#1
|
|||||||||
|
|||||||||
خطبة جمعة : خطر الفتن على المجتمعات والأمم . الشيخ فيصل الحسني .
فيصل عبدالله عوض الجمعة 13 شعبان 1445 هـ موضوع الخطبة : خطر الفتن على المجتمعات والأمم . بسم الله الرحمن الرحيم الخطبة الأولى: الْحَمْدُ لِلَّـهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ ومن سار على نهجه ودربه إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: فيا يأيها الإخوة الكرام الأحبة ويا أيها المسلمون . فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ -تَعَالَى-، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. عباد الله إِذَا أَرَادَاللهُ -تَعَالَى- بِعَبْدِهِ خَيْرًا جَنَّبَهُ الْفِتَنَ، فَحَجَزَهُ عَنْ مَوَاطِنِهَا، وَبَاعَدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَسْبَابِهَا، وَيَسَّرَ لَهُ طُرُقَ النَّجَاةِ مِنْهَا. فَتَأْتِي الْفِتَنُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَزِلُّ فِيهَا الْأَقْدَامُ، وَتَنْحَرِفُ فِيهَا الْأَفْهَامُ، وَيَحَارُ فِيهَا أُولُو الْأَلْبَابِ وَهُوَ ثَابِتٌ لَمْ يُفْتَنْ، وَرَاسِخٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَدِينُهُ قَوِيٌّ لَمْ يَضْعُفْ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْصِمُهُ اللهُ -تَعَالَى- مِنَ الْفِتَنِ فَتَقَعُ الْفِتْنَةُ وَتَزُولُ وَهُوَ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَنْشَغِلُ عَنِ الْفِتْنَةِ بِغَيْرِهَا، وَأَفْضَلُ الشُّغْلِ فِي الْفِتَنِ الشُّغْلُ بِالْعِبَادَةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْعِبَادَةُ فِي الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). عباد الله وَالْخِلَافُ وَالنِّزَاعُ وَالْفُرْقَةُ فِتَنٌ تُضْعِفُ الْقُوَّةَ، وَتُوهِنُ الْأُمَّةَ، وَيَضِيعُ فِيهَا الْحَقُّ بَيْنَ الْفِرَقِ المُخْتَلِفَةِ، وَيَتَخَبَّطُ الْعَامَّةُ فِي انْتِمَائِهِمْ، وَلَا يَدْرُونَ لِمَنْ يَصْرِفُونَ وَلَاءَهُمْ، وَيَصِيرُ الشُّغْلُ الشَّاغِلُ فِيهَا الْقِيلَ وَالْقَالَ وَالْجِدَالَ وَالمِرَاءَ، وَالِانْتِصَارَ لِلنَّفْسِ لَا لِلَّـهِ -تَعَالَى-، وَتَقْدِيمَ الْهَوَى عَلَى الشَّرْعِ، وَتَحْرِيفَ النَّصِّ بِالتَّأْوِيلِ. عباد الله بَلْ إِنَّ الْفُرْقَةَ تَصِلُ بِأَصْحَابِهَا إِلَى حَدِّ المُقَاتَلَةِ وَاسْتِحْلَالِ الدِّمَاءِ، كَمَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي تَارِيخِ الْإِسْلَامِ كَثِيرًا، وَلَا يَزَالُ يَقَعُ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. يَظُنُّ المُتَقَاتِلُونَ أَنَّهُمْ لِدِينِ اللَّـهِ -تَعَالَى- يَنْصُرُونَ، وَهُمْ لَا يَنْتَصِرُونَ إِلَّا لِأَنْفُسِهِمْ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَسْتَبِيحُونَ مُقَاتَلَةَ إِخْوَانِهِمْ بِالشَّرْعِ، وَهُمْ لَا يَسْتَبِيحُونَ دِمَاءَهُمْ إِلَّا بِهَوَى النَّفْسِ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَفْدُونَ الْأُمَّةَ بِأَرْوَاحِهِمْ، وَهُمْ لَمْ يَبْذُلُوا أَرْوَاحَهُمْ إِلَّا لِمَجْدِ فُلَانٍ وَعِلَّانٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ. وَابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالْفِتَنِ، وَنَجَّاهُ اللهُ -تَعَالَى- مِنْ جَمِيعِ الفتن . فَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، قَالَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يُشَخِّصُ حَقِيقَةَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْفِتْنَةِ: "إِنَّمَا مَثَلُنَا فِي هَذِهِ الْفِتْنَةِ، كَمَثَلِ قَوْمٍ يَسيرُوْنَ عَلَى جَادَّةٍ يَعرفُوْنَهَا، فَبيْنَا هُم كَذَلِكَ، إِذْ غَشِيتْهُمْ سَحَابَةٌ وَظُلمَةٌ، فَأَخَذَ بَعضُهُمْ يَمِيْنًا وَشِمَالًا، فَأَخْطَأَ الطَّرِيْقَ، وَأَقَمْنَا حَيْثُ أَدْرَكَنَا ذَلِكَ، حَتَّى جَلاَ اللهُ ذَلِكَ عَنَّا، فَأَبْصَرْنَا طرِيقَنَا الأَوَّلَ، فَعَرفْنَاهُ، فَأَخَذْنَا فِيْهِ، إِنَّمَا هَؤُلاَءِ فِتيَانُ قُرَيْشٍ يَقْتَتِلُونَ عَلَى هَذَا السُّلْطَانِ وَعَلَى هَذِهِ الدُّنْيَا، مَا أُبالِي أَنْ لاَ يَكُوْنَ لِي مَا يَقْتُلُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ الَجرْدَاوَيْنِ". عباد الله وَإِذَا ثَارَتِ الْفِتَنُ وَجَبَ عَلَى المُؤْمِنِ أَنْ يَؤُوبَ إِلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَفِيهَا سُبُلُ النَّجَاةِ مِنَ الْفِتْنَةِ، فَيَسْتَخْرِجُهَا مِنَ السُّنَّةِ، وَيَلْتَزِمُ بِمَا جَاءَ فِيهَا، وَمِمَّا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِمَّا يُمَثِّلُ قَاعِدَةً عَامَّةً فِي كُلِّ فِتْنَةٍ تَثُورُ فِي النَّاسِ: أَنْ يُبْطِئَ المَرْءُ فِي الْفِتْنَةِ وَلَا يُسَارِعَ فِيهَا؛ فَإِنَّ الْبُطْءَ فِيهَا يُنْجِي صَاحِبَهُ مِنْهَا، وَيُعِينُهُ عَلَى التَّبَصُّرِ فِيهَا، وَيُحَرِّكُ فِكْرَهُ لِمَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهَا، وَاتِّخَاذِ المَوْقِفِ الْأَسْلَمِ حِيَالَهَا. أَمَّا المُسَارِعُ فِي الْفِتْنَةِ حَالَ ثَوَرَانِهَا فَإِنَّهُ يَعْمَى عَنِ التَّبَصُّرِ فِيهَا، وَيَنْحَصِرُ فِكْرُهُ فِي الِاشْتِغَالِ بِهَا عَنْ تَقْيِيمِهَا وَمَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهَا، وَكُلَّمَا سَارَعَ فِيهَا عَسُرَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَنْهَا، وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ فِيهَا، فَلَا يَقَعُ رُجُوعُهُ وَنَدَمُهُ إِلَّا حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُ. اللهم ربنا أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه اللهم ربنا وأرنا الباطل باطلا وارزقنا إجتنابه اللهم ربنا أتى نفوسنا تقواها وزكاها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها اللهم ربنا إهدنا ويسر الهدى لنا وأهدي عامة المسلمين اللهم ربنا آلف بين قلوب أمتك يارب العالمين اللهم ردنا و المسلمين إليك مرد جميلا بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني ووإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور . ------------------------------------------------------------------------------------------ الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ : الحمد لله أهل الحمد ومستحقه حمدا يفضل على كل حمد كفضل الله على خلقه وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادة من يحاول أن يقوم لله بحقه واشهد أن محمد عبده ورسوله غير مرتاب في صدقه صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ماجاد سحاب بودقه وما رعد بعد برقه ثم اما بعدفيا أيها الأخوة الكرام الأحبة وياأيها المسلمون وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ الْعَظِيمَةُ جَلَّاهَا لَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِهِ: "سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: "تَكُونُ فِتْنَةٌ النَّائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْيَقْظَانِ" وَالنَّائِمُ لَا يَدْرِي عَنْ أَخْبَارِ الْفِتْنَةِ شَيْئًا، فَلَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ عَنْ طَرِيقِ سَمْعِهِ، وَلَا يَتَخَوَّضُ فِيهَا بِلِسَانِهِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ يَكُونُ المُضْطَجِعُ فِيهَا خَيْرًا مِنَ الجَالِسِ" (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ). وَالمُضْطَجِعُ أَكْثَرُ بُطْئًا وَسُكُونًا مِنَ الْجَالِسِ. عباد الله فَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي الْبُطْءِ فِي الْفِتْنَةِ، وَعَدَمِ اسْتِشْرَافِهَا، وَلَا الْإِسْرَاعِ فِيهَا؛ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَتَّبَ النَّاسَ فِي الْخَيْرِيَّةِ بِحَسَبِ تَعَامُلِهِمْ مَعَ الْفِتْنَةِ؛ فَالنَّائِمُ وَإِنْ كَانَ رَاضِيًا بِالْفِتْنَةِ فَهُوَ أَقَلُّ فِتْنَةً مِنَ المُضْطَجِعِ الْيَقْظَانِ، وَالمُضْطَجِعُ أَقَلُّ مِنَ الْقَاعِدِ، وَالْقَاعِدُ أَبْعَدُ عَنِ الْفِتْنَةِ مِنَ الْقَائِمِ الَّذِي يَتَلَقَّى أَخْبَارَهَا، وَيَسْمَعُ مِنْ أَرْبَابِهَا؛ فَكَانَ خَيْرًا مِنْهُ، وَالْقَائِمُ قَدِ اكْتَفَى فِي الْفِتْنَةِ بِمَا يَرِدُ إِلَيْهِ مِنْهَا وَهُوَ فِي مَحَلِّهِ فَكَانَ خَيْرًا مِنَ المَاشِي بِنَفْسِهِ إِلَى الْفِتْنَةِ، وَالمَاشِي فِيهَا أَوْ إِلَيْهَا أَقَلُّ إِسْرَاعًا مِنَ السَّاعِي الَّذِي يَجِدُّ فِي السَّيْرِ إِلَيْهَا فَكَانَ خَيْرًا مِنْهُ. عباد الله فَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْفِتْنَةِ يَتَفَاضَلُونَ، وَتَفَاضُلُهُمْ بِقَدْرِ بُطْئِهِمْ فِيهَا، فَالمُجْتَنِبُ لِلْفِتْنَةِ الْبَعِيدُ عَنْهَا خَيْرٌ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ. عباد الله لولا أنّ الإسلام حقّ بذاته، مؤيّد بتأييد الله، محفوظ بحفظه، لم تبق منه بقيّة تصارع قوى الشرّ في الأرض، الّتي ما تركت سبيلاً من المكر به إلاّ سلكته، ولا سَبباَ لإطفاء نوره إلاّ أخذت به، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين اللهم ربنا أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه اللهم ربنا وأرنا الباطل باطلا وارزقنا إجتنابه اللهم ربنا ثبتنا على الحق المبين وعلى صراطك المستقيم باقي أعمارنا يارب العالمين عباد الله الا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب.. اللهم أصلح فساد قلوبنا، وردنا والمسلمين إليك رداً جميلاً اللهم إهدنا ويسر الهدى لنا وأهدي عامة المسلمين اللهم ربنا آلف بين قلوب أمتك يارب العالمين اللهم ربنا أنفعنا بالقرآن الكريم، وبسنة خاتم المرسلين اللهم بلغنا حبك وحب نبيك اللهم أحينا على سنته وأمتنا على ملته برحمتك ياأرحم الراحمين اللهم اجعلنا من صالحي أمته، واحشُرْنا يوم القيامة في زُمْرَته ******************* اللهم ربنا بلغنا رمضان بتمامه وكماله وبلغنا فيه قيام ليلة القدر اللهم ربنا تقبل فيه صلاتنا وصيامنا وقيامنا وسائر صالح أعمالنا اللهم ربنا وبلغنا رمضان سنين عديدة وأزمنة مديدة برحمتك يا أرحم الراحمينواجعلنا فيه من المقبولين سبحانك اللهم ربنا ماعبدناك حق عبادتك سبحانك اللهم ربنا ماذكرناك حق ذكرك سبحانك اللهم ربنا ماشكرناك حق شكرك سبحانك الله وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار ياعزيز ياغفار (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصافات: 180 - 182] ---------------------------------------------------------------------------------------------------
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|