#1
|
||||||||
|
||||||||
وقفات مع الرياء
مصدر راءى يرائي ؛ أي عمل عملا ليراه الناس ،ويقال : مراءاة كما يقال :جاهد جهادا ومجاهدة، ويدخل في ذلك من عمل العمل ليسمعه الناس ،ويقال له : مسمع وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من راءى راءى الله به ، ومن سمَّع سمَّع الله به . لا يوجد تخريج لهذا المتن والرياء خلق ذميم ، وهو من صفات المنافقين ، قال الله تعالى (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) [سورة النساء - آية : 142] . المقام الأول : في حكمه . فنقول : الرياء من الشرك الأصغر ؛ لأن الإنسان قصد بعبادته غير الله ، وقد يصل إلىالأكبر وقد مثل ابن القيم للشرك الأصغر ، فقال : " مثل يسير الرياء " ، وهو يدل على أن الرياء كثير قد يصل إلى الأكبر . المقام الثاني : في حكم العبادة إذا خالطها الرياء ، الأول : أن يكون الباعث على العبادة مراءاة الناس من الأصل ، كمن قام - يصلي منأجل مراءاة الناس ، ولم يقصد وجه الله ، فهذا شرك والعبادة باطلة . الثاني : أن يكون مشاركا للعبادة في أثنائها ، بمعنى أن يكون الحامل له في أول أمره الإخلاص لله ، ثم يطرأ الرياء في أثناء العبادة . فإن كانت العبادة لا ينبني آخرها على أولها ، فأولها صحيح بكل حال ، وباطل آخرها . مثال ذلك : رجل عنده مائة ريال قد أعدها للصدقة ، فتصدق بخمسين مخلصا ، وراءى في الخمسين الباقية ، فالأولى حكمها صحيح ، والثانية باطلة . أما إذا كانت العبادة ينبني آخرها على أولها ، فهي على حالين : أ - أن يدافع الرياء ولا يسكن إليه ، بل يعرض عنه ويكرهه؛ فإنه لا يؤثر عليه شيئا ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به نفسها ما لم تعمل أو تتكلم . صحيح البخاري الطَّلَاقِ (4968) ، صحيح مسلم الإيمان (127) ، سنن الترمذي الطلاق (1183) ، سنن النسائي الطلاق (3435) ، سنن أبي داود الطلاق (2209) ، سنن ابن ماجه الطلاق (2040) ، مسند أحمد (2/491). مثال ذلك : رجل قام يصلي ركعتين مخلصا لله ، وفي الركعة الثانية أحس بالرياءفصار يدافعه ؛ فإن ذلك لا يضره ، ولا يؤثر على صلاته شيئا . ب - أن يطمئن إلى هذا الرياء ولا يدافعه ، فحينئذ تبطل جميع العبادة ؛ لأن آخرها مبني على أولها ومرتبط به . مثال ذلك : رجل قام يصلي ركعتين مخلصا لله ، وفي الركعة الثانية طرأ عليه الرياء لإحساسه بشخص ينظر إليه ، فاطمأن لذلك ونزع إليه ، فتبطل صلاته كلها لارتباط بعضها ببعض . الثالث :ما يطرأ بعد انتهاء العبادة ، فإنه لا يؤثر عليها شيئا ، اللهم إلا أن يكون فيه عدوان ؛ كالمن والأذى بالصدقة ، فإن هذا العدوان يكون إثمه مقابلا لأجر الصدقة فيبطلها ، لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) [ البقرة : 264 ] . وليس من الرياء أن يفرح الإنسان بعلم الناس بعبادته ؛ لأن هذا إنما طرأ بعد الفراغ من العبادة . وليس من الرياء أيضا أن يفرح الإنسان بفعل الطاعة في نفسه، بل ذلك دليل على إيمانه ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : تلك عاجل بشرى المؤمن . سنن الترمذي الْفِتَنِ (2165) ، مسند أحمد (1/18). من سرته حسناته وساءته سيئاته ، فذلك المؤمن . وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فقال : صحيح مسلم الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ (2642) ، سنن ابن ماجه الزُّهْدِ (4225) ، مسند أحمد (5/156). المصدر : مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين » كتاب التوحيد » باب ما جاء في الرياء . بتصريف يسير بالقرآن نرتقي
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|