اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ : روى الإمام مسلم عن أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن صام رمضان ثم أتبَعَه ستًّا من شوَّال، كان كصيام الدهر))؛ وروى الإمام الطبراني عن عبدالله ابن عمررضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضانَ وأتبعه ستًّا من شوَّالٍ خرج من ذنوبِه كيومِ ولدته أمُّه ) .

اللهم ربنا تقبل منا الصيام والصلاة والقرآن والقيام والدعاء وسائر صالح الأعمال ،وأجعلنا ممن قام ليلة القدر واجعلنا فيها من الفائزين المقبولين وكل عام ونحن وجميع المسلمين في خيرورخاء وصحة وعافية وسعادة وأمن وأمان .


           :: شاهد اكبر مقبرة لعمل السحر في العراق والعثور على اسماء اشخاص (آخر رد :ابن الورد)       :: ظهور امرأة في البر شاهد الإعجاب #عالم_الجن (آخر رد :ابن الورد)       :: اللقاء الثالث والأخير للشيخ مزمل فقيري مع الساحر التائب . (آخر رد :ابن الورد)       :: لقاء الشيخ مزمل فقيري مع الساحر التائب وجهاً لوجه (بيان عملي) . (آخر رد :ابن الورد)       :: اللقاء الثاني للشيخ مزمل فقيري مع الساحر التائب وجهاً لوجه (بيان بالعمل) . (آخر رد :ابن الورد)       :: إعترافات ساحر تائب . (آخر رد :ابن الورد)       :: برنامج المجهر - قوى خفية (الجزء الثالث) ولع الغيبيات . (آخر رد :ابن الورد)       :: برنامج المجهر - قوى خفية (الجزء الثاني) العين والحسد والمس . (آخر رد :ابن الورد)       :: 0:00 / 53:37 برنامج المجهر - حلقة الدجل والشعوذة (الجزء الثاني) . (آخر رد :ابن الورد)       :: برنامج المجهر - قوى خفية (الجزء الأول) عالم السحرة . (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

الرسل والأنبياء في القرآن والسنة ـ دراسات وأبحاث . الإدارة العلمية والبحوث The prophets and apostle عليهم صلوات ربى وسلامه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 17 Jul 2010, 12:19 AM
ريحان
باحث برونزي
ريحان غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 9295
 تاريخ التسجيل : Jul 2010
 فترة الأقامة : 5036 يوم
 أخر زيارة : 05 May 2013 (06:18 AM)
 المشاركات : 49 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : ريحان is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
الإيمان بالرسـل




الإيمان بالرسل هو الركن الرابع من أركان الإيمان الستة

قال تعالى: (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة:136]. وقوله: (قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:84].

وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً) [النساء:136] .


والنبوة في اللغة مشتقة من النبأ: وهو الخبر والجمع أنباء "تقول نبأ ونَبَّأَ أي أخبر، ومنه أُخذَ النبي لأنه أنبأ عن الله تعالى وهو فعيل، بمعنى فاعل" وقد يأتي فعيل بمعنى مفعول لقوله تعالى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) [التحريم:3] "وقيل: النبي مشتق من النَّبَاوة، وهي الشيء المرتفع"


واشترط الراغب للخبر عندما يسمى نبأ أربعة شروط هي:
- أن يكون خبراً.
- أن يتضمن فائدة.
- أن يحصل به علم أو غلبة ظن.
- خلوه من الكذب بأن يصل حد التواتر ، وهذه الشروط تنطبق جميعها على أخبار الأنبياء – صلوات الله وسلامه عليهم، فيما يبلغون عن الله عز وجل من الوحي.

وأما الرسول فهو المرسل، مأخوذ من الإرسال، وأصله رَسَّل وهو "الانبعاث على التؤدة ويقال ناقة رسلة سهلة السير، وإبل مراسيل منبعثة انبعاثاً سهلاً، ومنه الرسول المنبعث .." "والجمع على أَرسل ورُسُل ورُسْل ورُسلاء" وقد يطلق الرسول على الجمع ، كما في قولـه تعالى: (فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الشعراء:16] والرسول هو الذي يتابع أخبار الذي بعثه .

أما التعريف الاصطلاحي للفظي النبوة والرسالة، فاختلف العلماء في اتفاقهما وترادفهما، أو تبيانهما على أقوال ذكرها الماوردي – رحمه الله – في أعلام النبوة فقال: "اختلف أهل العلم في الأنبياء والرسل على قولين: أحدهما أن الأنبياء والرسل واحد، فالنبي رسول والرسول نبي، والرسول مأخوذ من تحمل الرسالة، والنبي مأخوذ من النَبَأ، وهو الخبر إن همز، ومأخوذ من النُّبُوة إن لم يهمز، وهو الموضع المرتفع وهذا أشبه لأن محمداً صلى الله عليه وسلم قد كان يخاطب بهما.

القول الثاني: أنهما يختلفان، لأن اختلاف الأسماء يدل على اختلاف المسميات والرسول أعلى منزلة من النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك سميت الملائكة رسلاً ولم يسموا أنبياء" ا.هـ.

واختلف من قال بالتفريق بينهما في ذكر الفرق على أقوال عدة منها: "إن الرسول هو الذي تنزل عليه الملائكة بالوحي، والنبي هو الذي يوحى إليه في نومه" وقال الحليمي – رحمه الله – في تعريف النبوة "خبر خاص هو الذي يلزم الله عز وجل به أحداً من عباده فيميزه بإلقائه إليه عن غيره، ويقفه به على شريعته .. فإن انضاف إلى هذا التوفيق أمر تبليغه إلى الناس ودعائهم إليه، كان نبياً رسولاً .. فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا .." .


والقول: أن النبي لا يؤمر بالتبليغ قول لا يتناسب مع ما جاءت به الأحاديث من تبليغ الأنبياء شرائع الله وبناء عليه، فهذا الفرق مردود لمخالفته الأحاديث الصحيحة .

ومنها ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – وهو أجمعها في - النبوات- حيث قال: ".. فالنبي هو الذي ينبئه الله، وهو ينبئ ما أنبأ الله به، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه، فهو رسول، وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله، ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة، فهو نبي، وليس برسول" وجميع هذه الأقوال متقاربة، وقول من قال بالتفريق هو الصواب إن شاء الله لقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [الحج:52] فعطف النبي على الرسول والعطف يقتضي المغايرة ولقوله صلى الله عليه وسلم للبراء بن عازب عندما قال: "اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت .. ورسولك، قال: "لا، ونبيك الذي أرسلت" حملاً للفظ على التأسيس لا التأكيد، وفي الحديث الصحيح النص على أن نوح – عليه السلام – أول رسول إلى أهل الأرض مع العلم أنه كان قبله أنبياء كآدم، وشيث، وإدريس – عليهم السلام – .

ونستطيع أن نلخص الفروق بينهما فيما يلي:
- إن الرسول يأتي بشريعة مستقلة عمن سبقه، بخلاف النبي الذي يكون تابعاً لشريعة رسول قبله.
- إن بينهما عموماً من وجه وخصوصاً من وجه آخر، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول.
- إن الرسالة أكمل من النبوة، إذ هي – أي الرسالة – نبوة وزيادة.


كما أنهما يجتمعان في أن كلاً من الرسول والنبي يوحى إليه، كما إن كليهما، اصطفاء وتشريف من الله عز وجل، ولا تنال بالكسب، والاجتهاد، كما إن كليهما قد ختم بسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وكلاهما مأموران أن بتبليغ الوحي وأما ما ذكره الماوردي في التفريق بين النبوة والرسالة ونقله عن قطرب وهو: "إن الرسول هو المبعوث إلى أمة والنبي هو المحدث لا يبعث إلى أمة" فهو قول فاسد لأنه يفضي إلى رفع المحدث إلى درجة النبي، كما يفضي إلى القول بأن النبوة يمكن أن تنال بالكسب وهذا يخالف إجماع المسلمين، بل وحتى الملل الأخرى من اليهود والنصارى

والمحدث لا يصل إلى درجة الأنبياء والرسل كما جاء في الحديث عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدثون، فإن يك من أمتي أحد فإنه عمر" وفي رواية أخرى "لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال، يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر"

والمحدث: الملهم، وقيل: الرجل الصادق الظن، وقيل: من يجري الحق على لسانه من غير قصد، وقيل من تكلمه الملائكة وقيل غير ذلك .


كيفية الايمان بالرسل :.

والإيمان بالرسل هو الاعتقاد الجازم والتصديق القلبي بأن الله عز وجل أرسل رسلاً دعوا إلى توحيد الله عز وجل ونبذ الشرك، وأنهم بلغوا ما أمرهم الله تعالى بتبليغه، من غير زيادة ولا نقصان، وأنهم معصومون من الخطأ فيما يبلغونه،

والتصديق الجازم بأن الله تعالى بعث في كل أمة رسولا يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له والكفر بما يعبد من دون الله . قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } (النحل : 36) . وبأنهم جميعهم صادقون ، بارون ، راشدون ، كرام بررة ، أتقياء أمناء ، هداة مهتدون . قال تعالى : { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } (يس : 52) . وقال تعالى بعد أن ذكر طائفة كبيرة من الأنبياء والرسل : { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } (الأنعام : 87 ، 88) .

وبأنهم كلهم كانوا على الحق المبين ، والهدى المستبين جاءوا بالبينات من ربهم إلى أقوامهم . قال تعالى حكاية عن أهل الجنة : { لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ } (الأعراف : 43) . وقال تعالى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } (الحديد : 25) .


وبأن أصل دعوتهم واحدة وهي الدعوة إلى توحيد الله وأما شرائعهم فمختلفة . قال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } (الأنبياء : 25) . وقال عز وجل : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا } (المائدة : 48) .

وبأنهم قد بلغوا جميع ما أرسلوا به البلاغ المبين ، فقامت بذلك الحجة على الخلق . قال تعالى : { لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا } (الجن : 28) . وقال تعالى : { رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } (النساء : 165)


الرسل بشر ولكنّ الله منّ عليهم بالوحي والرسالة وفضلهم على العالمين :.

ويجب الإيمان بأن الرسل بشر مخلوقون ، ليس لهم من خصائص الربوبية شيء . وإنما هم عباد أكرمهم الله بالرسالة . قال تعالى : { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } (إبراهيم : 11) . وقال تعالى عن نوح : { وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ } (هود : 31) . وقال عز وجل آمرًا نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يقول لقومه : { قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ } (الأنعام : 50) .

وقال "اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ "(الحج :75)

قال الله "وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون " الزخرف

قال ابن القيم في الهدي " فأنكر عليهم سبحانه تخيرهم عليه وأخبر أن ذلك ليس إليهم بل إلى الذي قسم بينهم معايشهم المتضمنة لأرزاقهم ومدد آجالهم وكذلك هو الذي يقسم فضله بين أهل الفضل على حسب علمه بمواقع الاختيار ومن يصلح له ممن لا يصلح وهو الذي رفع بعضهم فوق بعض درجات وقسم بينهم معايشهم ودرجات التفضيل فهو القاسم ذلك وحده لا غيره وهكذا هذه الآية بين فيها انفراده بالخلق والاختيار وأنه سبحانه أعلم بمواقع اختياره كما قال تعالى: { وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته } [ الأنعام 124 ] أي الله أعلم بالمحل الذي يصلح لاصطفائه وكرامته وتخصيصه بالرسالة والنبوة دون غيره "


يتبع ..





رد مع اقتباس
قديم 17 Jul 2010, 12:20 AM   #2
ريحان
باحث برونزي


الصورة الرمزية ريحان
ريحان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 9295
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 أخر زيارة : 05 May 2013 (06:18 AM)
 المشاركات : 49 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: الإيمان بالرسـل




نصر الله لرسوله وتأييده لهم :.

ومما يجب اعتقاده أيضًا في حق الرسل أنهم منصورون مؤيدون من الله ، وأن العاقبة لهم ولأتباعهم . قال تعالى : { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } (غافر : 51) .


قال تعالى في شأن نصرة رسله: (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ) [يونس:73].

وقال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) [يونس:88-89] الآيات إلى قوله: (فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ) [يونس:102-103].

قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [الأنعام:54] ا.هـ (74)
.
فنصرة الله لرسله ومن أطاعه من المؤمنين، حقاً أوجبه الله على نفسه، وهو من دلائل نبوة الأنبياء "فهذا يدل مع صدق الأنبياء على الرغبة في اتباعهم والرهبة من مخالفتهم، ففيه العلم بصدقهم، والموعظة للخلق" ولهذا يقول تعالى في سورة الشعراء بعد كل قصة من قصص الأنبياء: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الشعراء:67-68]

وقد لا يتحقق النصر بداية الأمر لحكمة أرادها الله بينها جل وعلا في قوله: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [آل عمران:139-140]

وفي قوله: (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) [آل عمران:166-167]

وقوله: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) [البقرة:214].

وفي نصر الله لرسله، ومحق أعدائهم، دلائل على النبوة أيضاً من حيث إن الله تعالى أبقى هذه المعالم والآثار في الأرض حتى بلغ العلم بها مبلغ التواتر، كتواتر العلم بالطوفان، وتواتر العلم بدمار فرعون وقومه .

قال تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [الروم:9].

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : "فالعلم بأنه كان في الأرض من يقول بأنهم رسل الله وإن أقواماً اتبعوهم وإن أقواماً خالفوهم، وإن الله نصر الرسل والمؤمنين وجعل العاقبة لهم، وعاقب أعداءهم هو من أظهر العلوم المتواترة وأجلاها، ونقل هذه الأمور أظهر وأوضح من نقل أخبار ملوك الفرس والعرب في جاهليتها، وأخبار اليونان وعلماء الطب والنجوم والفلسفة اليونانية" .



الرسل يتفاضلون :.

يجب اعتقاد تفاضل الرسل على ما أخبر عز وجل في قوله تعالى : { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ } (البقرة : 253) .

وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم حيث عليه الصلاة والسلام " « أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر ، وأول شافع ، وأول مشفع » . رواه مسلم . وفي أول حديث الشفاعة : «أنا سيد الناس يوم القيامة »

وروى مسلم والترمذي عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم»


إشكال وجوابه :.

فإن قيل : يشكل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم : « لا تفضلوني على موسى ، فإن الناس يصعقون يوم القيامة ، فأكون أول من يفيق ، فأجد موسى باطشا بساق العرش ، فلا أدري هل أفاق قبلي ، أو كان ممن استثنى الله؟ » خرجاه في الصحيحين ، فكيف يجمع بين هذا وبين قوله « أنا سيد ولد آدم ولا فخر »

فالجواب : أن هذا كان له سبب ، فإنه كان قد قال يهودي : لا والذي اصطفى موسى على البشر ، فلطمه مسلم ، وقال : أتقول هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟ فجاء اليهودي فاشتكى من المسلم الذي لطمه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا ، لأن التفضيل إذا كان على وجه الحمية والعصبية وهوى النفس كان مذموما ، بل نفس الجهاد إذا قاتل الرجل حمية وعصبية كان مذموما ، فإن الله حرم الفخر ، وقد قال تعالى : { ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض } . وقال تعالى : { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات } فعلم أن المذموم إنما هو التفضيل على وجه الفخر ، أو على وجه الانتقاص بالمفضول .

وقد أجاب بعضهم بجواب آخر ، وهو : أن قوله صلى الله عليه وسلم : « لا تفضلوني على موسى » ، وقوله : « لا تفضلوا بين الأنبياء » نهي عن التفضيل الخاص ، أي : لا يفضل بعض الرسل على بعض بعينه ، بخلاف قوله : « أنا سيد ولد آدم ولا فخر » فإنه تفضيل عام فلا يمنع منه . وهذا كما لو قيل : فلان أفضل أهل البلد ، لا يصعب على أفرادهم ، بخلاف ما لو قيل لأحدهم : فلان أفضل منك


بيان ما في قوله عليه الصلاة والسلام " ما ينبغي لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متى " بخاري
وفي رواية "من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب" بخاري

وهذا اللفظ يدل على العموم ، لا ينبغي لأحد أن يفضل نفسه على يونس بن متى ، وذلك لأن الله تعالى قد أخبر عنه أنه التقمه الحوت وهو مليم ، أي : فاعل ما يلام عليه . وقال تعالى : { وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } فقد يقع في نفس بعض الناس أنه أكمل من يونس ، فلا يحتاج إلى هذا المقام ، إذ لا يفعل ما يلام عليه .

ومن ظن هذا فقد كذب ، بل كل عبد من عباد الله يقول ما قال يونس : { أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } ، كما قال أول الأنبياء وآخرهم ، فأولهم : آدم ، قد قال : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } وآخرهم وأفضلهم وسيدهم : محمد صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح ، حديث الاستفتاح ، من رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره ، بعد قوله (وجهت وجهي) إلى آخره : « اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ، أنت ربي وأنا عبدك ، ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ذنوبي جميعا ، لا يغفر الذنوب إلا أنت » ، إلى آخر الحديث ، وكذا قال موسى عليه السلام : { رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم }

وأيضا : فيونس صلى الله عليه وسلم لما قيل فيه : { فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت } ، فنهي نبينا صلى الله عليه وسلم عن التشبه به ، وأمره بالتشبه بأولي العزم حيث قيل له : { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل } ، فقد يقول من يقول : أنا خير من يونس : وليس للأفضل أن يفخر على من دونه ، فكيف إذا لم يكن أفضل ، فإن الله لا يحب كل مختال فخور ، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أوحي إلي أن تواضعوا ، حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يبغي أحد على أحد » . فالله تعالى نهى أن يفخر على عموم المؤمنين ، فكيف على نبي كريم؟

فلهذا قال : « لا ينبغي لعبد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى » . فهذا نهي عام لكل أحد أن يتفضل ويفتخر على يونس . وقوله : « من قال إني خير من يونس بن متى فقد كذب » ، فإنه لو قدر أنه كان أفضل ، فهذا الكلام يصير نقصا ، فيكون كاذبا ، وهذا لا يقوله نبي كريم ، بل هو تقدير مطلق ، أي : من قال هذا فهو كاذب ، وإن كان لا يقوله نبي ،

كما يجب اعتقاد صحة ما جاءت به النصوص من ذكر فضائلهم وخصائصهم وأخبارهم ، كاتخاذ الله إبراهيمَ ومحمدًا صلى الله عليهما وسلم خليلين لقوله تعالى : { وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا } (النساء : 125) . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إن الله اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا » أخرجه مسلم .

وكتكليم الله تعالى لموسى لقوله تعالى : { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } (النساء : 164) . وكذلك تسخير الجبال والطير لداود يسبحن بتسبيحه ، قال تعالى : { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ } (الأنبياء : 79) . وإلانة الحديد لداود كما قال تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ } (سبأ : 10) .

وتسخير الرياح لسليمان تسير بأمره ، وتسخير الجن له يعملون بين يديه ما يشاء ، قال تعالى : { وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ } (سبأ : 12) . وتعليم سليمان منطق الطير ، قال تعالى : { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ } (النمل : 16) .


عدد الرســل :.

وجاء في حديث أبي ذر أن عدد الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، والرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رواه احمد (ضعيف جدا )والحاجة إليه ماسة, وحاجة البشرية إليهم أشد من حاجتها إلى الطعام والشراب، بل أشد من حاجتها إلى الهواء الذي تتنفسه، وذلك لأنهم رسل كرام جاؤوا بما فيه صلاح العباد، من أطاعهم نجا، ومن خالفهم خسر، سبيلهم هي سبيل الرحمن، وحزبهم هو حزبه.

والإيمان بهم إجمالاً فيما لم يذكر وتفصيلاً فيمن ذكر في القرآن وهم خمسة وعشرون نبياً ذكر منهم ثمانية عشر نبياً في قوله تعالى: ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِين وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ) [الأنعام:83-86] .

وأما السبعة الباقون فهم آدم – عليه السلام – وذكره الله في مواضع كثيرة من كتابه العزيز ومنها قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ [آل عمران:33] وإدريس وذكره الله في قوله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً) [مريم:56]، وهود وصالح وشعيب وقد ذكر الله أخبارهم في كثير من سور القرآن العظيم وأيضاً ذا الكفل وقد ذكره الله تعالى في قوله: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ) [الأنبياء:85]. ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم

وورد ذكر الباقين في مواضع أخرى من القرآن . قال تعالى : { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا } (الأعراف : 65)
وقال : { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا } (الأًعراف : 73) . وقال : { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا } (الأعراف : 85) . وقال : { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا } (آل عمران : 33) . وقال : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } (الفتح : 29) . فيجب الإيمان بهؤلاء الأنبياء والمرسلين إيمانًا مفصلًا ، والإقرار لكل واحد منهم بالنبوة أو الرسالة على ما أخبر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عنهم

ونؤمن بأن هنالك رسل لا نعرفهم فنؤمن بهم جملة قال الله " ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك "


أولو العزم من الرسل هم
: ذوو الحزم والصبر . قال تعالى : { فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } (الأحقاف : 35) .

وقد اختلف العلماء فيهم . فقيل المراد بأولي العزم هم جميع الرسل . و" من " في قوله { مِنَ الرُّسُلِ } لبيان الجنس لا للتبعيض . قال ابن زيد : " كل الرسل . كانوا أولي عزم لم يبعث الله نبيًّا إلا كان ذا عزم وحزم ورأي وكمال عقل " .

وقيل هم خمسة : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم . قال ابن عباس : " أولو العزم من الرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى " . وبهذا القول قال مجاهد وعطاء الخراساني ، وعليه كثير من متأخري أهل العلم .

وقد ذكر الله هؤلاء الخمسة مجتمعين في موطنين من كتابه وبه استدل لهذا القول . الأول في سورة الأحزاب . قال تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } (الأحزاب : 7) . والثاني في سورة الشورى

قال تعالى : { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } (الشورى : 13) . قال بعض المفسرين : " ووجه تخصيصهم بالذكر الإعلام بأن لهم مزيد شرف وفضل لكونهم من أصحاب الشرائع المشهورة ومن أولي العزم من الرسل " .

وهؤلاء الخمسة هم أفضل الرسل وخيار بني آدم . فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : (خيار ولد آدم خمسة نوح وإبراهيم وعيسى وموسى ومحمد صلى الله عليه وسلم وخيرهم محمد صلى الله عليه وسلم وصلى الله وسلم عليهم أجمعين) .

وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم على ما أخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع » .


تكذيب رسول واحد تكذيب للجميع وهو كفر :.

قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا " [النساء:150-152] .


يتبع ان شاء الله ..


استفيدت هذه المادة من اصول الايمان في ضوء الكتاب والسنة
مقال د. قذلة القحطاني
شرح العقيدة الطحاوية لابن ابي العز الحنفي



 

رد مع اقتباس
قديم 19 Jul 2010, 12:14 AM   #3
أبو خالد
باحث جزاه الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية أبو خالد
أبو خالد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2005
 أخر زيارة : 15 Jul 2018 (03:04 PM)
 المشاركات : 13,860 [ + ]
 التقييم :  21
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 وسائط MMS
وسائط MMS
 SMS ~
اللهم إني ظلمت نفسي
ظلـمآ كثيرآ
ولا يفغر الذنوب
الا أنت
فاغفر لي مفغرة من عندك
وأرحمني
إنك أنت الغفور الرحيم
لوني المفضل : Cadetblue
رد: الإيمان بالرسـل



بارك الله فيك اخي الفاضل

وجزاك الله خير


 
 توقيع : أبو خالد



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»

الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم


رد مع اقتباس
قديم 22 Jul 2010, 12:46 AM   #4
ريحان
باحث برونزي


الصورة الرمزية ريحان
ريحان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 9295
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 أخر زيارة : 05 May 2013 (06:18 AM)
 المشاركات : 49 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: الإيمان بالرسـل



شكر الله لكم يا طيب , وبارك فيكم


 

رد مع اقتباس
قديم 22 Jul 2010, 12:48 AM   #5
ريحان
باحث برونزي


الصورة الرمزية ريحان
ريحان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 9295
 تاريخ التسجيل :  Jul 2010
 أخر زيارة : 05 May 2013 (06:18 AM)
 المشاركات : 49 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: الإيمان بالرسـل



عصمة الأنبيـــاء

قال القاسمي في محاسن التأويل " وحقيقة عصمة الأنبياء هي نزاهتهم ، وبعدهم عن ارتكاب الفواحش والمنكرات التي بعثوا لتزكية الناس منها ؛ لئلا يكونوا قدوة سيئة ، مفسدين للأخلاق والآداب ، وحجة للسفهاء على انتهاك حرمات الشرائع وليس معناها أنهم آلهة منزهون عن جميع ما يقتضيه الطبع البشري "

قلت وفي قول الله تعالى " كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين" أبلغ عبارة عن حفظ الله لعباده المخلصين والرسل بخاصة لما خصهم الله بتبليغ دعوته

قال صالح الفوزان حفظه الله في الارشاد الى صحيح الاعتقاد والرد على اهل الشرك والالحاد "

العصمة : المنعة، والعاصم : المانع الحامي، والاعتصام : الامتساك بالشيء .
والمراد بالعصمة هنا حفظ الله لأنبيائه من الذنوب والمعاصي .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية حاكيا للخلاف ومبينا الراجح في هذه المسألة : " الأنبياء صلوات الله عليهم معصومون فيما يخبرون عن الله سبحانه وفي تبليغ رسالاته باتفاق الأمة، ولهذا وجب الإيمان بكل ما أوتوه :
كما قال تعالى : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } .
وقال : { ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين } .
وقال : { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } " .

قال : " وهذه العصمة الثابتة للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة؛ فإن النبي هو المنبئ عن الله، والرسول هو الذي أرسله الله تعالى، وكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا، والعصمة فيما يبلغونه عن الله ثابتة؛ فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين . . . " .

إلى أن قال : " وأما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة؛ فللناس فيه نزاع : هل هو ثابت بالعقل أو بالسمع ؟ ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها ؟ أم هل العصمة إنما هي في الإقرار عليها لا في فعلها ؟ أم لا يجب القول بالعصمة إلا في التبليغ فقط ؟ وهل تجب العصمة من الكفر والذنوب قبل المبعث أو لا ؟
والقول الذي عليه جمهور الناس -وهو الموافق للآثار المنقولة من السلف- إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقا، والرد على من يقول : إنه يجوز إقرارهم عليها . وحجج القائلين بالعصمة إذا حررت إنما تدل على هذا القول، وحجج النفاة لا تدل على وقوع ذنب أقر عليه الأنبياء .

فإن القائلين بالعصمة احتجوا بأن التأسي بهم إنما هو مشروع فيما أقروا عليه دون ما نهوا عنه ورجعوا عنه؛ كما أن الأمر والنهي إنما تجب طاعتهم فيما لم ينسخ منه، فأما ما نسخ من الأمر والنهي؛ فلا يجوز جعله مأمورا به ولا منهيا عنه فضلا عن وجوب اتباعه والطاعة فيه .

وكذلك ما احتجوا به من أن الذنوب تنافي الكمال، أو أنها ممن عظمت عليه النعمة أقبح، أو أنها توجب التغيير، أو نحو ذلك من الحجج العقلية . . . فهذا إنما يكون مع البقاء على ذلك وعدم الرجوع، وإلا؛ فالتوبة النصوح التي يقبلها الله يرفع بها صاحبها إلى أعظم مما كان عليه؛ كما قال بعض السلف : كان داود عليه السلام بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة . وقال آخر : لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه؛ لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه، وقد ثبت في الصحاح حديث التوبة : ( لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا ) الحديث .

إلى أن قال : " وفي الكتاب والسنة الصحيحة والكتب التي أنزلت قبل القرآن مما يوافق هذا القول ما يتعذر إحصاؤه، والرادون لذلك تأولوا ذلك بمثل تأويلات الجهمية والقدرية والدهرية لنصوص الأسماء والصفات ونصوص القدر ونصوص المعاد، وهي من جنس تأويلات القرامطة الباطنية التي يعلم بالاضطرار أنها باطلة وأنها من باب تحريف الكلم عن مواضعه، وهؤلاء يقصد أحدهم تعظيم الأنبياء فيقع في تكذيبهم، ويريد الإيمان بهم فيقع في الكفر بهم .

ثم إن العصمة المعلومة بدليل الشرع والعقل والإجماع- وهي العصمة في التبليغ- لم ينتفعوا بها إذ كانوا لا يقرون بموجب ما بلغته الأنبياء، وإنما يقرون بلفظ حرموا معناه، أو كانوا فيه كالأميين الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني .

والعصمة التي كانوا ادعوها؛ لو كانت ثابتة؛ لم ينتفعوا بها، ولا حاجة بهم إليها عندهم؛ فإنها متعلقة بغيرهم، لا بما أمروا بالإيمان به، فيتكلم أحدهم فيها على الأنبياء بغير سلطان من الله، ويدع ما يجب عليه من تصديق الأنبياء وطاعتهم، وهو
الذي تحصل به السعادة وبضده تحصل الشقاوة، وقال تعالى : { فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم } . . . الآية . .

والله تعالى لم يذكر في القرآن شيئا من ذلك عن نبي من الأنبياء؛ إلا مقرونا بالتوبة والاستغفار :
كقول آدم وزوجته : { قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } .

وقول نوح : { قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين } .

وقول الخليل عليه السلام : { ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب } ، وقوله : { والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين } .

وقول موسى : { أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك } ، وقوله : { قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي } وقوله : { فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين } .

وقوله تعالى عن داود : { فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب } .

وقوله تعالى عن سليمان : { قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب }

وأما يوسف الصديق؛ فلم يذكر الله عنه ذنبا؛ فلهذا لم يذكر الله عنه ما يناسب الذنب من الاستغفار، بل قال : { كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين } ؛ فأخبر أنه صرف عنه السوء والفحشاء، وهذا يدل على أنه لم يصدر منه سوء ولا فحشاء، وأما قوله : { ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه } ؛ فالهم : اسم جنس تحته نوعان؛ كما قال الإمام أحمد : الهم نوعان : هم خطرات، وهم إصرار، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن العبد إذا هم بسيئة؛ لم تكتب عليه، وإذا تركها؛ كتبت له حسنة، وإن عملها؛ كتبت له سيئة واحدة ) ، وإن تركها من غير أن يتركها لله؛ لم تكتب له حسنة ولا تكتب عليه سيئة، ويوسف صلى الله عليه وسلم هم هما تركه لله، ولذلك صرف الله عنه السوء والفحشاء لإخلاصه، وذلك إنما يكون إذا قام المقتضي للذنب- وهو الهم- وعارضه الإخلاص الموجب لانصراف القلب عن الذنب لله؛ فيوسف عليه السلام لم يصدر منه إلا حسنة يثاب عليها؛ قال تعالى : { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } . . . " .

إلى أن قال : " وبهذا يظهر جواب شبهة من يقول : إن الله لا يبعث نبيا إلا من كان معصوما قبل النبوة ! كما يقول ذلك طائفة من الرافضة وغيرهم، وكذلك من قال : إنه لا يبعث نبيا إلا من كان مؤمنا قبل النبوة ! فإن هؤلاء توهموا أن الذنوب تكون خفضا وإن تاب التائب منها، وهذا منشأ غلطهم؛ فمن ظن أن صاحب الذنوب مع التوبة النصوح يكون ناقصا؛ فهو غالط غلطا عظيما؛ فإن الذم والعقاب الذي يلحق أهل الذنوب لا يلحق التائب منها شيء أصلا، لكن؛ إن قدم التوبة؛ لم يلحقه شيء، وإن أخر التوبة؛ فقد يلحقه ما بين الذنوب والتوبة من الذم والعقاب ما يناسب حاله .

والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه كانوا لا يؤخرون التوبة، بل يسارعون إليها ويسابقون إليها، لا يؤخرون ولا يصرون على الذنب، بل هم معصومون من ذلك، ومن أخر ذلك زمنا قليلا؛ كفر الله ذلك بما يبتليه به؛ كما فعل بذي النون صلى الله عليه وسلم، هذا على المشهور أن إلقاءه كان بعد النبوة، وأما من قال : إن إلقاءه كان قبل النبوة؛ فلا يحتاج إلى هذا .
والتائب من الكفر والذنوب قد يكون أفضل ممن لم يقع في الكفر والذنوب، وإذا كان قد يكون أفضل؛ فالأفضل أحق بالنبوة ممن ليس قبله في الفضيلة .
وقد أخبر الله عن إخوة يوسف بما أخبر من ذنوبهم، وهم الأسباط الذين نبأهم الله تعالى .
وقد قال تعالى : { فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي } ؛ فآمن لوط لإبراهيم عليه السلام، ثم أرسله الله تعالى إلى قوم لوط .

وقد قال الله تعالى في قصة شعيب : { قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين } .

وقال تعالى : { وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا } الآية .

وإذا عرف أن الاعتبار بكمال النهاية لا بنقص البداية، وهذا الكمال إنما يحصل بالتوبة والاستغفار، ولا بد لكل عبد من التوبة، وهي واجبة على الأولين والآخرين؛ كما قال تعالى : { ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما } .

وقد أخبرنا الله سبحانه بتوبة آدم ونوح ومن بعدهما إلى خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم .
وآخر ما نزل عليه- أو : من آخر ما نزل عليه- قوله تعالى : { إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } . . . " .

ثم ذكر نصوصا كثيرة في استغفار النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال : " ونصوص الكتاب والسنة في هذا الباب كثيرة متظاهرة، والآثار في ذلك عن الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين كثيرة .

ولكن المنازعون يتأولون هذه النصوص من جنس تأويلات الجهمية والباطنية؛ كما فعل ذلك من فعله في هذا الباب، وتأويلاتهم تبين لمن تدبرها أنها فاسدة، من باب تحريف الكلم عن مواضعه؛ كتأويلهم قول : { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } ؛ المتقدم ذنب آدم، والمتأخر ذنب أمته، وهذا معلوم البطلان " .

وقال أيضا : " والجمهور الذين يقولون بجواز الصغائر عليهم؛ يقولون : إنهم معصومون من الإقرار عليها، وحينئذ؛ فما وصفوهم إلا بما فيه كمالهم؛ فإن الأعمال بالخواتيم، وقول المخالف يلزم عليه كون النبي لا يتوب إلى الله . . . " انتهى المقصود .

ويمكن تلخيص هذا الموضوع فيما يلي :

عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام منها ما هو مجمع عليه بداية ونهاية، ومنها ما هو مختلف فيه بداية لا نهاية . . . وبيان ذلك :

1 . أجمعوا على عصمتهم فيما يخبرون عن الله تعالى وفي تبليغ رسالاته؛ لأن هذه العصمة هي التي يحصل بها مقصود الرسالة والنبوة .

2 . واختلفوا في عصمتهم من المعاصي :

فقال بعضهم بعصمتهم منها مطلقا كبائرها وصغائرها؛ لأن منصب النبوة يجل عن مواقعتها ومخالفة الله تعالى عمدا، ولأننا أمرنا بالتأسي بهم، وذلك لا يجوز مع وقوع المعصية في أفعالهم؛ لأن الأمر بالاقتداء بهم يلزم منه أن تكون أفعالهم كلها طاعة، وتأولوا الآيات والأحاديث الواردة بإثبات شيء من ذلك .

وقال الجمهور بجواز وقوع الصغائر منهم بدليل ما ورد في القرآن والأخبار، لكنهم لا يصرون عليها، فيتوبون منها ويرجعون عنها؛ كما مر تفصيله، فيكونون معصومين من الإصرار عليها، ويكون الاقتداء بهم في التوبة منها ."



العصمة في التحمل والتبليغ

قال الاشقر " اتفقت الأمة على أنَّ الرسل معصومون في تحمّل الرسالة ، فلا ينسون شيئاً مما أوحاه الله إليهم إلاّ شيئاً قد نُسخ ، وقد تكفل الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقرئه فلا ينسى شيئاً مما أوحاه إليه ، إلا شيئاً أراد الله أن ينسيه إياه : ( سَنُقْرِؤُكَ فلا تنسى إلاَّ ما شاء الله ) [ الأعلى : 6-7 ] ، وتكفل له بأن يجمعه في صدره : ( لا تحرك به لسانك لتعجل به إنَّ علينا جمعه وَقُرْآنَهُ فإذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبع قُرْآنَهُ ) [ القيامة : 16-18 ] .

وهم معصومون في التبليغ ، فالرسل لا يكتمون شيئاً ممّا أوحاه الله إليهم ، ذلك أن الكتمان خيانة ، والرسل يستحيل أن يكونوا كذلك ، قال تعالى : ( يا أيُّها الرَّسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لَّم تفعل فما بلَّغت رسالته ) [ المائدة : 67 ] ولو حدث شيء من الكتمان أو التغيير لما أوحاه الله ، فإن عقاب الله يحلّ بذلك الكاتم المغيّر ( ولو تقوَّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثمَّ لقطعنا منه الوتين ) [ الحاقة : 44-46 ] .

ومن العصمة ألاّ ينسوا شيئاً مما أوحاه الله إليهم ، وبذلك لا يضيع شيء من الوحي، وعدم النسيان في التبليغ داخل في قوله تعالى : ( سَنُقْرِؤُكَ فلا تنسى ) [ الأعلى : 6 ] وما يدل على عصمته في التبليغ قوله تعالى : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلاَّ وحي يوحى ) [ النجم : 3-4 ] .



عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم من القتل :

عصم الله رسوله صلى الله عليه وسلم من القتل حتى يبلغ رسالة ربه ، قال تعالى : ( يا أيُّها الرَّسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لَّم تفعل فما بلَّغت رسالته والله يعصمك من الناس ) [ المائدة : 67 ] ، قال سفيان الثوري فيما نقله عنه ابن كثير في تفسير هذه الآية : " بلغ أنت رسالتي ، وأنا حافظك ، وناصرك ومؤيدك على أعدائك ، ومظفرك بهم ، فلا تخف ولا تحزن ، فلن يصل أحد منهم إليك بسوء يؤذيك " .

وقد أورد ابن كثير في تفسيره هذه الآية الأحاديث التي تفيد أنّ الصحابة كانوا يحرسون الرسول صلى الله عليه وسلم قبل نزول هذه الآية ، فلما نزلت ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرس .

وقد جعل اليهود في شاة مصلية أهدتها يهودية لرسول الله صلى الله عليه وسلم سمّاً لتقتله ، فلما سألهم عما حملهم على ذلك قالوا : " أردنا إن كنت كاذباً نستريح منك ، وإن كنت صادقاً لم يضرك " رواه البخاري .

ولما سأل المرأة قالت : " أردت قتلك " فقال : ما كان الله ليسلطك على ذلك " رواه البخاري ومسلم وأبو داود .

فقد عصم الله رسوله أن يقتله السم ، وأكل معه بعض أصحابه فماتوا كما أفادته بعض الأحاديث التي روت الواقعة .



عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم من الشيطان :

وعصم الله رسوله صلى الله عليه وسلم من الشيطان ، وقد أعان الله رسوله على قرينه الشيطان فأسلم ، فلا يأمره إلا بخير ، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن ، قالوا : وإياك ؟ قال : وإياي ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير "
وفي حديث عائشة أنه سمى القرين شيطاناً



عدم العصمة من الأعراض البشريّة كالخوف والنسيان


الأعراض البشرية كالخوف والغضب والنسيان تقع من الرسل والأنبياء ، وهي لا تنافي عصمتهم والأمثلة على ذلك في الكتاب والسنة كثيرة ، فمن ذلك :

1- خوف إبراهيم عليه السلام من ضيوفه :

أوجس إبراهيم عليه السلام في نفسه خيفة عندما رأى أيدي ضيوفه لا تمتد إلى الطعام الذي قدمه لهم ، ولم يكن يعلم أنّهم ملائكة تشكلوا في صور البشر ( فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ) [ هود : 70 ] .


2- عدم صبر موسى عليه السلام على تصرفات العبد الصالح :

وموسى وعد الخضر بأن يصبر في صحبته له ، فلا يسأله عن أمر يفعله العبد الصالح حتى يحدث له منه ذكراً ، ولكنه لم يتمالك نفسه ، إذ رأى تصرفات غريبة ، فكان في كل مرّة يسأل أو يعترض أو يوجه ، وفي كل مرّة يذكّره العبد الصالح ويقول له : ( قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا ) [ الكهف : 75 ] . وعندما كشف له عن سر أفعاله قال له: ( ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ) [ الكهف : 82 ] .



3- تصرفات موسى عليه السلام عندما رأى قومه يعبدون العجل :

وغضب موسى غضباً شديداً ، وأخذ برأس أخيه يجره إليه ، وألقى الألواح وفي نسختها هدى – عندما عاد إلى قومه بعد أن تمّ ميقات ربه ، فوجدهم يعبدون العجل ، ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) [ الأعراف : 150 ] وفي الحديث : " ليس الخبر كالمعاينة ، إنَّ الله تعالى أخبر موسى بما صنع قومه في العجل ، فلم يلق الألواح ، فلمّا عاين ما صنعوا ألقى الألواح فانكسرت " .



4- نسيان آدم وجحوده :

ومن ذلك نسيان آدم عليه السلام وجحوده ، فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما خلق الله آدم مسح ظهره ، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كلٍّ منهم وبيصاً من نور ، ثمّ عرضهم على آدم ، فقال : أي ربِّ مَن هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك ، فرأى رجلاً منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه ، فقال : أي ربّ من هذا ؟ فقال : هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك ، يقال له داود ، فقال : ربِّ كم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة ، قال : أي ربِّ زده من عمري أربعين سنة ، فلما انقضى عمر آدم ، جاءه ملك الموت ، فقال : أو لم يبق من عمري أربعون سنة ، قال : أو لم تعطها ابنك داود ؟ قال : فجحد آدم ، فجحدت ذريته ، ونسي آدم ، فنسيت ذريته ، وخطئ آدم فخطئت ذريته " .



5- نبي يحرق قرية النمل :

ومن ذلك ما وقع من نبي من الأنبياء غضب إذ قرصته نملة ، فأمر بقرية النمل فأحرقت ، فعاتبه الله على ذلك ، ففي الحديث الذي يرويه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " نزل نبيٌّ من الأنبياء تحت شجرة ، فلدغته نملة ، فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ، ثمّ أمر ببيتها فأحرق بالنار ، فأوحى الله إليه : فهلاّ نملة واحدة " .


6- نسيان نبينا صلى الله عليه وسلم وصلاته الظهر ركعتين :

ومن ذلك نسيان الرسول صلى الله عليه وسلم في غير البلاغ ، وفي غير أمور التشريع ، فمن ذلك ما رواه ابن سيرين عن أبي هريرة قال : " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إحدى صلاتي العشيّ ، فصلى ركعتين ، ثمّ سلّم ، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد ، فاتكأ عليها كأنّه غضبان ، ووضع يده اليمنى على اليسرى ، وشبّك بين أصابعه ، ووضع خدّه الأيمن على ظهر كفه اليسرى ، وخرجت السرعان من أبواب المسجد ، فقالوا : قصرت الصلاة ، وفي القوم أبو بكر وعمر ، فهابا أن يكلماه .

وفي القوم رجل يقال له ذو اليدين ، فقال : يا رسول الله ، أنسيت أم قصرت الصلاة ؟ فقال : لم أنس ، ولم تقصر ، فقال : أكما يقول ذو اليدين ؟ فقالوا : نعم . فتقدم فصلّى ما ترك ، ثمّ سلّم ، ثمّ كبّر ، وسجد مثل سجود أو أطول ، ثمّ رفع رأسه وكبّر ، وسجد مثل سجوده أو أطول ، ثمّ رفع رأسه وكبّر ، فربما سألوه ، ثمّ سلّم ، فيقول : أنبئت أنّ عمران بن حصين ، قال : ثمّ سلّم " متفق عليه ، وليس لمسلم فيه وضع اليد على اليد ولا التشبيك .

وفي رواية ، قال : " بينما أنا أصلّي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر سلّم من ركعتين ، فقام رجل من بني سليم ، فقال : يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ " وساق الحديث ، رواه أحمد ومسلم .

وهذا يدل على أنّ القصة كانت بحضرته وبعد إسلامه .

وفي رواية متفق عليها لما قال : " لم أنس ولم تقصر ، قال : بلى ، قد نسيت " وهذا يدل على أن ذا اليدين تكّلم بعدما علم عدم النسخ كلاماً ليس بجواب سؤال .

وقد صرح الرسول صلى الله عليه وسلم بطروء النسيان عليه كعادة البشر ، ففي حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ولكنّي إنّما أنا بشر ، أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني "
قال هذا بعد نسيانه في إحدى الصلوات .

أمّا الحديث الذي يروى بلفظ : " إني لا أنسى ، ولكن أُنسَّى لأسنّ " فلا يجوز أن يعارض به الحديث السابق ، لأنّ هذا الحديث – كما يقول ابن حجر – لا أصل له ، فإنّه من بلاغات مالك التي لم توجد موصولة بعد البحث الشديد



مدى العصمة في إصابة الحق في القضاء

الأنبياء والرسل يجتهدون في حكم ما يعرض عليهم من وقائع ، ويحكمون وفق ما يبدو لهم ، فهم لا يعلمون الغيب ، وقد يخطئون في إصابة الحق ، فمن ذلك عدم إصابة نبي الله داود في الحكم ، وتوفيق الله لابنه سليمان في تلك المسألة .

فعن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " كانت امرأتان معهما ابناهما ، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما ، فقالت صاحبتها : إنّما ذهب بابنك ، وقالت الأخرى : إنّما ذهب بابنك ، فتحاكمنا إلى داود ، فقضى به للكبرى ، فخرجتا على سليمان بن داود ، فأخبرتاه ، فقال : ائتوني بالسكين أشقّه بينهما ، فقالت الصغرى : لا تفعل يرحمك الله ، هو ابنها ، فقضى به للصغرى " .

وقد وضح الرسول صلى الله عليه وسلم هذه القضية وجلاّها ، فقد روت أمُّ سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم سمع خصومة بباب حجرته ، فخرج إليهم ، فقال : " إنّما أنا بشر ، وإنّه يأتيني الخصم ، فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض ، فأحسب أنه صدق ، فأقضى له بذلك ، فمن قضيت له بحق مسلم ، فإنما هي قطعة من النار ، فليأخذها أو ليتركها " .


الذين ينفون عن الرسل والأنبياء هذه الأعراض مخالفون للنصوص :

ذهبت الشيعة الإمامية الاثنا عشرية إلى أن العصمة تقتضي ألا يقع من الأنبياء سهو ولا نسيان ولا خطأ ، ولا خوف ولا غير ذلك من الأعراض البشرية ، وقد سقنا لك النصوص من الكتاب والسنة الدالة على خلاف ذلك ، وهي نصوص لا تقبل تحويلاً ولا تأويلاً ، فعليك بالكتاب والسنة ففيهما الهداية .



العصمة من الشرك والمعاصي والذنوب
العصمة من الكبائر

الأمة الإسلامية مجمعة على عصمة الأنبياء والرسل من الكبائر من الذنوب وقبائح العيوب ، كالزنى والسرقة والمخادعة ، وصناعة الأصنام وعبادتها ، والسحر ، ونحو ذلك ، وقد برأ كتاب الله وسنة رسوله أنبياء الله ورسله مما افتراه عليهم اليهود والنصارى في المحرف من كتبهم ، وإليك بعض ما نسبوه إليهم :



أولاً : ما نسب اليهود إلى الأنبياء والمرسلين من القبائح :

1- زعموا أن نبيّ الله هارون صنع عجلاً ، وعبده مع بني إسرائيل ، [ إصحاح (32) عدد (1) من سفر الخروج ] .

وقد بيّن ضلالهم هذا القرآن عندما حدثنا أنّ الذي صنع لهم عجلاً جسداً له خوار هو السامري ، وأن هارون قد أنكر عليهم إنكاراً شديداً .

2- أن إبراهيم خليل الرحمن عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام قدّم امرأته سارة إلى فرعون حتى ينال الخير بسببها . [ إصحاح (12) عدد (14) من سفر التكوين ] .

وقد كذبوا على خليل الرحمن ، وقد قص علينا الرسول صلى الله عليه وسلم قصة إبراهيم هذه عند دخوله لمصر ، وفيها أن ملك مصر كان طاغية ، وكان إذا وجد امرأة جميلة ذات زوج قتل زوجها وحازها لنفسه ، فلما سئل إبراهيم عنها قال هي أخته ، يعني أخته في الإسلام ، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله حفظ سارة عندما ذهبت إلى الطاغية ، فلم يمسها بأذى .

3- ومن ذلك أن لوطاً عليه السلام شرب خمراً حتى سكر ، ثمّ قام على ابنتيه فزنى بهما الواحدة بعد الأخرى .. [ سفر التكوين ، إصحاح (19) عدد (30) ] ومعاذ الله أن يفعل لوط ذلك ، وهو الذي دعا إلى الفضيلة طيلة عمره ، وحارب الرذيلة ، ولكنّه الحقد اليهودي يمتد إلى الكملة من البشر ، فلعنة الله على الظالمين .

4- وأن يعقوب عليه السلام سرق مواشٍ من حميّه ، وخرج بأهله خلسة دون أن يُعلمه .. [ سفر التكوين ، إصحاح (31) عدد (17) ] .

5- وأن روابين زنى بزوجة أبيه يعقوب ، وأن يعقوب عليه السلام ، علم بهذا الفعل القبيح وسكت .. [ سفر التكوين ، إصحاح (35) عدد (32) ] .

6- وأن داود عليه السلام زنى بزوجة رجل من قواد جيشه ، ثم دبر حيلة لقتل الرجل ، فقتل ، وبعدئذ أخذ داود الزوجة وضمها إلى نسائه ، فولدت له سليمان . [ سفر صموئيل الثاني إصحاح (11) عدد (1) ] .

7- وأن سليمان ارتد في آخر عمره ، وعبد الأصنام ، وبنى لها المعابد .. [ سفر الملوك الأول ، إصحاح (11) عدد (5) ] .

هذه بعض المخازي والقبائح والكبائر التي نسبتها هذه الأمة المغضوب عليها إلى أنبياء الله الأطهار ، وحاشاهم مما وصفوهم به ، ولكنها النفوس المريضة تنسب إلى خيرة الله من خلقه القبائح ، ليسهل عليهم تدبير ذنوبهم ومعايبهم عندما ينكر عليهم منكر ، ويعترض عليهم معترض .


ثانياً : ما نسبه النصارى من القبائح إلى الأنبياء :

والنصارى ليسوا بأفضل من اليهود في هذا ، فقد نسبوا إلى الأنبياء والرسل القبائح ، وذلك بتصديقهم بالتوراة المحرفة المغيرة الموجودة اليوم والتي فيها ما ذكرنا ، بالإضافة إلى ما في الإنجيل المحرف ومما فيه :

1- ورد في إنجيل (متى) أن عيسى من نسل سليمان بن داود ، وأن جدهم فارض الذي هو من نسل الزنى من يهوذا بن يعقوب .. [ إصحاح متى الأول ، عدد (10) ] .

2- وفي إنجيل [ يوحنا إصحاح (2) عدد (4) ] أن يسوع أهان أمَّه في وسط جمع من الناس ، فأين هذا مما وصفه به القرآن ( وَبَرًّا بِوَالِدَتِي ) [ مريم : 32 ] .

3- وأن يسوع شهد بأن جميع الأنبياء الذين قاموا في بني إسرائيل هم سراق ولصوص .. [ إنجيل يوحنا ، إصحاح (10) عدد (8) ] .

هذا غيض من فيض مما تطفح به تلك الأناجيل المحرفة من وصف الأنبياء والرسل بما هم بريئون منه ، إن الأنبياء والرسل أزكى الناس وأطهرهم وأفضلهم ، ووالله إن هؤلاء لضالون فيما وصفوا به أنبياء الله الأبرار الأطهار .

ولذا فإن الأمة الإسلامية هي المدافعة عن الأنبياء والرسل ، المشيدة بمآثرهم ، فهي وراثة الأنبياء ، المقيمة لدينهم ، بخلاف ما عليه اليهود والنصارى تجاه أنبيائهم .



العصمة من الصغائر

ذهب أكثر علماء الإسلام إلى أن الأنبياء ليسوا معصومين من الصغائر ، وقال ابن تيمية : " القول بأن الأنبياء معصومون من الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام ، وجميع الطوائف ، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام ، كما ذكر أبو الحسن الآمدي أنّ هذا قول أكثر الأشعرية ، وهو أيضاً قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء، بل لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلاّ ما يوافق هذا القول .." .

الأدلة :

وقد استدل جماهير العلماء على دعواهم بأدلة :

1- معصية آدم بأكله من الشجرة التي نهاه الله تعالى عن الأكل منها ، ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى - فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) [ طه : 116-121 ] .

والآية في غاية الوضوح والدلالة على المراد ، فقد صرحت بعصيان آدم ربه .

2- ونوح دعا ربه في ابنه الكافر ( وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ) [ هود : 45 ] ، فلامه ربه على مقالته هذه ، وأعلمه أنّه ليس من أهله ، وأن هذا منه عمل غير صالح ( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) [هود : 46] فاستغفر ربّه من ذنبه وتاب وأناب ( قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ) [ هود : 47 ] .

والآية صريحة في كون ما وقع منه كان ذنباً يحتاج إلى مغفرة ( وإلاَّ تغفر لي وترحمني .. ) .

3- وموسى أراد نصرة الذي من شيعته ، فوكز خصمه فقضى عليه ( قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ - قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) [ القصص : 15-16 ] ، فقد اعترف موسى بظلمه لنفسه ، وطلب من الله أن يغفر له ، وأخبر الله بأنه غفر له .

4- وداود عليه السلام تسّرع في الحكم قبل سماع قول الخصم الثاني ، فأسرع إلى التوبة فغفر الله له ذنبه ( فاستغفر ربَّه وخرَّ راكعاً وأناب – فغفرنا له ذلك ) [ ص : 24-25 ] .

5- ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم عاتبه ربه في أمور ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [ التحريم : 1 ] نزلت بسبب تحريم الرسول صلى الله عليه وسلم العسل على نفسه ، أو تحريم مارية القبطية .

وعاتبه ربه بسبب عبوسه في وجه الأعمى ابن أم مكتوم ، وانشغاله عنه بطواغيت الكفر يدعوهم إلى الله ، والإقبال على الأعمى الراغب فيما عند الله هو الذي كان ينبغي أن يكون من الرسول صلى الله عليه وسلم : (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى .. ) [ عبس : 1-4 ] .

وقبل الرسول صلى الله عليه وسلم من أسرى بدر الفدية فأنزل الله تعالى : ( لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [ الأنفال : 68 ] .

هذه أمثلة اكتفينا بذكرها عن غيرها ، وإلاّ فقد ورد في القرآن مغاضبة يونس لقومه، وخروجه من قومه من غير إذن من ربه ، وما صنعه أولاد يعقوب بأخيهم يوسف في إلقائه في غيابة الجبِّ ، ثم أوحى الله إليهم وجعلهم أنبياء .


القائلون بعصمة الأنبياء من الصغائر :

يستعظم بعض الباحثين أن ينسب إلى الأنبياء صغائر الذنوب التي أخبرت نصوص الكتاب والسنة بوقوعها منهم ، ويذهب هؤلاء إلى تهويل الأمر ، ويزعمون أنّ القول بوقوع مثل هذا منهم فيه طعن بالرسل والأنبياء ، ثم يتحملون في تأويل النصوص ، وهو تأويل يصل إلى درجة تحريف آيات الكتاب كما يقول ابن تيمية ، وكان الأحرى بهم تفهم الأمر على حقيقته ، وتقديس نصوص الكتاب والسنة ، واستمداد العقيدة في هذا الأمر وفي كل أمر من القرآن وأحاديث الرسول ، وبذلك نحكمها في كل أمر ، وهذا هو الذي أمرنا به ، أمّا هذا التأويل ، والتحريف بعد تصريح الكتاب بوقوع مثل ذلك منهم فإنّه تحكيم للهوى ، ونعوذ بالله من ذلك .

وقد انتشرت هذه التأويلات عند الكتاب المحدثين ، وهي تأويلات فاسدة من جنس تأويلات الباطنية والجهمية ، كما يقول ابن تيمية .


شبهتان :

الذين منعوا من وقوع الصغائر من الأنبياء أوردوا شبهتين :

الأولى : أن الله أمر باتباع الرسل والتأسي بهم ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) [ الأحزاب : 21 ] ، وهذا شأن كل رسول ، والأمر باتباع الرسول يستلزم أن تكون اعتقاداته وأفعاله وأقواله جميعها طاعات لا محالة ، لأنه لو جاز أن يقع من الرسول معصية لله تعالى لحصل تناقض في واقع الحال ، إذ يقتضي أن يجتمع في هذه المعصية التي وقعت من الرسول الأمر باتباعها وفعلها من حيث كوننا مأمورين بالتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم ، والنهي عن موافقتها من حيث كونها معصية منهي عنها ، وهذا تناقض ، فلا يمكن أن يأمر الله عبداً بشيء في حال أنه ينهاه عنه .

وقولهم هذا يكون صحيحاً ، لو بقيت معصية الرسول خافية غير ظاهرة ، بحيث تختلط علينا الطاعة بالمعصية ، أمّا وأنّ الله ينبه رسله وأنبياؤه إلى ما وقع منهم من مخالفات ويوفقهم إلى التوبة منها ، من غير تأخير فإنّ ما أوردوه لا يصلح دليلاً بل يكون التأسي بهم في هذا منصباً على الإسراع في التوبة عند وقوع المعصية ، وعدم التسويف في هذا ، تأسياً بالرسل والأنبياء الكرام في مبادرتهم بالتوبة من غير تأخير .

الثانية : أنّ هؤلاء توهموا أن الذنوب تنافي الكمال ، وأنها تكون نقصاً وإن تاب التائب منها ، وهذا غير صحيح ، فإنّ التوبة تغفر الحوبة ، ولا تنافي الكمال ، ولا يتوجه إلى صاحبها اللوم ، بل إنّ العبد في كثير من الأحيان يكون بعد توبته من معصيته خيراً منه قبل وقوع المعصية ، وذلك لما يكون في قلبه من الندم والخوف والخشية من الله تعالى ، ولما يجهد به نفسه من الاستغفار والدعاء ، ولما يقوم به من صالح الأعمال ، يرجو بذلك أن تمحو الصالحات السيئات ، وقد قال بعض السلف : " كان داود عليه السلام بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة " ، وقال آخر : " لو لم تكن التوبة أحبّ الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه " .

وقد ثبت في الصحاح " أن الله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضلته ناقته بأرض فلاة ، وعليها طعامه وشرابه ، فنام نومة فقام فوجد راحلته فوق رأسه فقال : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح " .

وفي الكتاب الكريم : ( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) [البقرة : 222] وقال تعالى مبيناً مثوبة التائبين : ( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ... ) [ الفرقان : 70 ] .

وفي يوم القيامة " يدني الله المؤمن ، فيضع عليه كنفه ويستره ، فيقول : أتعرف ذنب كذا ، أتعرف ذنب كذا ، فيقول : نعم ، أي رب ، حتى إذا قرره بذنوبه ، ورأى في نفسه أنه هلك ، قال : سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم " .

ومعلوم أنه لم يقع ذنب من نبي إلا وقد سارع إلى التوبة والاستغفار منه ، يدلنا على هذا أن القرآن لم يذكر ذنوب الأنبياء إلا مقرونة بالتوبة والاستغفار ، فأدم وزوجه عصيا فبادرا إلى التوبة قائلين : ( ربَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) [ الأعراف : 23 ] وما كادت ضربة موسى تسقط القبطي قتيلاً حتى سارع طالباً الغفران والرحمة قائلاً : ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ) [ القصص : 16 ] . وداود ما كاد يشعر بخطيئته حتى خرّ راكعاً مستغفراً ( فاستغفر ربَّه وخرَّ راكعاً وأناب ) [ص : 24] .

فالأنبياء لا يقرون على الذنب ، ولا يؤخرون التوبة ، فالله عصمهم من ذلك ، وهم بعد التوبة أكمل منهم قبلها .

وبذلك انهارت هاتان الشبهتان ، ولم يثبتا في مجال الحجاج والنقاش ، وحسبنا بالأدلة الواضحة البينة التي تهدي للتي هي أقوم .



السبب في عصمة الأنبياء مما عصموا منه وعدم عصمتهم مما لم يعصموا منه :

الرسل والأنبياء بشر من البشر ، عصمهم الله في تحمل الرسالة وتبليغها ، فلا ينسون شيئاً ، ولا ينقصون شيئاً ، وبذلك يصل الوحي الذي أنزله الله إلى الذين أرسلوا إليهم كاملاً وافياً ، كما أراده الله جلّ وعلا ، وهذه العصمة لا تلازمهم في كلّ أمورهم فقد تقع منهم المخالفة الصغيرة ، بحكم كونهم بشراً ، ولكنّ رحمة الله تتداركهم ، فينبههم الله إلى خطئهم ، ويوفقهم للتوبة والأوبة إليه .

يقول الشيخ مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر : " إنّ الوحي لا يلازم الأنبياء في كلّ عمل يصدر عنهم ، وفي كلِّ قول يبدر منهم ، فهم عرضة للخطأ ، يمتازون عن سائر البشر بأنّ الله لا يقرّهم على الخطأ بعد صدوره ، ويعاتبهم عليه أحياناً " .



تكريم الأنبياء وتوقيرهم :

هذه الصغائر التي تقع من الأنبياء لا يجوز أن تتخذ سبيلاً للطعن فيهم ، والإزراء عليهم ، فهي أمور صغيرة ومعدودة غفرها الله لهم ، وتجاوز عنها ، وطهرهم منها ، وعلى المسلم أن يأخذ العبرة والعظة لنفسه من هذه ، فإذا كان الرسل الكرام الذين اختارهم الله واصطفاهم عاتبهم الله ولامهم على أمور كهذه ، فإنّه يجب أن نكون على حذر وتخوف من ذنوبنا وآثامنا ، وعلينا أن نتأسى بالرسل والأنبياء في المسارعة إلى التوبة والأوبة إلى الله، وكثرة التوجه إليه واستغفاره.



رعاية الله وعصمته لهم قبل البعثة :.

وهذه العصمة هي لوجود المحل الذي يتقبل النور الذي يلقيه الله اليهم ,فناسب ان يكونوا على قدر ذلك

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما نزلت{ وأنذر عشيرتك الأقربين }
ورهطك منهم المخلصين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف يا صباحاه فقالوا من هذا فاجتمعوا إليه فقال أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلا تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقي قالوا ما جربنا عليك كذبا قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد قال أبو لهب تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا ثم قام فنزلت{ تبت يدا أبي لهب وتب }" متفق عليه

والشاهد قولهم ما جربنا عليك كذبا ومثله قولهم بالامين للنبي صلى الله عليه وسلم

وكذا قول هرقل لابي سفيان " وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فذكرت أن لا فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله" متفق عليه

وعن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال لما بنيت الكعبة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وعباس ينقلان الحجارة فقال عباس للنبي صلى الله عليه وسلم اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم أفاق فقال إزاري إزاري فشد عليه إزاره"
قال النووي " كان مصونا محميا في صغره عن القبائح وأخلاق الجاهلية"

يقول الله تعالى " كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين"

الإرشاد
إلى صحيح الاعتقاد
والرد على أهل الشرك والإلحاد
صالح آل فوزان

الرسل والرسلات
عمر الاشقر


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإيمان بالرسل أبو همام الموصلي ؟؟؟؟؟؟ الرسل والأنبياء في القرآن والسنة ـ دراسات وأبحاث . الإدارة العلمية والبحوث The prophets and apostle 6 24 Nov 2013 05:08 PM
الإيمان بالملائكة أبو سفيان عالم الملائكـة الكرام الأبرار . الإدارة العلمية والبحوث World of the angels of the righteous. Scient 2 20 Nov 2012 01:33 PM
هل الإيمان بما ورد في كتب السيرة من أخبار النبي وتفاصيل حياته شرط لصحة الإيمان أبو سفيان الرسل والأنبياء في القرآن والسنة ـ دراسات وأبحاث . الإدارة العلمية والبحوث The prophets and apostle 2 15 Feb 2010 01:39 PM
الإيمان بالقضاء والقدر من الإيمان بالغيب .....Believing in fate أبو سفيان القضــــــاء والقــــــدر ـ دراسات وأبحاث . الإدارة العلمية والبحوث Fate and destiny of studies an 1 14 Jun 2008 09:52 PM
الإيمان بوجود الجن ابن الورد عالم الجان ـ علومه ـ أخباره ـ أسراره ـ خفاياه . الإدارة العلمية والبحوث World of the jinn 0 11 Jul 2006 12:17 PM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 09:17 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي