#1
|
||||||||
|
||||||||
اليوم العشرون- مشروع الإحياء و التعريف بالسنن.
اليوم العشرون (قيام الليل).. إن قيام الليل عبادة جليلة وقربة عظيمة وشريعة ربانية وسنة نبوية وخصلة حميدة ،ومدرسة إيمانية وخلوة برب البرية .. ومع كل هذه الخصال الحميدة والصفات،المجيدة فإن هذه الشعيرة الجليلة قلّ الراغبون فيها وأصبحت عند كثير من الناس نسيا،منسيا .. فإنا لله وإنا إليه راجعون! عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أتاني ،جبريل فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل،ما شئت فإنك مجزي به واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس،[ رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني.]. الآيات الواردة في فضل قيام الليل: 1- قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبّهِمْ سُجَّداً وَقِيَـٰما﴾ ،[الفرقان:64]. قال سعيد بن جبير: «يعني يصلون بالليل» وقال ابن جرير: "والذين يبيتون لربهم يصلون لله، يراوحون بين سجودٍ في صلاتهم وقيام" . 2- وقال تعالى: ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ﴾ [السجدة:16]. قال ابن كثير: "يعني بذلك قيام الليل، وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة" . 3- وقال تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء ٱلَّيْلِ سَـٰجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر:9]. قال ابن عباس: "من أحب أن يهوِّن الله عليه الوقوف يوم القيامة، فليره الله في ظلمة الليل ساجداً أو قائماً يحذر الآخرة، ويرجورحمة ربه". الأحاديث الواردة في فضل قيام الليل: 1-قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) رواه مسلم . 2-وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتمنَّيت أن أرى رؤيا فأقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت غلاماً شاباً، وكنت أنامُ في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أُناسٌ قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك آخر فقال لي: لم تُرَع ، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:(نِعْم الرجل عبد الله لو كان يُصلي من الليل،فكان بعدُ لا ينام من الليل إلا قليل)،[صحيح البخاري –باب فضل قيام الليل ،الحديث 1121و1122]. 3-وقال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بقيام الليل ، فإنه دأب الصالحين قبلكم ، و قربة إلى الله تعالى ومنهاة عن الإثم و تكفير للسيئات ، ومطردة للداء عن الجسد). [الراوي: بلال و أبو أمامة و أبو الدرداء و سلمان و جابر بن عبدالله ،المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم:4079 - خلاصة الدرجة: صحيح.]. ثالثًا: آثار عن بعض الصحابة والسلف في فضل قيام الليل: 1-قال ابن عمر رضي الله عنهما حين حضرته الوفاة:(ما آسى على شيء من الدنيا إلا على ظمأ الهواجر ومكابدة الليل). 2-وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (شرف الرجل قيامه بالليل وغناه استغناؤه عما في أيدي الناس).. 3-وقيل للحسن: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهاً؟ قال: (لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره نوراً) . 4-قال الفضيل بن عياض رحمه الله : كان يقال : من أخلاق الأنبياء والأصفياء الأخيار الطاهرة قلوبهم ، خلائق ثلاثة : الحلم والإنابة وحظّ من قيام الليل . 5-قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - : (إني لأستقبل الليل من أوله فيهولني طوله فأفتتح القرآن فأُصبح وما قضيت نهمتي ( أي ما شبعت من القرآن والصلاة ). 6- لما احتضر العبد الصالح أبو الشعثاء رحمه الله بكى فقيل له : (ما يبكيك ؟!! فقال : إني لم أشتفِ من قيام الليل !!). فضائل قيام الليل: قيام الليل من أفضل الطاعات إن قيام الليل من أفضل الطاعات بعد الصلوات المفروضات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) رواه مسلم . تكـفير السـيئـات . قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: « ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة،والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل من جوف الليل ثم تلا: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } السجدة: 16-17 » رواه الترمذي بسند صحيح. قرب الرب من عبده القائم عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الأخير فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن» رواه الترمذي بسند صحيح، وقربه تبارك وتعالى من عبده الذاكر في جوف الليل هو غاية الأماني، ونهاية الآمال، وقرة العيون، وحياة القلوب، وسعادة العبد كلها. طرد الغفلة عن القلب عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين). [المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم:1398 - خلاصة الدرجة: صحيح.]. شهود لنزول الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟» . [المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم:1145 - خلاصة الدرجة: صحيح.]. يورث سكنى غرف في الجنان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، و باطنها من ظاهرها . فقال أبو مالك الأشعري : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : لمن أطاب الكلام ، و أطعم الطعام ، و بات قائما و الناس نيام). [المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم:946 - خلاصة الدرجة: صحيح.]. قيام الليل سبب لمباهاة الملائكة . عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال:( عجب ربنا تبارك وتعالى من رجلين رجل ثار من وطائه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته ، فيقول ربنا : انظروا إلى عبدي : ثار من فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته ، رغبة فيما عندي ، وشفقة مما عندي ، ورجل غزا في سبيل الله ، فانهزموا ، فعلم ما عليه من الفرار ، وما له في الرجوع ، فرجع حتى أهريق دمه رغبة فيما عندي ، وشفقة مما عندي ، فيقول الله عز وجل – للملائكة : انظروا إلى عبدي ، رجع رغبة فيما عندي ورهبة مما عندي حتى أهريق دمه [المحدث: ابن خزيمة - المصدر: التوحيد - الصفحة أو الرقم: 895/2 - خلاصة الدرجة: [أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح].]. إجابـة الدعـاء عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من تعار من الليل فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، الحمد لله ، وسبحان الله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : اللهم اغفر لي ، أو دعا ، استجيب له ، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته .)). [المحدث: البخاري- المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم 1154 - خلاصة الدرجة: صحيح.]. أجر القائم على حسب نيته عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم ، يصلي بالليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه) . [المحدث: الألباني- المصدر: صحيح ابن خزيمة - الصفحة أو الرقم 1172 - خلاصة الدرجة: صحيح.]. قيام الليل طريق الصالحين وقال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بقيام الليل ، فإنه دأب الصالحين قبلكم ، و قربة إلى الله تعالى ومنهاة عن الإثم و تكفير للسيئات ، ومطردة للداء عن الجسد). [الراوي: بلال و أبو أمامة و أبو الدرداء و سلمان و جابر بن عبدالله ،المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم:4079 - خلاصة الدرجة: صحيح.]. القيام مع الإمام يكتب له قنوت ليلة . عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: « إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة). [المحدث: الألباني- المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم 1615 - خلاصة الدرجة: صحيح.]. تثبيت القرآن في الصدر عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعلقة . إن عاهد عليها أمسكها . وإن أطلقها ذهبت، وفي رواية : وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره . وإذا لم يقم به نسيه). [المحدث: مسلم- المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم 789 - خلاصة الدرجة: صحيح.]. الفوز بالجنان ورضى الرحمن عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام» رواه ابن ماجه بسند صحيح. والنصوص في ذلك كثيرة تدل على فضل قيام الليل , فالتطوع المطلق أفضله قيام الليل ; لأنه أبلغ في الإسرار , وأقرب إلى الإخلاص , ولأنه وقت غفلة الناس , ولما فيه من إيثار الطاعة على النوم والراحة . كيفيته ومتى يبدأ: الليل كله محل القيام . قال الإمام أحمد رحمه الله : " قيام الليل من المغرب إلى طلوع الفجر " . وعليه ; فالنافلة بين العشاءين من قيام الليل , لكن تأخير القيام إلى آخر الليل أفضل كما سبق , قال تعالى :( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا)، والناشئة هي القيام بعد النوم , والتهجد إنما يكون بعد النوم فينبغي للمسلم أن يجعل له حظا من قيام الليل , يداوم عليه , وإن قل . - وينبغي أن ينوي قيام الليل . - فإذا استيقظ ; استاك , وذكر الله , وقال : " لا إله إلا الله وحده , لا شريك له , له الملك , وله الحمد , وهو على كل شيء قدير , الحمد لله , وسبحان الله , ولا إله إلا الله , والله أكبر , ولا حول ولا قوة إلا بالله " , ويقول : " الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور , الحمد لله الذي رد علي روحي , وعافاني في جسدي , وأذن لي بذكره " . - ويستحب أن يفتتح تهجده بركعتين خفيفتين ; لحديث أبي هريرة :( إذا قام أحدكم من الليل ; فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين) رواه مسلم وغيره . - ويسلم في صلاة الليل من كل ركعتين ; لقوله صلى الله عليه وسلم :( صلاة الليل مثنى مثنى)، رواه الجماعة , ومعنى : " مثنى مثنى " ; أي : ركعتان ركعتان , بتشهد وتسليمتين , فهي ثنائية لا رباعية . - وينبغي إطالة القيام والركوع والسجود . - وينبغي أن يكون تهجده في بيته ; فقد اتفق أهل العلم على أن صلاة التطوع في البيت أفضل , وكان صلى الله عليه وسلم يصلي في بيته , وقال عليه الصلاة والسلام : (صلوا في بيوتكم , فإن أفضل صلاة المرء في بيته ; إلا المكتوبة)، رواه مسلم , ولأنه أقرب إلى الإخلاص . - وصلاة النافلة قائما أفضل من الصلاة قاعدا بلا عذر , لقوله صلى الله عليه وسلم :( من صلى قائما ; فهو أفضل , ومن صلى قاعدا ; فله نصف أجر صلاة القائم)، متفق عليه . - وأما من صلى النافلة قاعدا لعذر ; فأجره كأجر القائم , لقوله صلى الله عليه وسلم :( إذا مرض العبد أو سافر ; كتب له من العمل ما كان يعمله وهو صحيح مقيم)، وجواز التطوع جالسا مع القدرة على القيام مجمع عليه . - ويختم صلاته بالوتر ; فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل آخر صلاته بالليل وترا , وأمر بذلك في أحاديث كثيرة . - ومن فاته تهجده من الليل ; استحب له قضاؤه قبل الظهر ; لحديث :( من نام عن حزبه من الليل , أو عن شيء منه , فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر ; كتب له , كأنما قرأه من الليل). أخي المسلم ! لا تحرم نفسك من المشاركة في قيام الليل , ولو بشيء قليل تداوم عليه ; لتنال من ثواب القائمين المستغفرين بالأسحار , وربما يدفع بك القليل إلى الكثير , والله لا يضيع أجر المحسنين . أخي المسلم : إن قيا م الليل عبادة لا ينالها إلا من جاهد نفسه ، فأصلحها ، ودافع دنياه وودعها ، وهيّأ نفسه ، بإتخاذ الأسباب المُعينة عليه ، ومنها : 1 - عدم الإكثار من الأكل والشرب ، فإن كثرة الأكل تدعو إلى غلبة النوم . 2- تجنب التعب الذي لا فائدة منه ، لأن الإرهاق يؤدي إلى الانهاك بالجسم ويضطره إلى النوم . 3 - البعد عن المُحرمات ، فإنها تحرم من الطاعات ، لقول أحد السلف : (( حرمت قيام الليل خمسة أشهر ، بسبب ذنب أذنبته )). 4- تنظيم النوم ، وذلك أن كثرة النوم تورث الغفلة والخمول ، كما أن قلة النوم قد تتلف الصحة ، وتنظيم النوم يزيل أضراره ، ويبقى منافعه . 5 - معرفة فضائل قيام الليل ، فإن معرفة فضائله تنشط النفس إليه وتشجع على تحصيله . 6 - سلامة الصدر من الأحقاد،ومن البدع ومن فضول الدنيا. 7 - الخوف من الله جل وعلا،فهو يولد في النفس القدره على القيام،كما قال تعالى : (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربعهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون)،[سورة السجدة 16 ]. 8 - حب الله جل وعلا،وهو أقوى البواعث على قيام الليل. قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان.. وللعشر الأواخر من رمضان عند النبي صلى الله علية وسلم و أصحابه أهمية خاصة ولهم فيها هدى خاص ، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصاً فيها على الطاعة والعبادة والقيام والذكر ومن أهم الأعمال التي كان يحرص عليها رسولنا الكريم وصحابته والسلف الصالح وينبغي علينا الإقتداء بهم في ذلك :هو : {إحياء الليل }، فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزر ومعنى إحياء الليل : أي استغرقه بالسهر في الصلاة والذكر و غيرهما ، وقد جاء عند النسائي عنها أنها قالت : لا اعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ولاقام ليلة حتى أصبح ولا صام شهراً كاملاً قط غير رمضان } فعلى هذا يكون أحياء الليل المقصود به أنه يقوم أغلب الليل ، ويحتمل أنه كان يحي الليل كله كما جاء في بعض طرق الحديث وقيام الليل في هذا الشهر الكريم وهذه الليالي الفاضلة لاشك أنه عمل عظيم جدير بالحرص والاعتناء حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه ، وهو من أعظم القربات التي يتقرب بها الى الله تعالى في شهر رمضان ، ويدخل فيه في العشر الأواخر من رمضان صلاة التهجّد . وقفة مع ليلة القدر: في حياة الأمم والشعوب، أحداثٌ خالدة، وأيام مجيدة، تحمل في طياتها ما يغرم القلوب، ويبهم النفوس، ولقد شرفت هذه الأمة بأعظم الأحداث، وأكمل الأيام، وأتم الليالي. ومما أنعم به الخالق على هذه الأمة، ليلة وصفها الله عز وجل بأنها مباركة، لكثرة خيرها وبركتها وفضلها. إنها ليلة القدر، عظيمة القدر، ولها أعظم الشرف وأوفى الأجر. وقت ليلة القدر : وردت أحاديث كثيرة في ذلك ، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر ، في الوتر) رواه البخاري ( 1912 ) وانظر ( 1913 ) ورواه مسلم ( 1167 ) وانظر ( 1165 ) وفي الأوتار منها بالذات ، أي ليالي : إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وخمس وعشرين ، وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين. وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى )، رواه البخاري 4/260. ورجّح بعض العلماء أنها تتنقل وليست في ليلة معينة كل عام ، قال النووي رحمه الله : ( وهذا هو الظاهر المختار لتعارض الأحاديث الصحيحة في ذلك ، ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها ) المجموع 6/450 . أهمية قيام ليلة القدر : أنها ليلة يحدد فيها مصير مستقبلك لعام قادم ففيها تنسخ الآجال , وفيها يفرق كل أمر حكيم. فاحرص أن تكون فيها ذاكرا لله ومسبحا له , أو قارئا للقرآن , أو قانتا لله , تسأله السعادة في الدنيا والآخرة , وإياك أن تكون فيها في مواطن الغفلة , كالأسواق ومدن الملاهي ومجالس اللغو فيفوتك خير كثير. قال تعالى في سورة القدر : ( إنا أنزلناهُ في ليلةِ القدر *وما أدراكَ ما ليلةُ القدر * ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهر * تَنَزلُ الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلِ أمر *سلامٌ هي حتى مطلع الفجر ). وقال تعالى في سورة الدخان : ( إنا أنزلناهُ في ليلةٍ مباركةٍ إنا كنا مُنذٍرين * فيها يُفرَقُ كلُ أمرٍ حكيم ). فقيام ليلة القدر -وهي إحدى ليالي الوتر من العشر الأخير من رمضان- أفضل عند الله من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وذلك لقوله تبارك وتعالى : (ليلة القدر خير من ألف شهر) أي ثواب قيامها أفضل من ثواب العبادة لمدة ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريبا . ولو أصاب مسلم ليلة القدر فقامها لمدة عشرين سنة فإنه يكتب له بإذن الله ثواب يزيد على من عبد الله ألفا وستمائة وستة وستين سنة. أليس هذا عمرا إضافيا طويلا يسجل في صحيفتك لا تحلم أن يتحقق لك فتقوم به في الواقع؟ سبب تسميتها بليلة القدر قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : أولا : سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم ، أي ذو شرف . ثانيا : أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام ، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه . ثالثا : وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه . وقوله " فيها يفرق كل أمر حكيم " أي تقدّر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام ، فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة . والمقصود بكتابة مقادير الخلائق في ليلة القدر -والله أعلم - أنها تنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ . قال ابن عباس " أن الرجل يُرى يفرش الفرش ويزرع الزرع وأنه لفي الأموات " أي أنه كتب في ليلة القدر انه من الأموات . وقيل أن المعنى أن المقادير تبين في هذه الليلة للملائكة . ومعنى ( القدر)، التعظيم ، أي أنها ليلة ذات قدر ، لهذه الخصائص التي اختصت بها ، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر . وقيل : القدر التضييق ، ومعنى التضييق فيها : إخفاؤها عن العلم بتعيينها ، وقال الخليل بن أحمد : إنما سميت ليلة القدر ، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة ، من ( القدر ) وهو التضييق ، قال تعالى : ( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ) سورة الفجر /16 ، أي ضيق عليه رزقه . وقيل : القدر بمعنى القدَر - بفتح الدال - وذلك أنه يُقدّر فيها أحكام السنة كما قال تعالى : (فيها يفرق كل أمر حكيم) ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها . فسماها الله تعالى ليلة القدر وذلك لعظم قدرها وجلالة مكانتها عند الله ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها فهي ليلة المغفرة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) البخاري ( 1910) ، ومسلم ( 760 ). السؤال : ما معنى أن ليلة القدر خير من ألف شهر ؟ ليلة القدر هي في ليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان ، ومعنى كونها خير من ألف شهر ، بيان فضلها وأن العبادة فيها مضاعفة كعبادة العابد في ألف شهر ، فمن قامها فكأنها قام ألف شهر ، ومن ذكر الله فيها أو قرأ القرآن أو دعا فكذلك ، وهذا من فضل الله تعالى على هذه الأمة ، لما كان أعمارهم أقل ، وأجسادهم أضعف ، عوضهم الله تعالى بمضاعفة الأجر في هذه الليلة والله اعلم .( فضيلة الشيخ حامد عبد الله العلي). قال صلى الله عليه وسلم : (( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان)). علامات ليلة القدر وفضلها : 1- أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع ، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام ، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها ) -رواه مسلم . 2- تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة ، قال تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) (القدر:4). 3- ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر ، وتكثر فيها السلامة من العذاب ، فهي سلام كلها ، قال تعالى { سلام هي حتى مطلع الفجر }. 4- ثبت من حديث ابن عباس عند ابن خزيمة ، ورواه الطيالسي في مسنده ، وسنده صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة طلقة ، لا حارة ولا باردة ، تُصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ) صحيح ابن خزيمة ( 2912 ) ومسند الطيالسي . 5- وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : قولي : ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) رواه الإمام أحمد ، والترمذي (3513) ، وابن ماجة (3850) وسنده صحيح
وأخيراً نذكّر: لا يلزم أن نعلم من أدرك وقام ليلة القدر أنه أصابها ، وإنما العبرة بالاجتهاد والإخلاص ، سواء علم بها أم لم يعلم ، وقد يكون بعض الذين لم يعلموا بها أفضل عند الله تعالى وأعظم درجة ومنزلة ممن عرفوا تلك الليلة وذلك لاجتهادهم . نسأل الله أن يتقبّل منا الصيام والقيام وأن يُعيننا فيه على ذكره وشُكْره وحُسْن عبادته . وصلى الله على نبينا محمد . مراجع إضافيّة لهذا الموضوع: 1-موقع صيد الفوائد (عدّة مقالات)– http://saaid.net/mktarat/ramadan/r10.htm 2-مطويّة:(رمضان شهر القيام)،القسم العلمي بدار الوطن
|
21 Sep 2008, 12:02 AM | #2 |
باحث جزاه الله تعالى خيرا
|
بارك الله فيكي اختي الفاضله
وجزاكي الله خير |
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ» الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - خلاصة حكم المحدث: صحيح فلاتحرمونا دعائكم |
22 Sep 2008, 08:30 PM | #5 | |
باحثة متميزه جزاها الله خيرآ
|
|
|
|
23 Sep 2008, 08:02 AM | #6 |
باحث برونزي
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً , وأسعدك بتقواه. أحب إضافة شيء جميلٍ كنت قرأته, " قال كعب: إن الملائكة ينظرون من السماء إلى الذين يصلون بالليل في بيوتهم, كما تنظرون أنتم إلى نجوم السماء" [ كتاب. رهبان الليل. تأليف: دكتور سيد بن حسين العفاني ] |
|
24 Sep 2008, 01:08 AM | #7 |
باحثة متميزه جزاها الله خيرآ
|
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله مرورك أختي (جنى) على المرور و الإضافة. نفع الله بك. |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
اليوم الرابع و العشرون- مشروع الإحياء و التعريف بالسنن. | نبراس الكلمة | منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum | 8 | 27 Sep 2008 09:08 AM |
اليوم الثامن عشر- مشروع الإحياء و التعريف بالسنن. | نبراس الكلمة | منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum | 8 | 24 Sep 2008 01:09 AM |
اليوم الخامس- مشروع الإحياء و التعريف بالسنن. | نبراس الكلمة | منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum | 10 | 10 Sep 2008 07:48 AM |
اليوم السادس- مشروع الإحياء و التعريف بالسنن. | نبراس الكلمة | منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum | 7 | 10 Sep 2008 03:52 AM |
اليوم الرابع- مشروع الإحياء و التعريف بالسنن. | نبراس الكلمة | منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum | 14 | 09 Sep 2008 06:40 AM |