اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


﴿ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ) نبارك لكم عيد الأضحى المبارك فكل عام وأنتم وجميع أمة الإسلام في صحة وعافية وسلامة وأمن وامان .

اللهم ربنا تقبل من أهل الصيام صيامهم وسائر صالح أعمالهم وتقبل من أهل الحج حجهم وسائر صالح أعمالهم وردهم لبلدهم وردهم لأهلهم سالمين غانمين بسعي مشكور وذنب مغفور وعمل متقبل مبرور ياعزيز ياغفور .


           :: الان معكم علاج لكل مرض باذن الله تعالى . (آخر رد :ابن الورد)       :: إمرأة أوربية تركض بعد العلاج (آخر رد :ابن الورد)       :: السفر (آخر رد :ابن الورد)       :: هل يجوز صيام عاشوراء وعرفة بنية القضاء ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: إذا كان صيام يوم عرفة يكفر سنة ماضية وسنة مستقبلة، فلماذا يصام كل عام ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: الرد على من قال إن صوم يوم عرفة ليس من السنة . (آخر رد :ابن الورد)       :: أحكام وشروط الأضحية . (آخر رد :شبوه نت)       :: أفضل الأعمال في عشر ذي الحجة . (آخر رد :شبوه نت)       :: يوم عرفة فضله ومكانته وما يستحب فيه . (آخر رد :ابن الورد)       :: سادن الصنم يتلوى على الأرض حزنا على فراق الصنم ،، ثم أسلم (آخر رد :شبوه نت)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

العودة   موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح > المنتدى العام > تعقّبــــــــــــات وردود . Responses
تعقّبــــــــــــات وردود . Responses لنقد المخالفات بعلم وحلم والتى وقعت فيها المواقع والأشخاص حول الرقية والطب والتداوى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 29 Feb 2008, 10:15 AM
أبو سفيان
Banned
أبو سفيان غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 2349
 تاريخ التسجيل : Jan 2008
 فترة الأقامة : 5984 يوم
 أخر زيارة : 24 Jan 2012 (09:58 PM)
 المشاركات : 5,855 [ + ]
 التقييم : 14
 معدل التقييم : أبو سفيان is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
Lightbulb الأساليب النبوية في التعامل مع أخطاء الناس-الجزء الثاني-



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةالأساليب النبوية في التعامل مع أخطاء الناس2/2
محمد صالح المنجد


تنبيه: وينبغي الانتباه إلى أنّ أسلوب التعريض هذا لإيصال الحكم إلى المخطئ دون فضحه وإحراجه إنما يكون إذا كان أمر المخطئ مستورا لا يعرفه أكثر الناس، أما إذا كان أكثر الحاضرين يعرفونه وهو يعلم بذلك فإن الأسلوب حينئذ قد يكون أسلوب تقريع وتوبيخ وفضح بالغ السوء والمضايقة للمخطئ بل إنه ربما يتمنى لو أنه ووجه بخطئه ولم يُستعمل معه ذلك الأسلوب . ومن الأمور المؤثرة فرْقا: من هو الذي يوجّه الكلام ؟ وبحضرة من يكون الكلام ؟ وهل كان بأسلوب الإثارة والاستفزاز أم بأسلوب النصح والإشفاق ؟ فالأسلوب غير المباشر أسلوب تربوي نافع للمخطئ ولغيره إذا استُعمل بحكمة .
15 إثارة العامة على المخطئ: وهذا يكون في أحوال معينة، وينبغي أن يوزن وزنا دقيقا حتى لا تكون له مضاعفات سلبية، وفيما يلي مثال نبوي لهذه الوسيلة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو جَارَهُ فَقَالَ:اذْهَبْ فَاصْبِرْ فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا فَقَالَ:اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَفَعَلَ وَفَعَلَ فَجَاءَ إِلَيْهِ جَارُهُ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ لا تَرَى مِنِّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ. رواه أبو داود، وهو في صحيح أبي داود . ويقابل هذا الأسلوب أسلوب آخر يُستخدم في أحوال أخرى، ومع أشخاص آخرين في حماية المخطئ من إيذاء العامة، ويبينه الفقرة التالية:

16 تجنب إعانة الشيطان على المخطئ: فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:لا تَلْعَنُوهُ فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُرواه البخاري . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ قَالَ اضْرِبُوهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَخْزَاكَ اللَّهُ قَالَ: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لا تَقُولُوا هَكَذَا لا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ رواه البخاري . ويستفاد من هذا: أنّ المسلم وإن وقع في معصية، فإنه يبقى معه أصل الإسلام وأصل المحبة لله ورسوله، فلا يجوز أن يُنفى عنه ذلك، ولا أن يُدعى عليه بما يعين عليه الشيطان بل يُدعى له بالهداية والمغفرة والرحمة .

17 طلب الكف عن الفعل الخاطئ: من الأهمية بمكان إيقاف المخطئ عن الاستمرار في الخطأ حتى لا يزداد سوءا وحتى يحصل القيام بإنكار المنكر ولا يتأخر، فعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لا وَأَبِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:مَهْ إِنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُونَ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ رواه أحمد وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح . مَهْكلمة زجر وإنكار بمعنى: اكفف . وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رواه الترمذي وابن ماجه وهو في السلسلة الصحيحة . ففي هذه الأحاديث الطلب المباشر من المخطئ بالكفّ والامتناع عن فعله .

18 إرشاد المخطئ إلى تصحيح خطئه:وقد كان ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بعدة أساليب منها:

1 ـ محاولة لفت نظر المخطئ إلى خطئه ليقوم بتصحيحه بنفسه، ومن الأمثلة على ذلك: ما رواه مَوْلًى لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى رَجُلا جَالِسًا وَسَطَ الْمَسْجِدِ مُشَبِّكًا بَيْنَ أَصَابِعِهِ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَفْطِنْ فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَقَالَ:إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلا يُشَبِّكَنَّ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَإِنَّ التَّشْبِيكَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَزَالُ فِي صَلاةٍ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُرواه أحمد وقال الهيثمي: إسناده حسن .

2 ـ طلب إعادة الفعل على الوجه الصحيح إذا كان ذلك ممكنا: فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:وَعَلَيْكَ السَّلامُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ فَقَالَ:وَعَلَيْكَ السَّلامُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا عَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا رواه الجماعة، واللفظ للبخاري . ومن الملاحظ: * أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينتبه لأفعال الناس من حوله كي يعلمهم، وقد وقع في رواية النسائي: أَنَّ رَجُلا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُهُ وَنَحْنُ لا نَشْعُرُ فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ... صحيح سنن النسائي رقم 1008. فمن صفة المربي أن يكون يقظا لأفعال من معه .

* إن من الحكمة في التعليم طلب إعادة الفعل من المخطئ؛ لعله ينتبه إلى خطئه، فيصححه بنفسه خصوصا إذا كان الخطأ ظاهرا لا ينبغي أن يحدث منه، وربما يكون ناسيا فيتذكر .

* إن المخطئ إذا لم ينتبه إلى خطئه؛ وجب البيان والتفصيل .

* إن إعطاء المعلومة للشخص إذا اهتم بمعرفتها، وسأل عنها، وتعلقت بها نفسه؛ أوقع أثرا في حسّه، وأحفظ في ذهنه من إعطائه إياها ابتداء دون سؤال ولا تشوّف .

* إن وسائل التعليم كثيرة يختار منها المربي ما يُناسب الحال والظرف .

3ـ طلب تدارك ما أمكن لتصحيح الخطأ: فعن ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَاكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ: ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ رواه البخاري ومسلم وابن ماجه وأحمد . 4 ـ إصلاح آثار الخطأ:فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي جِئْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَلَقَدْ تَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ قَالَ:ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا رواه النسائي وأبوداود وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.

5 ـ الكفارة عن الخطأ:إذا كانت بعض الأخطاء لا يمكن استدراكها، فإن الشريعة قد جعلت أبوابا أُخر لمحو أثرها ومن ذلك الكفارات، وهي كثيرة: ككفارة اليمين، والظهار، وقتل الخطأ، والوطء في نهار رمضان، وغيرها .

19 إنكار موضع الخطأ وقبول الباقي: قد لا يكون الكلام أو الفعل كله خطأ، فيكون من الحكمة الاقتصار في الإنكار على موضع الخطأ، وعدم تعميم التخطئة لتشمل سائر الكلام أو الفعل، يدلّ على ذلك: ما ورد عن الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قالت: جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَالَ:دَعِي هَذِهِ وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ رواه البخاري والترمذي وأبوداود وأحمد . ولا شك أن مثل هذا التصرّف يُشعر المخطئ بانصاف وعدل القائم بالإنكار والتصحيح، ويجعل تنبيهه أقرب للقبول في نفس المخطئ بخلاف بعض المُنكرين الذين قد يغضب أحدهم من الخطأ غضبا يجعله يتعدّى في الإنكار يصل به إلى تخطئة ورفض سائر الكلام بما اشتمل عليه من حق وباطل مما يسبّب عدم قبول كلامه وعدم انقياد المخطئ للتصحيح . وبعض المخطئين لا يكون خطؤهم في ذات الكلام الذي تفوّهوا به ولكن في المناسبة التي قالوا فيها ذلك الكلام كمثل قول البعض عند وفاة شخص: الفاتحة ثمّ يقرؤها الحاضرون وقد يحتجون بأن ما قرأوه قرآنا وليس كفرا فلا بدّ أن يبيّن لهم أنّ الخطأ في فعلهم هو في تخصيص الفاتحة بهذه المناسبة على وجه التعبّد دون دليل شرعي وهذه هي البدعة بعينها . وهذا المعنى هو الذي لفت إليه ابن عمر رضي الله عنه نظر رجل عَطَسَ إِلَى جَنْبِه فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَأَنَا أَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَلَيْسَ هَكَذَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَنَا أَنْ نَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ . رواه الترمذي .

20 إعادة الحق إلى صاحبه وحفظ مكانة المخطئ: فعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ رَجُلا مِنَ الْعَدُوِّ فَأَرَادَ سَلَبَهُ فَمَنَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَكَانَ وَالِيًا عَلَيْهِمْ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لِخَالِدٍ:مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُقَالَ اسْتَكْثَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: ادْفَعْهُ إِلَيْهِ فَمَرَّ خَالِدٌ بِعَوْفٍ فَجَرَّ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قَالَ هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتُغْضِبَ فَقَالَ:لا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ لا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتُرْعِيَ إِبِلا أَوْ غَنَمًا فَرَعَاهَا ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا فَشَرَعَتْ فِيهِ فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ وَتَرَكَتْ كَدْرَهُ فَصَفْوُهُ لَكُمْ وَكَدْرُهُ عَلَيْهِمْ رواه مسلم وأبوداود وأحمد . ونلاحظ أن خالدا لما أخطأ في اجتهاده بمنع القاتل من السلب الكثير أمر النبي صلى الله عليه وسلم بوضع الأمر في نصابه بإعادة الحق إلى صاحبه ولكنه عليه الصلاة والسلام غضب لما سمع عوفا رضي الله عنه يعرّض بخالد ويتهكم عليه بقوله:هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان عوف قد جرّ برداء خالد لمّا مرّ بجانبه فقال صلى الله عليه وسلم:لا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ وهذا من باب ردّ الاعتبار إلى الأمير والقائد؛ لأن في حفظ مكانته بين الناس مصلحة ظاهرة .

ومن الأمور المهمة حفظ مكانة المخطئ بعد توبته ورجوعه: لكي يثبت على الاستقامة ويمارس حياة عادية بين الناس، وقد جاء في قصة المرأة المخزومية التي قُطعت يدها عن عائشة رضي الله عنها: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدُ وَتَزَوَّجَتْ وَكَانَتْ تَأتِينِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه البخاري ومسلم .

21 توجيه الكلام إلى طرفي النزاع في الخطأ المشترك: في كثير من الأحيان يكون الخطأ مشتركا، ويكون المخطئ مخطَأً عليه في الوقت نفسه، ولكن نسبة الخطأ ربما تتفاوت بين الطرفين، فينبغي توجيه الكلام والنصح إلى طرفي الخطأ وفيما يلي مثال: عن عبد الله بن أبي أوفى قال: شكا عبد الرحمن بن عوف خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:يا خالد لا تُؤذ رجلا من أهل بدر فلو أنفقت مثل أحد ذهبا لم تدرك عمله فقال: يقعون فيّ فأردّ عليهم فقال: لا تُؤذوا خالدا فإنه سيف من سيوف الله عز وجل صبه الله على الكفار قال الهيثمي: رجال الطبراني ثقات المجمع 9/349 وانظر المعجم الكبير للطبراني حديث رقم :3801 .

22 مطالبة المخطئ بالتحلل ممن أخطأ عليه : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت العرب تخدم بعضها بعضا في الأسفار وكان مع أبي بكر وعمر رجل يخدمهما فناما فاستيقظا ولم يهيئ لهما طعاما فقال أحدهما لصاحبه إن هذا لنؤوم، فأيقظاه فقالا: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل له: إن أبا بكر وعمر يُقرئانك السلام، وهما يستأدمانك أي يطلبان الإدام للطعام فقال: أقرئهما السلام، وأخبرهما أنهما قد ائتدما ففزعا فجاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا يا رسول الله بعثنا إليك نستأدمك فقلت قد ائتدما فبأي شيء ائتدمنا ؟ قال: بلحم أخيكما، والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه بين أنيابكما قالا: فاستغفر لنا، قال:هو فليستغفر لكما السلسلة الصحيحة رقم 2608.

23 تذكير المخطئ بفضل من أخطأ عليه ليندم ويعتذر : وقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيما حصل بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فعن أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قال: كَانَتْ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ مُغْضَبًا فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِي وَجْهِهِ فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ أي: دخل في خصومة قَالَ: وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَرَ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي إِنِّي قُلْتُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقْتَ رواه البخاري .

24 التدخل لتسكين الثائرة ونزع فتيل الفتنة بين المخطئين: وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في عدد من المواضع، وقد ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني عمرو بن عوف ليُصلح بينهم وتأخّر من أجل ذلك عن بداية صلاة الجماعة كما في الصحيحين، وفي رواية النسائي: عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قال: وَقَعَ بَيْنَ حَيَّيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ كَلامٌ حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَأَذَّنَ بِلالٌ وَانْتُظِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحْتُبِسَ فَأَقَامَ الصَّلاةَ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ ... الحديث .

25 إظهار الغضب من الخطأ: إذا رآه أو سمع به وخصوصا عندما يكون الخطأ متعلقا بالاعتقاد ومن ذلك الخوض في القدر والتنازع في القرآن: فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَخْتَصِمُونَ فِي الْقَدَرِ فَكَأَنَّمَا يُفْقَأُ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ مِنَ الْغَضَبِ فَقَالَ:بِهَذَا أُمِرْتُمْ أَوْ لِهَذَا خُلِقْتُمْ تَضْرِبُونَ الْقُرْآنَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ بِهَذَا هَلَكَتِ الأُمَمُ قَبْلَكُمْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو:مَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِمَجْلِسٍ تَخَلَّفْتُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَتَخَلُّفِي عَنْهُ .رواه ابن ماجه وأحمد وهو في صحيح ابن ماجه .

ومما حصل من غضبه صلى الله عليه وسلم إنكارا في مسألة من الأساسات: ما حصل في قصة عمر رضي الله عنه في قضية مصدر التلقي فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَقَالَ : أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلا أَنْ يَتَّبِعَنِي رواه أحمد وحسنه الألباني بشواهده . ومعنى متهوكون أي: متحيرون، فنلاحظ هنا:التعقيب النبوي الكريم في تثبيت الأصل والتأكيد عليه من وجوب اتباع شريعة النبي صلى الله عليه وسلم والتحذير من مصادر التلقي الأخرى

ومما حصل من غضبه صلى الله عليه وسلم لرؤية منكر: ما ورد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ فَقَالَ:إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَلا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا رواه البخاري وابن ماجه وأبوداود وأحمد .



ومما حصل من غضبه صلى الله عليه وسلم عند سماعه لخطأِِ أدّى إلى مفسدة: ما ورد عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي وَاللَّهِ لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فِيهَا قَالَ فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ أَشَدَّ غَضَبًا فِي مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُوجِزْ فَإِنَّ فِيهِمُ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِرواه البخاري ومسلم وابن ماجه والدارمي وأحمد .

ومن هذا الباب أيضا إظهار المفتي للغضب عند تكلّف المستفتي وتعنّته: فعن زيد بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِي اللَّهُ عَنْه قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَمَّا يَلْتَقِطُهُ فَقَالَ: عَرِّفْهَا سَنَةً ثُمَّ احْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءهَا فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِهَا وَإِلا فَاسْتَنْفِقْهَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ:لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ قَالَ ضَالَّةُ الإِبِلِ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ رواه البخاري ومسلم. إن انفعال المربي المتوازن مع الخطأ عند حدوثه أو رؤيته أو سماعه بحيث يُرى ذلك في وجهه ويُعرف في صوته وأسلوبه هو علامة حياة في القلب ضدّ المنكر وعدم السكوت عليه حتى يقع في قلوب الحاضرين الرهبة من ذلك الخطأ، ويعمل الكلام وقت الانفعال في النفوس عمله المؤثر هذا بخلاف كتم الأمر، أو تأخيره، فربما يبرد، أو يزول أثر التعليق .

وقد يكون من الحكمة تأخير التعليق على الحادثة المنكرة أو الكلام الخطير الخاطئ إلى حين جمع الناس، أو اجتماعهم؛ لأجل أهمية الأمر؛ أو لعدم وجود العدد الكافي الذي يتعظ وينقل، ولا مانع من تعليقين خاص مباشر وعام مؤخر، فعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ عَامِلا فَجَاءهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي فَقَالَ لَهُ:أَفَلا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لا ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاةِ فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ:أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي أَفَلا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَنَظَرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لا فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ إِنْ كَانَ بَعِيرًا جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ بِهَا تَيْعَرُ فَقَدْ بَلَّغْتُ فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ حَتَّى إِنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى عُفْرَةِ إِبْطَيْهِ . رواه البخاري ومسلم وأبوداود والدارمي وأحمد .

26 التولي عن المخطئ وترك جداله لعله يراجع الصواب: عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ:إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلام بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ:أَلا تُصَلُّونَ فَقَالَ عَلِيٌّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ شَيْئًا ثُمَّ سَمِعَهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ: }وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا54 {سورة الكهف . رواه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد .

27 عتاب المخطئ: كما فعل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع حاطب رضي الله عنه حينما علم أنه أرسل إلى كفار قريش يخبرهم بنية المسلمين في التوجّه إلى مكة لفتحها فإنه قال له:مَا حَمَلَكَ يَا حَاطِبُ عَلَى مَا صَنَعْتَ قَالَ مَا بِي إِلا أَنْ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَا غَيَّرْتُ وَلا بَدَّلْتُ أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابِكَ هُنَاكَ إِلا وَلَهُ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ قَالَ:صَدَقَ فَلا تَقُولُوا لَهُ إِلا خَيْرًا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ: يَا عُمَرُ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . رواه البخاري ومسلم وأبوداود والترمذي وأحمد . وفي هذه القصة عدد من الفوائد التربوية العظيمة منها: معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي المخطئ خطأ بالغا بقوله له:مَا حَمَلَكَ يَا حَاطِبُ عَلَى مَا صَنَعْتَ ... والاستعلام عن السبب الذي دفع بالمخطئ إلى الخطأ، وهذا لاشك سيؤثر في الموقف الذي سيُتّخذ منه... وأن أصحاب الفضل والسابقة ليسوا معصومين من الذنب الكبير...وأنّ على المربي أن يكون واسع الصدر في تحمّل أخطاء أصحابه؛ ليدوموا معه على المنهج السويّ، فالغرض إصلاحهم لا إبعادهم...وأن على المربي أن يقدّر لحظة الضعف البشري التي قد تمرّ ببعض من معه، وأن لا يُؤخذ بسقطة قوية وخطأ فظيع قد يقع من بعض القُدامى...والمدافعة عمن يستحق الدفاع عنه من المخطئين ... وأن المخطئ إذا كانت له حسنات عظيمة سابقة، فلا بدّ أن تؤخذ بالاعتبار عند تقويم خطئه، واتخاذ موقف منه .

28 لوم المخطئ: الخطأ الواضح لا يُمكن السكوت عليه ولا بد من توجيه لوم وتأنيب إلى المخطئ بادئ ذي بدئ ليحس بخطئه: عن عَلِي رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعَدْتُ رَجُلا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِيَ فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ وَشَارِفَايَ مُنَاخَتَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ رَجَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ فَإِذَا شَارِفَايَ قَدِ اجْتُبَّ جبّ أي قطع أَسْنِمَتُهُمَا وَبُقِرَتْ بقر أي شقّ خَوَاصِرُهُمَا وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظَرَ مِنْهُمَا فَقُلْتُ مَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَالُوا فَعَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِي الَّذِي لَقِيتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:مَا لَكَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنُوا لَهُمْ فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ فَطَفِقَ شرع وبدأ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ هَلْ أَنْتُمْ إِلا عَبِيدٌ لأَبِي فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ أي سَكِر ففقد رشده فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى وَخَرَجْنَا مَعَهُ.رواه البخاري ومسلم. وهذه القصة قبل تحريم الخمر .



29 الإعراض عن المخطئ: فقد: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَأَغَارَتْ عَلَى قَوْمٍ فَشَذَّ مِنَ الْقَوْمِ رَجُلٌ فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ السَّرِيَّةِ شَاهِرًا سَيْفَهُ فَقَالَ الشَّاذُّ مِنَ الْقَوْمِ إِنِّي مُسْلِمٌ فَلَمْ يَنْظُرْ فِيمَا فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ فَنَمَى الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِيهِ قَوْلا شَدِيدًا فَبَلَغَ الْقَاتِلَ فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَالَ الْقَاتِلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَعَمَّنْ قِبَلَهُ مِنَ النَّاسِ وَأَخَذَ فِي خُطْبَتِهِ ثُمَّ قَالَ أَيْضًا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَعَمَّنْ قِبَلَهُ مِنَ النَّاسِ وَأَخَذَ فِي خُطْبَتِهِ ثُمَّ لَمْ يَصْبِرْ فَقَالَ الثَّالِثَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا قَالَ إِلا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُعْرَفُ الْمَسَاءةُ فِي وَجْهِهِ قَالَ لَهُ:إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبَى عَلَى مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا ثَلاثَ مَرَّاتٍ رواه أحمد المسند وانظر السلسلة الصحيحة .

وعن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ:َ أَنَّ رَجُلا قَدِمَ مِنْ نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَاتَمُ ذَهَبٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ فَرَجَعَ الرَّجُلُ إِلَى امْرَأَتِهِ فَحَدَّثَهَا فَقَالَتْ إِنَّ لَكَ لَشَأْنًا فَارْجِعْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَلْقَى خَاتَمَهُ وَجُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ أُذِنَ لَهُ وَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْرَضْتَ عَنِّي قَبْلُ حِينَ جِئْتُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:إِنَّكَ جِئْتَنِي وَفِي يَدِكَ جَمْرَةٌ مِنْ نَارٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ جِئْتُ إِذًا بِجَمْرٍ كَثِيرٍ وَكَانَ قَدْ قَدِمَ بِحُلِيٍّ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:إِنَّ مَا جِئْتَ بِهِ غَيْرُ مُغْنٍ عَنَّا شَيْئًا إِلا مَا أَغْنَتْ حِجَارَةُ الْحَرَّةِ وَلَكِنَّهُ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَقَالَ الرَّجُلُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْذُرْنِي فِي أَصْحَابِكَ لا يَظُنُّونَ أَنَّكَ سَخِطْتَ عَلَيَّ بِشَيْءٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَذَرَهُ وَأَخْبَرَ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْهُ إِنَّمَا كَانَ لِخَاتَمِهِ الذَّهَبِ .رواه أحمد

30 هجر المخطئ: وهو من الأساليب النبوية المؤثرة خصوصا إذا عظم الخطأ والذنب؛ وذلك لما يُحدثه الهجران والقطيعة من الأثر البالغ في نفس المخطئ، ومن أمثلة ذلك: ما حصل لكعب بن مالك وصاحبيه الذين خُلّفوا في قصة غزوة تبوك: فبعد أن تأكد للنبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن لهم عذر واعترفوا بذلك قال كعب رضي الله عنه: وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلامِنَا أَيُّهَا الثَّلاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الأَرْضُ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ وَلا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَأَقُولُ فِي نَفْسِي هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلامِ عَلَيَّ أَمْ لا ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاتِي أَقْبَلَ إِلَيَّ وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَوَ اللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ فَقُلْتُ يَا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَسَكَتَ فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَفَاضَتْ عَيْنَايَ وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ... إلى أن قال رضي الله عنه في قصته: حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلامِنَا فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلاةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ ...الحديث . رواه البخاري ومسلم . وفي هذه القصة من الفوائد العظيمة والعظات البالغة ما لا ينبغي تفويته بحال ويمكن الاطّلاع على شيء من ذلك في شروح العلماء للقصة كزاد المعاد وفتح الباري .

ومما يدلّ على اعتماده صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب: ما روته عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ خُلُقٌ أَبْغَضَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْكَذِبِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُحَدِّثُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكِذْبَةِ فَمَا يَزَالُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْهَا تَوْبَةً .رواه الترمذي وأحمد . ويتضح من ذلك: أن الإعراض عن المخطئ حتى يعود عن خطئه أسلوب تربوي مفيد، ولكن لكي يكون نافعا لابد أن يكون الهاجر والمُعْرض له مكانة في نفس المهجور، وإلا فلن يكون لهذا الفعل أثر إيجابي عليه بل ربما يشعر أنه قد استراح .

31 الدعاء على المخطئ المعاند: فعن سلمة بن الأكوع: أَنَّ رَجُلا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ فَقَالَ:كُلْ بِيَمِينِكَقَالَ لا أَسْتَطِيعُ قَالَ:لا اسْتَطَعْتَ مَا مَنَعَهُ إِلا الْكِبْرُ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ . رواه مسلم . قال النووي رحمه الله تعالى: وفي هذا الحديث جواز الدعاء على من خالف الحكم الشرعي بلا عذر، وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل حال حتى في حال الأكل ونلاحظ هنا أن الدعاء عليه لم يكن بما يُعين عليه الشيطان ولكن كان بما يُشبه التعزير .

32 الإعراض عن بعض الخطأ اكتفاء بما جرت الإشارة إليه منه تكرّما مع المخطئ: } وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ3 {سورة التحريم قال القاسمي رحمه الله في محاسن التأويل: }وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ { أي محمد صلى الله عليه وسلم} إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ { هي حفصة}حَدِيثًا {تحريم فتاته .. أو ما حرمّ على نفسه مما كان الله جل ثناؤه قد أحله له} فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ { أي أخبرت بالسر صاحبتها عائشة،} وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ { أطلعه عن تحديثها به،} عَرَّفَ بَعْضَهُ { أي عرّفها بعض ما أفشته معاتباً } وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ { أي بعض الحديث تكرُّمـاً قال الحسن:ما استقصى كريمٌ قط وقال سفيان: مازال التغافل من فعل الكرام .

33 إعانة المسلم على تصحيح خطئه: وعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ:مَا لَكَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَاقَالَ لا قَالَ:فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا فَقَالَ: فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًاقَالَ لا ، فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ فَقَالَ أَنَا قَالَ:خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ رواه البخاري ومسلم وأبوداود وابن ماجه والترمذي ومالك والدارمي وأحمد .

34 ملاقاة المخطئ ومجالسته لأجل مناقشته: عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ فَكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا فَتَقُولُ نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أَتَيْنَاهُ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :الْقَنِي بِهِ فَلَقِيتُهُ بَعْدُ فَقَالَ: كَيْفَ تَصُومُ قَالَ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ: وَكَيْفَ تَخْتِمُ قَالَ كُلَّ لَيْلَةٍ قَالَ: صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةً واقرأ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: صُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْجُمُعَةِ قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا قَالَ قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمَ دَاوُدَ صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ وَاقْرَأْ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةًرواه البخاري ومسلم . ومن فوائد القصة: معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بسبب المشكلة، وهو الانهماك في العبادة بحيث لم يبق وقت لأداء حقّ الزوجة، فوقع التقصير

35 مصارحة المخطئ بحاله وخطئه: عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلامٌ وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً فَنِلْتُ مِنْهَا فَذَكَرَنِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي:أَسَابَبْتَ فُلانًا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ: أَفَنِلْتَ مِنْ أُمِّهِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ: إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ قُلْتُ عَلَى حِينِ سَاعَتِي هَذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ قَالَ:نَعَمْ هُمْ إِخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلا يُكَلِّفُهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ رواه البخاري ومسلم. وهذه المصارحة والمفاتحة من النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه كانت لعلمه صلى الله عليه وسلم بقبول الصحابي لذلك، فالصراحة وسيلة مفيدة تختصر الوقت وتوفّر الجهد، وتبيّن المقصود بأيسر طريق، ولكنها تكون فيما يُناسب من الأحوال والأشخاص .

وقد يعدل الداعية عن مصارحة المخطئ إذا كان في ذلك حصول مفسدة أكبر، أو تفويت مصلحة أعلى كأن يكون المخطئ صاحب جاه أو منصب لا يتقبّل ذلك، أو أن يكون في المصارحة إحراج بالغ للمخطئ، أو يكون ذا حساسية زائدة تجعله ذا ردّ فعل سلبي، ولاشكّ أن المصارحة مكروهة للمخطئ وثقيلة على نفسه لما فيها من المواجهة والإحراج والظهور بمظهر الناقص في مقابل ظهور الناقد في موضع المستعلي والأستاذ . وكذلك فإنه يجب التنبه إلى أن أسلوب اللفّ والدوران قد يكون له سلبيات مضاعفة تفوق المصارحة أحيانا، وذلك لما قد يشعر به المخطئ من الاستغفال والتلاعب ويتضايق من الإشارات الخفيّة لشعوره بأنها غمز وإيذاء مبطّن، ثمّ إن التوجيه قد لا يصل أصلا لخفاء المقصود وبعده عن ذهن المخطئ، فيمضي في خطئه قُدُما . وعموما فإن الأشخاص يتفاوتون في التقبّل والأسلوب الأمثل المناسب لكل منهم، ولكن يبقى أن حسن الخلق في العرض والتوجيه له الأثر الأكبر في نجاح المهمّة .

36 إقناع المخطئ: إن السعي لمناقشة المخطئ بغية إقناعه يؤدي إلى إزالة الحاجز الضبابي الذي يعتري بصيرته، فيعود إلى الحق وإلى طريق مستقيم، ومن أمثلة ما ورد في السنّة بشأن هذا: ما رواه أبو أمامة رضي الله عنه: أن غلاما شابا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ائذن لي في الزنا فصاح به الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقروه، ادنفدنا حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبّه لأمّك قال: لا، قال: وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم . أتحبه لابنتك قال: لا قال: وكذلك الناس لا يحبونه لبناتهم، أتحبه لأختك قال: لا قال: وكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم، أتحبّه لعمتك قال:لا قال: وكذلك الناس لا يحبونه لعماتهم أتحبه لخالتك قال: لا قال: وكذلك الناس لا يحبونه لخالاتهم فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال: اللهم كفّر ذنبه وطهّر قلبه وحصّن فرجه .رواه الطبراني 7679 و7759 .



37 إفهام المخطئ بأنّ عذره الزائف غير مقبول: يحاول بعض المخطئين تقديم مبررات مختلقة وغير مقبولة وخصوصا إذا انكشف أمرهم بغتة على حين غرة منهم بل قد يبدو على بعضهم التلعثم وهم ينطقون بالعذر الزائف وخصوصا الذين لا يُحسنون الكذب لنقاء في سرائرهم. فكيف يتصرّف المربي يا تُرى إذا صادف مثل هذا الموقف من أحد المخطئين ؟ إن القصة التالية تبيّن موقفا رائعا ودقيقا للنبي صلى الله عليه وسلم مع أحد أصحابه ويظهر من خلال القصة المتابعة المستمرّة من المربي للمخطئ إلى حين تخلّيه عن موقفه الخاطئ: عن خوّات بن جبير رضي الله عنه قال: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ الظهران، فخرجت من خبائي، فإذا نسوة يتحدثن، فأعجبنني، فرجعت فاستخرجت عيبتي وعاء توضع فيه الثياب فاستخرجت منها حُلّة، فلبستها وجئت، فجلست معهن، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أبا عبد الله !! أي أنه يُنكر عليه جلوسه مع هؤلاء النسوة الأجنبيات فلما رأيت رسول الله هبته واختلطت تلعثم يبحث عن عذر قلت يا رسول الله: جمل لي شرد وأنا أبتغي له قيدا أتى رضي الله عنه بعذر غير صحيح ليبرر به فعله فمضى واتبعته فألقى إليّ رداءه ودخل الأراك كأني أنظر إلى بياض متنه في خضرة الأراك، فقضى حاجته وتوضأ وأقبل والماء يسيل من لحيته على صدره، فقال: أبا عبد الله ما فعل شراد جملك ثم ارتحلنا فجعل لا يلحقني في المسير إلا قال:السلام عليك أبا عبد الله، ما فعل شراد ذلك الجمل فلما رأيت ذلك تعجّلت إلى المدينة واجتنبت المسجد ومجالسة النبي صلى الله عليه وسلم فلما طال ذلك تحيّنت ساعة خلوة المسجد فخرجت إلى المسجد وقمت أصلّي وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حُجَره فجاء فصلى ركعتين خفيفتين وطوّلت رجاء أن يذهب ويدعني، فقال: طوّل أبا عبد الله ما شئت أن تطوّل فلست قائما حتى تنصرف، فقلت في نفسي: والله لاعتذرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأُبْرِئن صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرفت قال: السلام عليك أبا عبد الله، ما فعل شراد جملك فقلت: والذي بعثك بالحقّ ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت . فقال: رحمك الله ثلاثا ثم لم يعد لشيء مما كان .قال الهيثمي رواه الطبراني من طريقين ورجال أحدهما رجال الصحيح غير الجراح بن مخلد وهو ثقة . المجمع 9/401 وبالرجوع إلى المعجم الكبير للطبراني 4/203 تبين أن الرواية من طريق زيد بن أسلم يحدّث أن خوات بن جبير قال نزلنا .. وفي ترجمة خوات رضي الله عنه في التهذيب: وأرسل عنه زيد بن أسلم وفي الإصابة في وفاة خوات سنة 40 أو 42 وأما زيد بن أسلم ففي السير أنه توفي سنة 136 وعلى ذلك فالسند منقطع

إنه درس رائع في التربية والخطة الحكيمة المؤدية إلى النتيجة المطلوبة، ويمكن أن يؤخذ من القصة أيضا الفوائد التالية: المربي صاحب الهيبة يستحي منه من لابس المعصية إذا مرّ به .. إن نظرات وسؤالات المربي- على وجازتها وقصرها - لها دلالاتها الكبيرة وأثرها في النفوس ... عدم مناقشة العذر الملفّق لحظة سماعه - مع وضوح الثغرة فيه- والإعراض عن صاحبه يكفي في إشعار المخطئ بعدم قبوله مما يدفعه للتوبة والاعتذار، وهذا يُؤخذ من قوله فمضى ... المربي الجيد هو الذي يجعل المخطئ يشعر بالاستحياء منه الموجب للتواري عنه، والحاجة إليه الموجبة للإتيان إليه، ثم يتغلب الثاني على الأول . إن تغيير الموقف من المخطئ ينبني - في مثل هذه الحالة- على إظهار اعترافه ورجوعه عما حصل منه. إن موقع المربي والقدوة في نفس أصحابه كبير وعظيم، ولومه لبعضهم، أو تخطئته تقع بموقع وقد يلاحظ المربي مصلحة أشخاص آخرين في إنكاره على أحد أصحابه من أجل المنفعة العامة، ولكن هذا لا يعني ترك الأثر السلبي الخاص باقيا بل يُمكن تداركه ومحو أثره بطرق منها: المعاتبة من قِبَل التابع ولو بطريق واسطة كما فعل المغيرة بتوسيط عمر رضي الله عنهما، وفي المقابل إيضاح الموقف والتأكيد على مكانة التابع وحسن الظنّ به من قِبَل القدوة والمربي.

38 مراعاة ما هو مركوز في الطبيعة والجبلّة البشرية:

ومن ذلك غيرة النساء وخصوصا بين الضرائر، فإن بعضهن قد تخطئ خطأ لو أخطأه إنسان في الأحوال العادية لكان التعامل معه بطريقة مختلفة تماما . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي مسألة الغيرة بين نسائه وما ينتج عنها من أخطاء مراعاة خاصة يظهر منها الصبر والحلم مع العدل والإنصاف ومن أمثلة ذلك: ما رواه أَنَس قَالَ:كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ إناء واسع فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ:غَارَتْ أُمُّكُمْ ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ . رواه البخاري .وغيرة المرأة أمر مركوز فيها يحملها على أمور شديدة ويحول بينها وبين التبصّر بعواقب الأمور، حتى قيل: إن المرأة إذا غارت لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه .

الخاتمة: وبعد هذه الجولة في رياض السنّة العطرة والاطّلاع على شيء من الأساليب النبوية في التعامل مع أخطاء الناس يحسن قبل مغادرة الموضوع التذكير بالنقاط التالية:

* تصحيح الأخطاء واجب ومهم، وهو من النصيحة في الدين، ومن النهي عن المنكر، ولكنه ليس كل الواجب؛ فإن الدين ليس نهيا عن المنكر فحسب، وإنما هو أمر بالمعروف أيضا .

* ليست التربية هي تصحيح الأخطاء فقط، وإنما هي تلقين وتعليم، وعرض لمبادئ الدين وأحكام الشريعة أيضا، واستعمال الوسائل المختلفة لتأسيس التصورات وتثبيتها في النفوس من التربية بالقدوة والموعظة والقصة والحدث وغيرها، ومن هنا يتبين قصور بعض الآباء والأمهات والمدرسين والمربين بتوجيه جلّ اهتمامهم إلى معالجة الأخطاء ومتابعة الانحرافات دون ترجيح الاهتمام بتعليم المبادئ والأسس والمبادرة بالتحصين الذي يمنع وقوع الانحرافات والأخطاء ويبادرها فبل حدوثها أو يقلّل منها .

*يتضح مما سبق ذكره من المواقف والأحداث: تنوع الأساليب النبوية في التعامل مع الأخطاء، وأن ذلك قد اختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، ومن كان لديه فقه، وأراد الاقتداء قاس النظير على النظير والشبيه على الشبيه فيما يمرّ به من مواقف وأحداث؛ ليتوصّل إلى الأسلوب المناسب للحالة المعيّنة . هذا، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا رشدنا وأن يقينا شرّ أنفسنا ويجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشرّ وأن يهدينا ويهدي بنا إنه سميع قريب مجيب وهو نعم المولى ونعم النصير والهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين .
http://www.alsalafway.com/cms/news.p...ion=news&id=85





رد مع اقتباس
قديم 29 Feb 2008, 04:00 PM   #2
أفق
وسام الشرف


الصورة الرمزية أفق
أفق غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2415
 تاريخ التسجيل :  Feb 2008
 أخر زيارة : 21 Apr 2014 (06:35 PM)
 المشاركات : 1,144 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


باك الله فيك
ونفع بك


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عبارات آثمه شاعت بين الناس ـ الجزء الثاني ـ 3aicha مواضيع لاتدعها تفوتك !! Threads do not let them miss 3 22 Mar 2015 04:55 PM
الزار الجزء الثاني Zar ابن الورد عالم الجان ـ علومه ـ أخباره ـ أسراره ـ خفاياه . الإدارة العلمية والبحوث World of the jinn 3 27 Feb 2011 10:53 PM
عالم الجن (الجزء الأول) (الجزء الثاني) /المحاضر د. عبد الحي يوسف: رئيس قسم الثقافة أبو سفيان صوتيات ومرئيات المركز . Audio & Video Center 1 20 Apr 2008 09:13 PM
سحر النبي محمد حقيقة أم وهم ؟ الجزء الثاني ابن الورد السحر وخطره على المجتمعات قديما وحديثا . الإدارة العلمية والبحوث Research studies and the risk 3 10 Jun 2007 01:23 AM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 08:16 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي