 03 Apr 2010, 03:43 AM   #85
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# قال ومما يدل على أن الاستواء هاهنا ليس بالاستيلاء لأنه لو كان كذلك لم ينبغ أن يخص العرش بالاستيلاء عليه دون سائر خلقه إذ هو مستول على العرش وعلى سائر خلقه وليس للعرش مزية على ما وصفته فبان بذلك فساد قوله # ثم يقال له أيضا إن الاستواء ليس هو الاستيلاء الذي من قول العرب استوى فلان على كذا أي استولى إذا تمكن فيه بعد أن لم يكن متمكنا فلما كان الباري لا يوصف بالتمكن بعد أن لم يكن متمكنا لم يصرف معنى الاستواء إلى الاستيلاء # ثم قال حدثنا أبو عبد الله نفطويه ثنا أبو سعيد قال كنا عند ابن الاعرابي فأتاه رجل فقال ما معنى قوله ^ الرحمن على العرش استوى ^ قال هو على عرشه كما أخبر فقال ليس هو كذلك إنما معناه استولى قال ابن الاعرابي اسكت ما يدريك ما هذا العرب لا تقول للرجل استولى على العرش حتى يكون له في مضاد فأيهما غلب قيل استولى عليه والله لا مضاد له وهو على عرشه كما أخبر # قال أبو الحسن بن مهدي الطبري فإن قيل فما تقولون في قوله ^ أأمنتم من في السماء ^ قيل له معنى ذلك أنه فوق السماء على العرش كما قال ^ فسيحوا في الأرض ^ بمعنى على الأرض وقال ^ لأصلبنكم في جذوع النخل ^ أي على جذوع النخل فكذلك قوله ^ أأمنتم من في السماء ^ # قال فإن قيل فما تقولون في قوله تعالى ^ وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ^ قيل له إن بعض القراء يجعل الوقف في ^ السموات ^ ثم يتبدى ^ وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ^ وكيف ما كان فلو أن قائلا قال

فلان بالشام والعراق ملك لدل على الملك بالشام والعراق لا أن ذاته فيهما قال فإن قيل ما تقول في قوله ^ ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ^ الآية قيل له كون الشيء مع الشيء على وجوه منها بالنصر ومنها بالصحبة ومنها بالمماسة ومنها بالعلم فمعنى هذا عندنا أن الله تعالى مع كل الخلق بالعلم # قال قال البخلي فإن قيل لنا ما معنى رفع أيدينا إلى السماء وقوله ^ والعمل الصالح يرفعه ^ قلنا تأويل ذلك أن أرزاق العباد لما كانت تأتي من السماء جاز أن نرفع أيدينا إلى السماء عند الدعاء وجاز أن يقال أعمالنا ترفع إلى الله لما كانت حفظة الأعمال إنما مساكنهم في السماء قيل له إن كانت العلة في رفع أيدينا إلى السماء أن الأرزاق فيها وأن الحفظة مساكنهم في السماء جاز أن نخفض أيدينا في الدعاء نحو الأرض من أجل أن الله يحدث فيها النبات والأقوات والمعاش وأنها قرارهم ومنها خلقوا أو لأن الملائكة معهم في الأرض فلم تكن العلة في السماء بما وصفه وإنما أمرنا الله تعالى برفع أيدينا قاصدين إليه لرفعها نحو العرش الذي هو مستو عليه # فإذا كان ابن فورك وسائر أئمة الأشعرية موافقين الكرامية وغيرهم على أن الله عز وجل نفسه فوق العرش وهم جميعا متفقون على مخالفة المعتزلة الذين ينفون ذلك ويتأولون الاستواء بمعنى الاستيلاء ونحو ذلك وهم جميعا متفقون على الاستدلال على أن الله فوق العالم بالآيات التي ذكرها هذا الرازي من ناحية مخالفية مثل قوله ^ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ^ وقوله ^ يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ^ وقوله ^ أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ^ مثل ذلك في الآيات كما ذكرنا بعض ذلك وقد تنازع ابن فورك وأصحابه مع ابن الهيصم وأصحابه فإما أن يكون نزاعهم لفظيا أو معنويا

# فإن كان لفظيا لم يكن ذلك منافيا لاتفاقهم من جهة المعنى وإن كانت المعاني متفقة لم يضر اختلاف الألفاظ إلا إذا كان منهيا عنها في الشريعة # وإن كان النزاع معنويا فهو أيضا قسمان أحدهما اختلاف تنوع بأن يكون هؤلاء يثبتون شيئا لا ينفيه هؤلاء وهؤلاء ينفون شيئا لا يثبته هؤلاء فهذا أيضا ليس باختلاف معلوم إلا إذا كان كل منهما يدفع ما يقوله الآخر من الحق فإذا كان أحدهما يثبت حقا والآخر ينفي باطلا كان على كل منهما أن يوافق الآخر وإذا اختلفا كانا جميعا مذمومين وهذا من الاختلاف الذي ذمه الله تعالى في كتابه حيث قال سبحانه وتعالى ^ وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد ^ وقال ^ ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ^ وأمثال ذلك # وإن كانا قد تنازعا حقيقيا هما فيه متناقضان على حقيقة التناقض بحيث أن يكون أحدهما ينفي غير ما أثبته الآخر فهذا بعد اتفاقهم على إثبات أنه فوق العرش وفوق العالم ومخالفتهم جميعا للمعتزلة الذين سلك هذا الرازي وأمثاله مسلكهم في كتابه هذا التأسيس إنما يكون بأن يقول المثبت كونه فوق العرش يستلزم أن يكون في جهة أو يكون متحيزا أو أن يكون منقسما ونحو ذلك ويقول الثاني كونه على العرش لا يستلزم ذلك بل يجوز أن يكون على العرش ولا يكون جسما وهذا الثاني قول الأشعرية فالخلاف بينهم وبين الأشعرية إنه إذا كان على العرش هل يستلزم ذلك أن يكون جسما أو لا يستلزم ذلك # فإن كان هذا هو الخلاف المحقق بين ابن فورك وأصحابه وبين ابن الهيصم وأصحابه فإما أن يكون الصواب مع ابن فورك أو مع ابن الهيصم

# فإن كان الصوب مع ابن فورك ثبت حينئذ أنه إذا كان على العرش لم يستلزم ذلك أن يكون جسما ولا أن يكون مركبا أو منقسما ولا غير ذلك وإذا صح هذا بطل ما ذكره هذا المؤسس وأمثاله من أن كونه فوق العرش يستلزم التجسيم وحينئذ فيبطل جميع ما ذكره من الحجج في هذا الكتاب على ابطال كونه على العرش وإذا أقر بأنه فوق العرش فهو أعظم المقصود وحينئذ فيكون كلامه من جنس الأشعرية الأكابر المتقدمين # وإن كان الصواب مع ابن الهيصم وهو أن كونه فوق العرش يستلزم أن يكون جسما وهذا هو الذي يقوله هذا المؤسس وأمثاله من الأشعرية المتأخرين وهو الذي يقوله المعتزلة والفلاسفة الجهمية وأمثالهم فيكون هذا المؤسس وهؤلاء كلهم متفقون على أن الصواب في المناظرة كان مع ابن الهيصم دون ابن فورك # ومعلوم أن أهل الاثبات الذين يقولون هو على العرش ولا يتكلمون في الجسم بنفي ولا إثبات لا ينفون هذا الكلام أيضا وإن خالفهم بعضهم لفظا فيها ولا ينازع في ذلك نزاعا معنويا فيكون جماهير الخلائق من مثبتة الصفات ونفاتها مع ابن الهيصم # فقد ظهر بما ذكره أن تصويب بن فورك ومتقدمي الأشعرية يقتضي تخطئة الرازي ومتأخري الأشعرية الذي خالفوا متقدميهم في قولهم إن الله ليس على العرش وأن تصويب ابن الهيصم وتخطئة ابن فورك هو أولى بتخطئة هؤلاء المتأخرين النفاة لكونه على العرش وإذا كان كذلك ثبت خطأ هذا الرازي وذويه سواء كان المصيب هو ابن فورك أو هو ابن الهيصم وثبت اتفاق الطائفتين المتقدمتين من الأشعرية والكرامية على خطأ هؤلاء المتأخرين من

الأشعرية الموافقين للمعتزلة في نفي أن يكون الله فوق العرش وهذا هو المقصود الأكبر فيما ذكرناه # وأيضا فهذا الرازي وذووه يقولون هم وغيرهم إن العلم بأن كونه على العرش يستلزم أن يكون متحيزا أو أن يكون جسما علم ضروري وإذا كان كذلك كانوا مقرين بأن الكرامية أصوب من شيوخهم المتقدمين وأن ذلك معلوم بالاضطرار وإذا كان كذلك ثبت أن قول الكرامية هو الصواب دون قولهم وقول شيوخهم المتقدمين وذلك أيضا يستلزم أن يكون الله فوق العرش # وهذا يبين إنما تنازع فيه متقدمو الأشعرية ومتأخروهم ثبت به خطؤ إحدى الطائفتين منهم ولم يثبت خطؤ الكرامية في قولهم إن الله فوق العرش فإنه إن كان الصواب مع متقدميهم فهم والكرامية متفقون على أن الله فوق العرش وإن كانت الكرامية مخطئة على هذا التقدير في قولهم هو جسم فهذا لا يضر وإن كان الصوب مع متأخريهم أن كونه على العرش يستلزم التجسيم فهم والمتقدمون من الأشعرية متفقون على أن الله فوق العرش فيكون التجسيم حينئذ لازما للطائفتين جميعا فلا تكون إحداهما مصيبة والأخرى مخطئة # وإذا ثبت خطؤ احدى طائفتي الأشعرية تيقنا بالاتفاق إما مثبتو العلو وإما الملازمون بين العلو والجسم ولم يثبت خطؤ الكرامية المنازعين لهم في قولهم إنه على العرش لا على قول الأولين المثبتين العلو ولا على قول الآخرين الملازمين بين العلو والجسم ظهر أن الكرامية المنازعين الأشعرية في مسألة العلو والجسم أقرب إلى الصواب منهم فإن من ظهر خطؤه على كل تقدير أولى بالخطأ ممن لم يظهر خطؤه في المسألة الواحدة وهي المقصودة الكبرى على التقديرين جميعا وخطاهم في المسألة الأخرى وهي مسألة الجسم إنما يظهر على إحدى التقديرين فقط وهذا بين ظاهر


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 03 Apr 2010, 03:44 AM   #86
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# فإن الأشعرية قد ثبت لزوم الخطأ لهم بالضرورة إما لأوليهم وإما لآخريهم إذا كان النزاع معنويا تضادا كما تقدم وأما الكرامية فهم في مسألة كونه على العرش لم يظهر خطؤهم على التقديرين جميعا وفي مسألة الجسم إنما يكونون مخطئين على قول الأولين فقط إذ الآخرون من الأشعرية يوافقونهم على أن العلو يستلزم التجسيم وظهر بذلك أن كلما تنازع فيه هؤلاء لم يظهر فيه نفي أن يكون الله على العرش وذلك لأن هذا هو الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهو القائل سبحانه وتعالى ^ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ^ الآية ودين الحق الذي بعث به رسوله ظاهر على كل تقدير # وأيضا فإن هذا معلوم بالفطرة والبديهة وقد ظهر بذلك أن متقدمي الأشعرية وأئمتهم هم أولى بالحق والصواب من متأخريهم وإن كان في قولهم ما يذكر أنه خطؤ فالخطاء الذي مع المستأخرين أعظم وأكثر وهذا لأن الكلام الذي فيه بدعة كلما كان أقرب إلى الفطرة والشرعة كان أقرب إلى الهدى ودين الحق وكلما بعدت البدعة عن ذلك تغلظت # وهذا مما يبين أن فطر الناس وبدائههم ممن ليس به هوى ولا تقليد سواء كان في الأمراء أو الملوك أو غيرهم فإنهم يعرفون بفطرتهم وبديهة عقولهم أن ما ذكره من أنه لا داخل العالم ولا خارجه إنما هو صفة المعدوم وأن الموجودين لابد أن يكون أحدهما قائما بالآخر محايثا له أي يكون حيث هو يكون أو يكون مباينا له منفصلا عنه في جبهه غير جهته # وما زال أئمة السنة يذكرون هذا مثل ما ذكره عبد العزيز الكناني صاحب الشافعي صاحب الحيدة المشهور بالرد على الجهمية والقدرية وغيرهم

قال في رده على الجهمية باب قول الجهمي في قول الله عز وجل ^ الرحمن على العرش استوى ^ زعمت الجهمية أنما قول الله ^ الرحمن على العرش استوى ^ أنما المعنى استولى كقول العرب استوى فلان على مصر استوى فلان على الشام يريد استولى عليهما باب البيان لذلك يقال له هل يكون خلق من خلق الله أتت عليه مدة ليس الله بمستول عليه فإذا قال لا قيل له فمن زعم ذلك فهو كافر ويقال له يلزمك أن تقول إن العرش قد أتت عليه مدة ليس الله بمستول عليه بعد خلق السموات والأرض قال وذلك أن الله أخبر أنه خلق العرش قبل السماوات والأرض ثم استوى عليه الله تعالى ^ وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ^ فأخبر أن العرش كان على الماء قبل خلق السموات والأرض ثم قال ^ خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فسأل به خبيرا ^ وقوله ^ الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ^ وقوله عز وجل ^ ثم استوى إلى السماء وهي دخان ^ وقوله عز وجل ^ ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات ^ فأخبر أنه استوى على العرش فيلزمك أن تقول المدة التي كان العرش فيها قبل خلق السموات والأرض ليس الله بمستول عليه إذا كان استوى على معناه عندك استولى فإنما استولى بزعمه في ذلك الوقت لا قبل # قال وقد روى عمران بن الحصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أقبلوا البشرى يا بني تميم قالوا قد بشرتنا فاعطنا قال اقبلوا البشرى يا أهل اليمن قالوا قد قبلنا فاخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان قال كان الله قبل كل شيء وكان عرشه على الماء وكتب في اللوح ذكر كل شيء وروي عن أبي رزين العقيلي وكان يعجب النبي صلى الله عليه وسلم مسألته أنه قال يا رسول الله

أين كان الله قبل أن يخلق السموات والأرض قال كان في عماء فوقه هواء وتحته هواء ثم خلق عرشه على الماء # قال فقال الجهمي أخبرني كيف استوى على العرش أهو كما تقول العرب استوى فلان على السرير فيكون السرير حوى فلانا وحده إذا كان عليه فيلزمك أن تقول إن العرش قد حوى الله وحده إذا كان عليه لأنا لا نعقل الشيء على الشيء إلا هكذا باب من البيان لذلك يقال له أما قولك كيف استوى فإن الله لا يجري عليه كيف وقد أخبرنا أنه استوى على العرش ولم يخبرنا كيف استوى فوجب على المؤمنين أن يصدقوا ربهم باستوائه على العرش وحرم عليهم أن يصفوا كيف استوى لأنه لم يخبرهم كيف كذلك ولم تره العيون في الدنيا فتصفه بما رأت وحرم عليهم أن يقولوا عليه من حيث لا يعلمون فآمنوا بخبره عن الاستواء ثم ردوا علم كيف استوى إلى الله ولكن يلزمك أنت أيها الجهمي أن تقول إن الله محدود وقد حوته الأماكن إذ زعمت في دعواك أنه في الأماكن لأنه لا يعقل شيء في مكان إلا والمكان قد حواه كما تقول العرب فلان في البيت والماء في الجب فالبيت قد حوى فلانا والجب قد حوى الماء ويلزمك أشنع من ذلك لأنك قلت أشنع من ذلك لأنك قلت أفضع مما قالت به النصارى وذلك أنهم قالوا إن الله حل في عيسى وعيسى بدن انسان واحد فكفروا بذلك وقيل لهم ما أعظمتم الله تعالى إذ جعلتموه في بطن مريم وأنتم تقولون إنه في كل مكان وفي بطون النساء كلهم وبدن عيسى وأبدان الناس كلهم ويلزمك أيضا أن تقول في أجواف الكلاب والخنازير لأنها أماكن وعندك أنه في كل مكان تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا # قال فلما شنعت مقالته قال أقول بأن الله في كل مكان لا كالشيء في الشيء ولا كالشيء على الشيء ولا كالشيء مع الشيء خارجا عن الشيء ولا مباينا

للشيء باب البيان لذلك يقال له إن أصل قولك القياس والمعقول فقد دللت بالقياس والمعقول على أنك لا تعبد شيئا لأنه لو كان شيئا ما خلا في القياس والمعقول أن يكون داخلا في الشيء أو خارجا عنه فلما لم يكن في ذلك شيئا استحال أن يكون كالشيء أو خارجا عن الشيء فوصفت لعمري ملتبسا لا وجود له وهو دينك وأصل مقالتك التعطيل # وأما الحجة التي ذكرها عن ابن الهيصم فلم يذكر ألفاظها لكن ذكر أنه نظمها أحسن من نظمه ونحن في جميع ما نورده نحكي ألفاظ المحتجين بعينها فإن التصرف في ذلك قد يدخله خروج عن الصدق والعدل إما عمدا وإما خطأ فإن الانسان إن لم يتعمد أن يلوي لسانه بالكذب أو يكتم بعض ما يقوله غيره لكن المذهب الذي يقصد الانسان إفساده لا يكون في قلبه من المحبة له ما يدعوه إلى صوغ أدلته على الوجه الأحسن حتى ينظمها نظما ينتصر به فكيف إذا كان مبغضا لذلك والله أعلم بحقيقة ما قاله ابن الهيصم وما نقله هذا عنه لكن نحن نتكلم على ما وجدناه مع العلم بأن الكرامية فيهم نوع بدعة في مسألة الايمان وغيرها كما في الأشعرية أيضا بدعة لكن المقصود في هذا المقام ذكر كلامهم وكلام النفاة # ولا ريب أن أئمة الأشعرية وهم الذين كانوا أهل العراق كأبي الحسن الكبير وأبي الحسن الباهلي وأبي عبد الله بن مجاهد وصاحبة القاضي أبي بكر وأبي علي بن شاذان ونحوهم لم يكونوا في النفي كأشعرية خراسان مثل أبي بكر بن فورك ونحوه بل زاد أولئك في النفي أشياء على مذهب

أبي الحسن ونقصوا من إثباته أشياء ولهذا يوجد في كلام أبي الحسن الأشعري وكلام أبي سعيد بن كلاب الذي ذكره أبو بكر بن فورك فيما جمعه من كلامهما وبيان مذهبهما أشياء تخالف ما انتصر له ابن فورك في مواضع # وهذه الحجة القياسية التي ذكرها عن ابن الهيصم هي مأخوذة من حجة أهل الاثبات في مسألة رؤية الله وأنهم كانوا يحتجون على جواز رؤية الله بأن الله قادر على أن يرينا نفسه لأنه موجود وما لم تمكن رؤيته لا يكون إلا معدوما وهذه الحجة كانوا يتكلمون فيها كنحو كلام أهل الاثبات في مسألة العلو تارة يحتجون فيها بالعلم الضروري بأن الله تعالى قادر على ذلك وتارة يثبتون ذلك بالقياس فإن الرؤية مما يشترك فيها الجواهر والأعراض فيكون عليها أمر مشترك بينهما ولا مشترك إلا الوجود والحدوث لا يكون علة فثبت أن المصحح للرؤية هو الوجود # وهذه الطريقة القياسية مشهورة عن أبي الحسن الأشعري وللناس عليها اعتراضات معروفة كما ذكر ذلك الشهرستاني وغيره ولذلك عدل طائفة من أتباعه كالقاضي أبي بكر إلى أن أثبتوا إمكان الرؤية بالسمع كما أن وقوعها معلوم بالسمع بلا نزاع وأبو عبد الله الرازي قد ذكر طريقة الأشعري هذه في الرؤية في نهايته وذكر ما فيها من القوادح التي يظهر معها وهاها # وإذا علم ذلك فينبغي أن يعلم لأمران أحدهما أن الطريقة التي سلكها أهل الاثبات في مسألة العلو بدعوى الضرورة تارة وبالقياس الذي احتج به ابن الهيصم وغيره تارة أصح من الطريقة التي يسلكونها في مسألة الرؤية بدعوى الضرورة تارة وبالقياس أخرى كما قد ذكرنا فيما قبل أن العلم بأن الله

تعالى فوق خلقه أعرف في الفطرة وأشهر في الشريعة وأعظم استقرارا عند سلف الأمة وأئمتها من العلم بأنه يرى وأن الجهمية كانوا يكتمون إنكار ذلك ويتظاهرون بإنكار الرؤية ونحوها ليتوسلوا بما يظهرونه من إنكار الرؤية والقول القرآن على ما يكتمونه من إنكار وجود الله فوق العرش وكان أئمة السلف يعلمون ذلك منهم فيعرفونهم في لحن القول ويستدلون بما أظهروه على ما أسروه لعلمهم بأصل كلامهم وأنهم إنما أنكروا رؤيته وأنكروا أنه يتكلم حقيقة لأن رؤيته وكلامه مستلزم لوجوده فوق العالم فإذا سلموا الكلام والرؤية وغيرهما لزمهم تسليم أنه فوق العرش وغير ذلك إذ يقال لو كان على العرش لجازت رؤيته ولكان متكلما ومالا يجوز أن يرى يمتنع أن يكون فوق العرش # فلما كانت مسألة العلو هي في نفسها أعظم وأدلتها أقوى وأكثر والمقرون بها أكثر وأكثر من السلف والأئمة والعامة كانت الطريقة التي يسلكها أهل الإثبات فيها أقوى من الطريقة التي يسلكوها في مسألة الرؤية # وبيان ذلك أن اعتراف الفطر بأن الله فوق العالم أعظم من اعترافها بأنه يرى ودلالة الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة على ذلك أعظم من دلالة هذه الأصول على رؤية الله تعالى واعتراف القلوب بأن مالا يكون داخل العالم ولا خارجه لا يكون إلا معدوما أعظم من أعترافها بأن مالا يمكن رؤيته لايكون إلامعدوما وما في القلوب من البديهة والضرورة إلى الأول أعظم مما فيها من الضرورة والبديهية إلى الثاني وكذلك اعترافها بديهة وضرورة بأن كل موجودين لابد أن يكونا متباينين أو متحايثين أعظم من اعترافها بأن كل موجود فلابد وأن تمكن رؤيته # وإذا كان الأمر كذلك ظهر أن الطريقة القياسية التي سلكها ابن الهيصم ونحوه في مسألة العلو أقوى من الطريقة التي سلكها الأشعري ونحوه وابن الهيصم

أيضا في عين مسألة الرؤية وكلاهما سلك طريقة ينصر بها الاثبات الذي جاء به الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة # وكل ما ذكره الرازي من القوادح في هذه الطريقة التي سلكها ابن الهيصم فإنما هي قدح في الأصول العقلية التي سلكها أئمة الأشعرية وغيرهم فهدمه وهدم ابن فورك ونحوه بما ذكروه لأصول أصحابهم وأئمتهم أعظم من هدمهم للأصول التي تذكرها الكرامية وغيرهم في مسألة العرش وهذا بين يعرفه من شدى شيئا من النظر في هذه المواضع ومن عرف ما اعتمده من الأصول في مسألة الرؤية وعلم ما اعتمده هؤلاء في مسألة العرش # الأمر الثاني أنا نذكر أن الطريقة التي سلكها أهل الاثبات في الرؤية ليست من الضعف كما يظنه اتباع الأشعري مثل الشهرستاني والرازي وغيرهما بل لم يفهموا غورها ولم يقدروا الأشعري قدره بل جهلوا مقدار كلامه وحججه وكان هو أعظم منهم قدرا وأعلم بالمعقولات والمنقولات ومذاهب الناس من الأولين والآخرين كما تشهد به كتبه التي بلغتنا دع ما لم يبلغنا فمن رأى ما في كتبه من ذكر المقالات والحجج ورأى ما في كلام هؤلاء رأى بونا عظيما # وإذا ظهر أن طريقهم في الرؤية أقوى مما يظنه هؤلاء كان ذلك تنبيها على أن طريقة ابن الهيصم في العلو أولى أن تكون أقوى منها وأن يكون القدح فيها دون القدح في تلك ثم نبين إن شاء الله تعالى بالكلام المفصل أن عامة ما ذكره الرازي من القدح فيها قدح باطل ولا حول ولا قوة إلا بالله


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 03 Apr 2010, 03:45 AM   #87
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# والله هو المسئول أن يوفقنا للكلم الطيب والعمل الصالح وهو الذي يقوله وإن كان فيه حكم بين هؤلاء الذين يخوضون أحيانا بكلام مذموم عند السلف لكن قد ذكرنا غير مرة أن من حكم الشريعة إعطاء كل ذي حق حقه كما في السنن عن عائشة قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم وأن من كان منهم أقرب إلى الحق والسنة عرفت مرتبته ووجب تقديمه في ذلك الأمر على ما كان أبعد عن الحق والسنة منه قال تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم ^ وأمرت لأعدل بينكم ^ وقال تعالى ^ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ^ وقال في حق أهل الكتاب ^ وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ^ وقال ^ فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم عما جاءك من الحق ^ فكيف الحال بين طوائف أهل القبلة بل الحكم بين من فيه فجور ومن فيه بدعة بالعدل ووضعهم مراتبهم وترجيح هذا من الوجه الذي هو فيه أعظم موافقة للشريعة والحق أمر واجب ومن عدل عن ذلك ظانا أنه ينبغي الاعراض عن الجميع بالكلية فهو جاهل ظالم وقد يكون أعظم بدعة وفجورا من بعضهم # قال أبو الحسن الأشعري في الابانة بعد أن احتج بحجج كثيرة جيدة على اثبات الرؤية من الكتاب والسنة والاجماع ومقصوده الأكبر في الابانة ذكر الحجج السمعية دون القياسية المبنية على الكلام في الجواهر والأعراض فإنه يختصرها فقال بعد ذلك ومما يدل على جواز رؤية الله بالأبصار أنه ليس موجودا غير مستحيل أن يريناه وإنما لا يجوز أن يرى المعدوم فلما كان الله موجودا مثبتا كان غير مستحيل أن يرينا نفسه عز وجل

وإنما أراد من نفي الرؤية لله عز وجل بالأبصار التعطيل فلما لم يمكنهم ذلك صراحا أظهروا ما يؤول بهم إلى التعطيل وجحدوا الله تعالى تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا # قال ومما يدل على جواز رؤية الله تعالى بالأبصار أن الله تعالى يرى الأشياء وإذا كان للأشياء رائيا وليس يجوز أن يرى الأشياء من لا يرى نفسه وإذا كان لنفسه رائيا فجائز أن يرينا نفسه وذلك أنه من لا يعلم نفسه لا يعلم شيئا فلما كان الله تعالى عالما بالأشياء كان عالما بنفسه فكذلك من لا يرى نفسه لا يرى الأشياء فلما كان الله رائيا للأشياء كان رائيا لنفسه وإذا كان رائيا لها فجائز أن يرينا نفسه كما أنه لما كان عالما بنفسه جاز أن يعلمناها وقد قال الله عز وجل ^ أنني معكما أسمع وأرى ^ فاخبر أنه سمع كلامهما ويراهما ومن زعم أن الله لا يرى بالأبصار يلزمه أن لا يجوز أن يكون الله عز وجل عالما ولا قادرا ولا رائيا لأن العالم القادر الرائي جائز أن يرى # قلت وهذا المعنى الذي ذكره الأشعري من أن الموجود يقدر الله على أن يريناه وأن المعدوم هو الذي لا يجوز رؤيته فنفي رؤيته يستلزم نفي الوجود هو مأخوذ من كلام السلف والأئمة كما ذكره حنبل عن الامام أحمد ورواه الخلال عنه في كتاب السنة قال القوم يرجعون إلى التعطيل في كونهم ينكرون الرؤية # وذلك أن الله على كل شيء قدير وهذا لفظ عام لا تخصيص فيه فأما الممتنع لذاته فليس بشيء باتفاق العقلاء وذلك أنه متناقض لا يعقل وجوده فلا يدخل في مسمى الشيء حتى يكون داخلا في العموم مثل أن يقول القائل

هل يقدر أن يعدم نفسه أو يخلق مثله فإن القدرة تستلزم وجود القادر وعدمه ينافي وجوده فكأنه قيل هل يكون موجودا معدوما وهذا متناقض في نفسه لا حقيقة له وليس بشيء أصلا وكذلك وجود مثله يستلزم أن يكون الشيء موجودا معدوما فإن مثل الشيء ما يسد مسده ويقوم مقامه فيجب أن يكون الشيء موجودا معدوما قبل وجوده مفتقرا مربوبا فإذا قدر أنه مثل الخالق تعالى لزم أن يكون واجبا قديما لم يزل موجودا غنيا ربا ويكون الخالق فقيرا ممكنا معدوما مفتقرا مربوبا فيكون الشيء الواحد قديما محدثا فقيرا مستغنيا واجبا ممكنا موجودا معدوما ربا مربوبا وهذا متناقض لا حقيقة له وليس شيء أصلا فلا يدخل في العموم وأمثال ذلك # أما خلق قوة في العباد يقدرون بها على رؤيته فإن ذلك يقتضي كمال قدرته وما من موجود قائم بنفسه إلا والله قادر على أن يرينا إياه بل قد يقال ذلك في كل موجود سواء قام بنفسه أو قام بغيره # وهنا طريقة أخرى وهي أن نقول كل موجود فالله قادر على أن يجعلنا نحسه بأحد الحواس الخمس وما لا يكون ممكن إحساسه باحدى الحواس الخمس فإنه معدوم وهذه الطريقة مما بين الأئمة أن جهما يقول بأن الله معدوم لما زعم أنه لا يحس بشيء من الحواس لأن الموجود لابد أن يمكن إحساسه باحدى الحواس كما ذكر الامام أحمد أصل قوم جهم # قال وكذلك الجهم وشيعته دعوا الناس إلى المتشابه من القرآن والحديث واضلوا بكلامهم بشرا كثيرا فكان مما بلغنا من أمر الجهم عدو الله أنه كان صاحب خصومات وكلام وكان أكثر كلامه في الله فلقي أناسا من المشركين يقال لهم السمنية فعرفوا الجهم فقالوا نكلمك فإن ظهرت حجتنا عليك دخلت في ديننا وإن ظهرت حجتك علينا دخلنا في دينك

وكان مما كلموا به الجهم أن قالوا ألست تزعم أن لك الها قال الجهم نعم فقالوا له فهل رأيت إلهك قال لا قالوا فهل سمعت كلامه قال لا قالوا فشممت له رائحة قال لا قالوا فوجدت له حسا قال لا قالوا له فوجدت له مجسا قال لا قالوا فما يدريك أنه إله قال فتحير الجهم فلم يدر من يعبد أربعين يوما ثم إنه استدرك حجة مثل زنادقة النصارى وذلك أن زنادقة النصارى يزعمون أن الروح الذي في عيسى هي روح الله من ذات الله فإذا أراد أن يحدث أمرا دخل في بعض خلقه فتكلم على لسان خلقه فيأمر بما شاء وينهى عما شاء وهو روح غائب الأبصار فاستدرك الجهم حجة مثل هذه الحجة فقال للسمني ألست تزعم أن فيك روحا قال نعم قال فهل رأيت روحك قال لا قال فهل سمعت كلامه قال لا قال فوجدت له حسا أو مجسا قال لا قال فكذلك الله لا يرى له وجه ولا يسمع له صوت ولا يشم له رائحة وهو غائب عن الأبصار ولا يكون في مكان دون مكان ووجد ثلاث آيات من المتشابه من القرآن قوله ^ ليس كمثله شيء ^ ^ وهو الله في السموات وفي الأرض ^ ^ ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ^ فبنى أصل اضلاله على هؤلاء الآيات وتأول القرآن على غير تأويله وكذب بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وزعم أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه في كتابه أو حدث به رسوله كان كافرا وكان من المشبهة فأضل بكلامه بشرا كثيرا واتبعه على قوله رجال من أصحاب أبي حنيفة وأصحاب عمرو بن عبيد بالبصرة ووضع دين الجهمية فإذا سألهم الناس عن قول الله عز وجل ^ ليس كمثله شيء ^ يقولون ليس كمثله شيء من الأشياء وهو تحت الأرضين السابعة كما هو على العرش لا يخلو منه مكان ولا يكون في مكان دون مكان ولا يكلم ولا يتكلم ولا ينظر

إليه أحد في الدنيا ولا في الآخرة ولا يوصف بصفة ولا بفعل ولا له غاية ولا له منتهى ولا يدرك بعقل وذكر تمام كلامه وقد كتبناه قبل هذا إلى أن قال فعند ذلك تبين للناس أنهم لا يثبتون شيئا ولكن يدفعون عن أنفسهم الشنعة بما يقرون في العلانية وذكر تمام الكلام # والمقصود أنه بين أن وصفه بأنه لا يعرف بشيء من الحواس هو أصل كلامه الذي لزمه به التعطيل وأنه لا يثبت شيئا لأن مالا يكون كذلك لا يكون شيئا # وهذا أمر مستقر في فطر المؤمنين لا يشكون في أن الله تعالى قادر على أن يريهم نفسه وإنما يشكون هل يكون ذلك أو لا يكون كما سأل المؤمنون النبي صلى الله عليه وسلم هل نرى ربنا يوم القيامة فقال نعم هل تضارون في رؤية الشمس وهذا ثابت في الأحاديث الصحيحة المستفيضة المتواترة فإنما كانوا شاكين هل يرون ربهم لم يكونوا شاكين هل يقدر على أن يريهم نفسه وكذلك في المعاد يعلمون أنهم عاجزون عن رؤيته كما أنهم عاجزون عن رؤية الأشياء البعيدة والأشياء اللطيفة مع علمهم عن أن يقدموا بسمعه م وبصرهم على أكثر مما هم قادرين عليه كما يعجزون أن الله قادر على أن يريهم ذلك وكذلك من قبلهم من الأمم ولهذا سأل موسى ربه الرؤية وسأل قومه أن يروا الله جهرة كما سألوا سائر الآيات فإنهم وإن كانوا مذمومين على مسألة الآيات فليسوا مذمومين على علمهم بأن الله قادر عليها كما يسأل الرجل ما لا يصلح وهو من الاعتداء في الدعاء مثل أن يسأل منازل الأنبياء ونحو ذلك فإن الله قادر على ذلك ولكن مسألة هذا عدوان # ولهذا لا يوجد أن أحدا من الأمم السليمة الفطرة قال إن رؤية الله ممتنعة عليه يعني أنه لا يجوز أن يكون مرئيا بحال وليس في مقدوره أن يرى أحدا

نفسه بل هم إذا نفوا الرؤية كان لعظمته من جهة القدر أو الوصف مثل قوله ^ لا تدركه الأبصار ^ أي لا تحيط به ومثل قوله صلى الله عليه وسلم نور أنى أراه وقال رأيت نورا وهذا في المخلوقات فالخالق أعظم فإن السماء ينفى عنها إدراك البصر لسعتها والشمس لبرهانها وشعاعها الذي يعشى البصر فيكون ذلك لعجز البصر عن وصف المرئي وقدره # أما أن يقال إن موجودا عظيما يمتنع في نفسه أن يكون مرئيا كما يمتنع ذلك في المعدوم فهذا خلاف ما فطر الله عليه عباده بل حيث كان الوجود أكمل كان أحق بأن يجوز أن يرى ويشهد لكن بشرط قوى الرائي وكماله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة أنكم ترون ربكم كما ترون الشمس والقمر لا تضامون في رؤية وفي رواية كما ترون الشمس صحوا ليس دونها سحاب فقوله لا تضامون ولا تضارون نفي لأن يلحقهم ضيم أو ضير كما يلحقهم في الدنيا في رؤية الشيء إما لظهوره كالشمس أو لخفائه كالهلال # أما المعدوم فالاحساس به برؤية أو غيرها يقتضى أن يكون موجودا معدوما فإن كونه معدوما يقتضى أنه ليس في الخارج فرؤيته في الخارج تقتضي أنه في الخارج فيقتضي الجمع بين النقيضين الوجود والعدم وهذا باطل ممتنع لا حقيقة له أصلا فلا يدخل في مسمى الشيء حتى يقال إن الله عليه قدير فإنه سبحانه على كل شيء قدير وهذا ليس بشيء أصلا نعم صورة المعدوم الثابتة في العلم قد تنازع الناس في جواز رؤيتها وتنازعوا كذلك في جواز رؤية الله للمعدومات لثبوتها في علمه والنزاع فيها مشهور

# وأما الحجة القياسية المشهورة في هذا الباب التي احتج بها الأشعري وغيره فإن هذا الرازي قد ذكرها في نهايته وأورد عليها اعتراضات كثيرة تهدمها وكذلك من قبله كالشهرستاني وغيره ولم يقفوا على غورها ولا أعطوها حقها وليس هذا موضع بسطها لكن ننبه عليها فإنا قد قدمنا فيما تقدم أن الأمثال المضروبة إذا كانت من باب الأولى جاز استعمالها في حق الله تعالى كما ورد به القرآن والسنة واستعملها السلف والأئمة كما يقال إذا كان العبد ينزه نفسه عن شريك أو أنثى فتنزيه ربه أولى وإذا كان العبد عالما قادرا فالله أولى # وكذلك هذه فإن حاصلها أنه إذا جاز رؤية الموجود المحدث الممكن فرؤية الموجود الواجب القديم أولى وإذا كان المخلوق الناقص في وجوده يجوز أن يرى ويحس به فالرب الكامل في وجوده أحق بأن يرى فإن كون الشيء بحيث يرى كمال في حقه لا نقص لأن كونه لا يرى ولا يحس به لا يثبت في الشاهد إلا للمعدوم فكل صفة لم نعلمها تثبت إلا لمعدوم فإنها لا تكون صفة نقص إلا بالنسبة إلى وجود آخر هو أكمل منها وكل صفة لا تثبت للمعدوم ولا يختص بها الناقص فإنها لا تكون إلا صفة كمال وهذه طريقة في المسألة يتبين بها أن جواز الرؤية من صفات الكمال التي هو الباري أحق بها من المخلوقات # ونظيرها في مسألة العلو أن علو الشيء بنفسه على غيره صفة كمال كما أن قدرته عليه صفة كمال وإذا كان كذلك فالله أحق بهذه الصفة من جميع ما يوصف بها غيره فيجب أن يكون عاليا بنفسه وكذلك تميزه بذاته عن غيره هي صفة لا يوصف بها المعدوم ولا تختص بالناقصات فتكون صفة كمال فيجب إنصاف الله بها وذلك يوجب مباينته للعالم

# لكن قد علم أنا لم نكتب هنا ما يحتج به أهل الإثبات ولكن تكلمنا على ما ذكره الرازي ولوازمه فبينا أن هذه الحجة القياسية المذكورة في الرؤية مضمونها أنا إنما نرى الأشياء لكونها موجودة والله سبحانه وتعالى موجود بل هو أكمل في الوجود فيجب أن تكون رؤيته جائزة # وتلخيصها أن يقال لا ريب أنا نرى الموجودات من الجواهر والأعراض كالألوان والمقادير مثل الطول والقصر ونحوهما دون المعدومات واختصاص الرؤية بالموجود دون المعدوم يقتضي أن المقتضي لجواز الرؤية مختص بالموجود ومعنى هذا أنه لا يجوز أن يكون الموجود والمعدوم في الرؤية سواء إذا لو كانا متماثلين في ذلك لم يجز اختلافهما في رؤية أحدهما دون الآخر فليس المراد بقولنا إن علة الرؤية والمقتضي لها مختص بالموجود إثبات علة أو سبب زائد على حقيقة الموجود مقتض لصحة رؤيته كما توهمه من قال في الأحكام ما يعلل منها ما لايعلل فيجوز أن تكون الرؤية من الأحكام التي لا تعلل بل المراد أن كون أحد الجنسين تصح رؤيته دون الآخر يقتضي اختلافهما في ذلك وعدم تماثلهما سواء كان سبب هذا الاختلاف نفس ذات الموجود أو صفة له أو غير ذلك وهذا لا ينازع فيه من فهمه # وإذا كان المقتضي لجواز الرؤية مختصا بالموجود فإما أن يكون قدرا مشتركا بين المرئيات من الجواهر والأعراض أو أمرا مختصا ببعضها لكن الثاني باطل فإن الحكم المشترك يجب أن يكون سببه مشتركا لأنه لو كان سببه مختصا كان الحكم موجودا مع وجوده وموجودا مع عدمه فلا يكون الحكم متوقفا عليه بل يكون ذلك الوصف عديم التأثير فيه لا أثر له في وجوده إذ هو موجود مع عدمه كوجوده مع وجوده وهذا بين وقد نبهنا

عليه فيما تقدم في تماثل العلل والمعلولات وتكلمنا على النقض وعدم التأثير وبينا الفرق بين العلة التامة التي لا تتبعض وغير التامة وعلى هذا فرؤية كل شيء خاص من نوع أو شخص يشارك رؤية غيره في مطلق الرؤية ويفارقها في خصوص رؤية ذلك النوع أو البعض كما أن المرئي يشارك غيره في كونه موجودا مرئيا ويفارقها بخصوص نوعه أو شخصه فيكون الحكم المطلق المشترك وهو مطلق الرؤية معلقا بالقدر المشترك بين المرئيات والحكم الخاص وهو الرؤية الخاصة معلقا بالقدر المختص في كل نوع وشخص على حدته # وبهذا التحقيق يندفع ما يقال هناك إن الرؤية قد تكون معلقة بخصوص المرئي مثل أن تكون رؤية الجواهر والأعراض معلقة تخص الأعراض فإنه إذا فهم أن الرؤية جنس تحتها أنواع كالمرئيات وأن العام المطلق يضاف إلى العام المطلق والخاص المقيد يضاف إلى الخاص المقيد اندفع هذا وغيره ويزول ما ينقض العلة ويبين عدم تأثيرها # وإذا كان كذلك وأن المقتضي لها مشترك فالمشترك بين المرئيات من الأعيان القائمة بأنفسها والصفات القائمة بغيرها إما الوجود ولوازمه وإما غير ذلك والذي هو غير ذلك هو أخص من الوجود وما كان غير ذلك فلابد أن يستلزم العدم سواء قيل هو الحدوث أو غير ذلك مثل بعض لوازم الحدث لأن المشترك إذا لم يكن هو الوجود ولا شيئا من لوازمه التي يلزم من عدمها عدم الوجود كان أخص من الوجود بحيث يكون وجود خاص لئلا يلزم من عدم هذا الوجود الخاص عدم الوجود بالكلية إذ كل ما هو مساو للوجود في العموم أو هو أعم منه كالمعلوم والمذكور يلزم من نفيه نفي الوجود وهو من لوازم الوجود والكلام هنا في القسم الثاني الذي ليس الوجود ولا شيئا من لوازمه ولم نقل ولا شيئا من لوازمه وهذا الوجود الخاص الذي يقدر أنه سبب الرؤية لا يجوز أن يكون

هو الوجود الواجب فإنا تكلمنا في رؤية المشهودات المخلوقة مع أن علة الرؤية إذا كانت هو الوجود الواجب كان ذلك أبلغ في جواز رؤية الله تعالى فإنه سبحانه هو الوجود الواجب لكن ليس الأمر كذلك # وإذا كان الأمر كذلك فهذا المقتضي للرؤية على هذا التقدير الذي هو أخص من الوجود إما أن يكون ما يدخل فيه الوجود الواجب أو لا يكون فإن كان المقتضي لجواز الرؤية ما يتناول الوجود الواجب ثبت أن المقتضي لجواز الرؤية أمر مشترك بين الوجود الواجب وبين غيره من المرئيات وهذا هو المطلوب # وإن كان المقتضي الأخص لا يدخل فيه الوجود الواجب وجب أن يكون مختصا بما عدا الوجود وهذا سواء كان هو الامكان أو الحدوث أو ما هو أخص من الإمكان والحدوث مثل التحيز أو المقابلة عند من يقول ذلك هو المقتضي للرؤية وهو منتف في حق الله أو المشروط بالثمانية التي يذكرها المعتزلة أو غير ذلك وكل هذه الأمور إذا قيل بانتفائها عن واجب الوجود واختصاصها بالمخلوق فإنها مستلزمة للعدم وأقل ما يكون القبول العدم فإن كل مالا يدخل في الوجود الواجب فهو قابل للعدم بل هو معدوم تارة وموجود أخرى وإذا كان كذلك ظهر أن المقتضي للرؤية إذا لم يكن هو الوجود أو لوازمه كان مستلزما للعدم وإن شئت لقبول العدم وبهذا التقسيم الدائر بين النفي والاثبات انقطع ما يورد هنا من السؤالات # وإذا كان كذلك لم يجز أن يكون المقتضي لرؤية المرئيات أمر يشترط فيه العدم أو قبوله لأن كونه معدوما أو قابلا للعدم لا يكون مقتضيا لأمر وجودي فالرؤية أمر وجودي والأمر الوجودي لا تكون علته أمر عدمي والعلم بهذا بديهي لمن تصوره لكن قد يكون الأمر العدمي مستلزما لوجود مثل عدم

الموانع المستلزمة لكمال العلة بوجود شروطها التي هي أجزاء العلة التامة فيضاف الحكم إلى ذلك العدم ويكون ذلك إضافة إلى علة ناقصة والعلة الناقصة تكون جزءا وشرطا من العلة التامة والعدم وإن كان في الظاهر جزءا من العلة التامة فلابد أن يستلزم أمرا وجوديا وإلا فيمتنع أن يكون العدم علة للوجود أو جزءا من علة الحقيقة بوجه من الوجوه وإذا كان كذلك امتنع أن يكون المقتضي للرؤية التي هي أمر موجودا أمرا يستلزم العدم أو قبول العدم لأنه يكون العدم أو قبول العدم جزءا من علة الأمر الموجود وهذا باطل # فإن قيل هذا أو قبوله إنما كان علة للأمر الموجود لأنه يستلزم أمرا وجوديا كان ذلك الوجود هو جزء العلة في الحقيقة فلا يكون علة الرؤية إلا الوجود أو لوازم الوجود لا يكون ما يستلزم العدم أو قبوله وإذا لم تكن العلة ما يستلزم العدم أو قبوله بطل أن يكون علة الرؤية الحدوث أو شيئا يختص بالمحدثات أو ببعضها أو الامكان أو وصفا يختص بالممكنات أو ببعضها ووجب أن يكون قدرا مشتركا بين القديم والمحدث بين الواجب والممكن بل أن يكون القديم الواجب أحق به فإنه إن كان هو الوجود فظاهر وإن كان شيئا من لوازم الوجود فذلك الوصف متى انتفى انتفى الوجود فلا يكون ثابتا إلا بثبوت الوجود ومن المعلوم أن الوجود وجميع لوازم الوجود مشتركة بين الواجب والممكن والقديم والمحدث وإذا كان كذلك ثبت أن المقتضي للرؤية أمر ثابت في حق الله تعالى القديم الواجب الوجود فتكون رؤية الله جائزة بل تكون أحق بجواز الرؤية لأن وجوده أكمل من وجود غيره # ومن فهم هذه الحجة على هذا الوجه ظهر له أنها برهانية وأمكنه دفع تلك السؤالات الكثيرة التي تورد إذا ذكرت على هذا النظم ولولا أن هذا ليس

موضع ذلك وإلا كنا نفعل ذلك مفصلا لكن فالجواب عما أورده على هذه الحجة في احتجاج ابن الهيصم بها في مسألة العلو فظهر أصل الجواب في مسألة الرؤية وقد ظهر أن حجة ابن الهيصم لم يقررها هو تقريرا جيدا # فإذا أردت تلخيص هذه الحجة فقل الرؤية مختصة بالموجود دون المعدوم وهذا الاختصاص إما أن يكون للموجود أو لما يساويه في العموم والخصوص أو لما هو أعم منه أو لما هو أخص منه فإن جازت لموجود أو لما يساويه أو لما هو أعم منه جاز رؤية كل موجود لثبوت الوجود أو ما يساويه أو ما هو أعم منه لكل موجود وإن كان لما هو أخص من الوجود فإذا كان لما يندرج فيه الواجب جاز رؤيته أيضا لوجود نقيضها وهو الوصف الذي يوجد للواجب وغيره وإن كان لا يندرج فيه الواجب فما سوى الواجب فهو محدث عند أهل الملل قد كان معدوما وهو قابل للعدم بلا نزاع فيكون المقتضي للرؤية لا بد أن يشترط فيه العدم أو قبوله ولا يجوز ذلك لأن الأمور الوجودية لا يشترط في علتها العدم ولا قبول العدم وطرد هذه الحجة يوجب ثبوت كل أمر وجودي # ويقال على هذا جميع النقائص التي يجب تنزيهه تعالى عنها فإنما هو لاستلزامها العدم وأما الوجود من حيث هو وجود فهو كمال فلا يجوز نفيه عنه وهذه الطريق توافق قول من يقول الكمال وهو الوجود وتوابعه كالسمع والبصر والكلام فإنها وجود ليس فيها عدم والنقائص التي هي ضد هذه فيها العدم وهو عدم هذه الأمور

# وكلام السلف والائمة موافق لهذه الطريقة حيث كانوا ينزهونه عن النقائص التي يشبه فيها المعدوم او الموات العادم لصفات الكمال وهذا موافق ما قدمناه قبل هذا من ان ما كان صفة للعدم لم يجز ان يوصف الله به وانما يوصف من السلوب بما كان مستلزما للوجود اذ العدم المحض ليس فيه ثناء وحمد وصفات الله فيها الثناء والحمد وهذا يطابق ان الموجود من حيث هو فيه الثناء والحمد والحمد لله رب العالمين # ونكتة هذه الحجة ان كل حكم ثبت لمحض الوجود فالوجود الواجب اولى به من الممكن وكذلك من الامثال المضروبة وهي الاقيسة العقلية ولله المثل الاعلى ان كل كمال ثبت لموجود فالواحب اولى به من الممكن وكل كمال يوجد في المربوب فالرب اولى به من العبد وهذا مما سلكه الفلاسفة لكن يعبرون بمعنى التولد فيقولون كل كمال ثبت للمعلول فانه من اثر العلة والعلة اولى به من المعلول وهذه اقيسة عقلية وامثال مضروبة ولله المثل الاعلى تستعمل في عامة الامور الالهية كما ورد الكتاب والسنة بنحو ذلك كما قد بيناه في غير هذا الموضع # وقولنا في هذه الحجة كل حكم ثبت لمحض الوجود يخرج الاحكام التي تتضمن العدم مثل الاكل والشرب فان ذلك يستلزم كون الآكل والشارب اجوف بحيث يحصل الغذاء الذي هو اجسام في محل خال لا سيما اذا كان قد خرج غيره بالتحلل ويكون بدل المتحلل فيكون متضمنا خروج شيء من الجسم وذلك نقص منه وهو صفة عدمية ووجود اجزاء فيه وذلك يستلزم خاليا وهو نقص فيه وهو صفة عدمية وهذا ينافي الصمدية فان الصمد هو الذي لا جوف له فلا يأكل ولا يشرب ولا يلد ولا يخرج منه شيء ولا غيره


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 03 Apr 2010, 03:46 AM   #88
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


من جنس الفضلات التي تخرج من الانسان فان دخول جسم فيه او خروج جسم منه يتضمن النقص المستلزم لامر عدمي وهذا ينافي الصمدية وليس هو من الاحكام الثابتة لمحض الوجود بل من الاحكام المتضمنة وجودا او عدما فلا جرم لم يكن سبب ذلك وصفا يتناول الواجب والممكن بل وصف يختص بالممكن المحدث وهو الحاجة والافتقار في الطعام لا خلاف بدل ما يتحلل من البدن وفي الانزال لدفع الضرر الحاصل بسبب المني بمنزلة اخراج الدم عند الحاجة فوجود جسم فيه يضاره ويضاده عجز وفقر من خصائص المخلوق وحاجته الى جسم خارج يستوفيه يتم به وجوده فقر وحاجة من خصائص المخلوق # ولهذا كان اهل الجنة يأكلون ويشربون وينكحون ولا يبولون ولا يبصقون ولا يتمخطون ولا يتغوطون ولا يمنون وانما يتحلل الطعام عنهم برشح كرشح المسك لان تلك الفضلات مضادة للبدن مؤذية له وليس في الجنة اذى واما الاكل والشرب فانما هو استكمال بعد نقص وهذا من لوازم المخلوقات وهذا مبسوط في غير هذا الموضع ولهذا قال سبحانه ( ما المسيح بن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وامه صديقة كانا يأكلان الطعام ) فأكل الطعام ينافي الصمدية ويوجب الفقر والحاجة المنافي للربوبية من وجوه متعددة # وهذا سائر الاحكام التي تعرض لبعض الموجودات والرب منزه عنها مثل السنة والنوم هما من الاحكام المتضمنة امرا عدميا فليس هو من احكام الوجود المحض ولهذا كان اهل الجنة مع كونهم موجودين لا ينامون فان النوم اخو الموت وهو يتضمن امرا عدميا وكذلك العجز والجهل والصمم والعمي وسائر ما ينافي صفات الكمال وان وصف به بعض الموجودات فانه متضمن امرا عدميا وهذا معنى النقص فان النقص يتضمن امرا عدميا

وكل ما تضمن عدما محضا فان الله لا يوصف به فانه يقتضي العدم المحض اذ هو الوجود الواجب وانما يوصف بالصفات السلبية المتضمنة امرا وجوديا # واما طرد هذه الحجة في الادراكات الاربعة هي السمع واللمس والشم والذوق فانه وان كان طردها طائفة من الصفاتية كالاشعري وائمة اصحابه فلا يحتاج الى ذلك عند التأمل بل يفصل الامر فيه واذا فصل تفصيلاا يقتضيه العقل الصريح كان ذلك موافقا لما جاءت به الايات وعليه ائمة الحديث وذلك ان السمع لم يتعلق بالجواهر والاعراض كالرؤية وانما يتعلق بنوع من الاعراض وهو الاصوات مثلا فاذا لم يكن متعلقا بشيء قائم بنفسه كيف يمكن طرده في كل موجود قائم بنفسه حتى يقال انه يمكن سمعه # واما اللمس فانه يتعلق بالجواهر والاعراض وهو الذي اورده من جهة الالزام فلزم لزوما واضحا لكن قاسوا عليه بقية الادراكات فلا جرم جاءت الاحاديث بثبوت المماسة كما دل على ذلك القرآن وقاله ائمة السلف وهو نظير الرؤية وهو متعلق بمسألة العرش وخلق آدم بيده وغير ذلك من مسائل الصفات وان كان قد نفاه طوائف من اهل الكلام والحديث من اصحاب الامام احمد وغيرهم وليس هذا موضع الكلام فيه وانما الغرض التنبيه على مجامع هذه الحجة # واما الذوق فهو مس خاص وكذلك الشم مس خاص فان الهواء وهو جسم يدخل الى المنخرين الى الزائدة التي في الدماغ بخلاف السمع والبصر فانه ليس معهما مماسة المرئي والمسموع ولهذا كانت اصول الاحساس ثلاثة السمع والبصر والمس قال تعالي ^ ( وما كنتم تشترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم ) ^

# ولما كان اللمس جنسا تحته انواع مختلفة في الحيوان وليس طريقا عاما الى حصول العلم الكلي المجرد في القلب بل نفس الاحساس وما يتبعه من ملائمة ومنافرة فيه خصوص في سببه ومقصوده بخلاف السمع والبصر فانهما طريقتان الى حصول العلم العام الكلي في القلب والبصر يحصل به العلم بنفس الحقائق الموجودة والسمع يحصل به العلم بما يقال من اسمائها وصفاتها كان السمع والبصر في كتاب الله مخصوصين بالذكر دون غيرهما من الاحساس # فيقال اما قوله في الوجه الاول مدارها على ان كل موجودين في الشاهد فلا بد وان يكون احدهما محايثا للاخر او مباينا عنه بالجهة قوله وهذه المقدمة ممنوعة فنقول منع هذه من اعظم السفسطة فان الشاهد ما نشهده بحوسنا الظاهرة او الظاهرة والباطنة وليس فيما نشهده شيء الا محايث لغيره وهي الصفات التي هي الاعراض او مجانب له بالجهة وهي الاعيان القائمة بانفسها وهي الجواهر فمن منع ان يكون المشهود لا يخلو عن احد هذين الوصفين فقد منع ان تنقسم المشهودات الى الجواهر والاعراض ومعلوم ان هذا خلاف اتفاق الخلائق من الاولين والاخرين وخلاف ما يعلم بالضرورة والحس فان الشيء المشهود اما قائم بنفسه وهو مباين له واما قائم بغيره وهو محايث له # واما الوجوه التي ذكرها فعنها اجوبة # احدها ان الاستدلال على ذلك غير مقبول لانه قدح في اظهر الحسيات الضروريات # الثاني ان هذا المؤسس وسائر طوائف اهل الحق متفقون على بطلانها وهو من اعظم الناس ابطالا لما ذكره الفلاسفة في وجود جواهر غير محايثة لغيرها ولما

# ذكره المعتزلة من وجود اعراض غير محايثة لغيرها بل ما زال الناس يذكرون ان هذا من اعظم المحالات المتناقضة التي اثبتتها المعتزلة حيث اثبتوا ارادات وكراهات لافي محل وان قولهم هذا يوجب عليهم وجود بقية الاعراض لافي محل وينقض عامة اصولهم # الوجه الثالث ان يقال ما ذكروه من الحجة على ان الموجودين لا بد وان يكونا متباينين او متحايثين هو حجة على هؤلاء وغيرهم فيكون التزام بطلان هذه الاقوال طردا لدليل والمستدل اذا استدل بدليل يبطل مذهب منازعيه في الصورة التي تنازعا فيها وفي غيره مما لم يذكره لم يكن للمنازع ان ينقض دليله بمجرد مذهبه في صورة النزاع ولا يجب على المستدل ان يخص كل صورة صورة بدليل خاص اذا كان العام يتناول الجميع # وبهذا ظهر خطاه في قوله ( ما لم تبطلوا هذا المذهب بالدليل لا يصح القول بأن كل موجودين في الشاهد فاما ان يكون احدهما محايثا للاخر او مباينا عنه ) وكذلك قوله ( ما لم تبطلوا قول المعتزلة بثبوت ارادات وكراهات وفناء لافي محل ) فان الدليل الذي ذكروه على ان كل موجودين لا بد ان يكون احدهما مبيانا للاخر او يكون بحيث هو سواء كان هو الضرورة او الحجة القياسية حجة على هؤلاء وعلى غيرهم فلا يكون مجرد دعوى هؤلاء أو دعى غيرهم معارضة لما ذكر من الدليل لكن ان اقاموا حج على جوهر غير مباين لغيره او ثبوت عرض غير محايث لغيره كان ذلك الدليل معارضا لكن هذا لم يذكر والجواب عنه اذا ذكر هو جواب المؤسس وسائر بني آدم # وذلك يظهر بالوجه الرابع وهو ان قوله ان جمهور الفلاسفة يثبتون هذه الاشياء ويصفونها بما ذكر ليس كذلك بل هذا تثبته طائفة من الفلاسفة

# وهو المشاؤون اتباع ارسطو ومن وافقهم وهؤلاهم الذين سلك سبيلهم الفارابي وابن سينا وهذا المؤسس من كتب ابن سينا يأخذ مذاهب الفلاسفة وكثير ما يقول اتفق الفلاسفة ولا يكون عنده الا ما ذكره ابن سينا وليس ما يذكره ابن سينا قول جميع الفلاسفة بل الفلاسفة اعظم تفرقا واختلافا واكثر طوائف من ان يحصر قولهم كلام ابن سينا او غيره وقد حكى من صنف في المقالات من المسلمين مثل ابي الحسن الاشعري والنوبختي والباقلاني وغيرهم من مقالات الفلاسفة اضعاف اضعاف ما يذكره ابن سينا وهذا المؤسس # وكذلك حكايته عن جمهور المعتزلة اثبات ارادات وكراهات وفناء لافي محل وهذا انما هو قول بعض البصريين وهم ابو علي وابو هاشم ونحوهما وليس هؤلاء جمهور المعتزلة بل لهم في الارادة والكراهة وفي الفناء اقوال كثيرة معروفة هذا واحد منها # واما الوجه الثالث الذي ذكره على وجود موجودات في الاعيان وهي الاضافات وانه يمتنع ان تكون محايثة للعالم او مباينة عنه بالجهة فهذا يعلم فساده بالضرورة والحس واتفاق العقلاء فلا يستحق الجواب فان بعض الناس قد تنازع في الامور التي لم يشهدها كالعقول والارادات اما هذه الاعيان المشهودة فانه لم يقل عاقل انه يوجد فيها امور لا مباينة للغير ولا محايثة له فاذا كان على هذا ألوجه لم يستحق الجواب لكن نبين وجه الفائدة فنقول # الابوة هي كون الانسان تولد منه نظيره والبنوة كونه يولد من نظيره او ما يشبه هذا فان الولادة داخلة في مسمى الابوة والبنوة وكون الشيء ولده غيره او ولد غيره وصف محسوس قائم بالوالد والولد وفي الحقيقة هو صفة ثبوتية فيها اضافة واما العمومة والخؤولة ففيها ولادتان ولادة الاب للشخص وولادة

جده لعمه وبنوة العم فيها ولادة ثالثة وهي ولادة العم لابنه فتفرع النسب يكون متعدد الولادة وقد يكون احدى الولادات موجودا لكن يتوقف الوصف على الاخرى كما يتوقف الامر في العمومة والخؤولة على نحو ذلك # ومن هنا يظن الظان انها اضافة محضة والتحقيق ان احد الوصفين وجد قبل الاخر ومن المعلوم ان كونه ولد وانفصل عن ابيه او امه ليس هو سببا يتبعض حتى يقال ثلث ولادة وربع ولادة اذا خرج جميعه واذا لم تكن منقسمة لم تكن الابوة والبنوة منقسمة حتى يقال ثلث الابوة او ثلث البنوة كما لا يقال نصف الحيوانية والانسانية والناطقية ونحو ذلك # فظهر ان الابوة التي هي وجودية محايثة لذات الاب كغيرها وكيف لا يكون ذلك والابوة من اعظم الصفات القائمة بالاب المغيرة له تغيرا مشهودا بالحس لما يوجد فيه محبة الولد والحنو عليه والعطف عليه وامثال ذلك مما لا يوجبه سائر الصفات فهي بأن تكون قائمة به اولى من غيرها # واما السؤال الثاني وهو قوله كون الشيء بحيث يصدق عليه قولنا اما ان يكون واما ان لا يكون اشارة الى كونه قابلا للانقسام اليهما وقبول القسمة حكم عدمي فلا يكون معللا فعنه اجوبة # احدها ان المراد بذلك ان الموجود يلزمه احد الوصفين اي ان كل موجودين فانه يلزم احدهما ان يكون محايثا للاخر او مباينا عنه فلزوم احد الوصفين للوجود وقيامه به وكونه لا يفارقه هو المعني بقولهم اما ان يكون محايثا او يكون مباينا وهذه القضية التي يسمونها مانعة الخلو مع كونها مانعة

# الجمع اي ان الموجود لا يخلو عن احد هذين والخلو عن الصفات امر عدمي فنقيضه يكون وجوديا فثبوت احد هذين الوصفين للموجود امر وجودي ليس المراد بهذا التقسيم ان الموجودين ينقسمان الى ما يكون محايثا وما يكون مباينا فان العرضين القائمين بمحل كل منهما للاخر ليس محايثا له والجوهر ان كل منهما محايث للاخر ليس محايثا له فهذا ليس من باب تقسيم الكلي الى جزئياته وانما هو من باب التقسيم المانع من الجمع بين القسمين والخلو منهما # وبهذا يظهر غلطة في السؤال الثالث ايضا واذا كان هذا التقسيم ليس هو القسمة الى امرين كتقسيم الكلي والكل وانما هو بيان لزوم احد القسمين ونفي خلو المحلين عنهما جميعا بطل قوله هذا اشارة الى كونه قابلا للانقسام اليهما بل هذا اشارة الى لزوم احدهما # الوجه الثاني قوله قبول القسمة حكم عدمي يقال لا نسلم ان اصل القبول حكم عدمي بل كون الوجود قابلا لشيء نقيضه عدم كونه ليس بقابل له والقبول رافع لهذا العدم ورافع العدم وجود وهذه الحجة هي التي احتج بها على ان الابوة وجودية فان صحت صح ان القبول وجودي وان بطل ذلك في القبول بطل في الابوة ايضا # الوجه الثالث قوله لو كان امرا ثابتا لكان صفة من صفات الشيء المحكوم عليه بكونه قابلا والذات قابلة للصفة القائمة بها فيكون قبول ذلك القبول زائدا عليه ويلزم التسلسل يقال قبول الانقسام ونحوه من الصفات كون ذلك ممكنا في نفس الذات وامكان الشيء لا يحتاج الى امكان آخر

وهذه الصفة لازمة للذات ليست الذات قابلتها بمعنى انه يمكن وجودها ويمكن عدمها بل كونها قابلة امر لازم لها واجب لها وهذا القبول يراد به عدم الامتناع بمعنى الامكان العام الذي يدخل فيه الواجب والاولى بمعنى الامكان الخاص فاذا كان احد القبولين هو الامكان الخاص والاخر هو العام وهو بمعنى الوجوب كان ذلك بمعنى الوجوب ووجوب الصفة للموصوف ليس فيه تسلسل وانما جاء الغلط من لفظ الاشتراك والقبول # الوجه الرابع هنا ان القبول امر عدمي فقوله يمتنع تعليله قيل المراد بالتعليل هنا التلازم ليس المراد به ان يكون احد الامرين غنيا عن الاخر موجبا له وبهذا الاعتبار يصح ان يكون كل من الامرين لازما ملزوما # فقد تبين بهذه الوجوه الثلاثة ان التقسيم لزوم لا قبول ولو كان قبولا لم يكن عدميا ولو كان عدميا فمعناه ان الموجود لا بد له ان انه يكون مع غيره من الموجودات اما محايثا له واما مباينا له وهذا لازم لكون الموجود اما قائم بنفسه واما قائم بغيره وكل قائم بنفسه فهو مباين للقائم بنفسه وكل قائم بغيره فهو محايث لذلك الغير ولما شاركه في القيام بذلك الغير # واما السؤال الثالث فقوله ما الذي تريدون بقولكم الموجود في الشاهد منقسم الى المحايث والمباين فعنه جوابان احدهما ان يقال له لم يقولوا هكذا وانما قالوا الموجودان لا بد وان يكون كل منهما مباينا للاخر او محايثا له والموجود بنفسه مع الموجود الاخر اما مباينا له او محايثا له لم يقولوا

# ان الموجودات تنقسم الى قسمين احدهما مباين والاخر محايث وفرق بين كون الموجود بالنسبة الى غيره يلزمه احد الامرين وبين كون الموجود ينقسم الى الامرين واذا كان كذلك فلزوم احد الامرين حكم واحد وليس هو حكمين مختلفين والفرق ظاهر بين ان يكون الموجود ينقسم الى قائم بنفسه مباين لغيره وهو الجوهر والى قائم بغيره محايث له وهو العرض وبين ان يقال كل موجود مع غيره فلا بد ان يكون مباينا له او محايثا له او يقال الموجود من حيث هو موجود يلزمه ان يكون قائما بنفسه او بغيره فان هذا حكم واحد لموجود وذاك حكمان مختلفان فهذا الواحد هو ما به الاشتراك وهو مورد التقسيم وذانك الاثنان هما ما به الامتياز وهو ما به يمتاز احد القسمين عن الاخر بالحكم الواحد المشترك وهو لزوم احدهما والانقسام اليهما يلزم الوجود المشترك والحكم المختص يلزم القسم الخاص فخصوص كونه قائما بنفسه حكم النوع الخاص وهو الجوهر وخصوص كونه قائما بغير حكم النوع الآخر الخاص وهو العرض وريب ان خصوص كونه جوهرا وعرضا يصلحان لما يختص بالجوهر والعرض وأما لزوم احد الحكمين لكل موجودين او كل موجود وكون الموجود والموجودين لا يخلو عن احد هذين الوصفين فهذا الحكم المشترك بينهما لا يصلح تعليله بخصوص الجوهر وخصوص العرض وهذا ليس هو ان الموجود في الشاهد منقسم الى هذين القسمين فليس هو قسمة الكل الى اجزائه فظهر ان الذي قالوه ليس بغلط ولكن هو غلط او اغلط # وهذا مثل ان يقال الموجود لا بد ان يكون اما قديما او محدثا واما ان يكون خالقا او مخلوقا فان هذا يختص بالموجود فالمعدوم لا يكون قديما ولا محدثا ولا خالقا ولا مخلوقا فلزوم احد القسمين حكم مشترك بينهما والموجود من حيث هو مشترك بينهما


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 03 Apr 2010, 03:47 AM   #89
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# الجواب الثاني ان يقال هب انهم قالوا الموجود في الشاهد ينقسم الى المحايث والمباين فان انقسام الشيء الى قسمين حكم واحد ولكن ما يختص احد القسمين حكم يخالف الاخر فهب ان وجوب المباينة معلل بكونه جوهرا ووجوب المحايثة معلك بكونه عرضا لكن القدر المشترك وهو لزوم الانقسام وقبوله ووجوب الانقسام الى جوهر والى عرض حكم مشترك بينهما وهذا الحكم المشترك يجب تعليلة بالقدر دون المختص لان وجوب الانقسام ولزومه وقبوله وكونه بحيث ينقسم الى قسمين هو مورد التقسيم ومورد التقسيم مشترك بين الاقسام فيجب تعليله بالمشترك فالمقسوم هو الموجود من حيث هو لا وجود الجوهر خاصة ولا وجود العرض خاصة والموجود وان لم يكن في الخارج الا متميزا فهذه قسمة الكلي الى جزئياته وكل كلي ينقسم الى جزئياته فهذا حاله بخلاف الكلي الموجود في الخارج كالانسان مثلا اذا قسم الى اجزائه من الرأس واليد ونحو ذلك # واما قوله في السؤال الرابع لم قلتم انه لا بد من تعليله اما بالوجود واما بالحدوث وما الدليل على الحصر فانه يمكن ان يقال هنا ثلاثة اشياء # احدها ان يقال البحث التام والسبر التام والاستقراء التام قد يفيد اليقين تارة كما يفيد الظن القوي اخرى وهذا مما يقال في مواضع وقول القائل الشهادة على النفي غير معلومة ليس بصحيح بل النفي قد يعلم تارة كما يعلم الاثبات # الثاني ان يقال هذا يفيد الاعتقاد القوي والظن الغالب وهذا فيه انصاف وعدل وهو خير من دعوى البراهين القطعية التي يظهر عند التحقيق انها شبهات وخيالات فاسدة

# ومن قال لا يجوز ان يحتج في هذا الباب الا بالقطعى الذي لا يحتمل النقيض قيل له اولا انت اول من خالف هذا فانت دائما تحتج بما لا يفيد الظن الغالب فضلا عن اليقين # وقيل له ثانيا لا نسلم بل الواجب على كل انسان ان يأتي بما هو الحق فان كان عنده علم قاطع قال به وان كان عنده ظن غالب قال به والمسائل التي تنازع بنو آدم فيها لان يحصل للانسان فيها ظن غالب خير من ان يكون في الحيرة والجهالة او يكون في التقليد او الحجج الفاسدة كما هو الواقع كثيرا وسنتكلم ان شاء الله على هذا الكلام على الاحاديث # وقيل له ثالثا هذا اذا انضم الى غيره حصل من مجموعهما اليقين وان لم يكن اليقين حاصلا بأحدهما كغير ذلك من الادلة السمعية والعقلية # الثالث ان هذا يمكن تقريره بالتقسيم الدائر بين النفي والاثبات كما قررناه في مسألة الرؤية وهو ان يقال المشترك بينهما اما ان يكون هو الوجود او ما هو من لوازمه اولا الوجود ولا شيئا من لوازمه وما ليس هو الوجود ولا شيئا من لوازمه يكون اخص من الوجود لان ما هو مساوله في العموم والخصوص وما هو اعم منه لازم له واما الاخص منه كالحدوث والامكان فليس بلازم له لان الوجود قد لا يكون ممكنا ولا محدثا بخلاف الاعم مثل جواز كونه مذكورا ومعلوما فان ذلك يلزم من انتفائه انتفاء كونه موجودا لانه اعم منه # وان شئت قلت اما ان يكون هو الوجود او ما يساويه في العموم والخصوص او اعم منه او اخص فاذا كان اخص منه فاما ان يتناول الوجود

# الواجب اولا يتناوله فان تناوله فهو في ذلك كالوجود وان لم يتناوله فانه مستلزم الحدوث فان كل مالا يدخل في مسمى واجب الوجود فهو محدث فثبت ان العلة اما ان تكون هي الحدوث او ما يشترط فيه الحدوث مثل ما هو اخص من الحدوث واما ان يكون هو الوجود او ما يتناول واجب الوجود وهذا التقسيم دائر بين النفي والاثبات واليه يرجع حقيقة قولهم اما الوجود واما الحدوث # وهذا التحرير يظهر الجواب عن السؤال الخامس وهو قوله لا نسلم انا ما وجدنا لهذا الحكم علة سوى الحدوث او الوجود بيانه من وجهين الاول ان من المحتمل ان يقال المقتضي لقولنا ان الشيء اما ان يكون محايثا للعالم او مباينا عنه بالجهة كونه بحيث يصح الاشارة الحسية لان كل شيئين صح الاشارة اليهما فاما ان تكون الاشارة الى احدهما عين الاشارة الى الاخر او غيره # فيقال له كونه بحيث تصح الاشارة الحسية اليه اما ان يكون مطابقا للوجود في العموم والخصوص بحيث يقال الموجود لا بد ان تصح الاشارة الحسية اصلا او تبعا وان كل موجودين فلا بد ان تكون الاشارة الى احدهما عين الاشارة الى الاخر او غيره او يكون اخص منه فان كان مطابقا له حصل المقصود وكذلك اذا كان اعم منه بطريق الاولى لانه حينئذ تكون الحجة دليلا على شيئين على صحة الاشارة الحسية اليه وعلى كونه مباينا للعالم وان كانت صحة الاشارة اليه اخص من الوجود بحيث تصح الاشارة الحسية الى بعض الموجودات دون بعض فان كان واجب الوجود داخلا في ذلك صحت الحجة ايضا

# وان لم يكون داخلا في ذلك كانت صحة الاشارة مستلزما للحدوث فيكون التعليل بصحة الاشارة الحسية تعليلا بما يستلزم الحدوث والتعليل بنفس الحدوث كالتعليل بما يستلزم الحدوث كما سنبينه ان شاء الله # اما قوله في الوجه الثاني ان الجواهر والاعراض مشتركان في الامر الذي به وقعت المخالفة بينهما وبين الباري فلم لا يجوز ان يكون هذا هو المقتضى لقبول الانقسام الى المباين والمحايث وحينئذ يبطل قوله لا مشترك بينهما الا الحدوث # يقال هذه المخالفة لذات الباري المشتركة بينهما هي مستلزمة للحدوث فانها من خصائصها لا توجد في الاري وما يختص المحدث مستلزم للحدوث واذا كان كذلك كان حكمه حكم الحدوث فان قولهم هو الوجود او الحدوث كل وصف يستلزم الحدوث فحكمه كحكمه في ذلك وكل وصف لازم للوجود بحيث يلزم من عدمه عدم الوجود هو كالوجود فان رفع التعليل به يقتضي رفع التعليل بالوجود كما تقدم بيانه # قوله في السؤال السادس لم لا يجوز ان يكون المقتضي لهذا الحكم هو الحدوث قوله اولا الحدوث ما هية مركبة من العدم والوجود قلنا كل محدث فانه يصدق عليه كونه قابلا للعدم والوجود وايضا كون الشيء منقسما الى المحايث والمباين معناه كونه قابلا للانقسام الى القسمين فالقابلية ان كانت صفة وجودية كانت في الموضعين كذلك وان كانت عدمية فكذلك ولا يبعد تعليل عدم بعدم # يقال اما الحدوث او ما يستلزم الحدوث فلا يجوز ان يكون هو علة للامر الوجودي لان ذلك مستلزم للعدم وما يستلزم العدم لا يجوز ان

# يكون علة للامر الوجودي فلا يعلل الامر الوجودي الذي يختص بالموجودات دون المعدومات الا بأمر وجودي يختص بالموجودات # وكذلك لو اريد بالتعليل الملازمة فان الامر الوجودي لا يكون مستلزما للامر المستلزم للعدم لانه يوجب ان يكون العدم مستلزما الوجود والعدم لا يكون مستلزما للوجود فلا تكون الرؤية ولا صحة المحايثة والمباينة مستلزما لما يتضمن العدم سواء كان هو الحدوث او ما يستلزم الحدوث اذ كل منهما مستلزم للعدم والوجود لا مستلزما للعدم الا بطريق استلزامه لوجود يمنع غيره فيكون العدم ضد الوجود اما ان يكون وجود جنس الامر الوجودي معلقا بوجود يشترط فيه ان يكون معدوما فلا # قوله كل محدث يصدق عليه كونه قابلا للوجود والعدم وكذلك كون الشيء منقسما الى المحايث والمباين الى آخره يقال له هذا غلط من وجوه # احدها ان المحدث الذي يجوز رؤية هو الموجود دون المعدوم فان المعدوم لا يجوز رؤيته ولا يجوز تعليل رؤية الوجود المنقسم الى محايث ومباين بأنه محدث منقسم الى موجود ومعدوم فان المحدث الذي يدخل فيه المعدوم لا يرى محال فهو اعم مما يرى والعلة لا تكون اعم من المعلول وايضا فالمحدث الذي يصدق عليه انه قابل للوجود والعدم انما هو حقيقته الذهنية التي لا وجود لها في الخارج فهي تقبل ان تكون موجودة وان تكون معدومة واما الوجود فلا يقبل ذلك # الثاني انه ليس قبول الحقيقة لان تكون موجودة ومعدومة مثل قبولها لان تكون محايثة لغيرها او مباينة له لان ذلك القبول لا يقوم بشيء موجود بل

# هو حكم ذهني واما هذا الثاني فهو صفة لامر موجود فان المحايثة والمباينة صفة لامر موجود وليس كل واحد من الوجود والعدم صفة لوجود # الثالث ان الشيء الذي قبل الوجود والعدم هو شيء بعينه يقبل الوجود والعدم تارة ليس المحدث ينقسم الى موجود ومعدوم واما المحايثة والمباينة فليستا صفتين متعاقبتين على حقيقة واحدة بل الحقيقة الموجودة المطلقة تنقسم الى محايث ليس موصوفا بالمباينة والى مباين ليس موصوفا بالمحايثة فليس هذا نظير ذلك # الرابع انا قد بينا ان الحكم الواحد هو لزوم احدهما للوجود وهذا حكم واحد وجودي ولا يقال ان احد الامرين من الوجود والعدم يلزم المحدث بل المحدث بعد حدوثه لا يكون الا موجودا وقبل وجوده لم يكن الا معدوما وان اريد به الحقيقة انه يلزمها احد الامرين فيقال هو يلزمها اما الوجود واما العدم ولزوم احد الامرين واحد وجود والثاني عدم لا يكون وجوديا بخلاف لزوم احد امرين وجوديين المباينة والمحايثة فان لزوم احد هذين يكون وجوديا # الخامس ان الصواب المتفق عليه بين اهل السنة وعقلاء الخلق ان العدم ليس بشيء في الخارج وانما كان له وجود في العلم واذا كان كذلك فالمحدث تارة يكون شيئا وتارة لا يكون شيئا فلا يكون كونه شيئا وكونه ليس بشيء علة لكونه محايثا او مباينا فان هذين يختصان بما هو شيء وما هو شيء لا يكون علة ما يستلزم في احد حاليه ان لا يكون شيئا او لا يكون علة انقسام حالية الى ان يكون شيئا تارة وغير شيء اخرى # واما ما اورده على قوله ان الجهل بالعلة يوجب الجهل بالمعلول من معارضة ذلك بأن يقال العلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول فيقال عنه جوابان

# احدهما القول بموجب ذلك فان كل ذي فطرة سليمة لم يتقلد مذهبا يصده ويغير فطرته اذا علم ان الشيء موجود علم انه اما ان يكون محايثا لغيره واما ان يكون مباينا له كما يعلمون ان القائم بنفسه لا يكون الا داخل العالم او خارجه واذا قيل له موجود لا داخل العالم ولا خارجه او قيل له شيئان موجودان ليس احدهما مباينا للاخر ولا هو بحيث هو وفهم ذلك انكرته فطرته # وقوله الجمهور الاعظم وهم اهل التوحيد يعلمون ان الباري جل وعلا موجود ولا يعملون انه لا بد وان يكون محايثا للعالم او مباينا له قلنا ليس الامر كذلك بل النفاة مغمورون في جانب اهل التوحيد ايضا فيكون بالنسبة الى جماهير بني آدم من المسلمين وغيرهم وجمهورهم تقلد هذا القول عن بعض حتى تغيرت فطرته ليس في هؤلاء احد من سلف الامة ولا ائمتها ولا فيهم الا من هو مجروح من المسلمين ببدعة وان كان متأولا فيها ومغفورا له خطاه او فيه ما هو اكثر من البدعة وهو الغالب على ائمة هذا القول من نوع ردة عن الاسلام ونفاق فيه وغير ذلك وقد اتفق سلف الامة وائمتها على انهم من اضل الخلق واجهلهم فلا يضرهم خلافهم في ذلك # الوجه الثاني ان يقال العلم امر وجودي واما عدم العلم فوصف عدمي والامر الوجودي يتوقف على السبب التام بخلاف العدمي فانه يكفي فيه عدم السبب او نقصه واذا كان كذلك فليس مجرد علم الانسان بالدليل علة كان او غيرها يوجب علمه بالمدلول معلولا كان او غيره ان لم يستحضر في ذهنه دلالة الدليل على المدلول ويتفطن لما فيه من الدلالة وهذا كما ان خلقا يسمعون كلام الله وهو الدليل الهادي ويشهدون آيات الله بالليل والنهار وهم عنها معرضون لعدم التفكر والتدبر اما اذا علم الرجل الحكم فلا بد له من سبب يوجب العلم

# في قلبه وكون الشيء اما محايثا وإما مباينا واما قديما واما محدثا ونحو ذلك ليس هو الوصف المحسوس المشهود بالحس من المحايثة والمباينة وانما هو الوصف المعقول وهو لزوم احد الوصفين للموجود وكون الموجود ينقسم الى هذين فان الموجود المطلق وجوده ذهني وكذلك الانقسام الى قسمين هو حكم عقلي وكذلك لزوم احد الوصفين لا بعينه حكم عقلي ليس بحسي فاذا كان هذا الحكم يحكم به العقل بمجرد علمه وجود الشيء المحايث والمباين قبل علمه بكونه محدثا علم ان العلم بهذا الانقسام العقلي لا يتوقف على الحكم بالحدوث بل يعلم بمجرد العلم بكونه موجودا فلو كان المقتضى له ليس هو الوجود بل هو الحدوث او ما يشترط فيه الحدوث كان الحكم بذلك بدون العلم بمقتضيه وملزومه حكما للذهن بلا حجة فانه انما يستدل على الشيء بعلته او معلوله او يستدل باحد المعلولين على الاخر فاذا كانت جميع وجوه الادلة منتفية انتفى العلم فاذا كان العلم بهذا الانقسام موجودا بدون هذه الوجوه علم انها ليست ادلة فلا تكون داخلة في التعليل # وكذلك قوله الاثر المعلوم بالبديهة لا يجوز ان يكون علة وصف استدلالي انما هو العلة التي توجب العلم بالحكم ولكن يجوز ان يكون المؤثر فيما ادركه الحس ما لم يذكره الحس ولكن الانقسام ليس من الامور الحسية بل من الاحكام العقلية والعقل لا يحصر شيئا قبل الاحاطة بأفراده ولا يلزم بين شيئين قبل العلم بوجه الملازمة فان لم يكن الوجود هو المقتضى لهذا الحصر والتقسيم ولهذه الملازمة لم يجز حكم الذهن بذلك حتى يعلم دليلا يدله على هذا الحصر والتقسيم وهذه الملازمة ولا يجوز ان يكون الحكم بديهيا ودليله نظريا استدلاليا ومن يدير عقله علم انه يحكم بهذا التقسيم وهذا اللزوم بمجرد العلم بالوجود قبل العلم بالحدوث وغيره فان لم يكن الوجود مقتضيا له لم يكن له ان يحكم


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 03 Apr 2010, 03:48 AM   #90
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


# الا بما احسه وهذان هذا مباين لهذا وهذا محايث له اما ان يحكم حكما عاما على جميع الموجودات اما ان يكون محايثا واما ان يكون مباينا قبل علمه بتساويهما في ذلك فهو حكم بلا اصل وهذا الكلام يحتاج الى تقرير ان العلة الخارجة هي العلة الذهنيه والا فيمكن النزاع في ذلك # واما قوله في السؤال السابع لو كان الوجود واحدا في الشاهد والغائب ليس الاشتراك اللفظي وهذا لا يمكن الا بأن يكون الباري مثلا للمحدثات او يكون الوجود زائدا على الماهية والمخالفون لا يقولون بواحد منهما # فيقال مثل هذا الكلام تكرر في تصانيف هذا الرجل وهو غلط عظيم في اظهر الامور واول الامور المعقولة من العلم الالهي و العلم الكلي وهو وجود الحق ووجود الخلق ولهذا يغلط به من نقل مذاهب الناس # فان مذهب عامة الناس بل عامة الخلائق من الصفاتية كالاشعرية والكرامية وغيرهم ان الوجود وهو مقولا بالاشتراك اللفظي فقط وكذلك سائر اسماء الله التي سمي بها وقد يكون لخلقه اسم كذلك مثل الحي والعليم والقدير فان هذه ليست مقولة بالاشتراك اللفظي فقط بل بالتواطىء وهي ايضا مشككة فان معانيها في حق الله تعالى اولى وهي حقيقة فيهما ومع ذلك فلا يقولون ان ما يستحقه الله تعالى من هذه الاسماء اذا سمي بها مثل ما يستحقه غيره ولا انه في وجوده وحياته وعلمه وقدرته مثلا لخلقه ولا يقولون ايضا ان له او لغيره في الخارج وجودا غير حقيقتهم الموجودة في الخارج بل اللفظ يدل على قدر مشترك اذ اطلق وجرد عن الخصائص التي تميز احدهما وهو لا يستعمل

كذلك في اسماء الله فقط ولا هو موضوعا في اللغة كذلك وانما يذكر كذلك في مواضع تجرد عن الخصائص كما تجرد في المناظرة لامور يحتاج اليها فيقدر تجريده عن الخصائص تقديرا كما يقدر اشياء لم توجد وهو حينئذ دال على قدر مشترك بين المسميين ولكن ذلك المشترك ليس مجموع حقيقة كل منهما الموجودة في الخارج فان لفظ الموجود اذا جرد يدل على الموجود المطلق لم يكن الوجود المطلق حقيقة الا في الذهن واما الوجود الخارجي فوجود كل موجود معين مميز عن الاخر مختص به وذلك الجسم المطلق والحيوان المطلق والانسان المطلق # وقد تقدم غير مرة ان حقيقة ذلك ان هذه الحيوانية الخارجية المعينة تشبه هذه الحيوانية وهذه الانسانية الخارجية تشبه هذه الانسانية فبينهما مشابهة من هذا الوجه وان كانت بينهما مخالفة من وجوه اخرى واذا قيل هذا موجود وهذا موجود ففيه اثبات اصل الوجود والثبوت والكون لكل منهما وان ما لهذا يشبه ما لهذا من هذا الوجه وهذا المعنى الذي اشتركا فيه واشتبها في غاية البعد عن حقيقة كل منهما كما ان حقيقة كل منهما يكون في غاية البعد عن حقيقة الاخر فوجود احدهما في الخارج هو عين حقيقته فاذا قيل ان سائر الحقائق والماهيات تشاركها في مسمى الحقيقة والماهية او تشبهها في ذلك كان هذا الشبه البعيد في غاية البعد عن الحقيقتين ولكن الامور العظمية الاختلاف بالحقيقة قد تشتبه في امر ما وهو الذي اشتركت فيه واعم هذه الامور هو الوجود والثبوت والكون فمن كان نظره في هذا كان نظره في ابعد الاشياء عن حقيقة الرب

# وكثير من هؤلاء يعتقد انه قد ادرك حقيقته او انه لا حقيقة له الا ذلك وهؤلاء من اعظم الخلق تمثيلا لربهم بكل شيء وتشبيها له بكل شيء وقد جعلوا كل شيء ندا له وكفوا حيث جعلوا حقيقته هي الوجود المطلق وذلك يثبت لكل موجود فهم اعظم الخلق اشراكا بالله ومن هنا قال الاتحادية منهم انه وجود كل شيء وانه وجود الموجودات كلها ونحو ذلك مما هو من اعظم الاشراك والتعطيل # واصل هذا ان الاشتراك او الاشتباه في امر ما لمسمى الوجود او الحي او غير ذلك لا يقتضي التماثل بوجه من الوجوه بل يقتضي نوع اشتباه وقد يكون بعيدا عن التماثل وهذا الرازي كثيرا يظن ان الاشتراك في شيء هو التماثل فحكم على المشتبهين في شيء بحكم المتماثلين ثم انه في موضع آخر يناقض ذلك حتى يجعل الامور المتماثلة في الحكم لا تتماثل في العلة والامور المتماثلة في العلة لا تتماثل في الحكم اذ هو متناقض في عامة كلامه # ثم ان هؤلاء المتفلسفة والمتصوفة وسائر الملاحدة من القرامطة وغيرهم الذين يقولون حقيقته هي الوجود المحض او المطلق او نحو ذلك يزعمون انهم ابعد الخلق عن التشبيه وانهم هم الموحدون المحققون للتوحيد حتى ينفوا الصفات والاسماء نفيا منهم زعموا التشبيه هم اعظم الخلق تشبيها وتمثيلا واشراكا وجعل اندادا لله معماهم عليه من التعطيل وابعد الخلق عن ان يوحدوا الله تعالى بوحدانيته التي انفرد بها عن سائر مخلوقاته # فانهم اذا جعلوا حقيقته الوجود المطلق فهذا القدر ثابت لكل موجود فقد جعلوا حقيقته ما هو ثابت لكل شيء فقد حقيقة الله تشركه فيها

# البعوضة والنملة بل الكلب والخنزير وقد يصرحون بأن وجود الكلب والخنزير عين وجوده وهذا من اغلظ الاشراك والكفر برب العالمين وهو تعطيل الله اذ لا وجود للوجود المطلق الا في المعين فاذا لم تثبت له حقيقة موجودة مختصة به منفصلة عن الموجودات لزم تعطيله ثم ان حقيقته التي اختص بها وامتاز بها عن خلقه لا يثبتونها وبها وجبت له الوحدانية والوجود من حيث هو وجود كالثبوت والكون وكونه حقا وهذا القدر ثابت لكل ما خلقه وسواه وهو سبحانه رب كل موجود سواه وخالقه وباريه ليس كمثله شيء من ذلك ^ سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ^ # وهذا الموضع قد اوسعنا القول فيه في مواضع غير هذا وهو منشأ الاشراك والضلال في طوائف من الفلاسفة والاتحادية وسائر الملاحدة الذين يعمهم معنى الجهمية وان كان لبعضهم عن بعض في ذلك مزية # ومنشأ هذا من القياس الفاسد والتمثيل برب العالمين والتسوية بينه وبين غيره كما قال تعالى فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود ابليس اجمعون قالوا وهم فيها يختصمون تا الله ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين وما اضلنا الا المجرمون ) واصل الاشراك الذي هو من القياس الفاسد هو ابليس اول من قاس قياسا فاسدا وهو امام المشركين وقائدهم ولا ينجو منه الا المخلصون الذين اثبتوا لله ما يختص به من الصفات والعبادات كما قال ( فبعزتك لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين ) وقال تعالى ( انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ) وهذا باب واسع ليس هذا موضعه

# وذلك انهم يجردون اسماء هذا وصفاته واسماء هذا وصفاته فيسوون بينهما ويجردون القدر المشترك بينهما فيثبتونه حقيقة خارجة وقد يجعلون هذا الذي جردوه هم بأذهانهم فقدروه في انفسهم هو الحقيقة الموجودة في الخارج ثم قد يجعلون هذا ثابتا لكل موجود في الخارج كقولهم هو في كل مكان بذاته وقولهم هو نفس وجود الموجودات وهو الوجود المطلق ونحو ذلك واما السؤال الثامن فقوله في المعارضة ان المقتضي لقبول الانقسام في الجوهر والعرض لو كان هو الوجود لزوم في الجوهر وحده أن يقبل الأنقسام الى الجوهر والعرض وكذلك في العرض وهو محال فيقال هذا غلط ظاهر ومغالطة قبيحة وذلك ان هذا الموجود اما ان يراد به الموجود المعين الخارجي فيكون المعنى انه يلزمه احد الحكمين اما المحايثة واما المباينة لا يقال فيه انه منقسم اليهما وعلى هذا فالجوهر الموجود يلزمه احدهما والعرض الموجود يلزمه احدهما فاما ان يراد به الوجود المطلق الكلي الذي هو مورد التقسيم الى الاقسام فهذا اذا قيل انه ينقسم الى محايث ومباين فهو كقولنا ينقسم الى جوهر وعرض ولا يلزم من قبول القسمة ان يكون احد قسميه القسمة التي يقبلها هو بل هذا جمع بين النقيضين # واما قوله في السؤال التاسع ان ما ذكرتموه من الدليل قائم في صور كثيرة مع ان النتيجة اللازمة عنه باطلة وهذا يدل على انه منقوض وبيانه من وجوه # الاول ان كل ما سوى الله محدث فتكون صحة الحدوث حكما مشتركا فلا بد لها من علة مشتركة والمشترك الحدوث او الوجود والحدوث لا يكون على صحة نفسه فوجب كونها معللة بالوجود فيلزم ان يكون الله محدثا

# فيقال صحة الحدوث ليست من احكام الامور الوجودية بل من احكام الامور التي يمكن وجودها سواء كانت موجودة او لم تكن بخلاف المحايثة والمباينة فانها مختصة بالوجود دون العدم واما صحة الحدوث فهي مشتركة بين الوجود الممكن وبين كل معدوم ممكن فبينها وبين لزوم المحايثة او المباينة عموم وخصوص اذ صحة الحدوث يعم المعدوم الممكن بخلاف لزوم المحايثة او المباينة وبخلاف الرؤية واما لزوم المحايثة او المباينة والرؤية فلا يعلم انتفاؤه عن الله بخلاف صحة الحدوث فانه يعلم بالضرورة انتفاؤه في حق الله تعالى واذا كان كذلك فيجب ان تكون علة صحة الحدوث ما يطابقه في العموم وذلك ليس هو الحدوث فانه اخص منه اذ ليس كلما صح حدوثه كان محدثا ولا الوجود فانه ليس كل موجود يصح حدوثه والمطابق له هو الامكان الخاص فصحة الحدوث معللة بعلة مشتركة وهي الامكان الخاص وهذه علة مطردة منعكسة كتعليل الموجود بالرؤية وبلزوم المحايثة والمباينة # وقوله في الوجه الثاني ان كل موجود في الشاهد فهو اما حجم او قائم بالحجم ثم نذكر التقسيم الى آخره حتى يلزم ان يكون الباري اما حجما او قائما بالحجم والقوم لا يقولون بذلك فعنه جوابان # احدهما ان المعني بالحجم في اللغة الظاهرة هو الشيء الكثيف المتحد كالحجر والتراب خلاف الهوى فانه لا يسمى في اللغة المشهورة حجما فان كان مقصوده هذا فليس كل موجود في الشاهد اما حجما او قائما بالحجم # فان اراد به ان كل موجود في الشاهد فهو اما جسم واما عرض او اما جوهر واما عرض ويذكر التقسيم الى آخره # فيقال له لفظ الجوهر والعرض في الاصطلاح الخاص ليس نفيهما

# عن الله من الشريعة كما انه ليس اثباتهما من الشريعة بل سلف الامة وائمتها انكروا على من تكلم بنفيها كما انكروا التكلم باثباتها او اكثر وعدوا ذلك بدعة فليس لاحد ان ينفي بهذين اللفظين الذين ليس لهما اصل لا في نص ولا في اجماع ولا اثر الا بحجة منفصلة غير هذا اللفظ اذ الحجج التي يستدل فيها باللفظ لا بد ان يكون لفظها منقولا عمن يجب اتباع قوله وهو الكتاب والسنة او الاجماع فكيف باللفظ الذي لا ينقل عن امام في الدين ولا احد من سلف الائمة # واما المعاني المرادة بهذين اللفظين فلا بد من تفسيرها فان الناس متنازعون فيما يريدون بهذه الالفاظ من المعاني ومتنازعون في لزوم تلك المعاني لبعض وغير ذلك واذا كان كذلك فان فسر مفسر معنى الجوهر والعرض بما لم يعلم انتفاؤه في حق الله تعالى كان ذلك طرد الدليل فلا ينتقض به ولا ينتقض الدليل حتى يبين ان هذا التقسيم يمكن في بعض المعاني التي يجب نفيها عن الله تعالى ولم يفعل ذلك # وذلك يظهر بالوجه الثاني وهو ان قوله وهم لا يقولون به قياس الزامي وقد تقدم انه قال ان هذا الدليل ليس بحجة لافي النظر ولا في المناظرة وذلك ان هذا الدليل ان كان مستلزم ثبوت مسمى الجسم والعرض كان حجة عليهم في هذا الموضع كما هو حجة على اولئك في المواضع الاخر فاذا ذكروا فرقا فان كان ذلك الفرق صحيحا لم يصح النقض بالجسم والعرض وان لم يكن الفرق صحيحا لم يكن نفيهم لمسمى الجسم والعرض صحيحا على التقديرين فلا يلزم بطلان هذه الحجة

# واما قوله في الوجه الثالث ان كل موجودين فلا بد وان يكون احدهما محايثا للاخر او مباينا عنه في اي جهة كان وساق التقسيم الى آخره حتى يلزم كونه محايثا للعالم او مباينا عنه في اي جهة كان وذلك يقتضي ان لا يختص بجهة فوق بل يلزم صحة الحركة على ذاته من الفوق الى السفل وكل ذلك عند القوم محال فعنه اجوبة # احدها انه ليس كل موجودين فلا بد وان يكون احدهما محايثا للآخر او مباينا عنه في اي جهة كان بل من الاجسام الموجودة ما يمتنع مع بقاء حقيقته ان يكون من الاخر الا في جهة معينة كما ان رأس الانسان يمتنع ان يكون الا فوق وبطن قدمه يمتنع ان يكون الا في اسفله ولو غير ذلك خرج عن حقيقته وكذلك العرش يمتنع ان يكون في اسفل سافلين واسفل سافلين يمتنع ان يكون فوق العرش # الثاني ان يقال ما تعني بقولك فلا بد وان يكون محايثا او مباينا عنه في اي جهة كان اتعني ان العقل يشهد انه لا بد من وجوب المباينة ولو بأي جهة كان او تعني انه لا بد مع وجوب المباينة من جواز المباينة من جميع الجهات فهذان معنيان متغايران فان وجوب مطلق المباينة من غير تعيين جهة غير وجوب المباينة ووجوب جوازها بكل جهة فان عني ان كل موجودين فانه لا بد وان يتحايثا او بيان احدهما الاخر وانه لا بد مع ذلك ان يجوز مباينته من جميع الجهات فهذا القدر ليس معلوما بالبديهة ولا بالحس وكثير من الناس ينازع في كثير من ذلك

# وبالجملة ليس هذا هو العلم البديهي الذي يعلم في المشهودات فانا لا نعلم ان كل ما هو قائم بنفسه يجوز ان يكون في جميع الجهات من كل قائم بنفسه هذا لا يعلم بالبديهة بحال واذا لم يكن معلوما بالبديهة لم يجب ان يعلل بعلة تعم الموجود حتى نعلم ثبوته وحينئذ فمن الناس من يقول ليس هذا ثابتا لجميع المخلوقات ومنهم من يثبته للمخلوق دون الخالق واذا كان الأمر كذلك فان المنازع يقول قد قام الدليل على أن هذا ليس ثابتا لجميع الموجودات وليس هو مما علم بالبديهة أنه يشترك فيه جميع المشهودات فلا يكون نظير حجتنا اذا علم اختصاصه ببعض الموجودات فانه يعلل بما يختص به # الوجه الرابع أن الاستدلال بما يجب لكل موجودين والواجب لكل موجودين أن يكونا متباينين أو متحايثين أما كون أحدهما يصح أن يكون مباينا للآخر من جميع جهاته فهذا ليس هو الواجب لكل موجودين والحجة كانت فيما يلزم الموجود من المحايثة أو المباينة واللازم له أصل المباينة أما المباينة من جميع الجهات فليس ذلك بلازم وان كان جائزا بل يجوز ان يجعل الله بعض الأشياء لا تباين الا بجهة معينة # الخامس أن يقال ليس للعالم الا جهتان وهي العلو والسفل فأما العلو فانه مختص بالله تعالى وأما أسفل سافلين فذلك سجين وهو المركز الذي لا يسع الا الجوهر الفرد وكل قائم بنفسه فانه يصح أن يكون مباينا عنه بجميع الجهات لأن كل ما سواه يصح أن يكون فوقه وان كان كذلك فيقال بموجب المعارضة وهو أن الله تعالى يجوز أن يكون مباينا للعالم من جميع جهاته لأن جميع جهاته هي العلو ليس له جهة أخرى فظهر القول بموجب الحجة ألا ترى أن سطح العرش مباين للعالم كذلك


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كلمات ذهبية لشيخ الإسلام ابن تيميه فخوره بحجابى منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 6 07 May 2012 03:44 PM
نقص الوضوء و تلبيس The lack of ablution and dressing Devil أبو سفيان عالم الجان ـ علومه ـ أخباره ـ أسراره ـ خفاياه . الإدارة العلمية والبحوث World of the jinn 1 19 May 2010 10:41 PM
تلبيس الأم أبنائها ملابس رثة خوفاً من العين مكاوية العين والحسد وخطرها على المجتمعات قديما وحديثا . الإدارة العلمية والبحوث Research studies and eye a 1 21 Sep 2008 11:57 PM
كتاب تلبيس إبليس ... لإبن الجوزي مسك 2007 المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 5 13 Apr 2008 06:05 PM
وإن من شيء إلا يسبح بحمده ????????????? ابن الورد منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 2 08 Jun 2007 11:18 PM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 10:49 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي