التابعة؛ أم الصبيان؟

التابعة ؛ أم الصبيان؟
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره
وبعد:
وردني أمس سؤال من الأخت (.....) تسأل فيه عن التابعة
فجوابها بحول الله وقوته وتوفيقه
التابعة في اللغة
قال أبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتاب العين (مادة)تبع :
التّابع : التاليِ ومنه التتبّعُ والمتابعة والاتّباع يتَبعه : يتلوه
تَبِعَه يَتْبَعُهُ تَبَعاً
والَتَّتَبُّعُ : فعلك شيئاً بعد شَيْء
تقول : تتبّعتُ علمهِ أي : اتّبعت آثاره
والتّابعة : جِنّيَّةٍ تكون مع الإنسان تتبعه حيثما ذهب (وهذا في اصطلاح الناس)
كتاب العين [ جزء 2 - صفحة 78 ]
وقال: ابن الأثير: في شرحه لحديث جابر بن عبد الله قال أول خبر : جاءنا بالمدينة مبعث رسول الله أن امرأة من أهل المدينة كان لها تابع من الجن جاء في صورة طير حتى وقع على جذع لهم فقالت له ألا تنزل إلينا فتحدثنا ونحدثك وتحذرنا ونحذرك فقال لا إنه قد بعث بمكة نبي حرم الزنى ومنع منا القرار. رواه أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الأوسط بإسناد فيه عبد الله بن محمد بن عقيل وفيه بعض الكلام
قال: التابع ها هنا جِنّي يتْبع المرأة يُحبُّها . والتابعة جِنّيَّةٌ تتْبع الرجُل تُحِبُّه
النهاية في غريب الأثر [ جزء 1 - صفحة 468 ]
وكذا قال أيضا ابن منظور المصري في اللسان [8 - 27 ]
وقد اصطلح الناس على إطلاق اسم أم الصبيان على هذا النوع من المس؛ وذلك لأنها تتسبب بطرق في إسقاط الحمل بقدر الله عز وجل
طيب هل ورد ذكر أم الصبيان في كتب السنة؟
نعم ذكرت فيما رواه ابن السني في اليوم والليلة وأبو يعلى الموصلي في مسنده بإسناده إلى طلحة بن عبيد اللهعن حسين قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من ولد له فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان. ولكن إسنادها تالف فيه متهم بالوضع كذاب
هل يندرج هذا الأمر تحت باب الأمراض العضوية أو الأمراض الروحية؟
نعم هو يندرج تحت باب الأمراض الروحية التي ينشأ عنها أمراضا عضوية ظاهرة؛ فأصل الإسقاط هنا يكون بسبب المرض الروحي ولكن ظاهرة عضوي سواء حدث له أسبابا حسية ظاهرة أو لم يقف له الطب على أسباب.

إذا فعلى كلٍ هذا نوع من أنواع المس داخل تحت قسم من أقسام الأمراض وهو الأمراض الروحية
ماهي أسبابه؟
أسبابه تابعة لقاعدة وضعها رب العزة سبحانه وهي في قوله تعالى: (إن الشيطان للإنسان عدو مبين) يوسف؛ إذا فالعداوة أصلية بين الإنسان والشيطان فالدافع موجود للشر.

نتحدث الأن عن تعريف آلية عمل التابعة وفعلها من حيث مكان وجودها بإذن الله

التابعة قد تكون مسا خارجيا وفي هذه الحالة لو أتت المريضة وقرأت عليها كتاب الله كاملا لن تتأثر أو يظهر عليها أي أعراض لأن المس خارجي لم يتلبس البدن، ولكنه يؤذيه من الخارج بضربات قد تؤدي إلى أن تطرح المرأة جنينها في أي وقت خصوصا في الشهر الأول فلا تثبت النطفة ولا تعلق؛ وكلما اشتد خبث وحقد التابعة او المس من هذا النوع ترك الحمل أكثر وقت ممكن كأن تطعن في الشهر الرابع فتكون الأم في حزن أشد لشدة حسد وحقد من الشيطان.
وكم شهدنا حالات طرحت جنينها في الرابع وبعد حفاظها على الأحراز فقط أكرمها الله تعالى
والطعن من الجن وردت به أخبارا في السنة كما في حديث أبي موسى الأشعري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فناء أمتي بالطعن والطاعون قال فقلنا يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون قال طعن أعدائكم من الجن وفي كل شهادة) قال زياد (أحد رواة الحديث) فلم أرض بقوله فسألت سيد الحي وكان معهم فقال صدق حدثناه أبو موسى.

عليه فطعن الجن للإنس ثابت لا خلاف فيه

وهذا النوع علاجه سهل وهو متمثل في الحفاظ على الأحراز النبوية خصوصا الكرسي وخواتيم البقرة و لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة في المساء وتلاوة البقرة لتحصين المنزل وطردها منه، ثم بعد ذلك إن أمكن الزيادة في الأحراز فلا مانع بل خير، وبهذا يكون علاج هذا النوع الذي موقعه خارج البدن.

النوع الثاني وهو الموجود داخل البدن وهذا النوع يحتاج في علاجه للرقية الشرعية؛ وهو في الداخل غالبا ما يحدث موانع حسية تمنع الحمل كالتهابات او تكيسات أو انسدادات أو غير ذلك؛ فيجب على المريضة هنا مع متابعتها للرقية أن تتناول علاجا طبيا لعلاج العرض الذي أحدثه المس سواء كان هذا العلاج على يدي طبيبة أو معالج يصف لها الدواء المناسب لها.
وعهدنا بهذا النوع من المس أنه ضعيف جدا لا يتحمل أقصاه أياما ويستسلم إذا تعاونت المريضة وخصوصا إذا كانت صاحبة عزيمة صادقة قوية؛ فالشيطان أول ما يبدأ جسه في المريض هي العزيمة فإن علم الشيطان أن هذا المريض عازم بلا رجعة على حربه والعلاج منه خرج سريعا، وغن علم الشيطان من المريض أن عزيمته ضعيفة فإنه يصبر ويجالد لأنه يعلم أنه سيترك الرقية وينتكس عما قريب؛ فلكل نية وفعل من المصاب رد فعل من المس
فعلى سبيل المثال: إن أدركت عدوا له بك معرفة قوية وهو يعرف أن عزيمتك قوية وطلبك شديد فقد يقف أمامك دون حراك لأنه يعلم أنه إن هرب منك ستلحق به لا محالة؛ طيب لو علم منك هذا العدو انك صاحب عزيمة ضعيفة لا يُنكأ بك عدوا ولا يكسر بك سنا فسيعلم أن بعض الجري والمراوغة كفيلة بتشتيت هجمتك فيبدأ بها؛ فمدار العمل الأول للشيطان مع الإنسان يكون على العزيمة

فاللهم يا عزيز أعزنا بعزك فلا حول ولا قوة إلا بك